مجلة الرسالة/العدد 122/البريد الأدبي
→ رحلة إلى حدود مصر الغربية | مجلة الرسالة - العدد 122 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 04 - 11 - 1935 |
مشاكل الشرق الأقصى - كتاب طريف عنها
في العهد الأخير لفتت مسائل الشرق الأقصى أنظار العالم؛ وأثار توغل اليابان في الصين في بعض الدول التي تهتم بمجرى الحوادث في الشرق الأقصى شكوكاً ومخاوف جديدة، وأبدت اليابان رغبتها جلية واضحة في الاستئثار ببسط نفوذها على الصين ومقاومة النفوذ الأوربي، وما تزال مشكلة الشرق الأقصى جاثمة في الأفق تثير اهتمام السياسة الأمريكية، والسياسة الروسية، والسياسة البريطانية؛ وقد صدر في أمريكا أخيراً كتاب عنوانه (سحب الحرب في آفاق الشرق الأقصى). بقلم المحامي توم إيرلاند، تناول فيه المؤلف مسائل الشرق الأقصى بإفاضة، وذهب فيه إلى رأي جديد لا يبدو أنه متفق مع اتجاه السياسة الأمريكية الحاضرة. وخلاصة هذا الرأي هو أن أمريكا يجب أن تنفض يدها من التدخل في مسائل الشرق الأقصى، وأن تترك الصين لمصايرها؛ ويستند المؤلف في عرض رأيه إلى ما يأتي:
(1) أن التجارة الأمريكية في الشرق الأقصى لا تبرر هذا التدخل من حيث أهميتها.
(2) أن أمريكا مضطرة إلى إنشاء أسطول ضخم تكون نسبته للأسطول الياباني كنسبة 5 إلى 3، إذا أرادت أن تتدخل لمقاومة اليابان تدخلاً فعلياً، وهذا يكلفها نفقات باهظة.
(3) وحتى لو سلمنا بأن في استطاعة أمريكا أن تنشئ مثل هذا الأسطول فإنه لا يفيدها كثيراً، بعد أن فرطت في جزائر الفيليبين، وأصبح من المتعذر أن تتخذ منها قاعدة بحرية للعمل في المحيط الهادي.
(4) أن اليابان سائرة في طريق التوسع، ومن حسن الحظ أنها وجدت في منشوريا (منشوكيو) مجالاً لنشاطها، وفي ذلك ما يدفع تيار الخطر الأصفر عن أمريكا.
وقد أريد بهذا الكتاب أن يصدر قبيل انعقاد المؤتمر البحري إذ ينتظر أن تطالب اليابان فيه بزيادة نسبة أسطولها نظراً لما تتطلبه حماية أملاكها الجديدة، ولأن أمريكا ما زالت تطالب في الصين بسياسة الباب المفتوح، وهي سياسة عتيقة أضحت لا تبررها الظروف.
ويقرن المؤلف عرضه بإحصاءات ووثائق اقتصادية كثيرة عن نشاط مختلف الدول ذات المصالح في الشرق الأقصى، وإحصاءات عن نفقات الحرب، وعن القوى البحرية، وس المهاجرة، وسير المواليد، ويثبت فيه كل المعاهدات التجارية، ويتحدث طويلاً عن سياسة روسيا ونشاطها. والكتاب بموضوعه وتدليله يعتبر وثيقة هامة في التاريخ السياسي والاقتصادي المعاصر.
محنة الصحافة الألمانية في ظل الإرهاب الهتلري
من أنباء برلين الأخيرة أن جريدة (كرويتس تسيتونج) الشهيرة (جريدة الصليب) قد احتجبت واختتمت حياتها الصحفية الحافلة. وقد كانت (الكرويتس تسيتونج) من أعظم الصحف الألمانية وأقدمها، وأعرقها في الهيبة السياسية؛ وقد أنشئت سنة 1848 لتكون لساناً للحزب المحافظ الذي أنشأه البرنس بسمارك عميد السياسة الألمانية في القرن التاسع عشر؛ وكان شعارها منذ نشأتها العبارة الشهيرة الآتية: (إلى الأمام مع الله، في سبيل الملك والوطن. نحن الألمان نخاف الله، ولا نخاف شيئاً آخر في العالم)؛ وكان هذا الشعار ما يزال يطبع في صدر الصحيفة حتى أيامها الأخيرة أعني حتى 31 أكتوبر المنصرم وهو آخر أيام حياتها؛ وكانت عند نشأتها تسمى (نوية برويسشه تسيتونج) أو الجريدة البروسية الجديدة، وقد اختطت لها منذ نشأتها نزعة بروسية محافظة تعبر عن آمال العسكرية والأرستقراطية وكبار الملاك؛ وتظهر صباحاً ومساءً في حجم كبير وتفوق في الانتشار معظم جرائد برلين الكبرى مثل التاجبلات وجرمانيا، والدويتشه الجمينة وغيرها؛ وكانت ما تزال حتى العهد الأخير تتمتع بمركز حسن وذيوع لا بأس به؛ ولكنها كانت تعاني منذ قيام الحكم الهتلري صعاباً جمة في التعبير عن آرائها؛ وكانت من الجرائد القليلة التي لم تقبل أن تخضع لأغلال النازي ونظرياتهم؛ وقد كان مصيرها الإغلاق والمصادرة منذ بعيد لو لم تكن تتمتع بتأييد نفوذ بعض الهيئات العسكرية والمحافظة القوية؛ ولو لم تكن تعتبر أثراً من آثار منشئها بسمارك. بيد أنها رأت أخيراً أنها لا تستطيع المضي في رسالتها تحت تأثير الضغط والوعيد الذي يفرض على الصحافة الألمانية في العهد الجديد، ولهذا آثرت الاحتجاب من تلقاء نفسها. وهكذا تختفي الصحف الألمانية الكبرى واحدة بعد الأخرى وتنحط الصحافة الألمانية تباعاً إلى عداد صحف الدعاية الحزبية. وباختفاء (كرويتس تسيتونج) ينهد ركن متين من أركان الصحافة الألمانية العريقة، وتسجل ضحية صحفية جديدة لحكم الإرهاب السائد في ألمانيا.
