صفحة : 1857
تبيين الثانية فهي اثنتان وإن أراد بها طلاقا ثالثا فهي ثالثة وإن مات قبل أن يسأل فهي ثلاث لأن ظاهر قوله إنها ثلاث. ولو قال لها: أنت طالق وطالق طالق وقعت عليها اثنتان الأولى والثانية التي كانت بالواو لأنها استئناف كلام في الظاهر ودين في الثالثة فإن أراد بها طلاقا فهي طالق وإن لم يرد بها طلاقا وأراد إفهام الأول أو تكريره فليس بطلاق. ولو قال: أردت بالثانية إفهام الكلام الأول والثالثة إحداث طلاق كانت طالقا ثالثا في الحكم لأن ظاهر الثانية ابتداء طلاق لا إفهام ودين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء وتقع الثالثة لأنه أراد بها ابتداء طلاق لا إفهاما وإن احتملته. وهكذا إن قال لها: أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق وقعت اثنتان ودين في الثالثة كما وصفت. ولو قال لها: أنت طالق وأنت طالق ثم أنت طالق وقعت ثلاث لأن الأولى ابتداء طلاق والثانية استئناف وكذلك الثالثة لا تكون في الظاهر إلا استئنافا لأنها ليست على سياق الكلام الأول. ولو قال لها: أنت طالق بل طالق كانت طالقا اثنتين. ولو قال: أردت إفهاما أو تكرير الأولى عليها لم يدين في الحكم لأن بل إيقاع طلاق حادث لا إفهام ماض غيره. ولو قال لها: أنت طالق طلاقا كانت واحدة إلا أن يريد بقوله طلاقا ثانية لأن طالق طلاقا ابتداء صفة طلاق كقوله طلاقا حسنا أو طلاقا قبيحا. ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 1858
الطلاق بالحساب قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو قال لها: أنت طالق واحدة قبلها واحدة أو واحدة بعدها واحدة كانت طالقا اثنتين. فإن قال: أردت واحدة ولم أرد بالتي قبلها أو بعدها طلاقا لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. ولو طلقها واحدة ثم راجعها ثم قال: أنت طالق واحدة قبلها واحدة فقال: أردت أني كنت قد طلقتها قبلها واحدة أحلف ودين في الحكم. ولو قال: أنت طالق واحدة بعدها واحدة ثم سكت. ثم قال: أردت بعدها واحدة أوقعها عليك بعد وقت أو لا أوقعها عليك إلا بعده لم يدين في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى. وإذا قال الرجل لامرأته: بدنك أو رأسك أو فرجك أو رجلك أو يدك أو سمى عضوأ من جسدها أو إصبعها أو طرفا ما كان منها طالق فهي طالق. ولو قال لها: بعضك طالق أو جزء منك طالق أو سمى جزءا من ألف جزء طالقا كانت طالقأ والطلاق لا يتبعض. وإذا قال لها: أنت طالق نصف أو ثلث أو ربع تطليقة أو جزء من ألف جزء كانت طالقا والطلاق لا يتبعض. ولو قال لها: أنت طالب نصفي تطليقة كانت طالقا واحدة إلا أن يريد اثنتين. أو يقول: أردت أن يقع نصف بحكمه ما كان ونصف مستأنف بحكمه ما كان فتطلق اثنتين. وكذلك لو قال لها أنت طالق ثلاثة أثلاث تطليقة أو أربعة أرباع تطليقة كان كل واحد من هؤلاء تطليقة واحدة لأن كل تطليقة تجمع نصفين أو ثلاثة أثلاث أو أربعة أرباع إلا أن ينوي به أكثر فيقع بالنية مع اللفظ. وهكذا لو قال لها: أنت طالق نصف وثلث وسدس تطليقة أو نصف وربع وسدس تطليقة. ولو نظر رجل إلى امرأة له وامرأة معها ليست له بامرأة فقال: إحداكما طالق كان القول قوله فإن أراد امرأته فهي طالق وإن أراد الأجنبية لم تطلق امرأته وإن قال: أردت الأجنبية أحلف. وكانت امرأته بحالها لم يقع عليها طلاق. ولو قال لامرأته: أنت طالق واحدة في ثنتين كانت طالقا واحدة وسئل عن قوله في اثنتين فإن قال: ما نويت شيئا لم تكن طالقأ إلا واحدة لأن الواحدة لا نكون داخلة في اثنتين بالحساب فهو ما أراد فهي طالق اثنتين. وإن قال: أردت واحدة في اثنتين مقرونة بثنتين كانت طالقا ثلاثا في الحكم. قال: ولو قال: أنت طالق واحدة وواحدة كانت طالقا اثنتين. ولو قال: واحدة واثنتين باقية لي عليك كانت طالقا واحدة. وكذلك لو قال: واحدة وواحدة باقية لي عليك وواحدة لا أوقعها عليك إلا واحدة ولو قال:
صفحة : 1859
أنت طالق واحدة لا يقع عليك إلا واحدة تقع عليك وقعت عليها واحدة حين تكلم بالطلاق. وإذا كان لرجل أربع نسوة فقال: قد أوقعت بينكن تطليقة كانت كل واحدة منهن طالقا واحدة. وكذلك لو قال: اثنتين أو ثلاثا أو أربعا إلا أن يكون نوى أن كل واحدة من الطلاق تقسم بينهن فتكون كل واحدة منهن طالقا ما سمى من جماعتهن: واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا فإن قال: قد أوقعت بينكن خمس تطليقات فكل واحدة منهن طالق اثنتين. وكذلك ما زاد إلى أن يبلغ ثمان تطليقات فإن زاد على الثمان شيئا من الطلاق كن طوالق ثلاثا ثلاثا. فإن قال: أرت أن يكون ثلاثا أو أربعا أو خمسا لواحدة منهن كانت التي أراد طالقا ثلاثا ولم يدين في الأخر معها في الحكم ودين فيما بينه وبين الله تعالى وكان من بقي طالقا اثنتين اثنتين. ولو كان قال: بينكن خمس تطليقات لبعضكن فيها أكثر مما لبعض كان القول قوله وأقل ما تطلق عليه منهن واحدة في الحكم ثم يوقف حتى يوقع على من أراد بالفضل منهن الفضل ولا يكون له أن يحدث إيقاعا لم يكن أراده في أصل الطلاق فإن لم يكن نوى بالفضل واحدة منهن فشاء أن تكون التطليقة الفضل بينهن أرباعأ فكن جميعا تطليقتين ويكون أحق بالرجعة كان ذلك له. و. إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثأ إلا اثنتين فهي طالق واحدة. وإن قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة فهي طالق اثنتين. وإن قال: أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثأ كانت طالقا ثلاثأ إنما يكون الاستثناء جائزا إذا بقي مما سمى شيء يقع به شيء مما أوقع فأما إذا لم يبق مما سمى شيئأ مما استثنى فلا يجوز الاستثناء والاستثناء حينئذ محال. ولو قال لها: أنت طالق ثم طالق وطالق إلا واحدة كانت طالقأ ثلاثا لأنه قد أوقع كل تطليقة وحدها ولا يجوز أن يستثني واحدة من واحدة كما لو قال لغلامين له: مبارك حر وسالم حر إلا سالم لم يجز الاستثناء ووقع العتق عليهما معا كما لا يجوز أن يقول: سالم حر إلا سالم لا يجوز الاستثناء إذا فرق الكلام ويجوز إذا جمعه ثم بقي شيء يقع به بعض ما أوقع. وإذا طلق واحدة واستثنى نصفها فهي طالق واحدة لأن ما بقي من الطلاق يكون تطليقة تامة لو ابتدأه. وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله لم تطلق والاستثناء في الطلاق والعتاق والنذر كهو في الأيمان لا يخالفها. ولو قال: أنت طالق إن شاء فلان لم تطلق حتى يشاء فلان وإن مات فلان قبل أن يشاء أو خرس أو غاب فهي امرأته بحالها. فإن قالت: قد شاء فلان وقال الزوج: لم يشأ فلان فالقول قول الزوج مع يمينه ولو شاء فلان وهو معتوه أو مغلوب على عقله من غير سكر لم تكن
