صفحة : 1934
فإذا وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها فهو للأول وإن كانت وضعته لستة أشهر من يوم نكحها الآخر فأكثر إلى أقل من أربع سنين من يوم فارقها الأول دعي له القافة. وان كانت وضعته لأكثر من أربع سنين ساعة من يوم فارقها الأول فكان طلاقه لا يملك الرجعة فهو للآخر وإن كان طلاقه يملك الرجعة وتداعياه أو لم يتداعياه ولم ينكراه ولا واحد منهما أريه القافة فبأيهما ألحقوه به لحق وان ألحقوه بالأول فقد انقضت عدتها من الأول وحل للآخر خطبتها وتبتدىء عدة من الآخر فإذا قضتها حلت خطبتها للأول وغيره. فإن ألحقوه بالأخر فقد انقضت عدتها من الآخر وتبتدىء فتكمل على ما مضى من عدة الأول وللأول عليها الرجعة في عدتها منه إن كان طلاقه يملك الرجعة. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإن لم يلحقوه بواحد منهما أو ألحقوه أو لم تكن قافة أو مات قبل أن تراه القافة أو ألقته ميتا فلم تره القافة فلا يكون ابن واحد منهما في هذه الحال. ولو كان أوصى له بشيء فولد فملكه ثم مات وقف عنهما معا حتى يصطلحا فيه. وان كان مات بعد ولاده وقبل موت قريب له يرثه المولود وقف له ميراثه حتى يتبين أمره فإن لم يتبين أمره لم يعط شيئأ من ميراثه من لا يعرف وارث له أو ليس بوارث. قال الربيع: فإن لم يلحقاه بأحد منهما رجعا عليه بما أنفقا عليها ولم تحل من عدتها به قال الشافعي ونفقة أمه حبلى في قول من يرى النفقة للحامل في النكاح الفاسد عليهما معا فإن لم يلحق بواحد منهما لم يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء من نفقتها وإن ألحق بأحدهما رجع الذي نفي عنه على الذي لحق به بما أخرج من نفقتها والقول في رضاعه حتى يتبين أمره كالقول في نفقة أمه. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وأما أنا فلا أرى على الناكح نكاحا فاسدا نفقة في الحمل والنفقة على الزوج الصحيح النكاح فلا آخذه بنفقتها حتى تلد فإن ألحق به الولد أعطيتها نفقة الحمل من يوم طلقها هو وإن أشكل أمره لم آخذه بنفقة حتى ينتسب إليه الولد فأعطيها النفقة وإن ألحق بصاحبه فلا نفقة عليه لأنها حبلى من غيره. وإذا كان أمر الولد مشكلا كما وصفت فقد انقضت إحدى العدتين بوضع الحمل وتستأنف الأخرى بعد وضع الحمل ولا رجعة للأول عليها في العدة الأخرى بعد الحمل. وإنما قلت: تستأنف العدة لأني لا أدري العدة بالحمل من الأول هي فتستأنف العدة من الآخر أو من الآخر فتبني فلما أشكلت جعلناها تستأنف وتلغي ما مضى من عدتها قبل الحمل ولا يكون الآخر خاطبأ حتى ينقضي آخر عدتها. قال الربيع: وهذا إذا أنكراه جميعا فأما إذا ادعياه فكل واحد منهما مقر بأن
صفحة : 1935
النفقة تلزمه. ﷺ ولو ادعاه أحدهما وأنكره الآخر أريته القافه وألحقته بمن ألحقوه به ولا حد على الذي أنكره من قبل أن يعزيه إلى أب قبل أن يتبين له أب غيره. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وهكذا القول: لو انكحت ثلاثة أو أربعة فمضت عدتها من الأول ومن كل من أصابها ممن بعده ولا عدة عليها ممن لم يصبها منهم. قال الشافعي رحمه الله: ولو كان النكاحان جميعا فاسدين: الأول والآخر كان القول فيه كالقول في النكاح الصحيح والفاسد. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وهكذا كل زوجة حرة مسلمة أو ذمية أو أمة مسلمة إلا أن عدة الأمة نصف عدة الحرة في الشهور وحيضتان في الحيض ومثلها في وضع الحمل فتصنع الأمة في عدتها مثل ما تصنع الحرة في عدتها. قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا طلق الرجل المرأة فأقرت بانقضاء العدة ونكحت فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها وأقل من أربع سنين من يوم طلقت فهو للأول وإن جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها وأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الأول فليس للأول ولا للآخر. باب سكنى المطلقات ونفقاتهن قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة الآية. وقال عز ذكره في المطلقات: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن قال الشافعي فذكر الله عز وجل المطلقات جملة لم يخصص منهن مطلقة دون مطلقة فجعل على أزواجهن أن يسكنوهن من وجدهن وحرم عليهم أن يخرجوهن وعليهن أن يخرجن إلا أن بفاحشة مبينة فيحل إخراجهن. فكان من خوطب بهذه الآية من الأزواج يحتمل أن إخراج الزوج امرأته المطلقة من بيتها منعها السكنى لأن الساكن إذا قيل أخرج من مسكنه فإنما قيل منع مسكنه وكما كان كذلك إخراجه إياها وكذلك خروجها بامتناعها من السكن فيه وسكنها في غيره فكان هذا الخروج المحرم على الزوج والزوجة رضيا بالخروج معا أوسخطاه معا أو رضي به أحدهما دون الآخر فليس للمرأة الخروج ولا للرجل إخراجها إلا في الموضع الذي استثنى الله عز ذكره من أن تأتي بفاحشة مبينة وفي العذر فكان فيما أوجب الله تعالى على الزوج والمرأة من هذا تعبدا لهما وقد يحتمل مع التعبد أن يكون لتحصين فرج المرأة في العدة وولد إن كان بها والله
صفحة : 1936
تعالى أعلم. قال: ويحتمل أمر الله عز وجل بإسكانهن وأن لا يخرجن ولا يخرجن مع ما وصفت أن لا يخرجن بحال ليلا ولا نهارأ ولا لمعنى إلا معنى عذر وقد ذهب بعض من ينسب إلى العلم في المطلقة هذا المذهب فقال: لا يخرجن ليلا ولا نهارا بحال إلا من عذر قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو فعلت هذا كان أحب إلي وكان احتياطا لا يبقى في القلب معه شيء وإنما منعنا من إيجاب هذا عليها مع احتمال الآية لما ذهبنا إليه من إيجابه على ما قال ما وصفنا من احتمال الآيات قبل لما وصفنا وأن عبد المجيد أخبرنا عن ابن جريج قال: أخبرنا. أبو الزبير عن جابر. قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلا لها فزجرها رجل أن تخرج فأتت إلى النبي ﷺ فقال: بلى فجدي نخلك فلعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفا قال الشافعي نخل الأنصار قريب من منازلهم والحداد إنما يكون نهارا قال الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فآم نساءهم وكن متجاورات في دار فجئن النبي ﷺ فقلن: يا رسول الله إنا نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال النبي ﷺ تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها قال الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن عبيد الله أنه كان يقول: لا يصلح للمرأة أن تبيت ليلة واحدة إذا كانت في عدة وفاة أو طلاق إلا في بيتها ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1937
العذر الذي يكون للزوج أن يخرجها قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى في المطلقات: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن ابن عباس أنه كان يقول: الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت فقد حل إخراجها أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم أن عائشة كانت تقول: اتقي الله يا فاطمة فقد علمت في أي شيء كان ذلك. قال: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسلا إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله ما لك علينا من شيء فجاءت رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له فقال: ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك. ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي فاعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها فدفعت إلى سعيد بن المسيب فسألته عن المبتوتة. فقال: تعتد في بيت زوجها. فقلت: فأين حديث فاطمة بنت قيس فقال: هاه ووصف أنه تغيظ وقال: فتنت فاطمة الناس كانت للسانها ذرابة فاستطالت على أحمائها فأمرها رسول الله ﷺ أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم قال: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم وسليمان أنه سمعهما يذكران: أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فقالت: اتق الله يا مروان واردد المرأة إلى بيتها. فقال مروان في حديث سليمان أن عبد الرحمن غلبني. وقال مروان في حديث القاسم: أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس فقالت عائشة: لا عليك أن لا تذكر شأن فاطمة فقال: إن كان إنما بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع أن ابنة لسعيد بن زيد كانت عند عبد الله فطلقها البتة فخرجت فأنكر ذلك عليها ابن عمر قال الشافعي فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون أن حديث فاطمة في أن النبي ﷺ أمرها بأن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر ويزيد بن المسيب يتبين استطالتها على أحمائها
صفحة : 1938
ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب الذي أمرها النبي ﷺ أن تعتد في غير بيت زوجها خوفأ أن يسمع ذلك سامع فيرى أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت قال الشافعي وسنة رسول الله ﷺ في حديث فاطمة بنت قيس إذ بذت على أهل زوجها فأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم تدل على معنيين: أحدهما أن ما تأول ابن عباس في قول الله عز وجل: إلا أن يأتين بفاحشة مبينة هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله تعالى قال: وبين إنما أذن لها أن تخرج من بيت زوجها فلم يقل لها النبي ﷺ اعتدي حيث شئت ولكنه حصنها حيث رضي إذ كان زوجها غائبا ولم يكن له وكيل بتحصينها فإذا بذت المرأة على أهل زوجها فجاء من بذائها ما يخاف تساعر بذاءة إلى تساعر الشر فلزوجها إن كان حاضرا إخراج أهله عنها فإن لم يخرجهم أخرجها إلى منزل غير منزله فحصنها فيه وكان عليه كراؤه إذا كان له منعها أن تعتد حيث شاءت كان عليه كراء المنزل وإن كان غائبا كان لوكيله من ذلك ما له. وإن لم يكن له وكيل كان السلطان ولي الغائب يفرض لها منزلا فيحصنه فيه فإن تطوع السلطان به أو أهل المنزل فذلك ساقط عن الزوج ولم نعلم فيما مضى أحدا بالمدينة أكرى أحدا منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم وإن لم يتطوع به السلطان ولا غيره فعلى زوجها كراء المنزل الذي تصير إليه. ولا يتكارى لها السلطان إلا بأخف ذلك على الزوج وإن كان بذاؤها حتى يخاف أن يتساعر ذلك بينها وبين أهل زوجها عذرا في الخروج من بيت زوجها كان كذلك كل ما كان في معناه وأكثر من أن يجب حد عليها فتخرج ليقام عليها أو حق فتخرج لحاكم فيه أو يخرجها أكل منزل هي فيه بكراء أو عارية ليس لزوجها أو ينهدم منزلها الذي كانت فيه أو تخاف في منزل هي فيه على نفسها أو مالها أو ما أشبه هذا من العذر فللزوج في هذه الحالات أن يحصنها حيث صيرها وإسكانها وكراء منزلها. قال: وإن أمرها أن تكاري منزلا بعينه فتكارته فكراؤه عليه متى قامت به عليه. وإن لم يأمرها فتكارت منزلا فلم ينهها ولم يقل له أقيمي فيه فإن طلبت الكراء وهي في العدة استقبل كراء منزلها من يوم تطلبه حتى تنقضي العدة وإن لم تطلبه حتى تنقضي العدة فحق لها تركته وعصت بتركها أن يسكنها فلا يكون لها وهي عاصية سكنى وقد مضت العدة وإن أنزلها منزلا له بعد الطلاق أو طلقها في منزل له أو طلقها وهي زائرة فكان عليها أن تعود إلى منزل له قبل أن يفلس ثم فلس فهي أحق
صفحة : 1939
بالمنزل منه ومن غرمائه كما تكون أحق به لو أكراها وأخذ كراءه منها من غرمائه أو أقر لها بأنها تملك عليه السكنى قبل أن يقوم غرماؤه عليه. وإن كان في المنزل الذي أنزلها فيه فضل عن سكناها كانت أحق بما يكفيها ويسترها من منزله وكان الغرماء أحق بما بقي منه لأنه شيء أعطاها إياه لم يستحق أصله عليه ولم يهبه فتكون أحق به إنما هو عارية وما أعار فلم يملكه من أعيره فغرماؤه أحق به ممن أعيره. ولو كان طلاقه إياها بعد ما يقف السلطان ماله للغرماء كانت أسوة الغرماء في كراء منزل بقدر كرائه ويحصنها حيث يكاري لها فإن كان لأهلها منزل أو لغير أهلها فأرادت نزوله وأراد إنزالها غيره فإن تكارى لها منزلا فهو أحق بأن ينزلها حيث أراد وإن لم يتكار لها منزلا ولم يجده لم يكن عليها أن تعتد حيث أراد زوجها بلا منزل يعطيها إياه وتعتد حيث قدرت إذا كان قرب ثقة ومنزلا ستيرا منفردأ أو مع من لا يخاف فإن دعت إلى حيث يخاف منعته. ولو أعطاها السلطان في هذا كله كراء منزله كان أحب إلي وحصنها له فيه قال الشافعي رحمه الله تعالى: وكل نكاح صحيح طلق رجل فيه امرأته مسلمة حرة أو ذمية أو مملوكة فهو كما وصفت في الحرة إلا أن لأهل الذمية أن يخرجوها في العدة ومتى أخرجوها فلا نفقة لها إن كانت حاملا ولا سكنى كان طلاق زوجها يملك الرجعة أو لا يملكها. وهكذا كل زوج حر مسلم وذمي وعبد أذن له سيده في النكاح فعليه من سكنى امرأته ونفقتها إذا كانت حرة أو أمة متروكة معه ما على الحر وليس نفقتها وهي زوجة له بأوجب من سكناها في الفراق ونفقتها عليه قال الشافعي إذا كان الطلاق لا يملك فيه الزوج الرجعة فهكذا القول في السكنى فأما الطلاق يملك فيه الزوج الرجعة فحال المرأة في السكنى والنفقة حال امرأته التي لم تطلق لأنه يرثها وترثه في العدة ويقع عليها إيلاؤه وليس له أن ينقلها من منزله إلى غيره إلا أن تبذو أو يراجعها فيحولها حيث شاء. وله أن يخرجها قبل مراجعتها إن بذت عليه كما تخرج التي لا يملك رجعتها والله سبحانه وتعالى الموفق. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة
صفحة : 1940
نفقة المرأة التي لا يملك زوجها رجعتها قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى في المطلقات: أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن الآية إلى فآتوهن أجورهن قال: فكان بينا والله تعالى أعلم في هذه الآية أنها في المطلقة التي لا يملك زوجها رجعتها من قبل أن الله عز وجل لما أمر بالسكنى عاما ثم قال في النفقة: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن دل على أن الصنف الذي أمر بالنفقة على ذوات الأحمال منهن صنف دل الكتاب على أن لا نفقة على غير ذوات الأحمال منهن لأنه إذا أوجب لمطلقة بصفة نفقة ففي ذلك دليل على أنه لاتجب نفقة لمن كان في غير صفتها من المطلقات. قال الشافعي فلما لم أعلم مخالفا من أهل العلم في أن المطلقة التي يملك زوجها رجعتها في معاني الأزواج في أن عليه نفقتها وسكناها وأن طلاقه وإيلاءه وظهاره ولعانه يقع عليها وأنه يرثها وترثه كانت الآية على غيرها من المطلقات ولم يكن من المطلقات واحدة تخالفها إلا مطلقة لا يملك الزوج رجعتها. قال الشافعي والدليل من كتاب الله عز وجل كاف فيما وصفن من سقوط نفقة التي لا يملك الزوج رجعتها وبذلك جاءت سنة رسول الله ﷺ قال الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: ما لك علينا نفقة فأتت النبي ﷺ فذكرت ذلك له فقال: ليس لك عليهم نفقة أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول: نفقة المطلقة ما لم تحرم فإذا حرمت فمتاع بالمعروف أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قال عطاء: ليست المبتوتة الحبلى منه في شيء إلا أنه ينفق عليها من أجل الحبل فإذا كانت غير حبلى فلا نفقة لها ﷺ فكل مطلقة كان زوجها يملك رجعتها فلها النفقة ما كانت في عدتها منه وكل مطلقة كان زوجها لا يملك رجعتها فلا نفقة لها في عدتها منه إلا أن تكون حاملا فيكون عليه نفقتها ما كانت حاملا وسواء في ذلك كل زوج حر وعبد وذمي وكل زوجة أمة وحرة وذمية. قال: ما وصفنا من متعة لمطلقة أو سكنى لها أو نفقة فليست إلا في نكاح صحيح ثابت. فأما كل نكاح كان مفسوخا فليست فيه نفقة ولا متعة ولا سكنى وإن كان فيه مهر بالمسيس حاملا كانت أو غير حامل. قال: وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا
صفحة : 1941
يملك فيه الرجعة فادعت حبلا وأنكره الزوج أولم ينكره ولم يقر به ففيها قولان: أحدهما: أن تحصي من يوم طلقها وكم نفقة مثلها في كل شهر من تلك الشهور فإذا ولدت قضي لها بذلك كله عليه لأن الحمل لا يعلم بيقين حتى تلد. قال: ومن قال هذا قال: إن الله عز وجل قال: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن يحتمل فعليكم نفقتهن حتى يضعن حملهن ليست بساقطة سقوط من لا نفقة له غير الحوامل. وقال: قد قال الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فلو مات رجل وله حبل لم يوقف للحبل ميراث رجل ولا ميراث ابنة لأنه قد يكون عددا ووقفنا الميراث حتى يتبين فإذا بان أعطيناه. وهكذا لو أوصى لحبل أو كان الوارث أو الموصى له غائبا ولا يعطى إلا بيقين وقال: أرأيت لو أريها النساء فقلن بها حمل فأنفقنا عليها ثم انفش فعلمنا أن ليس بها حمل أليس قد علمنا أنا أعطينا من مال الرجل ما لم يجب عليه وإن قضينا برده فنحن لا نقضي بشيء مثله ثم نرده والقول الثاني: أن تحصي من يوم طلقها الزوج ويراها النساء فإن قلن بها حمل أنفق عليها حتى تضع حملها وإن قلن: لا يبين أحصي عليها وتركت حتى يقلن قد بان فإذا قلن قد بان أنفق عليها لما مضى من يوم طلقها إلى أن تضع حملها ثم لا نفقة عليه بعد وضعها حملها إلا أن ترضع فيعطيها أجر مثلها في الرضاعة أجرا لا نفقة. ولو طلقها ثم ظهر بها حبل فذكر له فنفاه وقذفها لاعنها ولا نفقة عليه إن كان لاعنها فأبرأناه من النفقة ثم أكذب نفسه حد ولحق به الحمل إن تم وأخنت منه النفقة التي أبطلت عنه وكذلك إن كان إقراره بالكذب بعد رضاع الولد ألزمته رضاعه ونفقته. وهكذا لو أكذب نفسه بعد موت الولد أخذت منه نفقة الحمل والرضاع والولد. وإذا قال القوابل بالمطلقة التي لا يملك رجعتها حبل فأنفق عليها الزوج بغير أمر سلطان أو جبره الحاكم على النفقة عليها ثم علم أن لم يكن بها حبل رجع عليها في الحالتين معا لأنه إنما أعطاها إياه على أنه واجب عليه فلما علم أنه لم يجب عليه رجع عليها بمثل ما أخذت منه إن كان له مثل أو قيمته يوم دفعه إليها إن لم يكن له مثل. وكل زوجة صحيحة النكاح فرقت بينهما بحال كما ذكرناه في المختلعة والمخيرة والمملكة والمبتدأة طلاقها والأمة تخير فتختار الفراق والرجل يغر بالمرأة بنسب فيوجد عونه فتختار فراقه والمرأة تغر بأنها حرة فتوجد أمة أو تجده أجذم أو أبرص أو مجنونا فتختار فراقه أو يجدها كذلك فيفارقها فتكون حاملا في هذه الحالات فعلى الزوج نفقتها حتى تضع حملها. قال: وكل نكاح كان فاسدا بكل حال مثل النكاح بغير ولي
صفحة : 1942
أو بغير شهود أو نكاح المرأة ولم ترض أو كارهة فحملت فلها الصداق بالمسيس ولا نفقة لها في العدة ولا الحمل. قال أبو محمد: وفيها قول: أن لها النفقة بالحمل وإن كان نكاحا فاسدا لأنه يلحق به الولد. فلما كان إذا طلقها غير حامل لم تكن زوجة فبرئت منه لم يكن لها نفقة علمنا أنه جعلت النفقة لو أقر بالحمل. قال الشافعي وكل مطلقة يملك زوجها الرجعة كانت عدتها الشهور فحاضت بعد مضي شهرين استقبلت الحيض ثم عليه النفقة ما كانت في العدة. ولو حاضت ثلاث حيض استبرأت نفسها من الريبة وكانت لها النفقة حتى تطعن في الدم من الحيضة الثالثة فإن ارتابت أمسكت عن النكاح ووقف عن نفقتها فإن بان بها حبل كان القول فيها كالقول فيمن بان بها حبل بالنفقة حتى يبين أو الوقف حتى تضع فإن انفش ما ظن من حملها ردت من النفقة ما أخذت بعد دخولها في الدم من الحيضة الثالثة. قال: وهكذا إن كانت عدتها الشهور فارتابت سواء لا يختلفان ولو كانت عدتها الشهور فارتابت أمسكت عن الريبة فإن حاضت بعد ثلاثة أشهر فلها النفقة في الثلاثة حتى تنقضي ولا نفقة لها بعد الثلاثة ولا عدة عليها. فإن ارتابت بحمل أمسكت ولم ينفق عليها حتى يبين ثم يكون القول فيه كالقول في الحمل إذا بان سواء من رأى أن لا ينفق عليها حتى تضع أمسك حتى تضع ثم أعطاها نفقة من يوم قطع النفقة عنها إلى أن وضعت. ومن رأى أن ينفق عليها إذا بان الحمل أعطاها النفقة منذ أمسك عنها إلى أن بان بها الحمل ومن حين بان الحمل إلى أن تضع فإن بطل الحمل ردت النفقة بعد الثلاثة الأشهر وينفق عليها حتى تضع آخر حملها وإن كان بين وضع ولادها أيام. قال: وإن كان بها حبل ولا يملك زوجها رجعتها فأنفق عليها زوجها من حين طلقها حتى جاوزت أربع سنين فلم تلد ردت النفقة من يوم طلقها لأنا لا نلحق به الحمل ولا نفقة لها في العدة إلا أن تكون حاملا منه. ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
صفحة : 1943
امرأة المفقود قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك: قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم قال: وجعل رسول الله ﷺ على الزوج نفقة امرأته وحكم الله عز وجل بين الزوجين أحكاما منها: اللعان والظهار والإيلاء ووقوع الطلاق. قال الشافعي فلم يختلف المسلمون فيما علمته في أن ذلك لكل زوجة على كل زوج غائب وحاضر ولم يختلفوا في أن لا عدة على زوجة إلا من وفاة أو طلاق. وقال الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن الآية وقال تعالى: ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد إلى قوله: فلهن الثمن مما تركتم قال: فلم أعلم مخالفا في أن الرجل أو المرأة لو غابا أو أحدهما برأ أو بحرأ علم مغيبهما أو لم يعلم فماتا أو أحدهما فلم يسمع لهما بخبر أو أسرهما العدو فصيروهما إلى حيث لا خبر عنهما لم نورث واحدا منهما من صاحبه إلا بيقين وفاته قبل صاحبه. فكذلك عندي امرأة الغائب أي غيبة كانت مما وصفت أو لم أصف بإسار عدو أو بخروج الزوج ثم خفي مسلكه أو بهيام من ذهاب عقل أو خروج فلم يسمع له ذكر أو بمركب في بحر فلم يأت له خبر أو جاء خبر أن غرقا كأن يرون أنه قد كان فيه ولا يستيقنون أنه فيه لا تعتد امرأته ولا تنكح أبدا حتى يأتيها يقين وفاته ثم تعتد من يوم استيقنت وفاته وترثه ولا تعتد امرأة من وفاة ومثلها يرث إلا ورثت زوجها الذي اعتدت من وفاته ولو طلقها وهو خفي الغيبة بعد أي هذه الأحوال كانت أو آلى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج الحاضر في ذلك كله وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن تكون امرأة رجل يقع عليها ما يقع على الزوجة تعتد لا من طلاق ولا وفاة كما لو ظنت أنه طلقها أو مات عنها لم تعتد من طلاق إلا بيقين وهكذا لو تربصت سنين كثيرة بأمر حاكم واعتدت وتزوجت فطلقها الزوج الأول المفقود لزمها الطلاق وكذلك إن آلى منها أو تظاهر أو قذفها لزمه ما يلزم الزوج. وهكذا لو تربصت بأمر حاكم أربع سنين ثم اعتدت فأكملت أربعة أشهر وعشرا ونكحت ودخل بها أو نكحت ولم يدخل بها أو لم تنكح وطلقها الزوج الأول المفقود في هذه الحالات لزمها الطلاق لأنه زوج وهكذا لو تظاهر منها أو قذفها أو آلى منها لزمه ما يلزم المولى غير أنه ممنوع من فرجها بشبهة بنكاح غيره فلا يقال له فىء حتى تعتد من الآخر إذا كانت دخلت عليه فإذا أكملت عدتها أجل من يوم تكمل عدتها أربعة أشهر وذلك حين حل له فرجها وإن أصابها فقد خرج من طلاق الإيلاء
صفحة : 1944
وكفر وإن لم يصبها قيل له أصبها أو طلق. قال: وينفق عليها من مال زوجها المفقود من حين يفقد حتى يعلم يقين موته. قال: وإن أجلها حاكم أربع سنين أنفق عليها فيها وكذلك في الأربعة الأشهر والعشر من مال زوجها فإذا نكحت لم ينفق عليها من مال الزوج المفقود لأنها مانعة له نفسها. وكذلك لا ينفق عليها وهي في عدة منه لو طلقها أو مات عنها ولا بعد ذلك ولم أمنعها النفقة من قبل أنها زوجة الآخر ولا أن عليها منه عدة ولا أن بينهم ميراثا ولا أنه يلزمها طلاقه ولا شيء من الأحكام بين الزوجين إلا لحوق الولد به إن أصابها. وإنما منعتها النفقة من الأول لأنها مخرجة نفسها من يديه ومن الوقوف عليه كما تقف المرأة على زوجها الغائب بشبهة فمنعتها نفقتها في الحال التي كانت فيها مانعة نفسها بالنكاح والعدة وهي لو كانت في المصر مع زوج فمنعته نفسها منعتها نفقتها بعصيانها ومنعتها نفقتها بعد عدتها من زوجها الآخر بتركها حقها من الأول وإباحتها نفسها لغيره على معنى أنها خارجة من الأول. ولو أنفق عليها في غيبته ثم ثبتت البينة على موته في وقت ردت كل ما أخذت من النفقة من حين مات فكان لها الميراث ولو حكم لها حاكم بأن تزوج فتزوجت فسخ نكاحها وإن لم يدخل بها فلا مهر لها وإن دخل بها فأصابها فلها مهر مثلها لا ما سمى لها وفسخ النكاح وإن لم يفسخ حتى ماتت أو مات فلا ميراث لها منه ولا له منها وإن حكم لواحد منهما بالميراث من صاحبه رد الميراث. فإن كان الزوج الميت رد ميراثه على ورثته وإن كانت هي الميتة وقف ميراث الزوج الأول حتى يعلم أحي هو فيرثها أو ميت فيرد على ورثتها غير زوجها الآخر ولو مات زوجها الأول ورثته وأخرجناها من يدي الآخر بكل حال. ولو تربصت أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا ثم نكحت فولدت أولادا ثم جاء الأول كان الولد ولد الآخر لأنه فراش بالشبهة وردت على الزوج ومنع إصابتها حتى تعتد ثلاث حيض. وإن كانت ممن لا تحيض ليأس من المحيض أو صغر فثلاثة أشهر. وإن كانت حبلى فأن تضع حملها. وإذا وضعت حملها فلزوجها الأول منعها من رضاع ولدها إلا اللبا وما إن تركته لم يغذ مرضع غيرها ثم يمنعها ما سوى ذلك. ولا ينفق عليها في أيام عدتها ولا رضاعها ولد غيره شيئا ولو ادعى الزوج الأول والآخر الولد وقد ولدت وهي مع الآخر أريته القافة قال: ومتى طلقها الأول وقع عليها طلاقه ولو طلقها زوجها الأول أو مات عنها وهي عند الزوج الآخر كانت عند غير زوج فكانت عليها عدة الوفاة والطلاق ولها الميراث في الوفاة والسكنى في العدة في الطلاق وفيمن رآه لها
صفحة : 1945
بالوفاة. ولو مات الزوج الأخر لم ترثه وكذلك لا يرثها لو ماتت. ولو ماتت امرأة المفقود والمفقود ولا يعلم أيهما مات أولا لم يتوارثا كما لم يتوارث من خفي موته من أهل الميراث من القتلى والغرقى وغيرهم إلا بيقين أن أحدهما مات قبل الأول فيرث الآخر الأول. ولو مات الزوج الأول والزوج الآخر ولا يعلم أيهما مات أولا بدأت فاعتدت أربعة أشهر وعشرا لأنه النكاح الصحيح والعدة الأولى بالعقد الأول ثم اعتدت بعد ثلاث حيض تدخل إحداهما في الأخرى لأنها وجبت عليها من وجهين مفترقين فلا يجزئها أن تأتي بإحداهما دون الأخرى لأنهما في وقت واحد. ولو كان الزوج الأول مات أولا فاعتدت شهرا أو أكثر ثم ظهر بها حمل فوضعت حملها حلت من الذي حملت منه وهو الزوج الآخر فاعتدت من الأول أربعة أشهر وعشرأ لأنها لا تستطيع تقديم عدتها من الأول وعليها عدة حمل من الأخر. قال: ولكن لو مات الأول قبل فاعتدت شهرأ أو أكثر ثم رأت أن بها حملا قيل لها: تربصي فإن تربصت وهي تراها حاملا ثم مرت بها أربعة أشهر وعشرا وهي تحيض في ذلك وتراها تحيض على الحمل ثم حاضت ثلاث حيض وبان لها أن لا حمل بها فقد أكملت عدتها منهما جميعا وليس عليها أن تستأنف عدة أخرى تحد فيها كما لو مات عنها زوجها ولا تعلم هي حتى مرت أربعة أشهر وعشر وقيل لها: ليس عليك استئناف عدة أخرى وهكذا لو ماتا معا ولم تعلم حتى مضت أربعة أشهر وعشر وثلاث حيض بعد يقين موتهما معا لم تعد لعدة. ولو مات الزوج الآخر اعتدت منه ثلاث حيض فإن أكملتها ثم مات الأول اعتدت عدة الوفاة وإن لم تكملها استقبلت عدة الوفاة من يوم مات الآخر لأنها عدة صحيحة ثم اعتدت حيضتين تكملة الحيض التي قبلها من نكاح الآخر ولو أن امرأة المفقود ماتت عند الزوج الآخر ثم قدم الأول أخذ ميراثها وإن لم تدع شيئا لم يأخذ من المهر شيئا إذا لم يجد امرأته بعينها فلا حق له في مهرها فإن قال قائل: فهل قال غيرك غير هذا قيل: نعم وروي فيه شيء عن بعض السلف وقد روي عن الذي روي عنه هذا أنه رجع عنه فإن قال: فهل تحفظ عمن مضى مثل قولك في أن لا تنكح امرأة المفقود حتى تستيقن موته قلنا: نعم عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أخبرنا يحيى بن حسان عن أبي عوانة عن منصور عن أبي المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال في امرأة المفقود: إنها لا تتزوج أخبرنا يحيى بن حسان عن هشيم بن بشير عن سيار أبي الحكم عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال في
صفحة : 1946
امرأة المفقود إذا قدم وقد تزوجت امرأته هي امرأته إن شاء طلق وإن شاء أمسك ولا تخير أخبرنا يحيى بن حسان عن جرير عن منصور عن الحكم أنه قال: إذا فقدت المرأة زوجها لم عدة المطلقة يملك زوجها رجعتها قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا طلق الرجل المرأة طلاقا يملك فيه رجعتها ثم مات قبل أن تنقضي عدتها اعتدت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا وورثت ولها السكنى والنفقة قبل أن يموت ما كانت في عدتها إذا كان يملك رجعتها فإذا مات فلا نفقة لها وليس عليها أن تجتنب طيبا ولا لها أن تخرج من منزله ولو أذن لها وليس له منها ولا لها منه من نظر ولا من تلذذ ولا من خلوة شيء حتى يراجعها وهي محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها. أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى المسجد فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها. قال الشافعي: أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: ما يحل للرجل من المرأة يطلقها قال: لا يحل له منها شيء ما لم يراجعها أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عمرو بن دينار قال مثل ذلك أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء وعبد الكريم قالا: لا يراها فضلا. قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت إن كان في نفسه ارتجاعها ما يحل له منها قبل أن يراجعها وفي نفسه ارتجاعها قال: سواء في الحل إذا كان يريد ارتجاعها وإن لم يرده ما لم يراجعها. قال الشافعي وهذا كما قال عطاء إن شاء الله تعالى وإن أصابها في العدة فقال: أردت ارتجاعها وأقر أنه لم يشهد فقد أخطأ ولها عليه مهر مثلها بما أصاب منها وتعتد من مائه الآخر وتحصي العدة من الطلاق الأول فإذا أكملت العدة من الطلاق لم يكن له عليها رجعة. وله عليها الرجعة ما لم تكملها وتكمل عدتها من الإصابة الآخرة ولا تحل لغيره حتى تنقضي عدتها من الإصابة الأخرة وله هو أن يخطبها في عدتها من مائه الآخر ولو ترك ذلك كان أحب إلي. قال الشافعي وأكره للمرأة يملك زوجها رجعتها من التعريض للخلوة معه ما أكره للتي لا يملك رجتعها خوفا من أن يصيبها قبل أن يرتجعها. فإذا طلق الرجل امرأته تطليقة فحاضت حيضة أو حيضتين ثم راجعها ثم طلقها قبل أن يمسها ففيها قولان: أحدهما أنها تعتد من الطلاق الأخير عدة مستقبلة. والقول الثاني: أن العدة من الطلاق الأول ما لم يدخل بها. أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع أبا الشعثاء يقول: تعتد
