الرئيسيةبحث

كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات

كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات

كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات
المؤلف: معروف الرصافي



كلُّ ابن ادم مقهورٌ بعادات
 
لهنَّ ينقاد في كل الإرادات
يجرى عليهن فيما يبتغيه ولا
 
ينفكُّ عنهن حتى في الملذات
قد يستلذُّ الفتى مااعتاد من ضرر
 
حتى يرى في تعاطيه المسرات
عادات كل امرئٍ تأبى عليه بان
 
تكون حاجاته إلا كثيرات
أني لفى أسر حاجاتي ومن عجب
 
تعودي ما به تزداد حاجاتي
كل الحياة افتقار لا يفارقها
 
حتى تنال غناها بالمنيات
ولو لم تكن هذا العادات قاهرة
 
لما أسيغت بحال بنت حانات
ولا رأيت سكارات يدخنها
 
قوم بوقت انفرادٍ واجتماعات
ان الدخان لثان في البلاءِ اذا
 
ما عدت الخمر اولى في البليات
وربَّ بيضاءَ قيدِ الأصبع احترقت
 
في الكف وهي احتراق في الحشاشات
ان مرَّ بين شفاهِ القوم اسودُها
 
ألقى اصفراراً على بيض الثنيات
وليتها كان هذا حظّ شاربها
 
ولو أتتهُ بحدّ المشرقيات
عوائد عمت الدنيا مصائبها
 
وانما انا في تلك المصيبات
إن كلَّفتني السكارى شرب خمرتهم
 
شربت لكن دخاناً من سكاراتي
وأخترت أهون شر بالدخان وإن
 
احرقت ثوبي منه بالشرارات
وقلت يا قوم تكفيكم مشاركتي
 
إياكم في التذاذ بالمضرات
إني لأمتصُّ جمراً لُفَّ في وَرَق
 
إذ تشربون لهيباً ملءَ كاسات
كلاهما حُمُق يفتر عن ضرر
 
يسم من دمنا تلك الكريات
حسبي من الحمق المعتاد أهونه
 
إن كان لابد من هذي الحماقات
يا من يدخن مثلي كل آونة
 
لمني ألمك ولا ترض اعتذاراتي
إن العوائد كالأغلال تجمعنا
 
على قلوب لنا منهنَّ أشتات
مقيَّدين بها نمشي على حذر
 
من العيون فنأتي بالمداجاة
قد ننكر الفعل لم تألفه عادتنا
 
وان علمناه من بعض المباحات
ورب شنعاء من عاداتنا حسنت
 
في زعمنا وهي من أجل الشناعات
عناكبُ الجهل كم ألْقت بأدمغة
 
من الأنام نسيجاً من خرافات
فحرَّموا وأحلوا حسب عادتهم
 
وشوَّهوا وجه أحكام الديانات
حتى تراهم يرون العلم منقصة
 
عند النساء وان كن العفيفات
لم تحصِ سيئة َ العادات مقدرتي
 
مهما تفننت منها في عباراتي
فكم لها بدع سود قد اصطدمت
 
في الناس منهن آفات بآفات
لو لم يك الدهر سوقاً راج بأطلها
 
ما راجت الخمر في سوق التجارات
ولااستمر دخان التبغ منتشراً
 
بين الورى وهو مطلوب كاقوات
لو استطعت جعلت التبغ محتكراً
 
فوق احتكار له أضعاف مرات
وزدتُ أضعافَ أضعاف ضريبته
 
حتى يبيعوه قيراطاً ببدرات
فيستريح فقير القوم منه ولا
 
يبلى به غيرُ مثرِ ذي سفاهات
الحُرُّ مَن خرق العادات منتهجاً
 
نهج الصواب ولو ضدِّ الجماعات
ومن إذا خذل الناسُ الحقيقة عن
 
جهل أقام لها في الناس رايات
وعامل الناس بالإنصاف مدرعاً
 
ثوب الاخوة من نسج المساواة
فاغبى البرية أرفاهم لعادته
 
وأعقل الناس خُرَّاق لعادات