مجلة البيان للبرقوقي/العدد 18/نوادر وملح وفكاهات
→ القلب الكسير | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 18 نوادر وملح وفكاهات [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 31 - 6 - 1914 |
سأل رجل عمر بن فنن عن الحصاة من حصى المسجد يجدها الإنسان في ثوبه أو خفه أو جبهته قال له إرم بها فقال الرجل زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد قال دعها تصيح حتى ينشق حلقها قال الرجل أو لها حلق قال فمن أين تصيح - أنت جارية أبا ضمضم فقالت إن هذا قبلني فقال قبليه فإن الله يقول والجروح قصاص - حدث السندي بن شاهك قال بعث إلي المأمون بريداً وأنا بخراسان فطويت المراحل حتى أتيت باب أمير المؤمنين وقد هاج بي الدم فوجدته نائماً فأعلمت الحاجب بقصتي وقدمت إليه عذري وما هاج بي من الدم فانصرفت إلى منزلي فقلت أحضروا لي الحجام قالوا هو محموم قلت هاتوا حجاماً غيره ولا يكن فضولياً فأتوني به فما هو إلا اندارت يده على وجهي حتى قال جعلت فداك هذا وجه لا أعرفه فمن أنت قلت السندي بن شاهك قال ومن أين قدمت فإني أرى أثر السفر عليك قلت من خراسان قال وأي شيء أقدمتك قلت وجه إلى أمير المؤمنين بريداً ولكن إذا فرغت سأخبرك بالقصة على وجهها قال وتعرفني بالمنازل والسكك التي جئت عليها قلت نعم قال فما هو إلا أن فرغ حتى دخل رسول أمير المؤمنين ومعه كركي فقال إن أمير المؤمنين يقرئك السلام وهو يعذرك فيما هاج بك من الدم وقد أمرك بالتخلف في منزلك إلى أن تغدو عليه إن شاء الله ويقول ما أهدى إلينا اليوم غير هذا الكركي فشأنك به قال فالتفت السندي إلى جلسائه فقال ما يصنع بهذا الكركي فقال الحجام يطبخ سكباجا قال السندي يصنع كما قال وحلف على الحجام أن لا يبرح فحضر الغداء فتغدينا قال ثم قلت يعلق الحجام من العقبين ثم قلت جعلت فداك سألتني عن المنازل والسكك التي قدمت عليها وأنا مشغول في ذلك الوقت وأنا أقصها عليك فاستمع خرجت من خراسان وقت كهذا فنزلت كذا يا غلام أوجع فضربه عشرة أسواط ثم قلت وخرجت منه إلى مكان كذا يا غلام أوجع فضربه عشرة أسواط ثم قلت وخرجت منه إلى مكان كذا يا غلام أوجع فضربه عشرة أخرى ولم يزل يضربه لكل سكة عشرة حتى انتهى إلى سبعين سوطاً فالتفت إلى الحجام وقال يا سيدي سألتك بالله إلى أين تريد أن تبلغ قلت إلى بغداد قال لست تبلغ حتى تقتلني قلت فأتركك إلى أن لا تعود قال والله لا أعود أبداً قال فتركته وأمرت له بسبعين درهماً فلما دخلت على المأمون أخبرته الخبر قال وددت أنك بلغت به إلى أن تأتي على نفسه.
حدث الأصمعي قال ولي رجل قضاء الأهواز فأبطأت عليه أرزاقه وليس عنده ما يضحي به ولا ما ينفق فشكا ذلك إلى امرأته وأخبرها ما هو فيه من الضيق وأنه لا يقدر على أضحية فقالت له لا تغنم فإن عندي ديكا عظيماً قد سمنته فإذا كان يوم الأضحى ذبحناه فبلغ جيرانه الخبر فأهدوا له ثلاثين كبشاً وهو في المصلى لا يعلم فلما صار إلى منزله ورأى ما فيه من الأضاحي قال لامرأته من أين هذا قالت أهدى لنا فلان وفلان وفلان حتى سمعت له جماعة فقال لها يا هذه تحفظي بديكنا هذا فلهو أكرم على الله من إسحق بن إبراهيم إنه فدى ذلك بكبش واحد وفدي ديكنا هذا بثلاثين كبشاً.
سأل رجل أشعب أن يسلفه ويؤخره فقال هاتان حاجتان فإذا قضيت لك إحداهما فقد أنصفت قال الرجل رضيت قال فأنا أؤخرك ولا أسلفك.
قيل لأشعب لو أنك حفظت الحديث حفظك هذه النوادر لكان أولى بك قال قد فعلت قالوا له فما حفظت من الحديث قال حدثني نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال من كان فيه خصلتان كتب عند الله خالصاً مخلصاً قالوا إن هذا حديث حسن فما هاتان الخصلتان قال نسي نافع واحدة ونسيت أنا الأخرى.