الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 171/على أطلال الماضي

مجلة الرسالة/العدد 171/على أطلال الماضي

مجلة الرسالة - العدد 171
على أطلال الماضي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 12 - 10 - 1936


للسيد إبراهيم أدهم الزهاوي

ما بكائي لزينب وانتحابي ... وسؤالي ربوعها وجوابي

ووقوفي بها وقوف حجيج ال ... بيت لولا تفردي واكتئابي

وملامي النوّى على ما أحالت ... من رسوم وقوضت من قباب

سنة تلك سنها شعراء ... ما بهم من زمانهم غيرُ ما بي

إن أولى الربوع بالدمع سحّاً ... أربع المجد والعلا والغلاب

سفهت نفسَها الليالي اللواتي ... سحبت فوقها ذيول الخراب

أربعٌ لا تزال منها بقايا ... أفلتت من حبائل الأحقاب

شوهتها يد البلى ككتاب ... رث إلا عنوان ذاك الكتاب

أنا صَبٌّ بها وكل محب ... تتصباه أربع الأحباب

كلما طاف طائف من هواها ... في فؤادي وجدته في خطابي

لا قرضت القريض إن لم أذدْ في ... هـ ذياداً يغني عن القرضاب

عن عُلا معشري وأي عَلاء ... كعلا معشري الرفيع الجناب

كيف لا يعتلي وبانيه بانٍ ... كلَّ نجم في الكائنات الرحاب

يا أبا القاسم حار عقلي ... في مدى عقله وتاه حسابي

كيف لا تنحني الأكابر إكبا ... راً لأسمى طبيعة في إهاب

أي باب فتحته لأولي الأل ... باب مستغلق من الأبواب

ومنار نصبتها في طريق ... طالما ضلَّلت مسير الركاب

إن مَحْياك في الحقيقة محيا ... كل حي يسير فوق التراب

فأعاديك في الورى كموالي ... ك يدورون حول ذاك الشهاب

أين دنياهمُ التي هي دنيا ... أشبهت ذات جِنَّةٍ في يباب

طال أظفارها التي لم تَعَهَّدْ ... ها يمين ورث حسن الثياب

فتعهدتها بيمينك حتى ... عاودتها شوارد الألباب

فعليها طلاسم تقتنيها ... فتقيها رجعاً على الأعقاب ها مراقي فانظر أكانت ... تترقى لو لم تزل في احتجاب

تلبث الصخرة العظيمة آبا ... داً إذا لم تدفع بأيد صلاب

أم يقولون كان ينبع منهم ... من يعيد الحياة بعد ذهاب

والذي تشهد البرية طرّاً ... أن مسعاك فوقي قدر الطِّلاب

قد ترحلت عن مغاوير أدوا ... كل دَين مؤجل في الرقاب

ضربوا الأرض إذ أصرت على البغ ... ي وهبت إلى رؤوس الحراب

فشفوها من دائها بدواها ... قد يكون الدواء ضرب الرقاب

ذاك دور لن تشهد الأرض دوراً ... مثله والقشور غير اللباب

وبدت لي أمية فبدت لي ... دولة المكرمات والأحساب

وسألت الدهياء كيف ترقت ... للثريا فلم يكن من جواب

أين مُلْكٌ أبو سليمان يرعا ... هـ فيرعى صيَّابة الأنساب

عبقري، زمانه عبقري ... كل شيء يجري به بنصاب

ما حسام الحجاج لو كنت تدري ... غير تعويذة من الأوشاب

لم يكن مثله بقبضة مروا ... ن فمرت أيامه في تباب

واجتبى الله للأعاريب أملا ... كاً حراصاً على اتباع الصواب

واجتباهم من هاشم من بني ال ... عباس من خير دوحة في انتساب

جل هارون أن تكون كهرو ... ن ملوك تسربلت بالسراب

عجم يعجمون عود الرزايا ... ثم لا يهتدون للأسباب

ذاك نجم يدور في الفلك السا ... بع لا في مهابط التَّوْراب

سجدت للذي يريد ليالي ... هـ سجود العبدان للأرباب

واتقته الآباء في كل أرض ... واقتفتها الأبناء في الأصلاب

مالك الملك قائماً بالذي يط ... لب عدلاً عقابه كالثواب

تحسن الرحمة الوثيرة إلا ... لجنوب تقلبت في الكذاب

فأَنِمْها على الظُّبي لا توثق ... من ذئاب تريك صدق الكلاب

إنما تُعصم البلاد بسيف ... نائم قائم مجيب مجاب خطة في سنى الضحى ضيعوها ... فأضاعوا مِلاك مُلك رُحاب

اشتراك في الموبقات وخوف ... من شراراتها على الأثواب

وهي الريح زعزع تحمل النا ... ر فمن ذا ينجو من الالْتهاب

واستفاقت بغداد بعد دهور ... أنقضت ظهرها من الأوصاب

استفاقت فلم تجد لا فتى الصم ... صام فيها ولا فتى المحراب

واستجارت جاراتها فإذا الجا ... رات يرزحن مثلها بالعذاب

فدعت دعوة أبى الله إلا ... أن يكون الجواب فصل الخطاب

نحن إبان نهضة بسوى الوح ... دة لا ترتضي من الأحزاب

ضاع كل الطلاب إن لم تكن أوّ ... لَ شيء نريده في الطلاب

لا تصح الأعضاء في الجسم ما لم ... تك فيه مشدودة الأعصاب

تمرع الأرض بالربيع على مقدا ... ر ما التمَّ فوقها من سحاب

وتضيع الأنهار في لجج البح ... ر ويكفي العباب شر العباب

وأحق الشعوب بالوحدة الك ... برى شعوب ذاقت وبال انشعاب

(بغداد)

إبراهيم أدهم الزهاوي