مجلة البيان للبرقوقي/العدد 53/لماذا تقف أجسامنا عن النمو
→ أخلاق العظماء | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 53 لماذا تقف أجسامنا عن النمو [[مؤلف:|]] |
محاورة ← |
بتاريخ: 1 - 3 - 1920 |
عند غاية محدودة
أشد ما نعجب له أن نرى الفريق الأكبر من الناس يأخذون في النماء ويسترسلون في الطول حتى إذا بلغوا حداً ما وقفوا عنده فلا طول ولا نماء.
ولا ريب أن العالم رجالاً ونساء ما يفتأون ينمون ويفرعون بلا وقوف ولا تمهل. حتى لتراهم بعد سنين مردة يطولون أخواتهم جميعاً. على حين ترى في الناس أقزاماً صغاراً لا يفرعون ولا يزكون.
ولكن السواد الأعظم من الناس ينمون إلى حد محدود. وإلى طول مناسب يبين في وسط الزحام ولا يصغر عن الأنظار في الجموع الحاشدة. وهؤلاء الذين نسميهم الفريق الذي ينمو بنظام.
على أن محور هذا النماء في الطول والعرض والحجم غدة صغيرة في حجم العنبة لا تزن أكثر من عشر حبات واقعة في الجزء الأمامي من قاعدة الجمجمة - وقد دلت الأبحاث العلمية على أن الغدد تفرز سائلاً أسموه (الهرمون) أو المهيج، وهذا السائل يسري في الدم فيجعل فيها نشاطاً حاداً ينبعث في جميع أجزاء الجسم والأجهزة والأنسجة.
وهناك عوامل كثيرة تعمل على هذا النماء بخلاف تلك الغدة ولا سيما الغذاء ووجود الخلايا الكثيرة في داخل البدن وازديادها وحدوث بعضها بواسطة بعض. على أن هذه القوى لا بد لها منة الغدة الهرمونية السابقة الذكر حتى تضبطها في الحدود الواجبة لنماء الجسم الإنساني. وما كان المردة الطوال من خلق الله يطولون ويفرعون إلا من كثرة إفراز هذا السائل. وقد اهتدى العلم إلى أن غدد الخنازير إذا أخذت وضعت في جسوم المصابين بقلة سائل الهرمون في أبدانهم أحدثت أثرها فيهم وعملت على نمائهم ولو كانوا أقزاماً. ويؤكد العلماء أن غدد القردة والفيلة تؤدي كذلك إلى هذه النتيجة بعينها - ولا ريب أن في الأفيال الضخمة العظيمة التي خبرنا عنها الصيادون أنها تسكن بجوار المستنقعات في مجاهل أفريقية ليست إلا صحية وجود سائل (الهرمون) في جماجمها بكمية كبرى حتى ليبلغ الحيوان الواحد من جرّاء كثرة هذا السائل الغدّي مائة قدم طولاً.
وهناك في البدن غدد أخرى لا تزال تفعل فعلها. ومن تلك غدد داخل المخ تقع وراء اليني وفوقهما بقليل ولها أثر كبير في النماء وقد ذهب علماء التشريح وعلم طبائع الحيوان إلى أن تلك الغدة أثر قديم يدل على أن الإنسان كان قديماً ذا أعين ثلاث على أن الاكتشافات الحديثة عادت فدلت على أن لهذه الغدة أثراً كبيراً في نماء حجم الرأس. . . . . .