مجلة الرسالة/العدد 254/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 254 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 16 - 05 - 1938 |
في معرض الفنون
سيدي صاحب الرسالة
في (الرسالة) رقم 253 مقال عنوانه: (جولة في معرض الفنون) بقلم نصري عطا الله سوس. وقد كنت أعددت للرسالة مثل هذا المقال، فإذا المقال المنشور يوافق ما كنت أعددته، فرأيت إهماله. غير إني احب أن أزيد على ما جاء في مقال الأستاذ نصري عطا الله سوس النفيس أن ابرز ألواح المعرض إنما هي من صنع السيدة إيمي نمر وطريقتها التأثرية الرقيقة البعيدة عن تعقيدات (المدارس)، ثم الصديق محمود بك سعيد وان اصبح ينسج على منوال واحد من التعبير، ولكنه تعبير قوي اقرب إلى فن النحت التمثيلي منه إلى التصوير. ثم إني لأشارك الأستاذ سوس في ذهابه إلى أن أسلوب ادمون صوصة لا يعدو المحاكاة الضاربة إلى (الفوتوغرافية). وأما جورج صباغ فأسلوبه فوق هذا، لأن محاكاة الطبيعة عنده إنما يجري بين جوانبها ماء الفن، إلا أنه فن يرجع إلى الحذق والدراية لا إلى التأثر الدفين واستلهام ما وراء المنظور وتدوين اللوائح والهواجم. وذلك لان جورج صباغ - على نباهته - أو قل من اجل نباهته يندرج في سلك (الأكاديميين).
بقي أن الأستاذ سوس وعدنا أن ينشر في الرسالة (سلسلة من المقالات بين فيها فلسفة الفن الحديث وأصوله ومذاهب الفنانين المختلفة ومميزات كل مدرسة، إلى غير ذلك مما يتصل بالتصوير والنحت والرسم) لأنه (لاحظ أنها مجهولة تماما بين كل من تعرف إليه). وهذا قول حق، فان من المتعذر على ناقد الفن أن ينشئ المقالات وجمهور القراء عن أصول الفن وتاريخه متغافلون قليلا أو كثيراً. ولقد أفضت في هذا الموضوع لسنتين مضتا في صحيفة الأهرام (18مايو سنة 1936): (على هامش معرض الصور). فعسى الأستاذ سوس أن ينبري للكتابة فيما يشغل صدره وصدر المشتغلين بالفن أو بنقده.
بشر فارس
المصريون واللغة الحبشية
من مآثر الشباب المصري الذين يطلبون العلم الرفيع في جامعات أوربا ذلك السفر النفيس الذي نشره لشهرين مضيا الأستاذ الدكتور مراد كامل وهو ممن بعثته الجامعة المصرية لتلقي اللغات السامية في ألمانيا.
وموضوع هذا السفر (ويقع في 381ص من القطع الكبير) (تاريخ اليهود) ليوسف بن كريون المشهور بيوسفوس، وقد طبع باللغة العبرية غير مرة وباللغة العربية مرتين. وأما باللغة الحبشية فلم يطبع منه سوى صفحات معدودة، فرأى الدكتور مراد كامل أن يطبع الترجمة الحبشية لهذا الكتاب، واعتماده في ذلك على اثنتي عشرة مخطوطة أصابها في برلين وفرانكفورت أم مين ولندن وباريس وشتراسبرج. وقد عمل للكتاب مقدمة علمية غاية في الدقة وصف فيها المخطوطات وبحث في الأصل العبري والترجمة العربية له، ثم زاد على هذا جدولاً اثبت فيه ما سقط في النص العربي وهو مدون في النص الحبشي، ثم ما سقط في هذا وهو مدون في ذاك إتماماً للفائدة.
ونشر الكتاب دليل ناهض على رسوخ الدكتور مراد كامل في معرفة الحبشية والعبرية والعربية وتمكنه من فن الاستشراق وأساليب البحث العلمي وطرق معارضة الأصول ونشر المخطوطات. ثم أن هذا السفر النفيس نال به ناشره الدكتوراه في العلوم الفلسفية من جامعة توبنجن بألمانيا على يد المستشرق الكبير الأستاذ لتمن من أعضاء مجمع اللغة العربية الملكي. وسيقفل الدكتور مراد كامل إلى مصر بعد اشهر معدودة ليقوم بتدريس اللغات السامية في الجامعة المصرية، وهو يطبع الآن في ألمانيا رسالة أُخرى لنيل إجازة التدريس العالي (الأجريجاسيو)، وموضوع الرسالة (الفعل الرباعي في اللغات السامية).