صفحة : 1860
طالقا ولو شاء وهو سكران كانت طالقا لأن كلامه سكران كلام يقع به الحكم. وإذا قال لامرأته: أنت طالق واحدة بائنا فهي طالق واحدة يملك الرجعة ولا يكون البائن بائنأ مما ابتدأ من الطلاق إلا ما أخذ عليه جعلا كما لو قال لعبده: أنت حر ولا ولاء لي عليك كان حرا وله ولاؤه لأن قضاء النبي ﷺ أن الولاء لمن أعتق وقضاء الله تبارك وتعالى: أن المطلق واحدة واثنتين يملك الرجعة في العدة فلا يبطل ما جعل الله عز وجل ورسوله ﷺ لامرىء بقول نفسه وإن قال لها: أنت طالق واحدة غليظة أو واحدة أغلظ أو أشد أو أفظع أو أعظم أو أطول أو أكبر فهي طالق واحدة لا أكثر منها ويكون الزوج في كلها يملك الرجعة لما وصفت. وإذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا تقع في كل يوم واحدة كان كما قال. ولو وقعت عليها واحدة في أول يوم فإن ألقت حملا فبانت منه ثم جاء الغد ولا عدة عليها منه لم تقع الثانية ولا الثالثة. فإن قال: أنت طالق في كل شهر فوقعت الأولى في أول شهر ووقعت الآخرتان واحدة في كل شهر قبل مضي العدة وقعت الثلاث ولومضت العدة فوقع منهن شيء بعد مضي العدة لم يلزمها لأنه وقع وهي غير زوجة. ولو قال لها: أنت طالق ثلاثا كل سنة واحدة فوقعت الأولى فلم تنقض عدتها منها حتى راجعها فجاءت السنة الثانية وهي زوجة وقعت الثانية فإن راجعها في العدة وجاءت السنة الثالثة وقعت الثالثة وكذلك لو لم يراجعها في العدة ولكن نكحها بعد مضي العدة فجاءت السنة وهي عنده وقع الطلاق. ولو وقعت الأولى ثم جاءت السنة الثانية وهي غير زوجة ولا في عدة منه لم تقع الثانية. ولو نكحها بعده وجاءت السنة الثانية وهي عنده وقعت الثانية وإن نكحها بعده وجاءت السنة الثالثة وهي عنده وقعت الثالثة لأنها زوجة. ولو خالعها فكانت في عدة منه وجاءت سنة هي في عدة إلا أنه لا يملك رجعتها لم يقع عليها الطلاق في عدة لا يملك رجعتها فيها ولو قال لها: أنت طالق كلما مضت سنة فخالعها ثم مضت السنة الأولى وليست له بزوجة كانت في عدة منه أو في غير عدة لم يلزمه الطلاق لأن وقت الطلاق وقع وليست له بزوجة. فإن نكحها نكاحا جديدا فكلما مضت سنة من يوم نكحت وقعت تطليقة حتى ينقضي طلاق الملك كله. قال الربيع: وللشافعي قول آخر: أنه إذا خالعها ثم تزوجها لم يقع عليها الطلاق بمجيء السنة لأن هذا غير النكاح الأول. قال الشافعي لو قال لها: أنت طالق في كل شهر واحدة أو في مضي كل شهر واحدة ثم طلقها ثلاثا قبل أن يقع منهن شيء بعد ما وقع بعضهن ونكحت
صفحة : 1861
زوجا غيره فأصابها ثم نكحها فمرت تلك الشهور لم يلزمها من الطلاق شيء لأن طلاق ذلك الملك مضى عليه كله وحرمت عليه فلا تحل إلا بعد زوج ونكاح جديد وكانت كمن لم تنكح قط في أن لا يقع عليها طلاق عقده في الملك الذي بعد الزوج ولو كان طلقها واحدة أو اثنتين فبقي من طلاق ذلك الملك شيء ثم مرت لها مدة أوقع عليها فيها الطلاق وهو يملكها وقع. وهكذا لو قال: كلما دخلت هذه الدار فأنت طالق فكلما دخلتها وهي زوجة له أو في عدة من فرقة لا يملك الرجعة فهي غير طالق فإذا طلقها ثلاثا فحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ثم نكحت زوجا غيره فأصابها ثم نكحها ثم دخل بها لم يقع عليها الطلاق بكلام متقدم في ملك نكاح قد حرم حتى كان بعده زوجا أحل استئناف النكاح. وإذا هدم نكاح الزوج الطلاق حتى صارت كمن ابتدأ نكاحه ممن لم تنكحه قط هدم اليمين التي يقع بها الطلاق لأنها أضعف من الطلاق. وهكذا لو قال أنت طالق كلما حضت وغير ذلك مما يقع الطلاق فيه في وقت فعلى هذا الباب كله وقياسه ولو قال لها: أنت طالق كل سنة ثلاثا فطلقت ثلاثا في أول سنة ثم تزوجت زوجا أصابها ثم نكحها زوجها نكاحا جديدا لم يقع عليها فيما يمضي من السنين بعد شيء لأن طلاق الملك الذي عقد فيه الطلاق بوقت مضى ولو قال لها: أنت طالق في كل سنة تطليقة فوقعت عليها واحدة أو اثنتان ثم تزوجها زوج غيره ثم دخل بها ثم طلقها أو مات عنها فنكحها الأول ثم مضت سنة وقعت عليها تطليقة حتى تعد ثلاث تطليقات لأن الزوج يهدم الثلاث ولا يهمم الواحدة ولا الثنتين. ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة
صفحة : 1862
الخلع والنشوز أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال: قال الله تبارك وتعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد طلاقها فقالت: لا تطلقني وأمسكني واقسم لي ما بدا لك فأنزل الله تعالى: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا الآية. قال الشافعي وقد روي أن رسول الله ﷺ هم بطلاق بعض نسائه فقالت: لا تطلقني ودعني يحشرني الله تعالى في نسائك وقد وهبت يومي وليلتي لأختي عائشة قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن سودة وهبت يومها لعائشة قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي ﷺ توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان. قال الشافعي وبهذا كله نأخذ والقرآن يدل على مثل معاني الأحاديث بأن بينا فيه إذا خافت المرأة نشوز بعلها أن لا بأس عليهما أن يصالحا ونشوز البعل عنها بكراهيته لها فأباح الله تعالى له حبسها على الكره لها فلها وله أن يصالحا وفي ذلك دليل على أن صلحها إياه بترك بعض حقها له. وقد قال الله عز وجل: وعاشروهن بالمعروف إلى خيرا كثيرا قال الشافعي فيحل للرجل حبس المرأة على ترك بعض القسم لها أو كله ما طابت به