مجلة الرسالة/العدد 285/التاريخ في سير أبطاله
→ أتوق | مجلة الرسالة - العدد 285 التاريخ في سير أبطاله [[مؤلف:|]] |
في الأدب العراقي ← |
بتاريخ: 19 - 12 - 1938 |
ابراهام لنكولن
هدية الأحراج إلى عالم المدنية
للأستاذ محمود الخفيف
يا شباب الوادي! خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من
سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .
- 29 -
وكان لهذا القائد الذي بزغ نجمه شبه كبير بالرئيس في نشأته وفي كثير من طباعه، كلاهما واجه الحياة وهو في سن اللهو واللعب، وكلاهما شق طريقه فيها بنفسه فكان كالنبتة القوية المستقيمة التي تفلق التربة وهي بعد صغيرة، لا كتلك الألفاف الملتوية التي لا تعرف من معنى النماء إلا أن تتسلق على غيرها وهي في ذاتها هزيلة نحيلة. . .
كان جرانت كأبراهام قوة إرادة ومضاء عزيمة، وكان مثله يلم بما حوله من المشكلات إلماماً تاماً ويستوعب أجزاءها لا تفوته منها صغيرة ولا تستعصي عليه كبيرة، كما كان يعرف في كل موقف قدر نفسه لا يغتر ولا يزهى ولا يتضاءل ولا ينكص. . وهو إن لم تكن له سماحة الرئيس وعذوبة روحه، فقد توفر له الكثير من بساطته ووداعته. . .
كان جندياً في سني يفاعته، ثم انصرف عن الجندية إلى الزراعة حيناً ثم إلى التجارة بعد ذلك، وظل بضع سنين حائراً يضرب في الأرض في طلب الرزق. ولو لم تقم تلك الحرب الأهلية لما وعى التاريخ عنه إلا بقدر ما يعي عن الآلاف غيره من البشر اللذين يعبرون هذا الوجود وكأن لم يخلقوا!
وأحس لنكولن أن في هذا الرجل من الصفات ما يعد متمماً لصفاته، فهو متحمس سريع المضي إلى غايته إذا اتجه همه إلى أمر؛ وهذه الحمية يقابلها عند الرئيس الروية قبل البدء، والتمهل إذا مضى في سيره. . .
هذا هو القائد الذي أحس أبراهام أن سوف يكون على يديه النصر بعد تلك الهزائم الشائنة، وبعد أن خذلته الظروف، وتنكر له الرجال وضايقوه على صورة لم يكن يطيقها غيره. . .
أراد الجنوبيون أن يقوموا بهجوم قوي على العاصمة الشمالية فيضربوا الاتحاد الضربة الحاسمة، فزحف قائدهم الكبير لي بجيشه فعبر نهر بوتوماك وسار حتى أصبح على بعد خمسين ميلاً أو نحوها من وشنجطون في مكان يدعى جتسبرج، وهناك التقى به جيش الشماليين بقيادة ميد وهو قائد جديد جعله لنكولن على رأس جيش البوتوماك بعد أن ضاق بتلكؤ سلفه.
ودارت في هذا المكان معركة عنيفة دامت ثلاثة أيام، وقد استبسل الفريقان فيها واستقتلوا وتوالى بينهما الجزر والمد، وكأنما طاب لهم الموت فتسابقوا إليه جماعات، وانتهى الصراع بانسحاب لي ولكن في ثبات واطمئنان. فكانت هذه المعركة التي سقط فيها أكثر من عشرين ألفاً من الضحايا فاتحة الانتصارات الكبيرة لأهل الشمال. وما أن وصلت أنباؤها إلى العاصمة حتى تدفق الناس إلى حيث يجلس الرئيس وهم من فرط ما قد سرهم من النبأ لا يدرون ماذا يفعلون للتعبير عما في نفوسهم نحو رجلهم، نحو هذا الحصن الحصين وهذا العتاد المتين.
