مجلة الرسالة/العدد 109/أياصوفيا
→ خمر الرضا | مجلة الرسالة - العدد 109 أياصوفيا [[مؤلف:|]] |
نجوى ← |
بتاريخ: 05 - 08 - 1935 |
بقلم أمجد الطرابلسي
أياصوفيا حان التفرق فاذكري ... عهود كرام فيك صلوا وسلموا
حافظ إبراهيم
(أياصوفيِا) تُذْرِي الدُّموعَ وتَسفَحُ ... وتُمْسِي على مُرَّ الأنينِ وَتُصْبِحُ
تنَكَّرَ أهلوها لها وأذاقَهَا ... فَوَادِحَهُ صَرْفُ الزمانِ المُفَدَّحُ
وهانَتْ على مَنْ كانَ بالأمْسِ مُشفِقاً ... يُدافِعُ عنْهاَ الطامِعينَ وَيَنْفَحُ
فوا أسفا! ماذا أساَءتْ وأذْنَبَتْ ... وقد يُغْفَرُ الذَّنْبُ العظيمُ الُمبَرَّحُ
أَيَهجُرُها أبناؤها دونَ رحمةٍ ... وتتْرَكُ في أيدي الأسى تَتَصَوَّحُ
ألم تَكُ مِحْرَابَ الخِلافة أعصُراً ... يرفُّ عليها المجدُ والعِزُّ يَصْدَحُ
إذا سمعَ الناسُ الأذانَ رأيتَهَا ... تكادُ بأفْواجِ المصلّينَ تَطْفحُ
وإن تُلِيَ الفُرْقانُ فيها رأيتَهَا ... تمايَلُ مِنْ تَرْتيلِهِ وتَرَنَّحُ
فأضْحَتْ خَلاءً لا الحمائِمُ خُشَّعُ ... لديْهَا، ولا الدَّاعي المؤذِّنُ يُفصحُ
وُعُطِّلَ فيها الدينُ فَهْيَ وَجِيعةُ ... تَضِجُّ شَكاةً وَالمَنابِرُ نُوَّحُ
(أتاتُورْكُ) لا يغْررْكَ أنكَ حاكمٌ ... مُطاعُ، تُرَدِّى إنْ أردتَ وتصفح
رُوَيْدَكَ إنَّ الدهْر َ - مذْ كان - قُلَّبٌ ... يَعُودُ فيستَقْضي الذي كان يمنح
لَعَمْركَ إنْ أمسيْتَ رَبَّا مُسَوَّداً ... أتعلمُ ما يُبدْي الصَّبَاحُ وَيفضح؟
إذ العينُ نامَتْ عَنْ أذى الدهْرِ غَفْلَةً ... تُفيقُ على الهَوْل الفظيع وتُفْتَحُ
وأنْتَ الذي يدعونَكَ اليومَ مُصْلحاً ... فَهلْ يَهْدِمُ التاريخَ والمجدَ مصلح
لئِنْ كان قُبحاً نَبْذكَ العُرْبَ جانباً ... فَنَبْذُك للدينِ المقَدَّسُ أقبح
حُقودٌ على الُرْبِ الِكرامِ صَبَتْها ... على الدين، ما تَنْفِكُّ تُورى وتُقْدَح
تبينَ فيها الغَدْرُ والّؤمُ والأذى ... (وكُلُّ إناءٍ بالذي فيهِ ينضح)
تَجَرّأَتْ مغتراً على الدينِ أهْوَجاً ... ولكِنَّ دينَ اللهِ أسمى وأسمحُ
وشَمًّرتَ للدينِ الحنيفِ مغالباً ... فَوا عجَباَ! أنتَ الأجَمُّ وتنطَحُ
وما ناصَبَ الدينَ العداوَةَ أحمقٌ ... مِنَ الناسِ إلا عادَ وَهْوَ مُجرَّح وَللهِ عيْنٌ تَكْلأُ الدينَ برَّةٌ ... وتدفَع عنه كلَّ من جاء ينبح
بَنيتم على الإسْلاَم شامخَ مُلكِكم ... فلَسْتَ إذَا هَدّمْتَهُ اليْومَ تُفْلِحُ
وإِنَّ أَيادِي العُربِ فيكم كثيرَةٌ ... وما ضَرَّها أنْ تُنكِرهَا وَتقْدَحُوا
ولوْلاَ تهاوِلُ الخِلافةِ لم يكُنْ ... (لعثمانَ) في ضَخْم المَملِكِ مَطمحُ
فإِنْ تَهْجُرُوا الدِّينَ المقَدَّسَ فارْجِعُوا ... سَوَائِمَ ترْعَى في المُرُوجِ وَتَسرَحُ
(أتاتُورْكُ) حاذِرْ مِنْ بنِي الغَرْبِ وَثْبةً ... وإنْ غَرَّدُوا بالسِّلْمِ يوْماً ولَوَّحوا
فَحُبُّهُمُ حُبُّ الذِّئَابِ لنَعْجةٍ ... وسِلْمُهُمُ البرَّاقُ سِلْمٌ مُسَلَّحُ
فَصَمتَ عُرى الشَّرْقِ العزِيزِ بِنزْوَةٍ ... من الْحمقِِ مَا تَنْفكُّ تنْزُو وتَجْمحُ
وقَطَّعْتَ أَسبابَ القرَابةِ عَامِداً ... وهذا الذي يُرضِي عِداكَ وَيفْرِحُ
أأنْتَ إِذَا خُنُتَ القَرابةَ وَاجِدٌ ... من الأهْلِ من يَحنو عليكَ وَيَنْصحُ
وواللهِ لا يُبدى لك الغَرْبُ حُرْمةً ... ولوْ رُحْتَ في أذيالهِ تَتَمَّسحُ
يقولُ لَكَ الغَرْبُ المُدِلُّ بِنَابهِ ... وقد جئُتَ تَستَجدِي رضاهُ وَتمدَحُ
مكانكَ ياشرْقيُّ وارْجعْ بِذلَّةٍ ... فمنْ ذَا رَأَى الشَّرْقيَّ لِلعزَّ يَصْلُحُ
ومهمَا سَما الشَّرْقيُّ فالشرقُ نعجةٌ ... تُسمَّنُ لِلغْربِ النَّهُومِ وَتذْبَحُ
فلا تَلتمسْ عَطفاً من الغَرْبِ صَاغراً ... ذَليلاً فما يَحْنُو القوِيُّ ويَسْمَحُ
ولا تَعُبِد الغَربيَّ جَهْلاً فإنما ... ستكْسبُ منه كلَّ ذُلٍّ وتربح
ألستَ تراهُ رابِضاً متَربِّصاً ... يَودّ لَو أنّ الصيدَ يبدو ويسنحُ
دمشق
أمجد الطرابلسي