مجلة الرسالة/العدد 228/البَريدُ الأدَبيّ
→ رسَالة الفَنّ | مجلة الرسالة - العدد 228 البَريدُ الأدَبيّ [[مؤلف:|]] |
القَصصُ ← |
بتاريخ: 15 - 11 - 1937 |
جلالة الملك يحضر دروس الدين في رمضان
يحرص جلالة الفاروق أيد الله ملكه على أن يحيي سنن الراشدين من خلفاء الرسول، والصالحين من ملوك الإسلام، فشاءت جلالته أن يحضر دروس التفسير والحديث التي يلقيها في المسجد الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر في مساء كل خميس من شهر رمضان. وقد كان يوم الخميس الماضي افتتاح هذه الدروس بمسجد الأبوصيري في الإسكندرية. ففي الدقيقة الخامسة والعشرين من الساعة التاسعة أقبل موكب المليك الأعظم فاستقبله على باب المسجد العلماء والنبلاء والوجهاء والشيوخ والنواب وجمهور حاشد من طبقات الشعب، ثم أخذ مجلسه المتواضع في بيت الله بين عباد الله وشرع الأستاذ المراغي يلقي درسه الجامع بعد أن مهد له بهذه الكلمة البليغة قال:
(قبل أن أشرع في المحاضرة أرى لزاماً عليّ وأداء للواجب أن أفي لمولاي حضرة صاحب الجلالة (الملك فاروق) الأول أعزه الله ببعض حقه على الإسلام والمسلمين من الثناء والشكران، فقد أعاد سنة من سنن الإسلام بتحيته وبندائه الذي أذاعه أول يوم من رمضان هي سنة الأمر بالمعروف والاعتصام بهدى الله وأوامره تصدر من ولي الأمر، وهو أعزه الله باستماعه لمحاضرات دينية قد أرشد الناس إلى الرجوع إلى الحق وسماع آي الكتاب الكريم والسنة المطهرة
تلك نعم من الله تستوجب الشكر والدعاء بدوامها. ومما يزيدنا غبطة أن هذه الرعاية من المليك المعظم للدين جاءت في وقت نبتت فيه عند الشبان من أبناء الجيل فكرة الرجوع إلى الدين والاعتزاز به
ومما لا ريب فيه أن تعهد هذا الشعور سينميه ويقويه ويصل به إلى أبعد الغايات وأحب الثمرات. حقق الله الآمال وأدام (الفاروق) ذخراً للإسلام والمسلمين ولأهل الوطن أجمعين)
وقد انتهى هذا الدرس الديني في الساعة التاسعة والدقيقة العاشرة فما كاد جلالته ينصرف من المسجد ويبدأ الموكب الملكي في العودة إلى قصر المنتزه حتى هبت عاصفة التصفيق والهتاف بحياة الملك الصالح، وظلت تلاحق الموكب حتى عاد إلى القصر الملكي باليمين والإِق الموسوعة الإيطالية (انسيكلوبيديا اتاليانا)
منذ أسابيع قلائل ظهر المجلد الأخير من الموسوعة العلمية الإيطالية (الانسيكلوبيديا أو دائرة المعارف)؛ وهو المجلد السادس والثلاثون. وإصدار هذه الموسوعة الضخمة من أعظم وأجل الأعمال العلمية التي تمت في العهد الفاشستي؛ وقد وضع مشروعها لأول مرة في سنة 1925، وكان روح المشروع هو السنيور موسوليني نفسه؛ وتبرع لمعاونة المشروع عدة من رجال المال الإيطاليين في مقدمتهم السناتور جوفاني تريكاني، وهو من أقطاب الصناعة ومن هواة العلوم والفنون؛ وانتخب العلامة السناتور جنتيلي لإدارة المشروع والإشراف على إخراج الموسوعة؛ وصدر المجلد الأول منها في ربيع سنة 1929، ووعد القائمون بأمرها يومئذ بأن المجلد الأخير منها سيصدر في