الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 265/الدمية الحسناء!

مجلة الرسالة/العدد 265/الدمية الحسناء!

مجلة الرسالة - العدد 265
الدمية الحسناء!
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 01 - 08 - 1938


للأستاذ أحمد فتحي

فيك َمن رَوْعَة الجمال نَصِيبٌ ... شاهدٌ أن للدُّمَى إغْراَء!

وقديماً أُضِلَّ قومٌ من الخلْ ... قِ، فَضَلّوا ضلالةً عَمْياَء!

عبدوا الوَهْمَ والأساطيرَ حتى ... قدَّسُوها حجارةً صَمَّاء!

وإذا شاءتِ المقاديرُ تَلْهُو ... سَخَّرَتْ للجهالة الفُهَمَاء!

لستُ أَنْسَى يوم الْتَقَيْنَا وكانت ... صفحةُ الرَّوْضِ، فتنةً تتراءى

الأزاهيرُ رائحاتٌ غوادٍ ... تَتَثنَّى مع الصَّبا كيف شاء

والأمانيُّ باسماتٌ لِعَينْي ... يتضاحَكْنَ غِبطةً وصفاء!

والأغاريدُ هاتفاتٌ على الدَّوْ ... حِ نشيداً يُداعبُ الأفْياء

ولقد كنتَ في الخميلةِ تمثا ... لاً من اْلحُسنِ رائعاً وضَّاء

لاح لي من لحاظِ عَيْنَيْكَ سِحْرٌ ... بابِليٌّ، يستضعِفُ الأقوياء

ودعاني هواكَ فانْطَلَقَ القل ... بُ على وجههِ يُلَبِّي النداء

فَرَّ من بين أَضْلُعي ينشُدُ الْحُب ... بَ، كما ينْشدُ الظِّماءُ رَوَاَء

وأتاك المسكينُ حالاً من اللوْ ... عةِ تشكو فصيحةً خَرْسَاَء!

ظَنَّ في صْمتِكَ الرِّضى عن غرامٍ ... كان فيه، غِوايةً شَنْعَاَء

عادَ لي ضاحكاً، قريراً يغَنَّي ... يملأ الأرض شَدْوُهُ والسَّماَء

فَتَوَهَّمتُ أنه رُزِقَ الخَي ... رَ، وأَضْحَى يُسَاجِلُ السُّعَدَاَء

ثم بارَكْتُهُ غراماً عزيزاً. . . ... قد كفاني الهمومَ وَالْبُرَحَاء

ما سَلاَ القلبُ عنك إذ جَدَّ بيْنٌ ... صَيَّرَ الصُبْحَ وَحْشَةً ظَلْمَاء

شَفْنِي الوَجْدُ والنحولُ وكابَدْ ... تُ غرامي داءً دَوِيَّا عَيَاء

وَعفَا الصبرُ عن لِقاَئِكَ حتى ... عَلّمَ العينَ أن تذوبَ بُكاَء

سلك الدَّمْعُ من مآقِيَّ سُبْلاً ... كُنَّ من مَسْلَكِ الدُّموع خَلاَء

زهِدَتْ نفسي الصواحبَ طُرَّا ... وَمَللْتُ الحياةَ وَالأحْياَء!

وَتمنَّيْتُ لو لقيتُكَ يوماً ... وافتقدتُ المعاشرَ الْخُلَصاَ عَلِمَ اللهُ كم سَهِدْتُ الليالي ... أَتشهَّى الرُّقاَدَ والإِغْفاَء

يَقِظاً للخيالِ؛ إن طرَقَ الطَّي ... فُ رآني بَقِيَّةً وَذِمَاء!

ولقد طالما تَعَللْتُ بالقَرْ ... ب، فكانت عُلاَلةً حمقاَء

كيف أنساكَ يومَ قيلَ مُوَافٍ ... يحملُ البُرْء قُرْبُهُ والشِّفاَء؟!

قلتُ للنفسِ ها انْعَمِي بعد بُؤْسَي ... جَرَّعَتْكِ النَّوَى صباحَ مساَء

والتقينا أشكو الذي صنَعَ الشَّوْ ... قُ بقلبٍ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاء

وترامتْ على يَدَيْكَ دُمُوعي. . ... قَطَرَاتٍ كبيرةً حمرَاء!

وتوسَّلْتُ أن تُنَهْنِهَ مِنها ... فإذا أنتَ لا تجيبُ الرَّجاء!

فَتَهاوَتْ مع المدامع آما ... لٌ تُسَامِي صُرُوحُهَا الجوزاء!

وتناثَرْنَ، في الأعاصير نَقْعاً ... حَمَلَتْهُ، قويَّةً، هَوْجاء!!

عاتَبَتْ نَفْسيَ الحزينَةُ قلبي ... في هواكَ الذي أضَّرَ وساء

هَتَفَتْ، أيَّها المعَذَّبُ بالخَفْ ... قِ، تَجَشَّمْ هزيمةً نكْرَاء

قد حَمَلْتَ الغرامَ زَيْفاً من الوهْ ... م أضاعَ الشبابَ عُمْراً هَبَاء

خَدَعَتْك المَنى اللَّعُوبُ، وكانت ... قِصَّةُ الحُبِّ، كِذْبَةً بَيْضاء

شَغَفَتْكَ الحياةُ بالحُسْن، حُبّاً ... فَتَعَشَّقْتَ دُمْيَةً حَسْنَاَء!!