مجلة الرسالة/العدد 291/رسالة الشعر
→ صوت الآنسة أم كلثوم | مجلة الرسالة - العدد 291 رسالة الشعر [[مؤلف:|]] |
لله. . .!! ← |
بتاريخ: 30 - 01 - 1939 |
جيش أسامة
للأستاذ أنور العطار
ضجَّ مَهد الصحراء بالتغريد ... وسَرى النور في رمال البِيِد
هو ذا في غَيَابة البعد خطٌّ ... ينجلي من سَرابها المعقود
سال ذَوْبُ النضار في مصحف الأف ... ق فزان الدنيا بحُلم رغيد
نَهَرٌ من هداية يتلوى ... في فضاء رحْب المطاف مديد
ضم في شاطئيه صَيّابةَ العُرْ ... ب وبأس الممرّسين الصِّيد
والأمير الفتِيْ يَدرَّع البي ... د بجيش من الكماة عديد
رفرفت رايةُ النبي عليه ... ورعته بالنصر والتأييد
مَن هو القائد الفِتُّيِ وما ين ... شدُ في قصده الطَّروُح البعيد
ولمن هذه الزُّحوف تَوَالى ... كوفود تنهلُّ تِلوَ وفود
يقدُم الفيلق الذي أفزع القف ... ر وهز النجود إِثر النجود
تتمشى في سُبْله البيد نشوَى ... ثملاتٍ برملها العِربيد
يا صحابي هذا (أُسامة) يختا ... ل بِبُرْد من الشباب نضيد
رأس الأكرمين وهو ابن عشري ... ن بعزمٍ ماض ورأي سديد
وعليه جراءة الأسَدِ الوَرْ ... د وتحديقةُ العُقاب الصيوُد
يا له قاحماً نمته البطولا ... ت وألقت إليه بالاقليد
والبطولات شعلة الأمل السا ... طع في ظلمة الليالي السود
حدث النفس وهو يحلم جذلا ... ن بنصر داني القطوف عتيد
إيه يا نفس لا تَرُعْك المنايا ... فالمنايا أمنية الصنديد
اطلبي المطمحَ القصيَّ مداه ... ودعي الضعف للجبان الرَّقود
واذكري نائماً (بمؤتة) باع الن ... فس زُلْفَى رب البرايا الحميد
وانهضي للجهاد في نصرة الح ... ق وبثي رسالة التوحيد
ودعي اسم النبي تعبقْ به الدن ... يا وترتع في عالم من سعود وتلاقى الجمعان فارتجت الأر ... ض وغابت في العاصف المشهود
هل رأيت الأتِيَّ يزُبد جيّا ... شاً ويرمي الجلمود بالجلمود
وتعالت في القفر تكبيرة الل ... هـ فدوَّى الوجود بالتحميد
ثبت المسلمون في لقية الرو ... م وغاصوا في القسطل المزرود
وفَروُهم بكل ماض صدوق ... كصباح يفري الدجى بعمود
لا يرُى منهمُ ضحى اليوم إلا ... آيسٌ من نجاته أو مُود
وأُسودُ الصحراء قد غنموا النص ... ر وفازوا بالمأمل المنشود
مَنْ يُردْ فرحة النعيم المرجى ... يصدق الله في ظلال البنود
الصحارى ياسحر هذي الصحارى ... آيةُ الله في كتاب الوجود
ثورة الشمس في خِضَمٍّ من النو ... ر سحيق نائي المرام عهيد
الأراذيُّ في حماها تَنَزَّى ... قاذفات باللاهب الموقود
يالها الله من جحيم تَلَظَّى ... تخطف الروع من جنان الجليد
هي للائذ المحب أمان ... وهي للغاصبين نار الوعَيد
أي زهو تثيره هذه البي ... د بقلب بحبها معمود
نهض الفجر في حماها بهيا ... حافلا بالسنا النقِّي الفريد
عانقتها الأضواء في هبة الصب ... ح فأزرت باللؤلؤ المنضود
سكبت في فضائها العسجد الصر ... ف وحلَّتْ أفياءها بالعقود
أشرق اليمن من محاريبها الزُّه ... ر ومحرابها محط السجود
ها هنا يا صاحبتي معبد الل ... هـ على غابر الزمان الأبيد
ها هنا مشرق النبوة، مهوى ال ... خير مجلى الحلم السنِّي السعيد
ها هنا دارة الهناءة والبش ... ر وما شئت من سخاء وجود
ها هنا البأس والجراءة والحز ... م ومستعصم الفخار الوطيد
ها هنا معقل الغطارفة الغ ... ر ومستوطن العلاء التليد
ها هنا السيف صورة الأمل البك ... ر وترنيمة الشجاع النجيد
وعلى البيد صورة تبهر العي ... ن جلالا بسحرها المسرود طوَّف الدبن ساحها ثم أسرى ... يغمر الكون بالضياء الجديد
أسمع الرمل يملأ الأرض تسبي ... حاً بشدو محبب مودود
هدهدته قيثارة تتغنى ... بلحون قدسية الترديد
جازه العُرْب في مواكب للنص ... ر تفادي على اللواء المجيد
أذن الله للصحارى فماجت ... ساحتاها بقاحمين أسُود
يا جنود الحق المبين سلام ... أنتمُ للعلاء خير جنود
بكم عزت الحنيفة في الكو ... ن ونالت شأو المرام البعيد
فتحوا الأرض فاستقادت لفتح ... ناصع كالسماء هاد رشيد
غيرهم يفتحون للذل والعا ... ر وهم للعلاء والتشييد
ثم دال الزمان من ناسِه الغ ... ر فقرت سيوفهم في الغمود
واستكانت إلى الكرى فعليها ... صدأُ الدهر من طويل الهمود
(بغداد)
أنور العطار