صفحة : 1947
من يوم طلقها. قال ابن جريج وعبد الكريم وطاوس وحسن بن مسلم يقولون: تعتد من يوم طلقها. وإن لم يكن مسها قال سعيد: يقولون طلاقه الآخر قال سعيد: وكان ذلك رأي ابن جريج أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال: أرى أن تعتد من يوم طلقها قال الشافعي وقد قال هذا بعض المشرقيين. وقد قال بعض أهل العلم بالتفسير: إن قول الله عز وجل: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف إنما نزلت في ذلك كان الرجل يطلق امرأته ما شاء بلا وقت فيمهل المرأة حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها فإذا شارفت انقضاء عدتها راجعها فنزل: الطلاق مرتان أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدته ارتجعها. ثم طلقها قال والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدأ فأنزل الله عز وجل: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فاستقبل الناس الطلاق جديدا من كان منهم طلق ومن لم يطلق. قال: ومن قال هذا انبغى أن يقول: إن رجعته إياها في العدة مخالف لنكاحه إياها نكاحا جديدأ مستقبلا ثم يطلقها قبل أن يمسها وذلك أن حكمها في عدتها حكم الأزواج في بعض أمرها. وإنما تستأنف العدة لأنه قد كان مس قبل الطلاق الذي أتبعه هذا الطلاق فلزم فحكمه حكم الطلاق الواحد بعد الدخول. وأي امرأة طلقت بعد الدخول اعتدت ومن قال هذا أشبه أن يلزمه أن يقول ذلك وإن لم يحدث لها رجعة فيقول: إذا. طلقها بعد الدخول واحدة فحاضت حيضة أو حيضتين ثم أتبعها أخرى استقبلت العدة من التطليقة الآخرة وإن تركها حتى تحيض حيضة أو حيضتين ثم طلقها استقبلت العدة من التطليقة الآخرة ولم يبال أن لا يحدث بين ذلك رجعة ولا مسيسا. ومن قال هذا أشبه أن يحتج بأن الرجل يطلق امرأته فتحيض حيضة أو حيضتين قبل أن يموت فإن كان طلاقأ يملك فيه الرجعة اعتدت عدة وفاة وورثت كما نعتد التي لم تطلق وترث. ولو كان طلاقا لا يملك فيه الرجعة لم تعتد عدة وفاة ولم ترث إن طلقها صحيحا ولو طلقها مريضأ طلاقا لا يملك فيه الرجعة فورثته لم تعتد عدة الوفاة لأنها غير زوجة. وقد قيل في الرجل يطلق امرأته تطليقة يملك فيها الرجعة أو تطليقتين ثم يرتجعها ثم يطلقها أو يطلقها ولم يرتجعها: العدة من الطلاق الأول ولا تعتد من الطلاق الآخر لأنه وإن ارتجعها فقد كانت حرمت عليه إلا بأن يرتجعها كما حرمت عليه في الطلاق الذي لا يملك فيه
صفحة : 1948
الرجعة إلا بنكاح. ولو نكحها ثم طلقها قبل أن يصيبها لم تعتد فكذلك لا تعتد من طلاق حدثه لها. إن لزمها في العدة لم يحدث رجعة ومن قال هذا ذهب إلى أن المطلق كان إذا ارتجع في العدة ثبتت الرجعة لما جعل الله عز وجل في العدة له من الرجعة وإلى أن قول الله عز وجل: فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف لمن راجع ضرارا في العدة لا يريد حبس المرأة رغبة ولكن عضلا عن أن تحل لغيره. وقد قال الله تعالى: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فنهى عن إمساكهن للعضل ثم لطلقهن فذهب إلى أن الآية قبل هذا يحتمل أن يكون نهي عن رجعتهن للعضل لا للرغبة. وهذا معنى يحتمل الآية ولا يجوز إلا واحد من القولين والله تعالى أعلم بالصواب. M0د المشركات قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا كانت اليهودية أو النصرانية تحت المسلم فطلقها أو مات عنها فهي في العدة والسكنى والنفقة والإحداد مثل للمسلمة لا خلاف بينهما وله عليها الرجعة في العدة كما يكون له على المسلمة قال: وهكذا المجوسية تحت المجوسي والوثنية تحت الوثني لأزواجهن عليهن من الرجعة ما لزوج المسلمة وعليهن من العدد والإحداد ما على المسلمة لأن حكم الله تعالى على العباد واحد فلا يحل لمسلم إذا تحاكم إليه مشرك أن يحكم له ولا عليه إلا بحكم الإسلام لقول الله عز وجل لنبيه ﷺ في المشركين فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم الآية قال: والقسط حكم الله تعالى الذي أنزل على نبيه. وقول الله تبارك وتعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك قال: وأهواءهم يحتمل سبيلهم فامره ﷺ أن لا يحكم إلا بما أنزل الله إليه ولا يحل لمسلم أن يحكم إلا بحكم الله المنزل على نبيه ﷺ قال : وإذا طلق المسلم النصرانية ثلاثأ فانقضت عدتها فنكحت نصرانيا فأصابها أحلها ذلك لزوجها المسلم ويحصنها لأنه زوج يحل لها نكاحه. ألا ترى أن رسول الله ﷺ رجم يهوديين ومن سنته أن لا يرجم إلا محصنا فلو كانت إصابة الذمي لا تحصن المرأة لم يرجمها النبي ﷺ وإذا أحصنها أحلها مع إحلالها لأن الله عز وجل قال: حتى تنكح زوجأ غيره وأنه زوج نكحها. ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 1949
أحكام الرجعة أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: قال الله عز وجل: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقال: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا قال الشافعي رحمه الله في قول الله عز وجل: إن أرادوا إصلاحا فقال: صلاح الطلاق الرجعة والله أعلم. فمن أراد الرجعة فهي له لأن الله تبارك وتعالى جعلها له قال الشافعي رحمه الله: فأيما زوج حر طلق امرأته بعد ما يصيبها واحدة أو اثنتين فهو أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها بدلالة كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله ﷺ فإن ركانة طلق امرأته البتة ولم يرد إلا واحدة فردها إليه رسول الله ﷺ وذلك عندنا في العدة والله تعالى أعلم قال: وسواء في هذا كل زوجة تحت حر مسلمة أو ذمية أو أمة. قال: وطلاق العبد اثنتان: فإذا طلق واحدة فهو كالحر يطلق الحرة واحدة أو اثنتين ويملك من رجعتها بعد واحدة ما يملك الحر من رجعة امرأته بعد انقضاء واحدة أو اثنتين والحر الكافر الذمي وغير الذمي في الطلاق والرجعة كالحر المسلم. فإذا انقضت العدة فلا سبيل لزوج على امرأته إلا بنكاح جديد لأن الله عز وجل إذا جعل الرجعة له عليها في العدة فبين أن لا رجعة عليها بعدها مع قول الله عز وجل: فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
صفحة : 1950
كيف تثبت الرجعة قال الشافعي رحمه الله: لما جعل الله عز وجل الزوج أحق برجعة امرأته في العدة كان بينا أن ليس لها منعه الرجعة ولا لها عوض في الرجعة بحال لأنها له عليها لا لها عليه ولا أمر لها فيما له دونها. فلما قال الله عز وجل: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك كان بينا أن الرد إنما هو بالكلام دون الفعل من جماع وغيره لأن ذلك رد بلا كلام فلا تثبت رجعة لرجل على امرأته حتى يتكلم بالرجعة كما لا يكون نكاح ولا طلاق حتى يتكلم بهما فإذا تكلم بها في العدة ثبتت له الرجعة. والكلام بها أن يقول: قد راجعتها أو قد ارتجعتها أو قد رددتها إلي أو قد ارتجعتها إلي فإذا تكلم بهذا فهي زوجة. ولو مات أو خرس أو ذهب عقله كانت امرأته. وإن لم يصبه من هذا شيء فقال: لم أرد به رجعة فهي رجعة في الحكم إلا أن يحدث طلاقا. قال: ولو طلقها فخرجت من بيته فردها إليه ينوي الرجعة أو جامعها ينوي الرجعة أو لا ينويها ولم يتكلم بالرجعة لم تكن هذه رجعة حتى يتكلم بها. قال: وإذا جامعها بعد الطلاق ينوي الرجعة أو لا ينويها فالجماع جماع شبهة لا حد عليهما فيه. ويعزر الزوج والمرأة إن كانت عالمة ولها عليه صداق مثلها والولد لاحق وعليها العدة. قال الربيع: وفيها قول آخر: إذا قال: قد رددتها إلي أنها لا تكون رجعة حتى ينوي بها رجعتها فإذا قال: قد راجعتها أو ارتجعتها هذا تصريح الرجعة كما لا يكون النكاح إلا بتصريح النكاح أن يقول: قد تزوجتها أو نكحتها فهذا تصريح النكاح ولا يكون نكاحأ بأن يقول: قد قبلتها حتى يصرح بما وصفت لأن النكاح تحليل بعد تحريم وكذلك الرجعة تحليل بعد تحريم فالتحليل بالتحليل شبيه. فكذلك أولى أن يقاس بعضه على بعض ولا يقاس بالتحريم بعد التحليل كما لو قال: قد وهبتك أو اذهبي أو لا حاجة لي فيك أنه لا يكون طلاقا حتى ينوي به الطلاق وهو لو أراد بقوله: قد رددتك إلى الرجعة لم تكن رجعة حتى ينوي به الرجعة. قال الشافعي فإن طلقها واحدة فاعتدت حيضتين ثم أصابها ينوي الرجعة فحكمنا أن لا رجعة إلا بكلام فإن تكلم بالرجعة قبل أن تحيض الثالثة فهي رجعة وإن لم يتكلم بها حتى تحيض الثالثة فلا رجعة له عليها ولها عليه مهر مثلها ولا تنكح حتى تكمل ثلاث حيض ولا تكون كالمرأة تعتد من رجلين فتبدأ عدتها من الأول فتكملها ثم تستقبل للآخر عدة لأن تينك العدتين لحق جعل لرجلين وفي ذلك نسب يلحق أحدهما دون الآخر. وهذا حق لرجل واحد ونسب واحد لا يتنازع لمن كان منه ولد ولو
صفحة : 1951
طلقها فحاضت حيضة ثم أصابها استأنفت ثلاث حيض من يوم أصابها وكانت له عليها الرجعة حتى تحيض حيضة وتدخل في الدم من الحيضة الثالثة ثم لم يكن له عليها رجعة ولم تحل لغيره حتى ترى الدم من الحيضة الثالثة من إصابته إياها وهي الرابعة من يوم طلقها وله عليها الرجعة ما بقي من العدة شيء وسواء علمت بالرجعة أو لم تعلم إذا كانت تعلم فتمتنع من الرجعة فتلزمها لأن الله تعالى جعلها له عليها فعلمها وجهالتها سواء وسواء كانت غائبة أو حاضرة أو كان عنها غائبا أو حاضرا. قال: وإن راجعها حاضرا وكتم الرجعة أو غائبا فكتمها أو لم يكتمها فلم تبلغها الرجعة حتى مضت عدتها ونكحت ولا متعة إن لم يصبها لأن الله عز وجل جعل للزوج المطلق الرجعة في العدة ولا يبطل ما جعل الله عز وجل له منها بباطل من نكاح غيره ولا بدخول لم يكن يحل على الابتداء لو عرفاه كانا عليه محدودين وفي مثل معنى كتاب الله عز وجل سنة رسول الله ﷺ: إذا أنكح الوليان فالأول أحق لا استثناء في كتاب الله عز وحل ولا سنة رسول الله ﷺ دخل زوج آخر أولم يدخل ومن جعله الله عز ذكره ثم رسوله أحق بأمر فهو أحق به قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الرجل يطلق امرأته ثم يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك فنكحت قال: هي امرأة الأول دخل بها الآخر أو لم يدخل ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
صفحة : 1952
وجه الرجعة قال الشافعي رحمه الله: ينبغي لمن راجع أن يشهد شاهدين عدلين على الرجعة لما أمر الله تعالى به من الشهادة لئلا يموت قبل ألط يقر بذلك أو يموت قبل أن تعلم الرجعة بعد انقضاء عدتها فلا يتوارثان إن لم تعلم الرجعة في العدة ولئلا يتجاحدا أو يصيبها فتنزل منه إصابة غير زوجة. ولو تصادقا أنه راجعها ولم يشهد فالرجعة ثابتة عليها لأن الرجعة إليه دونها. وكذلك لو ثبت عليها ما كانت في العدة إذا أشهد على أنه قال: قد راجعتها فإذا مضت العدة فقال: قد راجعتها وأنكرت فالقول قولها وعليه البينة أنه قال قد راجعتها في العدة. والله تعالى الموفق. قال الشافعي وإذا قال الرجل لامرأته وهي في العدة من طلاقه: إذا كان غد فقد راجعتك وإذ كان يوم كذا وكذا فقد راجعتك وإذا قدم فلان فقد راجعتك وإذا فعلت كذا فقد راجعتك فكان كل ما قال لم يكن رجعة. ولو قال لها: إن شئت فقد راجعتك فقالت: قد شئت لم تكن رجعة حتى يحدث بعدها رجعة. وهذا مخالف قوله: إن شئت فأنت طالق. قال الشافعي وإذا قال الرجل لامرأته: إذا كان أمس فقد راجعتك لم تكن رجعة بحال ولو نوى إذا كان أمس يوم الاثنين فقد راجعتك لم يكن رجعة وليس بأكثر من قوله لها إذا كان غد فقد راجعتك فلا يكون رجعة ولو قال: كلما طلقتك فقد راجعتك لم يكن رجعة. قال الشافعي رحمه الله: وإذا قال لها في العدة: قد راجعتك أمس أو يوم كذا ليوم ماض بعد الطلاق كانت رجعة. وهكذا لو قال: قد كنت راجعتك بعد الطلاق ولو قال لها في العدة: قد راجعتك كانت رجعة فإن وصل الكلام فقال: فقد راجعتك بالمحبة أو راجعتك بالأذى وراجعتك بالكرامة أو راجعتك بالهوان سئل فإذا أراد الرجعة وقال: عنيت راجعتك بالمحبة مني لك أو راجعتك بالأذى في طلاقك أو ما أشبه هذا كانت رجعة. وإن قال: أردت قد رجعت إلى محبتك بعد بغضك أو إلى أذاك كما كنت أو ما أشبه هذا لم يكن رجعة. وإذا طلق الأخرس امرأته بكتاب أو إشارة تعقل لزمه الطلاق وكذلك إذا راجعها بكتاب له أو إشارة تعقل لزمتها الرجعة. وإذا مرض الرجل فخبل لسانه فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق وإذا أشار إشارة تعقل أو كتب كتابا لزمها الطلاق وألزمت له الرجعة ولو لم يخبل ولكنه ضعف عن الكلام فأشار بطلاق أو برجعة إشارة تعقل أو كتب كتابا يعقل كانت رجعة حتى يعقل فيقول لم تكن
صفحة : 1953
رجعة فتبرأ منه بالطلاق الأول وكل زوج بالغ غير مغلوب على عقله تجوز رجعته كما يجوز طلاقه. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا تجوز رجعة المغلوب على عقله كما لا يجوز طلاقه ولو أن رجلا صحيحا طلق امرأته ثم خبل عقله بجنون أو خبل أو برسام أو غيره مما يغلب على العقل غير المسكر ثم ارتجع امرأته في العدة لم تجز رجعته ولا تجوز رجعته إلا في الحين الذي لو طلق جاز طلاقه. وإن كان يجن ويفيق فراجع في حال جنونه لم تجز رجعته وإن راجع في حال إفاقته جازت رجعته. ولو اختلفا بعد مضي العدة فقالت: راجعتني وأنت ذاهب العقل ثم لم تحدث لي رجعة وعقلك معك حتى انقضت عدتي وقال بل راجعتك ومعي عقلي فالقول قوله لأن الرجعة إليه دونها وهي في العدة تدعي إبطالها لا يكون لها إبطالها إلا ببينة. دعوى المرأة انقضاء العد ة قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا طلقت المرأة فمتى ادعت انقضاء العدة في مدة يمكن في مثلها أن تنقضي العدة فالقول قولها ومتى ادعت انقضاء العدة في مدة لا يمكن في مثلها انقضاء عدتها لم تصح ولا تصح إلا في مدة يمكن فيها انقضاء العدة والقول قوله إذا ادعت ما لا يمكن مثله بحال. ولو طلق رجل امرأته فقالت من يومها: قد انقضت عدتي لم يقبل منها حتى تسأل. فإن قالت: قد أسقطت سقطا بان بعض خلقه أو ولدت ولدا ومات كان القول قولها إذا كان يلد مثلها فإن كانت صغيرة لا يلد مثلها أو عجوزا لا يمكن في مثلها أن تلد لم تصدق بحال. ولو قالت: قد انقضت عدتي في يوم أو غيره سئلت فإن قالت: حضت ثلاث حيض لم تصدق لأنه لا يحيض من النساء أحد ثلاث حيض في مثل هذه المدة. وإن قالت: قد حضت في أربعين ليلة ثلاث حيض وما أشبه هذا نظر فإن كانت المدعية لانقضاء عدتها في مثل هذه المدة تذكر قبل الطلاق أنها كانت تحيض هكذا وتطهر صدقت في الحكم. وكذلك إن كان من نساء الناس من يذكر ما وصفت وإن لم تكن هي ولا واحدة من النساء تذكر مثل هذا لم تصدق. ومتى صدقتها في الحكم فلزوجها عليها اليمين بالله عز وجل لقد انقضت عدتها بما ذكرت من حيض وطهر أو سقط أو ولد فإن حلفت برئت منه وإن نكلت أحلفته ما انقضت عدتها وجعلت له عليها الرجعة. وإذا صدقتها في الحكم بقولها: قد انقضت عدتي صدقتها به قبل ارتجاعها إياها وصدقتها إذا قال: قد راجعتك اليوم فقالت: انقضت عدتي أمس أو
صفحة : 1954
في وقت من اليوم قبل الوقت الذي راجعها فيه إلا أن تقر بعد مراجعته إياها بأن لم تنقض عدتها ثم تدعي انقضاء العدة فلا أصدقها لأن الرجعة قد ثبت بإقرارها وإن شاءت أن أحلفه لها ما علم عدتها انقضت فعلت فإن حلف لزمتها الرجعة وإن نكل أحلفت على البت لقد انقضت عدتها فإن حلفت فلا رجعة له عليها وإن نكلت فله عليها الرجعة. ولو قال لها: قد راجعتك فقالت: قد انقضت عدتي أو قالت: قد انقضت عدتي قبل أن تقول قد راجعتك في مدة يمكن فيها انقضاء عدتها ثم راجعها فقالت: قد كنت كذبت فيما ادعيت من انقضاء عدتي أو قالته قبل يراجعها فراجعها ثبتت عليها الرجعة. ولو رجعت عن الإقرار بانقضاء العدة لم يسقط ذلك الرجعة وهي كمن جحد حقا عليه ثم أقر به ولو قالت: قد انقضت عدتي ثم قالت: كذبت لم تنقض عدتي أو وهمت ثم قالت: قد انقضت عدتي قبل أن يرتجعها ثم ارتجعها لم يكن له عليها رجعة إلا بأن تكذب نفسها بعد الرجعة فتقول: لم تنقض عدتي. وإذا قالت: قد انقضت عدتي في مدة لا تنقضي عدة امرأة في مثلها فأبطلت قولها ثم جاءت عليها مدة تنقضي العدة في مثلها وهي ثابتة على قولها الأول: قد انقضت عدتي فعدتها منقضية لأنها مدعية لانقضاء العدة في الحالين معا ولو طلق الرجل امرأته ثم قال: أعلمتني بأن عدتها قد انقضت ثم راجعها لم يكن هذا إقرارا بأن عدتها قد انقضت لأنها قد تكذبه فيما أعلمته وتثبت الرجعة إذا قالت المرأة لم تنقض عدتي. وإن قال: قد انقضت عدتها وقالت هي: قد انقضت عدتي ثم قال: كذبت لم يكن له عليها رجعة لأنه أقر بانقضاء عدتها وكذلك لو صدقها بانقضاء العدة ثم كذبها لم يكن له عليها رجعة. ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 1955
الوقت الذي تكون له الرجعة بقوله قال الشافعي وإذا قال الرجل وامرأته في العدة: قد راجعتها اليوم أو أمس أو قبله في العدة وأنكرت فالقول قوله إذا كان له أن يراجعها في العدة. فأخبر أن قد فعل بالأمس كان كابتدائه الفعل الآن. ولو قال بعد مضي العدة: قد راجعتك في العدة وأنكرت كان القول قولها وعليه البينة أنه قد راجعها وهي في العدة. وإذا مضت العدة فقال: قد كنت راجعتك في العدة وصدقته فالرجعة ثابتة. فإن كذبته بعد التصديق أو كذبته قبل التصديق ثم صدقته كانت الرجعة ثابتة. وهكذا لو كانت زوجته أمة فصدقته كانت كالحرة في جميع أمرها ولو كذبه مولاها لم أقبل قوله لأن التحليل بالرجعة والتحريم بالطلاق فيها ولها. ولو كانت المرأة صبية لم تحض أو معتوهة مغلوبة على عقلها فقال زوجها بعد انقضاء عدتها: قد راجعتها في العدة لم يصدق إلا ببينة تقوم له. ولو صدقته لأنها ممن لا فرض له عليها وكذلك لو صدقه وليها أباها كان أو غيره لم أقبل ذلك ولو كانت صحيحة فعرض لها مرض أذهب عقلها ثم قال بعد انقضاء عدتها: قد كنت راجعتها في العدة لم تكن زوجته فإذا أفاقت فصدقته كانت زوجته بالإقرار وكانت الرجعة عليها ثابتة وإذا دخل الرجل بالمرأة فقال: قد أصبتها وطلقتها وقالت: لم يصبني فالقول قولها ولا رجعة له عليها. ولو قالت: قد أصابني وقال: لم أصبها فعليها العدة بإقرارها أنها عليها لا تحل للأزواج حتى تنقضي عدتها ولا رجعة له عليها بإقراره أن لا عدة له عليها. ويسعه فيما بينه وبين الله عز وجل أن يراجعها إن علم أنه كذب ويسعها فيما بينها وبين الله تعالى إن علمت أنها كذبت بادعائها بالإصابة أن تنكح قبل أن تعتد لأنه لا عدة عليها. فأما الحكم فكما وصفت. وسواء في هذا أغلق عليها بابا أو أرخى سترا أو لم يغلقه أو طال مقامه معها أو لم يطل لا تجب عليها العدة ولا يكمل لها المهر إذا طلقت إلا بالوطء نفسه. وإذا اختلفا في الوطء فالقول قول الزوج لأنه يؤخذ منه فضل الصداق وإذا طلق الرجل امرأته فقال بعد انقضاء عدتها: قد راجعتك في العدة وأنكرت فحلفت ثم تزوجت ودخل بها أو لم يدخل ثم أقام شاهدين أنه كان قد راجعها في العدة فسخ نكاحها من الآخر وكانت زوجة الأول الذي راجعها في العدة وأمسك عنها حتى تعتد من الآخر إن كان أصابها فإن لم يكن أصابها لم يمسك عنها. وإن ماتت أو مات وهي في العدة من الآخر توارثا ولو كانت المسألة بحالها وكذبته ونكحت زوجا غيره ثم صدقت الزوج الأول أنه راجعها في العدة لم
صفحة : 1956
تصدق على إفساد نكاح الزوج الآخر ولم يفسخ نكاحها إلا ببينة تقوم على رجعة الزوج الأول في العدة. قال أبو يعقوب البويطي والربيع: وله عليها صداق مثلها بإقرارها أنها أتلفت نفسها عليه. قال الشافعي في قول الله تبارك وتعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف إذا شارفن بلوغ أجلهن فراجعوهن بمعروف أو دعوهن تنقضي عددهن بمعروف ونهاهم أن يمسكوهن ضرارا ليعتدوا ولا يحل إمساكهن ضرارا. نكاح المطلقة ثلاثا قال الشافعي أي امرأة حل ابتداء نكاحها فنكاحها حلال متى شاء من كانت تحل له وشاءت إلا امرأتان: الملاعنة فإن الزوج إذا التعن لم تحل له أبدا بحال والحجة في الملاعنة مكتوبة في كتاب اللعان والثانية: المرأة يطلقها الحر ثلاثا فلا تحل له حتى يجامعها زوج غيره لقول الله عز وجل في المطلقة الثالثة: فإن طلقها فلا تحل من بعد حتى تنكح زوجا غيره قال: فاحتملت الآية حتى يجامعها زوج غيره ودلت على ذلك السنة فكان أولى المعاني بكتاب الله ما دلت عليه سنة رسول الله. ﷺ قال الشافعي أخبرنا مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله ﷺ ثلاثا فنكحها عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر للنبي ﷺ فنهاه أن يتزوجها فقال: لا تحل لك حتى تذوق العسيلة قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي ﷺ سمعها تقول: جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي ﷺ فقالت: إني كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم النبي ﷺ وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتك قالت: وأبو بكر عند النبي ﷺ وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له فنادى يا أبا بكر ألا تسمع ما تجهر به هذه عند رسول الله ﷺ قال الشافعي فإذا تزوجت المطلقة ثلاثا زوجا صحيح النكاح فأصابها ثم طلقها فانقضت عدتها حل لزوجها الأول ابتداء نكاحها لقول الله عز وجل: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن
صفحة : 1957
يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله الآية وقول رسول الله ﷺ لامرأة رفاعة: لا ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك يعني يجامعك. قال: وإذا جامعها الزوج ثم مات عنها حلت للزوج المطلقها ثلاثا كما تحل له بالطلاق لأن الموت في معنى الطلاق بافتراقهما بعد الجماع أو أكثر. وهكذا لو نكحها زوج فأصابها ثم بانت منه بلعان أو ردة أو غير ذلك من الفرقة. وهكذا كل زوج نكحها عبدا أو حرا إذا كان نكاحه صحيحا وأصابها. وفي قول الله تعالى: أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله والله تعالى أعلم بما أراد أما الآية فتحتمل إن أقاما الرجعة لأنها من حدود الله تعالى وهذا يشبه قول الله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا أي إصلاح ما أفسدوا بالطلاق بالرجعة فالرجعة ثابتة لكل زوج غير مغلوب على عقله إذا أقام الرجعة وإقامتها أن يتراجعا في العدة التي جعل الله عز ذكره له عليها فيها الرجعة. قال: وأحب لهما أن ينويا إقامة حدود الله تعالى فيما بينهما وغيره من حدود الله تبارك اسمه. الجماع الذي تحل به المرأة لزوجها قال الشافعي إذا جامع المطلقة ثلاثا زوج بالغ فبلغ إن تغيب الحشفة في فرجها فقد ذاق عسيلتها وذاقت عسيلته ولا تكون العسيلة إلا في القبل وبالذكر وذلك يحلها لزوجها الأول إذا فارقها هذا ويوجب عليها الغسل والحد لو كان هذا زنا وسواء كان الذي أصابها قوي الجماع أو ضعيفه لا يدخله إلا بيده إذا بلغ هذا منها كذلك لو استدخلته هي بيدها وإن كان غير مراهق لم يحلها جماعه لأنه لا يقع موقع جماع الكبير ولا يجوز أن يقال غير هذا. ولو جاز جاز أن يقال لا يحلها إلا من تشتهي جماعه ويكون مبالغا فيه قويا وإن كان الزوج صبيا فكان جماعه يقع موقع الكبير بأن يكون مراهقا يغيب ذلك منه في ذلك منها أحلها. وكذلك إن كان خصيا غير مجبوب أو مجبوبا بقي له ما يغيبه فيها بقدر ما تغيب حشفة غير الخصي أحلها ذلك إن كانت ثيبا فأما إن كانت بكرا فلا يحلها إلا ذهاب العذرة وذلك أنه لا يبلغ هذا منها إلا ذهبت العذرة. وسواء في ذلك كل زوج جائز النكاح من عبد ومكاتب وحر وكل زوجة حرة ومملوكة وذمية بالغ وغير بالغ إذا كان يجامع مثلها. ولو أصابها في دبرها فبلغ ما شاء منها لم تحلها تلك الإصابة لأنها ليست موضع العسيلة التي دل رسول الله ﷺ أنها تحلها ولو أفضاها زوجها حلت بالإفضاء لأن الإفضاء لا يكون إلا ببلوغ ما يحلها ومجاوزته
صفحة : 1958
وهكذا الذمية تكون عند المسلم فيطلقها ثلاثا فينكحها الذمي فبلغ هذا منها. وكذلك لو كانت الزوجة مغلوبة على عقلها أو الزوج مغلوبا على عقله أو هما معا فجامعها أحلها ذلك الزوج ولو نكحها الذمي نكاحا صحيحا فأصابها كان يحلها من جماعه للمسلم ما يحلها من جماع زوج مسلم لو نال ذلك منها لأنه زوج وأن رسول الله ﷺ رجم يهوديين زنيا وإنما يرجم المحصنين ولا يحلها إلا زوج صحيح النكاح. وأصل معرفة هذا أن ينظر إلى كل زوج إذا انعقد نكاحه لا ينفسخ بفساد عقد وإن انفسخ بعد لمعنى فأصابها فهو يحلها وإن كان أصل نكاحه غير ثابت عند العقد فلا تحلها إصابته لأنه غير زوج. فإذا نكحها مملوك فعتقت فاختارت فراقه وقد أصابها أحلها لأن عقده كان ثابتا. وكذلك الأمة ينكحها الحر ثم يملكها والحرة ينكحها العبد فتملكه فينفسخ النكاح في الحالين وتحلها إصابته قبل الفسخ. وكذلك الأجذم والأبرص والمجنون ينكح المرأة فيصيبها تحلها إصابته ولو اختارت فسخه إذا كانت الإصابة قبل الفسخ ولو أصابها أحد هؤلاء قبل اختيارها لفسخ نكاحه أحلتها الإصابة لأنها كانت وهي زوجة. وكذلك الزوجان يصيبها الزوج ثم يرتد أحدهما بعد الإصابة تحلها تلك الإصابة لأنه كان زوجها ولو كانت الإصابة بعد ردة أحدهما أو ردتهما معا لم تحلها. ولو رجع المرتد منهما إلى الإسلام بعد لأن الإصابة كانت والمرأة موقوفة على العدة محرمة في حالها تلك بكل حال عليه ولو أصاب المرأة زوجها وهي محرمة أو صائمة أو حائض أو هو محرم أو صائم كان مسيئا وأحلها ذلك لزوجها الذي طلقها ثلاثا لأنه لا محرم عليه من المرأة في هذه الحال إلا الجماع للعلة التي فيه أو فيها ويقع عليها ظهاره وإيلاؤه وطلاقه وبينها وبينه ما بين الزوجين ويحل له يراها حاسرا وليس هكذا الزوجان يرتد أحدهما وإذا نكح الحر الأمة وهو لا يجد طولا لحرة ويخاف العنت فأصابها أحلها ذلك. ولو نكحها وهو يجد طولا أو لا يجد طولا ولا يخاف العنت لم تحلها إصابته وإذا نكح الرجل نكاحا فاسدا بأي وجه كان فأصاب لم يحلها ذلك لزوجها. وذلك أن ينكحها متعة أو محرمة أو ينكحها نكاح شغار أو ينكحها بغير ولي أو أي نكاح فسخه في عقده لم يحلها الجماع فيه لأنه ليس بزوج ولا يقع عليها طلاقه. ولا ما بين الزوجين والعبد في هذا مثل الحر إلا أن العبد إذا طلق اثنتين فقد أتى على جميع طلاقه وهما له كالثلاث للحر. وسواء طلق الحر ثلاثا في مقام أو متفرقة لأنه قد جاء على جميع طلاقه. وكذلك العبد في الاثنتين وطلاق الحر لزوجته أمة وحرة وكتابية ثلاث
صفحة : 1959
وطلاق العبد لزوجته اثنتان الطلاق للرجال والعدة على النساء ولو طلق رجل امرأة لم يدخل بها واحدة ثم أتبعها طلاقا لم يقع عليها إلا الأولى وإن نكحت بعده زوجا وأصابها من نكحها فهي عنده على ما بقي من الطلاق. ما يهدمه الزوج من الطلاق وغيره قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تعالى في المطلقة الثالثة فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فجعل حكم المطلقة ثلاثا محرمة بكل حال على مطلقها ثلاثا إلا بأن يصيبها زوج غير مطلقها. فإذا طلقت المرأة ثلاثا فأصابها زوج غير مطلقها سقط حكم الطلاق الأول وكان لزوجها الذي طلقها ثلاثا إذا طلقها زوجها الذي أصابها أو ماتا عنها أن ينكحها فإذا نكحها كان طلاقه إياها مبتدأ كهو حين ابتدأ نكاحها قيل أن يطلقها لا يحرم عليه نكاحه حتى يطلقها ثلاثا فإذا فعل عادت حراما عليه بكل وجه حتى يصيبها زوج غيره. ثم هكذا أبدا كلما أتى على طلاقها ثلاثا حرمت يمليه حتى يصيبها زوج غيره ثم حلت له بعد إصابة زوج غيره وسقط طلاق الثلاث وكانت عنده لا تحرم عليه حتى يطلقها ثلاثا وإذا هدم الزوج طلاق الثلاث كله فكذلك إن كان آلى منها في ملك ثم طلقها ثلاثا سقط الإيلاء حتى لا يكون له به طلاق أبدأ إذا تناكحا وإذا أصابها الزوج الذي آلى منها في ملك نكاح بعد زوج كفر كفارة يمين وإن لم يصبها لم يوقف وقف الإيلاء. ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
صفحة : 1960
ما يهدم الزوج من الطلاق وما لا يهدم قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإن طلقها الزوج واحدة أو اثنتين فنكحها زوج غيره وأصابها ثم بانت منه فنكحها الزوج الأول بعده كانت عنده على ما بقي من طلاقها كهي قبل أن يصيبها زوج غيره يهدم الزوج المصيبها بعده الثلاث ولا يهدم الواحدة والثنتين فإن قال قائل: فقد قال غيرك: إذا هدم الثلاث هدم الواحدة والثنتين فكيف لم تقل به قيل: إن شاء الله تعالى استدلالا موجودا في حكم الله عز وجل فإن قال: وأين قيل: قال الله عز وجل: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقال: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره قال الشافعي رحمه الله تعالى: دل حكم الله عز وجل على الفرق بين المطلقة واحدة واثنتين والمطلقة ثلاثا وذلك أنه أبان أن المرأة يحل لمطلقها رجعتها من واحدة واثنتين فإذا طلقت ثلاثا حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره فلما لم يكن لزوج غيره حكم يحلها لمطلقها واحدة واثنتين إلا لأنها حلال إذا طلقت واحدة أو اثنتين قبل الزوج كان معنى نكاحه وتركه النكاح سواء. ولما كانت المطلقة ثلاثا حراما على مطلقها الثلاث حتى تنكح زوجا غيره فكانت إنما تحل في حكم الله تبارك وتعالى اسمه بنكاحه كان له حكم بين: أنها محرمة حتى ينكحها هذا الزوج الآخر فلم يجز أن يقاس ما له حكم بما لا حكم له وكان أصل الأمر: أن المحرم إنما يحل للمرء بفعل نفسه كما يحرم عليه الحلال بفعل نفسه فلما حلت المطلقة ثلاثا بزوج غيره بعد مفارقتها نساء أهل الدنيا في هذا الحكم لم يجز أن يكون الزوج في غير الثلاث في هذا المعنى وكان في معنى أنه لا يحل نكاحه للزوج المطلق واحدة واثنتين ولا يحرم شيئا لأن المرأة لم تحرم فتحل به وكان هو غير الزوج ولا يحل له شيء بفعل غيره ولا يكون لغيره حكم في حكمه إلا حيث جعله الله عز وجل الموضع الذي جعله الله تعالى مخالفا لهذا فلا يجوز أن يقاس عليه خلافه. فإن قال: فهل قال هذا أحد غيرك قيل: نعم. أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول: سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجها رجل غيره ثم طلقها أو مات عنها ثم تزوجها زوجها الأول قال هي عنده على ما بقي قال الشافعي رحمه الله: وإذا طلقت المرأة ثلاثا فنكحت زوجا فادعت أنه أصابها وأنكر الزوج أحلها ذلك الزوج لزوجها المطلقها ثلاثا ولم نأخذ من