نفسا. فإذا رجعت فيه لم يحل له إلا العدل لها أو فراقها لأنها إنما تهب في المستأنف ما لم يجب لها فما أقامت على هبته حل وإذا رجعت في هبته حل ما مضى بالهبة ولم يحل ما يستقبل إلا بتجديد الهبة له. قال: وإذا وهبت له ذلك فأقام عند امرأة له أياما ثم رجعت استأنف العدل عليها وحل له ما مضى قبل رجوعها. قال: فإن رجعت ولا يعلم بالرجوع فأقام على ما حللته منه ثم علم أن قد رجعت استأنف العدل من يوم علم ولا بأس عليه فيما مضى. وإن قال: لا أفارقها ولا أعدل لها أجبر على القسم لها ولا يجبر على فراقها. قال: ولا يجبر على أن يقسم لها الإصابة وينبغي له أن يتحرى لها العدل فيها. قال: وهكذا لو كانت منفردة به أو مع أمة له يطؤها أمر بتقوى الله تعالى وأن لا يضر بها في الجماع ولم يفرض عليه منه شيء بعينه إنما يفرض عليه ما لا صلاح لها إلا به من نفقة وسكنى وكسوة وأن يأوي إليها فأما الجماع فموضع تلذذ ولا يجبر أحد عليه. قال: ولو أعطاها مالا
صفحة : 1863
على أن تحلله من يومها وليلتها فقبلته فالعطية مردودة عليه غير جائزة لها وكان عليه أن يعدل لها فيوفيها ما ترك من القسم لها لأن ما أعطاها عليه لا عين مملوكة ولا منفعة. قال ولو حللته فوهب لها شيئا على غير شرط كانت الهبة لها جائزة ولم يكن له الرجوع فيها إذا قبضتها وإن رجعت هي في تحليله فيما مضى لم يكن لها وإن رجعت في تحليله فيما لم يمض كان لها وعليه أن يعدل لأنها لم تملك ما لم يمض فيجوز تحليلها له فيما ملكت. جماع القسم للنساء قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قال الشافعي سمعت بعض أهل العلم يقول قولا معناه ما أصف لن تستطيعوا أن تعدلوا إنما ذلك في القلوب فلا تميلوا كل الميل لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم فيصير الميل بالفعل الذي ليس لكم فتذروها وما أشبه ما قالوا عندي بما قالوا لأن الله عز وجل تجاوز عما في القلوب وكتب على الناس الأفعال والأقاويل فإذا مال بالقول والفعل فذلك كل الميل قال الله عز وجل: قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم وقال في النساء: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وقال وعاشروهن بالمعروف قال الشافعي وسن رسول الله ﷺ القسم بين النساء فيما وصفت من قسمه لأزواجه في الحضر وإحلال سودة له يومها وليلتها. قال الشافعي ولم أعلم مخالفا في أن على المرء أن يقسم لنسائه فيعدل بينهن وقد بلغنا أن رسول الله ﷺ يقسم فيعدل ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك يعني والله أعلم قلبه وقد بلغنا أنه كان يطاف به محمولا في مرضه على نسائه حتى حللنه 1. ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
صفحة : 1864
تفريع القسم والعدل بينهن قال الشافعي عماد القسم الليل لأنه سكن قال الله تبارك وتعالى: وجعل لكم الليل لتسكنوا فيه وقال: وجعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها قال الشافعي فإذا كان عند الرجل أزواج حرائر مسلمات أو كتابيات أو مسلمات وكتابيات. فهن في القسم سواء وعليه أن يبيت عند كل واحدة منهن ليلة. قال الشافعي وإذا كان فيهن أمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة قال: ولا يكون له أن يدخل في الليل على التي لم يقسم لها لأن الليل هو القسم. ولا بأس أن يدخله في النهار للحاجة لا ليأوي فإذا أراد أن يأوي إلى منزله أوى إلى منزل التي يقسم لها ولا يجامع امرأة في غير يومها فإن فعل فلا كفارة عليه. قال: وإن مرضت إحدى نسائه عادها في النهار ولم يعدها في الليل وإن ماتت فلا بأس أن يقيم عندها حتى يواريها ثم يرجع إلى التي لها القسم وإن ثقلت فلا بأس أن يقيم عندها حتى تخف أو تموت ثم يوفي من بقي من نسائه مثل ما أقام عندها. قال: وإن أراد أن يقسم ليلتين ليلتين وثلاثا ثلاثا كان ذلك له وأكره مجاوزة الثلاث من العمد من غير أن أحرمه وذلك أنه قد يموت قبل أن يعدل للثانية ويمرض وإن كان هذا قد يكون فيما دون الثلاث. قال: وإذا قسم لامرأة ثم غاب ثم قدم ابتدأ القسم للتي تليها في القسم وهكذا إن كان حاضرا فشغل عن المبيت عندها ابتدأ القسم كما يبتدئه القادم من الغيبة فيبدأ بالقسم للتي كانت ليلتها. قال: وإن كان عندها بعض الليل ثم غاب ثم قدم ابتدأ فأوفاها قدر ما بقي من الليل ثم كان عند التي تليها في آخر الليل حتى يعدل بينهن في القسم. قال وإن كان عندها مريضا أو متداويا أو هي مريضة أو حائض أو نفساء فذلك قسم يحسبه عليها. وكذلك لو كان عندها صحيحا فترك جماعها حسب ذلك من القسم عليها إنما القسم على المبيت كيف كان المبيت. قال: ولو كان محبوسا في موضع يصلن إليه فيه عدل بينهن كما يعدل بينهن لو كان خارجا قال والمريض والصحيح في القسم سواء. وإن أحب أن يلزم منزلا لنفسه ثم يبعث إلى كل واحدة منهن يومها وليلتها فتأتيه كان ذلك له وعليهن فأيتهن امتنعت من إتيانه كانت تاركة لحقها عاصية ولم يكن عليه القسم لها ما كانت ممتنعة قال وهكذا لو كانت في منزله أو في منزل يسكنه فغلقته دونه وامتنعت منه إذا جاءها أو هربت أو ادعت عليه طلاقا كاذبة حل له تركها والقسم لغيرها وترك أن ينفق عليها حتى تعود إلى أن لا تمتنع منه وهذه ناشز. وقد قال الله تبارك وتعالى: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن
صفحة : 1865
