مجلة الرسالة/العدد 1010/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 1010 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 10 - 11 - 1952 |
قيس بن ذريح أم قيس بن الملوح؟
منذ أيام كنت اقرأ في كتاب (أبحاث ومقالات) للأستاذ احمد الشايب الذي صدر سنة 1946، فوجدت في مقاله السادس عن الغزل في تاريخالأدب العربي صفحة 283 قصيدة:
تكاد بلاد الله يا أم مالك ... بما رحبت يوما علي تضيق
(للمجنون) كما نسبها الأستاذ الفاضل في كتابه، ووجدت أن هذه القصيدة ما زالت عالقة بذهني ورأيت أنني كنت قد نقلتها عن (الأغاني) لأبي الفرج. فرجعت إليها وتحققت أنها لقيس ابن ذريح لا لقيس العامري والتي من أبياتها ما يثبت صحة نسبها إليه:
سلي هل قلاني من عشير صحبته ... وهل ذم رحلي في الزمان رفيق
تكاد بلاد الله يا أم معمر ... بما رحبت يوما علي تضيق
تكذبني بالود لبنى وليتها ... تكلف مني مثله فتذوق
ولو تعلمين الغيب أيقنت أنني ... لكم والهدايا المعشرات صديق
أزود سوام الطرف عنك وهل لها ... إلى أحد إلا إليك طريق
تتوق إليك النفس ثم أردها ... حياء ومثلي بالحياء حقيق
فإني وإن حاولت صرمي وهجرتي ... عليك من أحداث الردى لشفيق
إلى آخر القصيدة. ولست اقصد من وراء هذا أنني اشك في قيمة مقالات الأستاذ وإنما أود التحقق من صحة نسب هذه القصيدة بالذات مع خالص اعتذاري للأستاذ احمد الشايب. . فالرجاء التفضل بالشرح والتوضيح.
ل. م
أوامر مهملة
أن الشعب الذي لا يستجيب لنزعات الإصلاح بل يتمرد عليها، ولا يتمشى مع خطوات النهضة بل يسخر منها، هو شعب لا يستحق الحياة، ولا يصلح للعيش الكريم الذي يليق بالشعوب الكريمة.
والأوامر التي تصدرها الدولة عادة تكون في صالح الشعب، فكان أحرى بالشعب أن يستجيب لها ويرحب بها وينفذها بدقة، واجدر به أن يجعل من نفسه حارساً لها من العبث والاستخفاف بها وقد كان العهد البائد رزءاً ثقيلاً على عبء الشعبالمصري، جعلته لا يلقى لأوامر الحكومة إقبالاً حتى ولو كانت في خدمته أو صالحه، أما وقد انقرض العهد البائد إلى غير رجعة، فالواجب على الشعب أن يفتح أعينه من جديد ليدرك أي عهد يعيش، وليدرك أن العهد الجديد يتطلب شعباً جديداً يتعاون مع نزعات الإصلاح ويتمشى مع خطواته.
واعتقد انه من أهم الخطوات الإسلامية الإصلاحية إيجاد شعب قوي يتمتع بصحة جيدة، وعافية وافية، ولم يتيسر وجود هذا الشعب إلا إذا كان للأوامر الصحية لديه ترحيب وتقدير لا سخرية واستخفاف.
واليك مثلاً واحداً لأمر واحد من الأوامر الصحية المهملة في هذا البلد، وهو أمر نلمسه جميعاً صباح ومساء وفي معظم أوقات اليوم فأنت حين تركب (تراما) أو سيارة عامة لا بد أن تقع عيناك على لافتة بارزة وواضحة للجميع كتب عليها (البصق والتدخين ممنوعان بأمر وزارة الصحة)، كل منا قرأها مراراً وتكراراً، ولكن هل هناك اهتمام لهذا الأمر؟ كلا وألف كلا. . أن الركاب ولاسيما الطبقة المثقفة - ويا للأسف - يصرون على تدخين لفائف التبغ داخل المركبات العامة ويكاد الدخان المتصاعد منها يطمس أحرف اللافتة، ويصرون على البصق وهم يرمقون اللافتة بنظرات تنم عن السخرية والاستخفاف؟ هذا مثل واحد للأوامر المهملة، واعتقد انه لا يكفي أن تدون الأوامر في لافتات إذا لم يكن ورائها قوانين قاسية تؤدب المخالفين وإلا فلن يكون مصيرها إلا الإهمال والاستخفاف؟
نفيسة الشيخ
مهرجان الشعر
تحدث الأستاذ أنور الجندي في العدد (1009) من الرسالة الزاهرة عن مهرجان الشعر الذي دعت إليه جمعية الشبان المسيحية بالقاهرة، احتفالاً بيوم الجيش. . وقد استوقفتني أشياء عديدة في حديثه، إحداها انه كان يود أن يسمع قصيدة عصماء من الأستاذ خالد الجرنوسي: وهذا القول يدل على أن الأستاذ الجندي لم يشهد المهرجان؛ لان الأستاذ الجرنوسي ألقى فعلاً إحدى قصائده؛ اللهم إلا إذا كان الأستاذ الجندي لا يرى فيها إنها قصيدة عصماء!؟ ويعجب الأستاذ الفاضل من أن الذين تحدثوا كانوا من الشعراء الجدد، ثم يتحدث عنهم بكثير من العطف، اعتقد أنا، ويعتقدون معي انهم في غنى عنه.