صفحة : 1961
الذي أنكر إصابتها إلا نصفا تصدق على ما تحل به ولا تصدق على ما تأخذ من مال زوجها وهكذا لو لم يعلم الزوج الذي يطلقها ثلاثا أنها نكحت فذكرت أنها نكحت نكاحا صحيحا وأصيبت حلت له إذا جاءت عليها مدة يمكن فيها انقضاء عدتها منه ومن الزوج الذي ذكرت أنه أصابها. ولو كذبها في هذا كله ثم صدقها كان له نكاحها والورع أن لا يفعل إذا وقع في نفسه أنها كاذبة حتى يجد ما يدل على صدقها. ولو أن رجلا شك في طلاق امرأته فلم يدر أطلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا فنكحت زوجأ غيره فأصابها ثم طلقها فنكحها الزوج الأول ثم طلقها واحدة أو اثنتين فقالت: قد أتى على جميع طلاقي لأنه لم يطلقني إلا واحدة أو اثنتين قبل نكاحي الزوج الآخر الني نكحني بعد فراقك أو قاله بعض أهلها ولم تقله وأقر الزوج بأنه لم يحر أطلقها قبل نكاحها الزوج الآخر واحدة أو اثنتين أو ثلاثا قيل له: هي عندك على ما بقي من الطلاق فإن استيقن أنه طلقها قبل نكاحها الزوج واحدة فطلقها في هذا الملك واحدة أو اثنتين بنى على الطلاق الأول فإذا استكملت ثلاثا بالطلاق الذي قبل الزوج والطلاق الذي بعده فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره وأجعلها تعتد في الطلاق الأول ما يستيقن وتطرح ما يشك فيه ولو قال بعد ما قال: أشك في ثلاث أنا أستيقن أني طلقتها قبل الزوج ثلاثا أحلف على ذلك وكان القول قوله. ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 1962
من يقع عليه الطلاق من النساء قال الله تبارك وتعالى: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن وقال: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وقال عز وجل: للذين يؤلون من نسائهم وقال: الذين يظاهرون منكم من نسائهم وقال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم وقال عز وجل: ولهن الربع مما تركتم مع ما ذكر به الأزواج ولم أعلم مخالفا في أحكام الله تعالى في الطلاق والظهار والإيلاء لا تقع إلا على زوجة ثابتة النكاح يحل للزوج جماعها وما يحل للزوج من امرأته إلا أنه محرم الجماع في الإحرام والمحيض وما أشبه ذلك حتى ينقضي ولا يحرم أن ينظر منها إلى ما لا ينظر إليه غيره ولم أعلم مخالفا في أن الميراث بين الزوجين لا يكون في نكاح صحيح وأن يكون دينا الزوجين غير مختلفين ويكونا حرين فكل نكاح كان ثابتا وقع فيه الطلاق وكل من وقع عليه الطلاق من الأزواج وقع عليه الظهار والإيلاء وكيفما كان الزوجان حرين أو عبدين أو أحدهما حر والآخر عبد أو مكاتب أو مدبر أو لم تكمل فيه الحرية ويحل لأي زوج وزوجة ويقع الميراث بين كل حرين من الأزواج مجتمعي الدين. فكل اسم نكاح كان فاسدا لم يقع فيه شيء من هذا لاطلاق ولا غيره لأن هذين ليسا من الأزواج وجميع ما قلنا أن نكاحه مفسوخ من: نكاح الرجل المرأة بغير ولي ولا سلطان أو أن ينكحها ولي بغير رضاها رضيت بعد أو لم ترض فالعقد فاسد لا نكاح بينهما وكذلك لو كان هو الزوج ولم ترض لم يكن زوجا بذلك النكاح وإن رضي وكذلك المرأة لم تبلغ يزوجها غير أبيها والصبي لم يبلغ يزوجه غير أبيه وكذلك نكاح المتعة وما كان في معناه ونكاح المحرم وكذلك الرجل ينكح أخت امرأته وأختها عنده أو خامسة والعبد لم تكمل فيه الحرية ينكح ثالثة والحر يجد الطول فينكح أمة والحر والعبد ينكحان أمة كتابية وما كان في هذا المعنى مما يفسخ نكاحه وما كان أصل نكاحه ثابتا فهو يتفرق بمعنيين: أحدهما: هكذا لا يخالفه وذلك الرجل الحر لا يجد طولا فينكح أمة ثم يملكها فإذا تم له ملكها فسد النكاح ولم يقع عليها شيء مما يقع على الأزواج من طلاق ولا غيره وذلك أن الله عز وجل يقول: والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فلم يحل الجماع إلا بنكاح أو ملك وحكم أن يقع في النكاح ما وصفنا من طلاق يحرم به الحلال من النكاح وغيره. وحكم في الملك بأن يقع من المالك فيه العتق فيحرم به الوطء بالملك وفرق بين إحلالهما وتحريمهما فلم يجز أن يوطأ الفرج إلا بأحدهما دون الآخر فلما ملك امرأته فحالت عن النكاح
صفحة : 1963
إلى الملك انفسخ النكاح. قال الربيع: يريد بأحدهما دون الآخر: أنه لا يجوز أن تكون امرأته وهو يملكها أو بعضها حتى يكون ملك وحده بكماله أو التزويج وحده بكماله رحمه الله: وكذلك إذا ملك منها شقصا وإن قل لأنها خرجت من أن تكون زوجته لو قذفها ولم تحل له بالملك حتى يستكمل ملكها وهكذا المرأة تملك زوجها. ولا يختلف الملك بين الزوجين بأي وجه ما كان الملك ميراثا أو هبة أو صدقة أو غير ذلك وهكذا البيع إذا تم كله وتمام الميراث أن يموت الموروث قبضه الوارث أو لم يقبضه قبله أو لم يقبله لأنه ليس له رده وتمام الهبة أو الصدقة أن يقبلها الموهوب له والمصدق عليه ويقبضها وتمام الوصية أن يقبلها الموصى له وإن لم يقبضها وتمام البيع أن لا يكون فيه شرط حتى يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه وما لم يتم البيع والصدقة والهبة. فلو أن رجلا وهبت له امرأته أو اشتراها أو تصدق بها عليه فلم يقبض الموهوب له ولا المصدق عليه ولم يفارق البيعان مقامهما الذي تبايعا فيه ولم يخبر أحدهما صاحبه بعد البيع فيختار البيع لم يكن له أن يطأ امرأته بالنكاح لأن له فيها شبها بملك حتى يرد الملك فتكون زوجته بحالها أو يتم الملك فينفسخ النكاح ويكون له الوطء بالملك. وإذا طلقها في حال الوقف أو تظاهر و آلى منها وقف ذلك. فإن رد الملك وقع عليها الطلاق والإيلاء وما يقع بين الزوجين وإن لم يتم ملكه فيها بالعقد الأول من الصدقة أو الهبة أو البيع سقط ذلك كله عنه لأنا علمنا حين تم البيع أنها غير زوجة حين أوقع عليها. فإذا عتقت الأمة عند العبد فلها الخيار فإن أوقع عليها الطلاق بعد العتق قبل الخيار فالطلاق موقوف فإن ثبتت عنده وقع وإن فسخت النكاح سقط. والوجه الثاني: أن يكون الزوجان مشركين وثنيين فيسلم الزوج أو الزوجة فيكون النكاح موقوفا على العدة فإن أسلم المتخلف عن الإسلام منهما كان النكاح ثابتا وإن لم يسلم حتى تمضي العدة كان النكاح مفسوخا وما أوقع الزوج في هذه الحال على امرأته من طلاق أو ما يقع بين الزوجين فهو موقوف. فإن ثبت النكاح بإسلام المتخلف منهما وقع وإن انفسخ النكاح بأن لم يسلم المتخلف عن الإسلام منهما سقط وكل نكاح أبدا يفسد من حادث من واحد من الزوجين أو حادث في واحد منهما ليس بطلاق من الزوج فهو فسخ بلا طلاق. ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
صفحة : 1964
الخلاف فيما يحرم بالزنا قال الشافعي رحمه الله: أما الرجل يزني بامرأة أبيه أو امرأة ابنه فلا تحرم واحدة منهما على زوجها بمعصية الآخر فيها ومن حرمها على زوجها بهذا أشبه أن يكون خالف حكم الله تعالى لأن الله عز وجل جعل التحريم بالطلاق إلى الأزواج فجعل هذا إلى غير الزوج أن يحرم عليه امرأته أو إلى المرأة نفسها أن تحرم نفسها على زوجها وكذلك الزوج يزني بأم امرأته أو بنتها لا تحرم عليه امرأته ومن حرم عليه أشبه أن يدخل عليه أن يخالف حكم الله تعالى في أن الله حرمها على زوجها بطلاقه إياها فزنى زوجها بأمها فلم يكن الزنا طلاقا لها ولا فعلا يكون في حكم الله جل ثناؤه ولا في سنة رسول الله ﷺ تحريما لها وكان فعلا كما وصفت وقع على غيرها فحرمت به فقال قولا مخالفا للكتاب محالا بأن يكون فعل الزوج وقع على غيرها فحرمت به امرأته عليه. وذكر الله عز وجل ما من به على العباد فقال: فجعله نسبا وصهرا فحرم بالنسب الأمهات والأخوات والعمات والخالات ومن سمى وحرم بالصهر ما نكح الآباء وأمهات النساء وبنات المدخول بهن منهن فكان تحريمه بأنه جعله للمحرمات على من حرم عليه حقا ليس لغيرهن عليهن وكان ذلك منا منه بما رضي من حلاله. وكان من حرمن عليه لهن محرما يخلو بهن ويسافر ويرى منهن ما لا يرى غير المحرم وإنما كان التحريم لهن رحمة لهن ولمن حرمن عليه ومنا عليهن وعليهم لا عقوبة لواحد منهما ولا تكون العقوبة فيما رضي ومن حرم بالزنا الذي وعد الله عليه النار وحد عليه فاعله وقرنه مع الشرك به وقتل النفس التي حرم الله أحال العقوبة إلى أن جعلها موضع رحمة. فمن دخل عليه خلاف الكتاب فيما وصفت وفي أن الله تعالى حين حكم الأحكام بين الزوجين من اللعان والظهار والإيلاء والطلاق والميراث كان عندنا وعنده على النكاح الصحيح. فإذا زعمنا أن الذي أراد الله عز وجل بأحكامه في النكاح ما صح وحل فكيف جاز له أن يحرم بالزنا وهو حرام غير نكاح ولا شبهة ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
صفحة : 1965
من لا يقع طلاقه من الأزواج قال الشافعي رحمه الله تعالى يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود وذلك كل بالغ من الرجال غير مغلوب على عقله لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ لقول الله تعالى: وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ولقول الله تبارك وتعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولأن رسول الله ﷺ أجاز ابن عمر في القتال ابن خمس عشرة ورده ابن أربع عشرة ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن سببا لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود وذلك مثل: المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم وكل في مرض يغلب على عقله ما كان مغلوبا على عقله فإذا ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حدا أقيم عليه ولزمته الفرائض وكذلك المجنون يجن ويفيق فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه. وإذا طلق في حال إفاقته لزمه وإن شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته فقال: طلقت في حال جنوني أو مرض غالب على عقلي فإن قامت له بينة على مرض غلب على عقله في الوقت الذي طلق فيه سقط طلاقه وأحلف ما طلق وهو يعقل. وإن قالت امرأته: قد كان في يوم كذا في أول النهار مغلوبا على عقله وشهد الشاهدان على الطلاق فأثبتا أنه كان يعقل حين طلق لزمه الطلاق لأنه قد يغلب على عقله في اليوم ويفيق وفي الساعة ويفيق. وإن لم يثبت شاهدا الطلاق أنه كان يعقل حين طلق أو شهد الشاهدان على الطلاق وعرف أنه قد كان في ذلك اليوم مغلوبا على عقله أحلف ما طلق وهو يعقل والقول قوله. وإن شهدا عليه بالطلاق ولم يثبتا أيعقل أم لا وقال هو: كنت مغلوبا على عقلي فهو على أنه يعقل حتى يعلم ببينة تقوم أنه قد كان في مثل ذلك الوقت يصيبه ما يذهب عقله أو يكثر أن يعتريه ما يذهب عقله في اليوم والأيام فيقبل قوله لأن له سببا يدل على صدقه. ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
صفحة : 1966
طلاق السكران قال الشافعي رحمه الله: ومن شرب خمرا أو نبيذا فأسكره فطلق لزمه الطلاق والحدود كلها والفرائض ولا تسقط المعصية بشرب الخمر والمعصية بالسكر من النبيذ عنه فرضا ولا طلاقا فإن قال قائل: فهذا مغلوب على عقله والمريض والمجنون مغلوب على عقله قيل: المريض مأجور ومكفر عنه بالمرض مرفوع عنه القلم إذا ذهب عقله وهذا آثم مضروب على السكر غير مرفوع عنه القلم فكيف يقاس من عليه العقاب بمن له الثواب والصلاة مرفوعة عمن غلب على عقله ولا ترفع عن السكران. وكذلك الفرائض من حج أو صيام أو غير ذلك ومن شرب بنجا أو حريفا أو مرقدا ليتعالج به من مرض فأذهب عقله فطلق لم يلزمه الطلاق من قبل أن ليس في شيء من هذا أن نضربهم على شربه في كتاب ولا سنة ولا إجماع فإذا كان هكذا كان جائزا أن يؤخذ الشيء منه للمنفعة لا لقتل النفس ولا إذهاب العقل. فإن جاء منه قتل نفس أو إذهاب عقل كان كالمريض يمرض من طعام وغيره وأجدر أن لا يأثم صاحبه بأنه لم يرد واحدا منهما كما يكون جائزا له بط الجرح وفتح العرق والحجامة وقطع العضو رجاء المنفعة وقد يكون من بعض ذلك سبب التلف ولكن الأغلب السلامة وأن ليس براد ذلك لذهاب العقل ولا للتلذذ بالمعصية. ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1967
طلاق المريض قال الشافعي رحمه الله تعالى ملك الله تعالى الأزواج الطلاق فمن طلق من الأزواج وهو بالغ غير مغلوب على عقله جاز طلاقه لأنه تحريم لامرأته بعد أن كانت حلالا له فسواء كان صحيحا حين يطلق أو مريضا فالطلاق واقع فإن طلق رجل امرأته ثلاثا أو تطليقة لم يبق له عليها من الطلاق غيرها أو لاعنها وهو مريض فحكمه في وقوع ذلك على الزوجة وتحريمها عليه حكم الصحيح وكذلك إن طلقها واحدة ولم يدخل بها وكذلك كل فرقة وقعت بينهما ليس للزوج عليها فيها رجعة بعد الطلاق فإن لم يصح الزوج حتى مات فقد اختلف في ذلك أصحابنا فمنهم من قال: لا ترثه وذهب إلى أن حكم الطلاق إذا كان في الصحة والمرض سواء فإن الطلاق يقع على الزوجة وإن الزوج لا يرث المرأة لو ماتت فكذلك لا ترثه لأن الله تعالى ذكره إنما ورث الزوجة من الزوج والزوج من الزوجة ما كانا زوجين وهذان ليسا بزوجين ولا يملك رجعتها فتكون في معاني الأزواج فترث وتورث وذهب إلى أن على الزوجة أن تعتد من الوفاة أربعة أشهر وعشرا وهذه لا تعتد من الوفاة وإلى أن الزوجة إذا كانت وارثة إن مات زوجها كانت موروثة إن ماتت قبله وهذه لا يرثها الزوج. وذهب إلى أن الزوجة تغسل الزوج ويغسلها وهذه لا تغسله ولا يغسلها وإلى أنه ينكح أختها وأربعا سواها وكل هذا يبين أن ليست زوجة ومن قال هذا فليست عليه مسألة صح الزوج بعد الطلاق أو لم يصح أو نكحت الزوجة أو لم تنكح ولم يورثها منه إذا لم يكن له عليها رجعة ولا هو منها ولو طلقها ساعة يموت أو قال: أنت طالق قبل موتي بطرفة عين أو بيوم ثلاثا لم ترث في هذا القول بحال. قال الشافعي أخبرنا ابن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهي في عدتها فقال عبد الله بن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتها ثم مات عنها وهي في عدتها فورثها عثمان قال ابن الزبير: وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: وكان أعلمهم بذلك وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها قال الشافعي رحمه الله فذهب بعض أصحابنا إلى أن يورث المرأة وإن لم يكن للزوج عليها رجعة إذا طلقها الزوج وهو مريض وإذا انقضت عدتها قبل موته. وقال بعضهم: وإن نكحت
صفحة : 1968
زوجا غيره وقال غيرهم: ترثه ما امتنعت من الأزواج. وقال بعضهم: ترثه ما كانت في العدة فإذا انقضت العدة لم ترثه وهذا مما أستخير الله عز وجل فيه. قال الربيع: وقد استخار الله تعالى فيه فقال: لا ترث المبتوتة قال الشافعي رحمه الله غير أني إنما قلت فإني أقول: لا ترث المرأة زوجها إذا طلقها مريضا طلاقا لا يملك فيه الرجعة فانقضت عدتها ونكحت. لأن حديث ابن الزبير متصل وهو يقول: ورثها عثمان في العدة. وحديث ابن شهاب منقطع وأيهما قلت فإن صح بعد الطلاق ساعة ثم مات لم ترثه وإن طلقها قبل أن يمسها فأيهما قلت فلها نصف ما سمى لها إن كان سمى لها شيئا ولها المتعة إن لم يكن سمى لها شيئا ولا عدة عليها من طلاق ولا وفاة ولا ترثه لأنها لا عدة عليها. وأيهما قلت: فلو طلقها وقد أصابها وهي مملوكة أو كافرة وهو مسلم طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم أسلمت هذه وعتقت هذه ثم مات مكانه لم ترثاه لأنه طلقها ولا معنى لفراره من ميراثها ولو مات في حاله تلك لم ترثاه ولو كان طلاقه يملك فيه الرجعة ثم عتقت هذه وأسلمت هذه ثم مات وهما في العدة ورثتاه وإن مضت العدة لم ترثاه لأن الطلاق كان وهما غير وارثين لو مات وهما في حالهما تلك وإن كانتا من الأزواج. وإذا طلق الرجل امرأته وهو مريض طلاقا يملك فيه الرجعة ثم مات بعد انقضاء عدتها لم ترث في قول من ذهب إلى قول ابن الزبير لأن من ذهب إليه نظر إليه حين يموت: فإن كانت من الأزواج أو في معاني الأزواج من المطلقات اللاتي عليهن الرجعة وهي في عدتهن ورثها. وكذلك إن ماتت ورثها الزوج. وإن لم يكن عليها عدة لم يورثها لأنها خارجة من الأزواج ومعانيهن. وفي قول من ذهب إلى القول الآخر: ترثه ما لم تنقض عدتها وإن طلقها طلاقا صحيحا لا يملك فيه الرجعة ثم صح ثم مرض فمات لم ترثه وإن كانت في العدة لأنه قد صح فلو ابتدأ طلاقها في ذلك الوقت لم ترثه وإن كان يملك الرجعة فمات في العدة ورثته. والمرض الذي يمنع صاحبه فيه من الهبة وإتلاف ماله إلا في الثلث إن مات ويورث منه من يورث إذا طلق مريضا كان مرض مخوف مثل: الحمى الصالب والبطن وذات الجنب والخاصرة وما أشبهه مما يضمنه على الفراش ولا يتطاول فأما ما أضمنه مثله وتطاول مثل: السل والفالج إذا لم يكن به وجع غيرهما أو يكون بالمفلوج منه سورة ابتدائه في الحال التي يكون مخوفا فيها فإذا تطاول فإنه لا يكاد يكون مخوفا فأما إذا كانت حمى الربع برجل فالأغلب منها أنها غير مخوفة وأنها إلى السلامة فإذا لم تضمنه حتى يلزم الفراش من ضمن فهو كالصحيح وإذا أضمنته كان كالمريض. وإذا آلى رجل
صفحة : 1969
من امرأته وهو صحيح فمضت الأربعة الأشهر وهو مريض فمات قبل أن يوقف فهي زوجته وإن وقف ففاء بلسانه وهو لا يقدر على الجماع فهي زوجته وإن طلق والطلاق يملك الرجعة فإن مات وهي في العدة ورثته وإن ماتت ورثها وإن مات وقد انقضت العدة لم يرثها ولا ترثه. ولو قذفها وهو مريض أو صحيح فلم يلاعنها حتى مرض ثم مات كانت زوجته. وكذلك لو التعن فلم يكمل اللعان حتى مات كانت زوجته ترثه ولو أكمل اللعان وقعت الفرقة ولم ترثه. وإن كان مريضا حين وقعت الفرقة في واحد من القولين وذلك: أن اللعان حكم حكم الله تعالى به يحده السلطان إن لم يلتعن وإن الفرقة لزمته بالسنة أحب أو كره وأنهما لا يجتمعان بحال أبدا فحالهما إذا وقع اللعان غير حال الأزواج فلا ترثه ولا يرثها إذا التعن هو. ولو تظاهر منها صحيحا أو مريضا فسواء هي زوجته ليس الظهار بطلاق إنما هي كاليمين يكفرها فإن لم يكفرها حتى مات أو ماتت توارثا وإذا قال الرجل لامرأته وهو مريض: إن دخلت دار فلان أو خرجت من منزلي أو فعلت كذا لأمر نهاها عنه أن تفعله ولا تأثم بتركه فأنت طالق ثلاثا أو طالق ولم يبق له عليها من الطلاق إلا واحدة ففعلت ذلك طلقت ثم مات لم ترثه في العدة بحال لأن الطلاق وإن كان من كلامه كان فبفعلها وقع. وكذلك لو قال لها: اختاري نفسك. أو إليك طلاقك ثلاثا فطلقت نفسها ثلاثا وكذلك لو اختلعت منه. وكذلك لو قال لها: إن شئت فأنت طالق ثلاثا فشاءت. وكل ما كان من هذا كان يتم بها وهي تجد منه بدا فطلقت منه طلاقأ لا يملك فيه الرجعة لم ترثه ولم يرثها عندي في قياس جميع الأقاويل. وكذلك لو سألته أن يطلقها ثلاثا فطلقها ثلاثا لم ترثه. ولو سألته أن يطلقها واحدة فطلقها ثلاثا ورثته في العدة في قول من يورث امرأة المريض إذا طلقها. ولكنه لو قال لها وهو مريض: أنت طالق إن صليت المكتوبة أو تطهرت للصلاة أو صمت شهر رمضان أو كلمت أباك أو أمك أو قدت أو قمت ومثل هذا مما تكون عاصية بتركه أو يكون لا بد لها من فعله ففعلته وهو مريض ثم مات ورثته في العدة في قول من ذهب إلى توريثها إذا طلقها مريضا وهكذا لو حلف صحيحا على شيء لا يفعله هو ففعله مريضا ورثت في هذا القول فأما قول ابن الزبير فيقطع هذا كله وأصله: أن ينظر إلى حالها يوم يموت فإن كانت زوجة أو في معناها من طلاق يملك فيه الزوج الرجعة وكانت لو ماتت في تلك الحال ورثها منه وإن لم يكن يرثها لو ماتت في تلك الحال لم تكن زوجة ولا في طلاق يملك فيه الرجعة ولم نورثها في أي حالة كان القول والطلاق مريضا كان أو
صفحة : 1970
صحيحا ولو قال لها وهو مريض: أنت طالق ثلاثا إن صمت اليوم تطوعا أو خرجت إلى منزل أبيك فصامت تطوعأ أو خرجت إلى منزل أبيها لم ترثه من قبل أنه قد كان لها من هذا بد وكانت غير آثمة بتركها منزل أبيها ذلك اليوم. وكل ما قيل مما وصفت: أنها ترثه في العدة في قول من يورثها إذا كان القول في المرض ووقع الطلاق في المرض فقاله في المرض. ثم صح ثم وقع لم ترثه إذا كان الطلاق لا يملك الرجعة وكل ما قال في الصحة مما يقع في المرض فوقع الطلاق به في المرض وكان طلاقا لا يملك فيه الرجعة لم ترثه مثل أن يقول: أنت طالق غدا أو إذا جاء هلال كذا أو إذا جاءت سنة كذا أو إذا قدم فلان وما أشبه هذا فوقع به الطلاق البائن وهو مريض لم ترث لأن القول كان في الصحة. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال لها: إذا مرضت فأنت طالق ثلاثا فمرض فمات قبل أن يصح ورثت في قول من يورثها إذا كان الطلاق في المرض لأنه عمد أن أوقع الطلاق في المرض وإذا مرض الرجل فأقر أنه قد كان طلق امرأته في الصحة ثلاثا وقع الطلاق بإقراره ساعة تكلم واستقبلت العدة من ذلك اليوم ولا ترثه عندي بحال. وإذا قال الرجل لامرأته وهو مريض: أنت طالق ثلاثا إذا صححت فصح ثم مرض فمات لم ترثه لأنه أوقع الطلاق في وقت لو ابتدأه فيه لم ترثه. وإذا قال الرجل لامرأته صحيحا أنت طالق ثلاثا قبل أن أقتل بشهر أو قبل أن أموت بشهر أو قبل أن أموت من الحمى أو سمى مرضا من الأمراض فمات من غير ذلك المرض لم يقع الطلاق وورثته. وكذلك لو مات من ذلك المرض قبل الشهر لأن الطلاق لم يقع ولا يقع إلا بأن يموت من ذلك المرض ويكون قبل موته بشهر فيجتمع الأمران ولها الميراث في الأقاويل وإن مضى شهر من يوم قال تلك المقالة ثم مات من ذلك المرض بعينه لم يقع الطلاق ولا يقع الطلاق حتى يعيش بعد القول أكثر من شهر بوقت من الأوقات يقع فيه الطلاق فيكون لقوله موضع. فأما إذا كان موته مع الشهر سواء فلا موضع لقوله وترث ولم يقع عليها طلاق وإذا قال: أنت طالق قبل موتي بشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر ثم عاش أقل مما سمى ثم مات فإن الطلاق لا يقع عليها ولها الميراث. وإن عاش من حين تكلم بالطلاق إلى أن مات أكثر مما سمى لطرفة عين أو أكثر وقع الطلاق عليها في ذلك الوقت وذلك قبل موته بما سمى ولا ترث إذا كان ذلك القول وهو صحيح. ولو طلقها ثلاثا وهو مريض ثم ارتدت عن الإسلام ثم عادت إليه ثم مات ولم يصح لم ترثه لأنها أخرجت نفسها من الميراث. ولو كان هو المرتد ثم عاد إلى الإسلام فمات من مرضه لم ترثه عندي وترثه
صفحة : 1971
في قول غيري لأنه فار من الميراث. ولو كانت زوجته أمة فقال لها وهو صحيح: أنت طالق ثلاثا إذا عتقت فعتقت وهو مريض ثم مات وهي في العدة لم ترثه. وإن كان قاله لها وهو مريض لم ترث في قول ابن الزبير وترث في القول الآخر قال الشافعي رحمه الله: ولو قال لها وهي أمة: أنت طالق ثلاثا غدا وهو مريض وقال لها سيدها: أنت حرة اليوم بعد قوله لم ترثه لأنه قاله وهي غير وارث وكذلك إن كانت مشركة وهو مسلم. ولو قال لها سيدها والزوج مريض: أنت حرة غدا وقال الزوج: أنت طالق ثلاثا بعد غد ولم يعلم عتق السيد لم ترثه وإن مات من مرضه. وإن كان يعلم عتق السيد لم ترثه في قول ابن الزبير وترثه في قول الآخر لأنه فار من الميراث. قال: وإن كانت تحت المسلم مملوكة وكافرة فمات والمملوكة حرة والكافرة مسلمة فقالت: هذه عتقت قبل أن يموت وقال ذلك الذي أعتقها وقالت هذه أسلمت قبل أن يموت وقال الورثة: مات وأنت مملوكة وللأخرى مات وأنت كافرة فالقول قول الورثه وعليها البينه. قال أبو محمد: فيه قول آخر: إن القول قول التي قالت: لم أكن مملوكة لأن أصل الناس الحرية. وعلى التي قالت: لم أكن نصرانية البينة. وإذا قال الورثة لامرأة الرجل: كنت كافرة حين مات ثم أسلمت أو مملوكة حين مات ثم عتقت ولم يعلم أنها كافرة ولا مملوكة وقالت: لم أكن كافرة ولا مملوكة فالقول قولها وعلى الورثة البينة. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
صفحة : 1972
طلاق المولى عليه والعبد قال الشافعي رحمه الله تعالى: ويجوز طلاق المولى عليه البالغ ولا يجوز عتقه لأم ولده ولا غيرها. فإن قال قائل: فكيف يجوز طلاقه قيل: لأن الصلاة والحدود عليه واجبة فإذا كان ممن يقع عليه التحريم حد على إتيان المحرم من الزنا والقذف والقتل وكان كغير المولى عليه في أن عليه فرضا وحراما وحلالا فالطلاق تحريم يلزمه كما يلزم غيره. فإن قيل: فقد يتلف به مالا قيل: ليس له من مال امرأته شيء فيتلفه بطلاقها إنما هو أن يحرم عليها منها شيء كان مباحا له. فإن قيل: فقد يرثها قيل: لا يرثها حتى تموت ولم تمت حين طلقها فإن قيل: فيحتاج إلى نكاح غيرها قيل: فذلك ليس بإتلاف شيء فيها إنما هو شيء يلزمه لغيرها إن أراد النكاح قال الشافعي قال الشافعي رحمه الله: فإن قيل: فلم لا يجوز عتقه أم ولده وإنما هي له مباحة إباحة فرج قيل: ما له فيها أكثر من الفرج. قال الربيع: يريد أن له فيها أكثر من الفرج: ألا ترى أنه يقول: إذا قتلت آخذ قيمتها وإذا جني عليها آخذ الأرش فيأخذ قيمتها ويجنى عليها فيأخذ أرش الجناية عليها وتكسب المال فيكون له ويوهب لها وتجد الكنز فيكون له ويكون له خدمتها والمنافع فيها كلها وأكثر ما يمنع منها بيعها فأما سوى ذلك فهي له أمة يزوجها وهي كارهة ويختدمها قال: ويجوز طلاق السكران من الشراب المسكر وعتقه ويلزمه ما صنع ولا يجوز طلاق المغلوب على عقله من غير السكر ويجوز طلاق العبد بغير إذن سيده والحجة فيه كالحجة في المحجور وأكثر. فإن قال قائل: فهل خالفكم في هذا أحد من أهل الحجاز قيل: نعم قد قال بعض من مضى منهم: لا يجوز طلاق السكران وكأنه ذهب إلى أنه مغلوب على عقله وقال بعض من مضى: إنه ليس للعبد طلاق والطلاق بيد السيد. فإن قال: فهل من حجة على من قال: لا يجوز طلاق العبد قيل: ما وصفنا من أن الله تعالى قال في المطلقات ثلاثا: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقال في المطلقات واحدة: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا فكان العبد ممن عليه حرام وله حلال فحرامه بالطلاق ولم يكن السيد ممن حلت له امرأة فيكون له تحريمها فإن قال قائل: فهل غير هذا قيل: هذا هو الذي عليه اعتمدنا وهو قول الأكثر ممن لقينا. فإن قال: فترفعه إلى أحد من السلف قيل: نعم أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان قال مالك:
صفحة : 1972
طلاق المولى عليه والعبد قال الشافعي رحمه الله تعالى: ويجوز طلاق المولى عليه البالغ ولا يجوز عتقه لأم ولده ولا غيرها. فإن قال قائل: فكيف يجوز طلاقه قيل: لأن الصلاة والحدود عليه واجبة فإذا كان ممن يقع عليه التحريم حد على إتيان المحرم من الزنا والقذف والقتل وكان كغير المولى عليه في أن عليه فرضا وحراما وحلالا فالطلاق تحريم يلزمه كما يلزم غيره. فإن قيل: فقد يتلف به مالا قيل: ليس له من مال امرأته شيء فيتلفه بطلاقها إنما هو أن يحرم عليها منها شيء كان مباحا له. فإن قيل: فقد يرثها قيل: لا يرثها حتى تموت ولم تمت حين طلقها فإن قيل: فيحتاج إلى نكاح غيرها قيل: فذلك ليس بإتلاف شيء فيها إنما هو شيء يلزمه لغيرها إن أراد النكاح قال الشافعي قال الشافعي رحمه الله: فإن قيل: فلم لا يجوز عتقه أم ولده وإنما هي له مباحة إباحة فرج قيل: ما له فيها أكثر من الفرج. قال الربيع: يريد أن له فيها أكثر من الفرج: ألا ترى أنه يقول: إذا قتلت آخذ قيمتها وإذا جني عليها آخذ الأرش فيأخذ قيمتها ويجنى عليها فيأخذ أرش الجناية عليها وتكسب المال فيكون له ويوهب لها وتجد الكنز فيكون له ويكون له خدمتها والمنافع فيها كلها وأكثر ما يمنع منها بيعها فأما سوى ذلك فهي له أمة يزوجها وهي كارهة ويختدمها قال: ويجوز طلاق السكران من الشراب المسكر وعتقه ويلزمه ما صنع ولا يجوز طلاق المغلوب على عقله من غير السكر ويجوز طلاق العبد بغير إذن سيده والحجة فيه كالحجة في المحجور وأكثر. فإن قال قائل: فهل خالفكم في هذا أحد من أهل الحجاز قيل: نعم قد قال بعض من مضى منهم: لا يجوز طلاق السكران وكأنه ذهب إلى أنه مغلوب على عقله وقال بعض من مضى: إنه ليس للعبد طلاق والطلاق بيد السيد. فإن قال: فهل من حجة على من قال: لا يجوز طلاق العبد قيل: ما وصفنا من أن الله تعالى قال في المطلقات ثلاثا: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقال في المطلقات واحدة: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا فكان العبد ممن عليه حرام وله حلال فحرامه بالطلاق ولم يكن السيد ممن حلت له امرأة فيكون له تحريمها فإن قال قائل: فهل غير هذا قيل: هذا هو الذي عليه اعتمدنا وهو قول الأكثر ممن لقينا. فإن قال: فترفعه إلى أحد من السلف قيل: نعم أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان قال مالك:
صفحة : 1973
