الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 263/البريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة/العدد 263/البريدُ الأدبيّ

مجلة الرسالة - العدد 263
البريدُ الأدبيّ
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 18 - 07 - 1938


النهوض باللغة العربية

اجتمعت اللجنة التي ألفت للنظر في النهوض باللغة العربية بديوان الوزارة برياسة الأستاذ محمد عوض إبراهيم بك الوكيل المساعد وعضوية الأستاذ محمد أحمد جاد المولى بك وعلي الجارم بك ومحمد قاسم بك ومحمد عطية الابراشي أفندي ومحمود عبد اللطيف أفندي والشيخ عبد المجيد الشافعي

وبعد أن أطلعت اللجنة على التقارير التي كتبت في هذا الصدد وتبادلت الأفكار وناقشت المقترحات وافقت على ما يأتي:

أولا - إن الطلبة ليسوا ضعافاً في اللغة العربية إلا بمقدار ما يراد أن يكونوا عليه من تقدم يناسب ما عليه أبناء الأمم الأخرى ذات اللغات الحية، وإن الطلبة قد تقدموا تقدماً ظاهراً في الكتابة والخطابة لا يفضلهم فيه أسلافهم من الطلبة

ثانياً - لتنمية هذا التقدم ومجاراة روح العصر الحديث والنهضة باللغة العربية لتؤدي واجبها في هذا العصر ينبغي أن توجه إليها العناية من الطفولة في أوساط التربية والتعليم المختلفة لتكون لغة النطق والكتابة والتعليم ولهذا نظرات اللجنة في وضع قواعد عامة تتناول مراحل التعليم كلها وفي وضع قواعد خاصة لكل مرحلة من مراحل التعليم الأولي والابتدائي والثانوي. وتجمل اللجنة ذلك في ما يأتي:

القواعد العامة

ترى اللجنة أن نشر اللغة العربية وجعلها لغة التخاطب والتعليم بين الطبقات جميعاً لا يكون حقيقة واقعة إلا إذا تمت الواجبات الآتية:

1 - محو الأمية بنشر التعليم الأولي بين الأميين الذين يبلغون أكثر من 80 % من أبناء الأمة لأن المشاهد أن التعليم كلما نهض نهضت معه اللغة الصحيحة وأقبل الناس على القراءة والاطلاع وهذا مما يقوم الألسنة

2 - أن تكون كتب القراءة العربية مما يشوق التلاميذ ويحبب إليهم الاطلاع ومداومة النظر وأن تكون من الكثرة وحسن الاختيار بحيث تغذي التلاميذ وتصرفهم عن غيرها مما يحسن ألا يتناولوه إلا في ظروف خاصة 3 - أن يكلف المدرسون النطق باللغة الصحيحة سواء في هذا مدرسو اللغة العربية ومدرسو المواد الأخرى التي تدرس بها وأن يحاسب هؤلاء جميعاً على كل تقصير حتى يشب التلاميذ في بيئة مدرسية صالحة تعوضهم مما يفقدونه في البيئات الخارجية

4 - أن تزداد حصص اللغة العربية في مراحل التعليم

5 - أن يؤخر تعلم اللغات الأجنبية إلى ما بعد السنة الثانية من التعليم الابتدائي ليكون للأطفال وقت كاف لدراسة اللغة العربية واستعداد لتلقي غيرها معها. وقد أجمع علماء التربية على أن دراسة لغتين في وقت واحد وفي سن مبكرة مما ينتهي بالضعف فيهما جميعاً. ويجب أن يكون بين دراسة لغة وأخرى فترة كافية من الوقت وأن يبدأ الأولاد دراسة لغتهم الوطنية وإجادتها أولاً وقبل كل شيء

6 - ألا يقبل بالرياض من كانت سنه أقل من خمس سنوات ولا يقبل بالتعليم الابتدائي إلا من كانت سنه ثماني سنوات ليكون الأطفال أقدر على التعليم والانتفاع بالدراسة والاستعداد لها مع صحة أجسادهم ونمو أفكارهم

7 - أن يعرض ما يقرر من الكتب قبل طبعه على لجان من أساتذة اللغة العربية لإقراره ونفي ما تراه من الألفاظ العامية والأعجمية التي تشوه اللغة وتفسد النطق وتنشر الخطأ

