الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 135/كلمة وكليمة

مجلة الرسالة/العدد 135/كلمة وكليمة

مجلة الرسالة - العدد 135
كلمة وكليمة
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 03 - 02 - 1936

7 - كلمة وكليمة

للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

ليس في الشرف كأداء الواجب بشرف

الوعد السياسي جريء في الكذب، جريء في الاعتذار، حتى أنه ليعد بإحضار القمر حين يستغني عنه الليل في آخر الشهر. . . فإذا لم يجيئوا به قالوا: سيتركه الليل في الشهر القادم. .

الزمن ضعيف في نصرة الضعيف؛ فإذا قالت دولة أوربية لدولة شرقية: سأدعك في سنة (كذا)، فمعناها في سنة (دائماً) التي لا أعرفها لا أنا ولا أنت ولا الزمن. . .

كما تضرب السياسة بقنابل حشوها البارود والرصاص؛ تضرب بقنابل حشوها المطامع والمناصب. . . .

لا يجيء الاتحاد القوي من وحدة الأحزاب المختلفة، ولكن من وحدة الحالة الواحدة في الأحزاب المختلفة.

للسياسة أحياناً أسلوب كأسلوب المرأة ذات العشاق، إذا وافق بعضهم بعضاً على النكاية بها، فرقت بين حظوظهم منها، فما أسرع ما يختلفون.

قال ذئب سياسي لخروف سياسي: أريد الاتفاق معك (حالاً). فقال الخروف: ويلك! إذا كنت أنت ذئباً للحمى، فهل تكون (حالاً) هذه إلا ذئباً آخر لعمري؟

لم يضيع الشرقيين ضعف القوة أكثر مما ضيعهم ضعف البصيرة.

تالله ما أذل الشرق إلا هذا التصوف، وتالله ما يعز الشرق إلا هذا التصوف بعينه، إذا أنتقل عن رجاله إلى رجال المال والحكم والسياسة.

كنت مرة في ضيافة رجل من أهل القرى مع أحد علماء الفقه، وذهبنا مع القروي إلى أرضه وفيها نخلة متهافتة ليس أهون منها على صاحبها. فقال له الفقيه: أحب أن تهب لي هذه النخلة في مغرسها بحدودها الأربعة. قال قد وهبتها لك. قال الفقيه بحدودها الأربعة؟ قال الرجل الطيب: نعم.

فقال له الفقيه: الآن وهبت لي أرضك كلها وخرجت منها شرعاً. . . فهذا فضاء ولا حدود للنخلة إلا آخر ما تملك منه في الجهات الأربع. هكذا يملك دهاةُ الفقه السياسي البلاد العريضة إذا ملكوا ولو نخلة فيها، غير أنهم يسمون حدود النخلة (تحفظات) النخلة. . .

يكاد يقال اليوم إذا عدت العناصر الأرضية: أنها النار والماء والهواء والتراب والأسطول الإنجليزي. . .

كل ما استعنت به على الحبيب الملول، أعان الملل في نفسه

لا تعاتب حبيبك الذي مل، فإذا مرض الحب مات العتاب

أكثر صبر العشاق من قلة الحيلة. . .

كذب الحبيب كذب مر، لأنه خرج من الفم الحلو

جمال التواضع في الصديق أن يستمر دائماً في شكل تواضع، وجمال الخضوع في الحبيب ألا يستمر دائماً في شكل خضوع.

تنظر المرأة بقلبها إلى أشياء لا تراها بعينها

أحترس في العداوة مما تبدأ به العدوة؛ وأحترس في الحب مما ينتهي به الحب

لا تنسى الإساءة امرأة لأنها قليلاً ما تذكر الحسنة

كيف تتحرر المرأة إذا كان حكم الطبيعة أن أفضل ما تحرر به نفسها أن تجد من تقيد به نفسها؟

يا ويل المرأة من قلبها حين يكون محروماً! يا ويل المرأة من قلبها حين يكون فيها كالمنفي في غربة!

أبت الدنيا أن تفسر كل عجيبة إلا بما هو أعجب منها. وهذه هي العجيبة

لو كانت اللذة في اللذة نفسها لما شقي أحد، لتيسرت لكل الناس كما تيسرت لكل البهائم؛ ولكن أكثر اللذات لا يلذ إلا في التركيب الوهمي الذي أكثره في الخيال وأقله في الواقع.

ما دامت أخلاق البهائم في الناس، فصلاح الإنسانية سيبقى دائماً في هذه المعاني الثلاثة: الراعي، والحبل، والعصا. . .

من لؤم الكذب وشره أنك لو صدقت بكلمتين وكذبت بثالثة، كنت كأنك صدقت باثنتين وكذبت بثلاث.

كيف تصلح الدنيا وفي كل أرض يعمل على عكس قوانينها - قانون الجو وقانون الأرض؟

شقاء العبقري من نفسه؛ فإن ظل يعمل تعبت به، وأن ترك العمل تعب بها.

أين الحقيقة الكاملة من العقل الإنساني ونحن نرى كل عقل لا يعطي منها إلا قدر ما يسع منها؟

أسكت عن السفيه فإن ذلك إلا يجعله كريماً مثلك لا يجعلك لئيماً مثله.

قيل لمغرور متكبر يُخَنخِنُ في خياشيمه إذا تكلم: لماذا تتكلم من أنفك؟ قال. لأني لا أجد في العالم من أكلمه بملء فمي. . . . . .

لو رد العالم على هذا المغرور لقال له: كل الحمير تنهق بملء أفواهها إلا أنت. . . . .

إذا صغرت النفس من لؤم صاحبها، كبرت بلسان صاحبها.

الصورة الثانية للرجل المضحك جداً، هي أن يظهر نفسه عظيماً جداً.

(طنطا)

مصطفى صادق الرافعي