مدينة للسينما في إنكلترا
كانت الأفلام الأمريكية قد اكتسحت بلدان العالم، وكادت الصناعة السينمائية تصبح وقفاً على أمريكا وعلى هوليوود مدينة الكواكب الشهيرة؛ ولكن كثيراً من الأمم تنبهت إلى هذا الخطر الذي يهدد صناعتها وثقافتها المحلية، فنهضت تنشئ لها صناعة سينمائية خاصة، وكانت بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا وإيطاليا في مقدمة هذه الدول، فشجعت صناعة الأفلام القومية، ووضعت قيوداً مختلفة على عرض الأفلام الأجنبية. وقد قرأنا في البريد الأخير أن إنكلترا قد بدأت بإنشاء مدينة خاصة للصناعة السينمائية على نمط مدينة هوليوود الأمريكية. وموقع هذه الضاحية الفنية في دنهام من مقاطعة بوكنهام شير حيث تكثر المناظر الطبيعية البديعة؛ ومساحتها مائة وخمسة وستون فداناً من الأرض؛ وتبنى فيها الآن أبهاء التصوير (ستديو) بإشراف المهندس والرسام جاك أوكي، وستكون أعظم أبهاء من نوعها في القارة الأوربية، وهي ثمانية سيكلف صنعها 400 ألف من الجنيهات، وسيكون في كل منها مسرح مجهز بالألوان لا يضارعه أي مسرح في أمريكا، وسيجهز بمولد كهربائي يكفي لإنارة مدينة كبيرة.
وينتظر أن ينفق نحو مليوني جنيه سنوياً على صناعة الأفلام في دنهام، وأن تخرج كل عام 24 فلماً من الأفلام العظيمة، وستشترك في العمل فيها شركتان أمريكيتان كبيرتان إلى جانب شركات لندن الكبرى، وينتظر أيضاً أن يهرع إليها عدد كبير من نجوم هوليوود.
ولم ينته إلى اليوم من المدينة السينمائية العظيمة سوى الهياكل الحديدية، ولكن المنظور أن تنتهي بعد بضعة أشهر؛ وتحتوي الأرض المختارة على غابات وأشجار ورياض وأنهار وشواطئ بديعة؛ وستنشأ بها مكاتب ومطاعم وفنادق وكل ما يجب لتوفير الوقت والرفاهة لساكنيها من نجوم وغيرهم.
مجمع اللغة العربية الملكي
تقرر أن يبدأ مجمع اللغة العربية الملكي دورته القادمة في يوم الأربعاء 20 من شهر شوال سنة 1354 الموافق ليوم 15 من يناير سنة 1936، وقد أرسلت سكرتارية المجمع رقاع الدعوة إلى الأعضاء في مصر وفي الخارج. وقد استأنفت لجانه أعمالها بعد فترة الصيف؛ وقد انعقدت مساء يوم الجمعة الماضي بدار المجمع لجان الآداب والعلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية؛ وستوالي جميع اللجان اجتماعاتها لتعد ما سيجري البحث فيه في الدورة المقبلة، وقد استدعت اللجان بعض الخبراء الفنيين للاستعانة بهم في دراسة المصطلحات العلمية. هذا وستعجل إدارة المجمع بإصدار الجزء الثاني من مجلته تمهيداً لإصدار الجزء الثالث منها، بحيث يكون الجزءان بين أيدي الأعضاء في مفتتح الدورة المقبلة.
ذكريات عن أكابر الكتاب
ظهر في لندن أخيراً كتاب طريف عنوانه: (الصلات) بقلم المستر كورتس براون. ومستر براون ليس كاتباً بمهنته، ولكنه من أكبر (وكلاء الأدب) في إنكلترا، وله صلات وثيقة بمعظم الكتاب الإنكليز؛ وقد تعاقد مع كثيرين منهم على حقوق كتبه. ويعرف مستر براون جيل الكتاب المنصرم معرفة وثيقة، ويعرف الكثير عن أحوالهم وعاداتهم ومشاربهم، وأساليبهم في التفكير والكتابة؛ وقد وضع كتابه المشار إليه متضمناً ما يعرفه عن كثيرين من أقطاب الكتابة في أواخر القرن الماضي مثل توماس هاردي، وهول كين، وجورج مور، والسير كونان دويل، ولورانس وغيرهم. وكتب أيضاً عن بعض الكتاب الهواة مثل مستر لويد جورج واللايدي اسكويث وغيرهما. ونستطيع أن نستخلص من قراءة هذا الكتاب حقيقة مدهشة هي أنه وإن كان هؤلاء الكتاب يشتغلون دائماً بعالم التفكير والخيال، فإن بنهم رجالاً يحسنون فهم الأعمال التجارية والمالية، ويحرصون على مصالحهم المادية حرصاً عجيباً. بيد أن الكاتب يروي لنا أيضاً أن بعض هؤلاء الكتاب كان يفرط في حقوقه المادية تفريطاً مدهشاً، ويضرب لنا مثلاً بتوماس هاردي، ويقول لنا إنه لم يتقاض عن حق تأليف روايته الشهيرة: (تحف شجرة الغابة الخضراء) سوى ثلاثين جنيها!