حدثني نافع عن ابن عمر كان يقول: من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك قال: حدثني عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة استفتى زيد بن ثابت فقال: إني طلقت امرأة لي حرة تطليقتين فقال زيد: حرمت عليك قال الشافعي أخبرنا مالك قال: حدثني أبو الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة زوج النبي ﷺ أو عبدا كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي ﷺ أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فذهب إليه فلقيه عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقالا: حرمت عليك حرمت عليك قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك قال: وحدثني ابن شهاب عن ابن المسيب أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة زوج النبي ﷺ طلق امرأته حرة تطليقتين فاستفتى عثمان بن عفان فقال له عثمان بن عفان: حرمت عليك فإن قال قائل: فهل لكم. حجة على من قال: لا يجوز طلاق السكران قيل: نعم ما وصفنا من أن عليه الفرائض وعليه حرام فإن قال: ليس عليه حرام في حاله تلك لزمه أن يقول: ولا صلاة ولا قود في قتل ولا جراح ولا غيره كما يكون المغلوب على عقله بغير السكر ولا يجوز إذا حرم الله تعالى بالكلام أن لا يكون داخلا في حكم الله تعالى أن الطلاق يحرم عليه ولا يخرج من حكم الله تعالى إلا بدلالة كتاب أو سنة أو إجماع وليس فيه واحد من هذا وأكثر من لقيت من المفتين على أن طلاقه يجوز وقال رسول الله ﷺ: رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ والسكران ليس واحدا من هؤلاء ولا في معناه. والمرضى الذاهبو العقول في معنى المجنون لأنهم غير آثمين بالمرض والسكران آثم بالسكر. ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
صفحة : 1974
من يلزمه الطلاق من الأزواج قال الشافعي رحمه الله: وكل امرأة طلقها زوج بالغ صبية أو معتوهة أو حرة بالغ أو أمة أو مشركة لزمهن الطلاق لأن الطلاق تحريم من الأزواج على أنفسهن. فإذا عتقت الأمة وقد زوجت عبدا وهي صبية فاختارت وهي صبية الفراق أو ملك الرجل امرأته وهي صبية نفسها أو خيرها فاختارت الفراق فليس ذلك لها لأنه لا أمر لها في نفسها. وكذلك المعتوهة. فإذا أفاقت المعتوهة أو بلغت الصبية فلها الخيار في المقام معه أو فراقه. قال: وإن عتقت قبل أن تبلغ أو بعد ما بلغت فلم تختر فلا خيار لها. وإذا اختارت المرأة فراق زوجها فهو فسخ بلا طلاق وكذلك امرأة العنين وامرأة الأجذم والأبرص تختار فراقه فذلك كله فسخ بلا طلاق لأن الطلاق يملك فيه الرجعة. الطلاق الذي تملك فيه الرجعة قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقال: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن لآية كلها قال الشافعي كان بينا في كتاب الله تعالى: أن كل طلاق حسب على مطلقة فيه عدد طلاق إلا الثلاث فصاحبه يملك فيه الرجعة. وكان ذلك بينأ في حديث ركانة عن رسول الله ﷺ وإلا الطلاق الذي يؤخذ عليه المال لأن الله تعالى أذن به وسماه فدية. فقال: فلا جناح عليهما فيما افتدت به فكان بينا في كتاب الله تعالى إذ أحل له أخذ المال أنه إذا ملك مالا عوضا من شيء لم يجز أن يكون له على ما ملك به المال سبيل والمال هو عوض من بضع المرأة فلو كان له عليها فيه رجعة كان ملك مالها ولم تملك نفسها دونه قال: واسم الفدية أن تفتدي نفسها بأن تقطع ملكه الذي له به الرجعة عليها ولو ملك الرجعة لم تكن مالكة لنفسها ولا واقعا عليها اسم فدية بل كان مالها مأخوذا وهي بحالها قبل أخذه والأحكام فيما أخذ عليه المال بأن يملكه من أعطى المال. قال: وبهذا قلنا: طلاق الإيلاء وطلاق الخيار والتمليك كلها إلى الزوج فيه الرجعة ما لم يأت على جميع الطلاق. قال الشافعي رحمه الله: وبهذا قلنا: إن كل عقد فسخناه شاء الزوج فسخه أو أبى لم يكن طلاقا وكان فسخا بلا طلاق. وذلك أنا لو جعلناه طلاقا جعلنا الزوج يملك فيه الرجعة وإنما ذكر الله عز وجل الطلاق من قبل الرجال فقال: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف وقال: الطلاق
صفحة : 1975
مرتان فإمساك بمعروف قال: وكان معقولا عن الله عز وجل في كل هذا أنه الطلاق الذي من قبل الزوج. فأما الفسخ فليس من قبل الزوج وذلك مثل أن ينكح نكاحا فاسدا فلا يكون زوجا فيطلق ومثل إسلام أحد الزوجين أو ردة أحدهما فلا يحل لمسلم أن يكون تحته وثنية ولا لمسلمة أن يكون زوجها كافرا ومثل الأمة تعتق فيكون الخيار إليها بلا مشيئة زوجها ومثل الخيار إلى المرأة إذا كان زوجها عنينا أو خصيا مجبوبا وما خيرناها فيه مما يلزمه فيه الفرقة وإن كره فإنما ذلك كله فسخ للعقدة لا إيقاع طلاق بعدها ومثل المرأة تملك زوجها أو يملكها يفسخ النكاح. قال الشافعي: ومثل الرجل يغر بالمرأة فيكون له الخيار فيختار فراقها فذلك فسخ بلا طلاق. ولو ذهب ذاهب إلى أن يكون طلاقا لزمه أن يجعل للمرأة نصف المهر الذي فرض لها إذا لم يمسها لأن الله تبارك وتعالى يقول: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع قال الشافعي رحمه الله: ذكر الله تبارك وتعالى الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء: الطلاق والفراق والسراح. فقال عز وجل: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وقال جل ثناؤه: فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وقال تبارك اسمه لنبيه ﷺ في أزواجه: إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين الآية. قال الشافعي فمن خاطب امرأته فأفرد لها اسما من هذه الأسماء فقال: أنت طالق و قد طلقتك أو فارقتك أو قد سرحتك لزمه الطلاق ولم ينو في الحكم ونويناه فيما بينه وبين الله تعالى ويسعه إن لم يرد بشيء منه طلاقا أن يمسكها ولا يسعها أن تقيم معه لأنها لا تعرف من صدقه ما يعرف من صدق نفسه. وسواء فيما يلزم من الطلاق ولا يلزم تكلم به الزوج عند غضب أو مسألة طلاق أو رضى وغير مسألة طلاق ولا تصنع الأسباب شيئا إنما تصنعه الألفاظ لأن السبب قد يكون ويحدث الكلام على غير السبب ولا يكون مبتدأ الكلام الذي له حكم فيقع فإذا لم يصنع السبب بنفسه شيئا لم يصنعه بما بعده ولم يمنع ما بعده أن يصنع ما له حكم إذا قيل. ولو وصل كلامه فقال: قد فارقتك إلى المسجد أو إلى السوق أو إلى حاجة أو قد صرحتك إلى أهلك أو إلى المسجد أو قد طلقتك من عقالك أو ما أشبه هذا لم يلزمه طلاق ولو مات لم يكن طلاقا وكذلك لو خرس أو ذهب عقله لم يكن طلاقا ولا يكون طلاقا إلا بأن يقول: أردت طلاقا وإن
صفحة : 1976
سألت امرأته أن يسأل سئل وإن سألت أن يحلف أحلف فإن حلف ما أراد طلاقا لم يكن طلاقا. وإن نكل قيل: إن حلفت طلقت وإلا فليس بطلاق قال: وما تكلم به مما يشبه الطلاق سوى هؤلاء الكلمات فليس بطلاق حتى يقول: كان مخرج كلامي به على أني نويت به طلاقا وذلك مثل قوله لامرأته: أنت خلية أو خلوت مني أو خلوت منك أو أنت بريئة أو برئت مني أو برئت منك أو أنت بائن أو بنت مني أو بنت منك أو اذهبي أو اعزبي أو تقنعي أو اخرجي أو لا حاجة لي فيك أو شأنك بمنزل أهلك أو الزمي الطريق خارجة أو قد ودعتك أو قد ودعتني أو اعتدي أو ما أشبه هذا مما يشبه الطلاق فهو فيه كله غير مطلق حتى يقول: أردت بمخربخ الكلام مني الطلاق فيكون طلاقا بإرادة الطلاق مع الكلام الذي يشبه الطلاق. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال لها: أنت خلية أو بعض هذا. وقال: قلته ولا أنوي طلاقا ثم أنا الآن أنوي طلاقا لم يكن طلاقا حتى يبتدئه ونيته الطلاق فيقع حينئذ به الطلاق قال: ولو قال لها: أنت طالق واحدة بائن كانت واحدة تملك الرجعة لأن الله عز وجل حكم في الواحدة والثنتين: بأن الزوج يملك الرجعة بعدهما في العدة. ولو تكلم باسم من أسماء الطلاق وقرن به اسما من هذه الأسماء التي تشبه الطلاق أو شدد الطلاق بشيء معه وقع الطلاق بإظهار أحد أسمائه ووقف في الزيادة معه على نيته فإن أراد بها زيادة في عدد الطلاق كانت الزيادة على ما أراد وإن لم يرد بها زيادة في عدد الطلاق كانت الزيادة كما لم تكن على الابتداء إذا لم يرد بها طلاقا وإن أراد بها حينئذ تشديد طلاق لم يكن تشديدا وكان كالطلاق وحده بلا تشديد وذلك مثل أن يقول: أنت طالق البتة أو أنت طالق وبتة أو أنت طالق وخلية أو أنت طالق وبائن أو أنت طالق واعتدي أو أنت طالق ولا حاجة لي فيك أو أنت طالق والزمي أهلك أو أنت طالق وتقنعي فيسأل عن نيته في الزيادة فإن أراد بها زيادة في عدد طلاق فهي زيادة وهي ما أراد من الزيادة في عدد الطلاق وإن لم يرد به الزيادة لم تكن زيادة. وإن قال: لم أرد بالطلاق ولا بالزيادة معه طلاقا لم يدان في الطلاق في الحكم ودين في الزيادة معه وإن قال: أنت طالق واحدة شديدة أو واحدة غليظة أو واحدة ثقيلة أو واحدة طويلة أو ما أشبه هذا كانت واحدة يملك فيها الرجعة ولا يكون طلاق بائن إلا ما أخذ عليه المال لأن المال ثمن فلا يجوز أن يملك المال ويملك البضع الذي أخذ عليه المال. ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صفحة : 1977
الحجة في البتة وما أشبهها قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ثم أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة ووالله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله ﷺ لركانة: والله ما أردت إلا واحدة فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول الله ﷺ فطلقها الثانية في زمان عمر رضي الله عنه والثالثة في زمان عثمان رضي الله عنه قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن جعفر عن المطلب بن حنطب أنه طلق امرأته البتة ثم أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر ذلك له فقال له عمر: ما حملك على ذلك فقال: قد قلته فتلا عمر: ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا ما حملك على ذلك قال: فقال عمر رضي الله عنه: أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عبد الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب قال للتؤمة مثل الذي قال للمطلب قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: البتة فقال: يدين فإن كان أراد ثلاثا فثلاث وإن كان أراد واحدة فواحدة قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أن شريحا دعاه بعض أمرائهم فسأله عن رجل قال لامرأته: أنت طالق البتة فاستعفاه شريح فأبى أن يعفيه فقال: أما الطلاق فسنة. وأما البتة فبدعة. فأما السنة والطلاق فأمضوه. وأما البدعة والبتة فقلدوه إياه ودينوه فيها قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: الرجل يقول لامرأته: أنت خلية أو خلوت مني أو أنت برية أو برئت مني أو يقول: أنت بائنة أو قد بنت مني. قال: سواء. قال عطاء: وأما قوله: أنت طالق فسنة لا يدين في ذلك هو الطلاق. قال ابن جريج: قال عطاء: أما قوله أنت برية أو بائنة فذلك ما أحدثوا سئل: فإن كان أراد الطلاق فهو الطلاق وإلا فلا قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال في قوله: أنت برية أو أنت بائنة أو أنت خلية أو برئت مني أو بنت مني قال: يدين قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: إن أراد الطلاق فهو الطلاق كقوله: أنت على حرام قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن
صفحة : 1978
حماد قال: سألت إبراهيم عن الرجل يقول لامرأته أنت علي حرام. قال: إن نوى طلاقا فهو طلاق وإلا فهو يمين قال الشافعي رحمه الله: والبتة تشديد الطلاق ومحتملة لأن تكون زيادة في عدد الطلاق وقد جعلها رسول الله ﷺ إذ لم يرد ركانة إلا واحدة واحدة يملك فيها الرجعة. ففيه دلائل منها: أن تشديد الطلاق لا يجعله بائنا وأن ما احتمل الزيادة في عدد الطلاق مما سوى اسم الطلاق لا يكون طلاقا إلا بإرادة المتكلم به وأنه إذا أراد الطلاق كان طلاقا ولو كان إذا أراد به زيادة في عدد الطلاق ولم يكن طلاقا لم يحلفه رسول الله ﷺ ما أراد إلا واحدة وإذا كان نوى زيادة في عدد الطلاق بما يشبه الطلاق وقع بإرادته فإن أراد فيما يشبه الطلاق أن يطلق واحدة فواحدة وإن أراد اثنتين فاثنتين وإن أراد ثلاثا فثلاثا فإذا وقعت ثلاث بإرادته الطلاق مع ما يشبه الطلاق واثنتان وواحدة كان إذا تكلم باسم الطلاق الذي يقع به طلاق بنية طلاق أو غير نية أولى أن يقع فإن قال: أنت طالق ينوي اثنتين أو ثلاثا فهو ما نوى مع الواحدة من الزيادة ولا أعلم شيئا مما سوى ما سمى الله عز وجل به الطلاق أشبه في الظاهر بأن يكون طلاقا ثلاثا من البتة. فإذا كان إذا تكلم بها مع الطلاق لم يكن طلاقا إلا بإرادته كان ما هو أضعف منها في الظاهر من الكلام أولى أن لا يكون طلاقا إلا بإرادته الطلاق. ولو قال رجل لامرأته: اختاري أو أمرك بيدك أو قال: ملكتك أمرك أو أمرك إليك فطلقت نفسها فقال: ما أردت بشيء من هذا طلاقا لم يكن طلاقا وسواء قال ذلك في المجلس أو بعده لا يكون طلاقا إلا بأن يقر أنه أراد بتمليكها وتخييرها طلاقا قال: وهكذا لو قالت له: خالعني. فقال: قد خالعتك أو خلعتك أو قد فعلت لم يكن طلاقا إلا بإرادته الطلاق ولم يأخذ مما أعطته شيئا إلا أن يريد به طلاقا وذلك أن طلاق البتة يحتمل الإبتات الذي ليس بعده شيء ويحتمل تطليقة واحدة لأنه يقع عليها أنها منبتة حتى يرتجعها والخلية والبرية والبائن منه يحتمل خلية مما يعنيني وبرية مما يعنيني وبائن من النساء ومني بالمودة واختاري اختاري شيئا غير الطلاق من مال أو ضرب أو مقام على حسن أو قبيح وأمرك بيدك أنك تملكين أمرك في مالك غيره وكذلك أمرك إليك وكذلك ملكتك أمرك. ولو قال لامرأته: أنت طالق تطليقة شديدة أو غليظة أو ما أشبه هذا من تشديد الطلاق أو تطليقة بائن كان كل هذا تطليقة تملك الرجعة. وإذا طلق الرجل امرأته في نفسه ولم يحرك به لسانه لم يكن طلاقا وكل ما لم يحرك به لسانه فهو من حديث النفس الموضوع عن بني آدم. وهكذا إن
صفحة : 1979
طلق ثلاثا بلسانه واستثنى في نفسه لزمه طلاق ثلاث ولم يكن له استثناء لأن الاستثناء حديث نفس لا حكم له في الدنيا. وإن كلم امرأته بما لا يشبه الطلاق وقال: أردت به الطلاق لم يكن طلاقا وإنما تعمل النية مع ما يشبه ما نويته به وذلك أن يقول لها: بارك الله فيك أو اسقيني أو أطعميني أو زوديني أو ما أشبه هذا ولكنه لو قال لها: افلحي أو اذهبي أو اعزبي أو اشربي يريد به طلاقا كان طلاقا وكل هذا يقال للخارج والمفارق. يقال: له افلح. كما يقال له: اذهب ويقال له: اعزب اذهب بعدا ويقال للرجل يكلم ما يكره أو يضرب: اشرب وكذلك: ذق أو اطعم. قال الله عز وجل: وهو يذكر بعض من عذب: ذق إنك أنت العزيز الكريم ولو قال لها: اذهبي وتزوجي أو تزوجي من شئت لم يكن طلاقا حتى يقول: أردت به الطلاق وهكذا إن قال: اذهبي فاعتدي. ولو قال الرجل لامرأته: أنت علي حرام لم يقع به طلاق حتى يريد الطلاق فإذا أراد به الطلاق فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق. وإن أراد طلاقا ولم يرد عددا من الطلاق فهي واحدة يملك الرجعة وإن قال: أردت تحريمها بلا طلاق لم تكن حراما وكانت عليه كفارة يمين ويصيبها إن شاء قبل أن يكفر. وإنما قلنا: عليه كفارة يمين إذا أراد تحريمها. ولم يرد طلاقها أن النبي ﷺ حرم جاريته. فأمر بكفارة يمين والله تعالى أعلم. قال الله تعالى: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم الآية فلما لم يرد الزوج بتحريم امرأته طلاقا كان أوقع التحريم على فرج مباح له لم يحرم بتحريمه فلزمته كفارة فيه كما لزم من حرم أمته كفارة فيها ولم تحرم عليه بتحريمه لأنهما معا تحريم لفرجين لم يقع بواحد منهما طلاق. ولو قال: كل ما أملك علي حرام يعني امرأته وجواريه وماله كفر عن المرأة والجواري كفارة إذا لم يرد طلاق المرأة. ولو قال: مالي علي حرام لا يريد امرأته ولاجواريه لم يكن عليه كفارة ولم يحرم عليه ماله. ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 1980
باب الشك واليقين في الطلاق قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا قال الرجل: أنا أشك أطلقت امرأتي. أم لا قيل له: الورع أن تطلقها فإن كنت تعلم أنك إن كنت قد طلقت لم تجاوز واحدة قلنا: قد طلقت واحدة فاعتدت منك بإقرارك بالطلاق وإن أردت رجعتها في العدة فأنت أملك بها وهي معك باثنتين. وإذا طلقتها باثنتين وقد أوقعت أولا الثالثة حرمت عليك حتى يحلها لك زوج فتكون معك هكذا. وإن كنت تشك في الطلاق فلم تدر أثلاثا طلقت أو واحدة فالورع أنك تقر بأنك طلقتها ثلاثا والاحتياط لك أن توقعها. فإن كانت وقعت لم تضرك الثلاث وإن لم تكن وقعت أوقعتها بثلاث لتحل لك بعد زوج يصيبها ولا يلزمك في الحكم من هذا شيء لأنها كانت حلالا لك فلا تحرم عليك إلا بيقين تحريم فإن تشك في تحريم فلا تحرم عليك. وقد قال رسول الله ﷺ: إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف يسمع صوتا أو يجد ريحا قال الشافعي رحمه الله: هذا كان على يقين الوضوء وشك في انقاضه فأمره رسول الله ﷺ أن يثبت على يقين الوضوء ولا ينصرف من الصلاة بالشك حتى يستيقن بانتقاض الوضوء بأن يسمع من نفسه صوتا أو يجد ريحا وهو في معنى الذي يكون على يقين النكاح ويشك في تحريم الطلاق ولا يخالفه وإن سألت يمينه أحلف ما طلقها فان حلف فهي امرأته وإن نكل وحلفت طلقت عليه وإن نكلت فهي امرأته بحالها وإن ماتت فسأل ذلك ورثتها ليمنعوه ميراثها فذلك لهم ويقومون في ذلك مقامها . قال الشافعي وإن كان هو الميت فسأل ورثته أن تمنع ميراثها منه بقوله فليس لهم ذلك وإن سألوا يمينها وقالوا: إنه طلقها ثلاثا وهو صحيح أحلفت ما علمت ذلك فإن حلفت ورثت وإن نكلت حلفوا لقد طلقها ثلاثا ولم ترث. ولو استيقن بطلاق واحدة وشك في الزيادة لزمته واحدة باليقين وكان فيما شك فيه من الزيادة كهو فيما شك أولا من تطليقة أو ثلاث. قال: ولو شك في طلاق فأقام معها فأصابها وماتت وأخذ ميراثها ثم استيقن أنه كان طلقها في الوقت الذي نسب إلى نفسه فيه الشك في طلاقها أو قامت عليه بينة أخذ منه مهر مثلها بالإصابة ورد جميع ما أخذ من ميراثها. ولو كان هو الشاك في طلاقها ثلاثا ومات وقد أصابها بعد شكه وأخذت ميراثه ثم أقرت أنها قد علمت أنه كان قد طلقها في تلك الحال ثلاثا ردت الميراث ولم تصدق على أن لها مهرا
صفحة : 1981
بالإصابة. ولو ادعت الجهالة بأن الإصابة كانت تحرم عليها أو ادعت غصبه إياها عليه أو لم تدع من ذلك شيئا تصدق على ما عليها أحلفناه ولا تصدق على ما تأخذ من مال غيرها ولو أقر لها الورثة بما ذكرت كان لها مهر مثلها وترد ما أخذت من ميراثه. ولو شك في عتق رقيقه كان هكذا لا يعتقون إلا بيقينه بعتقهم وإن أرادوا أحلفناه لهم فإن حلف فهم رقيقه وإن نكل فحلفوا عتقوا وإن حلف بعضهم ونكل عتق من حلف منهم ورق من لم يحلف. وإن كان فيهم صغير أو معتوه كان رقيقا بحاله ولا نخلفه إلا لمن أراد يمينه منهم. ولو استيقن أنه حنث في صحته بأحد أمرين: طلاق أو عتاق وقفناه عن نسائه ورقيقه حتى يبين أيهم أراد ونحلفه للذي زعم أنه لم يرد باليمين وإن مات قبل أن يحلف أقرع بينهم فإن وقعت القرعة على الرقيق عتقوا من رأس المال وإن وقعت على النساء لم نطلقهن بالقرعة ولم نعتق الرقيق وورثه النساء لأن الأصل أنهن أزواج حتى يستيقن بأنه طلقهن ولم يستيقن والورع أن يدعن ميراثه وإن كان ذلك وهو مريض فسواء كله لأن الرقيق يعتقون من الثلث. قال: وإذا قال لامرأتين له: إحداكما طالق ثلاثا ولنسوة له: إحداكن طالق أو اثنتان منكن طالقتان منع منهن كلهن وأخذ بنفقتهن حتى يقول: التي أردت هذه والله ما أردت هاتين. فإن أراد البواقي أن يحلف لهن أحلف بدعواهن عليه وإن لم يردنه لم أحلفه لهن لأنه قد أبان أن طلاقه لم يقع عليهن وأنه وقع على غيرهن ولو كانتا اثنتين فقال لإحداهما: لم أعن هذه بالطلاق كان ذلك إقرارا منه بأنه طلق الأخرى إذا كان مقرا بطلاق إحداهما فإن كان منكرا لم يلزمه طلاق إحداهما بعينها إلا بإقرار يحدثه بطلاقها. ولو قال: ليست هذه التي أوقعت عليها الطلاق التي أردت. أوقعن الطلاق عليها أو لم نوقعه حتى قال: أخطأت وهذه التي زعمت أني لم أردها بالطلاق التي أردتها به طلقتا معا بإقراره به وهكذا إذا كان في أكثر من اثنتين من النساء. وإذا قال الرجل لامرأتين له: إحداكما طالق وقال: والله ما أدري أيتهما عنيت وقف عنهما واختير له أن يطلقهما ولم نجبره على ذلك حتى يبين أيتهما أراد بالطلاق فإن قال قائل: أولى أن أوقع الطلاق على إحداهما قيل له: إن فعلت ألزمناك ما أوقعت الآن ولم نخرجك من الطلاق الأول فأنا على يقين من أنه أوقع على إحداهما ولا نخرجك منه إلا بأن تزعم أن تخرجه على واحدة بعينها دون الأخرى وإن قلته فأردت الأخرى أحلفناك لها فإن لم يقل أردت واحدة بعينها ولم يحلف حتى ماتت إحداهما وقلنا له ميراثه منها فإن زعم أن التي طلق الحية ورثنا من الميتة وإن أراد ورثتها
صفحة : 1982
أحلفناه لهم ما طلقها وجعلنا له ميراثه منها إذا كنا لا نعرف أيتهما طلق إلا بقوله فسواء ماتت إحداهما وبقيت الأخرى أو ماتتا معا أو لم يموتا. وهكذا لو ماتت إحداهما قبل الأخرى أو ماتتا جميعا معا أو لم يعرف أيتهما ماتت قبل وقفنا له من كل واحدة منهما ميراث زوج. فإذا قال لإحداهما: هي التي طلقت ثلاثا رددنا على أهلها ما وقفنا لزوجها وأحلفناه لورثة الأخرى إن شاءوا فجعلنا له ميراثه منها وإن كان في ورثتها صغار ولم يرد الكبار يمينه لم نعطه ميراثها إلا بيمين وهكذا إن كان فيهم غائب ولو كان الطلاق في هذا كله يملك الرجعة فماتتا في العدة ورثهما أو مات ورثتاه لأنهما معا في معاني الأزواج في الميراث وأكبر أمرهما ولو كانت المسألة بحالها وكان هو الميت قبلهما والطلاق ثلاثا وقفنا لهما ميراث امرأة حتى يصطلحا لأنا لو قسمناه بينهما أيقنا أنا قد منعنا الزوجة نصف حقها وأعطينا غير الزوجة نصف حق الزوجة وإذا وقفنا فإن عرفناه لإحداهما. فلما لم يبين لأيهما هو وقفناه حتى نجد على الزوج بينة نأخذ بها أو تصادقا منهما فيلزمهما أن يصطلحا فتكون إحداهما قد عفت بعض حقها أو تركت ما ليس لها فلا يكون لنا في صلحهما حكم ألزمناهما كارهين ولا إحداهما ولو ماتت إحداهما قبله ثم مات قبل أن يبين ثم ماتت الأخرى بعده سئل الورثة فإن قالوا: إن طلاقه قد وقع على الميتة ورثته الحية بلا يمين على واحد منهم لأنهم يقرون أن في ماله حقا للحية ولا حق له في ميراث الميتة. وهذا إذا كان الورثة كبارا رشدا يكون أمرهم في أموالهم جائزا وإن كان فيهم صغير جاز في حق الكبار الرشد إقرارهم ووقف للزوج الميت حصة الصغار. ومن كان كبيرا غير رشيد من ميراث زوج حتى يبلغوا الرشد والحلم والمحيض ووقف للزوجة الحية بعد حصتها من ميراث امرأة حتى يبلغوا. ولو كان الورثة كبارا فقالوا: التي طلق ثلاثا هي المرأة الحية بعده ففيها قولان: أحدهما: أنهم يقومون مقام الميت فيحلفون على البت أن فلانة الحية بعده التي طلق ثلاثا ولا يكون لها ميراث منه ويأخذون له ميراثه من الميتة قبله كما يكون له الحق بشاهد فيحلفون أن حقه لحق ويقومون مقامه في اليمين واليمين على البت لأنهم قد يعلمون ذلك بخبره وخبر من يصدقون غيره وإن كان فيهم صغار وقف حق الصغار من ميراث الأب من الميتة قبله حتى يحلفوا فيأخذوه أو ينكلوا فيبطل أو يموتوا فيقوم ورثتهم مكانهم. كما يكون فيما وصفنا من يمين وشاهد ويوقف قدر حقهم من ميراث أبيهم للمرأة الحية بعده ليقروا لها فيأخذوه ويبطل حقهم من الأخرى ويحلفوا فيأخذوا حقهم من الأخرى ويبطل حقها الذي
صفحة : 1983
وقف. والقول الثاني: أن يوقف له ميراث زوج من الميتة قبله وللميتة بعده ميراث امرأة منه حتى تقوم بينة أو يصطلح ورثته وورثتها. قال الشافعي رحمه الله: ولو رأى امرأة من نسائه مطلقة فقال: أنت طالق ثلاثا وقد أثبت أنها من نسائه ولا يدري أيتهن هي فقالت كل واحد منهن: أنا هي أو جحدت كل واحدة منهن أن تكون هي أو ادعت ذلك واحدة منهن أو اثنتان وجحد البواقي فسواء ولا يقع الطلاق على واحدة منهن إلا أن يقول: هي هذه فإذا قال لواحدة منهن: هي هذه وقع عليها الطلاق. ومن سأل منهن أن حلف لها ما طلقها أحلف ومن لم تسأل لم يحلف لأنه أوقع الطلاق على واحدة ولم نعلمه طلق اثنتين. ولو أقر لواحدة ثم قال أخطأت هي هذه الأخرى لزمه الطلاق للأولى التي أقر لها وهكذا لو صنع هذا فيهن كلهن لزمه الطلاق لهن كلهن. ولو قال: هي هذه أو هذه أو هذه بل هذه لزمه طلاق التي قال بل هذه وطلاق إحدى الاثنتين اللتين قال هي هذه أو هذه. ولو قال: هي هذه بل هذه طلقت الأولى ووقع على الثانية التي قال: بل هذه ولو قال: إحداكن طالق ثم قال في واحدة هي هذه ثم قال: والله ما أدري أهي هي أو غيرها طلقت الأولى بالإقرار ووقف عن البواقي ولم يكن كالذي قال على الابتداء: ما أدري أطلقت أولا هذا مطلق بيقين ثم أقر لواحدة فألزمنا له الإقرار ثم أخبرنا أنه لا يدري: أصدق في إقراره فحل له منهن غيرها أو لم يصدق فتكون واحدة منهن محرمة عليه ويكون في البواقي كهو في الابتداء ما كان مقيما على الشك. فإذا قال: قد استيقنت أن الذي قلت أولا هي التي طلقت كما قلت فالقول قوله وأيتهن أرادت أن أحلفه لها أحلفته ولو قال: هي هذه ثم قال: ما أدري أهي هي أم لا ثم مات قبل أن يتبين لم ترثه التي قال هي هذه إن كان لا يملك رجعتها وورثه الثلاث معا ولا يمنعن ميراثه بالشك في طلاقهن ولا طلاق واحدة منهن ولو قال على الابتداء: ما أدري أطلقت نسائي أم واحدة منهن أم لا ثم مات ورثنه معا ولا يمنعن ميراثه بالشك في طلاقهن. ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
صفحة : 1984
الإيلاء واختلاف الزوجين في الإصابة أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: قال الله تبارك وتعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله ﷺ كلهم يقول بوقف المولي قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة قال: شهدت عليا رضي الله تعالى عنه أوقف المولي قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن مروان بن الحكم أن عليا رضي الله تعالى عنه أوقف المولي قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن مسعر بن كدام عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس أن عثمان. بن عفان رضي الله تعالى عنه كان يوقف المولي قال الشافعي: رحمه الله: أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد قال: كانت عائشة رضي الله تعالى عنها إذا ذكر لها الرجل يحلف أن لا يأتي امرأته فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئا حتى يوقف وتقول: كيف قال الله عز وجل فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قال الشافعي: رحمه الله: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء قال الشافعي: أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا رضي الله تعالى عنه كان يوقف المولي. ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 1985
اليمين التي يكون بها الرجل موليا قال الشافعي: رحمه الله تعالى: اليمين التي فرض الله تعالى كفارتها اليمين بالله عز وجل ولا يحلف بشيء دون الله تبارك وتعالى لقول النبي ﷺ: إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت قال الشافعي فمن حلف بالله عز وجل فعليه الكفارة إذا حنث ومن حلف بشيء غير الله تعالى فليس بحانث ولا كفارة عليه إذا حنث. والمولى من حلف بيمين يلزمه بها كفارة ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه فأوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي لأنه لا يعدو أن يكون ممنوعا من الجماع إلا بشيء يلزمه به وما ألزم نفسه مما لم يك يلزمه قبل إيجابه أو كفارة يمين قال: ومن أوجب على نفسه شيئا لا يجب عليه ما أوجب ولا بدل منه فليس بمول وهو خارج من الإيلاء. ومن حلف باسم من أسماء الله تعالى فعليه الكفارة كما لو حلف بالله عز وجل وجب عليه الكفارة وإذا قال الرجل لامرأته: والله لا أقربك يعني الجماع أو تالله أو بالله لا أقربك فهو مول في هذا كله وإن قال: ألله لا أقربك فإن أراد اليمين فهو مول وإن لم يرد اليمين فليس بمول لأنها ليست بظاهر اليمين. وإذا قال: هايم الله أو ايم الله أو ورب الكعبة أو ورب الناس أو وربي أو ورب كل شيء أو وخالقي أو وخالق كل شيء أو ومالكي أو ومالك كل شيء لا أقربك فهو في هذا كله مول. وكذا إن قال: أقسم بالله أو أحلف بالله أو أولي بالله لا أقربك فهو مول. وإن قال: أقسمت بالله أو آليت بالله أو حلفت بالله لا أقربك سئل فإن قال: عنيت بهذا إيقاع اليمين كان موليا وإن قال: عنيت أني آليت منها مرة فإن عرف ذلك باعتراف منها أو ببينة تقوم عليه أنه حلف مرة فهو كما قال وليس بمول وهو خارج من حكم ذلك الإيلاء. وإن لم تقم بينة ولم تعرف المرأة فهو مول في الحكم وليس بمول فيما بينه وبين الله عز وجل. وكذلك إن قال: أردت الكذب وإن قال: أنا مول منك أو علي يمين إن قربتك أو علي كفارة يمين إن قربتك فهو مول في الحكم. فإن قال: أردت بقولي: أحلف بالله أني سأحلف بالله أني سأحلف به فليس بمول وإذا قال لامرأته: مالي في سبيل الله تعالى أو علي مشي إلى بيت الله علي صوم كذا أو نحر كذا من الإبل إن قربتك فهو مول لأن هذا إما لزمه وإما لزمته به كفارة يمين قال الشافعي رحمه الله: وإذا قال: إن قربتك فغلامي فلان حر أو امرأتي فلانة طالق فهو مول. والفرق بين العتق والطلاق وما وصفت: أن العتق والطلاق حقان لآدميين بأعيانهما
صفحة : 1986
