مجلة الرسالة/العدد 233/البَريدُ الأدَبيّ
→ القَصصُ | مجلة الرسالة - العدد 233 البَريدُ الأدَبيّ [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 20 - 12 - 1937 |
مشروع جديد لدراسة القانون
وضع معالي وزير المعارف بصفته الرئيس الأعلى للجامعة المصرية مشروع إصلاح جديد لدراسة القانون في كلية الحقوق؛ وأهم عناصر المشروع الجديد هو تخفيض مدة الدراسة من أربعة أعوام إلى ثلاثة، وإنشاء قسم جديد لإجازة الدكتوراه تجري الدراسة فيه باللغة العربية، وتكون مدتها سنتين. وقد كان دراسة الحقوق حتى الآن تستغرق أربعة أعوام؛ ولم يكن بالكلية من قبل قسم للدكتوراه، فكان الطلبة المصريون الذين يرغبون في الحصول على هذه الإجازة يقصدون بعد إتمام دراستهم بمصر إلى جامعات فرنسا؛ وأنشئ أخيراً قسم للدكتوراه بكلية الحقوق ولكنه لم يحقق الغاية المرجوة من إنشائه لأن الدراسة فيه كانت بالفرنسية، وكان الإقبال عليه لذلك ضعيفاً. وينص المشروع الجديد على حذف بعض مواد الدراسة التي أضحت غير ضرورية حتى تكون دراسة الأعوام الثلاثة شاملة لكل ما هو ضروري فقط. والواقع أن توحيد القوانين الأهلية والمختلطة، وتقدم القضاء المصري بجهاته المختلفة في ميدان التوحيد، وتمصير الإدارة الداخلية مما يسهل تبسيط الدراسة القانونية التي كانت تحتوي من قبل على عناصر كثيرة من الدراسات القانونية والإدارية والمالية لم يبق لها اليوم ضرورة. ومن جهة أخرى. فإن المشروع الجديد يقرب إلى طلبة الليسانس دراسة الدكتوراه ويشجعهم بذلك على التقدم في دراسة العلوم القانونية العليا. وقد كان لهذا التعديل في مناهج الدارسة وقع حسن لدى طلبة الحقوق
مجمع اللغة العربية الملكي
يفتتح مجمع اللغة العربية الملكي المصري دورته الجديدة في الثامن عشر من ديسمبر، والمفهوم أن هذه الدورة ستكون خاتمة اجتماعات المجمع طبقاً للنظام الحالي. وفي خلال الدورة البرلمانية الحاضرة ينتظر أن يوضع نظام جديد للمجمع ينص على الزيادة في أعضائه وعلى تنظيم اختصاصاته وتوسيعها، إذ لا يخفى أن المجمع الحالي قد أنشئ في ظروف خاصة، وقصد به إلى تحقيق غاية ضيقة، وأن عناصر مصرية تمتاز بمكانتها العلمية الرفيعة قد أبعدت عنه لاعتبارات خاصة؛ والمفهوم أن هذه العناصر ستتبوأ مكانتها الحق في المجمع الجديد؛ وسيكون المجمع الجديد أداة لغوية علمية صالحة للعمل المثم لخير اللغة العربية وتقديمها وتدعيم نهضتها، وسيجري على خطته من الاستعانة بالعناصر الممتازة في هذا الميدان من أبناء البلاد العربية الأخرى وكذلك من العلماء المستشرقين، على أن تتخذ هذه المعاونة صورة المراسلة العلمية والمؤتمرات العامة كما هو متبع في الهيئات العلمية المماثلة في أوربا
مؤتمر الرمد الدولي
اختتم مؤتمر الرمد الدولي الذي عقد بمدينة القاهرة منذ 8 ديسمبر الجاري أعماله في الرابع عشر منه. وهذا المؤتمر هو الخامس عشر من نوعه؛ وقد وجهت مصر الدعوة إلى عقده بها منذ عام، واشتركت في إجابة الدعوة معظم الدول الكبرى وفي مقدمتها إنكلترا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وأمريكا. وشهد المؤتمر وفود كبيرة من أعلام الطب المردي في أنحاء العالم. وقد كان لعقد هذا المؤتمر في القاهرة أهمية خاصة، لأن مصر تعتبر موطن الأمراض الرمدية؛ وقد تقدمت بها مباحث الرمد تقدماً عظيماً، ولأطبائها الرمديين شهرة عالمية. وقد نوه أعلام الأطباء الأجانب في المؤتمر بما كان للعرب من فضل عظيم في هذا الميدان. ومما هو جدير بالذكر أن هذا هو أول مؤتمر رسمي يفتتحه صاحب الجلالة الملك فاروق الأول بعد توليه الملك، وقد آثر حفظه الله أن يفتتحه باللغة العربية بعد أن كانت المؤتمرات المماثلة تفتتح دائماً باللغة الفرنسية، وبذلك وضع جلالته سنة جديدة نبيلة
