مجلة الرسالة/العدد 195/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 195 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 29 - 03 - 1937 |
حول تقرير مسيو فابر عن المسرح المصري
أتم المسيو أميل فابر الخبير المسرحي الذي انتدبته الحكومة المصرية لدراسة المسرح المصري والوسائل اللازمة لترقيته - مهمته أخيراً ووضع عنها تقريراً موجزاً أذاعته الصحف، وخلاصة تقرير المسيو فابر، هو أن توجد بمصر نواة صالحة للمسرح ولإنشاء فرقة قومية، وأن توجد بالأخص عناصر قوية للتمثيل الهزلي (الكوميديا) تضارع نظائرها في الأمم الراقية، وأن مصر تنقصها المسارح الحديثة، وأن الاختراع لا يزال متأخراً؛ بيد أن المسيو فابر لم يستطع أن يبدي رأيه في شأن التأليف المسرحي بمصر ولا في شأن اللغة المسرحية التي يحسن اتباعها، وإنما ذكر في ذلك ملاحظات قال انه سمعها من أصدقائه المصريين، وقد سبق أن لاحظنا حينما انتدبت الحكومة المصرية المسيو فابر ليقوم بهذه المهمة أن في هذا الانتداب شيئاً من الشذوذ، وأن مصر قد ذهبت بعيداً في سياسة الاستعانة بالخبراء الأجانب. ذلك أن المسيو فابر رغم مواهبه الفنية البارعة ورغم خبرته المسرحية الفائقة التي جعلته مدى ثلاثين عاماً مديراً لمسرح الكوميدي فرانسيز، هو أبعد الناس عن روح المسرح المصري والظروف الاجتماعية التي تحيط به والخلال الشرقية التي تتصل بمهمته، وقد جاء تقرير المسيو فابر مؤيداً لما لا حظنا، فهو لم يستطع أن يقوم بدراسة عميقة لشئون المسرح المصري لأن هذا المسرح مغلق بطبيعته عليه. وإنما اكتفى بدراسة مظاهره المادية، وقد كان خيراً لو أن الحكومة بدلاً من انتداب خبير أجنبي فكرت في أن توفد مندوباً مصرياً أو اكثر لدراسة المسرح الحديث في عواصم أوربا دراسة عميقة. والتوفر بعد ذلك على تنظيم المسرح المصري بما أفاد من خبرة ومقارنة، هذا هو الوضع الطبيعي للمسألة، أما انتداب خبير أجنبي لدراسة موضوع شرقي عربي فهو من تناقضات سياسة الاستعانة بالخبراء الأجانب في كل شيء وهي سياسة قد عفت اليوم.
حول العيد المئوي لوزارة المعارف
أشارت وزارة المعارف في بعض بياناتها عن احتفالها بعيدها المئوي إنها اضطرت إلى الاختصار في الإجراءات والحفلات نظراً لأنها لم تبدأ استعدادها لإحياء هذا العيد القوم في الوقت المناسب؛ وهذا اعتراف يؤسف له، والواقع أننا لم نوفق بعد إلى تنظيم الأعياد والذكريات القومية تنظيماً مرضياً، وفي كل مرة تعرض فيها إحدى هذه المناسبات، نفكر في الاحتفاء بها بعد فوات الوقت. وأحياناً تعرض ذكرى العيد المعين قبل وقوعه بأعوام فيتحمس لها البعض، وتقوم حولها دعاية صحفية واسعة، ولكن الجهات الرسمية تبدي فتوراً مدهشاً. مثال ذلك ما حدث في مسألة الاحتفاء بالعيد الألفي للجامع الأزهر؛ فقد نوه بأهميته واقترابه منذ أعوام، ووضعت مشيخة الأزهر برنامجاً للاحتفاء بهذا العيد؛ ثم حدث تغيير في المشيخة فانهارت كل التدابير السابقة، وجدت كل حركة في هذا السبيل بحجة أن الوقت لا يزال فسيحاً، مع أن الاحتفاء بهذا العيد القومي الجليل يقع في جمادى الأولى سنة 1359 هـ أعني بعد ثلاثة أعوام فقط؛ ولم تتخذ مشيخة الأزهر بعد أي إجراء جدي في هذا السبيل. فمتى تغدو لنا همم وتقاليد صالحة للاحتفاء بأعيادنا وذكرياتنا القومية؟
