مجلة الرسالة/العدد 103/البريد الأدبي
→ من الأدب الإيطالي | مجلة الرسالة - العدد 103 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 24 - 06 - 1935 |
كتاب في تاريخ الإسلام: (فرسان الله)
أصدر الكاتبان الفرنسيان الأخوان جيروم وجان ثارو كتاباً بعنوان (فرسان الله) , هو الجزء الأول من كتب ثلاثة يزعمان إصدارها تحت عنوان (ألف يوم ويوم في تاريخ الإسلام)؛ وسيكون عنوان الجزء الثاني (حبوب الرمانة)، والثالث (الشعاع الأخضر). وسيعنى الكاتبان في هذه السلسلة بوصف أولئك الذين يسميانهم (فرسان الله) وهم المسلمون (أتباع محمد)، أولئك الذين حملوا راية الإسلام (إلى بلاد الكفر النائية)، وإلى (بحر الظلمات) (المحيط الأطلانطيقي)
ويحتوي الجزء الأول (فرسان الله) على تاريخ موجز لمكة وقت أن ولد بها (محمد بن عبد الله) (صلعم)، وموجز لتاريخ الدعوة الإسلامية والإسلام حتى قيام ملك الأدارسة بالمغرب الأقصى؛ وقد اظهر الكاتبان على رغم هذا الإيجاز، قوة في الوصف، ولا سيما حين استعرضا الدولة الأموية، ويتخذ هذا العرض صورة القصة. ولم يبرأ الكاتبان من ذلك التحامل الذي نراه مائلاً في كل تاريخ غربي يكتب عن نبي الإسلام
وللمؤلفين عناية خاصة بوصف نفسية الشعوب المغلوبة ولا سيما البربر، وكيف غلب عليهم (ذوق الوثنية) أحقاباً
الأستاذ محمد عبد الله عنان
قرر مجلس الوزراء تعيين صديقنا الكاتب المؤرخ والصحفي البارع الأستاذ محمد عبد الله عنان للعمل في قلم المطبوعات بعد إقراره على النظام الجديد. واختيار الأستاذ لهذا المنصب توفيق من الله يضمن اطراد الإصلاح والنجاح في هذا القلم بعد أن أصبح اختصاصه يتناول الإدارة والسياسة والصحافة والتاريخ. ويكاد الأستاذ عنان يكون بلغاته العربية والإنجليزية والألمانية والفرنسية حركة متصلة للإطلاع والبحث والتأليف والتحرير؛ فقد تخرج في مدرسة الحقوق الملكية سنة 1918، واشتغل بالمحاماة حيناً من الدهر، ثم عالج منذ سنة 1924 التحرير في الصحافة السياسية والأدبية، وتوفر على دراسة التاريخ السياسي والمسائل الدولية، وعكف في أثناء ذلك على فقه التاريخ الإسلامي في مصر وإسبانيا، فألف: ديوان التحقيق والمحاكاة الكبرى؛ ومواقف حاسمة في تاريخ الإسلام، ومصر الإسلامية وتاريخ الخطط المصرية، وابن خلدون: حياته وتراثه الفكري، وتاريخ العرب في إسبانيا، وتاريخ الجمعيات السرية، وتاريخ المؤامرات السياسية، ذلك عدا المقالات القيمة والدراسات الممتعة في التاريخ والسياسة والأدب التي نشرها في (الرسالة) وفي غيرها من المجلات؛ وكلها تنم عن صبر شديد، وعقل سديد، وفهم ذكي، وثقافة شاملة. وإنا لنرجو أن يجد الأستاذ في عمله الجديد ما يساعده على المضي في خطته، ومواصلة هذا الجهاد المخلص في نفع أمته
عيد الأكاديمية الفرنسية