في المضاجع واضربوهن فإذا أذن في هجرتها في المضجع لخوف نشوزها كان مباحا له أن يأتي غيرها من أزواجه في تلك الحال وفيما كان مثلها. قال الشافعي رحمه الله: وهكذا الأمة إذا امتنعت بنفسه أو منعها أهلها منه فلا نفقة ولا قسم لها حتى تعود إليه. وكذلك إذا سافر بها أهلها بإذنه أو غير إذنه فلا نفقة ولا قسم. قال: وإذا سافرت الحرة بإذنه أو بغير إذنه فلا قسم لها ولا نفقة إلا أن يكون هو الذي أشخصها فلا يسقط عنه نفقتها ولا قسمها. وهي إذا أشخصها مخالفة لها إذا شخص هو وهي مقيمة لأن إشخاصه إياها كنقلها إلى منزل فليس له تركها فيه بلا نفقة ولا قسم وشخوصه هو شخوص بنفسه وهو الذي عليه القسم لا له. قال: وإذا جنت امرأة من نسائه أو خبلت فغلبت على عقلها فكانت تمتنع منه سقط حقها في القسم فإن لم تكن تمتنع فلها حقها في القسم. وكذلك لو خرست أو مرضت أو ارتتقت كان لها حقها في القسم ما لم تمتنع منه أويطلقها. وإنما قلنا: يقسم للرتقاء وإن لم يقدر عليها كما قلنا يقسم للحائض ولا يحل له جماعها لأن القسم على السكن لا على الجماع. ألا ترى أنا لا نجبره في القسم على الجماع وقد يستمتع منها وتستمتع منه بغير جماع قال: وإذا كان الزوج عنينا أو خصيا أو مجبوبا أو من لا يقدر على النساء بحال أو لا يقدر عليهن إلا بضعف أو إعياء فهو والصحيح القوي في القسم سواء لأن القسم على ما وصفت من السكن وكذلك هو في النفقة على النساء وما يلزم لهن. قال: وإذا تزوج المخبول أو الصحيح فغلب على عقله وعنده نسوة انبغى لوليه القائم بأمره أن يطوف به عليهن أو يأتيه بهن حتى يكن عنده ويكون عندهن كما يكون الصحيح العقل عند نسائه ويكن عنده وإن أغفل ذلك فبئس ما صنع وإن عمد أن يجور به أثم هو ولا مأثم على مغلوب على عقله. قال: ولو كان رجل يجن ويفيق وعنده نسوة فعزل في يوم جنونه عن نسائه جعل يوم جنونه كيوم من غيبته واستأنف القسم بينهن وإن لم يفعل فكان في يوم جنونه عند واحدة منهن حسب كما إذا كان مريضا فقسم لها وقسم للأخرى يومها وهو صحيح. قال: ولو قسم لها صحيحا فجن في بعض الليل وكان عندها كانت قد استوفت وإن خرج من عندها أوفى لها ما بقي من الليل. قال: وإن جنت هي أو خرجت في بعض الليل كان له أن يكون عند غيرها ولا يوفيها شيئا من قسمها ما كانت ممتنعة منه ويقسم لنسائه البواقي قسم النساء لا امرأة معهن غيرهن. قال: ولو استكرهه سلطان أو غيره أو خرج طائعا من عند امرأة في الليل عاد فأوفاها ما بقي من الليل. قال: وإن كان ذلك
صفحة : 1866
في النهار لم يكن عليه فيه شيء إذا لم يكن ذاهبا إلى غيرها من نسائه ولا أكره في النهار شيئا إلا أثرة غيرها من أزواجه فيه بمقام أو جماع فإذا أقام عند غيرها في نهارها أوفاها ذلك من يوم التي أقام عندها. قال: ولو كان له مع نسائه إماء يطؤهن لم يكن للإماء قسم مع الأزواج ويأتيهن كيف شاء أكثر مما يأتي النساء في الأيام والليالي والجماع وأقل كما يكون له أن يسافر ويغيب في المصر عن النساء فإذا صار إلى النساء عدل بينهن. وكذلك يكون له ترك الجواري والمقام مع النساء غير أني أحب في الأحوال كلها أن لا يؤثر على النساء وأن لا يعطل الجواري. قال: وهكذا إذا كان له جوار لا امرأة معهن كان عند أيتهن شاء ما شاء وكيفما شاء وأحب له أن يتحرى استطابة أنفسهن بمقاربة وأن يجعل لكل واحدة منهن حظا منه. قال: وإذا تزوج الرجل المرأة وخلى بينه وبينها فعليه نفقتها والقسم لها من يوم يخلون بينه وبينها. قال: وإذا كان لرجل أربع نسوة فقسم لثلاث وترك واحدة عامدا أو ناسيا قضاها الأيام التي ترك القسم لها فيها متتابعات لا فرق بينهن واستحلها إن كان ترك القسم لها أربعين ليلة فله منها عشر فيقضيها العشر متتابعات ولو كان نساؤه الحواضر ثلاثا فترك القسم لهن ثلاثين ليلة وقدمت امرأة له كانت غائبة بدأ فقسم للتي ترك القسم لها يومها ويوم المرأتين اللتين قسم لهما وتركها وذلك ثلاث ثم قسم للغائبة يوما ثم قسم للتي ترك القسم لها ثلاثا حتى يوفيها جميع ما ترك لها من القسم ولو قسم رجل بين نسائه يومين أو ثلاثا لكل امرأة ثم طلق امرأة لم يقسم لها أوترك القسم لها لم يكن عليه إلا أن يستحل التي ترك القسم لها ولو راجعها أو نكحها نكاحأ جديدا أوفاها ما كان لها من القسم. قال: ولو كان لرجل زوجة مملوكة وحرة فقسم للحرة يومين ثم دار إلى المملوكة فعتقت فإن كانت عتقت وقد أوفاها يومها وليلتها دار إلى الحرة فقسم لها يوما وللأمة التي أعتقت يوما وإن لم يكن أوفاها ليلتها حتى عتقت يبيت عندها ليلتين حتى يسويها بالحرة لأنها قد صارت كهي قبل أن تستكمل حظها من القسم. قال: ويقسم للمرأة قد آلى منها وللمرأة قد تظاهر منها ولا يقرب التي تظاهر منها. وكذلك إذا أحرمت بأمره قسم لها ولم يقربها وكذلك القسم لو كان هو محرما ولا يقرب واحدة ممن معه في إحرامه. ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
صفحة : 1867
القسم للمرأة المدخول بها قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله ﷺ حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده قال لها: ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت قال الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أخبراه أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أم سلمة أنها أخبرته أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها وقالوا: ما أكذب الغرائب حتى أنشأ أناس منهم الحج فقالوا: أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة قالت: فصدقوني وازددت عليهم كرامة فلما حللت جاءني رسول الله ﷺ فخطبني فقلت له: ما مثلي نكح أما أنا فلا ولد في وأنا غيور ذات عيال قال: أنا أكبر منك وأما الغيرة فيذهبها الله تعالى وأما العيال فإلى الله ورسوله فتزوجها رسول الله ﷺ فجعل يأتيها ويقول: أين زناب حتى جاء عمار بن ياسر فاختلجها. فقال: هذه تمنع رسول الله ﷺ وكانت ترضعها فجاء رسول الله ﷺ فقال: أين زناب فقالت قريبة بنت أبي أمية وواقفها عندما أخذها عمار بن ياسر فقال رسول الله ﷺ: إني آتيكم الليلة قالت: فقمت فوضعت ثقالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جرة وأخرجت شحما فعصدته له أو صعدته شك الربيع قالت: فبات رسول الله ﷺ وأصبح فقال حين أصبح: إن لك على أهلك كرامة فإن شئت سبعت لك إن أسبع أسبع لنسائي قال الشافعي أخبرنا مالك عن حميد عن أنس أنه قال: للبكر سبع وللثيب ثلاث قال الشافعي وحديث ابن جريج ثابت عن النبي ﷺ وفيه دلالة على أن الرجل إذا تزوج البكر كان له أن يقيم عندها سبعا وإذا تزوج الثيب كان له أن يقيم عندها ثلاثا ولا يحسب عليه لنسائه اللاتي كن عنده قبلها فيبدأ من السبع ومن الثلاث. قال: وليس له في البكر ولا الثيب إلا إبقاؤهما هذا العدد إلا أن يحللاه منه. قال: وإن لم يفعل وقسم لنسائه عاد فأوفاهما هذا العدد كما