وارى انه من الطبيعي أن يتحدث الشعراء الشبان، انهم يمثلون - أصدق تمثيل - تطور العقلية الأدبية في مصر، وانهم أحسوا أكثر من غيرهم الأم وطنهم المكبد، فاهتزت عواطفهم ووجداناتهم الجائشة معبرة عن انفعالاتها، وأيضاً لان أقلامهم الفتية لم تلوث بمداد الذلة والابتهال إلى الطغاة.
وأخيراً احب أن أقول إلى الأستاذ أنور الجندي، انه من الملاحظ على كتابته بصفة عامة. . انه يصدر أحكاماً سريعة، دون أن يتعمق فهم المؤثرات المختلفة التي توجه التيارات الأدبية، وتحدد ألوانها. . لاحظت ذلك في حديثه عن الشعر المنثور، وعن ما يسميه مذهب الفن للفن وفي حديثه عن الشعراء الجدد، وغير الجدد، وفي طريقة تناوله وفهمه للأدب المعاصر. .
محمد فوزي العنتيل
رد على نقد
طالعت في عدد الرسالة الغراء رقم (1005) القصيدة العصماء البردة للشاعر المبدع للأستاذ ميشيل الله ويردى مؤلف فلسفة الموسيقى الشرقية، وقد تناقلتها صحف كثيرة وقرضتها اجمل تقريض ثم قرأت في العدد (1007) من الرسالة نقداً للسيد عبد اللطيف محمود الصعيدي يتعلق بكلمات في القصيدة يظهر أن معانيها خفيت عليه وضنها حشواً، مع انه لا يعقل أن يلجأ إلى الحشو شاعر فحل كصاحب هذه القصيدة. ولعل للسيد الصعيدي بعض العذر لأن القصيدة نشرت بدون شكل كما انه جاء فيها بعض أخطاء مطبعية فإيضاحاً للحقيقة ونفعاً لمن يمكن أن تخفى عليه معانيها الجميلة رأيت أن أرد على نقد السيد الصعيدي مستنداً أي قواعد اللغة واحدث المعاجم كالبستان والمحيط واقرب الموارد.
أولا - ليس الوسم بمعنى الوسامة، بل هو مصدر وسم الشيء أي طبعه بطابعه، أما الأرم فهو العلم، ومن معانيها العلامة والأثر، وأرم الشيء أرماً، شده وضم بعضه إلى بعض، كضرب ضربا، أو بفتح الراء كطلب طلباً، ومنه الأرومة التي تضم الجذوع، وتستعار في الحسب، والمعنى في الحالين أن الاتحاد الفكري أهم من الشكلي.
ثانيا - السلم بفتح اللام بمعنى السلام، محيط ص 988 وقد وردت هذه الكلمة في قصائد كثيرة ولا مجال لإيراد الشواهد.
ثالثا - ليست (يكمد) بتشديد الدال بمعنى يستحب، بل بمعنى كمد الشيء أي تغير لونه، على وزن افعل مثل اربد واصفر الخ. والمعاجم لا تذكر الأفعال المزيدة إذا لم تغير الزيادة معناها ولا سبيل لنقد كلمة تجيزها القاعدة والذوق السليم.
رابعا - اللدم خطأ مطبعي، وصحتها (السدم) بتشديد السين المفتوحة وكسر ادال، وهوالشديد العشق وقول الشاعر (ليس دعي احب كالسدم) من الناحية المعنوية كمعنى قول المتنبي (ليس التكحل في العينين كالكحل) من الناحية المادية.
خامسا - الحسم بضمتين الأطباء (البستان ص 513) وهي جمع حسوم أي الذي يقطع في الأمر ويتممه على احسن وجه ويطرد وزن فعل بضمتين في جمع فعول.
سادسا - الجسم بضمتين الأمور العظام، (البستان ص 361) وهي جمع جسيم، كقضيب وقضب بضمتين
سابعا - الرمم بضم الراء المشددة، الجواري الكيسات، وهي جمع رامة، وقد ظنها الناقد بكسر الراء فكتب ما كتب دون أن يعود إلى المعاجم، والمعنى أن النساء على ما فيهن من كياسة وظرف، كن يعشن كالجواري والإماء قبل عهد الرسول (ص) فلما اشترع حقوقهن كان أول من نادى بهذه المأثرة الاجتماعية، ونصيحتي إلى السيد الصعيدي أن يعيد قراءة هذه الدرة النفيسة بعد استبدال عدسة منظاره بعدسة ناصعة، فالإنصاف واجب في مثل هذه الحال، والسلام
دمشق
حمدي بابل