معهد فرنسي جديد للدراسات الاجتماعية
قررت مدرسة الحقوق الفرنسية بالقاهرة أن تفتتح قسما جديداً يسمى معهد الدراسات الاجتماعية المصرية؛ وقد بدأت الدراسة بالفعل في هذا المعهد الجديد منذ 16 الجاري؛ وصرح مديره الأستاذ بواييه أن الدراسة فيه ستجري على مثل الدراسة في مدرسة العلوم السياسية بباريس، وأنها ترمي إلى توسيع الثقافة القانونية والسياسية والاقتصادية، وإعداد الطلاب للالتحاق بالأعمال في الشركات الأجنبية
ونستطيع أن نذكر بهذه المناسبة أن فرنسا تبدي في العهد الأخير عناية خاصة نحو تدعيم نفوذها الثقافي في مصر؛ فمنذ أسابيع قلائل افتتحت في هليوبوليس مدرسة فرنسية جديدة (ليسيه)، ويفد إلى مصر في كل شتاء عدة من الأساتذة والكتاب الفرنسيين يلقون المحاضرات المختلفة وينوهون دائماً بما لفرنسا من مكانة ثقافية قديمة في مصر. وفرنسا تشعر أن صرح ثقافتها القديمة في مصر قد وهنت أركانه منذ بعيد ولم يبق منه إلا أطلال الجيل الماضي. وقد جاء اتفاق مونترو بإلغاء الامتيازات الأجنبية ضربة جديدة لهذا النفوذ الثقافي، ولم يبق في وسع مدرسة الحقوق الفرنسية أن تمضي في مهمتها؛ فافتتاح معهد الدراسات الاجتماعية هو محاولة جديدة للتمشي مع العهد الجديد، واستدراك بعض ما طرأ على الثقافة الفرنسية في مصر من عوامل الوهن والضعف
دور مصر في بناء الحضارة
ألقى العلامة الدكتور هارتمان محاضرة في بهو قصر ميرابل بمدينة سالزبورج تحدث فيها عن (الدور الذي أدته مصر في تاريخ الحضارة) فذكر أن مصر القديمة بلد العجائب من وجوه كثيرة، فهي مهاد الأديان والعبادات الأولى، ومهد الفنون والبناء؛ وليس من شك في أن الحضارة المصرية القديمة كان لها أثر عظيم في بناء الحضارة الأوربية ما يزال ماثلا إلى عصرنا. وقد كان اليونانيون القدماء الذين يعتبرون من آباء الحضارة الأوربية، يعتبرون المصريين أساتذتهم في الحكمة المقدسة وفي كل ضروب المعارف والحضارة؛ وكانت مصر أول مهد في التاريخ لفنون النحت والتصوير، وقد وضع المصريون القدماء المباحث الأولى لمسائل العالم الخالدة، وهي المولد والحياة والموت، ودعوا فكرة الخلود والبعث ومثلوهما في النقوش والقربان، وتحتفظ مصر الفرعونية بأقدم آثار في هذا الميدان. وليس من ريب في أن تقاليد الموت الفرعونية مازالت تمثل في كثير من تقاليدنا، وقد أوضح الدكتور هارتمان محاضرته بعدد من الصور البديعة
وهذه المحاضرة التي ألقاها الدكتور هارتمان أخيراً هي واحدة من سلسلة من المحاضرات الأثرية والتاريخية التي يلقيها أثناء موسم الشتاء عن حضارة مصر الفرعونية وتاريخها
الصحافة والترجمة بكلية الآداب
تفتتح كلية الآداب بالجامعة المصرية قريباً قسماً جديداً للصحافة والترجمة والتحرير يلتحق به الحائزون لإجازة الليسانس في الآداب، وسيسد هذا القسم الجديد فراغاً كانت الحاجة تدعو إلى سده؛ وسيكون مهداً حسناً لتخريج شباب يجيدون الترجمة والتحرير والأعمال الصحفية الفنية
المعجزة، الشعبذة