وكان هذا النصر الباهر في اليوم الثالث من يوليو عام 1863 ولقد نام الرئيس ليلته ملء جفونه لأول مرة منذ قامت الحرب، وفي اليوم التالي حمل إليه البرق رسالة من القائد جرانت، وكانت له القيادة في الغرب على ضفاف المسيسبي. . . وفض الرئيس الرسالة فإذا جرانت ينبئه أن قد سقطت في يده فِكِسبرج. . . وكانت هذه المدينة تسمى (جبل طارق) المغرب، إذ كانت مفتاح النهر إلى الجنوب. ولقد جمع فيها أهل الجنوب ما استطاعوا من قوة وعدة؛ وكان جرانت قد اتجه إليها منذ فاتحة ذلك العام، وكان هو وجنوده يلقون النار الحامية من المدافعين عنها، ولكنه لم يعبأ بما كان يلقى، ولبث يعمل في صمت وهدوء حتى أحكم الخطة فأحاط بالمدينة، وأتى حاميتها من فوقهم ومن أسفل منهم وما زال بهم حتى أجبروا على التسليم تاركين في يده ثلاثين ألفاً من الأسرى وعدداً هائلاً من البنادق والأسلحة ومقداراً كبيراً من المؤونة والزاد. . .
ولا تسل عما فاض في العاصمة الشمالية من مظاهر الجذل والحبور؛ فلقد شعر الناس بقرب انكشاف الغمة والتمعت في سمائهم بوارق الأمل في النصر النهائي بعد هذا العذاب الشديد. . .
واشتدت العزائم ورأى المستضعفون واللذين استكبروا ما كانوا قبل في عمى عنه؛ رأوا فضل رئيسهم وعاقبة ثباته وصبره، فراحوا يتوبون إليه ويهنئونه بما صبر. . .
والرئيس يشارك القوم جذلهم، ولكن نشوة النصر لا تصرف عينيه عما هو فيه، كالربان الماهر الحاذق، لن يدير عينيه عن البحر إذا هو اجتاز مكاناً تتجمع فيه الصخور، ولن يزال محدقاً متيقظاً حتى تلقى السفينة مراسيها. . .
وكان في نفس الرئيس شيء يكاد يكربه فينسيه فرحة النصر، وذلك أن ميد قد وقف فلم يتعقب لي ويجهز على جيشه لدى انسحابه، فلقد كان عليه أن يعبر النهر ليعود إلى ولاية فرجينيا، وعبور النهر ليس بالأمر الهين على جيش ينسحب؛ ولكن ميد كان يرى الجيش في حالة من الإعياء لا يستطيع معها أن يقوده إلى أي زحف مهما هان أمره، فلقد جاء نصره بشق الأنفس. . . وأحس القائد المنتصر الحرج من وقوف الرئيس حياله فطلب إليه أن يعفيه من القيادة، فرد عليه الرئيس ملاطفاً في صفح يشبه الاعتذار
وكأنما جاء انتصار الشماليين في المعركتين في تلك الأيام على قدر من الظروف، فلقد كانت تأتي الأنباء من خارج أمريكا بسوء موقف الحكومة الإنجليزية من قضية أهل الشمال! تلك الحكومة التي كان يعتقد لنكولن أنها سوف تحمد له قضاءه على العبودية فأعلن قرار التحرير وفي نفسه هذا الرجاء؛ ولشد ما آلمه بعدها أن يرى الحكومة تتذبذب وتلتوي ولا تخطو إلا على هدى من مصالحها المادية.
وكان مما يخفف وقع هذا الجحود على نفس الرئيس ما كانت تأتي به الأنباء من موقف أحرار الشمائل من الشعب الإنجليزي حياله، فلقد علم أن اجتماعات عقدت في مانشستر ولندن هتف فيها باسم الرئيس هتافاً عالياً حتى لقد وقف الناس في أحدها دقائق يلوحون بقبعاتهم في الهواء عند ذكر اسمه؛ وظل هذا موقف الأحرار في الشعب الإنجليزي حتى وصلت إليهم الأنباء بالانتصار السالف الذكر فاستخذى الطامعون وذوو الأغراض من رجال الحكومة والبرلمان، هؤلاء الذين كانوا يريدون أن يتخذوا من انتصار الجنوبيين ذريعة لإعلان اعترافهم بهم كأمة مستقلة، والذين بلغ بهم الحقد على لنكولن وحكومته أن جهزوا سفناً لمناوأة تجارة الشماليين في المحيط وأرسلوا بعضها فعلاً لهذا الغرض.
