مجلة الرسالة/العدد 201/البَريدُ الأدَبيّ
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 201 البَريدُ الأدَبيّ [[مؤلف:|]] |
رسَالة النقد ← |
بتاريخ: 10 - 05 - 1937 |
الجمعية الطبية ومشكلة تحديد النسل
عقدت الجمعية الطبية المصرية عدة اجتماعات لبحث مشكلة تحديد النسل. كان آخرها اجتماع يوم الثلاثاء الماضي (4 مايو)، وقد اهتمت الجمعية الطبية بإثارة هذا الموضوع وبحثه مذ ظهر رأي شرعي لفضيلة مفتي الديار المصرية خلاصته أن تحديد النسل بالوسائل المشروعة جائز في بعض الأحوال والظروف القاهرة؛ ورأت الجمعية الطبية أن تأخذ البحث بيدها وأن تنيره لا من الوجهة الطبية فقط بل من جميع نواحيه الأخرى الاجتماعية والاقتصادية؛ ولهذا الغرض عقدت أربع جلسات كبيرة، ألقى فيها عدد كبير من الأطباء والمفكرين والاقتصاديين والاجتماعيين آراءهم؛ وكان اتجاه هذه المباحث يرمي إلى وجه العموم إلى تبرير تحديد النسل نزولاً على الضرورات الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي لا مفر من الخضوع لمقتضياتها. وقد ظهر من الإحصاء الأخير أن سكان مصر في زيادة مضطردة مؤكدة وأنه إذا لم توفق البلاد إلى تنمية مواردها الزراعية والإنتاجية بسرعة توسيعاً يتفق مع نمو السكان، فإن مصر ستواجه في المستقبل القريب مشكلة اقتصادية واجتماعية خطيرة؛ ومن جهة أخرى فإن مقتضيات الحياة العائلية توجب أحياناً أن يقف إنتاج النسل عند حدود معينة، وإلا كان مستقبل العائلة مهدداً بالأزمات الاجتماعية هذا؛ إلى مقتضيات العوامل الصحية، وظروف الحياة الجديدة التي تجعل من المرأة أكثر من آلة للإنتاج البشري. هذه خلاصة الآراء والنظريات التي عرضت وشرحت في الجلسات المذكورة؛ وستعنى الجمعية الطبية بجمع كل ما قيل وكتب عن هذا الموضوع الخطير ونشره في كتاب خاص وهي عناية تشكر عليها
جائزة مختار
كانت لجنة جائزة المرحوم مختار مثال مصر الكبير قد جعلت موضوع جائزتها هذا العام (الفلاحة) فتقدم إلى المباراة أكثر من عشرين مثالاً من الفنانين الشبان، وقدموا تماثيلهم إلى اللجنة، وكلها تعبر عن الفلاحة المصرية بأشكال ومواقف مختلفة. وقد اجتمعت اللجنة أخيراً في قاعة جمعية المهندسين الملكية برآسة معالي محرم باشا وزير الأشغال وحضور السيدة هدى هانم شعراوي رئيسة اللجنة الفخرية والعاملة الحقيقية لتأسيسها؛ واستعرضت اللجنة التماثيل المقدمة وانتهت إلى منح الجائزة الأولى وقدرها 15 جنيهاً إلى المثال فتحي محمد علي، والجائزة الثانية وقدرها 10 جنيهات إلى المثال أحمد محمد صدقي أفندي. ومنحت ثلاث جوائز صغيرة أخرى إلى ثلاثة من المتقدمين. وفي بقاء هذه اللجنة وقيامها بمهمتها النبيلة إلى اليوم وهي العمل على إحياء ذكرى مثال مصر الكبير مختار وتشجيع الفن الذي نبع فيه، وتعهد الغرس الذي غرسه ما يبعث على الغبطة، ويحمل على الثناء والتقدير لعواطف الوفاء التي أحاطت اللجنة بها ذكرى المثال الراحل
ذكرى تيودور بلهارس
