الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 221/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 221/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 221
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 27 - 09 - 1937


مصاير تراث أسبانيا الفني

ماذا كان مصير ذخائر أسبانيا الفنية بعد عام من حرب أهلية طاحنة سحقت في طريقها كل شيء؟ لقد أثار مصير هذا التراث الفني العظيم جزع جميع الدوائر العلمية والفنية في جميع أنحاء العالم، وهو جزع من حقنا أن نشاطر فيه بنوع خاص؛ ذلك أن بين هذا التراث آثار وذخائر إسلامية عزيزة هي البقية الأخيرة من ذكريات الأندلس الإسلامية. وقد رأت حكومة الجمهورية الأسبانية إزاء هذا الجزع أن تدعو العلامة الأثري الإنكليزي السير فريدريك كنيون إلى إسبانيا ليتحقق بنفسه مما بذلته الحكومة من جهود عظيمة لصون هذا التراث؛ فاستجاب السير كنيون إلى هذه الدعوة وطاف أياماً بمدريد وبلنسية، وعاين الأماكن التي نقلت إليها المخطوطات والصور والتحف الفنية، ونشر نتائج تحقيقه في جريدة التيمس. وخلاصتها أن الحكومة الجمهورية قد استطاعت أن تنقذ معظم تراث أسبانيا الفني، وان مجموعة قصر (برادو) التي ظن أنها أتلفت، وهي من أعظم المجموعات الفنية قد نقلت على عجل إلى بلنسية، وحفظت في قلعتها المنيعة في صناديق غير قابلة للحريق؛ وحفظت مجموعة البسط والمنسوجات الملكية أيضاً في أحد أبراج القلعة، ومنها عدة من مجموعة الدوق ألبا الشهيرة. أما مجموعة الأسكوريال من الكتب والمخطوطات، وهي التي تضم بينها المكتبة العربية الأندلسية، فقد نقل منها نحو ألف مخطوط إلى بلنسية؛ ونقل إليها أيضاً مجموعة كبيرة من نفائس المكتبة الوطنية، وحفظت باقي الكتب والمخطوطات بمدريد في مستودعات أمينة أحيطت بجميع الوسائل الممكنة للصيانة والإنقاذ. ومن ذلك يتضح أن جميع محتويات مكتبة الأسكوريال الشهيرة، ومنها المجموعة العربية الأندلسية التي تضم نحو ستة آلاف وخمسمائة مخطوط عربي قد أنقذت من ويلات الحرب، وحفظت سليمة إلى اليوم، وذلك بالطبع يثلج صدر كل عربي وكل مسلم

ولا زالت مجموعة كبيرة من الصور تحفظ بقصر (برادو) غير تلك التي نقلت إلى بلنسية وفيها كثير مما حمل من قصر الأسكوريال؛ ونقلت مجموعة كبيرة من الذخائر المختلفة من صور وتحف خزفية وأثاث وتماثيل إلى أقبية المتحف الأثري، وإلى أقبية كنيسة سان فرنسيسكو، وهي وإن لم تنظم وتصنف فان كل قطعة منها تحمل تعريفها

أما مجموعة الدوق ألبا الشهيرة فقد أصابها بعض التلف، وقد هدم قصر الدوق ألبا المسمى قصر (ليريا)، ولكن أنقذت معظم محتوياته ونقلت مجموعة الصور إلى بلنسية، وكذلك الأواني الذهبية والفضية، والبسط الثمينة. أما المكتبة فقد أنقذت أيضاً ونقلت إلى دار البلدية، وكذلك نقل إليها عدة من قطع الأثاث التي أمكن إنقاذها

وأما مجموعة طليطلة فليس يعرف مصيرها؛ وقد نقلت الحكومة بعضها مما كان في الكنيسة الكبرى قبل إخلائها، ولكنها تركت الباقي ومنها صور جريكو وإنجيل سان لويس الشهير وغيرها، ولا يعرف ماذا أصاب هذه الذخائر بعد استيلاء الثوار عليها

صور بالفرنسية من الحياة المصرية الشعبية

من الآثار التي أخرجتها أخيراً بالفرنسية أقلام مصرية كتاب للسيدة قوت القلوب هانم الدمرداشية عنوانه (الحريم) وقد أصدرته دار النشر الفرنسية (جايمار) ضمن المجموعة التي يشرف على إصدارها الكاتب الكبير بول موران؛ ومهد له بول موران نفسه بمقدمة جميلة نوه فيها بما يحتويه الكتاب من صور ساحرة تطبعها البساطة، وتمثل في ألوان زاهية طرفاً من الحياة المصرية في المجتمعات الشعبية؛ ويقول لنا بول موران في خاتمة كلمته إن هذه الصور التي استخرجت من روائع مصر المضطرمة تبعث إلى النفس متاعاً وحرارة وتقترب منا، وتلمح فيها من خلال النسمات الساحرة أن شمسها هي شمسنا: شمس البحر الأبيض المتوسط)

