الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 111/ذكرى سعد

مجلة الرسالة/العدد 111/ذكرى سعد

مجلة الرسالة - العدد 111
ذكرى سعد
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 19 - 08 - 1935


للأستاذ فخري أبو السعود

تهفُو لذكرِكَ أنْفُسٌ ومَشاعر ... وتجود أفئدةٌ له وخواطر

ويُضيءُ شِعرٌ من عَلائك قابِسٌ ... ويَتِيه فخراً في مديحك شاعر

وعلوتَ أنت فما يزيدك مادحٌ ... مجداً ولا يُعلى مكانك ذاكر

يا فخر مصرٍ في الشعوب على المدى ... ما قام فيها بالرجال مُفاخر

كانت حياتك صفحةً كم سُطِّرَتْ ... فيها لمصرَ محامدٌ ومآثر

أنت الذي أعلَيْتَ خافتَ صوتها ... والخصم يُرعِد والخطوبُ بوَاسِر

فَشَدَتْ بذكرك ألسُنُ وصحائفُ ... وبذكرِ مصرَ عواصمٌ وحواضر

رَوَّعْتَ عنها غاصباً متجبراً ... الموتُ من أسيافه متقاطر

ليثٌ يَرُوعُ العالمين مهابةً ... قد راعهُ مِن ليث مصر زَماجر

لما رأَوك تُثير شعباً هامداً ... وتمُجُّ سِحرَ القول قالوا: ساحر

لو أنصفوا قالوا: نبيٌّ مرسل ... الوَحْيُ يَتْبَعُ خَطْوَهُ ويُساير

أدَّيْتَ أمس رسالةً عُلوِيَّةً ... العِزُّ أولُ آيِها والآخِر

في عهدك الزاهي الأغَرِّ - ولم يَطُل - ... يَنَعَتْ أمانٍ للبلاد زواهر

شَرَقَتْ لمصر سيادةٌ كانت خَبَت ... من عهد فرعون وعزٌّ باهر

وطَلَعْتَ في دست الرياسة قائداً ... في راحتيه أزمَّةٌ ومصائر

ومَثَلْتَ في دار النيابة مِدْرَهاً ... شَخَصَتْ إليه جوارحٌ ونواظر

أنَّى حَللْتَ سما بمجدك منصبٌ ... أن زانه سعد العظيمُ الكابر

اسُتقبلِتْ بك مصرُ سالفَ رفعةِ ... وبدَتْ لمأْمُول النهوض بشائر

فأتتْ ثمان بعد ذاك كأنها=دهرٌ على الوادي المروَّع داهر

وئُدَتْ بها الآمال في إبَّانِها ... وتَلَتْ سناك على البلاد دياجر

سَرَقتْ زمامَ الحكم فيها عصبةٌ ... لا عاد عهدهم الأثيم الدَّاثر

من كان قاعُ السجن مأوى مِثلِهمْ ... عَمَرَتْ محافل باسمهم ومنابر

أجْرَوْا على الأهلين ما لم يُجْرِهِ ... في سالف الأحقاب غازٍ فاج وتحكموا والأجنبيُّ مُظاهرٌ ... لهمُ وجُندُ الأجنبيِّ مُناصر

أوْهَى وَأوْهَنُ ما رأوه شرائعٌ ... عَبَثوا علانية بها ودساتر

أعداءُ مِصرَ همُ كواشحُ سعدِها ... قد شفَّهم حقدٌ عليه ساعر

نَقِمُوا عليه في النفوس مكانةً ... مَسعاتهم عن دَرْكها تتقاصر

ضنُّوا على سعدٍ بتمثال وقد ... ضَمَّتْ جوانحُ رَسْمَهُ وسرائر

في موطنٍ كم فاز بالأنصاب في ... ساحاته عِلْجٌ دخيل ماكر

وحَموْا بَقِيَّتَه ضريحاً شادَهُ ... لرُفاته الشعبُّ الحفِيُّ الشاكر

ولو استطاعوا فوق ذاك لما ثَوَى ... في مِصرِهِ جسد الزعيم الطاهر

حَسَدٌ لعلياءِ الرئيس وفضلهِ ... حيّاّ وميْتاً ما يزال، يُساور

إن يَمنعُوا عنه بناَء حجارة ... فلهُ البناءُ المشمَخِرُّ الفاخر

بُنيان مجدٍ شادَهُ بيمينه ... هيهاتَ يَبلُغه الحسود الخاسر

يمضون في غدهم حُطاماً مُغْفَلاً ... وهو المخلَّدُ في العصور الظافر

فخري أبو السعود