في يوم الاثنين 17 يونيه بدأ الاحتفال الرسمي الكبير بعيد الأكاديمية الفرنسية الثلاثمائة، وهو العيد الذي تقرر إحياؤه منذ شهر يناير الماضي، واستعدّت الحكومة الفرنسية، والأكاديمية وجميع الهيئات العلمية والأدبية لإحيائه بما يليق به العظمة والفخامة. وقد افتتح هذا الاحتفال بإقامة قدّاس رسمي في كنيسة نوتردام عن روح الكردينال ريشليو وزير لويس الثالث عشر ومؤسس هذه الهيئة الأدبية الخالدة؛ ثم أقيمت في عصر ذلك اليوم حفلة رسمية شائقة حضرها رئيس الجمهورية ورجال الحكومة، وأعضاء الأكاديمية ومائتا مندوب يمثلون مختلف الهيئات والمجامع العلمية في أنحاء العالم، (ومنهم رئيس مجمع اللغة العربية الملكي ممثلاً له)؛ وألقيت الخطب الرسمية المعتادة؛ وأقيمت في الأيام التالية حفلات رسمية أخرى
وقد سبق أن أتينا على تاريخ تلك الهيئة الأدبية الشهيرة التي تضم دائماً أربعين من (الخالدين) صفوة ما تخرجه عبقرية فرنسا الأدبية؛ وبينا كيف نشأت متواضعة جداً منذ ثلثمائة عام في منزل سيد يدعى فالنتان كونراد كان من أمناء لويس الثالث عشر، وكان أديباً يجمع حوله عدة من الأصدقاء الأدباء والشعراء، وكان ذلك في سنة 1629؛ ولبث أولئك السادة يجتمعون من آن لآخر مدى خمسة أعوام، ويتجاذبون في اجتماعهم شتى المحادثات الأدبية، حتى علم الكردينال ريشيلو بخبرهم؛ ففكر في إخضاع هذه الجماعة الأدبية لنفوذه، وفي أن ينظمها ويجعل منها (أكاديمية)؛ وانتهى الأمر بأن صدرت الأوامر الملكية بإنشائها في يناير سنة 1635، وصودق عليها من البرلمان في يوليو سنة 1635
واستمرت (الأكاديمية) تنمو وتترعرع، وتجمع في سلكها أكابر النثر والشعر حتى كانت الثورة الفرنسية، فألغيت مع باقي الهيئات العلمية الأخرى في سنة 1793، وأنشأ مكانها (المجمع العلمي الوطني)، وفي سنة 1803 قسم هذا المجمع إلى أربعة أقسام منها (الأكاديمية الفرنسية) التي استردت اسمها الأصلي بعد ذلك في عهد لويس الثامن عشر (سنة 1816)، وقامت إلى جانبها (أكاديمية النقوش والآداب) و (أكاديمية العلوم) و (أكاديمية الفنون الجميلة). وفي سنة 1832 أنشأت أكاديمية خامسة هي أكاديمية العلوم الأخلاقية
وهذه هي الفترة الوحيدة التي اعترضت حياة الأكاديمية الفرنسية وما زالت الأكاديمية تقوم خلال هذه القرون الثلاثة بدورها التاريخي في الأشراف على الآداب الفرنسية، وإن كانت مهمتها الأصلية التي حددت في الأوامر الملكية أن تشرف على (تحسين اللغة وتوسيعها)؛ وما زال الظفر بالانخراط في سلكها أسمى ما يطمح إليه كاتب أو شاعر، وما زال الانتماء إليها عنوان (الخلود)
ذكرى شومان أستاذ النقد الموسيقي
احتفلت الدوائر الفنية الألمانية في الثامن من يونيه الجاري بالذكرى الخامسة والعشرين بعد المائة لمولد الموسيقي الألماني الأشهر روبرت شومان، ونظمت لهذه المناسبة حفلات موسيقية عظيمة في أنحاء ألمانية عزفت فيها قطع شومان وأذاعت المحطات اللاسلكية مختارات موسيقية من آثاره في برلين وفينا. ويعرف شومان في عالم الموسيقى بأنه (روح الإبداع الموسيقي). وكان مولد شومان في زفيكاو من أعمال سكسونيا. ودرس الحقوق أولاً، ولكنه رغب عنها إلى دراسة الموسيقى. ودرس العزف على (البيانو) في ليبزج على يد فيكس وهو من أبرع أساتذة العصر؛ ولكنه أصيب بإصابة في يده اضطرته إلى ترك العزف والاشتغال بالتأليف الموسيقي؛ ودرس هذا الفن على دورن أولاً. وفي سنة 1843 عيّن أستاذاً في معهد ليبزج، ثم عين بعد ذلك قائداً موسيقياً في دوسلدورف سنة 1850، واستمر في هذا المنصب نحو أربعة اعوام، وأنفق شومان معظم حياته يطوف المدن الألمانية مع زوجه كلارا