في (الرسالة) الغراء - الجزء 232 - في (مجادلة في معجزات الإسلام) للسيد خليل جمعة الطوال - هذا القول: (الأمر واضح فلا نبوة بغير معجزة - وإلا لادعى النبوة كل مشعوذ) والمعجزة في (الأديان) هي مضادّة السنن الكونية، والسير الطبيعية. والعلماء الغربيون المتحررون يكفرون بالمعجزات ويرونها شعبذات، ويقولون: إن الأنبياء لم يأتوا بها، وإنما نسبها أتباع تلك الشرائع بعد حين أو قرون إلى شارعيها. ولهم في موسى والمسيح (صلوات الله عليهما) ووجودهما أقوال كثيرة. ففقدان (المعجزة) عندهم في دين هو من مزايا ذاك الدين. وهم يسخرون من كل نحلة تدعيها، ويعيبون كل طائفة تؤمن بها. ومن أئمة هؤلاء القوم في بلاد الغرب (م. جيو) صاحب كتاب (اللادينية في المستقبل) وهو كتاب مهم احتوت عليه خزانة (فريدريك نتشه) وقد قرأه هذا المفكر الجرماني، وله في ذلك الكتاب تعاليق ذات بال. وهذا ما أورده (م. جيو) في مصنفه في مبحث فيه أرويه بلغته، قال:
' ' , , , ; -
فلو تعلّم صاحب (الخليل) وعقل كلام هذا العالم الفرنسي لاستحى من أن يقول في (المعجزة) ما قاله إن كان من أهل الحياء
وبعد فليعلم من يجهل أن معجزات رسول الله (ﷺ) التي كتبتها مؤلفات المسلمين تزيد على معجزات النبيين كلهم أجمعين قاطبة
(قارئ)
إلى الأستاذ عبد الله عنان
اطلعت على الكلمة التي استنكرت بها فرية صاحب (المكشوف) في بيروت بنشره مقالات لك قديماً وادعائه أنك أرسلت إليه عتاباً لطيفاً مع المقال. وقد عجبت قبل ذلك وداخلني الشك في العتاب والمقال، وقلت في نفسي كيف أقدم الأستاذ عنان على هذا التملق والاستخذاء لجريدة عرفت مراميها التجارية في بث الفتنة وإيقاع العداوة بين الأدباء فضلا عن إمعانها في التزوير والطعن على قادة الأدب العربي في القطر المصري الشقيق. ولما رأيت الأستاذ أبا شبكة يعلق على مقالك في صحيفة (الجمهور) أبديت استغرابي بمقال نشرته (صوت الأحرار) ومما قلت فيه: (ومن الغريب أن يستخذى الأستاذ عنان فيبعث للمكشوف بعتاب لطيف ومقال عتيق عرض فيه لوجوه الضعف في الحركة الأدبية المصرية، ترضية لجريدة عرفت غايتها في شن الغارة على أدب إخواننا المصريين، وكان ينبغي أن يربأ بقلمه عن الخوض في هذا المجال حرصاً على كرامته)
أما وقد أعلنت مرتين استنكارك لتزوير صاحب (المكشوف) وإقامتك الدعوى الجزائية عليه - وأنت المحامي - فإني أعتذر إليك عما كتبت بنية خالصة. ولا ريب أن الصحافة اللبنانية تستنكر مثلك هذا التحرش، فتنصح صاحب (المكشوف) بالإقلاع عن خطته الشائنة، أو تدعو كل عربي لمقاطعة صحيفته القاذفة، إن الباطل كان زهوقا
(دمشق)
وداد سكاكيني محاسني
إلى الأستاذ علي الطنطاوي
تعقيب على بعض ما جاء في رسالته إلى أخيه بباريس
عفا الله عنك أيها الأخ الكريم
أيجدر بك - وأنت المنتصر للشرق الغيور على الإسلام - أن تجعل من بلد شرقي مسلم مضرباً لأمثال السوء؟ لئن كان عيب السودان لونهم الأسمر أو بشرتهم القاتمة، فإن خلف تلك السمرة وذلك القتام قلوباً عامرة بالإيمان، ونفوساً أبيّة تَعِفُّ عن مواطن المسكنة وتربأ عن الهوان، وعقولاً على نزر ما تلقى من الثقافة - بحكم مركز السودان السياسي - جبارة دائبة التفكير فيما يعلي شأن بلادها، لا تخلد إلى الراحة ولا تستمرئ الخمول
سل مصر الشقيقة تنبئك عنا وتصل أسباب التعارف بينك وبين أخيك النائي، فقد حان الوقت الذي يجب أن يعرف فيه بعضنا بعضاً حتى نعمل يداً واحدة فننهض برسالة الشرق والإسلام. وإن تذرع الأخ بأنه إلى غير سوداننا قصد فلا ينس أن كلمة (السودان) شاملة وأنه لابد أن يلحقنا كِفْلٌ من المسبة عفا الله عنك أيها الأخ الكريم! على أني لازلت معجباً بما تكتب، فخوراً بغيرتك على الإسلام وانتصارك للشرق. وأصدقك القول بأني على رغم ما اضطرني إلى إثبات هذه الكلمة لم أقف قراءتي دون خاتمة الرسالة
(أم درمان - سودان)
(سوداني)
(الرسالة) جاءنا من إخواننا السودانيين رسائل كثيرة في هذا
المعنى فاكتفينا بهذه الرسالة لاعتدالها وإيجازها.