صفحة : 1868
يعود فيما ترك من حقهما في القسم فيوفيهما. قال: ولو دخلت عليه بكران في ليلة أو ثيبان أو بكر وثيب كرهت له ذلك. وإن دخلتا معا عليه أقرع بينهما فأيتهما خرج سهمها بدأ فأوفاها أيامها ولياليها وإن لم يقرع فبدأ بإحداهما رجوت أن يسعه لأنه لا يصل إلى أن يوفيهما حقهما إلا بأن يبدأ بإحداهما ولا أحب له أن يقسم بينهما أربع عشرة لأن حق كل واحدة منهما موالاة أيامها. قال: فإن فعل لم أر عليه إعادة أيام لها بعد العدة التي أوفاها إياها وإن دخلت عليه إحداهما بعد الأخرى بدأ فأوفى التي دخلت عليه أولا أيامها. قال: وإذا بدأ بالتي دخلت عليه آخرا أحببت له أن يقطع ويوفي الأولى قبلها فإن لم يفعل ثم أوفى الأولى لم يكن لها زيادة على أيامها ولا يزاد أحد في العدد بتأخير حقها. قال: وإذا فرغ من أيام البكر والثيب استأنف القسم بين أزواجه فعدل بينهن. قال: فإن كانت عنده امرأتان ثم نكح عليهما واحدة فدخلت بعد ما قسم لواحدة فإذا أوفى التي دخلت عليه أيامها بدأ بالتي كان لها القسم بعد التي كانت عنده قال: ولا يضيق عليه أن يدخل عليها في أي يوم أو أي ليلة شاء من ليالي نسائه. قال: ولا أحب في مقامه عند بكر ولا ثيب أن يتخلف عن صلاة ولا بر كان يعمل قبل العرس ولا شهود جنازة ولا يجوز له أن يتخلف عن إجابة دعوة. ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 1869
سفر الرجل بالمرأة قال الشافعي رحمه الله: أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن ابن شهاب عن عبيد الله عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا أراد سفرأ أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها قال الشافعي: فإذا كان للرجل نسوة فأراد سفرا فليس بواجب أن يخرج بهن ولا بواحدة منهن وإن أراد الخروج بهن أو ببعضهن فذلك له فإن أراد الخروج بواحدة أو اثنتين أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها ولم يكن له أن يخرج بغيرها وله أن يتركها إن شاء. وهكذا إن أراد الخروج باثنتين أو ثلاث لم يخرج بواحدة منهن إلا بقرعة فإن خرج بواحدة منهن بغير قرعة عليه أن يقسم لمن بقي بقدر مغيبه مع التي خرج بها. قال: فإذا خرج بامرأة بالقرعة كان لها السفر خالصا دون نسائه لا يحتسب عليها ولا لهن من مغيبها معه في السفر منفردة شيء وسواء قصر سفره أو طال. قال: ولو أراد السفر لنقلة لم يكن له أن ينتقل بواحدة منهن إلا أوفى البواقي مثل مقامه معها. قال: ولو خرج مسافرا بقرعة ثم أزمع المقام لنقلة كان للتي سافر بها بالقرعة ما مضى قبل إزماعه المقام على النقلة وحسب عليها مقامه معها بعد النقلة فأوفى البواقي حقوقهن فيها. قال: ولو أقرع بين نسائه على سفر فخرج سهم واحدة فخرج بها ثم أراد سفرا قبل رجوعه من ذلك السفر كان ذلك كله كالسفر الواحد ما لم يرجع فإذا رجع فأراد سفرا أقرع. قال: ولو سافر بواحدة فنكح في سفره أخرى كان للتي نكح ما للمنكوحة من الأيام دون التي سافر بها ثم استأنف القسم بينهما بالعدد ولا يحسب لنسائه اللاتي خلف من الأيام التي نكح في سفره شيئأ لأنه لم يكن حيث يمكنه القسم لهن. ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
صفحة : 1870
نشوز المرأة على الرجل قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض إلى قوله: سبيلا قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن إياس بن عبد الله بن أبي ذياب قال: قال رسول الله ﷺ: لا تضربوا إماء الله قال: فأتاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهم فأذن في ضربهن. فأطاف بآل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن فقال النبي ﷺ: لقد أطاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن ولا تجدون أولئك خياركم قال الشافعي في نهي النبي ﷺ عن ضرب النساء ثم إذنه في ضربهن وقوله: لن يضرب خياركم يشبه أن يكون ﷺ نهى عنه على اختيار النهي وأذن فيه بأن مباحا لهم الضرب في الحق واختار لهم أن لا يضربوا لقوله: لن يضرب خياركم قال: ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهن ثم أذن لهم بعد نزولها بضربهن قال الشافعي وفي قوله: لن يضرب خياركم دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن وتختار له من ذلك ما اختار رسول الله ﷺ فنحب للرجل أن لا يضرب امرأته في انبساط لسانها عليه وما أشبه ذلك. قال الشافعي وأشبه ما سمعت والله أعلم في قوله: واللاتي تخافون نشوزهن أن لخوف النشوز دلائل فإذا كانت فعظوهن لأن العظة مباحة فإن لججن فأظهرن نشوزا بقول أو فعل فاهجروهن في المضاجع فإن أقمن بذلك على ذلك فاضربوهن وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضجع وهو منهي عنه ولا ضرب إلا بقول أو فعل أو هما. قال: ويحتمل في تخافون نشوزهن إذا نشزن فأبن النشوز فكن عاصيات به أن تجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب. قال: ولا يبلغ في الضرب حدا ولا يكون مبرحا ولا مدميا ويتوقى فيه الوجه قال: ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام ثلاثا لأن الله عز وجل إنما أباح الهجرة في المضجع. والهجرة في المضجع تكون بغير هجرة كلام ونهى رسول الله ﷺ أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثا قال: ولا يجوز لأحد أن يضرب ولا يهجر مضجعا بغير بيان نشوزها. قال: وأصل ما ذهبنا إليه من أن لا قسم للممتنعة من زوجها ولا نفقة ما كانت ممتنعة لأن الله تبارك وتعالى أباح هجرة مضجعها وضربها في النشوز والامتناع نشوز. قال: ومتى تركت النشوز لم تحل هجرتها ولا ضربها وصارت على حقها كما
صفحة : 1871