مستشرق يسطو على كاتب شرقي
نشر المستشرق الفرنسي الأستاذ أميل درمنجهيم في المجلة الفرنسية (عدد مارس، أبريل 1938) بحثاً عنوانه: (الحالة الحاضرة للأدب العربي) وقد نقلته جريدة (المكشوف) البيروتية إلى اللغة العربية. والحق أن هذا البحث لا يعدل المباحث القويمة التي يكتبها كبار المستشرقين أمثال كراتشكوفسكي وجبّ وماسينيون وكامفماير؛ وإنما هو عرض جاف لا ينم على اتصال بالحياة العربية، ولا على تفهم لأسرار اللغة العربية، ولا على تذوق لتأليف كتابنا المحدثين. والسبب في ذلك أن المؤلف لم ينظر في الأصول نفسها ولم يدرس حياتنا الاجتماعية عن كثب، ولكنه اعتمد على ثلاثة مباحث، فجاءت كتابته ضرباً من الفضول. وأما المباحث الثلاثة فالكتاب الذي ألفه كامفماير وخميري باللغة الإنكليزية سنة 1930 وعنوانه (الزعماء في الأدب العربي الحديث)، ثم المقالات التي نشرها الأستاذ جب في (صحيفة مدرسة اللغات الشرقية) حول الأدب نفسه ونقلتها جريدة السياسة إلى العربية، ثم المحاضرة التي ألقاها الأستاذ الدكتور بشر فارس في معهد الدراسات الإسلامية في السوربون ثم نشرتها (مجلة الدراسات الإسلامية) لمنشئها الأستاذ ماسينيون سنة 1936 (الجزء الثالث) في باريس. ولما كانت هذه المحاضرة موقوفة على الأدب العربي الحديث جداً وتتناول موضوعات مهمة مثل الصعوبات التي يلقاها الكاتب العربي الحديث في ميادين اللغة والثقافة والاجتماع، فقد سطا عليها المؤلف بغير دراية دفينة بالموضوع، فاخذ منها كلامه على المشكلات اللغوية، ومصاعب الحياة الاجتماعية، وطرائق الكتاب في التأليف، وألوان معالجة الموضوعات وخصائص الأساليب من قديمة وحديثة، وتأثير اللغة الإفرنجية في الإنشاء العربي، وظواهر النضال القائم بين أنصار التقليد وأنصار التجديد. وكأن المؤلف شعر بأنه غلا في الأخذ فذكر صاحب المحاضرة مرة واحدة في الهامش. وذلك لأنه اقتبس عنه نصف صفحة كاملة بحروفها عند الكلام على جمود اللغويين عندنا، فلم يكن بد من الإشارة إلى الأصل. فان اتهم بعض كتابنا بالسطو على تأليف المستشرقين، فهؤلاء المستشرقون يسلطون أيديهم على تأليف بعضنا!
كتابة الهمزة
في (الهلال) الغراء - جزء مايو 38 - هذا القول لسعادة الدكتور بهي الدين بركات باشا: (أن الهمزة وطرق رسمها من المسائل المعقدة التي يبذل تلاميذ المدارس مجهوداً شاقاً في فهمها وحفظ قواعدها. ومع ذلك فكثيراً ما يقع الخطأ فيها حتى من جهات لا ينتظر أن تقع فيه. وإلا فما القول في أن وزارة المعارف تحتفل بعيد المدرسة الخديوية المئيني وتوزع على طلبتها السابقين استمارات تكتب فيها لفظ (يملؤها) خطأ، إذ ترسمها على (ألف) بدل الواو.
أقول: كتابة (يملأها) والهمزة فوق الألف مثل كتابة (يملؤها) والهمزة) فوق الواو، كلتاهما صحيحة. ومن قول ابن قتيبة في ذلك في (أدب الكتاب): (وإنما اختار الألف لان الوقوف إذا إنفرد وأبدل من الهمزة - على الألف، وكذلك يكتب منفردا، فتركه على حاله إذا أضيف).
