الرئيسيةبحث

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 33/تفاريق

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 33/تفاريق

بتاريخ: 5 - 3 - 1917


هل خطر لك أيها القارئ وأنت تبتاع كتاباً جديداً أن تعرف كم أنفق المؤلف من الوقت في وضع كتابه قبل أن تبرزه المطبعة وتذيعه المكتبة بين الناس.

إن مما لا شك فيه أن كثيراً من الكتب التي نقبل عليها ونحتفل بها عند ظهورها ما كانت لتقابل منا بالإحترام لو عرفنا تاريخها الحقيقي. فإذا قيل لنا أن مؤلفاً صرف كذا من السنين يضع رواية أو كتاباً أو تاريخ رجل عظيم فإن الجانب الأكبر من محصولات المطبعة عمل يدوي سخيف ولا أثر فيه للذهن.

لما قضى الملك إدوارد السابع ملك الإنكليز وأذيع الخبر مشى أحد الوسطاء بين المؤلفين والناشرين إلى عدة التلفون وأخذ يتعاقد مع ناشر على وضع تاريخ للملك الراحل

قال الوسيط - ما قولك إذا قدمت لك هذا التاريخ بعد خمسة عشر يوماً.

قال الناشر - أقبله منك.

وأخذ ناشر آخر يتحادث مع مؤلف على أن يقدم له هذا التاريخ بعد أسبوع. وبعد ساعة كان المؤلف يبدأ تاريخه وفي نهاية الأسبوع كانت الأصول بين يدي الناشر. ولا يزال هذا التاريخ رائجاً في السوق.

ولما نشبت هذه الحرب كانت الكتب التي صدرت في الأسبوع الأول أكثر من القنابل التي أطلقت. قال أحد الكتاب قيل أن يستوثق الناس من أن الحرب أعلنت بين إنكلترا وألمانيا أخذ بيت كبير للطباعة يرسل الرسائل التلغرافية والتلفونية إلى المؤلفين والمترجمين فمن مؤلف طلب كتاباً عن الجيش الألماني على أن يقدمه بعد عشرة أيام وطلب من آخر أن يترجم من الألمانية كتاباً عن الأساليب الحربية الألمانية وآخر ليضع كتاباً عن الجيش الروسي. وآخر ليؤلف كتاباً عن الحياة السرية في بلاط الإمبراطور غليوم.

ولا تزال هذه الكتب رائجة ومعدودة عمدة يرجع إليها!!!

إن اكتشاف الحكومات للمؤامرات التي تدبر ضد وزرائها لا يقع صدفة بل هو نتيجة نظام متين ففي كل دار للبريد غرفة خاصة بالحكومة وفيها تفتض رسائل الذين تشتبه فيهم ثم تصدرها إليهم بدون أن تترك عليها أثراً ينم عن عملها وهذه الغرفة في ألمانيا والنمسا وتركيا سوط نقمة هائلة لكثيرين يغيبون في السجون أو يختفون من الوجود بدون أن يعرف مقرهم ويكون هذا العقاب نتيجة عثور الحكومة على رسالة في هذه الغرفة السرية.

وهذه الغرفة في إيطاليا وروسيا نقمة الفوضويين والنيهليست وقد استخدمها نابليون الثالث قبل سقوطه لمطاردة خصومه فكان يقبض على المئات ويزجهم في السجون لأن حكومته اكتشفت أسرارهم من مراسلاتهم في الغرفة السرية.

وافتضاض رسائل المرتاب فيهم يتم بمهارة ودقة فائقة ويقبض عليهم بدون أن يحذروا أو يعلموا أنهم موضع الظن والريب.

وطريقة فض الرسالة التي من هذا القبيل بسيطة جداً وذلك أن يدخل طرف آلة معدنية دقيقة في زاوية الغلاف اليسرى من وجهه الآخر وتتمشى الآلة ببطء وحذر بين الطرفين المصمغين حتى يفتض الغلاف وتقرأ الرسالة وتعاد ويصمغ الغلاف مرة أخرى.