8 - ومما يدعو إلى مضاعفة العناية ما تشعر به اللجنة من أن مكتبة التلميذ العربية فقيرة أشد الفقر ليس فيها ما يحبب إليه المطالعة والأدب وأنها إذا قيست بمكتبة الأطفال في الأمم الحية لم تكن شيئاً مذكوراً. ومن الواجب المبادرة من الآن بإمداد المكتبات المدرسية حتى تنهض وتقوم بقسطها في الحياة المدرسية

مشروع وزارة المعارف العراقية لتعزيز تعليم العربية

رأت وزارة المعارف العراقية أن تأخذ بمشروع مهم لتعزيز تعليم اللغة العربية في المدارس. ولما كان أساس الموضوع يتصل بالمعلمين فقد اختطت الخطة الآتية:

1 - ستختار أكابر الأساتذة الاختصاصيين في تعليم اللغة العربية وآدابها للتعليم في دار المعلمين العليا في بغداد، وهؤلاء الأساتذة يستخدمون من خارج العراق

2 - ستختار أساتذة ضليعين في اللغة وآدابها وتعليمها الدار المعلمين من الخارج أيضاً

3 - ستستخدم جماعة من الأساتذة القديرين لتعليم العربية وآدابها في المدارس الثانوية الكاملة في أنحاء القطر العراقي بالاستعانة بأساتذة الأقطار الأخرى

4 - سيؤسس فرع خاص في دور المعلمين الابتدائية للغة العربية وآدابها يختار لها الطلاب ذوو المواهب الأدبية ويدرسون اللغة وآدابها بمنهج خاص (بجانب دراساتهم مواد دور المعلمين) ويرسم لهم اختصاصات معينة ليصبحوا بعد تخرجهم أساتذة مختصين لتدريس العربية وآدابها.

وبمقتضى هذا المشروع ستحتاج وزارة المعارف العراقية هذه السنة لاستخدام جماعة من أساتذة العربية وآدابها من الأقطار الأخرى ولاسيما مصر حيث يتوفر فيها وجود مثل هؤلاء المدرسين المطلوبين

محاضرة عن مصر القديمة في لندن

ألقى المستر امري العالم الأثري الذي اكتشف ضريح السلالة الفرعونية الأولى في سقارة محاضرة أمام الجمعية الآسيوية في لندن قال فيها: (من المحتمل أن تنقضي أعوام عديدة في الدرس والتحليل والمقارنة قبل أن نصل إلى إدراك نهائي لمعاني الرسوم الهيرغليفية المنقوشة على سبعمائة إناء صغير وجدت في هذا الضريح. فإذا أمكننا قراءتها وإيضاحها أرسلت شعاعاً نيراً مهماً على أحوال السلالة الأولى التي قل ما نعرفه عنها. أما حفر مقبرة سقارة فتم في أقل من عشر سنوات

ثم أشار المحاضر إلى احتمال العثور على اكتشافات أهم من هذه في المكان عينه. وقال: (أكاد أكون على ثقة بأننا سنجد ضريحاً ملكياً كبيراً. ونحن لم نكشف حتى الآن إلا جزءاً صغيراً من تلك المنطقة)

الإمام الاسفرايني وأبو حيان التوحيدي

ذكر في الجزء السابق من (الرسالة) الغراء أبو حامد أحمد ابن طاهر الأسفرايني، وروي له قول في الجدل. وفي الرواية شيء رأيت التنبيه عليه:

راوي المقالة هو أبو نصر عبد الوهاب السبكي صاحب (طبقات الشافعية الكبرى) وقد قال فيها في سيرة الإمام الأسفرايني (قال أبو حيان التوحيدي سمعت أبا حامد يقول الخ) فإن كان السبكي يقصد أبا حيان التوحيدي صاحب المقابسات والصداقة والصديق والإمتاع والمؤانسة فقد وهم فيما حكى؛ واليقين أن صاحب أبي حيان هو أبو حامد أحمد بن عامر المروروذيّ وقد ذكر السبكي نفسه في طبقاته أن (أبا حيان تفقه على القاضي أبي حامد المروروذي) وفي (بغية الوعاة) للأسيوطي: (قرأ أبو حيان على أبي حامد المروروذي) وقال ابن خلكان في (الوفيات) في سيرة أبي حامد هذا: (قال أبو حيان التوحيدي سمعت أبا حامد المروروذي يقول: ليس ينبغي أن يحمد الإنسان على شرف الأب ولا يذم عليه كما لا يحمد الطويل على طوله ولا يذم القبيح على قبحه) وإنما ورط السبكي في روايته التقاء الكنيتين والاسمين واتحاد المذهبين فكلاهما فقيه شافعي، وكلاهما إمام وهما في عصر واحد وإن سبق أحدهما إلى الدار الأخرى صاحبه، فوفاة المروروذي سنة (362) ووفاة الاسفرايني سنة (406)