تلك هي نتائج الانتصار في المعركتين وأثره في الداخل والخارج. . قال لنكولن عندما قرأ رسالة جرانت: (الآن يستطيع أبو المياه أن يذهب من جديد إلى البحر وليس في سبيله عائق). . واجتمع الناس في حفل كبير في مكان معركة جتسبرج ليمجدوا ذكرى ضحاياها وطلبوا إلى الرئيس أن يخطبهم في هذا الحفل المشهود فكان مما قاله: (منذ سبعة وثمانين عاماً أقام آباؤنا في هذه القارة أمة جديدة، نشأت على الحرية وعلى ما نودى به من أن الناس خلقوا جميعاً على سواء، ونحن الآن في حرب أهلية هي بمثابة اختبار لنرى هل تستطيع هذه الأمة أو أية أمة نشأت نشأتها أن تعيش طويلاً. . . ونحن نجتمع هنا لنخلد موضعاً منها نجعله مقراً نهائياً لهؤلاء الذين بذلوا أرواحهم كي تستطيع أمتهم أن تعيش؛ وهذا عمل مناسب ولائق بنا، ولكنا لن نستطيع في معنى أوسع أن نخلد أو نقدس هذه البقعة. . . إن البواسل من الرجال سواء في ذلك الأحياء والأموات الذين ناضلوا هنا قد خلدوها أكثر مما تستطيع قوتنا أن تزيد عليها أو تنقص منها وإن العالم سوف لا يهتم كثيراً وسوف لا يتذكر طويلاً ما نقول هنا ولكنه لا يستطيع أن ينسى ما فعل هؤلاء). . . ثم زاد على ذلك فقال (يجب أن نصمم على ألا ندع موت هؤلاء يذهب عبثاً وعلى أن تعطى هذه الأمة في عناية الله مولداً جديداً هو مولد الحرية، وعلى أن تكون حكومة الشعب التي قامت بالشعب وللشعب، بحيث لا تزول أبداً من فوق الأرض)
هذا هو خطاب الرئيس الذي سمعه الناس في تلك البقعة التي صبغتها دماء المجاهدين. ولقد وصلت كلماتها إلى أعماق نفوسهم فهزتها هزاً لم يتمالك معه الكثيرون أن يحبسوا دموعهم من فرط ما أحسوا من المعاني. . .
وآمن كثير من دعاة الهزيمة والتردد بما كان لثبات الرئيس من فضل، وأيقنوا أن سوف يكون مرد انتصارهم في النهاية إلى هذا الذي يحمل أثقال قومه فلا ينوء بها ولا يزداد على المحن إلا صلابة واعتزاما.
ولاحظ عليه المتصلون به أن تلك الشدائد وإن لم تنل من عزمه، قد نالت من جسده، ورأوا السنديانة يمشي إليها الذبول شيئاً فشيئاً حتى ليخافوا أن تذوى فتسقط - أجل فزع الناس أن يروا إبراهام تتجمع وتتزايد في وجهه التجاعيد وهو من صدر شبابه لم يك خلوا منها، وأن يلمحوا في صفحة هذا الوجه المحبوب إمارات الجهد، وفي نظرات تلك العينين الواسعتين أثر السهد وطول العناء. . .
