الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 127/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 127/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 127
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 09 - 12 - 1935


كتاب عن المسألة الحبشية

أثارت المسألة الحبشية واعتداء الاستعمار الإيطالي على الحبشة نشاط المؤرخين والكتاب كما أثارت اهتمام الساسة والرأي العالمي، وظهرت في الآونة الأخيرة عدة كتب ومباحث تاريخية وسياسية واقتصادية وعسكرية عن إيطاليا والحبشة وكل ما يتعلق بتلك المشكلة الخطيرة التي ما زال يضطرب لها العالم كله منذ أشهر , وكان مما ظهر أخيراً في ذلك الموضوع كتاب للكاتب الإنكليزي أميل بيرنز عنوانه (الحبشة وإيطاليا) واميل بيرنز كاتب اشتراكي، وكتابه حملة قوية على الاستعمار الغربي، وأحدث فوراته ونزعاته أعني الاستعمار الإيطالي. ويقول الكاتب في مقدمته إنه يقصد بما يكتبأن يبين الأسباب التي تجثم وراء الحوادث ووراء ستار المظاهر الدبلوماسية؛ والحوادث الظاهرة هي اعتداء إيطاليا المسلح على الحبشة، وعمل إنكلترا وفرنسا السياسي في عصبة الأمم أو خارجها، وليس هذا العمل في نظر اميل بيرنز سوى مؤامرة استعمارية.

ويستمد أميل بيرنز أدلته من حوادث التاريخ الحبشي منذ سبعين عاماً؛ فتاريخ الحبشة يحفل خلال هذه الحقبة بمشاريع إنكلترا وفرنسا وإيطاليا ودسائسها المستمرة، وكل تغالب الأخرى في سبيل الحصول على النفوذ الأوفر في الحبشة؛ والرأسمالية الاستعمارية من وراء السياسة تحاول أن تضع قدمها في تلك الأرض الغنية. وليس عمل إيطاليا إلا اعتداء في سبيل الاستغلال والسلب؛ ذلك أن أحداً في العالم لم يصدق أن إقدام إيطاليا على اتخاذ هذه التدابير العسكرية كان من باب الضرورة والتحوط وليست لها صبغة اعتدائية، وأنها ليست إلا ضمانا للسلام والأمن ضد أمة همجية، ولم يدهش إنسان بعد ذلك أن يرى هذه الإجراءات تتخذ فجأة صبغة الغزو المسلح، وأن تتحدى إيطاليا رأي العالم المتمدن كله، ولم تقم الدول الاستعمارية الأخرى بعمل حاسم لمنع هذا الاعتداء، وإذا كانت قد فعلت شيئاً فذلك لأن الموقف النبيل الذي وقفه النجاشي كان مثاراً لإعجاب العالم وعطفه.

وقد كانت الحبشة فريسة الاعتداء المدبر، وكان لإيطاليا أن تحمد الفرصة السانحة من كل وجه وخصوصاً لأن موقف الحكومة القومية الإنكليزية في تأييد سياسة النازي (الهتلريين) في ألمانيا قد دفع فرنسا إلى أحضان إيطاليا وانتهزت إيطاليا هذه الفرصة لتضمن ت فرنسا لها في افتراس الحبشة. بل لقد حاولت إنكلترا أن تعمل على اقتسام الحبشة مع إيطاليا، ومن أجل ذلك قدمت مشروعها بالتنازل عن زيلع إلى الحبشة.