يقعان بإيقاع صاحبهما ويلزمان تبررا أو غير تبرر وما سوى هذا إنما يلزم بالتبرر. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال: والكعبة أو عرفة أو والمشاعر أو وزمزم أو والحرم أو والمواقف أو والخنس أو والفجر أو والليل أو والنهار أو وشيء مما يشبه هذا لا أقربك لم يكن موليا لأن كل هذا خارج من اليمين وليس بتبرر ولاحق لآدمي يلزم حتى يلزمه القائل له نفسه قال الشافعي وكذلك إن قال: إن قربتك فأنا أنحر ابنتي و ابني أو بعير فلان أو أمشي إلى مسجد مصر أو مسجد غير المسجد الحرام أو مسجد المدينة أو مسجد بيت المقدس لم يلزمه بهذا إيلاء لأنه ليس بيمين ولا يلزمه المشي إليه ولا كفارة بتركه. وإن قال: إن قربتك فأنا أمشي إلى مسجد مكة كان موليا لأن المشي إليه أمر يلزمه أو يلزمه به كفارة يمين. قال الشافعي رحمه الله: ولا يلزمه الإيلاء حتى يصرح بأحد أسماء الجماع التي هي صريحة وذلك: والله لا أطؤك أو والله لا أغيب ذكري في فرجك أو لا أدخله في فرجك أو لا أجامعك أو يقول إن كانت عذراء: لا أفتضك أو ما في هذا المعنى فإن قال هذا فهو مول في الحكم وإن قال: لم أرد الجماع نفسه كان مدينا فيما بينه وبين الله عز وجل ولم يدن في الحكم. قال الشافعي وإن قال: والله لا أباشرك أو والله لا أباضعك أو والله لا ألامسك أو لا ألمسك أو لا أرشفك أو ما أشبه هذا فإن أراد الجماع نفسه فهو مول وإن لم يرده فهو مدان في الحكم والقول فيه قوله. ومتى قلت القول قوله فطلبت يمينه أحلفته لها فيه قال: ولو قال: والله لا أجامعك إلا جماع سوء فإن قال: عنيت لا أجامعك إلا في دبرك فهو مول والجماع نفسه في الفرج لا الدبر ولو قال: عنيت لا أجامعك إلا بأن لا أغيب فيك الحشفة فهو مول لأن الجماع الذي له الحكم إنما يكون بتغييب الحشفة وإن قال عنيت لا أجامع إلا جماعا قليلا أو ضعيفا أو متقطعا أو ما أشبه هذا فليس بمول. قال الشافعي رحمه الله: وإن قال: والله لا أجامعك في دبرك فهو محسن غير مول لأن الجماع في الدبر لا يجوز وكذلك إن قال: والله أجامعك في كذا من جسدك غير الفرج لا يكون موليا إلا بالحلف على الفرج أو الحلف مبهما فيكون ظاهره الجماع على الفرج. وإن قال: والله لا أجمع رأسي ورأسك بشيء أو والله لأسو أنك أو لأغيظنك أو لا أدخل عليك أو لا تدخلين علي أو لتطولن غيبتي عنك أو ما أشبه هذا فكله سواء لا يكون موليا إلا بأن يريد الجماع. وإن قال: والله ليطولن عهدي بجماعك أو ليطولن تركي لجماعك فإن عنى أكثر من أربعة أشهر مستقبلة من يوم حلف فهو مول وإن عنى أربعة أشهر أو أقل لم يكن
صفحة : 1987
موليا وإن قال: والله لا أغتسل منك ولا أجنب منك وقال: أردت أن أصيبها ولا أنزل ولست أر الغسل إلا على من أنزل. ولا الجنابة دين في القضاء وفيما بينه وبين الله تعالى. وإن قال: أردت أن أصيبها ولا أغتسل منها حتى أصيب غيرها فأغتسل منه دين أيضا وإن قال: أردت أن أصيبها ولا أغتسل وإن وجب الغسل لم يدين في القضاء ودين فيما بينه وبين الله عز وجل قال الشافعي رحمه الله: وإذا قال الرجل لامرأته: والله لا أقربك ثم قال في ذلك المجلس أو بعده: والله لا أقربك وفلانة لامرأة له أخرى طالق أو قال في مجلس آخر: فلان غلامه حر إن قربتك فهو مول يوقف وقفا واحدا وإذا أصاب حنث بجميع ما حلف قال: وكذلك لو قال لها: والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال في يمين أخرى: لا أقربك ستة أشهر وقف وقفا واحدا وحنث إذا أصاب بجميع الأيمان. وإن قال: والله لا أقربك أربعة أشهر أو أقل ثم قال: والله لا أقربك خمسة أشهر كان موليا بيمينه لا يقربها خمسة أشهر وغير مول باليمين التي دون أربعة أشهر وأربعة أشهر. قال الشافعي ولو كانت يمينه على أكثر من أربعة أشهر وأربعة أشهر وتركت وقفه عند الأولى والثانية كان لها وقفه ما بقي عليه من الإيلاء شيء لأنه ممنوع من الجماع بعد أربعة أشهر بيمين. قال: ولو قال لها: والله لا أقربك خمسة أشهر ثم قال: غلامي حر إن قربتك إذا مضت الخمسة الأشهر فتركته حتى مضت خمسة أشهر أو أصابها فيها خرج من حكم الإيلاء فيها. فإن طلبت الوقف لم يوقف لها حتى تمضي الخمسة الأشهر من الإيلاء الذي أوقع آخرا ثم أربعة أشهر بعده ثم يوقف. وكذلك لو قال على الابتداء إذا مضت خمسة أشهر أو ستة أشهر فوالله لا أقربك لم يكن موليا حتى يمضي خمسة أشهر أو ستة أشهر ثم يوقف بعد الأربعة الأشهر من يوم أوقع الإيلاء لأنه إنما ابتدأه من يوم أوقعه. ولو قال: والله لا أقربك خمسة أشهر. ثم قال: إذا مضت خمسة أشهر فوالله لا أقربك سنة فوقف في الإيلاء الأول فطلق ثم راجع فإذا مضت أربعة أشهر بعد رجعته وبعد الخمسة الأشهر وقف فإن كانت رجعته في وقت لم يبق عليه فيه من السنة إلا أربعة أشهر أو أقل لم يوقف لأني أجعل له أربعة أشهر من يوم يحل له الفرج ويجب عليه الإيلاء فإذا جعلته هكذا فلا وقف عليه. قال الشافعي: وإن قال: والله لا أقربك إن شئت فليس بمول إلا أن تشاء فإن شاءت فهو مول. وإن قال: والله لا أقربك كلما شئت فإن أراد بها كلما شاءت أن لا يقربها لم يقربها فشاءت أن لا يقربها كان موليا ولا يكون موليا حتى تشاء. وإن قال: أردت أني لا أقربك في كل حين شئت فيه أن أقربك لا أني حلفت لا أقربك
صفحة : 1988
بمثل المعنى قبل هذا ولكني أقربك كلما أشاء لا كلما تشائين فليس بمول. وإن قال: إن قربتك فعلي يمين أو كفارة يمين فهو مول في الحكم. وإن قال: لم أرد إيلاء دين فيما بينه وبين الله عز وجل. وإن قال: علي حجة إن قربتك فهو مول وإن قال: إن قربتك فعلي حجة بعد ما أقربك فهو مول. وإن قال: إن قربتك فعلي صوم هذا الشهر كله لم يكن موليا كما لا يكون موليا لو قال: إن قربتك فعلي صوم أمس وذلك أنه لا يلزمه صوم أمس لو نذره بالتبرر فإذا لم يلزمه بالتبرر لم يلزمه بالإيلاء ولكنه لو أصابها وقد بقي عليه من الشهر شيء كانت عليه كفارة يمين أو صوم ما بقي منه. وإذا قال الرجل لامرأته: إن قربتك فأنت طالق ثلاثأ وقف فإن فاء فإذا غابت الحشفة طلقت ثلاثا فإن أخرجه ثم أدخله بعد فعليه مهر مثلها فإن أبى أن يفيء طلق عليه واحدة فإن راجع كانت له أربعة أشهر وإذا مضت وقف ثم هكذا حتى تنقضي طلاق هذا الملك وتحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره. ثم إن نكحها بعد زوج فلا إيلاء ولا طلاق وإن أصابها كفر. قال الشافعي رحمه الله: ولو كان آلى منها سنة فتركته حتى مضت سقط الإيلاء ولو لم تدعه فوقف لها ثم طلق ثم راجع كان كالمسألة الأولى فإذا مضت له أربعة أشهر بعد الرجعة وقف إلى أن تنقضي السنة قبل ذلك. ولو قال رجل لامرأته: أنت علي حرام يريد تحريمها بلا طلاق أو اليمين بتحريمها فليس بمول لأن التحريم شيء حكم فيه بالكفارة إذا لم يقع به الطلاق كما لا يكون الظهار والإيلاء طلاقا وإن أريد بهما الطلاق لأنه حكم فيهما بكفارة. قال الربيع: وفيه قول آخر: إذا قال لامرأته: إن قربتك فأنت علي حرام ولا يريد طلاقا ولا إيلاء فهو مول يعني قوله: أنت علي حرام. قال الشافعي وإن قال لامرأته: إن قربتك فعبدي فلان حر عن ظهاري فإن كان متظهرا فهو مول ما لم يمت العبد أو يبعه أو يخرجه من ملكه وإن كان غير متظهر فهو مول في الحكم لأن ذلك إقرار منه بأنه متظهر وإن وصل الكلام فقال: إن قربتك فعبدي فلان حر عن ظهاري إن تظهرت لم يكن موليا حتى يتظهر فإذا تظهر والعبد في ملكه كان موليا لأنه حالف حينئذ يعتقه ولم يكن أولا حالفا فإن قال: إن قربتك فلله علي أن أعتق فلانا عن ظهاري وهو متظهر كان موليا وليس عليه أن يعتق فلانا عن ظهاره وعليه فيه كفارة يمين لأنه يجب لله عليه عتق رقبة فأي رقبة أعتقها غيره أجزأت عنه ولو كان عليه صوم يوم فقال: لله علي أن أصوم يوم الخميس عن اليوم الذي علي لم يكن عليه صومه لأنه لم ينذر فيه بشيء يلزمه وأن صوم يوم لازم له فأي يوم صامه أجزأ عنه ولو صامه بعينه أجزأ عنه
صفحة : 1989
من الصوم الواجب لا من النذر. وهكذا لو أعتق فلانا عن ظهاره أجزأ عنه وسقطت عنه الكفارة قال: وإذا قال الرجل لامرأته: إن قربتك فلله علي أن لا أقربك لم يكن موليا لأنه لو كان قال لها ابتداء: لله علي أن لا أقربك لم يكن موليا لأنه لا حالف ولا عليه نذر في معاني الأيمان يلزمه به كفارة يمين وهذا نذر في معصية. قال الشافعي رحمه الله: وإذا آلى الرجل من امرأته ثم قال لأخرى من نسائه: قد أشركتك معها في الإيلاء لم تشركها لأن اليمين لزمته للأولى واليمين لا يشترك فيها. قال: وإذا حلف لا يقرب امرأته وامرأة ليست له لم يكن موليا حتى يقرب تلك المرأة فإن قرب تلك المرأة كان موليا حينئذ وإن قرب امرأته حنث باليمين. قال: وإن قال: إن قربتك فأنت زانية فليس بمول إذا قربها وإذا قربها فليس بقاذف يحد حتى يحدث لها قذفا صريحا يحد به أو يلاعن وهكذا إن قال: إن قربتك ففلانة لامرأة له أخرى زانية. الإيلاء في الغضب قال الشافعي والإيلاء في الغضب والرضى سواء وإنما أوجبنا عليه الإيلاء بما جعله الله عز وجل من اليمين. وقد أنزل الله تعالى الإيلاء مطلقا لم يذكر فيه غضبا ولا رضى. ألا ترى أن رجلا لوترك امرأته عمره لا يصيبها ضرارا لم يكن موليا ولو كان الإيلاء إنما يجب بالضرار وجب على هذا ولكنه يجب بما أوجبه الله عز وجل وقد أوجبه مطلقا. ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
صفحة : 1990
المخرج من الإيلاء قال الشافعي ومن أصل معرفة الإيلاء أن ينظر كل يمين منعت الجماع بكل حال أكثر من أربعة أشهر إلا بأن يحنث الحالف فهو مول وكل يمين كان يجد السبيل إلى الجماع بحال لا يحنث فيها وإن حنث في غيرها فليس بمول. قال الشافعي رحمه الله: وكل حالف مول وإنما معنى قولي: ليس بمول ليس يلزمه حكم الإيلاء من فيئة أو طلاق وهكذا ما أوجب مما وصفته في مثل معنى اليمين. قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر عن أبيه عن مجاهد قال: تزوج ابن الزبير أو الزبير شك الربيع امرأة فاستزاده أهلها في المهر فأبى فكان بينه وبينهم شر فحلف أن لا يدخلها عليه حتى يكون أهلها الذين يسألونه ذلك فلبثوا سنين ثم طلبوا ذلك إليه فقالوا اقبض إليك أهلك ولم يعد ذلك إيلاء وأدخلها عليه قال الشافعي لأن أهلها الذين طلبوا إدخالها عليه. قال الشافعي ويسقط الإيلاء من وجه بأن يأتيها ولا يدخلها عليه ولعله أن لا يكون أراد هذا المعنى بيمينه. قال الشافعي وإذا قال الرجل لامرأته والله لا أقربك إن شاء الله تعالى فلا إيلاء وإن قال: والله لا أقربك إن شاء فلان فليس بإيلاء حتى يشاء فلان فإن شاء فلان فهو مول. وإذا قال: والله لا أقربك حتى يشاء فلان فليس بمول لأن فلانا قد يشاء. فإن خرس فلان أو غلب على عقله فليس بمول لأنه قد يفيق فيشاء فإن مات فلان الذي جعل إليه المشيئة فهو مول لأنه لا يشاء إذا مات. وكذلك إن قال: لا أقربك حتى يشاء أبوك أو أمك أو أحد. من أهلك وكذلك إن قال: حتى تشائي أو حتى أشاء أو حتى يبدو لي أو حتى أرى رأيي قال الشافعي وكذلك إن قال: والله لا أقربك بمكة أو بالمدينة أو حتى أخرج من مكة أو المدينة أو لا أقربك إلا ببلد كذا أو لا أقربك إلا في البحر أو لا أقربك على فراشي أو لا أقربك على سرير أو ما أشبه هذا لأنه يقدر على أن يقربها على غير ما وصفت ببلد غير البلد الذي حلف أن لايقربها فيه ويخرجها من البلد الذي حلف لايقربها فيه ويقربها في حال غير الحال التي حلف لا يقربها فيها ولا يقال له: أخرجها من هذا البلد الذي حلفت لا تقربها فيه قبل أربعة أشهر إذا جعلته ليس بمول لم أحكم عليه حكم الإيلاء. وكذلك لو قال: والله لا أقربك حتى أريد أو حتى أشتهي لم يكن موليا أقول له: أرد أو اشته. وإن قال: والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك لم يكن موليا لأنها قد تفطمه قبل أربعة أشهر إلا أن يريد لا أقربك أكثر من أربعة أشهر. وإن قال: والله لا أقربك حتى أفعل أو تفعلي أمرا لا يقدر واحد منهما
صفحة : 1991
على فعله بحال كان موليا وذلك مثل أن يقول: والله لا أقربك حتى أحمل الجبل كما هو أو الإسطوانة كما هي أو تحمليه أنت أو تطيري أو أطير أو ما لا يقدر واحد منهما على فعله بحال أو تحبلي وتلدي في يومي هذا ولو قال لامرأته: والله لا أقربك إلا ببلد كذا وكذا لا يقدر على أن يقربها بتلك البلدة بحال إلا بعد أربعة أشهر كان موليا يوقف بعد الأربعة الأشهر. ولو قال: والله لا أقربك حتى تحبلي وهي ممن يحبل مثلها بحال لم يكن موليا لأنها قد تحبل. ولو قال: والله لا أقربك إلا في سفينة في البحر لم يكن موليا لأنه يقدرعلى أن يقربها في سفينة في البحر. الإيلاء من نسوة ومن واحدة بالأيمان قال الشافعي وإذا قال الرجل لأربع نسوة له: والله لا أقربكن فهو مول منهن كلهن يوقف لكل واحدة منهن فإذا أصاب واحدة أو اثنتين أو ثلاثا خرج من حكم الإيلاء فيهن. وعليه للباقية أن يوقف حتى يفيء أو يطلق ولا حنث عليه حتى يصيب الأربع اللاتي حلف عليهن كلهن فإذا فعل فعليه كفارة يمين ويطأ منهن ثلاثا ولا يحنث فيهن ولا إيلاء عليه فيهن ويكون حينئذ في الرابعة موليا لأنه يحنث بوطئها. ولو ماتت إحداهن سقط عنه الإيلاء لأنه يجامع البواقي ولا يحنث. ولو طلق واحدة منهن أو اثنتين أو ثلاثا كان موليا بحاله في البواقي لأنه لو جامعهن والتي طلق حنث. قال: ولو آلى رجل من امرأته ثم طلقها ثم جامعها بعد الطلاق حنث وكذلك لو آلى من أجنبية ثم جامعها حنث باليمين مع المأثم بالزنا وإن نكحها بعد خرج من حكم الإيلاء. قال الشافعي رحمه الله: ولو قال لأربع نسوة له والله لا أقرب واحدة منكن وهو يريدهن كلهن فأصاب واحدة حنث وسقط عنه حكم الإيلاء في البواقي ولو لم يقرب واحدة منهن كان موليا منهن يوقف لهن فأي واحدة أصاب منهن خرج من حكم الإيلاء في البواقي لأنه قد حنث بإصابة واحدة فإذا حنث مرة لم يعد الحنث عليه ولو قال: والله لا أقرب واحدة منكن يعني واحدة دون غيرها فهو مول من التي حلف لا يقربها وغير مول من غيرها. قال الشافعي وإذا آلى الرجل من امرأته لا يقربها فذلك على الأبد وإذا مضت أربعة أشهر فطلبت أن يوقف لها وقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق وإن لم تطلب لم أعرض لا لها ولا له. وإن قالت: قد تركت الطلب ثم طلبت أو عفوت ذلك أو لا أقول فيه شيئا ثم طلبت كان لها ذلك لأنها تركت ما لم يجب لها في حال دون حال فلها أن تطلبه بعد الترك. و. إن طلبته قبل أربعة أشهر لم يكن لها وإن كانت مغلوبة على عقلها أو أمة فطلبه ولي المغلوبة على
صفحة : 1992
عقلها أو سيد الأمة فليس ذلك لواحد منهما ولا يكون الطلب إلا للمرأة نفسها ولو عفاه سيد الأمة فطلبته كان ذلك لها دونه. قال الشافعي: وكل من حلف مول على يوم حلف أو أقل أو أكثر ولا نحكم بالوقف في الإيلاء إلا على من حلف على يمين يجاوز فيها أربعة أشهر فأما من حلف على أربعة أشهر أو أقل فلا يلزمه حكم الإيلاء لأن وقت الوقف يأتي وهو خارج من اليمين. وإنما قولنا: ليس بمول في الموضع الذي لزمته فيه اليمين ليس عليه حكم الإيلاء. قال الشافعي: ومن حلف بعتق رقيقه أن لا يقرب امرأته على الأبد: فمات رقيقه أو أعتقهم خرج من حكم الإيلاء لأنه لم يبق عليه شيء يحنث به. ولو باعهم خرج من حكم الإيلاء ما كانوا خارجين من ملكه فإذا عادوا إلى ملكه فهو مول لأنه يحنث لو جامعها. قال الربيع: وللشافعي قول آخر: أنه لو باع رقيقه ثم اشتراهم كان هذا ملكا حادثا ولا يحنث فيهم وهو أحب إلي. قال الشافعي: ولو حلف بطلاق امرأته أن لا يقرب امرأة له أخرى فماتت التي حلف بطلاقها أو طلقها ثلاثا خرج من حكم الإيلاء لأنه لا يحنث بطلاقها في هذا اليمين أبدا ولو طلقها كان خارجا من حكم الإيلاء ما لم تكن زوجته ولا عليها رجعة. وإذا كانت أقل من الثلاث وله عليها الرجعة أو نكحها بعد البينونة من واحدة أو اثنتين بالخروج من العدة أو الخلع فهو مول. قال الربيع: وللشافعي قول آخر في مثل هذا: أنها إذا خرجت من العدة من طلاق بواحدة أو اثنتين أو خالعها فملكت نفسها ثم تزوجها ثانية كان هذا النكاح غير النكاح الأول ولا حنث ولا إيلاء عليه. قال الشافعي ومن حلف أن لا يقرب امرأته أكثر من أربعة أشهر فتركته امرأته فلم تطلبه حتى مضى الوقت الذي حلف عليه فقد خرج من حكم الإيلاء لأن اليمين ساقطة عنه. قال: ولو قال لامرأة: إذا تزوجتك فوالله لا أقربك لم يكن موليا فإذا قربها كفر. ولو قال لامرأته: إذا كان غد فوالله لا أقربك أو إذا قدم فلان فوالله لا أقربك فهو مول من غد ومن يوم يقدم فلان وإن قال: إن أصبتك فوالله لا أصيبك لم يكن موليا حين حلف لأن له أن يصيبها مرة بلا حنث فإذا أصابها مرة كان موليا وإذا قال: والله لا أصيبك سنة إلا مرة لم يكن موليا من قبل أن له أن يصيبها مرة بلا حنث فإذا أصابها مرة كان موليا قال الربيع: إن كان بقي من يوم أصابها من مدة يمينه أكثر من أربعة أشهر فهو مول وإن لم يكن بقي عليه أكثر من أربعة أشهر سقط الإيلاء عنه قال الشافعي وإذا قال: والله لا أصيبك إلا إصابة سوء وإصابة ردية فإن نوى أن لا يغيب الحشفة في ذلك منها فهو مول. وإن
صفحة : 1993
أراد قليلة أو ضعيفة لم يكن موليا وإن أراد أن لا يصيبها إلا في دبرها فهو مول لأن الإصابة الحلال للطاهر في الفرج ولا يجوز في الدبر ولو قال: والله لا أصيبك في دبرك أبدا لم يكن موليا وكان مطيعا بتركه إصابتها في دبرها ولو قال: والله لا أصيبك إلى يوم القيامة أو لا أصيبك حتى يخرج الدجال أو حتى ينزل عيسى ابن مريم فإن مضت أربعة أشهر قبل أن يكون شيء مما حلف عليه وقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق. قال الربيع: وإذا قال: والله لا أقربك حتى أموت أو تموتي كان موليا من ساعته وكان كقوله: والله لا أقربك أبدأ لأنه إذا مات قبل أن يقربها أو ماتت لم يقدر أن يقربها. قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال: الإيلاء أن يحلف بالله على الجماع نفسه وذلك أن يحلف لا يمسها فأما أن يقول: لا أمسك ولا يحلف أو يقول قولا غليظا ثم يهجرها فليس ذلك بإيلاء. قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه في الإيلاء أن يحلف لا يمسها أبدا أو ستة أشهر أو أقل أو أكثر ونحو ذلك مما زاد على الأربعة الأشهر. قال الشافعي: ويلزم الإيلاء كل من إذا طلق لزمه الطلاق ممن تجب عليه الفرائض وذلك كل زوج بالغ غير مغلوب على عقله وسواء في ذلك الحر والعبد ومن لم تكمل فيه الحرية والذمي والمشرك غير الذمي رضيا بحكمنا. وإنما سويت بين العبد والحر فيه أن: الإيلاء يمين جعل الله تبارك وتعالى لها وقتا دل جل ثناؤه على أن على الزوج إذا مضى الوقت أن يفيء أو يطلق فكان العبد والحر في اليمين سواء. وكذلك يكونان في وقت اليمين وإنما جعلتها على الذمي والمشرك إذا تحاكما إلينا أن ليس لأحد أن يحكم بغير حكم الإسلام وأن الإيلاء يمين يقع بها طلاق أو فيئة في وقت فألزمناهموها. قال الشافعي: وكفارة العبد في الحنث الصوم ولا يجزئه غيره. وإذا كان الزوج ممن لا فرض عليه وذلك الصبي غير البالغ والمغلوب على عقله بأي وجه كانت الغلبة إلا السكران فلا إيلاء عليه ولا حنث لأن الفرائض عنه ساقطة وإذا آلى السكران من الخمر والشراب المسكر لزمه الإيلاء لأن الفرائض له لازمة لا تزول عنه بالسكر. وإن كان المغلوب على عقله يجن ويفيق فآلى في حال إفاقته لزمه الإيلاء وإن آلى في حال جنونه لم يلزمه. وإن قالت المرأة: آليت مني صحيحا وقال الزوج: ما آليت منك وإن كنت فعلت فإنما آليت مغلوبا على عقلي فالقول قوله مع يمينه. وإذا كان لا يعرف له جنون فقالت: آليت في فقال: آليت منك وأنا مجنون فالقول قولها وعليه البينة إذا لم يعلم ذهاب عقله في وقت يجوز أن
صفحة : 1994
يكون موليا فيه في وقت دعواها. ولو اختلفا فقالت: قد آليت مني وقال: لم أول. أو قالت: قد آليت ومضت أربعة أشهر وقال: قد آليت وما مضى إلا يوم أو أقل أو أكثر كان القول في ذلك قوله مع يمينه وعليها البينة وإذا قامت البينة فهو مول من يوم وقتت بينتها. ولو قامت له بينة بإيلاء وقتوا فيه غير وقتها كان موليا ببينتها وبينته وليس هذا اختلافا إنما هذا مول إيلاءين. قال الشافعي لا يلزم الإيلاء إلا زوجا صحيح النكاح فأما فاسد النكاح فلا يلزمه إيلاء. ولا يلزم الإيلاء إلا زوجة ثابتة النكاح أو مطلقة له وعليها رجعة في العدة. فإنها في حكم الأزواج فأما مطلقة لا رجعة له عليها في العدة فلا يلزمه إيلاء منها وإن آلى في العدة. وكذلك لا يلزمه إيلاء من مطلقة يملك رجعتها إذا كان إيلاؤه منها بعد مضي العدة لأنها ليست في معاني الأزواج إذا مضت عدتها. قال الشافعي رحمه الله: والإيلاء من كل زوجة مسلمة أوذمية أوأمة سواء لايختلف في شيء. الوقف قال الشافعي: وإذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر وقف وقيل له: إن فئت وإلا فطلق والفيئة الجماع إلا من عذر. ولو جامع في الأربعة الأشهر خرج من حكم الإيلاء وكفر عن يمينه. فإن قال: أجلني في الجماع لم أؤجله أكثر من يوم فإن جامع فقد خرج من حكم الإيلاء وعليه الحنث في يمينه فإن كان لها كفارة كفر. وإن قال: أنا أفيء فأجلني أكثر من يوم لم أؤجله ولا يتبين لي أن أؤجله ثلاثأ. ولو قاله قائل: كان مذهبا فإن فاء وإلا قلت له: طلق فإن طلق لزمه الطلاق وإن لم يطلق طلق عليه السلطان واحدة. وكذلك إن قال: أنا أقدر على الجماع ولا أفيء طلق عليه السلطان واحدة. فإن طلق عليه أكثر من واحدة كان ما زاد عليها باطلا وإنما جعلت له أن يطلق عليه واحدة لأنه كان على المولى أن يفيء أو يطلق فإذا كان الحاكم لا يقدر على الفيئة إلا به فإذا امتنع قدر على الطلاق عليه ولزمه حكم الطلاق كما نأخذ منه كل شيء وجب عليه أن يعطيه من حد وقصاص ومال وبيع وغيره إذا امتنع من أن يعطيه وكما يشهد على طلاقه فيطلق عليه وهو ممتنع من الطلاق جاحد له. قال: وإن قال: أنا أصبتها ثم جب قبل أربعة أشهر فلها الخيار مكانها في المقام معه أو فراقه وإن قال: أنا أصبتها فعرض له مكانه مرض يمنع الإصابة قلنا: فىء بلسانك ومتى أمكنك أن تصيبها وقفناك فإن أصبتها وإلا فرقنا بينك وبينها. ولو كان المرض عارضا لها حتى لا يقدر على أن يجامع مثلها لم يكن
صفحة : 1995
عليه سبيل ما كانت مريضة فإذا قدر على جماع مثلها وقفناه حتى يفيء أو يطلق. قال: ولو وقفناه فحاضت لم يكن عليه شيء حتى تطهر فإذا طهرت قيل له أصب أو طلق. قال: ولو أنها سألت الوقف فوقف فهربت منه أو أقرت بالامتناع منه لم يكن عليه الإيلاء حتى تحضر وتخلي بينه وبين نفسها فإذا فعلت فإن فاء وإلا طلق أو طلق عليه. ولو أنها طلبت الوقف فوقف لها فأحرمت مكانها بإذنه أو بغير إذنه فلم يأمرها بإحلال لم يكن عليه طلاق حتى تحل ثم يوقف فإما أن يفيء وإما أن يطلق. وهكذا لو ارتدت عن الإسلام لم يكن عليه طلاق حتى ترجع إلى الإسلام في العدة فإذا رجعت قيل له: فىء أو طلق وإن لم ترجع حتى تنقضي العدة بانت منه بالردة ومضي العدة. فال: وإذا كان منع الجماع من قبلها بعد مضي الأربعة الأشهر قبل الوقف أو معه لم يكن لها الزوج سبيل حتى يذهب منع الجماع من قبلها ثم يوقف مكانه لأن الأربعة الأشهر قد مضت. وإذا كان منع الجماع من قبلها في الأربعة الأشهر بشيء تحدثه غير الحيض الذي خلقه الله عز وجل فيها ثم أبيح الجماع من قبلها أجل من يوم أبيح أربعة أشهر كما جعل الله تبارك وتعالى له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم تكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا. قال: ولو كان آلى منها ثم ارتد عن الإسلام في الأربعة الأشهر أو ارتدت أو طلقها أو خالعها. ثم راجعها أو رجع المرتد منهما إلى الإسلام في العدة استأنفت في هذه الحالات كلها أربعة أشهر من يوم حل له الفرج بالمراجعة أو النكاح أو رجوع المرتد منهما إلى الإسلام ولا يشبه هذا الباب الأول لأنها في هذا الباب صارت محرمة كالأجنبية الشعر والنظر والجس والجماع وفي تلك الأحوال لم تكن محرمة بشيء غير الجماع وحده فأما الشعر والنظر والجس فلم يحرم منها وهكذا لو ارتدا معا قال الشافعي رحمه الله: ولو آلى من امرأته ثم طلق إحدى نسائه في الأربعة الأشهر ولم يدر أيتهن طلق فمضت أربعة أشهر فطلبت أن يوقف فقال: هي التي طلقت حلف للبواقي وكانت التي طلق ومتى راجعها فمضت أربعة أشهر وقفته أبدا حتى يمضي طلاق الملك كما وصفت. ولو مضت الأربعة الأشهر ثم طلبت أن يوقف فقال: لا أدري أهي التي طلقت أم غيرها قيل له: إن قلت: هي التي طلقت فهي طالق وإن قلت: ليست هي حلفت لها إن ادعت الطلاق ثم فئت أو طلقت. وان قلت: لا أدري. فأنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن طلقتها فهي طالق وإن لم تطلقها وحلفت أنها ليست التي طلقت أو صدقتك هي ففىء أو طلق. وإن أبيت ذلك
صفحة : 1996
كله طلق عليك بالإيلاء لأنها زوجة مولى منها عليك أن تفيء إليها أو تطلقها. فإن قلت: لا أدري لعلها حرمت عليك فلم تحرم بذلك عليك تحريما يبينها عليك وأنت مانع الفيئة والطلاق فتطلق عليك. فإن قامت بينة أنها التي طلقت عليك قبل طلاق الإيلاء سقط طلاق الإيلاء وإن لم تقم بينة لزمك طلاق الإيلاء وطلاق الإقرار معا ثم هكذا البواقي. قال: وإذا آلى وبينه وبين امرأته أكثر من أربعة أشهر فطلبت ذلك امرأته أو وكيل لها أمر بالفيء بلسانه والمسير إليها كما يمكنه وقيل: فإن فعلت وإلا فطلق. قال: وأقل ما يصير به فائيا أن يجامعها حتى تغيب الحشفة. وإن جامعها محرمة أو حائضا أو هو محرم أو صائم خرج من الإيلاء وأثم بالجماع في هذه الأحوال. ولو آلى منها ثم جن فأصابها في حال جنونه أو جنت فأصابها في حال جنونها خرج من الإيلاء وكفر إذا أصابها وهو صحيح وهي مجنونة ولم يكفر إذا أصابها وهو مجنون لأن القلم عنه مرفوع في تلك الحال. ولو أصابها وهي نائمة أو مغمى عليها خرج من الإيلاء وكفر. قال: وكذلك إذا أصابها أحلها لزوجها وأحصنها وإنما كان فعله فعلا بها لأنه يوجب لها المهر بالإصابة وإن كانت هي لا تعقل الإصابة فلزمها بهذا الحكم وأنه حق لها أداه إليها في الإيلاء كما يكون لو أدى إليها حقا في مال أو غيره برىء منه. ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 1997
طلاق المولي قبل الوقف وبعده قال الشافعي رحمه الله: وإذا أوقف المولي فطلق واحدة أو امتنع من الفيء بلا عذر فطلق عليه الحاكم واحدة فالتطليقة تطليقة يملك فيها الزوج الرجعة في العدة وإن راجعها في العدة فالرجعة ثابتة عليه والإيلاء قائم بحاله ويؤجل أربعة أشهر من يوم راجعها وذلك يوم يحل له فرجها بعد تحريمه فإن مضت أربعة أشهر وقف لها فإن طلقها أو امتنع من الفيئة من غير عذر فطلق عليه فالطلاق يملك الرجعة. وإن راجعها وهي في العدة فالرجعة ثابتة عليه فإن مضت أربعة أشهر من يوم راجعها وقف فإن طلق أو لم يفىء فطلق عليه فقد مضى الطلاق ثلاثا وسقط حكم الإيلاء فإن نكحت زوجا آخر وعادت إليه بنكاح بعد زوج لم يكن عليه حكم الإيلاء ومتى أصابها كفر. قال الشافعي: وهذا معنى القرآن لا يخالفه لأن الله تعالى جعل له إذا امتنع من الجماع بيمين أجل أربعة أشهر فلما طلق الأولى وراجع كانت اليمين قائمة كما كانت أولا فلم يجز أن يجعل له أجلا إلا ما جعل الله عز وجل له ثم هكذا في الثانية والثالثة. وهكذا لو آلى منها ثم طلقها واحدة أو اثنتين ثم راجعها في العدة ما كانت لم تصر أولى بنفسها منه. قال: وإذا طلقها فكانت أملك بنفسها منه بأن تنقضي عدتها أو يخالعها أو يولي منها قبل أن يدخل بها ثم يطلقها. فإذا فعل هذا ثم نكحها نكاحا جديدا بعد العدة أو قبلها سقط حكم الإيلاء عنه. وإنما سقط حكم الإيلاء عنه بأنها قد صارت لو طلقها لم يقع عليها طلاقه ولا يجوز أن يكون عليه حكم الإيلاء وهو لو أوقع الطلاق لم يقع. وكذلك يكون بعد لو طلقها ثلاثا بهذه العلة ولو جاز أن تبين امرأة المولي منه حتى تصير أملك بنفسها منه ثم ينكحها فيعود عليه حكم الإيلاء إذا نكحها جاز هذا بعد طلاق الثلاث وزوج غيره لأن اليمين قائمة بعينها يكفر إذا أصابها وكانت قائمة قبل الزوج. وهكذا الظهار مثل الإيلاء لا يختلفان. قال الربيع: والقول الثاني: أنه يعود عليه الإيلاء ما بقي من طلاق الثلاث شيء. قال الشافعي: وإذا بانت امرأة المتظهر منه ولم يحبسها بعد الظهار ساعة ثم نكحها نكاحا جديدا لم يعد عليه التظهر لأنه لم يلزمه في الملك الذي تظهر منها كفارة. ولو حبسها بعد التظهر ساعة ثم بانت منه لزمة التظهر لأنه قد عاد لما قال وكذلك لو ماتت في الوجهين معا قال الشافعي وإنما جعلت عليه الكفارة لأنها يمين لزمته. ألا ترى أنه لو حلف لا يصيب غير امرأته فأصابها كانت عليه كفارة مع المأثم بالزنا.
صفحة : 1998
إيلاء الحر من الأمة والعبد من امرأته وأهل الذمة والمشركين قال الشافعي وإيلاء الحر من امرأته الأمة والحرة سواء. فإن آلى من امرأته وهي أمة ثم اشتراها سقط الإيلاء بانفساخ النكاح فإن خرجت من ملكه ثم نكحها أمة أو حرة لم يعد الإيلاء لأن ملكه هذا غير الملك الذي آلى فيه. وهكذا العبد يولي من امرأته حرة أو أمة فتملكه سقط الإيلاء بانفساخ النكاح فإن عتق فنكحها أو خرج من ملكها فنكحها لم يعد الإيلاء ولو أن الحر المشتري لامرأته الأمة بعد الإيلاء منها أصابها بالملك كفر إذا كانت يمينه: والله لا أقربك وإن لم يصبها لم يكن عليه وقف إذا كانت إصابته بالملك كما لو آلى من أمته لم يكن موليا لأن الله تبارك وتعالى إنما جعل الإيلاء من الأزواج فإن خرجت من ملكه ثم نكحها لم يعد عليه الإيلاء لأنه قد حنث به مرة ولو كان قد قال لها: والله لا أقربك وأنت زوجة لي ثم ملكها فأصابها بالملك لم يحنث ومتى نكحها نكاحا جديدا غير النكاح الذي آلى فيه لم يعد عليه الإيلاء. وهكذا العبد يولي من امرأته ثم تملكه ثم ينكحها. وهكذا لو كانت امرأة أحدهما أمة فارتدت فانفسخ النكاح ثم نكحته بعد لا يعود الإيلاء إذا حرم عليه نكاحها لأن هذا غير النكاح الذي آلى منه. قال: وإذا حلف العبد بالله أو بما لزمه فيه يمين من تبرر كان موليا وإن حلف بكل شيء له في سبيل الله أو بعتق مماليكه أو صدقة شيء من ماله لم يكن موليأ لأنه لا يملك شيئا وكذلك المدبر والمكاتب ولو حلف المعتق بعضه بصدقة شيء من ماله لزمه الإيلاء لأنه له ما كسب في يومه. قال الشافعي: والذمي كالمسلم فيما يلزمه من الإيلاء إذا حاكم إلينا لأن الإيلاء يمين يلزمه وطلاقه كطلاق المسلم. وكذلك يلزمه من اليمين ما يلزم المسلمين. ألا ترى أنه لو أعتق عبده أو أصاب امرأته ألزمناه الإيلاء لأن العتق حق لغيره وإن لم يؤجر فيه. وإن أعتق عبده تبررا ألزمناه وإن لم يؤجر فيه في حاله تلك فكذلك ما سواه وفرض الله عز وجل على العباد واحد. فإن قيل: هو إن تصدق على المساكين لم يكفر عنه قيل: وهكذا إن حد في زنا لم يكفر بالحد عنه والحدود للمسلمين كفارة للذنوب ونحن نحده إذا زنى وأتانا راضيا بحكمنا وحكم الله عز وجل على العباد واحد وإنما حددناه لأن رسول الله ﷺ رجم يهوديين زنيا بما أمره الله تعالى به أن يحكم بينهم بما أنزل الله.