سنة 1937؛ وكانوا عند وعدهم. ودعا السناتور جنتيلي، وهو من العلماء والكتاب الأجلاء، كتاب العالم وعلماءه في كل فن وفرع ليشتركوا في تحرير الموسوعة الجديدة، وأغدقت عليهم الهبات الوفيرة، ولم تعترض معاونتهم أية اعتبارات حزبية أو قومية، إذ حرص القائمون بالأمر على أن يسود المشروع كله جو علمي بعيد عن جميع الاعتبارات. وقد صرح السناتور تريكاني حين تقديمه المجلد الختامي من الموسوعة إلى السنيور موسوليني بأن الموسوعة الإيطالية اتخذت نموذجها من الموسوعة البريطانية وصدرت على طرازها باعتبارها مثلا أعلى لهذا النوع من العلم المحشود؛ وإنهم مع ذلك حاولوا بإصدارها التفوق على الموسوعة البريطانية. ومن محاسن الموسوعة الجديدة أنها لم تكن مشروعاً تجارياً بل كانت مشروعاً علمياً فقط، وإنها حسبما يصفها المشرفون عليها، قصدت إلى غاية علمية جليلة هي أن تلخص العلم الإيطالي المعاصر والثقافة الإيطالية المعاصرة؛ ولكن هنالك ملاحظة جديرة بالتقدير، وهي أن كل ما تخرجه إيطاليا الفاشستية من صنوف التفكير والثقافة يصطبغ بصبغة الدعاية العميقة للفاشستية ونظمها ومزاياها المزعومة؛ فماذا كان أثر هذه النزعة في إصدار الموسوعة الإيطالية؟ يقول النقدة الذين درسوا الموسوعة إنها جاءت لحسن الطالع مجهوداً علمياً لم تطغ عليه شوائب الدعاية القومية المنظمة؛ وإذا كانت في الواقع تعتبر أعظم وأغزر مصدر لكل ما يتعلق بالفاشستية، فإن ذلك طبيعي لا غبار عليه لأنها تصدر عن بلد النظم الفاشستية. وقد تولى السنيور موسوليني نفسه كتابة المقال المتعلق بشرح النظرية الفاشستية، وكتب السنيور فولبي وزير الطيران تاريخ الفاشستية. وإذا كانت الموسوعة الجديدة تنم عن نزعة ثورية في النظر إلى مناحي العلوم والفنون، فهي أيضاً نزعة طبيعية في بلد يعيش في عهد تطور وثورة؛ بيد أنه يمكن أن يقال بوجه الاجمال، إن الموسوعة الإيطالية مجهود علمي جليل قبل كل شيء، وإنها مفخرة علمية خالدة لإيطاليا الفاشستية، وإنها قد استطاعت أن تحقق إلى غاية بعيدة كل ما قصده المشرفون عليها من تلخيص الثقافة الإيطالية المعاصرة، وإنها قد استطاعت أن تتحرر من كل نزعة قومية أو حزبية أو جنسية أو دينية خاصة، وإنها أخيراً فتح علمي عظيم يستحق كل إعجاب وتقدير
صور بغدادية
أصدرت مس ستارك (مذكراتها) عن بغداد في كتاب بالإنجليزية سمته وقد كتبته في الفترة التي عاشتها في هذه المدينة الخالدة مكبة على تعلم اللغة العربية وأختها الفارسية. والكتاب على طرافته خليط من الحق والباطل والماضي والحاضر؛ وفيه - برغم مزاياه - ظلم كثير للعرب، ونسيان للجميل العظيم الذي ينبغي أن يذكره الإنجليز إلى الأبد لهذا القطر الشقيق. . . وقد كانت المؤلفة تعيش في صميم بغداد، ومن هنا كانت هذه النظرة السوداء لطرق معيشة البغداديين، والنعي على قذارة الحي الذي كانت تعيش فيه. . . ولو أن الآنسة فرايا ستارك عاشت في بعض أحياء لندن القذرة لما سولت لها نفسها إيراد ما أوردته في كتابها عن الحي البغدادي