سبق أن أشرنا إلى ما اعتزمته الجمعية الطبية المصرية من تكريم ذكرى العلامة الألماني تيودور بلهارس، مكتشف ميكروب البلهارسيا لمناسبة مرور خمسة وسبعين عاماً على وفاته؛ وذلك في التاسع من الشهر الجاري. ونذكر الآن بهذه المناسبة كلمة عن حياة هذا العلامة الراحل؛ فقد ولد في سنة 1825 في سجمارنجن (بألمانيا) ودرس الطب في فريبورج وتبنجن - وعين في سنة 1849 أستاذاً بجامعة فريبورج. وفي العام التالي قدم بلهارس إلى مصر برفقة أستاذه الدكتور جريزنجر الذي انتدب طبياً لوالي مصر، وعهد إليه بوضع نظام طبي لمصر. وفي سنة 1852 استقال جريزنجر من منصبه وخلفه بلهارس كرئيس للقسم الطبي بالداخلية. وفي سنة 1855 انتدب أستاذاً بمدرسة الطب، وبعدئذ بعام تولى كرسي التشريح بالمدرسة. وفي أثناء ذلك عكف بلهارس على درس جراثيم الأمراض المتوطنة، ووفق في سنة 1856 إلى اكتشاف مكروب المرض الذريع الذي يفتك بملايين المصريين وسمي (البلهارسيا) وبعد ذلك بثلاثة أعوام نشر بلهارس رسالة عن مسألة الأوبئة بمصر. وكان بلهارس أثناء ذلك يعاني من جراء الطقس وشدة الحرارة. وفي أوائل مايو سنة 1862 أصابته نزلة معوية قوية، فتوفي في التاسع من هذا الشهر ودفن بمصر القديمة بمقبرة الآباء الفرنسيسكان، وفي سنة 1930 عثر الدكتور كايمر على قبره بعد أن اختفى زمنا، وتعاون مع بعض زملائه ولاسيما الدكتور مكس مايرهوف على نقل رفاته وإيداعها كنيسة المقبرة
المبرد أيضاً منقول الأستاذ (المرصفي) هو رواية ياقوت في كتابه (إرشاد الأريب) وقد أشرت إلى ذلك. وأضيف إلى تحقيق ابن خلكان، وحكاية (برد الخيار) - وقد رواها كثيرون منهم القيرواني في كتابه (جمع الجواهر في الملح والنوادر) - هاتين الروايتين:
قال ابن عبد ربه في كتابه (العقد)
سوء الاختيار أغلب على طبائع الناس من حسن الاختيار؛
ألا ترى أن محمد بن يزيد النحوي - على علمه باللغة ومعرفته باللسان - وضع كتاباً سماه بـ (الروضة) وقصد فيه إلى أخبار الشعراء المحدثين، فلم يختر لكل شاعر إلا أبرد ما وجد له، فما أَحسبه لحقه هذا الاسم (المبرد) إلا لبرده، وقد تخير لأبي العتاهية أشعاراً تقتل من بردها)
وفي (تاريخ بغداد) لابن الخطيب:
قال أبو الفضل بن طومار: كنت عند محمد بن نصر بن بسام فدخل عليه حاجبه فأعطاه رقعة وثلاثة دفاتر كباراً، فقرأ الرقعة فإذا المبرد قد أهدى إليه كتاب (الروضة) وكان ابنه عليّ حاضراً فرمى بالجزء الأول إليه، وقال له: انظر يا بني، هذه أهداها إلينا أبو العباس المبرد، فاخذ ينظر فيه، وكان بين يديه دواة، فأخذها عليّ ووقع على ظهر الجزء شيئاً وتركه وقام. فلما انصرف، قال أبو جعفر (محمد بن نصر) أروني أي شيء قد وقع هذا المشئوم! فإذا هو:
لو برا الله المبرَّدْ ... من جحيم يتوقَّدْ
كان في (الروضة) حقاً ... من جميع الناس أبردْ
وعصر ابن عبد ربه وعصر ابن الخطيب هما أقرب إلى زمن المبرد من وقت ياقوت. وذلك اللقب المشهور هو الذي جلب في قولي ابن عبد ربه وعلىَّ تلك الدعابة.
وأن هذا الإمام العظيم لخليق بأن يشغلني ويشغل حضرة الأديب (محمد فهمي عبد اللطيف). وصاحبُ (الكامل والاقتضاب) وغيرهما جدير بأن يذكر - في كل وقت - بخير أو شر. . .
(أحد القراء) وفاة الأب لامنس
توفي أخيراً المستشرق البلجيكي الأب هنري لامنس، وكان هذا الحبر العلامة من خيرة المستشرقين الذين انقطعوا لدراسة العصر الأموي، وله فيه عدة مؤلفات قيمة. كان مولده في البلجيك سنة 1862، وقد نزح منذ حداثته إلى لبنان واعتنق الرهبنة وانتظم في سلك الأباء اليسوعيين ودرس العربية وعلومها دراسة مستفيضة
ولعلنا نوفق في عدد تال إلى الإفاضة في تاريخ حياته ووصف مؤلفاته