وقاعدة الهمزة اسهل قاعدة في الدنيا، وتعليم معظمها الطلاب لا يقتضي اكثر من ربع ساعة. وهذه قاعدتها بالقول المسهب: دع الهمزة، وتلفظ بالكلمة تلفظا مقبولاً، ثم ضعها فوق حرف العلة إن كان.
تصويب
جاءت (من عبقرية نابغة العرب) في مقالة (أبو العلاء حرب الظالمين) في أول المقدمة لأقواله وإنما هي العنوان الثاني، وفي الشذرة (10) (ستر ضوءها)، وفي الشرح (الفداء) وهو الفراء.
بين العقاد والرافعي
قرأت ما كتبه (العضو المنتدب) الأستاذ محمود محمد شاكر فرأيت انه في الصفحتين الطويلتين اللتين كتبهما، لم يقل في الموضوع الذي اكتب فيه شيئا، إنما هو تعريض وغمز ولمز، وجمل إنشائية، وقولة مأثورة من هنا وبيت شعر من هناك على نظام موضوعات الانشاء، مما لا يتمشى وروح العصر الذي نعيش فيه. ولا أستطيع أن اخذ نفسي به.
وقد أثرت أن اذكره براس الموضوع الذي نتحدث فيه: فهو (أدب العقاد وأدب الرافعي، وما يدل عليه أدب كليهما من نفسه). ثم انتظر أن يكتب شيئاً في الموضوع، فان فعل ناقشته وإن لم يفعل فهو وشانه، وسأستمر في طريقي.
وتلك خطتي كذلك مع من كتب في العدد نفسه، يعرض بين السطور!
سيد قطب
حول كلمة (هال ها)
أشكر للأستاذ محمد عبد الغني حسن لقاءه الكريم لقصيدتي (البعث)، واعتذر من إبطائي في الرد على رأيه في كلمة (هال ها).
وبعد فأجيبه أن هذه الكلمة كما ذكرت ابتدعها الأستاذ فريد، وما دام الأمر أمر ابتداع فلا محل إذا لردها إلى اصل لغوي. وإذا صح ما ذكره الأستاذ من أن كلمة هال نداء لزجر الإبل فإنها محض مصادفة، إذ لم يدر بخلد الأستاذ فريد عند كتابة هذه الكلمة في رواية (ميسون الغجرية) أي أصل لغوي كما اخبرني بذلك.
وأما من حيث معنى كلمة الإنكليزية فهي أيضاً كلمة مبتدعة في تلك اللغة، فمدار معرفة معناها على استعمالها. وقد استعملها شكسبير وغيره في بدء أغانيهم التي يريدون بها التعبير عن المرح والانطلاق من القيود كما جاء في رواية ولقد رجعت إلى قوم من أهل تلك اللغة فاتفقوا على أنها لا تستعمل إلا في بدء الأغنيات. أما عن معناها بالضبط فلم اظفر منهم بتحديده، ومرجع ذلك إلى أنها كلمة سماعية مبتدعة جرت في الأغاني دون أي اشتقاق لغوي. . . هذا وللأستاذ الفاضل شكري على اهتمامه ودقته والسلام.
الخفيف
جوائز وزارة المعارف لوضع كتاب في تاريخ الأدب
المصري
من الفتح الإسلامي
رأى معالي وزير المعارف تمكيناً للدراسات المصرية وتشجيعاً للبحث الأدبي وضع مسابقة في تاريخ الأدب العربي في مصر من الفتح الإسلامي إلى الآن.
ويتلخص موضوع هذه المسابقة فيما يأتي:
(للأدب العربي في مصر طابع خاص اختلف في العصور الأولى للفتح الإسلامي عنه فيما تلا ذلك من العصور وهو يتناول إنتاج الكتاب والشعراء الذين وفدوا من البلاد العربية والإسلامية إلى مصر وأقاموا بها كما يتناول إنتاج الكتاب والشعراء المصريين الصميمين.
وقد تأثرت مصر بالطابع العربي في أدبها في حقب مختلفة، وأثرت في الأدب العربي بتفكيرها وثقافتها وبحكم البيئة المصرية في حقب مختلفة أُخرى.