كانت قبل النشوز. قال الشافعي رحمه الله تعالى: في قوله عز وجل: وللرجال عليهن درجة وقوله: وعاشروهن بالمعروف وهو ما ذكرنا مما لها عليه في بعض الأمور من مؤنتها وله عليها مما ليس لها عليه ولكل واحد منهما على صاحبه. قال الشافعي قال الله عز وجل: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها الآية. قال الشافعي والله أعلم بمعنى ما أراد فأما ظاهر الأية فإن خوف الشقاق بين الزوجين أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه منع الحق ولا يطيب واحد منهما لصاحبه بإعطاء ما يرضى به ولا ينقطع ما بينهما بفرقة ولا صلح ولا ترك القيام بالشقاق وذلك أن الله عز وجل أذن في نشوز المرأة بالعظة والهجرة والضرب ولنشوز الرجل بالصلح فإذا خافا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ونهى إذا أراد الزوج استبدال زوج مكان زوج أن يأخذ مما آتاها شيئا قال الشافعي فإذا ارتفع الزوجان المخوف شقاقهما إلى الحاكم فحق عليه أن يبعث حكما من أهله وحكمأ من أهلها من أهل القناعة والعقل ليكشفا أمرهما ويصلحا بينهما إن قدرا. قال: وليس له أن يأمرهما يفرقان إن رأيا إلا بأمر الزوج ولا يعطيا من مال المرأة إلا بإذنها. قال: فإن اصطلح الزوجان وإلا كان على الحاكم أن يحكم لكل واحد منهما على صاحبه بما يلزمه من حق في نفس ومال وأدب. قال: وذلك أن الله عز وجل إنما ذكر أنهما إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ولم يذكر تفريقا. قال: وأختار للإمام أن يسأل الزوجين أن يتراضيا بالحكمين ويوكلاهما معا فيوكلهما الزوج إن رأيا أن يفرقا بينهما فرقا على ما رأيا من أخذ شيء أو غير أخذه إن اختبرا توليا من المرأة عنه. قال: وإن جعل إليهما إن رضيت بكذا وكذا فأعطياها ذلك عني واسألاها أن تكف عني كذا وللمرأة أن توكلهما إن شاءت بأن يعطيا عنها في الفرقة شيئا تسميه إن رأيا أنه لا يصلح الزوج غيره وإن رأيا أن يعطياه أن يفعلا أو له كذا ويترك لها كذا فإن فعل ذلك الزوجان أمر الحكمين بأن يجتهدا فإن رأيا الجمع خيرا لم يصيرا إلى الفراق وإن رأيا الفراق خيرا أمرهما فصارا إليه وإن رجع الزوجان أو أحدهما بعد ما يوكلانهما عن الوكالة أو بعضها أمرهما بما أمرهما به أولا من الإصلاح ولم يجعلهما وكيليهما إلا فيما وكلا فيه. قال: ولا يجبر الزوجان على توكيلهما إن لم يوكلا وإذا وكلاهما معا كما وصفت لم يجز أمر واحد منهما دون صاحبه فإن فرق أحدهما ولم يفرق الآخر لم تجز الفرقة
صفحة : 1872
وكذلك إن أعطى أحدهما على الآخر شيئا قال: وإن غاب أحد الحكمين أو غلب على عقله بعث حكما غير الغائب أو المغلوب المصلح من قبل الحاكم وبالوكالة إن وكله بها الزوجان. قال: وإن غلب أحد الزوجين على عقله لم يمض الحكمان بينهما شيئا حتى يعود إليه عقله ثم يجدد وكالة. قال: وإن غاب أحد الزوجين ولم يفسخ الوكالة أمضى الحكمان رأيهما ولم تقطع غيبة واحد منهما الوكالة. قال الشافعي أخبرنا الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني أنه قال في هذه الآية وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها قال: جاء رجل وامرأة إلى علي رضي الله عنه ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما عليكما إن رأيتما إن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا قالت المرأة: رضيت بكتاب الله مما علي فيه ولي وقال الرجل: أما الفرقة فلا فقال علي رضي الله عنه: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة سمعه يقول: تزوج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة فقالت له: اصبر لي وأنفق عليك فكان إذا دخل عليها قالت: أين عتبة بن ربيعة أين شيبة بن ربيعة فيسكت عنها حتى دخل عليها يوما وهو برم فقالت: أين عتبة بن ربيعة أين شيبة بن ربيعة فقال على يسارك في النار إذا دخلت فشدت عليها ثيابها فجاءت عثمان بن عفان فذكرت له ذلك فأرسل ابن عباس ومعاوية فقال ابن عباس: لأفرقن بينهما وقال معاوية: ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف. فال: فأتياهما فوجداهما قد شدا عليهما أثوابهما وأصلحا أمرهما قال الشافعي حديث علي ثابت عندنا وهو إن شاء الله كما قلنا لا نخالفه لأن عليا إذ قال لهم: ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها والزوجان حاضران فإنما خاطب به الزوجين أو من أعرب عنهما بحضرتهما بوكالة الزوجين أو رضاهما بما قال وقوله للرجل: لا والله حتى تقر بمثل ما أقرت به أن لا يقضي الحكمان إن رأيا الفرقة إذا رجعت عن توكيلهما حتى تعود إلى الرضى بأن يكونا بوكالتك ناظرين بما يصلح أمركما. ولو كان للحاكم أن يبعث حكمين بفرقة بلا وكالة الزوج ما احتاج علي رضي الله عنه إلى أن يقول لهما: ابعثوا ولبعث هو ولقال للزوج إن رأيا الفراق أمضيا ذلك عليك وإن لم تأذن به ولم يحلف لا يمضي الحكمان حتى يقر ولو كان للحاكم جبر الزوجين على أن يوكلا كان له أن يمضيه بلا أمرهما. قال: وليس في الحديث الذي روي عن
صفحة : 1873
عثمان دلالة كالدلائل في حديث علي رضي الله عنه وهو يشبه أن يكون كالحديث عن علي فإن قال قائل: فقد يحتمل خلافه قيل: نعم وموافقته فلست بأولى بأحد الوجهين من غيرك بل هو إلى موافقة حديث علي كرم الله وجهه أقرب من أن يكون قوله خلافه. ما يجوز به أخذ مال المرأة منها قال الشافعي قال الله عز وجل: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة الآية قال الشافعي فكان في هذه الآية إباحة أكله إذا طابت نفسها ودليل على أنها إذا لم تطب به نفسا لم يحل أكله. قال: وقد قال الله عز وجل: وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج إلى مبينا قال: وهذه الآية في معنى الآية التي كتبنا قبلها وإذا أراد الرجل الاستبدال بزوجته ولم ترد هي فرقته لم يكن له أن يأخذ من مالها شيئا بأن يستكرهها عليه ولا أن يطلقها لتعطيه فدية منه فإن فعل وأقر بذلك أو قامت عليه بينة رد ما أخذ منها عليها وإن كان طلقها عليه لزمه ما سمى من عدد الطلاق وكان يملك فيه الرجعة إن لم يأت على جميع طلاقها. قال: ويشبه والله تعالى أعلم أن لا يكون له إذا أزمع على فراقها أن يأتهب من مالها شيئا ثم يطلقها وذلك أن إعطاءها يكون على استطابة نفسه بحبسها لا على فراقها ويشبه معاني الخديعة لها قال: ولا يبين لي رد ذلك عليها لو وهبته بلا ضرورة ثم طلقها لأن ظاهره أنها طابت به نفسا. قال: ولو علمته يريد الاستبدال بها ولم يمنعها حقها فنشزت ومنعته بعض الحق وأعطته مالا جاز له أخذه وصارت في معنى من يخاف أن لا يقيم حدود الله وخرجت من أن يكون يراد فراقها فيفارق بلا سبب منها ولا منع لحق في حال متقدمة لإرادته ولا متأخرة. ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ
صفحة : 1874
حبس المرأة علي الرجل يكرهها ليرثها قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية. قال الشافعي يقال والله أعلم نزلت في الرجل يمنع المرأة حق الله تعالى عليه في عشرتها بالمعروف عن غير طيب نفسها ويحبسها لتموت فيرثها أو يذهب ببعض ما آتاها واستثنى إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وقيل: لا بأس بأن يحبسها كارها لها إذا أدى حق الله تعالى فيها لقول الله عز وجل: وعاشروهن بالمعروف قرأ إلى كثيرا قال: وقيل في هذه الآية دلالة على أنه إنما حرم عليه حبسها مع منعها الحق ليرثها أو يذهب ببعض ما آتاها قال: وإذا منعها الحق وحبسها وذهب ببعض ما آتاها فطلبته فهو مردود عليها إذا أقر بذلك أو قامت به بينة. قال الشافعي وقد قيل: فإن أتت عنده بفاحشة - وهي الزنا - فحبسها على منع الحق في القسم لا أن ضربها ولا منعها نفقة فأعطته بعض ما آتاها حل له أخذه وكانت معصيتها الله بالزنا ثم معصيته أكبر من معصيتها في غير الزنا وهي إذا عصته فلم تقم حدود الله لم يكن عليه جناح فيما افتدت به. قال: فإن حبسها مانعا لها الحق ولم تأت بفاحشة ليرثها فماتت عنده لم يحل له أن يرثها ولا يأخذ منها شيئا في حياتها فإن أخذه رد عليها وكان أملك برجعتها. وقيل: إن هذه الآية منسوخة وفي معنى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم إلى سبيلا فنسخت بآية الحدود: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فقال النبي ﷺ خذوا عني خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم فلم يكن على امرأة حبس يمنع به حق الزوجة على الزوج وكان عليها الحد قال: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل - والله أعلم - لأن لله أحكاما بين الزوجين بأن جعل له عليها أن يطلقها محسنة ومسيئة ويحبسها محسنة ومسيئة وكارها لها وغير كاره ولم يجعل له منعها حقها في حال. ID ' ' الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال
صفحة : 1875
ما تحل به الفدية قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان إلى فيما افتدت به قال الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند أ ثابت بن قيس. بن شماس وأن رسول الله ﷺ خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فقال رسول الله ﷺ من هذه قالت: أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله لا أنا ولا ثابت لزوجها فلما جاء ثابت قال له رسول الله ﷺ هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي. فقال رسول الله ﷺ: خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن حبيبة بنت سهل أنها أتت النبي ﷺ في الغلس وهي تشكو شيئا ببدنها وهي تقول: لا أنا ولا ثابت بن قيس. فقالت: فقال رسول الله ﷺ يا ثابت خذ منها فأخذ منها وجلست قال الشافعي فقيل - والله أعلم - في قوله تعالى: فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به أن تكون المرأة تكره الرجل حتى تخاف أن لا تقيم حدود الله بأداء ما يجب عليها له أو أكثره إليه ويكون الزوج غير مانع لها ما يجب عليه أو أكثره فإذا كانت هذا حلت الفدية للزوج وإذا لم يقم أحدهما حدود الله فليسا معا مقيمين حدود الله. وقيل: وهكذا قول الله عز وجل: فلا جناح عليهما فيما افتدت به إذا حل ذلك للزوج فليس بحرام على المرأة والمرأة في كل حال لا يحرم عليها ما أعطت من مالها وإذا حل له ولم يحرم عليها فلا جناح عليهما معا وهذا كلام صحيح جائز إذا اجتمعا معا في أن لا جناح عليهما وقد يكون الجناح على أحدهما دون الآخر. فلا يجوز أن يقال: فلا جناح عليهما وعلى أحدهما جناح. قال: وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل لأن الله عز وجل حرم على الرجل إذا أراد استبدال زوج مكان زوج أن يأخذ مما آتاها شيئا. قال: وقيل: أن تمتنع المرأة من أداء الحق فتخاف على الزوج أن لا يؤدي الحق إذا منعته حقا فتحل الفدية. قال: وجماع ذلك أن تكون المرأة المانعة لبعض ما يجب عليها له المفتدية تحرجا من أن لا تؤدي حقه أو كراهية له فإذا كان هكذا حلت الفدية للزوج ولو خرج في بعض ما تمنعه من الحق إلى إيذائها بالضرب أجزت ذلك له لأن النبي ﷺ قد أذن لثابت بأخذ الفدية من حبيبة وقد نالها
صفحة : 1876
بالضرب. قال: وكذلك لو لم تمنعه بعض الحق وكرهت صحبته حتى خافت تمنعه كراهية صحبته بعض الحق فأعطته الفدية طائعة حلت له وإذا حل له أن يأكل ما طابت به نفسأ على غير فراق حل له أن يأكل ما طابت به نفسا ويأخذ عوضا بالفراق. قال: ولا وقت في الفدية كانت أكثر مما أعطاها أو أقل لأن الله عز وجل يقول: فلا جناح عليهما فيما افتدت به وتجوز الفدية عند السلطان ودونه كما يجوز إعطاء المال والطلاق عند السلطان ودونه. الكلام الذي يقع به الطلاق ولا يقع قال الشافعي رحمه الله: الخلع طلاق فلا يقع إلا بما يقع به الطلاق فإذا قال لها: إن أعطيتني كذا وكذا فأنت طالق أو قد فارقتك أو سرحتك وقع الطلاق ثم لم أحتج إلى النية. قال: وإن قال: لم أنو طلاقا دين فيما بينه وبين الله عز وجل وألزم في القضاء وإذا قال لها: إن أعطيتني كذا فأنت بائن أو خلية أو برية سئل: فإن أراد الطلاق فهي طالق وإن لم يرد الطلاق فليس بطلاق ويرد شيئا إن أخذه منها. قال: وإذا قال لها: قد خالعتك أو فاديتك أو ما أشبه هذا لم يكن طلاقا إلا بإرادته الطلاق لأنه ليس بصريح الطلاق. قال: وسواء كان هذا عند غضب أو رضى وذكر طلاق أو غير ذكره إنما أنظر إلى عقد الكلام الذي يلزم لا سببه. وإذا قالت المرأة