إبرس أول مكتشف لأسرار الفراعنة
احتفل أخيراً في ألمانيا بمرور مائة عام على مولد القصصي والعلامة الأثري الألماني جورج إبرس ويرتبط اسم جورج إبرس بمصر والفراعنة ارتباطاً وثيقاً، فقد كان هذا العلامة هو أول من وقع على أول ورقة من أوراق البردي المصرية، وأول من استطاع ان يصف أحوال الفراعنة في أسلوب قصصي ممتع. وقد ولد إبرس في برلين سنة 1837، وجالت بذهنه منذ الحداثة أمنية عزيزة هي أن يزور بلاد الفراعنة وما وراءها من البلاد التي تخلب سيرها لبه. وعني بدراسة تاريخ مصر القديم دراسة خاصة، وعين في سنة 1865، مدرساً للتاريخ المصري القديم في جامعة فينا، ثم عين أستاذاً له في جامعة لايبزج سنة 1870؛ وهنا فكر إبرس في تحقيق منيته فسافر إلى مصر والنوبة، وعثر أثناء تجواله بمصر على ورقة البردي الشهيرة التي عرفت باسمه، وهي ترجع إلى نحو ألف وستمائة عام قبل الميلاد وبها معلومات طبية فرعونية، فحملها معه إلى ألمانيا، وأذيعت محتوياتها، فأثارت في الدوائر الأثرية أعظم اهتمام، ونال إبرس شهرة عظيمة، وكان ذلك سنة 1874؛ وعاد إبرس وذهنه يفيض بسحر مصر القديمة، ويتوق إلى التجوال في هذه السير العجيبة ووصفها، وكان قد أصدر منذ سنة 1868 كتاباً عنوانه (مصر وكتب موسى) وكتاباً آخر عنوانه (مصر بالقول والوصف) فرأى عندئذ أن يبدأ كتابة سلسلة كبيرة من القصص الفرعونية؛ فاستقال من منصبه الجامعي، وعكف على التأليف والكتابة، وأخرج قصته الأولى (ابنة ملك مصري) وهي قصة فرعونية وقعت حوادثها في عهد الملك ابسماتيك، وفيها وصف لنضاله ضد الفرس. ثم أتبعها برواية (وردة) (سنة 1877) ثم رواية (القيصر) (سنة 1881) ثم يسرابيس (سنة 1885) ثم (الأختين) ثم (كليوباترا) (سنة 1894)؛ وقد اشتهرت قصص إبرس الفرعونية وذاعت ذيوعاً عظيماً. وطبعت مؤلفاته مجتمعة في 25 مجلداً سنة 1895، وترجمت إلى معظم اللغات الأوربية. وتوفي إبرس في سنة 1898، بعد أن حقق باكتشافاته وكتاباته في تاريخ الفراعنة فتحاً عظيماً
التسليحات. السباق والأزمة:
صدر أخيراً في إنكلترا كتاب سياسي خطير عنوانه: (التسليحات السباق والأزمة) بقلم كاتب سياسي كبير هو فرنسيس هرست، ومسألة التسليح، والتنافس فيها هي مسألة اليوم في أوربا، وقد بلغت اليوم ذروة التنافس والاضطرام، ويمهد المستر هرست لكتابه بمقدمة تاريخية يقول فيها إن التسابق في التسليح في القرن التاسع عشر يرجع إلى بواعث وهمية والى مخاوف لا أساس لها. وأما الخصومة فيما قبل الحرب بين إنكلترا وألمانيا فترجع إلى أن اللورد جراي قد تدخل في سلسلة المحالفات الأوربية.
