مجلة الرسالة/العدد 132/علماؤنا المجهولون
→ معركة عدوى | مجلة الرسالة - العدد 132 علماؤنا المجهولون [[مؤلف:|]] |
الكذب والصدق ← |
بتاريخ: 13 - 01 - 1936 |
عبد الرءوف المناوي
952 - 1031هـ
للأستاذ محمد إبراهيم العفيفي
للسائر في شارع باب البحر بالقاهرة أن يعرج على حارة سيدي مدين ليرى بناء متهدماً درست معالمه إلا من جدران قائمة حول مقام وزاوية ومدرسة أهملتها جميعاً وزارة الأوقاف كأنها لا تدري أنه لفخر العلماء وإمام المحدثين ومن تصدى للإفتاء يوما ما، ومن أكب على الدرس والتأليف حتى قاربت تآليفه المائة: ذلك مقام سيدي عبد الرءوف المناوي.
عصره:
انتهى القرن العاشر الهجري والدولة العثمانية تبسط سلطانها على كثير من البلاد الشرقية، فكان لزاما أن تكون الطبقة الحاكمة في مصر عثمانية، وأن تكون اللغة المتداولة بين الأوساط الراقية تركية، يشجعها الحكام ويساعدون على انتشارها بشتى الأساليب؛ فلغة الدواوين ولغة المجالس ولغة التهاني والتناظر والمديح كلها تركية؛ أضف إلى ذلك ما يترتب عليه من ذيوع التأليف ودواوين الشعر بتلك اللغة؛ وأهملت اللغة العربية في شتى الأبحاث، وأقفرت تلك الحقبة من ذيوع لغة القرآن؛ فجفت أقلام المفسرين والمحدثين والمؤرخين والشعراء إلا من نفر قليل قبضهم الله للاحتفاظ بالبقية الباقية من مجدها الأثيل.
مولده
أنجبت القاهرة سنة 952هـ فخر العلم والأدب: زين الدين محمد المدعو عبد الرءوف بن تاج الدين بن علي بن زين العابدين (أو العارفين) الحدادي المعروف بالمناوي.
نشأته
أكب على الدرس منذ حداثته، (وحفظ القرآن قبل بلوغه، ثم حفظ البهجة وغيرها من متون الشافعية، وألفية ابن مالك، وألفية الحديث للعراقي، وعرض ذلك على مشايخ عصره في حياة والده، ثم أقبل على الاشتغال فقرأ على والده العلوم العربية، وتفقه بالشمس الرملي، وأخذ التفسير والحديث والأدب على النور علي بن غانم المقدسي، وحضر دروس الأستاذ محمد البكري، والتفسير والتصوف، وأخذ الحديث عن النجم الغيطي والشيخ قاسم والشيخ حمدان الفقيه والشيخ الطبلاوي؛ لكن كان أكثر اختصاصه بالشمس الرملي وبه برع، وأخذ التصوف عن جمع، وتلقن الذكر من قطب زمانه الشيخ عبد الوهاب الشعراوي، ثم أخذ طريق الخلوتية عن الشيخ المناخلي أخي عبد الله، وأخلاه مرارا، ثم عن الشيخ محرم الرومي حين قدم مصر بقصد الحج، وطريق البيرامية عن الشيخ حسين الرومي المنتشوي، وطريق الشاذلية عن الشيخ منصور الغيطي، وطريق النقشبندية عن السيد الحسيب النسيب مسعود الطاشكندي، وغيرهم من مشايخ عصره، وتقلد النيابة الشافعية ببعض المجالس، فسلك فيها الطريقة الحميدة، وكان لا يتناول منها شيئاً).
أكب على الدرس منذ حداثته؛ وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام زهداً في الدنيا واستجماماً للدرس والتحصيل، يميل إلى العزلة.
ثم علق المنقول والمعقول، واستهوته العلوم العويصة كالفلسفة والتصوف حتى أصاب منها بغيته، ثم التفت إلى التاريخ فألف فيه المطولات لمن يريد الاستيعاب، ثم المختصرات لمنم يبغي الاطلاع، كما ضرب بسهم في السياسة والاجتماع. ثم واصل الدرس فتعمق في فقه اللغة وعالج الكتابة غير أنه كان يميل إلى السجع والمحسنات اللفظية مما كن يعجب به أهل زمانه؛ وتعرض للتاريخ الطبيعي حسبما مكنه الأوان، ثم كان محدث عصره فجلس إلى الناس يحدثهم ثم ولى التدريس بالمدرسة الصالحية فحسده أهل عصره؛ وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم.
ولما حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، وشرع في إقراء مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهب، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره فأذعنوا لفضله، وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضور مجلسه، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم الشيخ سليمان البابلي، والسيد إبراهيم الطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري، والولي المعتقد الشيخ أحمد الكلبي، وولده الشيخ محمد؛ وغيرهم.
تصدره للإفتاء أما ما قيل من انه تصدر الإفتاء فذلك يرجع إلى أنه ذكر في مقدمة زائفة لسيرة نسبت إليه: (قال شيخ الإسلام ومفتي الأنام الشيخ عبد الرءوف المناوي) ونحن نشك في ذلك، وربما كان ذلك يرجع إلى أن جده الشيخ شرف الدين يحيى تولى مشيخة الأزهر وأن له مجموعة فتاوى.