وبدأ شومان حياته كمؤلف موسيقي في سنة 1834 إذ بدأ تحرير (المجلة الموسيقية الجديدة) وكان ينشر فيها فصولاً نقديةً قويةً تلفت الأنظار بحسن أسلوبها وقوة منطقها؛ وقد وصل شومان في هذه الناحية النقدية إلى ذروة البراعة حتى اعتبر أستاذ النقد الموسيقي. وكان شوبين وبراهمس وهما يومئذ من أعلام الموسيقى ينوهان بنبوغه وتفوقه في هذا المضمار؛ وأعظم آثاره في التأليف الموسيقي قطعه الخاصة بالمعزف (البيانو) ومنها رباعيات ومقطوعات بديعة للقيثارة. وألف أيضاً قطعة أوبرا عنوانها (جينوفيزا)، وعدة أوبرات موسيقية
وكان لجهود شومان وطرائقه أثر كبير في تطور الموسيقى الألمانية المعاصرة. وقد كتب ترجمة حياته عدة من الكتاب والفنانين الأكابر، ومنهم باترسون وريزمان. وخصص له فاسليفسكي ترجمة كبيرة وكذلك فولر ميثلاند وغيرهما
تخليد ذكرى شاعرة فرنسية
وضعت بلدية مدينة نانت لوحة تذكارية باسم الشاعرة أليزا ماركير التي توفيت منذ مائة عام في الخامسة والعشرين من عمرها، على المنزل الذي كانت تسكنه هذه الشاعرة الفنية التي بلغت رغم حداثتها في الشعر مرتبة كبيرة حتى كان لامرتين يقول عنها (إني أتوقع أن تمحونا هذه الصغيرة جميعاً)
وفاة فكتور هوجو - صورة خبرية واقعية
ما زالت فرنسا تحتفل بالذكرى الخمسينية لوفاة شاعرها الأكبر فيكتور هوجو حسب ما ذكرنا في فرصة سابقة وقد قرأنا أخيراً في إحدى المجلات الفرنسية الكبرى بقلم مسيو (ارمان برافيل) وصفاً بديعاً للظروف التي أحاطت بوفاة الشاعر الكبير صيغت في قالب رواية خبرية، ونحن ننقله لقراء (الرسالة) في ما يلي: باريس في 22 مايو سنة 1885
اليوم في الساعة الأولى والدقيقة السابعة والعشرين بعد الظهر توفي المسيو فيكتور هوجو عضو الأكاديمية الفرنسية، متأثراً بالالتهاب الرئوي الذي اشتد عليه منذ أيام وكان يثير في نفس أسرته والمحيطين به انزعاجاً وقلقاً. وقد أشار الدكتور زي وزميله الدكتور فولبيان في تقريرهما هذا الصباح إلى أن (الحالة في منتهى الخطورة). وكان الشاعر الكبير في الثالثة والثمانين من عمره وقد أسلم الشاعر الروح يحيط به حفيداه جان وجورج، ومسيو لوكروي ومسيو فيكتوريان ساردو، ومسيو اسكندر ديماس، وبعض شخصيات أخرى.
ويروي بعضهم أنه قال حين فاضت روحه: (وداعاً يا جان)، وبعضهم يروي أنه قال: (هاهنا معركة النهار والليل) أو أنه قال: (ليس هذا هو النور، ولكن ليس هو الظل أيضاً).
وعرض المونسنيور جيبر أسقف باريس أن يقوم بالرسوم القدسية الأخيرة للشاعر الأكبر، ولكن أسرته اضطرت إلى الرفض عملاً بوصية فيكتور هوجو نفسه، إذ قال: (إنني أرفض رثاء كل الكنائس، وأطلب صلاة لكل الأرواح).