ويستعرض الكاتب بعد ذلك مسابقة التسليح التي تجري منذ سنة 1933، ويقدم عنها بيانات وأرقاماً واضحة، ومن رأيه أن حمى التسليح الحاضرة في أوربا ترجع إلى السياسة الفرنسية فيما بعد الحرب، وهي سياسة زادها الميثاق الفرنسي السوفيتي تعقيداً وخطراً، وإن هذا الميثاق يرمي إلى تفويق ألمانيا. ثم يقول أن نفقات ألمانيا في الأعوام الخمسة الأخيرة على التسليح هي بلا ريب أدنى من نفقات فرنسا، وأدنى من نفقات روسيا، وربما كانت مساوية لنفقات بريطانيا؛ ورخاء ألمانيا الحاضر دليل على أنها تنفق على التسليح أقل مما يذاع. ثم أن ما تعانيه ألمانيا الآن من نقص في المواد الأولية ينذر بأنها لن تستطيع المضي في الإنفاق على التسليح بهذه الصورة. ويبدي مستر هرست على العموم تأييداً لوجهة النظر الألمانية ويقول مثل ما تقول ألمانيا إن تشيكوسلوفاكيا تسودها روسيا السوفيتية، وأن روسيا تنفق على التسليح أكثر مما تعلن أرقامها
ويصور مستر هرست ألمانيا ضحية بريئة لهذا التسابق؛ وهو رأي لا يقره عليه كثيرون؛ وقد كان مستر هرست قبل الحرب من خصوم السياسة البريطانية التي تميل إلى مخاصمة ألمانيا؛ ومن رأيه أن التسليحات الكبرى ليست ضماناً للسلام كما يرى البعض، وأن الحرب لا تتقى بهذه الصورة بل لابد لاتقائها أن تبحث أسباب الخلاف والخصومة ثم تعالج بما يزيلها ويمسحها
في معرض باريس
من العجائب التي سيشهدها زوار معرض باريس الدولي رجل من زجاج من مقتنيات المتحف الصحي الألماني؛ وهو أعجوبة من أعاجيب الصناعة الفنية، وهذا الرجل الزجاجي يعطي بالألمانية كل الإيضاحات اللازمة عن تركيبه وعن أجزائه؛ بيد أنه يراد أن يكون هذا البيان بالفرنسية، ولذلك سيجهز الرجل الزجاجي بالآلات والأجهزة اللازمة التي تجعله ينطق بالفرنسية
كذلك سترسل ألمانيا إلى المعرض مجهر (سايس) الشهير، وسيوضع في مكان خاص به تمكن منه تجربة في رصد الكواكب
تمثال شيخ البلد
يشمل سؤال حضرة م. ح. بأسيوط الفقرات الآتية:
1 - هل عرف النظام الإداري القديم (شيخ البلد) كما تعرفه مصر الآن من أقصاها إلى أقصاها؟
2 - هل عرفت هوية هذا التمثال وعرف عمله في الدولة؟
3 - هل الحقيقة هي ما قرأناه في كتب التاريخ من أن عمال الحفر لما أخرجوا هذا التمثال من مكانه، راعهم ما وجدوا من شبه بينه وبين شيخ البلد، فأطلقوا على التمثال (شيخ البلد)؟
4 - . . . لزمته هذه التسمية، ولم يغيرها علماء الآثار؛ لما لم يعرفوا صاحبه. ولم يجدوا من النقوش والكتابات ما يبوح بسره وينم عن جلية أمره.
5 - هل للدكتور أن يميط اللثام عن حقيقة التمثال المذكور خدمة للعلم والتاريخ؟
إني أشكر حضرة الأستاذ الفاضل لاهتمامه بهذه النقطة، كما أبدي مزيد سروري للصلة الأدبية التي أوجدها حضرته بيني وبينه
فعن الفقرة 1 - أقول نعم عرف النظام الإداري القديم (شيخ البلد) لا من الناحية اللفظية؛ بل من الناحية المعنوية والعملية، أعني أن الذين قاموا بمراقبة تنفيذ أوامر الملوك والأمراء والكهنة، وتقديم المخالفين للمعاقبة أو المحاكمة، كانوا من هذه الناحية أشبه شيء بشيوخ البلدان، كما أن الذين قاموا بملاحظة عمليات بناء الأهرام والمعابد والمقابر والقصور كانت مهمتهم إلى حد ما، مهمة الرئاسة والإشراف وحصر المسئولية التي يمكن اعتبارها - إذا سمح الأستاذ - مهمة شياخة! كما كان الذين جمعوا الأموال والضرائب أشبه شيء برجال الإدارة.
ويمكن لحضرة الأستاذ إذا رغب التوسع الرجوع إلى:
(1) 1925 79 80 ,
(2) , 1923 96 , 97 98 ,
2 - لم تعرف شخصية صاحب التمثال بالضبط، ولكن يجب ألا ننسى أن العلامة ماريت والرئيس روبي - الذي حضر اكتشاف التمثال الخشبي الذين كان ناقص الساقين وقت اكتشافه، وقد أكملا من خشب باللون الطبيعي - ما كانا ليوافقا على هذه التسمية على رغم مشابهة ملامح التمثال لشيخ بلدة سقارة في ذلك الحين، لو أنهما وجداه ممسكاً بمقيض فأس أو قيثارة مثلاً! (راجع وصف التمثال: بدليل التحف المصرية الفاخرة لمدينة القاهرة، تأليف جاستون ماسبرو وترجمة أحمد كمال، الطبعة الأولى سنة 1903 صفحتي 69، 70)
3، 4 - تندمجان في الفقرة السابقة.