فإذا وجد القائمون بهذا العمل أن صمغ الغلاف كثير ولا سبيل إلى افتضاضه بدون ترك أثر عرضوا الغلاف لبخار متصاعد من آنية فيها ماء يغلي فيلين الصمغ ويسهل لصق الغلاف مرة أخرى. فإذا وقع ما أفسد هذه العملية يوكل إلى خبير يضع غلافاً مماثلاً نصوص الرسالة تماماً وتختم الرسالة وتسلم إلى المرسلة إليه.

يظن الكثيرون أن بنك إنكلترا تابع للحكومة الإنكليزية والواقع أنه بنك أهلي تديره شركة إنكليزية وقد عهد إليه سنة 1906 أن يتكفل بشؤون الدين الأهلي البريطاني وجعلت له عمولة على ذلك قدرها 325 جنيهاً عن كل مليون حتى 500 مليون جنيه و100 جنيه عن كل مليون فوق هذا المبلغ وعلى هذه القاعدة يدير شؤون قروض الحرب الحالية فتربح الشركة من مجموع القروض إذا قدرناها بمليارين وخمسمائة مليون جنيه 250 ألف جنيه.

لملوك أوروبا اليوم مكاتب صحفية خاصة بهم ففي كل مكتب موظفون يطالعون أكبر صحف العالم ويقطعون منها ما يعجب الملك الإطلاع عليه فملك الإنكليز يحب الإطلاع على الأخبار الخارجية وأخبار الدوائر العليا السياسية. وجلالته من أكثر الملوك إطلاعاً وإلماماً بأخبار العالم. فإذا سافر استصحب هؤلاء الصحفيين. وعنده مجموعات بالأخبار والمعلومات المتقطعة من الصحف للرجوع إليها عند الحاجة.

ونحن نعلم أن عظمة السلطان حسين يتبع هذه الطريقة ففي كل صباح يقرأ إبراهيم بك رمزي رئيس قلم الترجمة الصحف المصرية ويقتطع منها ما يهم عظمته الإطلاع عليه.

يجدر بالقارئ أن يلم بهذه المعلومات عن الولايات المتحدة.

ـ تضم 49 ولاية مستقلة استقلالاً داخلياً.

ـ نيويورك يقطنها 5 ملايين وهي ثاني مدينة في العالم.

ـ يقدر سكان الولايات المتحدة بمئة مليون منهم 16 مليوناً من أصل ألماني.

ـ هي الدولة البحرية الثالثة في العالم وسفنها الحربية أربع مدرعات كبيرة من الطبقة الأولى وعشر نسافات مسلحة و25 نسافة من الطبقة الأولى والثانية والثالثة.

ـ الجيش الأميركي العامل لا يزيد عن ربع مليون ولكن الحكومة تستطيع أن تستخدم احتياط وافر العدد.

ـ لما شبت الحرب بين الولايات المتحدة وإسبانيا طلب رئيس الجمهورية المستر مانكلي 300 ألف متطوع فلبى طلبه مليون رجل.

ـ الرئيس ويلسون يعد قائد الجيش العام وهو الذي يعين القواد والضباط.

ـ في حالة الحرب تتألف رئاسة الجيش بعد الرئيس ويلسون من وزير الحربية ومساعد له ورئيس أركان الحرب.

ـ لا يجوز للرئيس ويلسون أن يعلن الحرب وإن كان هو صاحب الكلمة العليا في شؤون البلاد الخارجية وله أن يعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية. ولا بد لإعلان الحرب من موافقة الكونجرس وهو المجلس النيابي الأميركي.

ـ يعد الضباط الأميركيون في مقدمة ضباط العالم كله من جهة عظمة المرتب فالميجر جنرال ينقض 1700 جنيه في السنة والكولونيل 800 جنيه والضابط 500 جنيه وفي صفوف الضباط يدفع للأنباشي 6 جنيهات وللجندي جنيه أسبوعياً.

ـ جلبت إنكلترا من الولايات المتحدة منذ أن نشبت الحرب ذخائر حربية بمبلغ 100 مليون جنيه.

ـ يقدر عدد الذين يشتغلون في صنع الذخائر في الولايات المتحدة بخمسة ملايين عامل وعاملة.

ـ يؤخذ من الإحصاء الأخير أن ثروة أمريكا تبلغ 30. 459 مليون جنيه.

يشتغل من سكان الولايات المتحدة في الزراعة عشرة ملايين ونصف مليون وأكثر من سبعة ملايين في الأعمال الصناعية.

