مجلة البيان للبرقوقي/العدد 11/حديث البيان
→ أخبار العلم | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 11 حديث البيان [[مؤلف:|]] |
مطبوعات جديدة ← |
بتاريخ: 6 - 4 - 1913 |
موضوعات هذا العدد
هذا هو العدد الرابع من المجلد الثاني للبيان. وأن من أجال نظره في صفحاته يرى أن قد ابتدأناه بنبذة من كتاب حضارة العرب في الأندلس لصاحب هذه المجلة ولعل القارئ علي ذكر مما أسلفنا نشره من هذه الرسالة الأولى من هذا الكتاب حتى لا تنقطع عليه سلسلة المعاني التي يجمل أن تكون متصلة بعضها ببعض في ذهن القارئ. وهذه النبذة كما يرى الناظر تتضمن بقية الكلام على تقويم جزيرة صقلية وذكر المشهور من بلدانها والمعروف من علمائها وأدبائها وقد أطلنا في ذلك إلى الحد الذي لا يعدو ما نقصد إليه من ذلك وهو بيان ما كان للعرب في هذه الجزيرة من الحضارة المتمكنة حتى نبغ فيها من العلماء والأدباء أمثال من ذكرنا وهو كما قلنا غيض من فيض وقليل من كثير ونحن لو كان لدينا فسحة من الوقت ولو حصلنا على سائر الأسفار التي تعرضت لتراجم أهل جزيرة صقلية مثل خريدة العماد الكاتب ودرة بن القطاع ومختار ابن بشرون الصقلي وما إليها لكان حقاً علينا أن نتقصى هذا الباب الذي لم نعلم أحد من أهل عصرنا قد ألم به إلماماً فضلاً عن إيفائه حقه من القول وقد رأينا من تمام الفائدة أن نضع (خريطة) تصور هذه الجزيرة وبلدانها كما كانت أزمان العرب وكذلك البحر الأبيض المتوسط وجميع البلدان التي جاء لها ذكر في هذه الرسالة وقد أعاننا على وضع هذه المصور صديقنا الفاضل الشيخ محمد علي فخر أستاذ علم تقويم البلدان في مدرسة دار العلوم فجزاه الله عن العلم وأهله خير ما يجزى به المخلصون ثم أردفنا هذه النبذة الصقلية بالنبذة الثانية من الكلام على الشاعر ابن الرومي للكاتب الأديب السيد إبراهيم عبد القادر المازني يلي ذلك المقامة الأولى من مذكرات إبليس وعنوانها أغواء فتاة للكاتب الحكيم السيد عباس محمود العقاد وبعد ذلك يرى الناظر ثلاث مقطعات شعرية موسومة بثورة النفس للأدباء شكري والعقاد والمازني ثم باب أخبار العلم وفيه أبحاث جديدة في أبواب من العلم عدة اختارها للبيان الأستاذ صالح بك حمدي حماد - ومما نشرنا في هذا العدد ثمان صفحات من كتاب التربية الطبيعية أو اميل القرن الثامن عشر للفيلسوف جان جاك روسو ترجمة الكاتب المازني - وقد نشر من هذا الكتاب فيما سلف من أعداد البيان اثنان وثلاثون صفحة وهذي ثمان. ومما نشرنا كذلك ثمان صفحات من قصيدة دون جوان لشاعر الانكليز الأكبر اللورد بيرن ويقوم بترجمتها الكاتب السباعي وقد نشر منها إلى الآن، مائة واثنا عشرة صفحة بأرقام منفصلة عن أرقام البيان وقد عثرنا أثناء بحثنا عن الأسفار القديمة النافعة في المكتبة الخديوية على رسالة للفيلسوف العربي أبي علي ابن مسكويه أسماها كتاب السعادة وهي رسالة جليلة مفيدة في هذا الباب كما يرى القارئ ولذلك رأينا نشرها في صحائف مستقلة بأرقام غير أرقام البيان. وهي فيما نظن لا تتجاوز الثلاثين صفحة نشرنا منها في هذا العدد ثمانياً - أما رواية البيان فقد كنا عزمنا على أن ننشر في كل عدد من البيان رواية تامة لا تبتدي حتى تنتهي فيه بيد أن حرصنا على أن تكون روايات البيان من الروايات الأدبية المفيدة الباقية على الزمن الباقي - كثيراً ما يحول دون هذا العزم لندرة الروايات الأدبية القصيرة التي لا تتجاوز الست عشرة صفحة أو الأربعا وعشرين كما هو المقدار الذي يتسع له البيان. ومن هنا ابتدأنا في هذا العدد بنشر رواية وسط ليست بالقصيرة ولا بالطويلة غير أن البيان لا يتسع لنشرها كلها في عدد واحد. وهذه الرواية هي من الروايات الخالدة التي تعد في صف البؤساء واضرابها - قال الأستاذ أحمد الخازندار وهو مترجم (وليم تل) هذه وأحد خريجي مدرسة الحقوق الخديوية والمحترف بالمحاماة الآن وأحد رجالات الأقلام المفكرين في مصر.