صفحة : 1999
الإيلاء بالألسنة قال الشافعي: إذا كان لسان الرجل غير لسان العرب فآلى بلسانه فهو مول. وإذا تكلم بلسانه بكلمة تحتمل الإيلاء وغيره كان العربي يتكلم بالكلمة وتحتمل معنيين ليس ظاهرهما الإيلاء فيسأل فإن قال: أردت الإيلاء فهو مول وإن قال: لم أرد الإيلاء فالقول قوله مع يمينه إن طلبته امرأته وإن كان عربيا يتكلم بألسنة العجم أو بعضها فآلى فأي لسان منها آلى به فهو مول. وإن قال: لم أرد الإيلاء دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدان في الحكم. وإن كان عربيا لا يتكلم بأعجمية فتكلم بإيلاء ببعض ألسنة العجم فقال: ما عرفت ما قلت. وما أردت إيلاء فالقول قوله مع يمينه وليس حاله كحال الرجل يعرف بأنه يتكلم بلسان من ألسنة العجم ويعقله. وهكذا الأعجمي يولي بالعربية إذا كان يعرف الإيلاء بالعربية لم يصدق في الحكم على أن يقول: لم أرد الإيلاء وإن كان لا يعرف العربية صدق في الحكم. وإذا آلى الرجل من امرأته ثم قال: لم أرد ايلاء ولكن سبقني لساني لم يدن في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. إيلاء الخصي غير المجبوب والمجبوب قال الشافعي رحمه الله: وإذا آلى الخصي غير المجبوب من امرأته فهو كغير الخصي. وهكذا لو كان مجبوبا قد بقي له ما يبلغ به من المرأة ما يبلغ الرجل حتى تغيب حشفته كان كغير الخصي في جميع أحكامه. وإذا آلى الخصي المجبوب من امرأته قيل له: فىء بلسانك لا شيء عليه غيره لأنه ممن لا يجامع مثله وإنما الفيء الجماع وهو ممن لا جماع عليه. قال: ولو تزوج رجل امرأة ثم آلى منها ثم خصي ولم يجب كان كالفحل ولو جب كان لها الخيار مكانها في المقام معه أو فراقه فإن اختارت المقام معه قيل له: إذا طلبت الوقف ففىء بلسانك لأنه ممن لا يجامع قال الربيع: إن اختارت فراقه فالذي أعرف للشافعي أنه يفرق بينهما وإن اختارت المقام معه فالذي أعرف للشافعي أن امرأة العنين إذا اختارت المقام معه بعد الأجل أنه لا يكون لها خيار ثانية والمجبوب عندي مثله. قال الشافعي رحمه الله: وإذا آلى العنين من امرأته أجل سنة ثم خيرت إلا أن يطلقها عند الأربعة الأشهر فإن طلقها ثم راجعها في العدة عاد الإيلاء عليه وخيرت عند ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
صفحة : 2000
إيلاء الرجل مرارا قال الشافعي: وإذا آلى الرجل من امرأته فلما مضى شهران أو أكثر أو أقل آلى منها مرة أخرى وقف عند الأربعة الأشهر الأولى فإما أن يفيء وإما أن يطلق فإن فاء حنث في اليمين الأولى واليمين الثانية ولم يعد عليه الإيلاء لأنه قد حنث في اليمينين معا وإن أراد باليمين الثانية والأولى فكفارة واحدة وإن أراد يمينا عليه غيرها. فأحب إلي أن لو يكفر كفارتين وقد قيل: كفارة واحدة تجزئه لأنهما يمينان في شيء واحد وهكذا لو آلى منها فلما مضت أربعة أشهر آلى ثانية قبل يوقف أو يطلق ولكنه لو آلى فوقف فطلق طلاقا يملك الرجعة ثم آلى في العدة ثم ارتجع أو فاء ثم آلى إيلاء آخر كان عليه إيلاء مستقبل. قال: وإذا آلى الرجل من امرأته فحيل بينه وبينها بأمر ليس من قبله قبل أن يكمل أربعة أشهر ثم قدر عليها استؤنف له أربعة أشهر كما جعل الله عز وجل له أربعة أشهر متتابعة فإذا لم تكمل له حتى يمضي حكمها استؤنفت له متتابعة كما جعلت له أولا وذلك مثل أن تحبس فلا يقدر عليها. ومثل أن يكون آلى منها صبية لا يقدر على جماعها بحال أو مضناة من مرض لا يقدر على جماعها بحال وإذا صارتا في حد من يجامع مثله وقف لهما بعد أربعة شهر من يوم يقدر على جماعهما فإن فاء وإلا طلق وإن أبى طلق عليه. قال: وإن كانت مريضة يقدر على جماعها بحال أو صبية يجامع مثلها فهي كالصحيحة البالغ. وسواء آلى من بكر أو ثيب ولا فيئة في البكر إلا بذهاب العذرة ولا في الثيب إلا بمغيب الحشفة. وإذا كان الحبس عن الجماع في الأربعة الأشهر لا بسبب المرأة ولا منها ولا أنها حرمت عليه كما تحرم الأجنبية إلا بحال يحدثها فالإيلاء له لازم ولا يزاد على أربعة أشهر شيئأ فإذا مضت الأربعة الأشهر وقف حتى يطلق أو يفيء فيء جماع أو فيء معذور. وذلك مثل أن يؤلي فيمرض هو أربعة أشهر فإذا مضت وقف فإن كان يقدر على الجماع بحال فلا فيء له إلا فيء الجماع وإن كان لا يقدر عليه فاء بلسانه. ومثل أن يؤلي فيحبس أو يؤلي وهو محبوس فإذا مضت أربعة أشهر وهو يقدر على الجماع بحال فاء أو طلق وإن لم يقدر على الجماع بحال للحبس فاء بلسانه. قال الشافعي رحمه الله: ومن قلت له: فىء بلسانك فإذا قدر على الجماع بحال وقفته مكانه فإن فاء وإلا طلق أو طلق عليه ولا أؤجله إلى أجل الصحيح إذا وقفته بعد أربعة أشهر. قال: وإذا آلى فغلب على عقله فإذا مضت أربعة أشهر لم يوقف حتى يرجع إليه عقله فإن عقل بعد الأربعة الأشهر وقف مكانه
صفحة : 2001
فإما أن يفيء وإما أن يطلق وإذا آلى الرجل من امرأته ثم أحرم قيل له: إذا مضت أربعة أشهر فإن فئت فسد إحرامك وخرجت من حكم الإيلاء وإن لم تفىء طلق عليك لأنك أحدثت منع الجماع. وإن آلى ثم تظاهر وهو يجد الكفارة فإذا مضت أربعة أشهر وقف فقيل له: أنت أدخلت منع الجماع على نفسك فإن فئت فأنت عاص بالإصابة وأنت متظاهر وليس لك أن تطأ قبل الكفارة وإن لم تفىء فطلق أو يطلق عليك. وهكذا لو تظاهر ثم آلى لأن ذلك كله جاء منه لا منها ولم تحرم. اختلاف الزوجين في الإصابة قال الشافعي رحمه الله: وإذا وقفنا المولي فقال: قد أصبتها وقالت: لم يصبني فإن كانت ثيبا فالقول قوله مع يمينه لأنها تدعي ما تكون به الفرقة التي هي إليه. وإن كانت بكرا أريها النساء فإن قلن: هي بكر فالقول قولها مع يمينها وإذا قالت: قد أصابني وإنما أدخله بيده حتى غيب الحشفة فذلك فيء إن صدقها. قال الربيع: وإن غلبته على نفسه حتى أدخلته بيدها فقد فاء وسقط عنه الإيلاء ولا كفارة عليه لأنه مكره قال الشافعي وإن وقف بأنها سألت وقفه فادعى إصابتها في الأربعة الأشهر وأنكرت فالقول فيها كالقول إذا وقفناه بعد أربعة أشهر يصدق إن. كانت ثيبا وتصدق هي إن كانت بكرا. ID ' ' يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
صفحة : 2002
من يجب عليه الظهار ومن لا يجب عليه أخبرنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور . قال الشافعي: فكل زوج جاز طلاقه وجرى عليه الحكم من بالغ غير مغلوب على عقله وقع عليه الظهار سواء كان حرا أو عبدا أو من لم تكمل فيه الحرية أو ذميا من قبل أن أصل الظهار كان طلاق الجاهلية فحكم الله تعالى فيه بالكفارة فحرم الجماع على المتظاهر بتحريمه للظهار حتى يكفر وكل هؤلاء ممن يلزمه الطلاق ويحرم عليه الجماع بتحريمه إذا كانوا بالغين غير مغلوبين على عقولهم قال: وظهار كل واحد من هؤلاء يقع على زوجته دخل بها أو لم يدخل بها صغيرة كانت أو كبيرة يحل جماعها ويقدر عليه أو لا يحل ولا يقدر عليه بأن تكون حائضأ أو محرمة أو رتقاء أو صغيرة لا يجامع مثلها أو خارجة من هذا كله قال: ولو تظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها فسد النكاح والظهار بحاله لا يقربها حتى يكفر من قبل أن الظهار لزمه وهي زوجة وإذا تظاهر السكران لزمه الظهار فأما المغلوب على عقله بغير سكر فلا يلزمه. وإذا تظاهر الأخرس وهو يعقل الإشارة أو الكتابة لزمه الظهار وإذا تظاهر من امرأته ثم قال لامرأة له أخرى: قد أشركتك معها أو قال: أنت مثلها أو ما أشبه هذا يريد به الظهار فإن عليه فيها مثل ما عليه في التي تظاهر منها وهو ظهار فإن لم يرد به ظهارا ولا تحريما فليس بظهار ولا شيء عليه. وإذا قال لامرأة له: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله فليس بظهار. ولو قال: إن شاء فلان فليس بظهار حتى يعلم أن فلانا قد شاء. وإذا تظاهر الرجل من امرأته ثم تركها أكثر من أربعة أشهر فهو متظاهر ولا إيلاء عليه يوقف له لأن الله تعالى قد حكم في الظهار غير حكمه في الإيلاء فلا يكون المتظاهر موليا ولا المولي متظاهرا بأحد القولين ولا يكون عليه بأحدهما إلا أيهما جعل على نفسه لأنه مطيع لله تعالى بترك الجماع في الظهار عاص لو جامع قبل أن يكفر وعاص ضرارا ولا يحكم الإيلاء بالضرار ويأثم لو تركها الدهر بلا يمين يريد ضرارا ولا يحكم عليه حكم الإيلاء ولا يحال عما أنزل الله تبارك وتعالى فيه. ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
صفحة : 2003
الظهار قال الشافعي رحمه الله: قال الله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قال الشافعي سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يذكر: أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاثة: الظهار والإيلاء والطلاق فأقر الله تعالى الطلاق طلاقا وحكم في الإيلاء بأن أمهل المولي أربعة أشهر ثم جعل عليه أن يفيء أو يطلق وحكم في الظهار بالكفارة. فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها أو يريد تحريمها بلا طلاق فلا يقع به طلاق بحال وهو متظاهر. وكذلك إن تكلم بالظهار ولا ينوي شيئا فهو متظاهر لأنه متكلم بالظهار ويلزم الظهار من لزمه الطلاق ويسقط عمن سقط عنه. وإذا تظاهر الرجل من امرأته قبل أن يدخل بها أو بعد ما دخل بها فهو متظاهر وإذا طلقها فكان لا يملك رجعتها في العدة ثم تظاهر منها لم يلزمه الظهار وإذا طلق امرأتيه فكان يملك رجعة إحداهما ولا يملك رجعة الأخرى فتظاهر منهما في كلمة واحدة لزمه الظهار من التي يملك رجعتها ويسقط عنه من التي لا يملك رجعتها. قال الشافعي وإذا تظاهر من أمته أم ولد كانت أو غير أم ولد لم يلزمه الظهار لأن الله عز وجل يقول: والذين يظاهرون من نسائهم وليست من نسائه ولا يلزمه الإيلاء ولا الطلاق فيما لا يلزمه الظهار وكذلك قال الله تبارك وتعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فلو آلى من أمته لم يلزمه الإيلاء وكذلك قال: والذين يرمون أزواجهم وليست من الأزواج فلو رماها لم يلتعن لأنا عقلنا عن الله عز وجل أنها ليست من نسائنا وإنما نساؤنا أزواجنا ولو جاز أن يلزم واحدا من هذه الأحكام لزمها كلها لأن ذكر الله عز وجل لها واحد. قال الشافعي رحمه الله: والظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. فإذا قال لها: أنت مني كظهر أمي أو أنت معي أو ما أشبه هذا كظهر أمي فهو ظهار. وكذلك لو قال لها: فرجك أو رأسك أو بدنك أو ظهرك أو جلدك أو يدك أو رجلك علي كظهر أمي كان هذا ظهارا وكذلك لو قال: أنت أو بدنك علي كظهر أمي أو كبدن أمي أو كرأس أمي أو كيدها أو كرجلها كان هذا ظهارأ لأن التلذذ بكل أمه محرم عليه كتحريم التلذذ بظهرها. قال: وإذا قال لأمرأته: أنت علي كظهر أختي أو كظهر امرأة محرمة عليه من نسب أو رضاع قامت
صفحة : 2004
في ذلك مقام الأم. أما الرحم فإن ما يحرم عليه من أمه يحرم عليه منها وأما الرضاع فإن النبي ﷺ قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فأقام النبي ﷺ الرضاع مقام النسب فلم يجز أن يفرق بينهما. قال الربيع: معنى قول الشافعي إن الله عز وجل نسب الظهار إلى الأم فقال عز من قائل: الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم فكل ما كان محرما على المرء كما تحرم الأم فظاهر من امرأته فنسبه إلى من تحرم عليه كحرمة الأم لزمه الظهار وذلك مثل أن يقول: أنت علي كظهر أختي ولم تزل أخته محرمة عليه لم تحل له قط فكان بذلك متظاهرا قال الربيع: فإن قال: أنت علي كظهر أجنبية لم يكن مظاهرا من قبل أن الأجنبية وإن كانت في هذا الوقت محرمة فهي تحل له لو تزوجها والأم لم تكن حلالا قط له ولا تكون حلالا أبدا فإن قال: أنت علي كظهر أختي من الرضاعة فإن كانت قد ولدت قبل أن ترضعه أمها فقد كانت قبل أن يكون الرضاع حلالا له ولا يكون مظاهرا بها. وليست مثل الأخت من النسب التي لم تكن حلالا قط له وهذه قد كانت حلالا له قبل أن ترضعه أمها فإن كانت أمها قد أرضعته قبل أن تلدها فهذه لم تكن قط حلالا له في حين لأنها ولدتها بعد أن صار ابنها من الرضاعة. قال الربيع: وكذلك امرأة أبيه فإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر امرأة أبي فإن كان أبوه قد تزوجها قبل أن يولد فهو مظاهر من قبل أنها لم تكن له حلالا قط ولم يولد إلا وهي حرام عليه وإن كان قد ولد قبل أن يتزوجها أبوه فقد كانت في حين حلالا له فلا يكون بها متظاهرا قال الشافعي رحمه الله: وإن قال: أنت علي كظهر امرأة أبي أو امرأة ابني أو امرأة رجل سماه أو امرأة لاعنها أو امرأة طلقها ثلاثا لم يكن ظهارا من قبل أن هؤلاء قد كن وهن يحللن له. وإن قال: أنت علي كظهر أبي أو ابني لم يكن ظهارأ من قبل أن ما يقع على النساء من تحريم وتحليل لا يقع على الرجال. قال: وإن قالت امرأة رجل له: أنت علي كظهر أبي أو أمي لم يكن ظهارا ولا عليها كفارة من قبل أنه ليس لها أن توقع التحريم على رجل إنما للرجل أن يوقعه عليها قال الشافعي ويلزم الظهار من الأزواج من لزمه الطلاق ويلزم بما يلزم به الطلاق من الحنث لأن فيه تحريما للمرأة حتى يكفر فإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي فدخلت الدار كان متظاهرا حين دخلت. وكذلك إن قال: إن قدم فلان أو نكحت فلانة ولو قال لامرأة لم ينكحها: إذا نكحتك فأنت علي كظهر أمي فنكحها لم يكن متظاهرا لأنه لو قال في تلك الحال: أنت علي كظهر
صفحة : 2005
أمي لم يكن متظاهرا لأنه إنما يقع التحريم من النساء على من حل ثم حرم فأما من لم يحل فلا يقع عليه تحريم ولا حكم تحريم لأنه محرم فلا معنى للتحريم في التحريم لأنه في الحالين قبل التحريم وبعده محرم بتحريم. قال الشافعي ويروى مثل معنى ما قلت عن النبي ﷺ ثم عن علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيرهم وهو القياس وإذا قال: أنت علي كظهر أمي يريد طلاقا واحدا أو ثلاثا أو طلاقا بلا نية عدد لم يكن طلاقا لما وصفت من حكم الله عز وجل في الظهار. وأن بينا في حكم الله تعالى أن ليس الظهار اسم الطلاق ولا ما يشبه الطلاق مما ليس لله تبارك وتعالى فيه نص حكم ولا لرسول الله ﷺ وما كان خارجا من هذا مما يشبه الطلاق فإنما يكون قياسا على الطلاق وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق كظهر أمي يريد الظهار فهي طالق ولا ظهار عليه لأنه صرح بالطلاق ولم يكن لكظهر أمي معنى إلا أنك حرام بالطلاق وكظهر أمي محال لا معنى له فلزمه الطلاق وسقط الظهار. وهكذا إن قال: أنت علي حرام كظهر أمي يريد الطلاق فهو طلاق وإن لم يرد الطلاق فهو متظاهر. وإن قال لامرأته: أنت علي حرام كظهر أمي ثم قال لأخرى من نسائه: قد أشركتك معها أو أنت مثلها أو أنت كهي أو ما أشبه هذا لا يريد به ظهارأ لم يلزمه ظهار لأنها تكون شريكتها ومعها ومثلها في أنها زوجة له كهي وعاصية له كهي ومطيعة له كهي وما أشبه هذا مما ليس بظهار. قال: وإذا تظاهر الرجل من أربع نسوة له بكلمة واحدة أو بكلام متفرق فسواء وعليه في كل واحدة منهن كفارة لأن التظاهر تحريم لكل واحدة منهن لا تحل له بعد حتى يكفر كما يطلقهن معا في كلمة واحدة أو كلام متفرق فتكون كل واحدة منهن طالقا وإذا تظاهر الرجل من امرأته مرتين أو ثلاثا أو أكثر يريد بكل واحدة منهن ظهارا غير صاحبه قبل فعليه في كل تظاهر كفارة كما يكون عليه في كل تطليقة تطليقة لأن التظاهر طلاق جعل المخرج منه كفارة. ولو قالها متتابعة فقال: أردت ظهارا واحدا كان واحدا كما يكون لو أراد طلاقا واحدا وإبانة بكلمة واحدة. وإذا تظاهر من امرأته ثم كفر ثم تظاهر منها مرة أخرى كفر مرة أخرى. ولو قال لامرأته: إذا تظاهرت من فلانة امرأة له أخرى فأنت علي كظهر أمي فتظاهر منها كان من امرأته التي قال لها ذلك متظاهرا ولو قال لامرأته: إذا تظاهرت من فلانة امرأة أجنبية فأنت علي كظهر أمي فتظاهر من الأجنبية لم يكن عليه ظهار لأن ذلك ليس بظهار. وكذلك لو قال لها: إذا طلقتها فأنت طالق فطلقها لم تكن امرأته طالقا لأنه طلق غير
صفحة : 2006
كأمي أو أنت مثل أمي أو أنت عدل أمي وأراد في الكرامة فلا ظهار وإن أراد ظهارا فهو ظهار وإن قال: لا نية لي فليس بظهار. متى نوجب علي المظاهر الكفارة قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة الآية. قال الشافعي الذي علقت مما سمعت في: يعودون لما قالوا أن المتظاهر حرم مس امرأته بالظهار فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق. الذي يحرم به ولا شيء يكون له مخرج من أن تحرم عليه به فقد وجب عليه كفارة الظهار. كأنهم يذهبون إلى أنه إذا أمسك ما حرم على نفسه أنه حلال فقد عاد لما قال: فخالفه فأحل ما حرم. ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ولم أعلم مخالفا في أن عليه كفارة الظهار وإن لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال لما لم أعلم مخالفا: في أنه ليس بمعنى الآية وإذا حبس المتظاهر امرأته بعد الظهار قدر ما يمكنه أن يطلقها ولم يطلقها فكفارة الظهار له لازمة ولو طلقها بعد ذلك أو لاعنها فحرمت عليه على الأبد لزمته كفارة الظهار. وكذلك لو ماتت أو ارتدت فقتلت على الردة. ومعنى قول الله تعالى: من قبل أن يتماسا وقت لأن يؤدي ما أوجب عليه من الكفارة فيها قبل المماسة فإذا كانت المماسة قبل الكفارة فذهب الوقت لم تبطل الكفارة ولم يزد عليه فيها كما يقال له: أد الصلاة في وقت كذا وقبل وقت كذا فيذهب الوقت فيؤديها لأنها فرض عليه فإذا لم يؤدها في الوقت أداها قضاء بعده ولا يقال له: زد فيها لذهاب الوقت قبل أن تؤديها قال: وهكذا لو كانت إمرأته معه فأصابها قبل أن يكفر واحدة من الكفارات أو كفر بالصوم فأصاب في ليل الصوم لم ينتقض صومه ومضى على الكفارة. ولو تظاهر منها ثم مات مكانه أو ماتت مكانها قبل أن يمكنه أن يطلق لم يكن عليه ظهار. ولو تظاهر منها فأتبع التظاهر طلاقا تحل له بعده قبل زوج له عليها فيه الرجعة أو لا رجعة له لم يكن عليه بعد الطلاق كفارة لأنه أتبعها الطلاق مكانه فإن راجعها في العدة فعليه الكفارة في التي يملك رجعتها ولو طلقها ساعة نكحها لأن مراجعتها بعد الطلاق أكثر من حبسها بعد الظهار وهو يمكنه أن يطلقها ولو تظاهر منها ثم أتبعها طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم نكحها لم تكن عليه كفارة لأن هذا ملك غير الملك الأول الذي كان فيه الظهار. ألا ترى أنه لو تظاهر منها بعد طلاق لا يملك فيه الرجعة لم يكن فيه متظاهرأ ولو طلقها ثلاثا أو طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره سقط عنه
صفحة : 2007
الظهار ولو نكحها بعد زوج لم يكن متظاهرأ لما وصفت وبأن طلاق ذلك الملك قد مضى وحرمت ثم نكحها فكانت مستأنفة حكمها حكم من لم تنكح قط إذا سقط الطلاق سقط ما كان في حكمه وأقل من ظهار وإيلاء. ولو تظاهر منها ثم لاعنها مكانه بلا فصل كانت فرقة لها يفرق بينهما وسقط الظهار ولو حبسها بعد الظهار قدر ما يمكنه اللعان فلم يلاعن كانت عليه كفارة الظهار لاعن أو لم يلاعن وإذا تظاهر المسلم من امرأته ثم ارتد أو ارتدت مع الظهار فإن عاد المرتد منهما إلى الإسلام في العدة فحبس قدر ما يمكنه الطلاق لزمه الظهار وإن طلقها مع عودة المرتد منهما إلى الإسلام أو لم يعد المرتد منهما إلى الإسلام فلا ظهار عليه إلا أن يتناكحا قبل أن تبين منه بثلاث فيعود عليه الظهار وإذا تظاهر الرجل من امرأته وهي أمة ثم عتقت فاختارت فراقه فالظهار لازم له لأنه حبسها بعد الظهار مدة يمكنه فيها الطلاق ولو تظاهر منها وهي أمة فلم يكفر حتى اشتراها لم يكن له أن يقربها حتى يكفر لأن كفارة الظهار لزمته وهي أمة زوجة. وإذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي إن شاء الله لم يكن ظهارأ. وإن قال: إن شاء فلان لم يكن ظهارا حتى يشاء فلان. وكذلك إن شئت فلم تشأ فليس بظهار. وإن شاءت فظهار. واذا قال الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي والله لا أقربك أو قال: والله لا أمر بك وأنت علي كظهر أمي فهو مول متظاهر يؤمر بأن يكفر للظهار من ساعته ويقال له: إن قدمت الفيئة قبل الأربعة الأشهر فهو خير لك وإن فئت كنت خارجا بها من حكم الإيلاء وعاصيا إن قدمتها قبل كفارة الظهار فإن أخرتها إلى أن تمضي أربعة أشهر فسألت امرأتك أن توقف للإيلاء وقفت فإن فئت خرجت من الإيلاء وإن لم تفىء قيل لك: طلق وإلا طلقنا عليك ثم هكذا كلما راجعت في العدة فمضت أربعة أشهر توقف كما يوقف من لا ظهار عليه من قبل أن الحبس عن الجماع جاء من قبلك بأمر أدخلته على نفسك قدمت الإيلاء قبل الظهار أو الظهار قبل الإيلاء وإذا قال عند الوقوف: أنا أكفر قيل: أعتق مكانك أو أطعم إن كنت ممن له أن يطعم وفىء ولا نمهلك أكثر مما يمكنك ذلك فإن كنت مريضا ففيأتك باللسان وإن قلت: أصوم قلنا: ذلك شهران وإنما أمرت بعد الأشهر بأن تفيء أو تطلق ولا يجوز أن نجعل لك سنة فإن قال: أمهلني بالعتق والإطعام. قيل: ما أمهلك به إلا ما أمهلك إذا لم يكن عليك ظهار والفيئة في اليوم وما أشبهه. ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 2008
باب عتق المؤمنة في الظهار قال الله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا وجبت كفارة الظهار على الرجل وهو واجد لرقبة أو ثمنها لم يجزه فيها إلا تحرير رقبة ولا تجزئه رقبة على غير دين الإسلام لأن الله عز وجل يقول في القتل: فتحرير رقبة مؤمنة وكان شرط الله تعالى في رقبة القتل إذا كانت كفارة كالدليل والله تعالى أعلم على أن لا يجزىء رقبة في الكفارة إلا مؤمنة كما شرط الله عز وجل العدل في الشهادة في موضعين وأطلق الشهود في ثلاثة مواضع فلما كانت شهادة كلها اكتفينا بشرط الله عز وجل فيما شرط فيه واستدللنا على أن ما أطلق من الشهادات إن شاء الله تعالى على مثل معنى ما شرط وإنما رد لله عز ذكره أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين فمن أعتق في ظهار غير مؤمنة فلا يجزئه وعليه أن يعود فيعتق مؤمنة قال: وأحب إلي أن لا يعتق إلا بالغة مؤمنة فإن كانت أعجمية فوصفت الإسلام أجزأته أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله إن جارية لي كانت ترعى غنمأ لي فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت: أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فقال لها رسول الله ﷺ أين الله فقالت: في السماء فقال: من أنا فقالت: أنت رسول الله قال: فأعتقها . قال عمر بن الحكم أشياء يا رسول الله كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان فقال النبي ﷺ لا تأتوا الكهان فقال عمر: وكنا نتطير فقال: إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم قال الشافعي رحمه الله تعالى: اسم الرجل معاوية بن الحكم كذلك روى الزهري ويحيى بن أبي كثير قال الشافعي وإذا أعتق صبية أحد أبويها مؤمن أجزأت عنه إن شاء الله تعالى لأنا نصلي عليها ونورثها ونحكم لها حكم الإيمان. وإن أعتق مرتدة عن الإسلام لم تجزىء ولو رجعت بعد عتقه إياها إلى الإسلام لأنه أعتقها وهي غير مؤمنة. وإن ولدت خرساء على الإيمان وكانت تشير به وتصلي أجزأت عنه إن شاء الله تعالى وإن جاءتنا من بلاد الشرك مملوكة خرساء فأشارت بالإيمان وصلت وكانت إشارتها تعقل فأعتقها أجزأت إن شاء الله تعالى وأحب إلي أن لا يعتقها إلا أن لا تتكلم بالإيمان. وإن سبيت صبية مع أبويها كافرين فعقلت ووصفت الإسلام إلا
صفحة : 2009
أنها لم تبلغ فأعتقها عن ظهاره لم تجزىء حتى تصف الإسلام بعد البلوغ فإذا فعلت فأعتقها أجزأت عنه. وإذا وصفت الإسلام بعد البلوغ فأعتقها مكانه أجزأت عنه. ووصفها الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدأ رسول الله وتبرأ مما خالف الإسلام من دين فإذا فعلت فهذا كمال وصف الإسلام وأحب إلي لو امتحنها بالإقرار بالبعث بعد الموت وما أشبهه. من يجزيء من الرقاب إذا أعتق ومن لا يجزيء قال الشافعي رحمه الله: لا يجزىء في ظهار ولا رقبة واجبة رقبة تشترى بشرط أن تعتق لأن ذلك يضع من ثمنها ولا يجزىء فيها مكاتب أدى من نجومه شيئا أو لم يؤد لأنه ممنوع من بيعه فإذا عجز المكاتب أو أختار العجز فأعتق بعد عجزه أو اختياره العجز أجزأه. ولا تجزىء أم الولد في قول من لا يبيعها وتجزىء في قول من يرى للسيد بيعها ويجزىء المدبر لأنه يباع وكذلك يجزىء المعتق إلى أجل وإن أعتق عبدأ له مرهونأ أو جانيأ جناية فأدى الرهن أو الجناية أجزأ عنه. وإن أعتق ما في بطن أمته عن ظهاره أو رقبة لزمته ثم ولدته تاما لم يجزه لأنه أعتقه ولا يدري أيكون أو لا يكون ولا يجزىء من العتق إلا عتق من صار إلى الدنيا. وإن أعتق عبدأ له غائبأ فأثبت أنه كان حيا يوم وقع العتق أجزأ عنه وإن لم يثبت ذلك لم يجزىء عنه لأنه على غير يقين من أنه أعتق لأن العتق لا يكون إلا لحي. وإن وجبت عليه رقبة فاشترى من يعتق عليه عتق عليه إذا ملكه وكان عتقه وصمته سواء ساعة يملكه يعتق عليه ولا يجزئه عتقه وبأي وجه ملك عبدأ له يثبت له عليه الرق فأعتقه بعد الملك أجزأ عنه. ولو كان عبد بين رجلين فأعتقه أحدهما وهو موسر ينوي أن يكون حرأ عن ظهاره أجزأه من قبل أنه لم يكن لشريكه أن يعتق ولا يرد عتقه. ولو كان معسرا فأعتقه عن ظهاره فعتق نصفه ثم ملك نصفه بعد ما أعتقه عن ظهاره أجزأه لأنه أعتق رقبة تامة عن ظهاره. ولو كان قال لعبيد له: أو لكم يدخل هذه الدار فهو حر ثم أمر أحدهم أن يدخل الدار ونوى أن يعتق بالحنث عن ظهار لم يجزه إذا دخل الدار فعتق عليه لأنه يعتق بالحنث بكل حال ويمنع من بقي من رقيقه أن يعتق بحنث. ولو قال له رجل: لك علي عشرة دنانير على أن تعتق عبدك فأعتقه عن ظهاره وأخذ العشرة لم يجزه لأنه أخذ عليه جعلا ولو أخذ الجعل وأعتقه ثم رده لم يجزه ولو أخذ الجعل أولا ثم أعتقه عن ظهاره أجزأه قال الشافعي ولا يجزئه أن يعتق رقبة عن ظهاره ولا واجب عليه إلا بنية يقدمها قبل العتق أو معه عن الواجب عليه. وجماع ذلك أن يقصد بالعتق قصد واجب
صفحة : 2010
لا أن يرسل بلا نية إرادة واجب ولا تطوع. ولو كان على رجل ظهار فأعتق عنه رجل عبدا للمعتق بغير أمره لم يجزئه وكان ولاؤه لسيده الذي أعتقه. ولو كان الذي عليه الظهار أعطاه شيئا على أن يعتق عنه عبدا له بعينه أو لم يعده فسأله أن يعتق عنه عبدا له بعينه فأعتقه أجزأه والولاء للذي عليه الظهار الذي أعتق عنه وهذا منه كشراء مقبوض أو هبة مقبوضة. وكما لو اشترى رجل من رجل عبدا فلم يقبضه المشتري حتى يعتقه جاز عتقه وكان ضمانه منه والعتق أكثر من القبض. قال: وإذا وجب على الرجل ظهاران أو كفارتان فأعتق عبدا عنهما معا جعله عن أيهما شاء وأعتق غيره عن الآخر لأنه قصد به قصد واجب ولو أعتق آخر عنهما أجزأ بهذا المعنى لأنه قد استكمل عتق عبدين عن ظهارين نصفا بعد نصف. قال: وإذا أعتق عبدين عن ظهارين أو ظهار وقتل كل واحد منهما عن الكفارتين معا جعل كل واحد منهما عن أيهما شاء وإن لم يجعله أجزأتا معا لأنه قصد بهما قصد كفارتين وأجزناه بما وصفت أن كل واحد من الكفارتين قد أعتق فيها عبدا تاما نصفا عن واحدة ثم أخرى نصفا عن واحدة ونصفا عن واحدة فكمل فيها العتق. وعتقه عن نفسه للظهار لزمه لا عن امرأته فإذا قصد قصد الكفارة عن الظهار أجزأته. ولو أعتق عبدين عن ظهار واحد فأراد أن يجعل أحدهما عن ظهاره الذي أعتق عنه والآخر عن ظهار عليه غيره لم يكن له ذلك لأن عتقهما قد مضى لا ينوي به إلا أحد الظهارين فيجزئه ما نوى ولا يجزئه ما لم ينو قال: ولو وجبت عليه رقبة فشك أن تكون عن ظهار أو قتل أو نذر فأعتق رقبة عن أيها كان عليه أجزأه لأنه قصد بها قصد الواجب ولم يخرج ما وجب عليه من نيته بالعتق وإن أعتقها لا ينوي واحدا من الذي عليه لم يجزئه وإن أعتقها عن. قتل ثم علم لم يكن عليه قتل أو ظهار ثم علم أن لم يكن عليه ظهار فأراد أن يجعلها عن الذي عليه لم تجزىء عنه لأنه أعتقها على نية شيء بعينه لم يجب عليه وأخرج الواجب عليه فأعتق عنه ولا يجزىء عنه أن يصرف النية إلى غيره مما قد أخرجه من نيته في العتق. ولو أعتق جارية عن ظهاره واستثنى ما في بطنها أجزأت عنه وما في بطنها حر. ولو أعتقها عن ظهار على أن تعطيه شيئا لم يجزه ولو أبطل الشيء عنها بعد العتق لم يجزه لأنه أعتقها على جعل وإن تركه. ولو كان قال لها: أعتقك على كذا فقالت: نعم ثم أبطل ذلك فأعتقها على غير جعل ينوي بها أن تعتق عن ظهاره ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 2011
ما يجزىء من الرقاب الواجبة وما لا يجزيء قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: تحرير رقبة مؤمنة قال الشافعي فكان ظاهر الآية أن كل رقبه مجزئة عمياء وقطعاء ومعيبة ما كان العيب إذا كانت فيها الحياة لأنها رقبة وكانت الآية محتملة أن يكون أريد بها بعض الرقاب دون بعض. قال: ولم أر أحدا ممن مضى من أهل العلم ولا حكي لي عنه ولا بقي خالف في أن من ذوات النقص من الرقاب ما لا يجزىء فدل ذلك على أن المراد من الرقاب بعضها دون بعض. قال: ولم أعلم مخالفأ ممن مضى في أن من ذوات النقص ما يجزىء فدل ذلك على أن من ذوات العيب ما يجزىء. قال: ولم أر شيئا أعدل في معنى ما ذهبوا إليه إلا ما أقول والله تعالى أعلم وجماعة أن الأغلب فيما يتخذ له الرقيق العمل ولا يكون العمل تاما حتى تكون يدا المملوك باطشتين ورجلاه ماشيتين ويكون له بصر وإن كان عينا واحدة ويكون يعقل فإذا كان هكذا أجزأه. وإن كان أبكم أو أصم أو أحمق أو يجن ويفيق أو ضعيف البطش أو المشي أو أعور أو معيبا عيبا لا يضر بالعمل ضررا بينا وأنظر كل نقص كان في اليدين والرجلين فإن كان يضر بالعمل ضررا بينا لم يجز عنه وإن كان لا يضر به ضررا بينا أجزأه والذي يضر به ضررا بينا قطع أو شلل اليد كلها أو شلل الإبهام أو قطعها وذلك في المسبحة والوسطى معا وكل واحدة منهما على الانفراد بينة الضرر بالعمل والذي لا يضر ضررا بينا شلل الخنصر أو قطعها فإن قطعت التي إلى جنبها من يدها أضر ذلك بالعمل فلم يجز لأن قطعت إحداهما من يد والأخرى من يد أخرى لم يضر بالعمل ضررا بينا ثم اعتبر هذا في الرجلين على هذا المعنى واعتبره في البصر فإن كان ذاهب إحدى العينين ضعيف الأخرى ضعفا يضر بالعمل ضررا بينا لم يجز وإن لم يكن يضر بالعمل ضررا بينا أجزأه وسواء هذا في الذكر والأنثى والصغير والكبير وتجزىء الأنثى الرتقاء والذكر المجبوب والخصي وليس هذا من العمل بسبيل. وتجزىء الرقاب مع كل عيب لا يضر بالعمل ضررا بينا والذي يفيق ويجن يجزىء وإذا كان الجنون مطبقا لم يجز ويجزىء المريض لأنه قد يرجى أن يصح والصغير لأنه قد يكبر وإن لم يكبر ولم يصح وسواء أي مريض ما كان ما لم يكن معضوبا عضبا لا يعمل معه عملا تاما أو قريبا من التمام كما وصفت. من له الكفارة بالصيام في الظهار قال الله عز وجل: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل
صفحة : 2012
أن يتماسا قال الشافعي فإذا لم يجد المتظاهر رقبة يعتقها وكان يطيق الصوم فعليه الصوم. ومن كان له مسكن وخادم وليس له مملوك غيره ولا ما يشتري به مملوكا غيره كان له الصوم. ومن كان له مملوك غير خادمه ومسكن كان عليه أن يعتق. وكذلك لو كان له ثمن مملوك كان عليه أن يشتري مملوكا فيعتق. قال: فإن ترك أن يشتري به وهو واحد فأعسر كان له أن يصوم. ولو وجبت عليه كفارة الظهار وهو معسر أو أعسر بعدها قبل أن يكفر ثم أيسر قبل أن يدخل في الصوم كان عليه أن يعتق ولم يكن له أن يصوم في حال هو فيها موسر. قال الشافعي وحكم وقت مرضه في الكفارة حين يكفر كما حكمه في الصلاة حين يصلي بوضوء أو تيمم أو مريض أو صحيح. قال الربيع وقد قال مرة: حكمه يوم يحنث في الكفاره. قال الشافعي ولو كان عند الكفارة غير واجد فعرض عليه رجل أن يهب له عبدأ أو أوصى له أو تصدق عليه به أو ملكه بأي وجه ما كان الملك لم يكن عليه قبوله وكان له رده والاختيار له قبوله وعتقه غير الميراث فإذا ورثه لزمه وكان عليه عتقه أو عتق غيره. قال الشافعي: ولو اشتراه على نية أن يعتقه كان له أن يسترقه ويعتق غيره. ولا يجب عليه عتق عبد اشتراه أبدأ حتى يعتقه أو يوجب عتقه تبررا قال الشافعي فإذا كان له الصيام فلم يدخل في الصيام حتى أيسر فعليه العتق. وإن دخل فيه قبل أن يوسر ثم أيسر كان له أن يمضي في الصيام والاختيار له أن يدع الصوم ويعتق كما يتيمم فتحل له الصلاة فإن لم يدخل فيها حتى يجحد الماء لم يكن له أن يصلي حتى يتوضأ وإن دخل فيها ثم وجد الماء كان له أن يمضي في صلاته وإن قال لعبد له: أنت حر الساعة عن الظهار أن تظهر به كان حرا الساعة ولم يجزه عن ظهار أن يتظهره لأنه أعتقه ولم يجب عليه الظهار ولم يكن لسبب منه. وكذلك لو أطعم مساكين فقال: هذا عن يمين إن حنثت بها ولم يحلف لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من اليمين والسبب أن يحلف ثم يكفر قبل أن يحنث فيجزئه ذلك. كما يكون له المال فيؤدي زكاته قبل أن يحول الحول فيجزئه لأن بيده سبب ما تكون به الزكاة ولو لم يكن بيده مال فيه زكاة فتصدق بدراهم لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من زكاة. أو قال عن مال إن أفدته فوجبت علي فيه الزكاة ثم أفاد ما لا فيه زكاة لم يجزه لأنه لم يكن بسبب من زكاة. ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 2013