تمد الولايات المتحدة العالم بثلث مقطوعيته من القطن وبلغت قيمة ما جلبته إنكلترا من أمريكا في سنة 1915 - ما قيمته 45 مليون جنيه ويزيد.

صحيفة المتسولين

ولم لا يكون للمتسولين صحيفة يومية خاصة بهم. إذا جئت باريس أيها القارئ وحمل إليك البريد رسائل كثيرة كلها مطالب قوم محتاجين فاعلم أن اسمك الكريم قد دون في صحيفة المتسولين. فإن متسولي باريس ككل هيئة منظمة في العالم يصدرون جريدة يومية خاصة بهم وحدهم يوزعونها على كل متسول في المدينة.

هذه الجريدة مقصورة على نشر أخبار الوفيات والمواليد والأفراح والولائم والزيارات الكبيرة والحفلات الخاصة ولا يطبع منها إلا عدد محدود فيستطيع المتسول أن يقصد المصادر التي يستجدي منها بدون أن ينفق الوقت عبثاً. ولا تكون هذه المصادر إلا عرماً أو مأتماً أو مسكن رجل غريب عرف بالإحسان وإسداء الخير.

الملوك يشغلون أموالهم

ويفتح أحدهم محلات للحلاقة

يظن أكثر الشرقيين أن الملوك لا عمل لهم في هذه الحياة إلا التربع في أريكة الملك والتحكم في رقاب العباد وأكل أطيب الأطعمة والتمتع بكل ما لذ وطاب ولكن الغربيين يعلمون الكثير عن ملوكهم ولا تفوتهم حركاتهم، وكما خلق الغربي ميالاً بطبعه إلى العمل وكسب المال كذلك لا يأنف أن يعمل ويتاجر ويضارب ويرابي ويفتح الأرض وغير ذلك من الوجوه التي تواتيه بالأرباح والمكاسب.

فملك إسبانيا صاحب مصنع للدراجات والسيارات وإمبراطور ألمانيا يملك قهوة في بوتسدام قريبة من قصره الملكي وجلالته يخصه حظ وافر من أرباح معمل الجعة في هانوفر وهو الصاحب الوحيد لدار صنعة الصيني الموجودة في كادنين وربحه منها 9 في المائة لرأس مال قدره 100000 جنيه وبطرس ملك الصرب صاحب صالون للحلاقة وإجزاخانة في بلغراد وكان جلالته قبل الحرب عميلاً لمصنع فرنسي شهير يصنع السيارات وملكة هولندا تحصل من معمل اللبن على كميات عظيمة تبيعها لبائعي أمستردام وملك ورتنبرج يستثمر فنادقه في (بيتس فورست) بما يجاوز 10000 جنيه في السنة الواحدة.

أما ملكة رومانيا الحسناء فإنها شرعت منذ سنين قليلة في فتح معمل لصنع الخلال وقد راجت هذه الصناعة قبل الحرب حتى كان ربح الملكة عظيماً مستغرباً وقيصر روسيا تاجر أخشاب شهير ودون ساكس جزار وهو كأغلب بني جنسه يعمل ويستثمر.

أما الأرشيدوق فريدريك ملك النمسا فإنه أوقف للفائدة المالية مبلغ 5000. 00 جنيه فتح بها داراً لعمل الشمع وملك الدنمرك تقتصر أعماله على المضاربات وملك أسوج يأخذ في مائدة عظيمة من معمل الجعة في استوكهلم وقد أغنت صناعة تقطير المشروبات الروحية امبراطور النمسا السابق فوضع مقداراً عظيماً من المال أدار هذه الصناعة وكان يربح منها قبل موته ربحاً طائلاً في هذه الأيام العصيبة.

وألبرت ملك البلجيك كان يربح ربحاً مضطرباً لا يزيد عن ثلاثة جنيهات في الأسبوع من مكاتبته لجريدة أمريكية أما ملك بلغاريا فهو أمهر وأقدر الملوك الذين يعملون ويربحون فهو صاحب ملاعب ودور صور متحركة ومعامل الدخان ومعمل للبن وقد ربح ربحاً عظيماً في الأيام الأخيرة من مضارباته في بورصة النمسا ـ