أما الصور التي يقدمها بول موران إلى قرائه فهي: شم النسيم. عقد الزواج. ليلة الحناء. ميلاد. طلاق. قهوة الهانم. ليلة من ليالي رمضان. العيد. ليلة في القرافة. يوم الأضحى. العودة من الحج. سوق البطيخ. مقهى في مصر القديمة. الذكر في جامع سيدي المغربي. المدير في القرية. . . وغيرها وهي صور مألوفة لنا نعرف جميعاً كيف تدور في أوساطنا الشعبية؛ ولكن الطريف هو أن هذه الصور تقدم إلينا بالفرنسية في ألوان أخرى يرى فيها القارئ الغربي متاعاً خاصاً قد لا تسبغه عليها صورها الأصلية؛ وتقدم إلينا المؤلفة هذه الصور المختارة من الحياة المصرية الشعبية بأسلوب بسيط، ولكنه لاذع في مواطن كثيرة ينم عن تمكنها من تفاصيل هذه الصور، وتذوقها لروح هذه التقاليد الغربية التي أخذت تختفي شيئاً فشيئاً من الحياة المصرية. وإذا كان ثمة ما يبعث إلى الأسف فهو أننا لم نوفق بعد إلى إخراج صور من حياتنا الشعبية باللغة العربية تنبو عن ذلك الابتذال الذي يقترن بتصويرها عادة، وتنفث ذلك الروح اللاذع الذي يسبغه عليها الطابع الأجنبي

آراء جديدة في التربية للكاتب ولز

عقد أخيراً في إنكلترا مؤتمر للتربية برياسة الكاتب الباحث الاجتماعي الشهير هـ. ج. ولز، بسط فيه آراءه في التربية، وهي آراء طريفة خلاصتها أن المواد التي تدرس للنشء يمكن تقسيمها إلى قسمين: قسم يعمل لتكوين الذهن البشري، وقسم لتلقين المعارف. ويرى ولز أنه يجب أن يخصص للقسم الأول ثلاثة أرباع الوقت. ويحمل ولز على نظم التعليم الحاضرة، وخصوصاً في تعليم التاريخ والجغرافيا ويرى من السخف أن تحشد في رؤوس التلاميذ أسماء الأنهار والجبال والمدن، وقصص حب الملوك والملكات والمعارك الحربية السخيفة على النحو الذي تلقى به. ومن رأيه أن تعليم التاريخ يجب أن يدور حول تاريخ النوع البشري، وما وفق إليه الذهن البشري من الاختراعات العظيمة وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية في حياة المجتمع؛ أما التاريخ القومي الذي يتخذ اليوم أداة لبث الدعايات المختلفة فيجب أن يكون قطعة من التاريخ العام. ومن العبث أن يحكم على الماضي لصالح الحاضر، أو على الحاضر لصالح الماضي كما هو الشأن اليوم في معظم الدراسات

ولآراء ولز في تعليم التاريخ قيمة خاصة لأنه أستاذ هذه المادة وقد سبق أن عالجها في فرص كثيرة، وكتابه الشهير في خلاصة تاريخ العالم يتأثر بهذا الاتجاه الجديد الذي يريد أن يسير فيه تعليم التاريخ

علم أوراق البردي

دارت في مؤتمر أوراق البردي الدولي الذي عقد أخيراً في اكسفورد مناقشة حول تعريف (علم البردي) (بابيرولوجي) فذكر العلامة السير كنيون أنه يشك في وجود علم حقيقي يمكن أن يطلق عليه هذا الاسم، وأنه من الواجب أن نعترف بأنه لا يوجد مثل هذا العلم، أو أنه إذا وجد فهو علم محدود المدى. وعلم البردي هو العلم الذي يبحث في جميع الكتابات التي تلقيناها على صفحات البردي؛ والمبرر الوحيد لمعاملته كوحدة علمية خاصة هو أن النقوش التي تلقيناها تتعلق في جميع الأحوال إما بزمن خاص أو موضوع خاص أو بهما معاً. ولقد تلقينا عن طريق البردي معلومات عن الإنجيل والتوراة هي أقدم معلومات من نوعها؛ وقد ألقت ضياء على تاريخ الكتب المقدسة في عصور مظلمة جداً، وردت كثيراً من النصوص إلى أصولها، وأثبتت أن الفساد لم يتطرق إلى النصوص أيام العصر البيزنطي فقط. كذلك تلقينا عن طريق البردي معلومات كثيرة عن الكتابات اليونانية، وتلقينا عن طريقها معلومات نفيسة عن مصر الفرعونية خلال عصر يربي على ألف عام.