وإذا ثبت أن مقالة الجدل للاسفرايني كان أبو حيان التوحيدي غيرَ ذاك الخبيث الشيطان صاحب (مثالب الوزيرين): ابن العميد والصاحب (وقد تلتقي الأسماء في الناس والكنى كثيراً) كما قال الفرزدق

وأقول مادمت في التنبيه والإصلاح: جاء في (قصة الكلمة المترجمة) في الجزء (260): (وقد ذكر ابن القطقطي في كتابه الآداب السلطانية والدول الإسلامية) صوابه ابن الطقطقي، الطاء قبل القاف

(ق)

كتاب جديد عن فلسطين

ظهر كتاب جديد عن فلسطين بعنوان (سرج فارس فقير) لمؤلفه دوجلاس دف وقد نشرته دار هربرت جنكنز

ولعل أهم ما يستوقف الأنظار فيه الاقتراح الذي يقترحه المؤلف لحل مشكلات الأرض المقدسة. فهو يقترح أن يتخلى اليهود عما يملكونه في الشمال من بئر سبع وأن ينتقلوا كتلة واحدة إلى (النجب)، ففي هذه المنطقة أربعة آلاف وخمسمائة ميل مربع من الأرض الصالحة للحرث حتى تسترد خصبها القديم المشهور. واليهود بما عرف عنهم من القدرة على استصلاح الأراضي ونشاطهم في تحويل الغامر عامراً خير من يقوم بهذا العمل ويشترط في هذا طبعاً أن يكونوا مستعدين لتحمل المشاق والمصاعب التي تعرضوا لها في بدء استعمارهم الحديث لفلسطين وأن يكون العرب الذين يقطنون في منطقة النجب مستعدين أن يغادروها لينزلوا الأراضي التي أصلحها اليهود في الشمال

وعند المؤلف أنه إذا صح هذا كان فاتحة عهد جديد في فلسطين. ومما يتصوره ويتوقعه إنشاء ميناء من الدرجة الأولى في العقبة في حالة نجاح هذا المشروع وشق طرق صالحة للمواصلات تؤدي إلى الأسواق المصرية وإنشاء مطارات كثيرة

ومؤلف الكتاب كان من رجال البوليس بفلسطين ويعرف البلاد وسكانها معرفة دقيقة، ولكن بعده عن فلسطين قطع ما بينه وبين تحول شؤونها في السنوات الأخيرة

على أن ذلك لم يحل دون نقده لليهود وانقسامهم ونقده للعرب وانقسامهم كذلك

وقد كتب السر متاجيو برتون توطئة للكتاب أشار فيها إلى خطة له من شأنها في رأيه أن تحل بعض مشكلات فلسطين، وقاعدة هذه الخطة منح العرب جميع الأراضي التي قررتها لهم لجنة بيل ماعدا يافا والنجب وتحويل الباقي إلى مستعمرة من مستعمرات التاج. ويكون هذا النظام تجربة. فإذا رؤى في سنة 1950 أن في الوسع استئناف الشركة العربية اليهودية فعندئذ تمنح البلاد كلها مقام دمنيون. وإذا تعذر استئناف الشركة بين العرب واليهود وظهر أن تجربة المستعمرة أصابت نجاحاً فعندئذ تمنح البلاد ماعدا الأراضي التي استولى عليها العرب مقام دومنيون وتستبقي بريطانيا حقوقاً دائمة في مرفأ حيفا وأنابيب النفط والمطارات

والكتاب في ماعدا ما تقدم تلذ مطالعته وإن غلبت عليه مسحة التشاؤم، لأن الكاتب وقد رأى بعينه حدة النضال بين فريقي العرب واليهود، قلما تلوح له بارقة أمل في إمكان الصلح بينهما