مجلة الرسالة/العدد 1009/ثورة ضمير
→ رِسَالةُ الشِعْرِ | مجلة الرسالة - العدد 1009 ثورة ضمير [[مؤلف:|]] |
الأدب والفن في أسبوع ← |
بتاريخ: 03 - 11 - 1952 |
للشاعر محي الدين فارس
فرغت كأسي. فمن يملأ كأسي
وسجا الكون وثارت من لهيب الشوق نفسي
وطوتني في شعاب الليل إطراقة بؤس
وأنا زورق أحلام، وأشواق، وعرس!
في يد الأمواج، والإعصار كم يضحي ويمسي!
إن أكن أسكرت بالألحان أسماع الوجود
وتغنيت مع الأطيار في الصبح الوليد
وسكبت الفن لحنا في مزامير الخلود
فأنا قلب شقي مل من أسر القيود
في صحاري العمر والنسيان. في دنيا العبيد!
غربت شمس فلم أبصر سوى ليل توالي
وتلاشى الحلم من أفق خيالاتي وزالا
وأنا في عالم النسيان أستاف الزوالا
ريشة في ثورة الأنواء لم تدرك مجالا
لفها الإعصار في أجنحة الليل وغالا
عذبتني في شعاب الوهم ألحان شكاتي
كم يثير الليل أشباح هموم طاغيات!
وخبت شعلة آمالي، وجفت صبواتي
وتهاوت. . . من سماواتي طيور الأمنيات!
لم يعد قلبي خفاقا بأحلام الحياة!
حدقت في صمتي الخالد أبصار الليالي
وجرت خلف نعوش العمر أسراب ظلال
لم أعد أبصر في دنياي أطياف الجمال كل شيء هامد كالموت في كهف الليالي
كم قصور شدتها للفن من وهم خيالي
واسنى ياليل، يانبع خيالاتي وشعري
واسني ياليل، هل تدرك ما يحمل صدري
أنا كالبحر شقي عشت في مد وجزر
أنا طير قصت الدنيا جناحيه بغدر
لست أدري فيم أبكي. . وأغني لست أدري
إن أكن أذنبت في الدنيا فغفرانك ربي
جئت أبكي بدموعي ناشدا إخفاء ذنبي!
ناسكا في معبد الإيمان. . هيمان كصب
طهرت نفسي صلاة. . نضرت صحراء قلبي
فارحم اللهم نفسا عذبت في كل درب!
محي الدين فارس السوداني