الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 126/جنازة السلام

مجلة الرسالة/العدد 126/جنازة السلام

مجلة الرسالة - العدد 126
جنازة السلام
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 02 - 12 - 1935


بمناسبة الحرب بين إيطاليا والحبشة

للأستاذ محمود غنيم

أرأيت إذ وُلِدَ السلامْ ... فنَعَوْهُ من قبل الفطامْ

وضعته (أُورُبَّا) لنا ... يا ليت (أوربا) عُقَام

طفلٌ بريءٌ ذاق مِنْ ... يد أمهََّ كأسَ الحِمام

نحروا الغلامَ ضحيةً ... في عيد ميلاد الغلام

لهفي عليه ممزَّقَ الْ ... أوصال مُنْتَثِرَ العظام

عصفت به ريحُ الوغى ... عصفاً وغطّاه القتام

فمضى شهيداً ما له ... قبرٌ يُزارّ ولا مقام

ليس السلامُ بسائد ... مادام في الدنيا حُطام

ما الناسُ إلا الناسُ في ... عصر الضياء أو الظلام

سيَّان مَنْ سكن القصو ... رَ الشمَّ أو سكن الخيام

بِسوَى الدمّ المسفوح لا ... يُرْوَى لظامئهم أوام

وأحبُّ ما وقعت علي ... هـ عيونُهم جُثَثٌ وهام

وهو ابنُ آدمَ ينتشي ... من حُمْرَة الدم والمدام

الذئب كالإنسان لو ... يتعلم الذئبُ النظام

فكلاهما وحشٌ حد ... يد النّاب يلتمس الطعام

سِيَّان عند الفتكِ نا ... بُ الليث أو حدُّ الحسام

قالوا السلامُ فقلت ما ... أقوى اللسانَ على الكلام

وتعاهدوا فسألتُهم ... ما حَدُّ مَنْ خَفَرَ الذمام

أبغصن زيتون يُجا ... زى أم بصارم الانتقام

قالوا السلامُ فقلتُ كم=قد حارب الرُّسُلُ الكرام

لا (الفاتيكانُ) من الحرو ... بِ نجا ولا البيتُ الحرام

قد كانت الخلفاء تُص ... لَبُ بين زمزمَ وَالمق كلٌّ يُشيرُ إلى السلا ... مِ بعين ذئبٍ لا تنام

وأمامهُ أُسطولهُ ... ووراَءه الجيشُ اللُّهام

فَقَدَ المهنّدُ عرشَه ... والمُلكُ ليس له دوام

نارٌ وغازٌ فاتكٌ ... بدلَ الأَسنة والسَهام

شبح المنَّية جاثمٌ ... فوقَ المياهِ أو الرغام

أو في الفضاء مرفرفٌ ... بجناحه مثلَ الحمام

جبَّارَ رُوماَ سوف تَلْ ... بَسُ تاج قَيْصَرَ في المنام

أتريدُ ويحك أن تُؤَ ... خِّر أهْلَ جيلِك ألفَ عام

ولّى زمانُ القيصر ... يَّةِ والقياصرةِ العِظام

أوَ ما رأيتَ الحكم با ... ت الآن في أيدي الطّغام

ولقد مشَيتَ القهقَرى ... ومشى الزمانُ إلى الأمام

أإذا صفا جوُّ السلا ... مِ زَفَرْتَ فانتشر الغمام

رُحماك هل تشكو إلي ... ك الأرضُ من هول الزحام

لم تَخْبُ نارُ الفتنة ال ... كبرى وجُرْحُ الكون دام

ولقد تحديْتَ الأنا ... مَ فكنت سخريةَ الأنام

أسرفتَ ويحك فاتئد ... ماذا جنى أبناءُ حام

لا تحسبَنَّ مرابضَ الْ ... آسادِ سهلَةَ الاقتحام

هذي معاقلُهم فمن ... لك بالبواذخ من شمام

هاهم خصومُك حول شَ ... طَّ المَنْشِ إن شئتَ الخصام

القابضون على جني_فَ ورهطهِا مثلَ السوام

قالوا الحصارُ فأذعنت ... (والقول ما قالت حذام)

أخذوا على روما المسا ... لكَ فهْي في ضيق المسام

عَجَبي على باغٍ يقو ... لُ لمن بغى: هذا حرام

استَعْمَرُوا فتلثّموا ... وخرجتَ مكشوفَ اللثام

رمتَ التّنَمُّرَ مثلَهم ... فظهرت في ريش النّعام شررٌ بروما طار يو ... شِكُ أَن يكون له ضِرام

الشعبُ هُدَِّدَ بالطّوى ... والجيشُ بالموت الزؤام

يتساءل الأقوامُ هل ... (نيرونُ) بعد الموت قام

زعزعتَ أركان السلا ... مِ فَذُقْ مرارة الانهزام

كوم حماده

محمود غنيم