الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 229/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 229/نقل الأديب

بتاريخ: 22 - 11 - 1937


للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

301 - الصوم في الليل

في (المِراح في المُزاح) شكى عيينة بن حصن إلى نعيمان صعوبة الصيام، فقال له: صم الليل. فروى أن عيينة دخل على عثمان وهو يفطر في شهر رمضان، فقال: العَشاء

فقال: أنا صائم

فقال عثمان: الصوم في الليل؟!

فقال: هو أخفّ عليّ

فيقال: إن عثمان قال: إحدى هنات نعيمان. . .

302 - ولا مناع أكل طعام

ابن قتيبة: قدم إعرابي على ابن عم له بالحضر فأدركه شهر رمضان، فقيل له: أبا عمرو، لقد أتاك شهر رمضان. قال: وما شهر رمضان؟ قالوا: الإمساك عن الطعام. قال: أبالليل أم بالنهار؟ قالوا: لا، بل بالنهار. قال: فإن لم أصم فعلوا ماذا؟ قالوا: تضرب وتحبس. فصام أياماً فلم يصبر، فارتحل عنهم وجعل يقول:

يقول بنو عمي وقد زرت مصرهم: ... تهيّأ (أبا عمرو) لشهر صيام

فقلتُ لهم: هاتوا جرابي ومزودي ... سلام عليكم، فاذهبوا بسلام

وبادرت أرضاً ليس فيها مسيطر ... عليّ ولا منّاع أكل طعام

303 - أعمد لصومك واتركني وإفطاري

قال بعضهم: مررت بأعرابي يأكل في شهر رمضان، فقلت له: ألا تصوم يا أعرابي؟ فقال:

وصائم هبّ يلحاني فقلت له: ... اعمِدْ لصومك واتركني وإفطاري

واظمأْ فإني سأروى ثم سوف ترى ... من ذا يصير إذا متنا إلى النار؟

304 - أنا مثلك. . .

وجد يهودي مسلماً يأكل شواء في نهار من شهر رمضان فطلب أن يطعمه، فقال له المسلم: يا هذا إن ذبيحتنا لا تحل لليهود. فقال: أنا في اليهود مثلك في المسلمين. . .

305 - فتوى

قال الربيع بن سليمان: كنت عند الشافعي فجاءه رجل برقعة فقرأها ووقع فيها، فمضى الرجل وتبعته إلى باب المسجد فقلت: والله لا تفوتني فتيا الشافعي، فأخذت الرقعة من يده فإذا فيها:

سل المفتي المكي هل في تزاور ... وضمّة مشتاق الفؤاد جناح

فوجدت الشافعي قد وقع:

فقلت: معاذ الله أن يذهب التقى ... تلاصق أكباد بهن جراح

قال الربيع: فأنكرت على الشافعي أن يفتي لحدث بمثل هذا. فقلت: يا أبا عبد الله، تفتي بمثل هذا لمثل هذا الشاب؟ فقال لي: يا أبا محمد، هذا رجل هاشمي قد بنى على أهله في هذا الشهر - يعني شهر رمضان - وهو حدث السن، فسأل هل عليه جناح أن يقبّل أو يضم - وهو صائم - فأفتيته بهذا

قال الربيع: فتتبعت الشاب فسألته عن حاله، فذكر لي مثل ما قال الشافعي، فما رأيت فراسة أحسن منها

306 - شتان بين قرى وبين رجال

في (المحاسن والمساوئ) للبيهقي: نظر المأمون يوماً إلى ابنه العباس وأخيه المعتصم فابنه العباس يتخذ المصانع ويبني الضياع والمعتصم يتخذ الرجال فقال:

يبني الرجال، وغيرهُ يبني القرى ... شتّانَ بين قُرى وبين رجالِ

307 - أنظر كيف شئت

قال ابن سعيد المغربي: كان بنو حمود من ولد إدريس العلوي الذين توثبوا على الخلافة في أثناء الدولة المروانية بالأندلس يتعاظمون ويأخذون أنفسهم بما يأخذها خلفاء بني العباس؛ وكانوا إذا حضرهم منشد لمدح أو من يحتاج إلى الكلام بين أيديهم يتكلم من وراء حجاب. والحاجب واقف عند الستر يجاوب بما يقول له الخليفة. ولما حضر عبد الرحمن بن مقانا الغنداقي الأشبوني وأنشد إدريس بن يحيى الملقب بالعالي قصيدته النونية:

أَلبرْقٍ لائح من أندرين ... ذرفت عيناك بالماء المعين لعبت أسيافه عارية ... كمخاريق بأيدي اللاعبين

ولصوت الرعد زجر وحنين ... ولقلبي زفرات وأنين

وأناجي في الدجى عاذلتي ... ويْك لا أسمع قول العاذلين

عيّرتْني بسقام وضنى ... إن هذين لدين العاشقين

قد بدا لي وضح الصبح المبين ... فاسقنيها قبل تكبير الأذين

أسقنيها مُزّة مشمولة ... لبثت في دنها بضع سنين

مع فتيان كرام نجب ... يتهادَون رياحين المجون

شربوا الراح على خدِّ رشاً ... نوّر الورد به والياسمين

فلما بلغ إلى هذا البيت:

أنظرونا نقتبس من نوركم ... إنه من نور رب العالمين!

رفع الخليفة الستر بنفسه وقال: أنظر كيف شئت. وانبسط مع الشاعر، وأمر له بإحسان. فكان هذا من أنبل ما يحكى عنه

308 - الحمرة التي تعلو وجهها من الحياء

في (الظرائف واللطائف) للمقدسي: قيل لبنت أرسطا طاليس: ما أحسنُ ما في المرأة؟

قالت: الحمرة التي تعلو وجهها من الحياء

309 - المقابلة

في (خزانة ابن حجة): المقابلة من أنواع البديع وهي التنظير بين شيئين فأكثر، وبين ما يخالف وما يوافق. ومن معجزات هذا الباب قوله تعالى: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه، ولتبتغوا من فضله) ولأبي الطيب في مقابلة خمسة بخمسة:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي

وأخبرني مولانا قاضي القضاة الشافعي نور الدين الحاكم بحماسة المحروسة المشهور بخطيب الدهشة أنه كان بحماة يهودي يطوف بالحناء والصابون على رأسه ويقول: معي حناء أخضر جديد، وصابون يابس عتيق

310 - مضطر قال أبو سعيد السيرافي: رأيت متكلماً ببغداد بلغ به نقصه في العربية أنه قال في مجلس مشهور: إن العبد مضطَر بفتح الطاءَ، والله مضطِر بكسرها. وزعم أن من قال: مضطَر عبده إلى كذا بالفتح - كافر. فانظر أين بلغ به جهله، وإلى أي رذيلة أداه نقصه