ما بَينَ غِزلانِ العَقيقِ وَبانِهِ
ما بَينَ غِزلانِ العَقيقِ وَبانِهِ المؤلف: شكيب أرسلان |
ما بَينَ غِزلانِ العَقيقِ وَبانِهِ
حَربٌ بِها بَطَلُ الهَوى كَجَبانِهِ
حَربٌ تَضرِمُ بِالحَضيضِ سَعيرُها
وَعَجاجَها بِالجَزعِ فَوقَ رَعانِهِ
عَبَثتُ بِعُشّاقِ العَقيقِ وَأوغِلَت
فَدِماؤُهُم تُربى عَلى غَدرانِهِ
لَم يَرهَبوا بِأَساً لِقاءَ أَسوَدُهُ
فَأَبادَهُم حَتفاً لِقا غِزلانِهِ
يا زائِراً تِلكَ الرُبوعُ وَسائِراً
بِعَراصِها الفَيحاءُ في رُكبانِهِ
أَن تَنزِلَن سَفحَ العَقيقِ فَاِشرَفَن
وَاِسفَح عَقيقَ الدَمعِ مَعَ عِقيانِهِ
وَتَأَمَلنَ صَنعَ الهَوى بِفَريقِهِ
فَإِذا رَضيتُ فَبَعدَ ذَلِكَ عانِهِ
سُبحانَ مَن خَلَقَ الفُؤادَ وَطامَهُ
أَبَداً عَلى حُبِّ الحِمى وَحِسانِهِ
وَأَعَزَّ سُلطانَ الهَوى حَتّى غَدَت
أَسمى مُلوكُ الأَرضِ مِن عَبدانِهِ
رِقّاً كَمارِقِ القَريضِ لِمَن غَدا
بِالأَلمَعِيَّةِ مالِكاً لَعَنانِهِ
الشاعِرُ المُتَفَنِّنُ النَدبُ الَّذي
يَروي حَديثَ النَظمِ عَن حِسانِهِ
هَذا أَبو الفَضلِ الَّذي لا بُدَّ أَن
يُمسي بِبُقعَتِنا بَديعَ زَمانِهِ
وافى وَما اِنصاحَ النَهارُ بِلَيلِهِ
زَمَناً فَحَلَّ الصَدرُ مِن إيوانِهِ
يَلهو بِأَنواعِ الفُنونِ وَيَحتَسي
مِن عَصرٍ مَن سَلَفوا سُلافَةَ حانِهِ
وَلَهُ الرَقائِقُ في الكَلامِ يُجيدُها
نَظماً يُسلي المَرءَ عَن أَشجانِهِ
قَد أَبرَزَتهُ قَريحَةُ سَيّالَةٍ
تَزري بِصَوبِ المُزنِ في تَهتانِهِ
يا سامِعاً عَنهُ البَدائعَ مُعجِباً
مَهلاً فَلَيسَ سَماعِهِ كَعَيانِهِ
أَن سَرَت في الوَطَنِ العَزيزِ فَاِشمَلَن
وَاِنزِل بِذاكَ السَفحِ مِن لُبنانِهِ
في مُعلِمٍ كَالرَوضِ في حَسَناتِهِ
تَجَنّى ثِمارَ الخَيرِ مِن أَفنانِهِ
فَاِنزِل عَلى سِعَةٍ بِرَحبِ فَنائِهِ
وَاِنظُر مَآثِرَ مَن عَجِبتُ لِشانِهِ