الذي لم يرغمها أحد على أن يكون مستقرها في الفترة التي قضتها في عروس مدن التاريخ. . . هذا وقد تكلمت الآنسة عن العلاقة بين العرب في العراق وبين الإنجليز فصرحت أنها تقوم على النفاق، وأن العراقيين في طول البلاد وعرضها يضمرون للأجانب عامة البغضاء والكراهية، واستنتجت ذلك من مرورها مرة وهي تزور النجف بصانع أحذية طاعن في السن ما كاد ينظرها حتى انصرف عن عمله وراح يحدجها بنظرات عدائية ارتجفت لها أعصابها. . . وهذا بطبعه استنتاج سقيم كان من المآخذ الكثيرة التي استدركتها على الكتاب صحيفة التيمس الأدبية
دور الضيافة الأدبية
منذ عامين أنشأت نقابة الصحافة الفرنسية في باريس بمعاونة الحكومة نادياً للضيافة سمته دار الضيافة الفرنسية وأعدته لنزول الصحفيين الأجانب الذين يزورون باريس زيارة قصيرة؛ فهنالك يحتفى بهم وتقدم إليهم جميع المعاونات والمعلومات اللازمة لتسهيل مهامهم وأغراضهم العلمية والسياحية. وفي هذا العام استطاع نادي القلم الفرنسي أن يحمل الحكومة الفرنسية على أن تخصص داراً عظيمة فخمة لنزول الكتاب الأجانب الوافدين على باريس؛ وتقع هذه الدار في حي الشانزيليزيه أفخم أحياء باريس في شارع بيير شارون، ويمكن لجميع كتاب العالم الذين ينتمون إلى نوادي القلم أن ينزلوا فيها ضيوفاً على الحكومة الفرنسية؛ وقد حددت مدة الضيافة بخمسة أيام فقط نظراً لكثرة الكتاب الوافدين على الدار وفي خلالها يقدم طعام الإفطار إلى الضيوف، وتوضع تحت تصرفهم جميع المعاونات والتسهيلات الممكنة لزيارة المعالم الأثرية والفنية. ومنذ أوائل الصيف الماضي تقوم هذه الدار الفخمة بمهمتها في استقبال الكتاب من مختلف الأنحاء
ونحن في مصر في حاجة إلى دار للضيافة من هذا الطراز؛ ولا نقول إنها يجب أن تعد لاستقبال جميع الكتاب الوافدين إلى مصر، بل يكفي أن تعد لنزول الكتاب والأدباء الذين يفدون علينا من الأقطار العربية والإسلامية؛ ونحن نستقبل الكثيرين من هؤلاء الأخوة في كل عام وكل فصل، ولا نستطيع في معظم الأحيان أن نقدَم إليهم ما يجب من حسن الضيافة والمعاونة. فعلى هيآتنا الصحفية والأدبية أن تبذل السعي اللازم لدى الحكومة حتى تظفر بتحقيق هذه الأمنية التي يعاون تحقيقها في توثيق الروابط الأدبية والاجتماعية بين مصر وشقيقاتها
اكتشاف جديد لسر التحنيط
هل اكتشف العلم الحديث أخيراً سر التحنيط عند الفراعنة؟ هذه مسألة تعنى بها الأوساط العلمية في أوربا وأمريكا منذ حين عناية خاصة، وتبذل الجهود من آن لآخر للوقوف على سر ذلك المحلول العجيب الذي كانت تنقع فيه الجثث المحنطة فيكفي لحفظها من العطب والتحلل آماداً طويلة، بل آلافا مؤلفة من السنين كما تشهد به موميات الفراعنة التي تحتفظ بها مصر وكثير من المتاحف العالمية. ولقد كان التحنيط على هذا النحو فناً من فنون المصريين القدماء برعوا فيه إلى الغاية؛ ولكن تسربت منه على ما يظهر في العصر القديم معلومات إلى بعض الأمم المعاصرة كالآشوريين والفرس؛ بيد أنه لم يبلغ في حضارة من الحضارات القديمة مثل ما بلغه عند المصريين القدماء