في المسرح الروسي الحديث
يقاسي المسرح الروسي الحديث كثيراً من العنت بسبب الدكتاتورية الفاسدة التي يفرضها الطاغية ستالين. . . وقد كان المظنون أن البلشفية الروسية هي أشهى ثمار الأدب الروسي الذي تقدمها ومهد لها، ووضع لها في قلوب الفقراء أسساً من الثورة والتبرم والاشمئزاز من الوسائل القيصرية العاتية في حكم الشعب، وهو ما نلحظه واضحاً تمام الوضوح في قصص دستوتفسكي وتولستوي وترجنيف وتشيخوف ومن إليهم من أعلام الكتاب الروسيين. . . وكان المظنون أيضاً أن فقيد روسيا العظيم جوركي سيقف حائلا بين الأدب وبين طغيان الحكومة التي حاولت إفساده بإخضاعه لنظمها واستخدامه للتبشير بين الجماهير، فلما شجر الخلاف بينه وبين رجال الثورة في إبانها استبشر المغرمون بالأدب الروسي خيراً، ولكنهم سرعان ما فوجئوا بعودة جوركي إلى روسيا وصلحه مع طغاتها، وصيرورته مبشراً بتعاليمهم، بل من أشد المتحمسين لهم، حتى خاب الظن، ووثق الجميع أن مجد الأدب الروسي قد انهار، وأنه ركد ركوداً لا أمل في انتعاشه منه قط. . . ولولا أن كان جوركي أديباً بطبعه، ولولا أن حياته امتدت في ظل البلشفية، لكانت نكبة الأدب الروسي بتعاليمها نكبة حاسمة، إلا أن هذا الرجل الذي لم تلهه حياة الفراغ والدعة قد ستر هذا النقص فيما جناه هذا النوع الفوضوي من الحكم على الأدب في روسيا، فلما مات خبا آخر قبس من هذه النار المقدسة التي ظلت أعواناً تؤجج قلوب الروسيين ومشاعرهم. . .
وقد هال موت جوركي رجال الحكم في روسيا وعلى رأسهم ستالين، وهوبا ينصرون الأدب فيما يخيل لهم عن طريق المسرح، وهم يبذلون جهود الجبابرة لإقالة عثرته، بيد أنهم لمبالغتهم في جعل المسرح للبلشفية، لا البلشفية للمسرح، ومبالغتهم أيضاً في بلشفة كل ما يتعلق بالتمثيل قد باءوا بالفشل من حيث كانوا ينشدون النجاح. . . وهم يعترفون بهذا، ولذا دأبوا على إبراز درامات جوركي على أكثر مسارحهم، حتى أن روايته الأخيرة (بيجور بوليشوق) تمثل في الليلة الواحدة في أكثر من ستة مسارح من مسارح العاصمة. . . وتبدو الروح البلشفية المفتعلة في درامات أكثر الكتاب، إما لاضطرارهم إلى إرضاء الحكومة وتملقاها، وإما لعجزهم عن وصل ما انقطع من جهود أسلافهم العظام. . . فهذه درامة (الأرستقراطيين) للكاتب نيقولا بوجودين تكاد تكون حرباً على الأرستقراطية التي يجهلها شباب روسيا تمام الجهل. . . وكذلك رواية إيفان كوشرجا (الساعاتي والدجاجة) إن هي إلا درامة فارغة برغم الطبل المدوي الذي دقه النقاد الروسيون لها، وبرغم الجائزة السنية التي نالها صاحبها بسببها. على أن بعض الكتاب الذين احتفظوا باستقلالهم قد استطاعوا أن يكتبوا قطعاً فنية رائعة وإن تكن تحمل الطابع البلشفي أحياناً. . . ومن هؤلاء الكاتب فسوفولود فشنفسكي مؤلف (المأساة التي تبشر بالخير) والتي اضطر أن يقحم عليها روحاً من نوع الميلودرام إرضاء للسادة الحاكمين
ومن أعجب العجب خمول كتاب نابهين مثل كرشون وأفينوجنيف. . . ويبدو أن سبب خمولهم عائد إلى عدم استطاعتهم هضم هذه الدكتاتورية التي يفرضها ستالين وأذنابه على روسيا، وهي الدكتاتورية التي حاربوها من قبل في شخص القيصر نفسه