الكفارة بالصيام قال الشافعي رحمه الله: ومن وجب عليه أن يصوم شهرين في الظهار لم يجزه إلا أن يكونا متتابعين كما قال الله عز ذكره. ومتى أفطر من عذر أو غير عذر فعليه أن يستأنف ولا يعتد بما مضى من صومه وكذلك إن صام في الشهرين يوما من الأيام التي نهى النبي ﷺ عنها وهي خمس: يوم الفطر أو يوم الأضحى وأيام منى الثلاث بعد النحر استأنف الصوم بعد مضيهن ولم يعتد بهن ولا بما كان قبلهن واعتد بما بعدهن. ومتى دخل عليه شيء يفطره في يوم من صومه استأنف الصوم حتى يأتي بالشهرين متتابعين ليس فيهما فطر. إذا صام بالأهلة صام هلالين وإن كانا تسعة أو ثمانية وخمسين أو ستين يوما وإذا صام بعد مضي يوم من الهلال أو أكثر صام بالعد الشهر الأول وبالهلال الشهر الثاني ثم أكمل على العدد الأول بتمام ثلاثين يوما قال: ولو صام شهرين متتابعين بلا نية للظهار لم يجزه حتى يقدم النية قبل الدخول في الصوم. ولو نوى أن يصوم شهرين متتابعين فصام أياما ثم نوى أن يحيل الصوم بعد الأيام تطوعا فصام أياما أو يوما ينوي به التطوع ثم وصل صومه ينوي به صوم الشهرين بالشهرين الواجبين عليه لم يعتد بما مضى من صومه قبل الأيام التي تطوع بها ولا يصوم الأيام التي تطوع فيها واعتد بصومه من يوم نوى فلم يفصل بينه بتطوع ولا فطر. ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأ إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقله ولو أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده أو في أكثر ولم يطعم استأنف الصوم لأن حكمه في اليوم الذي أغمي عليه قبل أن يفيق أنه غير صائم عن ظهار لأنه لا يعقله. قال: ولو صام مسافرا أو مقيما أو مريضا عن ظهار شهرين: أحدهما شهر رمضان لم يجزه واستأنف الصوم لا يجزىء رمضان من غيره لأنه إذا رخص له في فطره بالمرض والسفر فإنما يخفف عنه فإذا لم يخففه عن نفسه فلا يكون تطوعا ولا صوما عن غيره وعليه أن يستأنف شهرين ويقضي شهر رمضان لأنه صامه بغير نية شهر رمضان. قال: ولا يجزئه في صوم واجب عليه إلا أن يتقدم بنيته قبل الفجر فإن لم يتقدم بنيته قبل الفجر لم يجزه ذلك اليوم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر. لأن كل يوم منه غير صاحبه وإن دخل في يوم منه بنية تجزئه ثم عزبت عنه النية في آخر يومه أجزأه لأن النية بالدخول لا في كل طرفة عين منه فإذا أحال النية فيه إلى أن يجعله تطوعا أو واجبا غير
صفحة : 2013
الكفارة بالصيام قال الشافعي رحمه الله: ومن وجب عليه أن يصوم شهرين في الظهار لم يجزه إلا أن يكونا متتابعين كما قال الله عز ذكره. ومتى أفطر من عذر أو غير عذر فعليه أن يستأنف ولا يعتد بما مضى من صومه وكذلك إن صام في الشهرين يوما من الأيام التي نهى النبي ﷺ عنها وهي خمس: يوم الفطر أو يوم الأضحى وأيام منى الثلاث بعد النحر استأنف الصوم بعد مضيهن ولم يعتد بهن ولا بما كان قبلهن واعتد بما بعدهن. ومتى دخل عليه شيء يفطره في يوم من صومه استأنف الصوم حتى يأتي بالشهرين متتابعين ليس فيهما فطر. إذا صام بالأهلة صام هلالين وإن كانا تسعة أو ثمانية وخمسين أو ستين يوما وإذا صام بعد مضي يوم من الهلال أو أكثر صام بالعد الشهر الأول وبالهلال الشهر الثاني ثم أكمل على العدد الأول بتمام ثلاثين يوما قال: ولو صام شهرين متتابعين بلا نية للظهار لم يجزه حتى يقدم النية قبل الدخول في الصوم. ولو نوى أن يصوم شهرين متتابعين فصام أياما ثم نوى أن يحيل الصوم بعد الأيام تطوعا فصام أياما أو يوما ينوي به التطوع ثم وصل صومه ينوي به صوم الشهرين بالشهرين الواجبين عليه لم يعتد بما مضى من صومه قبل الأيام التي تطوع بها ولا يصوم الأيام التي تطوع فيها واعتد بصومه من يوم نوى فلم يفصل بينه بتطوع ولا فطر. ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأ إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقله ولو أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده أو في أكثر ولم يطعم استأنف الصوم لأن حكمه في اليوم الذي أغمي عليه قبل أن يفيق أنه غير صائم عن ظهار لأنه لا يعقله. قال: ولو صام مسافرا أو مقيما أو مريضا عن ظهار شهرين: أحدهما شهر رمضان لم يجزه واستأنف الصوم لا يجزىء رمضان من غيره لأنه إذا رخص له في فطره بالمرض والسفر فإنما يخفف عنه فإذا لم يخففه عن نفسه فلا يكون تطوعا ولا صوما عن غيره وعليه أن يستأنف شهرين ويقضي شهر رمضان لأنه صامه بغير نية شهر رمضان. قال: ولا يجزئه في صوم واجب عليه إلا أن يتقدم بنيته قبل الفجر فإن لم يتقدم بنيته قبل الفجر لم يجزه ذلك اليوم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر. لأن كل يوم منه غير صاحبه وإن دخل في يوم منه بنية تجزئه ثم عزبت عنه النية في آخر يومه أجزأه لأن النية بالدخول لا في كل طرفة عين منه فإذا أحال النية فيه إلى أن يجعله تطوعا أو واجبا غير
صفحة : 2013
الكفارة بالصيام قال الشافعي رحمه الله: ومن وجب عليه أن يصوم شهرين في الظهار لم يجزه إلا أن يكونا متتابعين كما قال الله عز ذكره. ومتى أفطر من عذر أو غير عذر فعليه أن يستأنف ولا يعتد بما مضى من صومه وكذلك إن صام في الشهرين يوما من الأيام التي نهى النبي ﷺ عنها وهي خمس: يوم الفطر أو يوم الأضحى وأيام منى الثلاث بعد النحر استأنف الصوم بعد مضيهن ولم يعتد بهن ولا بما كان قبلهن واعتد بما بعدهن. ومتى دخل عليه شيء يفطره في يوم من صومه استأنف الصوم حتى يأتي بالشهرين متتابعين ليس فيهما فطر. إذا صام بالأهلة صام هلالين وإن كانا تسعة أو ثمانية وخمسين أو ستين يوما وإذا صام بعد مضي يوم من الهلال أو أكثر صام بالعد الشهر الأول وبالهلال الشهر الثاني ثم أكمل على العدد الأول بتمام ثلاثين يوما قال: ولو صام شهرين متتابعين بلا نية للظهار لم يجزه حتى يقدم النية قبل الدخول في الصوم. ولو نوى أن يصوم شهرين متتابعين فصام أياما ثم نوى أن يحيل الصوم بعد الأيام تطوعا فصام أياما أو يوما ينوي به التطوع ثم وصل صومه ينوي به صوم الشهرين بالشهرين الواجبين عليه لم يعتد بما مضى من صومه قبل الأيام التي تطوع بها ولا يصوم الأيام التي تطوع فيها واعتد بصومه من يوم نوى فلم يفصل بينه بتطوع ولا فطر. ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأ إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقله ولو أغمي عليه قبل الفجر لم يجزه لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقله ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده أو في أكثر ولم يطعم استأنف الصوم لأن حكمه في اليوم الذي أغمي عليه قبل أن يفيق أنه غير صائم عن ظهار لأنه لا يعقله. قال: ولو صام مسافرا أو مقيما أو مريضا عن ظهار شهرين: أحدهما شهر رمضان لم يجزه واستأنف الصوم لا يجزىء رمضان من غيره لأنه إذا رخص له في فطره بالمرض والسفر فإنما يخفف عنه فإذا لم يخففه عن نفسه فلا يكون تطوعا ولا صوما عن غيره وعليه أن يستأنف شهرين ويقضي شهر رمضان لأنه صامه بغير نية شهر رمضان. قال: ولا يجزئه في صوم واجب عليه إلا أن يتقدم بنيته قبل الفجر فإن لم يتقدم بنيته قبل الفجر لم يجزه ذلك اليوم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر. لأن كل يوم منه غير صاحبه وإن دخل في يوم منه بنية تجزئه ثم عزبت عنه النية في آخر يومه أجزأه لأن النية بالدخول لا في كل طرفة عين منه فإذا أحال النية فيه إلى أن يجعله تطوعا أو واجبا غير
صفحة : 2015
الكفارة بالإطعام قال الشافعي: قال الله تعالى: فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قال الشافعي رحمه الله: فمن تظاهر ولم يجد رقبة ولم يستطع حين يريد الكفارة عن الظهار صوم شهرين متتابعين بمرض أو علة ما كانت أجزأه أن يطعم. قال: ولا يجزئه أن يطعم أقل من ستين مسكينا كل مسكين مدا من طعام بلده الذي يقتاته حنطة أو شعيرا أو أرزا أو تمرا أو سلتا أو زبيبا أو أقطا ولو أطعم ثلاثين مسكينا مدين مدين في يوم واحد أو أيام متفرقة لم يجزه إلا عن ثلاثين وكان متطوعا بما زاد كل مسكين على مد لأن معقولا عن الله عز وجل إذا أوجب طعام ستين مسكينا أن كل واحد منهم غير الآخر كما كان ذلك معقولا عنه في عدد الشهود وغيرهما مما أوجب ولا يجزئه أن يعطيهم ثمن الطعام أضعافا ولا يعطيهم إلا مكيلة طعام لكل واحد ولا يجزئه أن يغديهم. وإن أطعمهم ستين مدأ أو أكثر لأن أخذهم الطعام يختلف فلا أدري لعل أحدهم يأخذ أقل من مد والآخر أكثر لأن رسول الله ﷺ إنما سن مكيلة الطعام في كل ما أمر به من كفارة ولا يجزئه أن يعطيهم دقيقا ولا سويقا ولا خبزأ حتى يعطيهم حبا ولا يجوز أن يكسوهم مكان الطعام. وكل مسكين أعطاه مدا أجزأ عنه ما خلا أن يكون مسكينا يجبر على نفقته فإنه لا يجزئه أن يعطي مسكينا يجبر على نفقته. ولا يجزئه إلا مسكين مسلم وسواء الصغير منهم والكبير ولا يجزئه أن يطعم عبدا ولا مكاتبا ولا أحدا على غير دين الإسلام. وإن أعطى رجلا وهو يراه مسكينا فعلم بعد أنه أعطاه وهو غني أعاد الكفارة لمسكين غيره ولو شك في غناه بعد أن يعطيه على أنه مسكين فليست عليه إعادة ومن قال له: إني مسكين ولا يعلم غناه أعطاه وسواء السائل من المساكين والمتعفف في أنه يجزىء قال: ويكفر في الطعام قبل المسيس لأنها في معنى الكفارة قبلها. قال الشافعي ولا يكون له أن يبعض الكفارة ولا يكفر إلا كفارة كاملة من أي الكفارات كفر لا يكون له أن يعتق نصف رقبة ثم لا يجد غيرها فيصوم شهرا ولا يصوم شهرا ثم يمرض فيطعم ثلاثين مسكينا ولا يطعم مع نصف رقبة حتى يكفر أي الكفارات وجبت عليه بكمالها. قال: وإن فرق الطعام في أيام مختلفة أجزأه إذا أتى على ستين مسكينا قال الشافعي وكفارة الظهار وكل كفارة وجبت على أحد بمد رسول الله ﷺ لا تختلف
صفحة : 2016
الكفارات وكيف تختلف وفرض الله عز وجل تنزل على رسوله وسن رسول الله ﷺ ما يدل على أنه بمده وكيف يجوز أن يكون بمد من لم يولد في عهده أو بمد أحدث بعد مده بيوم واحد كتاب اللعان أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: قال الله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة الآية. قال الشافعي ثم لم أعلم مخالفا في أن ذلك إذا طلبت ذلك المقذوفة الحرة ولم يأت القاذف بأربعة شهداء يخرجونه من الحد. وهكذا كل ما أوجبه الله تعالى لأحد وجب على الإمام أخذه له إن طلبه أخذه له بكل حال. فإن قال قائل: فما الحجة في ذلك قيل: قول الله تعالى اسمه: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل فبين أن السلطان للولي ثم بين فقال في القصاص: فمن عفي له من أخيه شيء فجعل العفو إلى الولي وقال: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح فأبان في هذه الآيات أن الحقوق لأهلها وقال في والقتل: النفس بالنفس إلى قوله: والجروح قصاص قال: فأبان الله عز وجل أن ليس حتما أن يأخذ هذا من وجب له ولا أن حتما أن يأخذه الحاكم لمن وجب له ولكن حتما أن يأخذه الحاكم لمن وجب له إذا طلبه. قال: وإذا قذف الرجل زوجته فلم تطلب الحد حتى فارقها أو لم يفارقها ولم تعفه ثم طلبته التعن أو حد إن أبى أن يلتعن. وكذلك لو ماتت كان لوليها أن يقوم به فيلتعن الزوج أو يحد. وقال الله تعالى: والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين إلى قوله: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين قال الشافعي فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن الله أخرج الزوج من قذف المرأة بشهادته: أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين كما أخرج قاذف المحصنة غير الزوجة بأربعة شهود يشهدون عليها بما قذفها به من الزنا وكانت في ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطلب المرأة المقذوفة حدها وكما ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها. قال: وكانت في اللعان أحكام بسنة رسول الله ﷺ منها: الفرقة بين الزوجين ونفي الولد قد ذكرناها في مواضعها
صفحة : 2017
من يلاعن من الأزواج ومن لا يلاعن قال الشافعي رحمه الله: ولما ذكر الله عز وجل اللعان على الأزواج مطلقا كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض. وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض وسواء كان الزوجان حرين مسلمين أو كان أحدهما حرا والآخر مملوكا أو كانا مملوكين معا أو كان الزوج مسلم والزوجة ذمية أو كانا ذميين تحاكما إلينا لأن كل زوج وزوجة يجب عليه الفرض في نفسه دون صاحبه وفي نفسه لصاحبه ولعانهم كلهم سواء لا يختلف القول فيه والقول في نفي الولد. وتختلف الحدود لمن وقعت له وعليه وسواء في ذلك الزوجان المحدودان في قذف والأعميان وكل زوج يجب عليه فرض. وسواء قال الزوج: رأيتها تزني أو قال: زنت أو قال: يا زانية. كما يكون ذلك سواء إذا قذف أجنبية. وإذا قذف الزوج الذي لا حد عليه امرأته وهي ممن عليه الحد أو ممن لا حد عليه فسواء ولا حد عليه ولا لعان ولا فرقة بينه وبينها ولا ينفي الولد إن نفاه عنه ولا طلاق له لو طلقها. وكذلك المعتوه وكل مغلوب على عقله بأي وجه كانت الغلبة على العقل غير السكر لأن القول والفعل يلزم السكران ولا يلزم الفعل ولا القول من غلب على عقله بغير سكر. وكذلك الصبي لم يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها وإن كان عاقلا فلا يلزمه حد ولا لعان. قال: ومن عزب عقله من مرض في حال فأفاق في أخرى فما صنع في حال عزوب عقله سقط عنه وما صنع في الحال التي يثوب فيها عقله لزمه طلاق ولعان وقذف وغيره. وإن اختلف الزوجان فقالت المرأة: قذفتني في حال إفاقتك وقال: ما قذفتك في حال إفاقتي ولئن كنت قذفتك ما قذفتك إلا وأنا مغلوب على عقلي فالقول قوله وعليها البينة إذا كانت المرأة تقر أو كان يعلم أنه يذهب عقله ولو قذفها فقال: قذفتك وعقلي ذاهب من مرض وقالت: ما كنت ذاهب العقل فإن لم يعلم أنه كان في الوقت الذي قذفها فيه وقبله ومعه في مرض قد يذهب عقله فيه فلا يصدق وهو قاذف يلتعن أو يحد وإن علم ذلك صدق وحلف. قال: وإذا كان الزوج أخرس يعقل الإشارة والجواب أو يكتب فيعقل فقذف لاعن بالإشارة أو حد فإن لم يعقل فلا حد ولا لعان وإن استطلق لسانه فقال: قد قذفت ولم يلتعن حد إلا أن يلتعن. وإن قال: لم أقذف ولم ألتعن لم يحد ولا ترد إليه امرأته بقوله لم ألتعن وقد ألزمناه الفرقة بحال ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يمسكها وكذلك لو طلق فألزمناه الطلاق ثم أفاق فقال: ما طلقت لم نردها إليه ووسعه فيما بينه وبين الله تعالى المقام عليها ولو أصابه
صفحة : 2018
هذا من مرض تربصوا به حتى يفيق أو يطول ذلك به ويشير إشارة تعقل أو يكتب كتابا يعقل فيصير كالأخرس الذي ولد أخرس. قال: وإذا كانت هي الخرساء لم نكلفها لعانة إلا أن تكون تعقل لأنه لا معنى لها في الفرقة ولا نفي الولد ولأنها غير قاذفة لأحد يسأل أن نأخذ به حقه. فإن قيل: فعليها حق الله تعالى قيل: لا يجب إلا ببينة أو اعتراف وهي لا تعقل الاعتراف. وإن كانت تعقل كما تعقل الإشارة أو الكتابة التعنت وإن لم تلتعن حدت إن كانت لا يشك في عقلها فإن شك في عقلها لم تحد إن أبت الالتعان ولو قالت له: قذفتني فأنكر وأتت بشاهدين أنه قذفها لاعن وإن لم يلاعن حد. وليس إنكاره إكذابا لنفسه بقذفها إنما هو جحد أن يكون قذفها. قال: ولو قذفها قبل بلوغه بساعة ثم بلغ فطلبت الالتعان أو الحد لم يكن لها إلا أن يحدث لها قذفا بعد البلوغ. وكذلك لو قذفها مغلوبا على عقله ثم أفاق بعد ذلك بساعة. قال: ولا يكون على الزوج لعان حتى تطلب ذلك الزوجة فإن قذف الزوج زوجته البالغة فتركت طلب ذلك لم يكن عليه لعان وإن ماتت فترك ذلك ورثتها لم يكن عليه لعان. وإن اعترفت بالزنا الذي قذفها به لم يكن عليه لعان وإن شاء هو أن يلتعن ليوجب عليها الحد وتقع الفرقة وينفي ولدا إن كان كان ذلك له. ولو كانت محدودة في زنا ثم قذفها بذلك الزنا أو زنا كان في غير ملكه عزر إن طلبت ذلك إن لم يلتعن. وإن أردنا حده لامرأته أو تعزيره لها قبل اللعان أو بعد اللعان فأكذب نفسه وألحق به ولدها فأرادت امرأته العفو عنه أو تركته فلم تطلبه لم نحده ولا نحده إلا بأن تكون طالبة بحدها غير عافية عنه ولو كانت زوجته ذمية فقذفها أو مملوكة أو جارية يجامع مثلها ولم تبلغ فقذفها بالزنا وطلبت أن يعزر قيل له: إن التعنت خرجت من أن تعزر ووقعت الفرقة بينك وبين زوجتك وإن لم تلتعن عزرت وهي زوجتك بحالها وإن التعنت وأبت أن تلتعن فكانت كتابية أو صبية لم تبلغ لم تلتعن ولم تحد الكتابية البالغ إلا أن تأتينا طالبة لحكمنا. وإن كانت مملوكة بالغة فعليها خمسون جلدة ونفي نصف سنة. وإن قلن: نحن نلتعن التعنت المملوكة ليسقط الحد ولا التعان على صبية لأنه لا حد عليها ولا أجبر النصرانية على الالتعان إلا أن ترغب في أن تحكم عليها فتلتعن فإن لم تفعل حددناها إن ثبتت على الرضى بحكمنا وإن رجعت عنه تركناها. فإن كانت زوجته خرساء أو مغلوبة على عقلها فقذفها قيل له: إن التعنت فرقنا بينك وبينها وإن انتفيت من حمل أو ولدها فلاعنت نفيناه عنك مع الفرقة وإن لم
صفحة : 2019
تلتعن فهي امرأتك ولا نجبرك على الالتعان لأنه لا حد عليك ولا تعزير إذا لم تطلبه وهي لا يطلب مثلها. ونحن لا ندري لعلها لو عقلت اعترفت فسقط ذلك كله عنك. قال: وإن التعن فلا حد على الخرساء ولا المغلوبة على العقل ولو طلب أولياؤها أن يلتعن الزوج أو يحد لم يكن ذلك لهم. وكذلك لو قذف امرأته وهي أمة بالغة فلم تطلبه فطلب سيدها أن يلتعن أو يعزر. أو قذف صغيرة فطلب ذلك وليها لم يكن ذلك لواحد منهم وإنما الحق في ذلك لها فإن لم تطلبه لم يكن لأحد يطلبه لها ما كانت حية ولو لم تطلبه واحدة من هؤلاء ولا كبيرة قذفها زوجها ولم تعفه الكبيرة ولم تعترف حتى ماتت أو فورقت فطلبه وليها بعد موتها أو هي بعد فراقها كان على الزوج أن يلتعن أو يحد للكبيرة الحرة المسلمة ويعزر لغيرها قال: ولو أن رجلا طلق امرأته طلاقأ يملك فيه الرجعة ثم قذفها في العدة فطلبت القذف لاعن. فإن لم يفعل حد وإن التعن فعليها الالتعان فإن لم تلتعن حدت لأنها في معاني الأزواج وهكذا لو مضت العدة وقد قذفها في العدة قال: وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة فقذفها في العدة أو كان يملك فيه الرجعة فقذفها بعد مضي العدة بزنا نسبه إلى أنه كان وهي زوجته أو لم ينسبه إلى ذلك فطلبت حدها حد ولا لعان إن لم يكن ينفي به ولدا ولدته أو حملا يلزمه. قال: وإنما حددته إذا قذفها وهي بائن منه أنها غير زوجة ولا بينها وبينه بسبب النكاح ولد يلزم نسبه ولا حكم من حكم الأزواج فكانت محصنة مقذوفة. فإن قال قائل: أفرأيت إن ظهر بها حمل أو حدث لها ولد يلحق نسبه به فانتفى منه بأن قذفها والقذف كان وهي غير زوجة كيف لاعنت بينهما قيل له: إن شاء الله تعالى كما ألحقت الولد به وإن كانت بائنا منه بأنها كانت زوجته فجعلت حكم ولدها منه غير حكمها منفردة دون الولد بأنها كانت زوجة. فكذلك لاعنت بينهما بالولد لأنها كانت زوجة. ألا ترى أنها في لحوق الولد بعد بينونتها منه كهي لو كانت معه وكذلك يلتعن وينفيه وإذا نفى رسول الله ﷺ الولد وهي زوجة فأزال الفراش كان الولد بعد ما تبين أولى أن ينفى أو في مثل حاله قبل أن تبين. ولو قال رجل لامرأته: قد ولدت هذا الولد وليس بابني قيل له: ما أردت فإن قال: زنت به لاعن أو حد إذا طلبت ذلك وإذا لاعن نفي عنه وإن سكت لم ينف عنه ولم يلاعن. فإن طلبت الحد حلف ما أراد قذفها فإن حلف برىء وإن نكل حد أو لاعن. وذلك أنه يقال: قد تستدخل المرأة ماء الرجل فتحبل فلذلك لم أجعله قذفا ولا ألاعن بينهما حتى يقذفها بالزنا فيحد أو يلتعن لأنه
صفحة : 2020
الموضع الذي جعل الله عز وجل فيه اللعان لا غير ولو قال: قد حبسك رجل أو فتشك أو نال منك ما دون الجماع لم يلاعنها لأن هذا ليس بقذف في زنا وعزر لها إن طلبت ذلك. قال: ولو قال لها: أصابك رجل في دبرك فطلبت ذلك حد أو لاعن لأن هذا جماع يجب عليها به الحد ولا يحد لها إلا في القذف بجماع يجب عليها فيه حد لو فعلته وحد على مجامعتها إذا كان حراما ولو قال لها: عبثت بك امرأة فأفحش لم يحد ولم يلاعن ويعزر إن طلبت ذلك. ولو قال لها: ركبت أنت رجلا حتى غاب ذلك منه في ذلك منك كان قذفا يلاعن به أو يحد لأن عليهما معا الحد. ولو قال لها وهي زوجة: زنيت قبل أن أنكحك فلا لعان ويحد إن طلبت ذلك ولو قال لها بعد ما تبين منه: زنيت وأنت امرأتي ولا ولد ولا حبل ينفيه حد ولم يلاعن لأنه قاذف غير زوجته. ولو قال لامرأته: يا زانية بنت الزانية وأمها حرة مسلمة غير حاضرة فطلبت امرأته حد أمها لم يكن لها وإذا طلبته أمها أو وكيلهما حد لها إن لم يأت بأربعة شهداء على ما قال. قال: ومتى طلبت امرأته حدها كان عليه أن يلتعن أو يحد ولو طلبتاه جميعا حد للأم مكانه وقيل له: التعن لامرأتك فإن لم يلتعن حبس حتى يبرأ جلده فإذا برأ حد إلا أن يلتعن. ومتى أبى اللعان فجلدته ثم رجع فقال: أنا ألتعن قبلت رجوعه وإن لم يبق ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 2021
أين يكون اللعان قال الشافعي رحمه الله: روي أن النبي ﷺ لاعن بين الزوجين على المنبر فإذا لاعن الحاكم بين الزوجين بمكة لاعن بينهما بين المقام والبيت فإذا لاعن بينهما بالمدينة لاعن بينهما على المنبر وإذا لاعن بينهما ببيت المقدس لاعن بينهما في مسجده وكذلك يلاعن بين كل زوجين في مسجد كل بلد. قال: ويبدأ فيقيم الرجل قائما والمرأة جالسة فيلتعن ثم يقيم المرأة قائمة فتلتعن إلا أن يكون بأحدهما علة لا يقدر على القيام معها فيلتعن جالسا أو مضطجعا إذا لم يقدر على الجلوس. وإن كانت المرأة حائضا التعن الزوج في المسجد والمرأة على باب المسجد. وإن كان الزوج مسلما والزوجة مشركة التعن الزوج في المسجد والزوجة في الكنيسة وحيث تعظم. وإن شاءت الزوجة المشركة أن تحضر الزوج في المساجد كلها حصرته إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام لقول الله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا قال الشافعي رحمه الله: وإن أخطأ الإمام بمكة أو المدينة أو غيرهما فلاعن بين الزوجين في غير المسجد. لم يعد اللعان لأنه قد مضى اللعان عليهما ولأنه حكم قد مضى بينهما وكذلك إن لاعن ولم يحضر أحدهما الآخر. قال: وإذا كان الزوجان مشركين لاعن بينهما معا في الكنيسة وحيث يعظمان وإذا كانا مشركين لا دين لهما تحاكما إلينا لاعن بينهما في مجلس الحكم. ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 2022
أي الزوجين يبدأ باللعان قال الشافعي رحمه الله: ويبدأ الرجل باللعان حتى يكمله فإذا أكمله خمسا التعنت المرأة. وإن أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة قبل الزوج فالتعنت أو بدأ بالرجل فلم يكمل اللعان حتى أمر المرأة تلتعن فالتعنت فإذا أكمل الرجل اللعان عادت المرأة فالتعنت ولو لم يبق من لعان الرجل إلا حرف واحد من قبل أن الله عز وجل بدأ بالرجل في اللعان فلا يجب على المرأة لعان حتى يكمل الرجل اللعان لأنه لا معنى لها في اللعان إلا رفع الحد عن نفسها والحد لا يجب حتى يلتعن الرجل. ثم يجب لأنها تدفع الحد عن نفسها بالالتعان وإلا حدت وإذا بدأ الرجل فالتعن قبل أن يأتي الحاكم أو بعد ما أتاه قبل أن يأمره بالالتعان أو المرأة أو هما عاد أيهما بدأ قبل أمر الحاكم إياه بالالتعان لأن ركانة أتى رسول الله ﷺ فأخبره بطلاق امرأته البتة وحلف له فأعاد النبي ﷺ اليمين على ركانة ثم رد إليه امرأته بعد حلفه بأمر رسول الله ﷺ ولم يرد امرأته إليه قبل حلفه بأمره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك قال: حدثني ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عمي فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلأ أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل سل لي يا عاصم رسول الله ﷺ عن ذلك فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: يا عاصم ماذا قال لك رسول الله فقال عاصم لعويمر: لم تأتني بخير قد كره رسول الله ﷺ المسألة التي سألته عنها فقال عويمر: والله لا أنتهي حتى أسأله فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله ﷺ وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فقال رسول الله ﷺ: قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها فقال سهل بن سعد: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله ﷺ فلما فرغا قال عويمر: لقد كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها. فطلقها ثلاثأ قبل أن يأمره رسول الله ﷺ قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة في المتلاعنين أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخبره قال: جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال: يا عاصم سل لي رسول الله ﷺ عن رجل وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم النبي ﷺ فعاب
صفحة : 2023
النبي ﷺ المسائل فلقيه عويمر فقال: ما صنعت فقال: إنك لم تأتني بخير سألت رسول الله ﷺ فعاب المسائل فقال عويمر: والله لأتين رسول الله ﷺ فلأسألنه فأتاه فوجده قد أنزل عليه فيهما فدعا بهما فلاعن بينهما فقال عويمر: لئن انطلقت بها لقد كذبت عليها. ففارقها قبل أن يأمره رسول الله ﷺ ثم قال رسول الله ﷺ انظروها فإن جاءت به أسحم أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا فجاءت به على النعت المكروه قال ابن شهاب: فصارت سنة المتلاعنين. أخبرنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمرا جاء إلى عاصم فقال: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أتقتلونه سل لي يا عاصم رسول الله ﷺ فسأل النبي ﷺ فكره المسائل رسول الله ﷺ وعابها فرجع عاصم إلى عويمر فأخبره أن النبي ﷺ كره المسائل وعابها فقال عويمر: والله لآتين رسول الله ﷺ فجاءه قد نزل القرآن خلاف عاصم فسأل رسول الله ﷺ فقال: قد أنزل الله عز وجل فيكما القرآن فتقدما فتلاعنا ثم قال: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ففارقها وما أمره النبي ﷺ فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول الله ﷺ: انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أحسبه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسبه إلا قد صدق عليها فجاءت به على النعت المكروه. أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن النبي ﷺ قال: إن جاءت به أشيقر سبطا فهو لزوجها وإن جاءت به أديعج فهو للذي يتهمه قال: فجاءت به أديعج أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلا من الأنصار جاء النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فأنزل الله عز وجل في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين فقال النبي ﷺ: قد قضى فيك وفي امرأتك قال: فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند النبي ﷺ فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين قال: وكانت حاملا فأنكره فكان ابنها يدعى إلى أمه أخبرنا سفيان عن أبي
صفحة : 2024
الزناد عن القاسم بن محمد قال: شهدت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يحدث بحديث المتلاعنين فقال له ابن شداد: أهي التي قال النبي ﷺ: لو كنت راجما أحدا بغير بينة رجمتها فقال ابن عباس: لا تلك امرأة كانت قد أعلنت أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن يونس أنه سمع المقبري يحدث القرظي قال المقبري: حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي ﷺ يقول: لما نزلت آية الملاعنة قال النبي ﷺ: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله تعالى جنته. وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله تعالى منه وفضحه به على رؤوس الخلائق من الأولين والأخرين . سمعت سفيان بن عيينة يقول: أخبرنا عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال للمتلاعنين: حسابكما على الله عز وجل: أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها فقال يا رسول الله: مالي. فقال: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه . أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول: فرق رسول الله ﷺ بين أخوي بني العجلان وقال هكذا بإصبعه المسبحة والوسطى فقرنها والتي تليها يعني المسبحة. وقال: الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمان النبي ﷺ وانتفى من ولدها ففرق رسول الله ﷺ بينهما وألحق الولد بالمرأة. قال الشافعي رحمه الله: اللعان أن يقول الإمام للزوج: قل أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان ويشير إليها إن كانت حاضرة من الزنا . ثم يعود فيقولها حتى يكمل ذلك أربع مرات فإذا أكمل أربعا وقفه الإمام وذكره الله وقال: إني أخاف إن لم تكن صدقت أن تبوء بلعنة الله فإن رآه يريد أن يمضي أمر من يضع يده على فيه ويقول إن قولك: وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين موجبة إن كنت كاذبا فإن أبى تركه وقال: قل: علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة من الزنا قال الشافعي فإن قذفها بأحد يسميه بعينه واحد أو اثنين أو أكثر قال مع كل شهادة: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا بفلان وفلان وفلان وقال عند الالتعان: وعلي لعنة الله إن كنت من
صفحة : 2025
الكاذبين فيما رميتها به من الزنا بفلان أو فلان وفلان وإن كان معها ولد فنفاه أو بها حبل فانتفى منه قال مع كل شهادة: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وإن هذا الولد ولد زنا ما هو مني . وإن كان حملا قال: وإن هذا الحمل إن كان بها حمل لحمل من الزنا ما هو مني وقال في الالتعان: وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا وأن هذا الولد ولد زنا ما هو مني فإذا قال هذا فقد فرغ من الالتعان. قال الشافعي وإذا أخطأ الإمام ولم يذكر نفي الولد أو الحمل في الالتعان قال للزوج: إن أردت نفيه أعدت عليك اللعان ولا تعيد المرأة بعد إعادة الزوج اللعان إن كانت فرغت منه بعد التعان الزوج الذي أغفل الإمام فيه نفي الولد والحمل وإن أخطأ وقد قذفها برجل ولم يلتعن بقذفه فأراد الرجل حده أعاد عليه اللعان وإلا حد له إن لم يلتعن. وأي الزوجين كان أعجميا التعن له بلسانه بشهادة عدلين وأحب إلي لو كانوا أربعة ويجزىء عدلان يعرفان بلسانه فإن كان أخرس تفهم إشارته التعن بالإشارة فإن انطلق لسانه بعد الخرس لم يعد. قال: ثم تقام المرأة فتقول: أشهد بالله إن زوجي فلانا وتشير إليه إن كان حاضرا لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ثم تعود حتى تقول ذلك أربع مرات فإذا فرغت من الرابعة وقفها الإمام وذكرها الله تبارك وتعالى وقال لها: احذري أن تبوئي بغضب من الله عز وجل إن لم تكوني صادقة في أيمانك فإن رآها وحضرتها امرأة أمرها أن تضع يدها على فيها وإن لم تحضرها فرآها تمضي قال لها: قولي: وعلي غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا فإذا قالت ذلك فقد فرغت من اللعان. وإنما أمرت بوقفهما وتذكيرهما أن سفيان أخبرنا عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ أمر رجلا حين لاعن بين المتلاعنين أن يضع يده علي فيه عند الخامسة وقال: إنها موجبة قال الشافعي: وسواء في أيمانها والتعانها لاعنها بنفي ولد أو حمل أو بلا واحد منهما لأنه لا معنى لها في الولد والولد ولدها بكل حال وإنما ينفى عنه هو أو يثبت. قال: وسواء كل زوج وزوجة بالغين ليسا بمغلوبين على عقولهما في الموضع الذي يلتعنان فيه والقول الذي يلتعنان به حرين أو مملوكين أو حر ومملوك وسواء الكافران أو أحدهما كافر في القول الذي يلتعنان به ويختلفان في الموضع الذي يلتعنان فيه قال: وإن لم يلاعن بينهما الإمام قائمين ولا على المنبر أو لم يحضرهما أربع أو لم يحضر أحدهما وحضر الآخر لم يرد عليهما اللعان.