ولكن روحه أقوى واعظم من أن يتطرق إليها الوهن، أو أن تتأثر بشيء مما يصيب جسده. . . أليسوا إذا جلسوا إليه لا يزالون يستمتعون بأحاديثه العذبة ونكاته المطربة الظريفة؟ أو ليسوا يسمعون حتى في تلك الأيام ضحكاته التي قد يطلقها أحياناً فتذهب في أرجاء الحجرة مجلجلة مدوية؟ ذهب إليه أحد الرجال في أمر من الأمور الهامة فأخذ الرئيس يقص عليه من قصصه حتى لم يطق الرجل صبراً فقال وفي لهجته حدة وفي عبارته شدة: (أيها الزعيم إني ما جئت هنا هذا الصباح لأسمع قصصاً. . . إن الوقت عصيب). فاستمع إلى الرئيس يقول له في رزانة وأدب (اجلس يا أشلى، إني احترمك كرجل مخلص ذي حمية، وإنك لم يبلغ اهتمامك أكثر مما بلغ اهتمامي هذا الذي ما فارقني منذ أن بدأت تلك الحرب، وإني أقول لك الآن إنه لولا هذا الذي نفس به أحياناً عن نفسي لحاق بي الموت).
ومن أولى من هذا الرجل وأحق أن ينفس عن صدره في هذه الشدائد المتلاحقة؟ هذا إلى أنه فيما يفعل إنما يصدر عن طبيعة لا قبل له بالتخلص منها. ولقد كان مما يستعين به في ضيقه أن يقرأ، وكانت مآسي شكسبير وفي طليعتها ماكبث ما يتناوله من الكتب. وأنه يفرح ويهش لمن يشاركه عواطفه وميوله كما أنه كان يضيق بالمتزمتين اللذين يزيدون الحياة بتبرمهم وسخطهم أثقالاً فوق أثقالهم. .
وسار العام الثالث إلى نهايته والبلاد يتزايد أملها في النجاح بعد أن كاد يعصف اليأس بالقضية كلها فيأتي عليها، فلقد رأينا ما كان من دعاة أعداء الحرب وعملهم على عرقلة مساعي الرئيس ومن هؤلاء ولدنجهام الذي مر بنا ذكره. . . وهنا نشير إلى رجل آخر هو حاكم ولاية نيويورك، فلقد كان هذا الرجل من أكبر المنادين بضرورة وضع حد لهذه الحرب أن كان لا يصيب الشماليين منها إلا الهزائم. . . ولقد أدت سياسته إلى قيام ثورة عنيفة في مدينة نيويورك قام فيها المشاغبون ودعاة الفوضى بأعمال عنيفة، وبالغوا في تمردهم وعصيانهم، حتى اضطرت الحكومة أن ترسل عليهم فريقاً من الجند يقضون على الفتنة. ومن غريب أمر هؤلاء المتمردين أن قامت حركتهم التي دبروها من قبل عقب الانتصار في جتسبرج وفكسبرج، وسبب عصيانهم يرجع إلى قرار أصدره المجلس التشريعي في مستهل ذلك العام بناء على اقتراح الرئيس يحتم على كل رجل صحيح البدن بين العشرين والخامسة والأربعين أن يحمل السلاح في سبيل قضية الاتحاد. . . ولقد كانت حركة نيويورك هذه من مآسي ذلك العام، ولولا أن جاء النصر وأشرق نور الأمل في ظلام اليأس لكان من الجائز أن تمتد الفتنة فتأنى على كل شيء.
وافتتح العام الرابع والأحزاب تتأهب للانتخاب، فلقد قرب موعد الانتخاب للرياسة، ورأى المخالفون الفرصة تواتيهم ليعلنوا ما في نفوسهم نحو الرئيس لنكولن وسياسة حكومته.
وظهرت في الصحف وتواترت على الألسن أسماء مرشحين جدد لينافسوا الرئيس؛ فإن الديمقراطيين كانوا يقدمون ماكليلان، ذلك الذي انسحب من الحرب على نحو ما رأينا؛ وكان بعض الجمهوريين، وعلى رأسهم جريلي، ذلك الذي ما فتئ ينتقد الرئيس ويسدي له النصح، يرشحون جرانت وتشيس وزير المالية، وفريق منهم رشحوا فريمونت لهذا المركز السامي.
