لجنية أم غادة رفع السجف
لجنية أم غادة رفع السجف المؤلف: المتنبي |
لجِنّيّةٍ أمْ غادَةٍ رُفِعَ السَّجْفُ
لوَحْشِيّةٍ لا ما لوَحشيّةٍ شَنْفُ
نَفُورٌ عَرَتْها نَفرَةٌ فتَجاذَبَتْ
سَوالِفُها والحَليُ والخَصرُ والرِّدْفُ
وخَيّلَ منها مِرْطُها فكأنّما
تَثَنّى لَنا خُوطٌ ولاحَظنَا خِشفُ
زِيادَةُ شَيْبٍ وهيَ نَقصُ زِيادَتي
وقُوّةُ عِشقٍ وهيَ من قُوّتي ضُعْفُ
أراقَتْ دَمي مَن بي منَ الوَجدِ ما بها
من الوَجدِ بي والشوْقُ لي ولها حِلْفُ
أكَيداً لَنا يا بَينُ واصَلْتَ وَصْلَنَا
فلا دارُنا تَدنُو ولا عيَشُنا يَصفُو
أُرَدّدُ وَيْلي لوْ قَضَى الوَيْلُ حاجَةً
وأُكْثِرُ لَهفي لوْ شفى غُلّةً لَهْفُ
ضَنًى في الهَوى كالسّمّ في الشّهدِ كامناً
لَذِذْتُ به جَهْلاً وفي اللّذّةِ الحتفُ
فأفْنى وما أفنَتْهُ نَفْسِي كأنّمَا
أبو الفَرَجِ القاضي له دونَها كَهفُ
قَليلُ الكَرَى لوْ كانتِ البِيضُ والقَنَا
كآرائِهِ ما أغنَتِ البَيضُ والزَّغْفُ
يَقُومُ مَقامَ الجَيشِ تَقطيبُ وَجهه
ويَستَغرِقُ الألفاظَ من لَفظِهِ حرْفُ
وإنْ فَقَدَ الإعطاءَ حَنّتْ يَمينُهُ
إلَيْهِ حَنينَ الإلْفِ فارَقَهُ الإلْفُ
أديبٌ رَسَتْ للعِلْمِ في أرضِ صَدْرِهِ
جِبالٌ جِبالُ الأرضِ في جنبها قُفُّ
جَوادٌ سَمَتْ في الخَيرِ والشرّ كَفُّهُ
سُمُوّاً أوَدَّ الدّهرَ أنّ کسمَهُ كَفُّ
وأضْحَى وبَينَ النّاسِ في كلّ سَيّدٍ
منَ النّاسِ إلاّ في سيادَتِهِ خُلفُ
يُفَدّونَهُ حتى كأنّ دِماءَهُمْ
لجاري هَواهُ في عُروقِهمِ تَقفُو
وُقُوفَينِ في وَقْفَينِ شُكْرٍ ونَائِلٍ
فنائِلُهُ وَقْفٌ وشُكرُهُمُ وَقْفُ
ولمّا فَقَدْنَا مِثْلَهُ دامَ كَشْفُنَا
عليهِ فدامَ الفقدُ وانكشفَ الكَشْفُ
وما حارَتِ الأوْهامُ في عُظْمِ شأنِهِ
بأكثرَ ممّا حارَ في حُسْنِهِ الطّرْفُ
ولا نالَ مِنْ حُسّادِهِ الغَيظُ والأذَى
بأعظَمَ ممّا نالَ من وَفرِهِ العُرْفُ
تَفَكّرُهُ عِلْمٌ ومَنْطِقُهُ حُكْمٌ
وباطِنُهُ دينٌ وظاهِرُهُ ظَرْفُ
أماتَ رِياحَ اللّؤمِ وهْيَ عَواصِفٌ
ومَغنى العُلى يودي ورَسْمُ الندى يَعفُو
فلَمْ نَرَ قَبلَ ابنِ الحُسَينِ أصابِعاً
إذا ما هطَلنَ استحيتِ الدِّيَمُ الوُطفُ
ولا ساعِياً في قُلّةِ المَجْدِ مُدْرِكاً
بأفعالِهِ ما لَيسَ يُدرِكُهُ الوَصْفُ
ولم نَرَ شَيئاً يَحمِلُ العِبْءَ حَملَهُ
ويَستَصغِرُ الدّنْيا ويَحمِلُه طِرْفُ
ولا جَلَسَ البَحرُ المُحيطُ لِقاصِدٍ
ومن تَحتِه فَرْشٌ ومن فوْقه سقفُ
فَوا عَجَبا مني أُحاوِلُ نَعْتَهُ
وقد فنيَتْ فيه القراطيسُ والصُّحْفُ
ومن كَثرَةِ الأخبارِ عَن مَكْرُماتِهِ
يَمُرّ لَهُ صِنْفٌ ويأتي لهُ صِنْفُ
وتَفْتَرُّ منهُ عَنْ خِصالٍ كأنّها
ثَنَايا حَبيبٍ لا يُمَلّ لَهَا رَشْفُ
قصَدْتُكَ والرّاجونَ قَصدي إلَيهِمِ
كثيرٌ ولكن ليسَ كالذّنَبِ الأنْفُ
ولا الفِضّةُ البَيضاءُ والتّبرُ واحداً
نَفوعانِ للمُكدي وبَيْنَهُما صَرْفُ
ولَستَ بدونٍ يُرْتَجَى الغَيثُ دونَهُ
ولا مُنتَهَى الجودِ الذي خلفَهُ خَلْفُ
ولا واحداً في ذا الورى من جَمَاعَةٍ
ولا البَعضَ من كلٍّ ولكنّك الضِّعْفُ
ولا الضِّعْفَ حتى يَتبَعَ الضِّعفَ ضِعفُه
ولا ضِعفَ ضِعفِ الضِّعفِ بل مثله ألْفُ
أقاضِيَنَا هذا الذي أنْتَ أهْلُهُ
غَلِطْتُ ولا الثُّلثانِ هذا ولا النّصْفُ
وذَنْبيَ تَقْصِيري وما جِئتُ مَادِحاً
بذَنبي ولكنْ جئتُ أسألُ أن تَعفُو