وليم تل رواية تمثل جهاد أهالي سويسرة في طلب الاستقلال في القرن الرابع عشر وضعها الكاتب الألماني فريدريك شيلر وهي آخر مؤلفاته وأحسنها وقد نقلت إلى سائر اللغات الأوربية وهي وليدة شاعرين وثمرة فكرين ناضجين، فقد ولدها خيال شلر عمدة الكتاب، وحضنها جويتي نابغة الأدباء، نشرها الأول من محشر الأرواح ونفخ فيها روحاً من عنده، وهيأ الثاني مادتها وزار البقاع التي حدثت فيها مواقعها التاريخية شاء جويتي أن يصوغها ملحمة على الطراز الهوميري وشاء القدر غير ذلك فأبى إلا أن يتناولها شيلر بلباقته المعروفة ويخلق من حوادثها رواية تمثيلية من أندرما أخرجته القرائح
الرواية خالية من العواطف الكاذبة والتشبيه الصناعي ولكن الطبع يجري فيها وفي أشخاصها حتى لا تكاد تجد الشاعر يتطفل بعواطفه ليفسد شخصية أبطال الرواية.
وقد قال عنها المستر سايم أنها قوبلت بإعجاب واستحسان أشد من سابقاتها من مؤلفات شيلر وكانت ألمانية في دور انتقال من أظلم عصورها التاريخية فكان نور هذه الرواية يهب في سمائها نور أمل تجتمع إليه الأبصار وهي ليست خصيصة بعصر من العصور ولا خاضعة لأحداث الزمان والمكان ولكنها متأصلة في طبع الإنسان.
وكذلك نشرنا في هذا العدد الفصل الأخير من كتاب سر تطور الأمم وهذا الفصل هو كالفهرس لسائر أبواب الكتاب وموضوعاته: وربما نشرنا في العدد القادم مقالاً طوالا في تحليل نظريات هذا الكتاب وتطبيقها على مصر والمصريين إن شاء الله.
(اعتذار)
نعتذر إلى قرائنا الأفاضل عن تأخر هذا العدد الرابع عن موعده بما طرأ على المطبعة من الخلل الذي أفضي إلى ذلك. وهنا نجدد القول بأن موعد كل عدد من البيان هو آخر الشهر العربي لا أوله فيكون موعد العدد الرابع هو 30 ربيع الثاني واليوم (أي يوم يظهر هذا العدد) هو يوم الخميس 10 جمادى الأولى الموافق 17 إبريل فيكون قد تأخر هذا العدد عن موعده 10 أيام فقط لا كما يظن بعض الناس الذين لا ينظرون إلى كل مشروع مصري إلا بالعين السوداء وتراهم يسيئون الظن بكل عامل مصري وينعون عليه ويشيعون المنكر عنه فلا تأذن من ناحيتهم أمام مثل البيان إلا قولهم: متى ينجح المصري؟ ها هو ذا قد تأخر البيان عن موعده؟ أنا لا أشترك في البيان لأنه غير منتظم! أين المصري من غير المصري؟ - إلى أمثال ذلك مما لا يدل للأسف إلا على القصور والتقصير وقلق الفكر وملل الذهن وعدم ثقة المصري بنفسه فلا يثق لعمري بأخيه.
فيأيها الساخطون مهلاً بعض هذا التشنيع وأولى بكم ويمين الله أن ترجعوا على أنفسكم باللوم والتأنيب ولتعلمن أن البيان كغيره ليس إلا بقرائه وإذا كان للبيان فضل فهو من الله وحسن توفيقه وإن كان ثمت نقص فهو من أنفسكم وسوء تقديركم وليت شعري كيف ينجح البيان وغير البيان إذا لم تنجحوه أنتم وتسعدوه. وكيف يتسق أمره مع تشويشكم عليه بالكلم العور فضلاً عن المماطلة في تأدية الحقوق.
ثقوا أولاً أيها الساخطون بأنفسكم وأشعروها الواجب وقوموا بواجب البيان عليكم ثم طالبوا البيان بواجبكم عليه والسلام على من اتبع الهدى.