ولبث الرئيس مطمئناً ساكناً إن خاف على شيء فليس خوفه على كرسي الرياسة، ومتى ذاق طعم الراحة في ذلك الكرسي؟ وإنما كان يخشى أن يترك قيادة السفينة لربان غيره وهي لما تزل في طريقها، ولو أنه كان موقناً أنه يوجد غيره يقودها كما يقود هو لما تردد أن يعطيها له، فحسبه أن تصل إلى المرفأ. . . وكثيراً ما كان يقول: إنه لو وجد في الرجال من يحسن إدارة الأمور خيراً منه لتنازل له عن طيب خاطر بل لقبل ذلك مبتهجاً إذ يرى فيه وسيلة من وسائل النجاح.
على أنه يترك الأمر للبلاد فهي صاحبة القول الفصل، قال في تلك الأيام لبعض جلسائه: (إن انتخابي للرياسة مرة ثانية إنما هو شرف عظيم كما أنه عبء عظيم، وإني لن أجفل منهما إذا قدر لي ذلك. . .
ولكن البلاد لم تبغ من رجلها بديلاً، وما لبث أن أدرك مخالفوه أنهم كانوا واهمين، وكيف تتخلى البلاد عن ذلك الذي تدين بنجاحها له؟ ولماذا ينصرف عنه الناس ومكانته عندهم في صميم قلوبهم؟ لأنه أبلى فاحسن البلاء، وصبر فاجتنى من الصبر الظفر، وسهر فلم يشك يوماً من السهر؟. . . لقد كان الناس يدعونه في تلك الأيام بقولهم: (أبونا إبراهام) وكانوا يخاطبونه فيقولون: يا أبانا ماذا ترى في كيت وكيت، وما كان أحلى هذا اللقب يضاف إلى ألقابه. . .
ألا إن الناس ليحرصون على (أبيهم) لا تدور أعينهم إلى غيره ولا تتسع قلوبهم لسواه؛ فها هي ذي العرائض بترشيحه تترى على الحزب من أنحاء البلاد ومن ميادين القتال في كثرة عظيمة تليق بجلال قدره وخطورة شأنه وجليل ما قدمت يداه. . .
وندع الآن ذلك لنعود إلى الحرب وشؤونها؛ وأول ما نذكره أن الرئيس قد أتفق مع المجلس التشريعي على إسناد القيادة العليا للجيوش جميعاً إلى القائد جرانت. . ثم كتب إلى جرانت يدعوه إلى العاصمة فحضر اليها، وذهب إلى البيت الأبيض فلقى الرئيس وسمع منه عبارات الإطراء والثناء ثم تلقى منه نبأ تعيينه في منصبه الخطير.
ولقد تزاحم الناس وتدافعوا بالمناكب حول البيت الأبيض وفي قاعاته ليروا هذا القائد الذي تعلق عليه بعد زعيمهم الآمال. . . ولقد علق جرانت على هذا اللقاء العظيم بقوله (هذه معركة أشد حراً مما شهدت في الميادين من المعارك. .)
وبعد أن درس القائد خططه المقبلة مع الزعيم ورجاله، استأذن في الرحيل فطلب إليه الرئيس أن يبقى قليلاً ليحضر وليمة أعدتها زوجه تكريماً للقائد ولم يكن يعلم بها من قبل ليدعوه إليها فاعتذر شاكراً من عدم قبوله بقوله (حسبي ما لاقيته من تلك المظاهر أيها الزعيم. . .) وفرح الزعيم أن يسمع ذلك من القائد وهل يهدم الرجال إلا الغرور وحب المظاهر الفارغة؟
ورحل جرانت إلى الميدان وقد زوده الرئيس بقوله (أنت رجل همة وعزيمة، وأنا لا أريد وقد سرني ذلك أن أضع في طريقك ما عساه أن يعوقك، وإذا كان في طاقتي أي شيء يمكن أن أمدك به فدعني أعرف ذلك. . . والآن سر في عون الله على رأس جيش باسل وفي سبيل قضية عادلة).
(التتمة في العدد القادم)
الخفيف