ويتناول المؤلف بعد ذلك العوامل الإقتصادية التي دفعت بالحكومة الفاشستية إلى اعتدائها، ويسرد الأدلة على أن (التمركز المالي) هو الذي يدفع إلى هذه النزعة الإمبراطورية ثم يتحدث بعد ذلك عن (الفاشستية وعصبة الأمم) ويبين لنا كيف أن الرأسمالية من وراء كل حركة وإجراء تعمل باسم الأقليات وباسم الانتدابات؛ وكيف أن الرأسمالية الخصيمة تحاول أن تقضي على أي مشروع للصلح يتضمن أي مغنم للرأسمالية الفاشستية، وهذا بصرف النظر عن قضية الحبشة وعدالتها. والآن تسنح فرصة بديعة لسحق الفاشستية ونظمها الطاغية، ولكن هل تنتهز الدول هذه الفرصة؟ ويقول لنا الكاتب إن الواقع أن حكومة إنكلترا القومية إن هي إلا حكومة فاشستية بمعنى الكلمة لا ينقصها سوى الاسم.

ويعرض المؤلف نظرياته وأدلته بقوة ووضوح ولا سيما فيما يتعلق بالمسألة الإيطالية الحبشية، ويسبغ على عرضه صبغة اشتراكية واضحة ولكن معقولة متزنة، وكتابه يعتبر من خير الكتب التي أخرجت أخيراً في موضوعه، ويمتاز بالنسبة للشعوب الشرقية بأنه حملة قوية منظمة على الاستعمار وأساليبه تثلج صدر كل شرقي يرى أساليب الاستعمار الهمجية تعمل في وطنه وأمته.

ذكرى غزوة بدر الكبرى

تألفت بالقاهرة لجنة من الشباب للاحتفال بذكرى غزوة بدر الكبرى في 17 من رمضان لأنها أول نصر حاسم في تاريخ الإسلام. وستكون الحفلة برياسة الدكتور محمد حسين هيكل. ومن خطبائها الأساتذة الدكتور محمد حسين هيكل، الشيخ عبد المجيد اللبان شيخ كلية أصول الدين، السيد محمد الغنيمي التفتازاني، الدكتور عبد الرحمن شهبندر، محمد أفندي عبد الباقي سرور نعيم، الشيخ أحمد البهي مندوب الأزهر، أحمد أفندي شوقي مندوب كلية الحقوق.

وسيكتب في هذا الموضوع الأساتذة محمد جاد المولى بك، أحمد حسن الزيات، حفني محمود، محمد علي غريب، عبد الحميد المشهدي.

كتاب (محمد) للأستاذ توفيق الحكيم كتب الأستاذ توفيق الحكيم رسالة إلى أحد أصدقائه الفرنسيين في أكتوبر سنة 1934، جاء فيها عن كتابه (محمد) ما يأتي: (إن كتابي عن محمد (ص) لا يزال في طور التحضير والتهيئة، وعسى أن أتمه في الشتاء المقبل. وسأبرز فيه النبي الكريم متكلماً بكلامه المأثور، في صورة تستوعب حياته المجيدة، كما يتصورها الفنان، لا كما يفهمها العالم والمؤرخ. . .)

الصقالبة في الرواية العربية

إلى الأستاذ المحقق محمد عبد الله عنان

قد قرأت لحضرتكم في عدد الرسالة (رقم 126) مقالاً تحت هذا العنوان، وفيه عبارة لابن حوقل عن صقالبة الأندلس، جاء فيها: (فنصت بلدهم (الصقلب) يسبيه الخراسانيون ويصلون، والنصف الشمالي يسبيه الأندلسيون من جهة جليقة وإفرنجة وانكبردة وفلورية، وبهذه الديار من سبيهم الكثير). ثم استنتجتم من ذلك أن لفظة الصقالبة كانت تطلق على سكان هذه البلاد المذكورة، والذي يغلب على ظني أن هذه العبارة لم يرد بها ذلك، بل المراد وصف الطريق التي كان يسلكها سبي الصقالبة، حتى يصل إلى الأندلس، فهل عند الأستاذ ما ينفي هذا الظن؟

(قنا)