والسير كنيون هو أعظم العلماء الأخصائيين في مباحث البردي، وقد بدأ مباحثه فيها منذ نحو خمسين عاماً. ومؤتمر البردي المشار إليه هو الخامس من نوعه. وقد شهده مائة وخمسون عالماً من جميع الأنحاء.

من خطبة واصف غالي باشا الثانية في عصبة الأمم دفاعا عن

فلسطين

(إني أشترك من صميم فؤادي مع مندوب نروج في الثناء على مهمة عصبة الأمم وعلى أعمال الدول المنتدبة في مختلف البلدان الواقعة تحت الانتداب، كما أني أقدر الخدمات الجليلة التي يقدمها الذكاء اليهودي للعالم في جميع ميادين النشاط البشري، ولكني لا أكتم أسفي لأن الخدم التي أداها العرب للحضارة عامة وللحضارة الأوربية بنوع خاص أهمل أمرها ولم ينوه بها التنويه الكافي)

(وأنا لا أريد أن أتوغل في هذا البحث ولكني أقول على سبيل التذكير إن أوربا في القرون الوسطى لم تطلع على آثار اليونانيين إلا من التراجم العربية، وإن الفلاسفة والشعراء العرب أثروا تأثيراً عظيماً في الفلسفة والشعر في أوربا الجنوبية، وإن تأثير الفروسية عند العرب في أخلاق القرون الوسطى التي كانت جافية في أول الأمر ساعد على تهذيبها وتثقيفها وتجميلها)

استخدام اللغة العربية في الإذاعة الدولية

من أخبار جنيف أن سكرتارية عصبة الأمم العامة ستدرس في آخر الدورة كيفية استخدام اللغة العربية في نشرات الإذاعة اللاسلكية التي تهم التعاون الفكري، وقد وافقت اللجنة بالإجماع على استخدام اللغة العربية، على أن هناك حاجة للقول بأن الأموال المرصودة في ميزانية السنة الحالية لا تساعد على نشرات الإذاعة اللاسلكية في مدى كبير، ولكن السكرتارية مصممة تصميما صادقاً على أن تبدأ في تنفيذ القرار وستخصص مبلغاً لهذه الغاية. والبعض يأمل في أن تعطى مصر إعانة مالية كبيرة للبدء في الدعاية التامة.

والإذاعة باللغة العربية فرض أساسي على مصر لأنها أكبر وأغنى البلاد التي تتكلم هذه اللغة. ومع ذلك فمن العدل أن تشترك في ذلك جميع البلدان التي يهمها الأمر بما تسمح به وسائلها المادية

وواجب كذلك على البلدان الأوربية الكبيرة التي لها عدد كبير من الرعايا العرب، كما أنه واجب على البلدان العربية الأخرى التي هي من أعضاء أو من غير أعضاء عصبة الأمم أن تساهم في هذا العمل، فمسألة التعاون الفكري متعلقة لا بالبلدان التي هي أعضاء في عصبة الأمم، بل بجميع البلدان

إلى سيدي الأستاذ الزيات

أشكر لك رأيك فيما كتبت من مقالات عن فقيد الأدب العربي المرحوم مصطفى صادق الرافعي، وأعتذر من عدم استطاعتي تقديم شيء لهذا العدد والعدد السابق؛ وأنت أعلم بما علي من واجبات ثقال في هذه الأيام تحول بيني وبين كثير مما أحب، وأعد بأن أرسل الجزء التاسع من هذه المقالات للعدد الآتي؛ وأرجو أن تتهيأ لي الظروف التي تعينني على الاستمرار في كتابة تاريخ الرافعي وفاء للرجل الذي وقف حياته للدفاع عن الإسلام والعربية، فلما مات أوشك أن ينساه من المسلمين والعرب إلا قليل من أهل الوفاء. والسلام عليكم ورحمة الله. . .

(شبرا)

محمد سعيد العريان

وفاة الأستاذ كابيتان

توفي الأستاذ هنري كابيتان العضو في المعهد الفرنسي والأستاذ في كلية الحقوق بباريس، والأستاذ كابيتان معروف لدى كثير من المصريين الذين تلقوا علومهم في كلية الحقوق بباريس، حيث كان الفقيد يدرس القانون المدني منذ سنين طويلة. وقد توفي عن 72 عاماً. وكان إلى جانب عضويته في المعهد، عضواً في أكاديمية العلوم الأدبية والسياسية والمجلس الأعلى للمعارف، كما كان يمثل فرنسا في الهيئة الدولية لتوحيد القانون الخاص. وللفقيد مؤلفات قانونية كثيرة جلها خاص بالقانون المدني، وله في (سبب الالتزام) نظرية معروفة.

وكان الأستاذ كابيتان رئيساً للجنة الامتحانات التي جاءت السنة الماضية لامتحان طلبة مدرسة الحقوق الفرنسية في القاهرة وقد طلب من الأستاذ كابيتان حينذاك الإسراع بالعودة إلى باريس بسبب وفاة نجله.