مجلة الرسالة/العدد 19/الأصل والمثال
→ فتنة الحسن | مجلة الرسالة - العدد 19 الأصل والمثال [[مؤلف:|]] |
الورقاء ← |
بتاريخ: 15 - 10 - 1933 |
عجباً أحق ما أحس وما أرى ... أفهذه أنت انبعثت من الثرى؟
هل يرجع الموتى إلى الدنيا ولم ... ينفخ لهم في الصور أو يفن الروى؟
أم صح زعم القوم أن زماننا ... دور تسلسل في العصور مكررا؟
وحياتنا فيه مواسم ثبته ... لا تختفي حتى تعود فتظهرا
لكن، أدار بك الزمان فريدة ... وسها عن الماضين قبلك وازدرى؟
أم قوة الإيحاء بين قلوبنا ... أحيتك، أم هذا خيالك في الكرى؟
لا، لا، فليس يعود من قد ضمه ... قبر ولست بحالم فيما أرى
ولو أن إيحاء يعيدك بيننا ... لاسطاع دفع الموت عنك وأخرا
أفلم تكوني مهبط الإيحاء من ... ألبابنا والموضع المتخيرا؟
ما هذه إلا شبيهتك استوى ... فيها كيانك يوم طاب وأزهرا
طرأت على كطائر متغرب ... لم أدر من أي النواحي قد سرى
أففتنة أخرى ولما استعد ... أمني وقد مال الصبا وتحدرا؟
إن كنت أنت اليوم أنت فأنني ... غيري تداولني الزمان فغيرا
وأعتضت من مرح الصبا هبوبه ... حذرا وتمحيصاً إذا أمر عرا
من ذا الذي دفع الفتاة لموضعي ... لأراك فيها عنوة وتجبرا؟
وأرى عهودك حلوها ومريرها ... بينا المرير بهن كان الأكثرا
هل ضاق وجه الأرض حتى لم تجد ... من أشبهتك سوى طريقي معبرا؟
كم من فراسخ بين قطبيها وكم ... بيدا توارى المشبهات وأبحرا؟
ولم انتحتنى بالرنو ولم أكن ... أعلى الشهود صوى وأروع مظهرا؟
أفليس في هذا دليل تعمد ... لولا مما تك كنت أنت المصدرا؟
ومن الذي يدري؟ فرب إرادة ... للميت فينا دون أن نستشعرا!!
ولعلنا يوماً سنسمع في الثرى ... صوتا ونفهم منه معنى آخرا!!
والآن يا وجها رأيت بضوئه ... آفاق ماض بالظلام تسترا
كن بعض ذا الماضي البعيد ووقني ... ضوءا يضر بمقلتي فتقطرا
محمود عماد