مجلة الرسالة/العدد 223/العلويين والتقمص
→ هكذا قال زرادشت | مجلة الرسالة - العدد 223 العلويين والتقمص [[مؤلف:|]] |
رسالة الشعر ← |
بتاريخ: 11 - 10 - 1937 |
في أوقات مختلفة، لكتاب مختلفين، نشرت (الرسالة) مجلة الأدب الراقي والفن الرائع، بعض الآراء عن بعض المعتقدات والمذاهب المتفرعة عن الإسلام
بحثها الأستاذ عنان على سبيل التاريخ، وغيره على ضوء المعلومات الحديثة والاختبارات الشخصية
وقد أجمع الكتاب والناس على أن الدروز يؤمنون بالتقمص؛ وقد كان إجماعهم في هذه المرة صادقا لا يلوثه شك. أما أنا فأقول إن العلويين (النصيرية) يؤمنون بالتقمص كإخوانهم الدروز. ولست أطلع بهذا النبأ طلوع من يجهل. فلقد تحريت هذا الاعتقاد بنفسي بين إخواننا فألفيته موجوداً مستساغاً لا شك فيه ولا غبار عليه. وللعلويين في اعتقادهم هذا حكايات جميلة، ونكت حلوة لا بأس إذا نقلنا (للرسالة) شيئاً منها
قال لي أحدهم: ألا تعتقد يا أخي بالتقمص وقد أوجسنا من دلائله ما حملنا على الإيمان به أشد الإيمان وأقواه؟ قلت: ما هذه الدلائل؟ قال: اسمع، ولدٌ في قرية (كذا) يقصد امرأة مات زوجها عنها ويدعى أنه تحول إليه، يذكرها بعهود الصبا، وبأيام قضاها وإياها، ويحدثها بأسرارهما الزوجية السالفة، فتدهش لهذا وتعجب وتهبه من مالها الكثير وتؤمن أنه رجلها الراحل. قلت: هذا لا يكفيني. قال: إن كان لا بد فدونك:
لا شك أنك تعرف في القرية الأجير (فلاناً) وقد تدرك احترام معلمه له، وقد ترى حب أم معلمه له الحب الجم، وحياءها منه الحياء الكثير، ولا بد أنك لحظت في كفه آثار طلق ناري يظهر لك عتيقاً. قلت: وما تعني بهذا؟ قال:
أما الأجير فإنه أب للمعلم، وزوج لأمة، وهو يعاتبها لتزوجها بعد وفاته، إنه أكد أبوته العتيقة بآثار الطلق وبحوادث وأعمال صدقها بعض قدماء القرية، وقد جرت بينهم وبين الراحل أمثالها، ولو علمت أنه أتى عالم النور يوم مات أبو معلمه لصدقت بعض الشيء مما أقول
ذاك ما روى الرجل أثبته للتأكد من إيمانه بهذا المذهب، وهذا ما حدث لي معه. وقد روى بعضهم أن اعتناق التقمص إنما يثير عدم مبالاة بالحياة، وقد رأينا من العلويين الشيوخ شيئاً من هذا، وقد رأينا من بعضهم شجاعة ربما كان من جملة بواعثها - غير طبيعتهم الجبلية في سوريا - اعتقادهم بمذهب التقمص.
حماة (سوريا)
محسن شيشكلي