لَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَعودَ وَتَغنَما
لَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَعودَ وَتَغنَما المؤلف: شكيب أرسلان |
لَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَعودَ وَتَغنَما
وَتَنسى عَناءً قَد مَضى وَتَصَرَّما
وَتَعتَذِرُ الأَيّامُ عَمّا تَحامَلَت
عَلَيكَ وَيَمحو اليَومُ ما الأَمسُ قَدُما
فَما راعَني إِلّا مُصابَكَ تارِكاً
لَيالِيَّ أَيّاماً وَيَومِيَ مُظلِما
وَسَهمٌ تَلقاهُ فُؤادي وَإِنَّهُ
لِآلَمٍ ما لاقى نِبالاً وَأَسهُما
أَجَل لَم تَزَل حَتّى أُصِبتَ بِمُلحِمٍ
فَتَفَتَّأَ حَتّى المَوتُ تَذكُرُ مُلحِما
مَصابٌ تَشاطَرناهُ طَراً فَكُلُّنا
يَبكي عَلى مَفقودِكَ الدَمعُ وَالدِما
رَأَينا عَظيماً قَبلَهُ حادِثُ النَوى
لَعَمري فَجاءَ البَينَ أَدهى وَأَعظَما
وَكُنّا نُرَجّي فَرحَةً بِزَفافِهِ
فَوا حَسرتاً اِعتَضنا مِنَ العُرسِ مَأتَما
وَصارَت بِهِ تِلكَ التَهاني مَراثِياً
وَناحَ الَّذ قَد شاءَ أَن يَتَرَنَّما
فَتىً لَم يَكُن إِلّا بِأَعوامِهِ فَتى
فَقَد كانَ في عَقلِ الرِجالِ وَأَحلَما
تَقَبَّلَ بِالصَبرِ الجَميلِ بَلاءَهُ
وَحَلى بِشُهدِ الطَبعِ ما كانَ عَلقَما
تَحَمَّل مِن بِلواهُ وَهوَ مُراهِقٌ
لَعَمري ما لَو حَلَّ طَوداً تَهَدَّما
كَأَنَّ الَّذي فيهِ مِنَ العَقلِ قَد أَتى
لِنَزدادَ فيهِ حَسرَةً وَتَأَلُّما
فَأَيَّ فُؤادٍ لا يَذوبُ لِمِثلِهِ
وَأَيُّ سُرورٍ لا يَكونَ مُحرِما
أَتَوفيقٌ ثِق ما أَنتَ في الخَطبِ واحِداً
وَلَكِنَّهُ حَزَنٌ عَلَينا تَقَسَّما
وَإِن كُنتَ مَجروحَ الفُؤادِ فَكُلُّنا
غَدا لَكَ مَجروحُ الفُؤادِ مِكلَما
تَناثَرَ دَمعي فَوقَ طَرسَ أَخطَهُ
لِذاكَ غَدا نَثري وَنَظمي تَوأَما
يَخَيَّلُ لي مَبكاكَ عِندَ وَداعَهُ
خَيلاً عَلى بُعدِ الدِيارِ مِجسَما
مَضى وَبَقيتُ العُمرَ تَذكُرُ فَقدَهُ
فَيا لَيتَ شِعري مَن تَرَوَّحَ مِنكُما
مَضى وَلَو الماضي يُهنا عَلى الرَدى
لَقُلتُ لَهُ اِضحَك ضاحِكاً مُتَبَسِّما
فَما هَذِهِ الدارُ العَزيزَةُ عِندَنا
بِأَهلٍ لَعَمري أَن تُعَزَّ وَتُكرِما
إِذا سَبَرَ الناسُ الأُمورَ بَدَت لَهُم
حَقائِقَ لا تُبقى فُؤاداً مُتَيَّما
فَكَم فَرِحٍ فيها بِخَيرٍ أَصابَهُ
يَعودُ عَلَيهِ حَسرَةً وَتَنَدُّما
وَكَم نِعمَةٍ تَبدو فَتَرجِعُ نَقمَةً
وَمَغنَمَ قَومِ عادٍ مِن بَعدُ مُغرِما
عَزاءَكَ يا اِبنَ العَمِّ هَل ثَمَّ حيلَةٌ
تَصُدُّ بِها ذاكَ القَضاءَ المُحتَما
وَمِثلِكُ مَن قَد غَلَّبَ العَقلَ وَالحَجى
عَلى حِسِّهِ عِندَ المَصابِ وَحَكَّما
رَجَوتُ إِلَهي في بَنيكَ الأُلى بَقوا
بِأَن يَسلَموا في جانِبَيكَ وَتَسَلَّما
وَيَملَأُ مَرآهُم عُيونَكَ قُرَّةً
وَيَغدوا بُدوراً في البِلادِ وَأَنجُما