عطية الشيخ

الإنسان والكون - آراء علمية جديدة

ألقى العلامة الطبيعي الإنكليزي الأشهر سير جيمس جينس أخيراً محاضرة عن (الإنسان والكون) حمل فيها بشدة على مادية العلم القديمة، وقال إنه يعتقد أن الإنسان ليس آلة صماء، وأنه يناضل في الواقع من أجل مصيره، وأنه قد أحرز أخيراً نجاحاً لا شك فيه. بيد أنه ما زال عليه أن يناضل من أجل مركزه في المجتمع، فإذا أخفق في هذا النضال فقد يستأصل ويقضى عليه كما قضى على أجناس وفصائل أخرى من قبل، وفي هذه الحالة يكون الإنسان ضحية جنس آخر من صغار المخلوقات، ربما كان هو الميكروبات التي لا يراها لصغرها.

وإذا نجح الإنسان في هذا الصراع واستطاع أن يظفر بتوطيد مركزه، فإن مواهبه وكفاياته قد تتسع وتزيد تدريجياً حتى يتحول إلى شئ آخر غير ما هو اليوم عليه وربما كان شيئاً أرفع مما هو عليه. وقد تختلف عنا سلالتنا بعد عشرة ملايين سنة كما نختلف نحن عن أسلافنا المنحطين منذ عشرة ملايين سنة. وشر ما يخشاه الجنس الإنساني هو الهزيمة والعدم، وخير ما يؤمله هو أن يغدو قنطرة منسية للطريق إلى أشياء أسمى.

وقد لاح في وقت ما أن نظرية (النسبية) قد وضعت حداً لكل الآمال التي تساور الإنسان في جعل العالم أكثر رفاهة وسعادة وجمالاً وأكثر نبلاً وعدالة طبق مثله الخاصة.

أما الآن فلدينا أسباب كثيرة تحملنا على العودة إلى اعتقادنا في أن الماضي والحاضر والمستقبل لها في الواقع معنى موضوعي وليست هواجس تهجس في عقولنا، وبعبارة أخرى يجب علينا أن نعتقد أن الزمن إنما هو حقيقة مادية.

واستعرض السير جينس بعد ذلك ما وصل إليه العلم في شأن (الذرّة) وما يقال من أنه لا يمكن سير الذرات، وأن سير الطبيعة يقوم على غير نظام وتقرير سابق؛ ومن رأيه أن العلم عاجز عن أن يقدم أي تحديد أو أي تدليل على مسألة (الحير) القديمة؛ وقد يكون الإنسان أو لا يكون آليّاً، ولكن العلم لا يستطيع أن يبرهن على أنه ليس آلياً، ثم هو لا يستطيع أن يبرهن أنه آلي قال؛ وإذا استعرضنا تاريخ العلوم في جملته، فإنا نرى المعارف العلمية ما تزال ترغم الإنسان على أن يخفض من تقدير نفسه ومركزه في الكون حتى بدء القرن الحالي، أما أنا فأرى أن التيار قد أخذ يتطور، وإننا على ضوء المعلومات التي ترتبت على نظرية النسبية والكمية، نستطيع أن ننظر إلى مركزنا في شيء من التفاؤل لم يسمح به العصر الفيكتوري).