5 - إذا كان حضرة الأستاذ الفاضل قد عني بقراءة كتب التاريخ التي استنتج منها عدم وجود نقوش وكتابات تبوح بسر التمثال، فإني أرى أنه بتكليفي كشف اللثام عن حقيقته - ميال إلى المداعبة، وأعترف له بأني عاجز عن إماطة اللثام عن حقيقة لنفس الأسباب التي صادفت أساتذتنا من علماء التاريخ والاجيبتولوجي الذين لا أعتبر نفسي شيئاً مذكوراً إلى جانبهم والسلام.
الدكتور أحمد موسى
أسبوع الجاحظ في الجامعة المصرية قلنا في العدد الأسبق إن كلية الآداب بالجامعة المصرية ستحتفل بإقامة أسبوع للجاحظ بمناسبة مرور أحد عشر قرناً على وفاته ابتداء من يوم 25 مارس، ونشرنا برنامج المحاضرات لأيام الأسبوع
ونكتب هذا يوم الجمعة إذ كان أمس (الخميس) اليوم الأول من أسبوع الجاحظ، فقبيل الساعة السادسة مساء وفد على قاعة المحاضرات بالجمعية الجغرافية الملكية جمهور كبير من المتأدبين، بينهم طائفة من السيدات والآنسات، وظل الجمهور يتوافد إلى ما بعد ابتداء الحفلة حتى اكتظت بهم القاعة
وفي منتصف الساعة السابعة نهض إلى المنصة الدكتور طه حسين بك عميد كلية الآداب فافتتح الحفلة بكلمة بدأها بأنه يقوم بافتتاح الأسبوع لاعتذار مدير الجامعة لانحراف خفيف، وشكر حضرات أعضاء قسم اللغة العربية لقيامهم بإحياء ذكرى الجاحظ، وقال: (أريد أن تتصل سنتنا هذه كما اتصلت في العام الماضي بحيث تستحيل دروسنا العامة في كل سنة إلى دروس تحليلية لكاتب أو شاعر أو عظيم)
وقام بعده الدكتور عبد الوهاب عزام فتحدث عن حياة الجاحظ وبدأ بطائفة من مأثور الكلم في تقريظ الجاحظ، وذكر سيرة مجملة له، فقال: (ولد الجاحظ بالبصرة ونشأ بها فقيراً، وروى ياقوت عن المرزباني أنه رؤي يبيع السمك والخبز بسيحان، ولكن الرجل المستوقد ذكاء، المولع بالمعرفة لم يكن ليصده شيء عن طلب العلم، فأخذ العلم عن شيوخ تصدوا للتعليم، وأفاد مما قرأه، وتثقف من الأعراب، وحرص على أن يبحث في كل ما يرى ويسأل كل من يرجو عنده علماً في أمر جليل أو حقير حتى صارت معارفه خلاصة المعارف التي أدركها المسلمون في عصره، زيادة على ما أدركه هو واستنبطه، وقد أفاض الأستاذ في التحدث عن نواحي حياة الجاحظ وأشار إلى ما وقع في كتبه من الألفاظ الفارسية فقال: لا أحسب الجاحظ قد حذق الفارسية واستفاد من كتبها.
وتكلم الأستاذ أحمد أمين عن (ثقافة الجاحظ) فقال: (إن الجاحظ أكبر شخص تثقف ثقافة واسعة في العصر العباسي، فقد أحاط بمعارف زمانه تقريباً) وقال إنه ظل يحصل المعلومات المختلفة حوالي القرن فتيسر له بما منحه من الزمن والصبر والحافظة ما لم يتيسر لغيره، وذكر الأستاذ أن الجاحظ تثقف ثقافة اعتزال، وهي أوسع ثقافاته لأنها تتطلب من صاحبها الإحاطة بالأديان المعروفة في عهده، إلى أن قال: (وقد كانت للجاحظ ثقافة أخرى هي الأخذ عن الكتب، وكان هذا معيباً، وكان صاحبه يسمى (صحفياً)، وبعد أن أفاض في بيان شغفه بالاطلاع والاستقراء قال إن الجاحظ تفرد بالثقافة الواقعية إذ انغمس في الحياة ودرس كل ما وقع تحت حسه، وأنه أبدع في الناحية الاجتماعية فتكلم عن التجار والصناع والجبناء والبخلاء الخ
وانتهى اليوم الأول من أسبوع الجاحظ بانتهاء محاضرة الأستاذ أحمد أمين
وفاة درنكووتر
توفي الأديب الشاعر المؤلف التمثيلي المستر درنكووتر في أثناء نومه بسكتة قلبية. وقد تكلمنا عنه بإفاضة أيام وفد على القاهرة لإلقاء بعض المحاضرات.