ومنذ 19 مايو كان قد فقد كل أمل في إعادة الصحة والحياة إليه؛ وقد أصابه بالليل إغماء طويل، وبالأمس بدأ النزع الأخير وما ذاع النبأ المحزن حتى هرع الجمهور إلى منزل شارع إيلاو وما زال في ازدياد مستمر، وبدأت الزيارات الرسمية، وكان أول القادمين مسيو بريسون رئيس الوزراء، ولحق به مسيو فلوكيه رئيس مجلس النواب
وبعد بضع دقائق ألقى مسيو لي رواييه رئيس مجلس الشيوخ في المجلس. كلمة مؤثرة حين أعلن وفاة (شيخ) الميسرة المتطرفة وشاعر الجمهورية والديمقراطية الأكبر؛ ولا ريب أن جميع السلطات الكبرى ستشترك في تكريمه؛ وقد طلب مجلس باريس البلدي أن تنقل رفات الشاعر إلى (البانتيون)؛ ومن المحقق إن الجناز سيكون قومياً تحفه أعظم مظاهر الجلال، وسوف يكون مناقضاً لرغبة الميت الذي أوصى بأن يتقل إلى مقره الأخير في نعش الفقراء؛ وهي الرغبة الوحيدة التي ستحترم.
السبت 23 يوليو
حفلت كل الصحف بفصول مؤثرة تذيلها أعظم الأسماء؛ وقد نشرت (الفيجارو) قصيدة لمسيو الكونت دي ليل عنوانها (التحية الأخيرة)، وقد دهش لقرائتها الذين يعرفون خصومة الشاعرين، وما تبادلا قبل من قارس اللفظ؛ بل يرى أن دي ليل قال حينما وقف على مرض هوجو: (لقد شرب المجد وأكله، فعليه الآن أن يهضمه)، فرثاؤه اليوم لا يمكن أن يعتبر بعد هذه الشماتة إلا بطاقة زيارة تودع عند باب الأكاديمية وقد هرع عدد من الكتاب الشبان إلى سرير الميت ليسهروا إلى جانبه، وبين هؤلاء حفيد الشاعر، وليون دوديه، وكاتيل مانديس، وبول آرين، وجان إيكار، وأميل بليمون. وقدم مسيو ليو بولد هوجو في منتصف الليل ليصور عمه في فراش موته
26 مايو نشرت الجريدة الرسمية ما يأتي: (سيدفن جثمان فيكتور هوجو في البانتيون، والبانتيون ليس بناءً كنسياً ولا يتبع أية دائرة كنسية، وإنما هو من أملاك الدولة؛ وقد رأت الوزارة أن تحقق رغبة البرلمان في هذا الشأن)
وسوف يحدث هذا المرسوم استياء في الدوائر الكنسية التي ما زالت تعتبر البانتيون من توابعها وأنه في حرم كنسية سانت جنفياف. وسيكون جناز شاعر البؤساء بلونه المدني مقوياً لصفة البانتيون المدنية؛ وسوف يثور هذا الجدل حول تابوت الشاعر وما زالت صفوة فرنسا تنحني أمام الميت العظيم؛ وقد حنطت جثته بمنتهى العناية؛ وما زال كل يعجب برأسه الشاحب الجميل الذي يكاد يضارع بياضه بياض لحيته
الجمعة 30 مايو
وضع المسيو فيكتور هوجو في ناووسه ووضعت إلى جانبه باقة من الورد قدمها فلكييه وبعض تذكارات شخصية، وقد قرر برنامج الجناز وخلاصته أن ينقل الجثمان في نعش يوضع تحت قوس النصر، ويترك هناك يوماً وليلة في حراسة الشعراء، والسلطات المدنية والجيش وشعب باريس، ثم يحمل في حفل ظافر إلى البانتيون، وستلقى بعض الخطب عند مبدأ سير الجناز وعند مقدمه
الأحد أول يونيه
منذ صبيحة الأمس بدأ حفل الشاعر النبيل مؤلف (سير الدهور) و (التأملات)، وسار وراء تابوته إلى (الاتوال) عمد باريس العشرون، والصحفيون، والكتاب، وكلهم بالثوب الرسمي والربطة البيضاء، وحولهم من الجانبين جموع حاشدة لبثت تحيط طول الليل بمنزل الميت؛ وكان قوس النصر قد جلل بغطاء أسود رهيب، وحول إلى محراب يحرسه حرس شرف من الجند والفرسان وطلبة المدارس، والشعراء الشبان، ولم ينقطع سيل الناس طوال اليوم، يحملون الباقات والأزهار؛ وهكذا ظهر أن فيكتور هوجو ما زال يغزو جميع الأرواح والقلوب