صفحة : 2026
ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفي الولد وحد المرأة أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فإذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدأ بحال. وإن أكذب نفسه لم تعد إليه التعنت أو لم تلتعن حدت أو لم تحد. قال: وإنما قلت هذا لأن رسول الله ﷺ قال: الولد للفراش وكانت فراشا فلم يجز أن ينفي الولد عن الفراش إلا بأن يزول الفراش فلا يكون فراش أبدا. وقد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة. قال الشافعي رحمه الله: وكان معقولا في حكم رسول الله ﷺ إذا ألحق الولد بأمه أنه نفاه عن أبيه وأن نفيه عن أبيه بيمينه والتعانه لا بيمين أمه على كذبه بنفيه. ومعقول في إجماع الناس أن الزوج إذا أكذب نفسه ألحق به الولد وجلد الحد لأن لا معنى للمرأة في نفيه وأن المعنى للزوج بما وصفت من نفيه. وكيف يكون لها معنى في يمين الزوج ونفي الولد وإلحاقه والولد بكل حال ولدها لا ينفى عنها إنما عنه ينفى وإليها ينسب إذا نسب. قال الشافعي وإذا أكمل الزوج اللعان فقد بانت منه امرأته لأنه لا يزول النسب إلا بزوال الفراش. ولو مات أو ماتت امرأته بعد كمال التعانه لم يتوارثا لأن الفرقة وقعت بالذي وقع به نفي الولد قال: ولو قالت: لا ألتعن أو أقذف بالزنا أو خرست أو ماتت فسواء الولد منفي والفرقة واقعة. قال: ولو حلف الأيمان كلها وبقي الالتعان أو حلف ثلاثة أيمان والتعن أو نقص من الأيمان أو الالتعان شيئا كانا بحالهما أيهما مات ورثه صاحبه والولد غير منفي حتى يكمل الالتعان. قال: وسواء إذا لم يتم اللعان كله في أن لا فرقة ولا نفي ولد لو جن أو عته أو غاب أو أكذب نفسه. قال: وإن حلف اثنتين أو ثلاثا ثم هرب فالنكاح بحاله حتى يقدر عليه فيلتعن. وكذلك لو عته أو خرس أو برسم أو أصابه ما لا يقدر معه على الكلام أو ما يذهب عقله فالنكاح بحاله فمتى قدر عليه أو ثاب إليه عقله التعن. فإن قال هو: لا ألتعن وطلبت أن يحد لها حد وهو زوجها والولد ولدها. وان لم تطلب أن يحد لها فطلب ذلك رجل قذفها بزناه بها كان ذلك له وحد له. وإن ماتت وطلب ذلك ورثتها ولم تكن عفت حدها كان ذلك لهم. وكذلك لو مات المقذوف بها وطلب ذلك ورثته كان ذلك لهم. فإن طلبته أو ورثتها فحد لها ثم طلبه الذي قذفها بهم يحد له لأنه قذف واحد. ولو قالت المرأة قبل أن يتم الزوج
صفحة : 2027
اللعان: أنا ألتعن لم يكن ذلك عليها ولو أخطأ الإمام فأمرها فالتعنت لم يكن ذلك شيء يدرأ به عن نفسها حد ولا يجب به حكم. ومتى التعن الزوج فعليها أن تلتعن فإن أبت حدت. وإن كانت حين التعن الزوج حائضا فسأل الزوج أن تؤخر حتى تدخل المسجد لم يكن ذلك عليها وأحلفت بباب المسجد فإن كانت مريضة لا تقدر على الخروج أحلفت في بيتها. قال: وإن امتنعت من اليمين وهي مريضة فكانت ثيبا رجمت. وكذلك إن كان في يوم بارد أو ساعة صائفة لأن القتل يأتي عليها. وإن كانت بكرا لم تحد حتى تصح وينقص البرد والحر ثم تحد وإنما قلت: تحد إذا التعن الزوج لقول الله تعالى: ويدرأ عنها العذاب الآية. قال الشافعي العذاب الحد فكان عليها أن تحد إذا التعن الزوج ولم تدرأ عن نفسها بالالتعان. قال: ولو غابت أو عتهت أو غلبت على عقلها فإذا حضرت وثاب إليها عقلها التعنت فإن لم تفعل حدت وإن لم يثب إليها عقلها فلا حد ولا التعان لأنها ليست ممن عليها الحدود ولو قال الزوج: لا ألتعن وأمر بأن يقام عليه الحد فضرب بالسياط فلم يتمه حتى قال: أنا ألتعن قبلنا ذلك منه ولا شيء له فيما ناله من الحد. ولو أتى على نفسه كما يقذف المرأة فيقال: ائت ببينة فيقول: لا آتي بها فيضرب بعض الحد ثم يقول: أنا آتي بهم فيكون ذلك له. ولو قيل للمرأة: التعني فأبت فأمر بها يقام عليها الحد فأصابها بعضه ثم قالت: أنا ألتعن تركت حتى تلتعن بهذا المعنى ولو قذف الرجل امرأته ونفى ولدها ثم خرس أو ذهب عقله فمات الولد قبل أن يفيق فأخذ له ميراثه منه ثم أفاق الزوج فالتعن ونفى الولد عنه رد الميراث. ولو قذف امرأته بولد فصدقته لم يكن عليه حد ولا لعان لها ولا ينفى لولد وإن صدقته حتى يلتعن الزوج فينفى عنه بالتعانه ﷺ الولد للفراش والأصل أن ولد الزوجة للزوج بغير اعتراف مات الزوج أو عاش ما لم ينفه أو يلاعن. ولازم للمعتوه ولا احتياج إلى دعوة ولد الزوجة. قال: ولا ينفى الولد عن الزوج إلا في مثل الحال التي نفى فيها رسول الله ﷺ. وذلك أن العجلاني قذف امرأته وأنكر حملها فأتى رسول الله ﷺ فلاعن بينهما ونفى الولد عنه. قال: وأظهر العجلاني قذفها عند استبانة حملها وإذا علم الزوج بالولد أمكنه الحاكم فأتى الحاكم فنفاه لاعن بينهما. وإن علم وأمكنه الحاكم فترك ذلك وقد أمكنه إمكانا بينا ثم نفاه لم يكن ذلك له كما يكون أصل بيع الشقص صحيحا فيكون للشفيع أخذه إذا أمكنه فإن ترك ذلك في تلك المدة لم تكن له شفعة. وهكذا كل من له شيء
صفحة : 2028
في مدة دون غيرها فمضت لم يكن له ولو جحد بأن يكون يعلم بالولد فيكون له نفيه حتى يقر به جاز بعد أن يكون الولد شيخا وهو يختلف معه اختلاف ولده. قال: وإمكان الانتفاء من الولد أن يعلم به ويمكنه أن يلقى الحاكم ويكون قادرا على لقائه أو له من يلقاه له. فإذا كان هذا هكذا فلم ينفه لم يكن له نفيه ولا وقت في هذا إلا ما وصفت. ولو قال قائل: فإذا كان حاضرا فكان هذا فالمدة التي ينقطع فيها أن يكون له نفيه فيها ثلاثة أيام كان مذهبا محتملا فإن لم يصل إلى الحاكم أو مرض أو شغل أو حبس فأشهد فيها على نفيه ثم طلب بعدها كان مذهبا لما وصفنا في غير هذا الموضع: من أن الله تعالى منع من قضى بعذابه ثلاثا وأن رسول الله ﷺ أذن للمهاجر بعد قضاء نسكه بمقامه ثلاثا مكة. وأي مدة قلت له نفيه فأشهد على نفيه وهو مشغول بأمر يخاف فوته أو بمرض لم ينقطع نفيه. وإن كان غائبا فبلغه فأقام وهو يمكنه المسير لم يكن له نفيه إلا بأن يشهد أنه على نفيه ثم يقدم قال: وإن قال: قد سمعت بأنها ولدت ولم أصدق فأقمت فالقول قوله. أو قال: لم أعلم فالقول قوله. ولو كان حاضرا ببلدها فقال: لم أعلم أنها ولدت فالقول قوله وعليها البينة. قال: وإن كان مريضا لا يقدر على الخروج أو محبوسا أو خائفا فكل هذا عذر فأي هذه الحال كان فله أن ينفيه حتى تأتي المدة التي لا يكون له بعدها نفيه وهكذا إن كان غائبا. ولو نفى رجل ولد امرأته قبل موتها ثم مات قبل أن يلاعنها أو ماتت قبل أن ينتفي من ولدها ثم انتفى منه التعن ونفاه وسواء كانت ميتة أو حية وإذا قذفها ثم ماتت أو قذفها بعد الموت وانتفى من ولدها فلم يلتعن فلورثتها أن يحدوه. الوقت في نفي الولد قال الشافعي رحمه الله: وإذا أقر الرجل بحبل امرأته فولدت ولدا في ذلك الحبل و أكثر ثم نفى الولد أو الولدين من الحمل لم يكن منفيا عنه بلعان ولا غيره. وإن قذفها مع نفيه فطلبت الحد حد لها وإن لم تطلبه لم يحد لها وإن لم يقذفها وقال: لم تلدي هذا الولد الذي أقررت به ولا من الحمل الذي أقررت به فالولد لاحق ولا حد لها ولا لعان. فإن قال: أقررت أن الحمل مني وأنا كاذب ولا أقذفك أحلف ما أراد قذفها إذا طلبت ذلك فإن حلف لم يحد وإن لم يحلف فحلفت لقد أراد قذفها حد. قال: والإقرار باللسان دون الصمت. فلو أن رجلا رأى امرأته حبلى فلم يقل في حبلها شيئا ثم ولدت فنفاه فيسأل هل أقررت بحبلها فإن قال: لا أو قال:
صفحة : 2029
كنت لا أدري لعله ليس بحمل لاعن ونفاه إن شاء. وإن قال: بلى. أقررت بحملها وقلت: لعله يموت فأستر عليها وعلى نفسي لزمه ولم يكن له نفيه ولو ولدت ولدا وهو غائب فقدم فنفاه حين علم به وقال: لم أعلم به في غيبتي كان له نفيه بلعان. ولو قالت: قد علم به وأقر فقال: قيل لي ولم أصدق وما أقررت به حلف ما أقر بلا وكان له نفيه. ولو كان حاضرا أو غائبا فهنىء به. فرد على الذي هنأه به خيرا ولم يقرر به لم يكن هذا أقرارا لأنه يكافىء الدعاء بالدعاء ولا يكون إقرارا كما لو قال له رجل بارك الله تعالى لك في تزويجك أو في مولودك فدعا له ولم يتزوج ولم يولد له لم يكن هذا إقرارا بتزويج ولا ولد. ما يكون قذفا وما لا يكون قال الشافعي رحمه الله: ولا لعان حتى يقذف الرجل امرأته بالزنا صريحا لقول الله عز وجل: والذين يرمون أزواجهم قال: فإذا فعل فعليه اللعان إن طلبته وله نفي ولده وحمله إذا قال: هو من الزنا الذي رميتها به. ولو ولدت ولدا فقال: ليس بابني أو رأى حملا فقال: ليس مني ثم طلبت الحد فلا حد ولا لعان حتى يقفه في الولد فيقول: لم قلت هذا فإن قال: لم أقذفها ولكنها لم تلده أو ولدته من زوج غيري قبلي وقد عرف نكاحها فلا. يلحقه نسبه إلا أن تأتي بأربع نسوة يشهدن أنها ولدته وهي زوجته في وقت يعلم أنها كانت فيه زوجته يمكن أن تلد منه عند نكاحها في أقل ما يكون من الحمل أو أكثره. فإن لم يكن النسوة أربع نسوة يشهدن فسألت يمينه ما ولدته وهي زوجته أو ما ولدته في الوقت الذي إذا ولدته فيه لحقه نسبه أحلفناه فإن حلف برىء وإن نكل أحلفناها فإن حلفت لزمه وإن لم تحلف لم يلزمه. قال الربيع رحمه الله: وفيه قول آخر: أنها وإن لم تحلف لزمه الولد لأن للولد حقا في نفسه وتركها اليمين لا يبطل حقه في نفسه فلما لم تحلف فتبرأ لزمه الولد. قال الشافعي: ولو جاءت بأربع نسوة يشهدن أنها ولدته وهي زوجته أو في وقت من الأوقات يدل على أنها ولدته بعد تزويجه إياها بما يمكن أن يكون منه ويحددن حدا علمنا أن ذلك بعد ما تزوجها بستة أشهر فأكثر ألحقت الولد به. قال: وإنما قلت: إذا نفى الرجل حمل امرأته ولم يقذفها بزنا لم ألاعن بينهما لأنه قد يكون صادقا فلا يكون هذا حملا وإن نفى ولدا ولدته ولم يقذفها وقال: لا ألاعنها ولا أقذفها لم يلاعنها ولزمه الولد. وإن قذفها لاعنها لأنه إذا لاعنها بغير فذف فإنما يدير أنها لم تلده وقد حكمت أنها قد ولدته وإنما أوجب الله عز وجل اللعان بالقذف ولا يجب بغيره.
صفحة : 2030
قال الشافعي رحمه الله: وإذا لاعن الرجل امرأته بولد فنفيناه عنه ثم جاءت بعده بولد لستة أشهر أو أكثر وما يلزم به نسب ولد المبتوتة فهو ولده إلا أن ينفيه بلعان فإن نفاه بلعان فذلك له وإذا ولدت امرأة الرجل ولدين في بطن فأقر بالأول ونفى الآخر أو أقر بالآخر ونفى الأول فهو سواء وهما ابناه ولا يكون حمل واحد بولدين إلا من واحد. فإذا أقر بأحدهما لم يكن له نفي الآخر الذي ولد معه في بطن كما لا يكون له نفي الولد الذي أقر به وان كان نفي أيهما نفي بقذف لأمه فطلبت حدها فعليه الحد. وإذا ولدت ولدا فنفاه فمات الولد قبل يلتعن الأب فإن التعن نفي عنه المولود ولو كان رجل جنى على المولود فقتله فأخذ الأب ديته أو جنى عليه جنينا فأخذ الأب ديته ردها الأب إذا نفي عنه فهو غير أبيه وهكذا لو ولد له ولدان فمات أحدهما ثم نفاهما فالتعن نفي عنه الميت والحي. ولو ولدت له ولدا فنفاه بلعان ثم ولدت آخر بعده بيوم فأقر به لزماه جميعا لأنه حبل واحد وحد لها إن كان قذفها وطلبت ذلك. قال: ولو لم ينفه ولم يقر به وقف. فإن نفاه وقال: اللعان الأول يكفيني لأنه حبل واحد لم يكن ذلك له حتى يلتعن من الآخر. ولو ولدا معا لم يلتعن إلا بنفيهما معا. وكذلك لو التعن من الأول ثم الثاني ثم نفى الثالث التعن به أيضا لا ينفى ولد حادث إلا بلعان به بعينه. ولو قذف رجل امرأته وبها حمل أو معها ولد وأقر بالحمل والولد أو لم ينفه كان لازما له لأنها قد تزني وهي حبلى منه ووالد منه ويلتعن للقذف أو يحد إن طلبت ذلك. ولو قال رجل لامرأته: زنيت وأنت صغيرة أو قال لامرأته وقد كانت نصرانية أو أمة: زنيت وأنت نصرانية أو أمة أو قال لامرأته: زنيت مستكرهة أو أصابك رجل نائمة أو زنى بك صبي لا يجامع مثله لم يكن عليه حد في شيء من هذا وإن كان أوقع هذا عليها قبل نكاحها لم يكن عليه لعان وعزر للأذى. وإن كان أوقع هذا عليها وهي امرأته ولم ينسبه إلى حين لم تكن له فيه امرأة فلا حد عليه وإن التعن فلا يعزر وتقع الفرقة وإن لم يلتعن عزر للأذى. ولو قال لامرأة: إن تزوجتك فأنت زانية أو إذا تزوجتك فأنت زانية. أو قال لامرأته: إذا قدم فلان فأنت زانية أو خيرها فقال: إن اخترت نفسك فأنت زانية فلا حد ولا لعان ويؤدب إن طلبت ذلك على إظهار الفاحشة قبل أن ينكحها وقيل أن تختار وبعد النكاح والاختيار. ولو قال رجل لامرأته: يا زانية فقالت: زنيت بك وطلبا معا مالهما سألناها فإن قالت: عنيت أنه أصابني وهو زوجي حلفت ولا شيء عليها لأن إصابته إياها ليست بزنا وعليه أن يلتعن أو يحد وإن
صفحة : 2031
قالت: زنيت به قبل أن ينكحني فهي قاذفة له وعليها الحد ولا حد عليه لأنها مقرة بالزنا ولا لعان ولو قال لها: يا زانية فقالت: أنت أزنى مني فعليه الحد أو اللعان ولا شيء عليها في قوله: أنت أزنى مني لأنه ليس بقذف بالزنا إذا لم ترد به القذف. ولو قال لها: أنت أزنى من فلانة لم يكن هذا قذفا ولا لعان ولا حد ويؤدب في الأذى فإن أراد به القذف فعليه الحد أو اللعان. ولو قال لها: أنت أزنى الناس لم يكن قاذفا إلا بأن يريد القذف ويعزر. وهذا لأن هذا أكبر من قوله. أنت أزنى من فلانة ولو قال لامرأته: يا زان كان عليه الحد أو اللعان وهذا ترخيم كما يقول الرجل لمالك: يا مال ولحارث يا حار. ولو قال لها: زنأت في الجبل أحلفناه بالله ما أراد قذفها بالزنا ولا لعان ولا حد لأن زنأت في الجبل رقيت في الجبل. ولو قالت له هي: يا زانية فعليها الحد لأنها قد أكملت القذف وزادته حرفا أو اثنين. وإذا قال الرجل لامرأته: زنيت قبل أن أتزوجك حد ولا لعان لأنه أوقع القذف وهي غير زوجة ولو جعلته يلاعن لأنه إنما تكلم بالقذف الآن جعلته يلاعن أو يحد. إذا قال لامرأة له بالغ: زنيت وأنت صغيرة ولكني أنظر إلى يوم تكلم به لأن القذف يوم يوقعه. ولو قذف رجل امرأة بالزنا قبل أن ينكحها فطلبته بالحد حد ولا لعان لأن القذف كان وهي غير زوجة. ولو قذفها بالزنا ولم تطلبه بالحد حتى نكحها ثم قذفها ولاعنها وطلبته بحد القذف قبل النكاح حد لها ولو لم يلاعنها حتى حده لها الإمام في القذف الأول ثم طلبته بالقذف بعد النكاح لاعن أو حد ولو طلبته بهما معا حده بالقذف الأول وعرض عليه اللعان بالقذف الآخر فإن أبى حده أيضا لأن حكمه قاذفا غير زوجة الحد وحكمه قاذفا زوجة حد أو لعان. فإذا التعن فالفرقة واقعة بينهما وإن لم أحده وألاعن بينهما لم يكن حده في القذف بأوجب علي من حمله على اللعان أو الحد في القذف الآخر وكان لغيري أن لا يحده ولا يلاعن. وإذا جاز طرح اللعان بقذف زوجة وحد أو طرح الحد باللعان جاز طرحهما معا. وكذلك لو قذفها وامرأة معها أجنبية في كلمة واحدة حد للأجنبية ولاعن امرأته أو حد لها: ولو قذف أربع نسوة له بكلمة واحدة أو كلمات فقمن معا أو متفرقات لاعن كل واحدة منهن أو حد لها وأيتهن لاعن سقط حدها وأيتهن نكل عن أن يلتعن حد لها إذا طلبت حدها ويلتعن لهن واحدة واحدة. وإذا تشاححن أيتهن تبدأ أقرع بينهن فأيتهن بدأ الإمام بها بغير قرعة رجوت للإمام أن لا يأثم لأنه لا يمكنه أن يأخذ ذلك إلا واحدا واحدا إذا طلبته واحدة واحدة. ولو قذف رجل امرأته بزنايين في
صفحة : 2032
ملكه التعن مرة أو حد مرة لأن حكمهما واحد. وكذلك لو قذف امرأة أجنبية مرتين كان حدا واحدا. ولو قذف رجل نفرا بكلمة واحدة أو كلمات كان لكل واحد منهم حده. ولو قال رجل لامرأته: أنت طالق ثلاثا أو طالق واحدة لم يبق له عليها من الطلاق إلا هي أو طالق ولم يدخل بها أو أي طلاق ما كان لا رجعة له عليها بعده وأتبع الطلاق مكانه: يا زانية حد ولا لعان إلا أن يكون ينفي به ولدا أو حملا فيلاعن للولد ويوقف الحمل. فإذا ولدت التعن فإن لم تلد حد. ولو بدأ فقال: يا زانية أنت طالق ثلاثا التعن لأن القذف وقع وهي امرأته. ولو قال: أنت طالق ثلاثا يا زانية حد ولا لعان إلا أن ينفي ولدا فيلاعن به ويسقط الحد. ولو قذف رجل امرأته فصدقته ثم رجعت فلا حد ولا لعان إلا أن ينفي ولدا فلا ينفى إلا بلعان. ولو قذف رجل امرأته ثم زنت بعد القذف أو وطئت وطأ حراما فلا حد ولا لعان إلا أن ينفي. ولدا. أو يريد أن يلتعن فيثبت عليها الحد إن لم تلتعن. وإذا قذف رجل امرأته فارتدت عن الإسلام وطلبت حدها لاعن أو حد لأن القذف كان وهي زوجة مسلمة ولو كان هو المرتد كان هكذا. ولا يشبه هذا أن يقذفها ثم تزني لأن زناها دليل على صدقه بزنيتها وردتها لا تدل على أنها زانية. وإذا كانت تحت المسلم ذمية فقذفها ثم أسلمت فطلبت حدها لاعن أو عزر ولا حد لأن القذف كان وهي كافرة وكذلك لو كانت مملوكة فعتقت أو صبية فبلغت. وإذا ملك الرجل امرأته أمرها فاختارت نفسها ثم قذفها فإن كان الطلاق يملك فيه الرجعة لاعن أو حد فإن كان لا يملك الرجعة حد ولا يلاعن. فإن قذفها ثم طلقها ثلاثا لاعن لأن القذف كان وهي زوجة. وإذا طلق الملاعن امرأته لم يقع عليها الطلاق وللملاعنة السكنى ولا نفقة لها. وإذا لاعن الرجل امرأته ونفى عنه ولدها ثم أقر به وأكذب نفسه حد إن طلبت الحد وألحق به الولد. وهكذا لو أقر به الأب وهو مريض فطلبت حدها فلم يحد حتى مات فهو ابنه يرثه ويثبت نسبه منه وإن لم يحد لأمه ولو كانت المسألة بحالها وكان الابن هو الميت والأب هو الحي فادعاه بعد الموت وللابن مال أو لا مال له أو له ولد أو لا ولد له ثبت نسبه منه وورثه الأب ولو كان قتل فانتسب إليه أخذ حصته من ديته. ولو كان الولد المنفي عن أبيه منع ميراثه من قبل أبيه في حياته لأنه كان منفيا عن ميراثه الذي منعه لأن أصل أمره أن نسبه ثابت فإنه إنما هو منفي ما كان أبوه ملاعنا مقيما على نفيه باللعان. وإذا التعن الزوجان بولد أو غير ولد ثم قذف الزوج امرأته التي لاعن فلا حد عليه كما لو حد لها
صفحة : 2033
بقذف فقذفها لم يحد ثانية ونهي عن قذفها فإن انتهى وإلا عزر وإذا قذفها غير الزوج الذي لاعنها فعليه الحد. وإذا قال رجل لابن ملاعنة: لست ابن فلان أحلف ما أراد قذف أمه ولا حد عليه لأنا قد حكمنا أنه ليس أبيه ولو أراد قذف أمه حددناه ولو قال بعد ما يقر الذي نفاه: انه ابنه أو يكذب نفسه لست ابن فلان كان قاذفا لأمه فإن طلبت الحد حد لها إن كانت حرة مسلمة وإن كانت كافرة أو أمة عزر وإذا قذف الرجل المرأة فقال: أنت أمة أو كافرة فعليها البينة أنها حرة مسلمة والقول قوله مع يمينه إن لم تكن بينة لأنه يؤخذ منه الحد ولو ادعى الأب الولد فطلبت المرأة حدها حد لها ولزمه الولد. وإن لم تطلبه لزمه الولد ولا يحد ومتى طلبته حد لها ولو قذفها قبل الحد ثم طلبت منه الحد حد لها حدا واحدا لأن اللعان بطل وصار مفتريا عليها مرتين فأما الأجنبي فيحد لها قبل اعتراف الأب بالولد وبعده ولو قامت بينة على الأب أنه أكذب نفسه في اللعان أو أقر بالولد لزمه وإن جحد وحد إن طلبت الحد. ولو أقامت بينة أنه قذفها وأكذب نفسه حد ولم يلتعن إذا طلبت وإن جحد ذلك كله ولو قال رجل لامرأته: يا زانية ثم قال: عنيت زنأت في الجبل حد أو لاعن لأن هذا ظاهر التزنية. ولو وصل الكلام فقال: يا زانية في الجبل أحلف ما أراد إلا الرقي في الجبل ولا حد. فإن لم يحلف حد لها إذا جاءت لقد أراد القذف. ولو قال لها: يا فاجرة أو يا خبيثة أو يا جرية أو يا غلمة أو يا ردية أو يا فاسقة وقال: لم أرد الزنا أحلفه ما أراد تزنيتها وعزر في أذاها ولو قال لها: يا غلمة أو ياشبقة أو ما أشبه هذا لم يكن في شيء من هذا قذف وكذلك لو قال لها: أنت تحبين الجماع أو تحبين الظلمة أو تحبين الخلوات فعليه في هذا كله إن طلبت اليمين يمينه. ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 2034
الشهادة في اللعان قال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا جاء الزوج وثلاثة يشهدون على امرأته معا بالزنا لاعن الرجل فإن لم يلتعن حد. لأن حكم الزوج غير حكم الشهود والشهود لا يلاعنون بحال ويكونون عند أكثر المفتين قذفة يحدون إذا لم يتموا أربعة والزوج منفردا يلاعن ولا يحد وإذا زعم الزوج أنه رآها تزني فبين أنها قد وترته في نفسه بأعظم من أن تأخذ أكثر ماله أو تشتم عرضه أو تناله بشديد ضرب من أجل ما يبقى عليه من العار في نفسه بزناها عنده على ولده فلا عداوة تصير إليهما فيما بينها وبينه أكثر من هذا تكاد تبلغ هذا. ونحن لا نجيز شهادة عدو على عدوه والأجنبي يشهد عليها ليس مما وصفت بسبيل وسواء قذف الزوج امرأته أو جاء شاهدا عليها بالزنا هو بكل حال قاذف فإن جاء بأربعة يشهدون على المرأة بالزنا حدت ولم يلاعن إلا أن ينفي ولدا لها بذلك الزنا فيحد أو يلتعن فينفي الولد. وإن قذفها وانتفى من حملها وجاء بأربعة يشهدون عليها بالزنا لم يلاعن حتى تلد فيلتعن إن أراد نفي الولد فإن لم يلتعن لم ننفه عنه ولم تحد حتى تلد ثم تحد بعد الولادة ولو جاء بشاهدين يشهدان على إقرارهما بالزنا وهي تجحد فلا حد عليها ولا عليه ولا لعان. ولو كان الشاهدان ابنيه منها أو من غيرها لم نجز شهادتهما ولا تجوز شهادة الولد لوالده. ولو كان الشاهدان ابنيها من غيره جازت شهادتهما عليها لأنهما يبطلان عنه حدها. ولا يثبت عليها بالاعتراف شيء من الحد إلا أن تشاء هي أن يثبت عليها فتحد وإن كان نفى مع ذلك ولدا لم ينف عنه حتى يلتعن هو ولو شهد ابنا المرأة على أبيهما أنه قذف أمهما والأب يجحد والأم تدعي فالشهادة باطلة لأنهما يشهدان لأمهما وكذلك لو شهد أبوها وابنها أو شهد رجلا وامرأتان لا تجوز شهادة النساء في غير الأموال وما لا يراه الرجال. ولو شهد لامرأة ابنان لها على زوج لها غير أبيهما أنه قذفها أو على أجنبي أنه قذفها لم تجز شهادتهما لأمهما ولو شهد شاهد على رجل أنه قذف امرأته بالزنا يوم الخميس وشهد آخر أن الزوج أقر أنه قذفها بالزنا يوم الخميس وهو يجحد لم يكن عليه حد ولا لعان لأن الإقرار بالقذف غير قول القذف. ولو شهد رجل أنه قذفها بالزنا يوم الخميس وشهد آخر أنه قذفها بالزنا يوم الجمعة لم تجز شهادتهما. ولو شهد شاهد أنه قذف امرأته بالزنا والآخر أنه قال لابنها منه: يا ولد الزنا لم تجز الشهادة فإذا لم تجز فلا حد ولا لعان وإن طلبت أن يحلف لها أحلف بالله ما قذفها فإن حلف برىء وإن نكل حلفت لقد
صفحة : 2035
قذفها ثم قيل له إن التعنت وإلا حددت. وكذلك لو ادعت عليه القذف ولم تقم عليه شاهدأ حلف. ولو شهد شاهد أنه قذفها بالفارسية وآخر أنه قذفها بالعربية في مقام واحد أو مقامين فسواء لا تجوز الشهادة لأن كل واحد من هذا كلام غير الكلام الآخر ولو شهد عليه شاهد أنه قال لها: زنى بك فلان وآخر أنه قال لها: زنى بك فلان رجل آخر لم تجز الشهادة لأن هذين قذفان مفترقان بتسمية رجلين مفترقين. ولو قذفها برجل بعينه فجاءت تطلب الحد وجاء الرجل يطلب الحد قيل له: إن التعنت فلا حد للرجل وإن لم تلتعن حددت لهما حدا واحدا لأنه قذف واحد. وإن جاء الرجل يطلب الحد قبل المرأة والمرأة ميتة أو حية التعن وبطل عنه الحد فإن لم يلتعن حد وكذلك إن كانت المرأة حية ولم تطلب الحد أو ميتة ولم يطلب ذلك ورثتها قيل له: إن شئت التعنت فدرأت حد المرأة والرجل وإن شئت لم تلتعن فحددت لأيهما طلب فإن جاء الأخر فطلب حده لم يكن له لأن حكمه حكم الواحد إذا كان لعان واحد. وإذا شهد عليه شاهدان أنه قذف أمهما وامرأته في كلمتين متفرقتين جازت شهادتهما لغير أمهما وبطلت لأمهما وسواء كانت المقذوفة مع أمهما امرأة القاذف وأمهما امرأته أو لم يكونا أو كانت إحداهما ولم تكن الأخرى. وإذا شهد شاهدان على زوج بقذف حبس حتى يعدلا فيحد أو يلتعن. وإن شهد شاهد فشاءت أن يحلف أحلف وإن لم تشأ لم يحبس بشاهد واحد. ولا يقبل في رجل في حد ولا لعان. وإذا شهدا ابنا الرجل على أبيهما وأمهما امرأة أبيهما أنه قذف امرأة له غير أمهما جازت شهادتهما لأنهما شاهدان عليه بحد وللأب أن يلتعن وليس ذلك عليه فالتعانه إحداث طلاق ولم يشهدا عليه بطلاق. ولو شهدا أنه طلق امرأة له غير أمهما فقد قيل: ترد شهادتهما لأن أمهما تنفرد بأبيهما وما هذا عنده ببين لأن لأبيهما أن ينكح غيرها ولا أعلم في هذا جر منفعة إلى أمهما بشهادتهما وكل من قلت: تجوز شهادته فلا تجوز حتى يكون عدلا ولو أن شاهدين شهدا على رجل يقذف امرأته أو غيرها ثم ماتا مضى عليه الحد أو اللعان. وكذلك لو عميا ولو تغيرت حالهما حتى يصيرا ممن لا تجوز شهادتهما بفسق فلا حد ولا لعان حتى يكونا يوم يكون الحكم بالحد واللعان غير مجروحين في أنفسهما. قال: وتقبل الوكالة في تثبيت البينة على الحدود فإذا أراد القاضي يقيم الحد أو يأخذ اللعان أحضر المأخوذ لها الحد واللعان إن كانت حية حاضرة. وإذا شهد شاهدان على قذف وهما صغيران أو عبدان أو كافران فأبطلنا شهادتهما ثم بلغ الصغيران وعتق العبدان
صفحة : 2036
وأسلم الكافران فأقامت المرأة البينة بالقذف أجزنا شهادتهم لأنا ليس إنما رددناها بأن لم يكونوا شهودا عدولا في تلك الحال وسواء كانوا عدولا أو لم يكونوا عدولا ولو كان شهد على ذلك حران مسلمان مجروحان في أنفسهما فأبطلت شهادتهما ثم عدلا وطلبت المرأة حدها لم يكن لها من قبل أنا حكمنا على هذين بأن شهادتهما باطلة ومثلهما في تلك الحال قد يكون شاهدا لو كان عدلا غير عدو. ولو شهد هؤلاء على رؤية أو سماع يثبت حقا لأحد أو عليه في تلك الحال التي لا يجوز فيها شهادتهم وأقاموا الشهادة عليه في الحال التي يجوز فيها شهادتهم أجزتها. وكذلك أن يكون عدوان لرجل أو فاسقان سمعا رجلا يقذف امرأة فلم تطلب ذلك المرأة أو طلبته فلم يشهدا حتى ذهبت عداوتهما للرجل أو عدلا جازت شهادتهما لأنه لم يحكم برد شهادتهما حتى يشهدا وكذلك العبيد يسمعون والصبيان والكفار ثم لا يقيمون الشهادة إلا بعد أن يبلغ الصبيان أو يعتق العبيد ويسلم الكفار. فإذا قذف الرجل امرأته فأقر أو أقامت عليه بينة فجاء بشاهدين يشهدان على إقرارها بالزنا فلا حد عليه ولا لعان ولا عليها ولا يقام عليها حد بأحد شهد عليها بإقرار وإن كانوا أربعة حتى تقر هي وتثبت على الإقرار حتى يقام عليها الحد. ولو جاء بشاهد وامرأتين يشهدون على إقرارها بالزنا فلا حد عليها ولا يدرأ عنه الحد لأن شهادة النساء لا تجوز في هذا ويحد أو يلاعن. وكذلك لو شهد عليها ابناها منه بالإقرار بالزنا كانت شهادتهما لأبيهما باطلا وحد أو لاعن. ولو عفت امرأته عن القذف أو أجنبية ثم أرادت القيام به عليه بعد العفو لم يكن لها ولو أقرت بالزنا فلا حد ولا لعان على الزوج. ولو شهد شاهدان على رجل قد ادعيا عليه أنه قذفهما ثم شهدا أنه قذف امرأته أو قذف امرأته ثم قذفهما لم أجز شهادتهما للمرأة لأن دعواهما عليه القذف عداوة وخصومة ولو عفوا القذف لم أجز شهادتهما عليه لامرأته إلا أن لا يشهدا عليه إلا بعد عفوهما عنه وبعد أن يرى ما بينه وبينهما حسن لا يشبه العداوة فأجيز شهادتهما لامرأته لأني قد اختبرت صلحه وصلحهما بعد الكلام الذي كان عداوة وليسا له بخصمين ولا يجرحان بعداوة ولا خصومة. وإذا أقرت المرأة بالزنا مرة فلا حد على من قذفها وإذا شهد شاهدان على رجل أنه قذف امرأته فأقام الزوج شاهدين أنها كانت أمة أو ذمية يوم وقع القذف فلا حد ولا لعان ويعزر إلا أن يلتعن. ولو كان شاهدا المرأة شهدا أنها كانت يوم قذفها حرة مسلمة لأن كل واحدة من البينتين تكذب الأخرى في أن لها الحد فلا يحد ويعزر إلا أن يلتعن. ولو لم
صفحة : 2037
يقم بينة وشهد شاهداها على القذف ولم يقولا: كانت حرة يوم قذفت ولا مسلمة وهي حين طلبت حرة مسلمة فقال الزوج: كانت يوم قذفتها أمة أو كافرة كان القول قوله ودرأت الحد عنه حتى تقيم البينة أنها كانت حرة مسلمة فإن كانت حرة الأصل أو مسلمة الأصل فالقول قولها وعليه الحد أو اللعان إلا أن يقيم البينة على أنها كانت مرتدة يوم قذفها. قال الشافعي رحمه الله: وإذا قذف الرجل امرأته فادعى بينة على أنها زانية أو مقرة بالزنا وسأل الأجل لم يؤجل في ذلك أكثر من يوم أو يومين فإن لم يأت ببينة حد أو لاعن. وإذا قذف الرجل امرأته فرافعته وهي بالغة فقال: قذفتك وأنت صغيرة فالقول قوله وعليها البينة أنه قذفها كبيرة ولو أقام البينة أنه قذفها وهي صغيرة وأقامت هي البينة أنه قذفها كبيرة لم يكن هذا اختلافا من البينة وكان هذان قذفين: قذف في الصغر وقذف في الكبر وعليه الحد إلا أن يلاعن. ولو اتفق الشهود على يوم واحد فقال شهود المرأة: كانت حرة مسلمة بالغة وشهود الرجل: كانت صبية أو غير مسلمة فلا حد ولا لعان لأن كل واحدة من البينتين تكذب الأخرى ولو أقامت المرأة بينة أن الزوج أقر بولدها لم يكن له أن ينفيه فإن فعل وقذفها فمتى أقامت المرأة البينة أن زوجها قذفها بعد أو أقر أخذ لها بحدها إلا أن يلاعن فارقها أو لم يفراقها ولو فارقها وكانت عند زوج غيره فطلبت حدها حد لها إلا أن يلتعن أخبرنا الربيع قال الشافعي: قال: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: الرجل يقول لامرأته يا زانية وهو يقول لم أر ذلك عليها أو عن غير حمل قال: يلاعنها قال الشافعي من حلف بالله أو باسم من أسماء الله تعالى فعليه الكفارة إذا حنث. ومن حلف بشيء غير الله فليس بحالف ولا كفارة عليه إذا حنث. والمولي من حلف بالذي يلزمه به كفارة. ومن أوجب على نفسه شيئا يجب عليه إذا أوجبه فأوجبه على نفسه إن جامع امرأته فهو في معنى المولي لأنه لم يعد إن كان ممنوعا من الجماع إلا بشيء يلزمه ما ألزم نفسه مما لم يكن يلزمه قبل إيجابه أوكفارة يمين. ومن أوجب على نفسه شيئا لا يجب عليه ما أوجب ولا بدل منه فليس بمول وهو خارج من الإيلاء. تم الجزء الخامس من كتاب: الأم للإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه ويليه إن شاء الله الجزء السادس وأوله: كتاب الجراح - أصل تحريم القتل ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.