وقد بذل العلم الحديث محاولاته لاكتشاف هذا السر مهتدياً بما كتبه المؤرخ اليوناني الكبير هيرودوت عن التحنيط عند الفراعنة حسبما شاهده ودرسه بنفسه لدى المحنطين المصريين وهم الرهبان في ذلك العصر؛ ولكن رواية هيرودوت لم تلق قط على حقيقة المواد التي كانت تستعمل ضوءاً كافياً، وكل ما هنالك أنه يتحدث عن محلول (النترول). وفي أواخر القرن الماضي استطاع بعض العلماء الألمان أخيراً أن يهتدي إلى مركب تحفظ به الجثث المحنطة ولكن إلى أعوام قلائل
والآن تحمل إلينا الأخبار من إيطاليا أن المباحث التي كانت تجرى منذ حين في جامعة تورينو قد انتهت بالوقوف على سر المحلول الفرعوني للتحنيط، وأن الكيميائي الإيطالي السنيور سالفاتوري بيروتا قد استطاع أن يهتدي إلى محلول تحفظ به جثث الحيوانات المحنطة أعواماً طويلة دون أن يصيبها البلى، بل تبقى كأنها حية تماماً. ويقول أساتذة المعهد الكيميائي بجامعة تورينو إن بيروتا قد استطاع حقاً أن يقف على سر التحنيط بهذا الاكتشاف؛ على أنه يبقى أن تثبت التجارب العلمية ما إذا كان هذا المحلول الذي اكتشفه العالم الإيطالي يكفي لحفظ الجثث آماداً طويلة، وهذه هي عقدة المسألة كلها. وقد كان بيروتا طالباً في معهد تورينو وتخرج فيه، ولكنه اضطر لفقره أن يلتحق بوظيفة صغيرة؛ إلا أنه شغف بالتجارب الكيميائية وأنشأ له معملاً صغيراً في منزله وأجرى فيه تجاربه؛ ولما وقفت الجامعة على جهوده سارعت لمعاونته ووضعت معملها الكبير تحت تصرفه حتى اهتدى بتجاربه العديدة إلى اكتشافه المذكور
انعقاد المؤتمر الطبي السنوي في بغداد
قررت الجمعية الطبية المصرية عقد مؤتمرها السنوي العاشر بمدينة بغداد في المدة بين 9 و 13 فبراير القادم
وسيتناول المؤتمر بحث الموضوعات الآتية:
جراحة الكبد والحويصلة الصفراوية - الملاريا - الكوليرا - موضوعات متنوعة جراحية وباطنية (من بينها الحمى المتموجة وحبة بغداد) - توحيد المصطلحات الطبية في اللغة العربية وترجو الجمعية من حضرات الأطباء الراغبين في إلقاء بحوث عن هذه الموضوعات إحاطتها علماً بالموضوع الذي يختاره كل منهم مع ملخص بسيط عنه
أما قيمة الاشتراك في المؤتمر، فهي جنيه مصري يرسل باسم سكرتير الجمعية العام (بريد قصر العيني). وستعلن الجمعية قريباً عن البرنامج التفصيلي الشامل لحضور المؤتمر
أسبوع الكتاب الألماني
جرت عادة الجالية الألمانية في مصر أن تقيم في كل سنة معرضاً تطلق عليه (أسبوع الكتاب الألماني). وقد أقامته هذه السنة في القاعة الكبرى بالبيت الألماني في شارع الترعة البولاقية رقم 7 تحت رعاية وزير ألمانيا المفوض
ومن أهم ما عرض في هذه السنة ما كتبه الألمان عن مصر في مختلف الأزمان، إذ قدم المعهد الأثري الألماني للمعرض نخبة من المؤلفات القيمة في هذا الباب
وظل المعرض مفتوحاً يومي السبت والأحد وأقيمت في منتصف الساعة الثانية عشرة من صباح الأحد أمس حفلة موسيقية اختتم بها أسبوع الكتاب الألماني