مجلة الرسالة/العدد 146/ذكريات يجتليها محرم
→ سمو الإنسانية في قلب الرسول الأعظم | مجلة الرسالة - العدد 146 ذكريات يجتليها محرم [[مؤلف:|]] |
نظر محمد إلى الأديان ← |
بتاريخ: 20 - 04 - 1936 |
لشاعر السودان الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
هو الشوق في أحشائنا يتضرم ... إلى ذكريات يجتليها محرم
إلى ذكريات هن بعث ويقظة ... وهن لآلام الجراحات مرهم
بني الشرق، والإسلام في كل موطن، ... يحييكمو مني على النأي مسلم
تعالوا نجدد من عهود تصرمت ... وما الشأن في عهد الكرام التصرم
تعالوا نجمع من نفوس تفرقت ... شعاعاً ولا نمضي كما نتوهم
ونطَّرِح الواشين تنفث بينا ... سموماً - وفي الواشين أربد أرقم
ونفزعْ إلى التنزيل نبني نفوسنا ... فليس لما يبني الكتاب مهدم
وفي الهجرة الزهراء قربى قريبة ... نمت بأسباب الحنيف إليكُم
فإن نحيها نحيِ الزمان تقدمت ... أوائلنا أهليه وهو لهم فم
وإن نحيها نحي النفوس كبيرة ... وإن جعلت في أرضها اليوم نهضم
وإن نحيها نحي المروءة والندى ... وبأساً من الفولاذ أمضى وأصرم
ألا ليت شعري ما دهى العرب إنني ... أرى الجو في آفاقها يتسمم
أكل بناء غيرهم متساند ... وكل قبيل غيرهم متقدم
أجل كل قوم فرطوا في لغاتهم ... غدوا وصروف الدهر فيهم تحكم
أرى الغرب يعنى باللغات رجاله ... ونمشي أعلامها نتعلم
هم يكبرون من رجال توفروا ... عليها إلى أن أكبر الناس منهمُ
وفي كل يوم يخرجون مؤلفاً ... نفيساً وبحثاً ينشر الفضل عنهمُ
ولا يهجرون للجديد قديمهم ... وذلك خلق عن رقي يترجم
وما ذاك إلا أن حباً يهزهم ... إلى وطن هاموا به وترنموا
أرى أمم الشرق استفاقت من الهوى ... وعاودها سلطانها المتقدم
فجدت وهمت للحياة طموحة ... وحطمت الأغلال فيما تحطم
رعى الله في أرض العراقين نهضة ... أبت لهمُ أن يستذلوا ويهضموا
بنوا دولة أما حماها فمانع ... لحوزتها والمستقلّ بها همُ على العلم والخلق المتين توطدت ... دعائمها والعلم بالخلق يدعم
وقامت فلسطين ترد حقوقها ... وما في طلاب الحر للحق مأتم
وحرك من سورية العسف فانبرت ... تغالبه والشر بالشر يصدم
فإن لم تنل ما قد أرادت نواله ... فمن كَثَبِ منها النجاح المحتم
وهاجت بنا الذكرى لخضراء تونس ... فأبصرت ثكلى نال منها التأيم
وفي مصر أخذ بالذي هو واقع ... وروح وفاق للحقيقة تألم
وغيرة لاوانٍ ولا متخشع ... ونشء إلى سود النوائب يبسم
هوت أنجم بالأمس كن ثواقبا ... إلى ضوئها يعشو الجهول فيعلم
حسين بن والي قد أقض مماته ... مضاجع في السودان فهي تألّمُ
هو المرء أدى للعروبة واجباً ... وعاش لوجه الله يشقى وينعم
وأودى المطيعي حجة الله في الورى ... فغاب به كنز من العلم قيم
قضى يملأ الدنيا علوماً وحكمة ... فويلي على ركن الهدى يتهدم
وأودى رشيد ذو المنار مدفعاً ... جريئاً على رد الضلالة يقدم
ومات الأديب الكاظمي وإنه ... لرزء من الإبداع في الشعر يثلم
وبغداد من بعد الزهاوي أصبحت ... خلاء وكانت من قوافيه تزحم
مضوا وقرنّا بالترحم ذكرهم ... وليس بمجدينا عليهم ترحم
بني وطني إن قمت للضاد داعياً ... فإنيَ ادعوا للتي هي أقوم
لقد وثق الله الروابط بينكم ... فلا تنقضوا بالله ما الله مبرم
أرى الضاد في السودان أضحت غريبة ... وأبناؤها أضحت لها تتهجم
تولت وما دمعٌ عليها بفائض ... وما أحد منهم لها يتألم
وساءت مقاماً فهي ثكلى حزينة ... وعيّت جواباً فهي لا تتكلم
وذلك يفضي لانقراض وذلة ... ويفضي إلى أن في سوى العرب ندغم
عزيز علينا أن تلين قناتها ... وأبناؤها في ضحوة العمر تهرم
عزيز علينا أن نراها هزيلة ... وجاراتها فينا تزيد وتعظم
كفانا هوانا أن ريباً يحوطنا ... وإنا إذا رمنا الحديث نجمجم وإنا برغم العلم في كل بلدة ... يحيط بنا هذا الظلام المخيم
تبدلت الأحوال حتى لقائل ... يقول على قدر التدلي التقدم
ونبئت في السودان قوماً تآمروا ... على اللغة الفصحى فساءوا وأجرموا
وبالأدب القومي قالوا سفاهة ... وما لمحوا حقاً ولكن توهموا
إلا نحن عرب قبل أن لعبت بنا ... صروف الليالي والجهول الغشمشم
أما والليالي العشر والفجر طالعاً ... وما الفجر في الإسلام إلا محرم
إذا لم تحسوا داءها وهو فاتك ... تهونوا وفي غير العروبة تدغموا
فعضوا عليها بالنواجد إنها ... صلاحكم إن تخلعوه هزمتمُ
سلام عليكم إن عدمتم بيانها ... سلام على الفصحى سلام عليكم
عليك يا رسول الله نلقي رجاءنا ... فقد جعلت منا الحوادث تهدم
ونستنزل الإرشاد من روحك التي ... على كل من يلقى السلام تحوّمِ
أصلي عليه ثم أذكركم بما ... يقربكم منه فصلوا وسلموا
(لحب ابن عبد الله أولى فإنه ... به يبدأ الذكر الجميل ويختم)
(الخرطوم)
عبد الله عبد الرحمن