وفاته
ومع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دس عليه السم فتوالى عليه بسبب ذلك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي، ولما عجز صار ولده تاج الدين محمد يستملي منه التآليف ويسطرها. ولا ننسى أنه كثيراً ما اعتزل الناس وامتنع من مخالطتهم، وأنه كان إلى أواخر حياته بحراً فياضاً ومعيناً لا ينضب. وافاه قدره في صبيحة الخميس في الثالث والعشرين من شهر صفر سنة 1031هـ ودفن بجانب زاويته التي أنشأها بين زاويتي الشيخين احمد الزاهد ومدين الأشموني بعد أن ترك للأجيال ما يفخر به عصره.
تآليفه
1 - كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق: يشمل على 100000 حديث استخرجها من 44 كتابا ما بين مغاز ومسانيد وسير بينها الكتب الستة رامزاً للأسانيد. فرغ من تأليفه سنة 1026هـ وطبع بمصر سنة 1286هـ، سنة 1305هـ.
2 - الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية: يبدأ بمقدمة في التصوف رداً على آراء المعتزلة، ثم يتبعها بثمانية أبواب في سيرة الرسول ثم بالخلفاء الراشدين، وبلى ذلك تراجم الصوفية مفرداً طبقات كل قرن على حدة حسب سني وفياتهم، مرتبا إياهم أبجدياً؛ فكانت إحدى عشرة طبقة ينتهي الجزء الأول بانتهاء الطبقة السادسة والباقي في الجزء الثاني، فرغ من تأليفه سنة 1011هـ في 880 صفحة ولم يطبع.
3 - الطبقات الصغرى أو إرغام أولياء الشيطان: جمع فيه تراجم صوفية العجم والروم والحجاز واليمن والشام ومصر، وصدره بمقدمة مرتبة على خمسة أبواب: في التنبيه على جلال كرم الأولياء، والرد على منكري كراماتهم بالأدلة النقلية والعقلية، وبيان منازلهم ومقاماتهم والحكمة في ظهور الكرامات على أيديهم، والترغيب في مجالستهم، والأخذ عنهم، وبيان طبقاتهم وأحوالهم ومكان أصحاب الوظائف منهم، وفي ذكر شيء من أصول علم التصوف المهمة التي لا يستغني عنها ثم، ذكر التراجم مرتبة أبجديا. مخطوط في 276 صفحة ألفه بعد سابقه.
4 - آداب الأكل والشرب: في آداب اللياقة يناسب أهل ذلك الزمن. مخطوط في 80 صفحة.
5 - شرح خطبة القاموس: في صفحات قلائل.
6 - الدر المنضود في ذم البخل ومدح الجود: من الأدب الرائع رغم ما به من سجع. مخطوط في 112 صفحة.
7 - إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل للمناوي مخطوط ضمن المكتبة التيمورية في مناقب السيدة فاطمة الزهراء في خمسة أبواب:
الباب الأول: ولدت سنة 41 من مولد الرسول ﷺ. وقيل قبل الرسالة بخمس سنين.
الباب الثاني: تزوجت علياً في (خلاف من الخامسة عشرة من عمرها إلى الحادية والعشرين) وعمره إحدى وعشرون سنة في رمضان سنة 2هـ وبنى بها بعد العقد بنحو أربعة أشهر ولم يتزوج قبلها ولا عليها، وأولدها حسناً وحسيناً ومحسناً (مات صغيراً) وأم كلثوم الكبرى التي تزوجت عمر فعون بن جعفر فمحمد فعبد الله أخويه وأمهرها درعاً باعها بمبلغ 480 درهماً وكان جهازها: سرير مشرط بالشريط، وإهاب كبش، ووسادة من أدم حشوها ليف، وقربة، ومنخل، ومنشفة، وقدح.
الباب الثالث: الأحاديث الواردة فيها: 52 حديثاً.
الباب الرابع: مناقبها ومزاياها.
الباب الخامس: عشرة أحاديث روتها ثم أشعار بين فاطمة وعلي ضعيفة التأليف.
8 - غاية الإرشاد في معرفة أحكام الحيوان والنبات والجماد لم أره ولعله يشبه حياة الحيوان للدميري أو الحيوان للجاحظ أو عجائب المخلوقات للقزويني.
9 - الجواهر المضيئة في الأحكام السلطانية: في آداب السلطان وعلم الاجتماع.
10 - سيرة عمر بن عبد العزيز.
11 - التوقيف على مهمات التعريف: مخطوط بالمكتبة الأهلية بباريس.
وهو ذيل لكتاب التعريف للشريف الجرجاني ويشمل الاصطلاحات العلمية العربية في عهدهما أفاض فيه المناوي في ذكر المسميات الفنية التي تساعدنا الآن في تسمية أجزاء الآلات وغيرها مما له مساس بأغراض المجمع اللغوي الملكي.
12 - فيض القدير: طبع في مصر:
وهو شرح كبير مستفيض لكتاب الجمع الصغير للحافظ جلال الدين السيوطي في علم الحديث.
13 - 80 مؤلفات تامة ذكرها المحبي في خلاصة الأثر فليراجعها من أراد.
81 - 93 مؤلفات لم تتم.
ونحن نرجو من يعثر على مؤلفات لعبد الرءوف المناوي غير ما ذكرت أن يتفضل بذكر مكان وجودها خدمة للرجل وفضله.
(الزقازيق)
محمد إبراهيم العفيفي