والذي تطلبه وزارة المعارف وضع رسالة في نحو 600 صفحة من القطع المتوسط حرف مطبعة بولاق بنط 15 تتناول تاريخ الأدب العربي في مصر مقسما قسمين: أدب المصريين الصميمين، وأدب غير المصريين ممن قاموا بمصر واثروا فيها أو تأثروا بها، مع إظهار صلة الأدب من إنتاج هؤلاء وأولئك بالحياة العامة اجتماعية وسياسية واقتصادية، وإظهار الصورة التاريخية التي يرسمها هذا الأدب المصري في عصوره المختلفة.
أما الجوائز المقترحة فثلاث مجموعها 500 جنيه توزع بين الفائزين حسب رأي لجنة التحكيم على أن تقدم الرسائل إلى الوزارة في ميعاد لا يتجاوز آخر يناير سنة 1939.
عصر الفيلسوف ابن مسكويه
سيدي الأستاذ الفاضل محرر الرسالة
بعد التحية: ذكر حضرة الصديق الفاضل الأستاذ محمد حسن ظاظا في العدد الماضي من الرسالة الغراء أن ابن مسكويه عاش في العصر العباسي الثالث أي في العصر الذي يمتاز بضعف الخلافة العباسية. ولعل حضرته يقصد العصر الرابع لان ابن مسكويه عاش من سنة 330 إلى سنة 421. وهذه الحقبة من العمر تقع في العصر الرابع لا الثالث.
وقد ذكر حضرته أيضاً أن هذا العصر يمتاز بتكوين المعاجم اللغوية، وهذا الكلام القليل يحتاج إلى تفصيل؛ فان علماء اللغة في هذا العصر لم يبلغوا في الكثرة والإحاطة ما بلغه علماء العصور التالية إلى القرن التاسع الهجري.
واشهر لغويي العصر الرابع ابن دريد صاحب الجمهرة، والأزهري صاحب التهذيب، والجوهري صاحب الصحاح. أما علماء العصور التالية فأشهرهم ابن سيده صاحب المحكم وقد عاش في القرن الخامس. والصاغاني صاحب مجمع البحرين، وقد عاش في القرن السابع. وابن الأثير صاحب النهاية، وابن مكرم صاحب لسان العرب وقد عاشا في القرن السابع أيضا. والفيومي صاحب المصباح وقد عاش في القرن الثامن. والفيروزبادي صاحب القاموس وقد عاش في القرن الثامن وأدرك طرفا من التاسع.
(المنصورة)
محمد عبد الغني حسن
ما تهم معرفته كل أديب عربي
تلوت في جريدة المكشوف الأدبية كلمة تحت هذا العنوان منقولة عن حديث للأستاذ فؤاد افرام البستاني، وللأستاذ حفظه الله عندي مكانة متينة واعتقاد حسن بما يكتب ويقول، لأنه لا يقول إلا بعد تثبت، ولا يكتب إلا بعد دراسة وافرة. يعالج كل ذلك بصبر وجلد ونشاط.
وقد وقع عندي موقع الغرابة رأى له في المستشرقين لا ادري كيف كونته له نفسه.
يقول: (وإن اذكر شيئاً من هذه المؤلفات المفيدة على ما فيها من خطأ وصواب فلابد من أن انوه بمعلومات الأب - لا منس - وهي في نظر كبار المشتغلين بالأدب العربي في ذروة الأبحاث العلمية. . .).
فالأب - لامنس - مستشرق كبير ولا سبيل إلى الشك فيه. ولكن هل كتب تاريخ العرب بالروح المجردة التي ينبغي أن يكتب بها؟ (ولا سيما في المسائل الإسلامية التي بالغ في التعصب عليها، مما جعل المؤرخين وعلى رأسهم المستشرقون يشكون في أمانته العلمية ويتهمونه بركوب متن الشطط). وهل يغني في الرجل سعة اطلاعه وقوة حجته عن الأمانة التي أفسدها؟ (وهو الذي كان يسلب العرب الفضائل والصفات الخلقية الجميلة التي اجمع المستشرقون على نسبتها إليهم، وكان في خصومته هذه يعمد في بعض الأحيان إلى السفسطة والمغالطة).
ومثل هذه المغالطات في تفهم التاريخ، أو قل في تأويله بحسب النزعات الشخصية لا يغني عنها ذكر كلمة - على ما فيها من خطأ وصواب - لأننا نفهم من الخطأ والصواب شيئاً غير هذه المغالطات المبينة على حاجات هي في نفس يعقوب. وإذا كانت هذه طريقة الأب - لامنس - في كتابة التاريخ الإسلامي، فهل يا ترى من المعقول أن تصبح آثاره في ذروة الأبحاث العلمية، والأبحاث العلمية لا يجليها عادة إلا عقل متجرد عن كل هوى، وروح طهرت نفسها من كل درن موروث.
