الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 1003/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 1003/رسالة الشعر

بتاريخ: 22 - 09 - 1952


ابن عمي

للشاعر المرحوم صالح شر نوبي

ابن عمى مات. . . . فامضوا بي إلى قبر ابن عمى

ودعوا همي. . . . فقد ودعت منذ اليوم همي. .

غير ما جد من الموت، الذي آذن قومي

فرماهم. . . ورماني ومضى ما شاء يرمي. .!

ابن عمى مات. . . ما بين صباح ومساه

مات والأحلام تجلوه. . . كما يهوى هواه

مات والنعمة. . . والقوة فيه. . . والحياه

فدعوني من هوى الدنيا. . . وعزوا من نعاه

أيها الخلان، والراحة. . . والموت. . . هنا

أين من كان يرانا ... ونراه. . . حولنا؟

أين من كان يحاكي ... نضرة الدنيا لنا؟

غيب الترب سناه ... وهو في أعيننا؟

أيها الراحل. . . والغبراء قبر فوق قبر. . .!

أيها الساكن. . . والموكب بالأقدار يجري

أدنني منك - على قربك من سري وجهري

أدنني منك. . . فما أدري - بما أصبحت تدري

أدنني منك قليلا ... وادن من روحي قليلا

إن لي فيك رجاء ... ورجائي أن يطولا

فلقد صاحبت مذ ... فارقتني الصبر الجميلا

وبقلبي من تباريحك. . . نار. . . لن تجولا

أيها الراحل. . ماذا ... بعد فقدان الحياه؟

ما الذي بعد انعتاق ... يعلم الله مداه؟ بعد أن يجري قضاء ... شاء أن يجري الإله

حار فيه كل من دبت على الأرض خطاه

بعد أن يطبق جفني ... وترى الظلمة عيني

ظلمة الموت الذي ما ... ذقته إلا بظن

ظلمة الفقد الذي ... ييأس فيه المتمني

ظلمة البين عن الدنيا. . . وعن نفسي. . . وعني

ما الذي بعد نعتاقي ... وزوالي عن رفاقي

أين أمضى.؟. وإلى أين.؟ وقد فك وثاقي

سيصلون على روحي. . ويبكون فراقي

ويقولون إلى الله. . . شبابا في البواقي

سيقولون. . . إلى الله. . شبابا. . وكهولا

وسيبكون كثيرا ظنه الناس قليلا

شاعرا. . عاش. . ولم يصنع بما قال جميلا

غير أنت يرثي ما فات. . . ويرجو المستحيلا

شاعرا. . . عاش كما شاء الذي الأقدار أمره

والذي يلطف بالعبد. . . فما يغلب صبره

والذي. . . لا شيء. . . إلا عنده يطلب سره

والذي الرحمة من أوصافه. . والقهر قهره

أيها الراحل. . والدنيا بما فيها تهون

حينما أذكر ما تصنع بالناس المنون

الرحى الشمطاء. . . ما تفتأ تجريها السنون

والبرايا. . . بين شرقيها. . . قلوب. . . وعيون

شغلتني عنك أحزاني. . . فلم أشهد سراك

ورأى وجهك أهلونا. . . ومولاك يراك

ومشى نعيك فيهم ... وتولتك البواك وأنا أجهل ما تخفيه. . . من حر أساك

ذقت في موتك ما ذقت. . . وما زلت صبورا

ورأى فقدك أعماني. . . وقد كنت بصيرا

وبعادي عنك. . . إنساني. . . وقد كنت ذكورا

غير أن أبكي منعاك. . . وأستوحي القبورا

طبت في مثواك. . . ما شاء الرحيم المستعان

وعلى دارك غفران. . . ونور. . . وأمان

وعلى أكبادنا بعدك. . . سلوان الزمان

أيها الخالد. . . ما تفني لمعناه معان

صالح علي شرنوبي