الاثنين 2 يونيه
خصص يوم الأمس كله لظفر فيكتور هوجو؛ ولم يحتفل قبل قط بجناز شاعر لمثل هذا الجلال. ولعل كاتباً لم يمثل من قبل قط تطور عصره كما تمثل؛ فقد مثلت في شخصه الديمقراطية التي استطاعت أن تصل إلى الحكم بعد طول النضال؛ وهو شاعرها ولسان حماستها الغنائية، وهو يتنفس آمالها ومخاوفها في كتابه (البؤساء)، ويتنفس غضبها وأحقادها في كتابه (العقوبات) وكان الجو بديعاً فاتراً؛ وفي نحو الساعة التاسعة أتى الموظفون وممثلوا مسيو جرافي رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء بكامل هيئته، وأعضاء الأكاديمية الفرنسية، والجنرال سوسييه حاكم باريس وأركان حربه، واجتمعت الوفود في شارع (الجيش الأكبر) وقد احتلوا شارع نيبي بأكمله
وألقيت طائفة من الخطب منذ الساعة العاشرة؛ منها خطاب مسيو لي روييه باسم مجلس الشيوخ، وفلوكيه باسم مجلس النواب، وجوبليه وزير الداخلية باسم الحكومة، وأميل أوجييه باسم الأكاديمية؛ وكان أروع الخطباء جميعاً ولا سيما حينما صاح بصوت قوي: (ليس هذا دفناً، وإنما هو تقديس).
ثم تحرك الموكب بعد نشيد المارسليز، وعزفت موسيقى الجيش لحناً محزناً لشوبان
وإليك ترتيب الموكب: سارت في الطليعة فرقة من الحرس الجمهوري، ثم سرية من الفرسان، ثم حاكم باريس وحاشيته، ثم الموسيقى العسكرية، فطلبة المدارس، فإحدى عشر عربة تحمل أكاليل الزهر، ثم أربعة من عمال الكوميدي فرانسيز، يحملون وسادة عليها أوسمة المتوفي، ثم نعش المتوفى وهو نعش الفقراء، وإلى جانبه أفراد أسرته وخاصة أصدقائه، مثل جورج هوجو، وأوجست فاكيري، وليو بولد هوجو، وبول فويت، وكاميل بيلاتان، والفونس دوديه، واميل زولا وغيرهم، ثم أعضاء المجمع العلمي في أثوابهم الخضر، ثم أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب بشاراتهم المثلثة اللون، ثم أساتذة الجامعة بأثوابهم الرسمية المختلفة، وأعضاء جمعية الكتاب، وسيل لا نهاية له من الوفود المختلفة
وكانت جوانب الطرق تغص بالجماهير الحاشدة، وكانت النوافذ والأشجار والأسطحة حافلة بالنظارة
وبلغ الموكب البانتيون من شارع سوفلو في منتصف الساعة الثالثة، وقد جلله السواد والأعلام القومية، وهنالك ابتدأت الخطب الختامية، فألقى منها إحدى عشرة؛ وكانت بين الخطباء مسيو أوديه باسم مدينة بيزانصون مسقط رأس الشاعر، ومسيو مادييه باسم المنفيين في يوم 2 ديسمبر ومسيو جورد باسم نقابة الصحافة الباريسية، وهنري دي بورنييه باسم كتاب المسرح وبعض الأجانب باسم بعض المعاهد العلمية الأجنبية
ثم عزفت الموسيقى لحن فيكتور هوجو الذي وضعه مسيو سان ساينس، وعلى أنغامه أودع التابوت في مثواه الأخير إلى جانب توابيت فولتير وروسو وغيرهم من العظماء الخالدين
واستمر تعاقب الوفود حتى مغيب الشمس، وانتهى فيكتور هوجو إلى أن يرقد هادئاً في عالم الخلود