الرئيسيةبحث

لَكَ اللَهُ مِن عانٍ بِشُكرٍ مُنَمَمٍ

لَكَ اللَهُ مِن عانٍ بِشُكرٍ مُنَمَمٍ

لَكَ اللَهُ مِن عانٍ بِشُكرٍ مُنَمَمٍ
المؤلف: شكيب أرسلان



لَكَ اللَهُ مِن عانٍ بِشُكرٍ مُنَمَمٍ
 
لِتَقديرٍ حَقَّ مَن عَلاكَ مَحتَمِ
وَشَهمٍ أَبِيِّ النَفسِ أَضحى يَرى يَداً
 
تَذَكَّرَ فَضلٌ أَو جَميلٌ لِمُنعَمِ
رَأى كَرَماً مِنّي تَذَكَّرَ قَولَهُ
 
فَدَلَّ عَلى أَعلى خَلالاً وَأَكرَمِ
وَلَو كانَ يَدري فاضل قَدر نَفسِهِ
 
رأى ذِكرهُ فَرضاً عَلى كُلِّ مُسلِمِ
أَيَعجَبُ مَن تَنويهِ مِثلي بِمِثلِهِ
 
لَعَمري الَّذي قَد شَقَّ في شِعرِهِ فَمي
وَمَهما يَكُن مِن أَعجَمِ فَبِفَضلِهِ
 
يَرى ثَقَفِيّاً في الوَرى كُلَّ أَعجَمِ
إِذا مَطَرَ الغَيثُ الرِياضَ بِوابِلٍ
 
فَأَيُّ يَدٍ لِلطائِرِ المُتَرَنِّمِ
إِذا ما تَصَبَّت بِالعَميدِ صَباحَةً
 
بِوَجهٍ فَما فَضلُ العَميدِ المُتَيَّمِ
وَهَل يُنكِرُ الإِحسانَ إِلّا لِئامَةً
 
وَيُنكِرُ حُسناً غَيرَ مِن طَرفِهِ عَمي
وَهَل في شُهودِ الشَمسِ أَدنى مُزيَةٍ
 
وَقَد جاءَ ضوءُ الشَمسِ لَم يَتَكَتَّمِ
رُوَيدَكَ لا تُكثِرُ لِدَهرِكَ تُهمَةً
 
وَلا تَيأسَن مِن أَهلِهِ بِالتَوَهُّمِ
فَما زالَ مَن يَدري الجَميلَ وَلَم يَكُن
 
لِتَأخُذَهُ في الحَقِّ لَومَةَ لُوَّمِ
وَأَنتَ الَّذي لَو أَنصَفَ الدَهرَ لَم يَكُن
 
لِغَيرِكَ في العَلياءِ صَدرَ التَقَدُّمِ
جَمَعتَ العُلى مِن تِلدِها وَطَريفِها
 
فَجاءَت كَعُقدٍ في ثَناكَ مُنَظَّمِ
غَدَت خَطَّتي إِمّا يَراعٍ وَمِخذَمِ
 
وَإِنَّكَ تَطِبُ في يَراعٍ وَمَخذَمِ
وَلَم أَرَ كَفّاً مِثلَ كَفِّكَ أَحسَنتَ
 
إِلى المَجدِ إِرعافُ المَدادِ مَعَ الدَمِ
جَمَعَتهُما جَمعَ القَديرِ بِكَفِّهِ
 
إِلى مُحتَدٍ سامَ إِلى المَجدِ يَنتَمي
وَلَو كانَ يُرقى المَرءَ ما يَستَحِقُّهُ
 
إِذاً لَبَلَغت النيراتِ بِسَلمِ
وَأَنتَ الَّذي يا اِبنَ الكِرامِ أَعدَتها
 
لَأَفصَحَ مِن عَهدِ النَواسي وَمَسلَمِ
وَأَنشَرَت مَيتَ الشِعرِ بَعدَ مَصيرِهِ
 
لِأَعظَمَ نَثراً مِن رُفاتٍ وَأَعظَمِ
وَأشهَدَ ما في الناسِ مِن مُتَأَخِّرٍ
 
يُدانيكَ فيهِ لا وَلا مُتَقَدِّمِ
وَلَو شُعَراءِ الدَهرِ تَعَرَّضَ جُملَةً
 
بِمُنجِدِهِم مِن كُلِّ حَيٍّ وَمُتَّهَمِ
لَأَبصَرتَ شَخصُ البُحتِرِيِّ مِنكَ بُحتُرا
 
وَخَلقُ أَبي تَمّامٍ غَيرَ مُتَمِّمِ
لَكَ الآبِداتُ الآنِساتُ الَّتي نَأَت
 
وَأَنسَت عُكاظَ الشِعرِ بَل كُلُّ مَوسِمِ
لَكُم أَسَهَرتَ جَفنَ الرُواةِ وَخالَفتَ
 
حُظوظَكَ مِنها شُرَّدٌ غَيرَ نُوَّمِ
شَغَفتَ بِها طِفلاً فَأَروى بَديعاً
 
وَلَم أَروِ مِن وَجدي بِها نارُ مُضرِمِ
وَلا عَجَبَ أَنّي أَحِنُّ صَبابَةً
 
فَيَسري الهَوى بِالقَولِ لِلمُتَكَلِّمِ
أَفي كُلِّ يَومٍ فيكَ وَجدٌ كَأَنَّهُ
 
طَوى جانِحاً مِنّي عَلى نارِ مَيسِمِ
أُحَمِّلُ ريحَ الهِندِ كُلَّ تَحِيَّةٍ
 
فَكَم مِن صَباً مِنها عَلَيها مُسَلَّمِ
وَقَد طالَما حَدَثَت نَفسي وَعاقَني
 
تَرَدُّدُها ما بَينَ أَقدِم وَأَحجِمِ
حَلَفتُ بِما بَينَ الحَطيمِ وَزَمزَمِ
 
وَبِالرَوضِ الزَهرا أَلِيَّةَ مُقسِمِ
لِأَلفَيتُ عِندي دَوسُ مُشتَجَرِ القَنا
 
وَخَوضى في حَوضٍ مِنَ الطَعنِ مُفعَمش
أَقَلَّ بِقَلبي في المَواقِفِ هَيبَةً
 
وَأَهوَنَ مِن ذاكَ المَقامُ المُعَظَّمِ
وَهَب أَنَّني بازٍ قَد اِنقَضَّ أَشهُبٌ
 
فَهَل يَطَمعُ البازي بِلُقيانِ ضَيغَمِ
وَلَكِنَّ لي مِن عَفوِ مَولايَ ساتِراً
 
فَهاءَنَذا مِنهُ بِهِ بِتُّ أَحتَمي
أَمَحمودُ سامي إِن يَكُ الدَهرُ خائِناً
 
وَطالَ عَلَيكَ الزَجرَ طائِرَ أَشأَمِ
فَما زالَتِ الأَيّامُ بُؤساً وَأَنعُما
 
وَحَظُّ الشَقا بِالمَكثِ حَظُّ التَنَعُّمِ
وَلَولا الصَدى ما طابَ وَردٌ وَلا حَلا
 
لَكَ الشَهدُ إِلّا مِن مَرارَةِ عَلقَمِ
عَسى تُعتِبُ الأَقدارَ وَالهَمُّ يَنجَلي
 
وَيَنصاحُ صُبحُ السَعدِ في ذَيلِ مُظلِمِ
وَأُهديكَ في ذاكَ المَقامُ تَهانِئاً
 
حَبيرَةَ مَسدٍ في ثَناكَ وَمَلحَمِ