مجلة الرسالة/العدد 269/بين الفكاهة والجد
→ ماضي القرويين وحاضرها | مجلة الرسالة - العدد 269 بين الفكاهة والجد [[مؤلف:|]] |
الغد المشؤوم!! ← |
بتاريخ: 29 - 08 - 1938 |
تحية كلب
إلى الكلب البوليسي (هول)
للأستاذ محمود غنيم
كلبٌ ينمُّ على الجناهْ ... تمشي العدالة في خُطاهْ
إن قال أرهفت النيا ... بةُ سمعها وصغى القُضَاه
كم أَفْلَتَ الجاني فشمَّ ... ر ساعديه واقتفاه
لم يُعْي أَهلَ البحث س ... رٌّ غامضٌ إلا جلاه
يستخرج السرَّ الدفي ... نَ كأنه بعضُ الْحُواه
وكأنما هو إذ ترا ... هُ مشعوذٌ يتلو رُقاه
عَيُّ اللسان وإنما ... في أنفه جُمعت قواه
هو لا يحيد عن الصوا ... ب ولا يُحاَبي من رشاه
لا يعرف القربى ولو ... كان الذي يجني أخاه
هيهات لا إشكالَ في ... ما يَدَّعيه ولا اشتباه
كم ناطقٍ تبع الهوى ... فلوى بغير الحق فاه
ضَلَّ ابنُ آدمَ نهجَهُ ... حتى رأى كلباً هداه
ما أَضعفَ الإِنسانَ مَقْ ... دِرَة وأكثرَ ما ادَّعاه
قد بات يرعى الأمْنَ (هُو ... لُ) وغيرُه يرعى الشياه
كلبٌ عصامِيٌّ بَنَتْ ... أركانَ دولته يداه
يا رُبَّ مفتخرٍ عَلي ... كَ ببيت مجدٍ ما بناه
كلبٌ وضيعُ الأصل لا ... ليثٌ ولا ليثٌ نماه
استقبلوه مُصَفِّقي ... نَ كأنه بعضُ الغُزَاه
كم وَدَّ شبلُ شرًى بجَدْ ... ع الأنف لو أضحى أباه
خافته دون الله أف ... ئدة الجبابرة الطغ يخشاه من لا أُذنَ تس ... معه ولا عينٌ تراه
عجباً يخاف الكلبَ قو ... مٌ لا يخافون الإِله!
شيخَ الكلاب أَخَفْتَ ذئ ... بَ الأنس لا ذِئبَ الفلاه
لهجَتْ بذكرك أَلْسُنٌ ... وروت حوادثك الرُواه
وَسلبْتَ كلبَ الكهف ما ... بيديهِ من عزٍّ وجاه
لم تَقْضِ في النوم الحيا ... ةَ كما قضى فيه الحياه
لكن سهرتَ على السلا ... م وبات ينعَمُ في كراه
صاد الكلابُ فكان صي ... دُهم الحمامَة والقطاه
وأنفت من صيد البُزَا ... ة فصدت صيَّادَ البُزَاه
إن طوقوك فطالما ... طوَّقْتَ أَعْناَقَ العُتاَه
أو سلسلوك فطالما ... سَلْسَلْتَ أَقدامَ العصاه
يا أيها الواشي رَعا ... كَ اللهُ من بين الوشاه
يا رُبَّ مَظْلومٍ له ... كُتِبَتْ على يدك النجاه
بإِشارة منك الحيا ... ة لمن تشاء أو الوفاه
للأمن شُرْطيٌّ علي ... هِ ساهرٌ يحمي حماه
لا يستقلُّ بمكتبٍ ... بين اليراعة والدواه
قبض المرتَّبَ غيرُهُ ... والخبزُ في الدنيا كفاه
ما زان مِعْصَمَهُ شري ... طٌ أو تألَّقَ مِنْكباه
أَدَّى لوجه الله وا ... جِبَهُ بحزمٍ وانتباه
متواضعٌ بين الجنو ... دِ يلينُ إذ يقسو القساه
يا رُبَّ جنديِّ بدا ... لك بيدقاً في ثوب شاه
يمشي فيغضبُ حين لا ... تعنو لطلعته الجباه
قالوا أَتُطْرِي الكلْبَ قل ... تُ لهم ومن أُطرِي سواه؟
يرعى الودادَ وما رأي ... تُ من الأنام فتًى رعاه
لا أبتغي صلة الأنا ... م فكلُّهم مثلي عُفاه كم لَذَّ طعمُ وعودهم ... عند المرور من الشفاه
فتبخرت تلك الوعو ... دُ كما تبخرتِ المياه
الصُّلْبُ بين الناس إنْ ... أنت استندت إليه وَاه
والليثُ فيهم ساعةَ ال ... جُلَّى يفرُّ فِرَار شاه
لا يؤمَنُونَ عَلَى الأذى ... والكلْبُ مأمُونٌ أَذَاه
سألوا الكلابَ الحقَّ إذْ ... وَجدُوه بينَ الناسِ تاه
محمود غنيم