مجلة الرسالة/العدد 248/ربيع!
→ حلبي يزور باريس | مجلة الرسالة - العدد 248 ربيع! [[مؤلف:|]] |
إلى. . . ← |
بتاريخ: 04 - 04 - 1938 |
للأديب صلاح الأسير
حَلِمَ الوردُ بالصباحِ، وجُنَّ ال ... غصنُ شوقاً لزقزقاتِ الطيورِ
وارتمى العصفُ حائراً يتلوّى ... في دروبٍ محفوفةٍ بالعطورِ
يرقبُ القاصِفَ السخيَّ من الرعدِ ... ترامى على يدِ الزمهريرِ
ورُؤى النورِ هوَّمتْ في الروابي ... تحملُ الفجرَ في الفم المقرور
أتعبتها الرياحُ، أتعبها البر ... دُ فلاحتْ مزرورقاتِ الثغور
فإذا الغابُ قطعةٌ من سوادٍ ... وإذا الأفقُ مكفهرُّ الستورِ
وإذا الناسُ تائهون حيارى ... رهبوا غمرة الظلام الضرير
وإذا النهرُ صاخبٌ يدفعُ الصخ ... رَ، ويرمي بنفسه في الصخور
وتراءى الربيعُ، في الرونقِِ الضا ... حي سخيَّ الأجواءِ رحبَ المرادِ
يزرعُ الدفء في الفضاء ويهفو ... خاضباً بالطيوبِ وجهَ الوهادِ
ويريقُ الهناَء ملَء مرادِ ال ... أرضِ خصباً وملء ظنَّ العبادِ
فترى الدوحَ واثباً في الأعالي ... أخضرَ الزهو ضاحكَ الميلادِ
يحضنُ الطائرَ الذي ضاق ذرعاً ... ببروقِ الشتاءِ والأرعادِ
ويطيبُ الهواء في موكبِ الصحوِ ... ويسري العبيرُ في كلَّ وادِ
فترى الغابَ نضرةً والورودَ ال ... حمرَ عرساً يغصَّ بالأورادِ
وإذا الكونُ حالم النعم الخض ... ر تعالت صلاته في النجادِ
يا بنات الربيع غنينَ أحلا ... مي وغنينَ بالهوى والهناءِ
واستبقنَ الشعاعَ في الروضِ والثم ... نَ خفافاً بواكرَ الأنداءِ
ما تريْنَ الفراشَ يرقصُ في الز ... هرِ خفوق الجناح غضَّ الرواءِ
واثباً يلتقي المنى تتهادى ... دون أجوائه الرحابِ النوائي
والنسيمُ الندىُّ ينفحُ بالطي ... ب وجوه العرائس الزهراءِ
يا بنات الربيع رفرفن في الجوِّ ... وداعبنَ رفرفاتِ الهواءِ
والتقين الربى تضيعُ بها الع ... ينُ نداءً لغفوةٍ خضراءِ فكرةٌ أنتِ حارَ في فهمها الكو ... نُ وأعيا بها رحيبُ الفضاءِ
ياربيعي تنامُ أنتَ وفي الكو ... ن ربيع يموج حلوَ البرودِ
وعذارى الربيع في القرية الول ... هى يغنين خافقاتِ النهودِ
يا ربيعي أفقْ ودعْ لي صباحي ... تائهاً في رحابه والنجودِ
حالم ألتقيكَ في ولهِ الحي ... رةِ رؤيا على الربيع الجديدِ
أنتَ منى هوايَ أنت أغانيَّ ... حلمٌ رأيتُ قبلَ وجوديِ
أنتَ طيفُ الإله في عالمي البك ... ر وأسطورة الزمان البعيدِ
قمْ بنا نحضنُ الربيع وأغدو ... في ربيعين، يافعٍ ووليدِ
وأنا أبنُ الربيع إلفُ الضياءِ الس ... مح وابنُ الجمالِ، تربُ الخلودِ
(بيروت)
صلاح الأسير