مجلة الرسالة/العدد 254/فراش الربيع
→ رسالة الشعر | مجلة الرسالة - العدد 254 فراش الربيع [[مؤلف:|]] |
رسالة الفن ← |
بتاريخ: 16 - 05 - 1938 |
للأستاذ محمود الخفيف
طِرْ من الحْقلِ إلى الرَّوْض الَمريعْ ... باحثاً عن نَشْرِهِ
أفضِ للزَّهرِ بأسرارِ الرَّبيعْ ... واسْتَرِق من عِطرِهِ
وافِهِ بيْنَ شتيتٍ وجميعْ ... واقْتبِسْ وشىَ الضُّحَى من سِحْرِه
مِلْ إلى الجدْوَل وارقُصْ حَولهُ ... غاِزِل الشَّاطئَ واشْهَدْ صُوَرَهْ
ثِبْ إلى الدَّوْح تفَيَّأ ِظَّله ... لاعِبِ الغُصْنَ وداعِب ثمرَه
مَلْعَبٌ يَصبُو لهُ ... كلُّ قَلْبٍ خَبَرَه
خُذْ جَنَاهُ كلهُ ... زَهْرَهُ أو شجَره
تَتَوافَى لَكَ أسَبابُ المَنى ... أيُّها الرُّوحُ الدَّؤوبُ الحائمُ
فهنا حيناً وحيناً هاهناً ... نازِحٌ طوْراً وطوْراً قادِمُ
أمشوقٌ هائم؟ ... أم خَلِىٌّ ناعمُ؟
أمْ شَرُودُ ... أنتَ لاهٍ سائم؟
أنتَ يا رَفَّافُ مَوصُولُ الجذلْ ... أيُّ هَمّ شَغلكْ؟
ثَمِلٌ ترْقُصُ من فَرْطِ الثَّملْ ... إذ تلقى املك
يا طليقاً ما َدرَى مَعْنَى الملَل ... أيُّ حُسنٍ رائع لم يَكُ لك؟
يا طَرُوباً لْيسَ يدرِي ما الشَّجَن ... وَيْكَ يا هَيَمانُ وَيْكَ!
رَفَّ في مَرْ آكَ مطِوىُّ الزَّمَنْ ... فحَنتْ روحي عليك
ما لِقَلْبي بين شَجْوٍ وسَكَنْ ... خافِقاً يَهْوِى إليك؟
ذكرَ الَعْيش الذي لو يُشْترَي ... اشترى الأيامَ منِهُ بالسِّنين!
فيكَ مَرْآهُ وفي دُنيا الكرى ... وادِّكارِ الَّنفْسِ حيناً بعد حِين
حينما كُنَّا صغيرين معاً ... لا نَمَلُّ الوثبَ في ظِلَّ الشَّجَرْ
ونرَى الرَّوضَ جميعاً مرتعاً ... كم تَمَلَّيْنا بهِ أبْهَى الصُّوَرْ
زهرَتي فيهِ تَبَدَّتْ أرْوَعَا ... من سَنَا الصُّبح ومنْ سِحْرِ الزَّهَرْ!
آه! كم توجعُ نفسي (حينما) ... يا خَليًّا لَيْسَ يدْرِي ما بِيَهْ وَيْكَ يا قَلْبي! أتهفو كلَّما ... طافَتْ الذِّكرى وتصبو ثانية؟!
كُفَّ يا قلبُ عن الشكوى فما ... ينقعُ الآلُ قُلوباً صادِيهْ
كم جَهْدنا وجَرَينا في الضُّحَى ... لا نُرَى في لهوِنا إلا لديكْ
ومللنا الرَّوضَ إلا مسْرَحَا ... نتَهاوَى فيهِ بالأيدي عليك
أنْأ ياهيمانُ عنِّي واقتربْ ... كالرؤى طافت بحُلْم الناعِسِ
هِجْتَ يا لاعِبُ نفسي لِلَّعِبْ ... ما غَنَائي من زَمَاني الدَّاِرسِ؟
ويك! إنا نلعب اليومَ كما ... قد لعِبْنا أمس في غَيْر مَلَلْ
َنْبدَأُ الشَّوْطَ ونَمْضي كلَّما ... رَفَّ يا رَفَّافُ للَّنْفسِ الأملْ
لهْوُنا الَيْومَ بِهَاتيك المنى ... تَتَراءى بينَ نَشْر وَعَدمْ
نحنُ كالأطفالِ إلا أننا ... نقتلُ اللذَّةَ فيها بالألم!
نَقرعُ السِّنَّ على ما فاتنا ... ونذوقُ الصَّلب من كأسِ النَّدمْ
رِفَّ يا لاعِبُ وارتع وانعَم ... واقضِ من عيشك في الزَّهرِ الوطرْ
اجتن الَّلذَاتِ واخترْ واغنَم ... لكَ في نورِ الضُّحَى عُمرُ الزَّهرْ
وَيحَ للإنسان ما أَجدَرهُ ... بِهُيام مِثل هذا ومِراحْ
عُمرُهُ المكدُودُ ما أقصَرَهُ ... خَفَقَاتٌ من مَساءٍ وصَبَاحْ
الخفيف