مجلة البيان للبرقوقي/العدد 12/العزوبة والزواج
→ مطرح الهموم | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 12 العزوبة والزواج فرانسيس بيكون |
كاتبة إنجليزية من المطالبات بحق الانتخاب ← |
العزوبة والزواج Of Marriage and Single Life هو مقال بقلم فرانسيس بيكون. نشرت هذه الترجمة في العدد 12 من مجلة البيان للبرقوقي الذي صدر بتاريخ 5 مايو 1913 |
للفيلسوف باكون
من كان ذا زوج ورب عيال فقد وضع عند الدهر رهوناً، لأنهم حوائل تحول دون الأعمال الخطيرة، وعقبات تأخذ على المرء طريقه إلى الأفعال الجسيمات، شراً كانت أم خيراً.
إن خير الأعمال وأنفعها للشعب وأصلحها للجماعة هي حسنات العزاب ونتاج الأعقام الصادرة عن حب الشعب وخدمته وكان أولى بأولئك المذاكير أن يفكروا فى المستقبل القادم ويتزودوا للزمان المقبل، ويعلموا أنهم يرهنون لديه أفلاذ أكبادهم ويضعون في ذمته أعز الرهون.
وإن من الأعزاب من لا يفكر إلا في عيشه ولا يهتم إلا بنفسه ويعد القصد إلى الأيام المتهادية وقاحة وطيشاً.
بل إن من الناس من لا يعد الزوجة والعيال إلا سفاتج ووثائق، بل هناك أغنياء أنهام مجانين يفخرون بأن ليس لهم أطفال كي يظن الناس عنهم أنهم أوفر مالاً وأجم قدحاً وأوفى سجلاً، ولعلهم سمعوا إنساناً في الحي يقول فلان موسر كبير فرد عليه آخر نعم ولكنه رب عيال. كأنما أصبحت الخلفة انتقاصاً للغنى وحطة في الثراء.
والحرية أحسن ما في المعيشة العزب والحياة الوحيدة لاسيما عند المفاريح ذوى الألباب النزاعة إلى الفكاهة الجانحة إلى اللهو الذين يتبرمون بأقل شيء حتى ليكادون يحسبون أن مناطقهم وأربطة سوقهم سلاسل وقيود.
والعزاب خير من يسلم إليهم ود، وصفوة من يرعون العهد، والعزاب خيرة الأسياد، وخير الموالى والخدام، على أنهم ليسوا أبداً فى الرعية لمخلصين، لأنهم خفاف في الهرب، سراع في الفرار، والفارون من طوائل القانون، الناشزون عن بلدهم النازحون، أكبر ما يكونون عزاباً لا زوج ولا طفل ولا لهم عند الزمان رهون.
والعزوبة أليق ما تكون بقواعد الكنائس وأهل الأديرة، فإن الصدقات لا تروى أرضاً ينبغي أن تتفجر من الإحسان عيوناً.
والزواج والعزوبة للقضاة وأهل الحكومة بين الناس سواء، فإنهم إن يصبحوا أغراراً يسلس قيادهم، ويغلب على أمرهم، ويغمز بالمال جانبهم، ليجدون لهم خادماً أسوأ من أزواجهم مرات، وليقعون على صنيعة شر من نسوانهم عوناً على الرشوات.
أما الجنود فإني أرى القواد في مواعظهم يذكرونهم بأزواجهم وبنيهم ويوصونهم بهم خيراً وإني لأحسب احتقار الأتراك الزواج يجعل جنديهم أحط قدراً وأعيب شأناً أجل. إن الزوجة والولد نظام من نظامات الإنسانية والعزاب وإن كانوا أكثر تصدقاً وأنمي إحساناً لقلة ما ينفقون فهم أغلظ أكباداً، وأقطع رحماً، وأنضب عين رحمة، لأن رقتهم لا تسترعي وحنانهم لا يزار.
وأهل الطبائع الساكنة الذين اعتادوا الجسد واطمأنوا له ليكونون أزواجاً رحماء محببين، كما قد قيل عن (يلوسيس) أنه آثر على الخلود زوجته العجوز.
والنسوة العفيفات فى الغالب فخورات تياهات، وطائشات مستبدات كأنما يدللن بعفافهن، ويفخرن بنصيبهن من الطهر.
والعفة والطاعة خير ما اجتمع عليه زوجان، وأوثق ما ارتبط به قلبان وأحبك ما ائتلف به روحان، والمرأة لا تأخذ نفسها بهما إلا إذا رأت من زوجها رجلاً عاقلاً وشهدت فيه صاحباً أريباً، ولن تفعلهما إذا ألفته قلقاً غيوراً إلا أن الزوجات لسيدات في عهود الشباب، صواحبات في الزمان المكتهل، مراضع إذا صاح نهار المشيب.
لقد نوه الناس برجاحة لب الرجل الذي سئل عن أى العهود أصلح للزواج فقال إن كان فتي فليس أوانه، وإن شيخاً فأبداً.
والمشهود أن شر الأزواج يرزقون بطيبات الروجات، فإن وقع ذلك فقد عز ثمن رحمة الزوج إن رحم، وغلا أجر رأفته إن رأف وعلا شأن عطفه إن عطف، بل حسب الزوجة لصبرها على رجلها وغلظته دلاً وفخراً.
فإن عصين صحابهن، وطاوعن هوي قلوبهن، فتزوجن من رجال سوء فهن مجزيات بطيشهن، مصلحات جنونهن.