شرعية الانتحار

يعرض في القريب العاجل على مجلس اللوردات الإنكليزي مشروع قانون فريد في نوعه، يراد به تقرير شرعية الانتحار، أو بعض أنواع القتل؛ ففي العهد الأخير وقعت في إنكلترا عدة حوادث رنانة مؤثرة؛ قتل فيها الابن أباه، والزوج زوجته، والعاشق حبيبته، ولم يكن قتلاً عادياً أو له صفة الجريمة، بل كان قتلاً مبعثه الإشفاق والحب، وكان في الغالب بناء على طلب المجني عليه؛ وكان المجني عليه أو القتيل في معظم الأحوال يشكو مرضاً لا يرجى برؤه ويعاني آلاماً مروعة يريد أن يتخلص منها بالخلاص من حياته، فيطلب إلى أحب الناس إليه أن يقوم بهذه المهمة الأليمة. وقد وقعت عدة حوادث من هذا النوع، وقدم (الجناة) أو الذين ارتكبوا القتل بهذه الطريقة إلى القضاء فحكم القضاء في الغالب بالبراءة إزاء الظروف المؤثرة التي وقع فيها القتل، وإزاء انعدام نية الجريمة من جانب المتهم ولكن بعض (الإنسانيين) وأنصار هذا النوع من الإعدام يخشون أن يقسو القضاء فيعامل المتهمين في هذه الحوادث بالشدة وينال قصاصه المؤلم، لأن الانتحار يعتبر في القانون الإنكليزي جريمة ويعاقب كل من اشترك فيه أو ساعد عليه؛ ولذلك رأى بعض اللوردات أن يقدم إلى المجلس مشروع قانون يبيح القتل في مثل هذه الأحوال، وقد روعي في هذا المشروع أنه توجد حالات أليمة يشتد فيها المرض والألم على الفريسة فيتمنى كل من حولها لها الخلاص من هذا العذاب ويعتبرون من واجبهم المقدس أن يلبوا طلبها في الإجهاز عليها وإنقاذها من ذلك الجحيم؛ ولكن روعي من جهة أخرى أنه قد توجد حالات يتمنى فيها أهل المريض المعذب وفاته بسرعة ليحظوا بالإرث والثراء؛ وقد ينتهزون فرصة آلامه، وهذيانه فينتزعون منه إقراراً كتابياً بطلب الموت، ثم يجهزون عليه؛ ويتذرعون بهذا الإقرار للإفلات من العدالة؛ ففي هذه الحالة يتطلب القانون الجديد أن يقع مثل هذا الإقرار على يد موظف عمومي، وذلك بعد أن يصدر الطبيب المختص قراره بأن المريض لا يرجى برؤه وأنه يعاني آلاماً لا يمكن احتمالها مع الحياة؛ ويشترط مشروع القانون أيضاً أن الذي يقوم بعملية الإعدام أو الإجهاز على الفريسة طبيب مرخص له بذلك.

وهكذا يراد أن يشرع حق الانتحار، وأن يمنح حق الإعدام في ظروف معينة؛ وسنرى ما إذا كان مجلس اللوردات يقر هذا القانون المدهش.

معرض الفن الصيني

أفتتح أخيراً في لندن في (برلنجتون هاوس) معرض الفن الصيني الذي كانت تتخذ العدة لافتتاحه منذ أشهر. وقد عرضت في هذا المعرض تحف وآثار صينية نفيسة يرجع الكثير منها إلى نحو ثلاثة آلاف سنة. ومعظم هذه التحف الرائعة ملك للصين ولكن الحكومة الوطنية الصينية ارتضت أن تعيرها للسلطات الفنية البريطانية بعد مفاوضات طويلة؛ ونقلت المعروضات في طرادة بريطانية مسلحة وأخذت إلى لندن لتعرض هنالك على أنظار العالم المتمدن. وتدل هذه التحف على أن الصين كانت قبل آلاف السنين تتمتع بحضارة رائعة تضارع في ازدهارها وروعتها حضارة مصر القديمة، وتدل على إن الفنون الصينية بلغت مبلغاً عظيماً من الافتنان. وقد كان الابتكار يقترن لدى الفنان الصيني مع الصبر وتخير النماذج الفائقة. وأقدم التحف المعروضة هي آنية للمراسيم الدينية صنعت من البرونز ويرجع صنعها إلى سنة 1766 قبل الميلاد؛ وكان البرونز أول مادة استعملت في الفن الصيني؛ ولم يبدأ النحت البوذي إلا في القرن الرابع أو الخامس الميلادي. وقد كان افتتاح المعرض الصيني حادثاً فنياً عظيماً في إنكلترا، وهرعت الجماهير الحاشدة لرؤيته من أنحاء الجزر البريطانية وأمم القارة الأوربية.