ويتم الأستاذ المحدث كلمته: (أما ما ينقل في بعض الصحف العربية من أبحاث لغوستاف لوبون وسيديو ورينان، يهول ناقلوها بنعوت المستشرقين يلصقونها بأولئك المؤلفين، فلقد كان من الخير للاستشراق والناقلين وللصحف أن تدعها في أماكنها من زوايا المكاتب). وهذه كلمة ثانية كشفت عن السر الذي أملى الكلمة الأولى لان التاريخ الذي كتبه هؤلاء المستشرقون هو تاريخ كأنما سطره الغرب للعرب. لأن هؤلاء استطاعوا أن يتجردوا من العوامل الموروثة والتقاليد المذمومة، فكتبوا كما أوحى إليهم ضميرهم، ولم تعمهم محاسن النصرانية عن محاسن الإسلام، ولم يطمس التعصب على قلوبهم شأن من طمس عليهم. ولا أدري أكان هؤلاء ممن يسرون ما لا يعلنون، أم كانوا يخادعون فيما يسطرون؟ ولا أدري أية حاجة تدفعنا إلى إيثار المصادر التي تنهج نهج الطريقة الأولى في الطعن على العرب والنيل منهم واعتبار هذه الطريقة الطريقة العلمية الصحيحة؟
أرجو من الأستاذ الكريم أن يفسر الأسباب التي دعته إلى إيثار هذا الرأي إذ ليس من الحق إعطاء نتيجة من غير أسباب. وأرجو أن يفيدنا عن قيمة النصوص التاريخية التي اعتمد عليها كل من أصحاب الطريقتين وعن العوامل التي جعلته لا يزكي أصحاب الطريقة الثانية. حتى إذا كان في رأيه ما يعتقد به العقل المجرد أودعنا ما عندنا من كتبهم في زوايا المكاتب، وإن أراد أطمعناه النار!
حقاً لقد تركنا المستشرقين في حيرة من أمرهم فهم إن كتبوا بم يلائم هوانا وعزنا قلنا عنهم: إنهم يخادعون ويكذبون؛ وإذا سطروا بما يجردنا من كل فضل وعزاً رفعنا على فضلهم مناراً وأقمنا لعلمهم علماً!
أما وقد كذبوا علينا مراراً فليخطئوا مرة واحدة.
خليل هنداوي
نباتات الزينة العشبية
ظهر حديثاً في عالم المؤلفات الزراعية كتاب (نباتات الزينة العشبية) للأستاذ محمد كامل حجاج. والمؤلف هاو كبير ومحب عظيم للنباتات. وهو يكرس لها وقته وجهده وماله. وقد سلخ الشطر الأكبر من حياته في دراسة نباتات الزينة دراسة عملي مستفيضة يحدوه شغف عظيم بها وحب طبيعي لها حتى اصبح ثقة من ثقاتها القليلين في مصر.
قدم للكتاب بمقدمة وجيزة ضمنها نبذة صغيرة عن تاريخ الحدائق بمصر، وكذلك شيئاً عن المناخ والتربة وما ينجح من النباتات بمصر وما لا ينجح بها والظروف الملائمة لها، ثم عن الإكثار والأسمدة مما لا غنى عنه لمبتدئ مسترشد.
وبعد ذلك قسم النباتات إلى صيفية وشتوية وتكلم عن كل منها في ترتيب أبجدي شامل. ولم ينس في الآخر أن يخص تزيين الشرفات والموائد ببضع صفحات شائقة قيمة.
ويمتاز الكتاب بشيئين بارزين:
أولهما الإيجاز التام في الشرح والأداء إيجازاً لا يخل بمادته.
ثانيهما: كثرة الصور الجميلة الواضحة مما يندر أن نصادف مثلها في مؤلفاتنا العربية.
فالكتاب يصح أن يكون مرجعاً سهلاً ثميناً للهاوي والمحترف. واعتقد انه سد ثغرة كبيرة كانت شاغرة في فلاحة الأزهار.
محمد بهجت
5