مجلة الرسالة/العدد 266/من صميم الصحراء
→ رسالة الفن | مجلة الرسالة - العدد 266 من صميم الصحراء [[مؤلف:|]] |
الباحث عن الهدوء. . . ← |
بتاريخ: 08 - 08 - 1938 |
إنسانة الحي
للأستاذ إبراهيم العريض
اسْتَمرَّتْ ذُكاءُ شا ... خصَةً من مغيبِها
وعلى البِيدِ حوْلها ... أثرٌ من شُحُوبِها
صُفرةٌ شابَها مِن ال ... ظِلِّ ما يزْدَهي بها
وكأنَّ الرِمالَ في ... لُجَّةٍ من كِثيبها
تارةً تكتِمُ الرسو ... مَ وطوراً تشى بها
وتَوارتْ. . . فأعْلَنَ ال ... أفْقُ منْعى غُرُوبها
ثُم أرخَى سُدولَه الْ ... ليلُ. . . تنْدَى بِطيبها
فتُطِلُّ النجومُ با ... سِمةً من ثُقوبها
أيُّ طَيْفٍ أثارَ رحْ ... متَها في قُلوبها
إنَّها غادةٌ على ... موْعِدٍ من حبِيبها
غادة في وُجومِها ... كالدُمى البِيضِ ساحِرَهْ
من خِلالِ الخِيام تَحْ ... دِقُ في الليْلِ حائره
تُطْرِقُ الرأسَ كيْ تِس ... يخَ إلى النُوقِ سادره
ثم تُلقِي بطَرْفِها ... حوْلَها كالمحاذِره
لأَقلِّ القليلِ من ... هَمساتِ العبَاقره
وإذا قلَّبتْهُ ترْ ... سِمُ في الأفْق دائره
لا تَرى في الظلامِ غيْ ... ر يدِ الله قاهره
يُثْقِلُ النومُ جفْنَها ... ثمَّ تخْشى بَوادِره
فتُناجِي بكفِّها ... أنجُمَ الليْلِ حاسره
(جنِّحِي يا عرائِسَ ال ... ليْلِ باليُمنِ طائرَه)
لمحَتْ شخْصَهُ على ... تلَّةٍ من تِلالِها
فتَثنَّتْ. . . كأنها ... بانةٌ في اعتِداله بعْدَ أن نفَّضتْ عباَ ... َءتَها مِن رمالها
ومشَتْ كالقَطاةِ نا ... هِدةً في اختِيالها
وَهْيَ تُوحِيْ لصَدْرِها ... خَفَقاتِ انتِقالها
ثم حيَّتْهُ عِندَ نا ... رِ قَرًى في اشتِعالها
لم يكُنْ حوْلها ولا ... واحِدٌ من رِجالها
وعلى ثغْرِها ابتِسا ... مٌ جزَى عن مَقالها
فرَأى ما يزِيدُ في ... حُسنِها من دَلالها
ظبْيةٌ في كِناسِها ... ملء عيْنَيْ غزَالها
طلَعا فوْق ربْوَةٍ ... رفَّ كالليْل ظِلُّها
وعلى قُلَّةٍ من ال ... رمْلِ ضافٍ محلها
من وراءِ الخِيام حيْ ... ثُ ترى البِيْدُ كلها
بسَطتْ كفُّهُ الرِدا ... َء إلى مَنْ يُجلِها
خشْيةً أن يَمسَّها ... من نَدى الأرض طَلها
وهُناكَ اسْتَمرَّ في ... حُظْوَةٍ لا يَملها
لم يعِبْ حُسنَها سِوى ... أنَّهُ يسْتَقِلها
ظمَأٌ في لهاتِهِ ... هلْ لها ما يبلها
غيْرَ أنْفَاسِ ساعةٍ ... في الدُجى يسْتَغِلها
فَتَعاطى مِنَ الحدِيْ ... ثِ مُداماً يَعِلُّها
ناوَلتْهُ يمينَها ... فحنا فوْقَها الشِفاهْ
هامِساً بيْنَ قُبْلتَيْ_نِ تشِفَّانِ عن جواه
بلسانٍ مُبلبلٍ ... بعْضَ ما جاشَ من هواه
وأسمُها في حَدِيثِهِ ... دائِرٌ دوْرةَ الحياه
ثم ألقَتْ بطرْفِها ... في فُتورٍ إلى الفلاه
فترى في شُرُوقهِ ... قمراً مُرسِلاً سناه
يَملأ البِيْدَ فِضَّةٍ ... دُونَها فِضَّةُ الغُزاه فتُناجى حبِيبَها ... لوْ يراهُ كما تَراه
أفَيُلقِي لغيْرِها ... بالَهُ. . . وهْيَ في سماه
إنَّما في سَوادِ نا ... ظِرِها كلُّ مُشتهِاه
ها هُمَا - والنُجُومُ تر ... عاهُما - وهْيَ زاهِيَهْ
صورَةٌ حُلْوةٌ لقُ ... رةِ عيْنٍ بثانِيه
إنّها كالرَضيع بَيْ ... نَ ذِراعيْهِ غافيه
والي الشَعْرِمن غَدا ... ئِرِها في ترامِيَهْ
أرَجُ كالنَسيم يَنْ ... فحُ من كلِّ ناحِيه
كلَّما سرَّحت أنا ... مِلَها فيهِ ساهيه
مالَ من فَوْقِها ليُنْ ... شِدَها فيهِ قافيه
ثم يغْزُو بثغْرِهِ ... تغْرَها من حواشِيه
فيَمسُّ الشِّفَاهَ وَهْ ... يِ تحاذيهِ راضِيه
ريْثَما تُصْبحُ الشِّفا ... هُ من الْحُبِّ دامِيه
تَصْهرُ الشمْسُ جمْرَة َال ... قَيْظِ في البِيْدِ ثانِيَه
فتَبينُ الرِّمالُ بِيْ ... نَ يدَيْهَا كما هِيَه
وعلى الرَّمْلِ حبَّةٌ ... من لآلٍ ثمانِيَه
هِيَ قَبْلَ الصَّبَاحِ كا ... نَتْ على جِيْدِ غانِيَعْ
(البحرين)
إبراهيم العريض