مجلة الرسالة/العدد 277/من أجل فلسطين
→ الكميت بن زيد | مجلة الرسالة - العدد 277 من أجل فلسطين [[مؤلف:|]] |
جحيم ← |
بتاريخ: 24 - 10 - 1938 |
وطن يعذب في الجحيم
للأستاذ أحمد محرم
خُلُقُ (العروبِة) أن تجدَّ وتدأبا ... وسجيَّةُ (الإسلام) أن يتغلْبا
لا تلكَ تخفض من جَناحَيها، ولا ... هذا يرُيدُ سوى التفوق مطلبا
رَفعَ النّفوسَ عن الصَّغارِ، وصانها ... عن أن تَخافَ عدوَّه أو تَرهبا
دينُ الفتّوةِ والمروءةِ، ما طغت ... لُجَجُ المنايا حّوْلَه فتَهيَّبا
المؤمنونَ على الحوادثِ أخوةٌ ... لا يعرفون سوى (الكتاب) لهم أبا
سَلهْمُْ عَلَى شَرفِ الأُبُوَّةِ هَل رَعوا ... ما سنَّ من أدب الحياة وأوجبا؟
بَيتٌ تَفّرق في البلادِ، وَأُسرةٌ ... صَدعَ الزمانُ كيانَها فتشعَّبا
وَهَنَ البناءُ، فَعَاث في فَجَواتِه ... عادِى الفساد مُدَمَّراً ومُخرّبا
لَبَّيْكَ يَا (وَطنَ الجهاد) ومرحبا ... لَبَّيْكَ من داعٍ أهابَ وَثَوَّبا
لَبَّيْكَ إذ بلَغَ البلاَء، وإذْ أبَى ... جدُّ الزَّمانِ وَصَرِفه أن نلعبا
مَنْ ذا يَرى دَمَهُ أعزَّ مكانةً ... من أن يُخضَّبَ من (فلسطين) الرُّبى؟
كَبَّرْتُ حِينَ عَفا الوفاءُ. ومَا عَفا ... في أرضها أثرُ (البُراق) وَلا خَبا
إني أرى (المعراجَ) عند جلالهِ ... وأرى (النبيّ) وصحبَه والموكبا
وَطَنٌ يُعَذَّبُ في الجحيم وَأمَّةٌ ... أعزِزْ علينا أن تُصابَ وتَنُكبا
بقُلوبناَ اَلْحرَّى، وفي أحشائنا ... ما شَبَّ مِنْ أَشجَانها وَتَلهَّباَ
وِبنَا مِنَ الألمِ المبَرّح ما بها ... وأرى الذِّي نَلْقَى أشدَّ وأصعبا
نَتَجَرَّعُ البلوَى، ونَدَّرِعُ الأسى ... نَرْعَى لاخوتنا الذّمامَ الأقربا
إنّا لَنعلمُ أنَّ آكلَ لَحْمهمْ ... سَيَخُوضُ مِنّا فيِ الدّماء ليشربا
جَعلوا الكفاحَ عن العروبةِ حَرثُهُمْ ... وَتَعَهَّدُوهُ، فَكَان حَرْثاً طَيَبّا
يَسْقُونَ مَا زَرَعُوا دماً في مخْصبٍ ... لولا الَّدمُ الجاري لأصبحَ مُجْديا
(البيتُ) يَطْرَبُ من أنين جريحهم ... أرأيتَ فيِ الدُّ ُنْيَا أنيناً مطربا؟
إِنّ الّذِي زَعَمَ السَّلاَمَ مُرَادهُ ... جَعَلَ الدّماَء سَبيلهُّ والمركبا إن كان قدَ غَمَرَ الزمانَ وأَهْلَهُ ... كَذباً، فَمِنْ عاداته أن يَكذبا
رَكِبَ الرياحَ إلى القويّ، يَرُوضُهُ ... شَرساً، يُقَلّبُ ناَبهُ وَالمخْلَباَ
طَارَت بِهِ، وَفؤُاَدُه في روعةٍ ... يَتَلمَّسُ الْمَهْوَى ويبغي المهربا
أرأيت إذ سَكَبَ الدُّمُوعَ غَزِيرةً ... يَأبَى الحياءُ لمثلها أن يُسكبا؟
مُتصنَّع، باسم الضَّعيفِ يرُيقهُاَ ... وهو الذي ترَكَ الضَّعيفَ مُعَذبا
مَا كانَ أَصدقَ نُسْكهُ لو أنه ... رَحِمَ البرىَء، ولم يُجابِ المذنبا
يَهذي بذكرِ العدلِ في صَلَوَاته ... أرأيتَ عَدْلاً بالدماءِ مُخضَّبا؟
(رُسُلَ العروبِة) هَلْ سَأَلتم جُرحَهاَ ... مَا بالُهُ اسْتَعْصَى؟ ومَاذا أعقبا؟
جُرْحُ تَقَادَم عَهْدُهُ، وتَفتَحَّتْ ... أَفْوَاهُه ُتَدْعُو الأسَاةَ الغُيَّبَا
أنتم أُساةُ الجرخِ، فاتخذوا له ... من طِبّ (شيخ أُساتكم) مَا جَرَّبا
وَصَفَ الدّوَاَء لكم، وخَلَّف عِلْمَهُ ... فيكم، فأَين يُريدُ منكم من أبى؟
يَا قَوْم لَسْتُم بالضّعافِ فغَاِمروا ... وَخُذُوا مَطَاِلَبكم سِراعاً وثُبّا؟
أفما كفاكم قُوّةً من دِينكم ... ما جَمَّعّ الإيمانُ فيهِ وألَّبا؟
يَا (آلَ يَعْرُبَ) مَنْ يُرِيني (خالداُ) ... يُزجى الخميسَ، وَيَسْتَحِثّ المِقنَا؟
مَنْ شاَء منكم فَلَيُكنْهُ، وَلاَ يَقُل ... ذَهَبَ القديُم، فإِنهُ لَنْ يَذهبا
السَّر باقٍ والزَّمَان مُجدَّدٌ ... وَالسيفُ مَا فّقّدّ المَضاَء وَلا نَبا
رُدُّوا المظالِمَ عن مَحارم أمَّةٍ ... رَدَّتْ ظُنُونَ ذَوي الجهالة خُيَّبا
لَمْ يُعُطِْ أوطانَ حَقَّهَا ... مَنْ كانَ يَطْمَعُ أَن تُباَعُ وتوهبا
أحمد محرم