لزوجها: اخلعني أو بتني أو أبني أو بارئني أو ابرأ مني ولك علي ألف أو لك هذه الألف أو لك هذا العبد وهي تريد الطلاق فطلقها فله ما ضمنت له وما أعطته. قال: وكذلك لو قالت له: اخلعني على ألف ففعل كانت له الألف ما لم يتناكرا فإن قالت: إنما قلت على ألف ضمنها لك غيري أو على ألف لي عليك لا أعطيك أو على ألف فلس وأنكر تحالفا وكان له عليها مهر مثلها. وإذا قالت المرأة للرجل: طلقني ولك علي ألف درهم فقال: أنت طالق على ألف إن شئت فلها المشيئة وقت الخيار فإن لم تشأ حتى مضى وقت الخيار لم يكن لها مشيئة وإن شاءت بعد ذلك كانت مشيئتها باطلة وهي امرأته بحالها. قال: وهكذا إن قال لها: أنت طالق إن أعطيتني ألفا فقالت: خذها مما لي عليك أو قالت: أنا أضمنها لك وأعطيك بها رهنا لم يكن هذا طلاقا لأنها لم تعطه ألفا في واحد من هذه الأحوال. قال: ولو أعطته ألفا في وقت الخيار لزمه الطلاق فإن لم تعطه الألف حتى يمضي وقت الخيار ثم أعطته إياها لم يلزمه الطلاق وسواء هرب الزوج أو غاب حتى مضى وقت الخيار أو أبطأت هي بإعطائه الألف حتى مضى وقت الخيار. قال: وإذا كان للرجل امرأتان
صفحة : 1877
فسألتاه أن يطلقهما بألف فطلقهما في ذلك المجلس لزمهما الطلاق. وفي المال قولان: أحدهما أن الألف عليهما على قدر مهور مثلهما والآخر: أن على كل واحدة منهما مهر مثلها لأن الخلع وقع على كل واحدة منهما بشيء مجهول. قال الربيع: وهذا أصح القولين عندي. قال: وإن قالت له امرأتان له: لك ألف فطلقنا معا فطلق إحداهما في وقت الخيار ولم يطلق الأخرى لزم المطلقة مهر مثلها. ولو طلق الأخرى بعد ذلك الوقت لزمه الطلاق وكان يملك فيه الرجعة ولم يلزمها من المال شيء إنما يلزمها المال إذا طلقها في وقت الخيار. قال: ولو قالتا: طلقنا بألف فقال: إن شئتما فأنتما طالقان لم تطلقا حتى يشاءا معا في وقت الخيار فإن شاءت إحداهما ولم تشأ الأخرى حتى مضى وقت الخيار لم تطلقا. قال: فإن شاءتا معا فله على كل واحدة منهما مهر مثلها. وقال: وإذا قال رجل لامرأته: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ألفا في وقت الخيار وقع الطلاق وليس له أن يمتنع إذا دفعتها إليه في ذلك الوقت ولا لها أن ترجع فيها. قال: وهكذا إن قال: أعطيني أو إن أعطيتني وما أشبه هذا فإنما ذلك على وقت الخيار فإذا مضى لم يقع في شيء. قال: وإن قال: متى أعطيتني أو أي وقت أعطيتني أو أي حين أعطيتني ألفا فأنت طالق فلها أن تعطيه ألفا متى شاءت وليس له أن يمتنع من أخذها ولا لها إذا أعطته ألفا أن ترجع فيها لأن هذا كله غاية كقوله: متى دخلت الدار فأنت طالق أو متى قدم فلان فأنت طالق فليس له أن يقول: قد رجعت فيما قلت وعليه متى دخلت الدار أو قدم فلان أن تطلق. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا خالع الرجل امرأته فنوى الطلاق ولم ينو عددا منه بعينه فالخلع تطليقة لا يملك فيها الرجعة لأنها بيع من البيوع ولا يجوز أن يملك عليها مالها ويكون أملك بها. وإنما جعلناها تطليقة لأن الله تعالى يقول: الطلاق مرتان فعقلنا عن الله تعالى أن ذلك إنما يقع بإيقاع الزوج وعلمنا أن الخلع لم يقع إلا بإيقاع الزوج قال: وإذا خالع الرجل امرأته فسمى طلاقا على خلع أو فراق أو سراح فهو طلاق وهو ما نوى. وكذلك إن سمى ما يشبه الطلاق من الكلام بنية الطلاق. قال: وجماع هذا أن ينظر إلى كل كلام يقع به الطلاق بلا خلع فنوقعه به في الخلع وكل ما لا يقع به طلاق بحال على الابتداء يوقع به خلع فلا نوقع به خلعا حتى ينوي به الطلاق. وإذا لم يقع به طلاق فما أخذ الزوج من المرأة مردود عليها. قال: فإن نوى بالخلع اثنتين أو ثلاثأ فهو ما نوى. قال: وكذلك إن سمى عددا من الطلاق فهو ما سمى
صفحة : 1878
وقد روي نحو من هذا عن عثمان رضي الله عنه قال الشافعي أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن طهمان مولى الأسلميين عن أم بكرة الأسلمية. قال الشافعي وهذا كما روي عن عثمان رضي الله عنه إن لم يسم بالخلع تطليقة لأنه من قبل الزوج ولو سمى أكثر من تطليقة فهو ما سمى قال: والمختلعة مطلقة فعدتها عدتها ولها السكنى ولا نفقة لها لأن زوجها لا يملك الرجعة. قال: إذا خالعها ثم طلقها في العدة لم يقع عليها الطلاق لأنها ليست بزوجة ولا في معاني الأزواج بحال بأن يكون له عليها رجعة ولا تحل له إلا بنكاح جديد كما كانت قبل أن ينكحها. وكذلك لو آلى منها أو تظاهر أو قذفها لم يقع عليها إيلاء ولا ظهار ولا لعان إن لم يكن ولد ولو ماتت أو مات لم يتوارثا. قال: وإنما قلت هذا بدلالة كتاب الله عز وجل لأن الله تعالى حكم بهذه الأحكام الخمسة من: الإيلاء والظهار واللعان والطلاق والميراث بين الزوجين. فلما عقلنا عن الله تعالى أن هذين غير زوجين لم يجز أن يقع عليها طلاقه. فإن قال قائل: فهل فيه من أثر فأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وابن الزبير قال الشافعي ولو خالعها ثم أخذ منها شيئا على أن طلقها ثانية أو ثالثة لم يلزمها الطلاق وكان الخلع عليها مردودا لأنه أخذه على ما لا يلزمه لها. قال: وإذا جاز ما أخذ من المال على الخلع والطلاق فيه واقع فلا يملك الزوج فيه الرجعة لأن الله عز وجل يقول: فلا جناح عليهما فيما افتدت به ولا تكون مفتدية وله عليها الرجعة ولا يملك المال وهو يملك الرجعة لأن من ملك شيئا بعوض أعطاه لم يجز أن يكون يملك ما خرج منه وأخذ المال عليه. قال: ولو خالعت المرأة زوجها بألف ودفعتها إليه ثم أقامت بينة أو أقر أن نكاحها كان فاسدا أو أنه قد كان طلقها ثلاثا قبل الخلع أو تطليقة لم يبق له عليها غيرها أو خالعها ولم يجدد لها نكاحا رجعت عليه في كل هذا. بما أخذ منها قال: وهكذا لو خالعته ثم وجد نكاحها فاسدا كان الخلع باطلا ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
صفحة : 1879
ما يجوز خلعه وما لا يجوز قال الشافعي رحمه الله تعالى: جماع معرفة من يجوز خلعه من النساء أن ينظر إلى كل من جاز أمره في ماله فنجيز خلعه ومن لم يجز أمره في ماله فنرد خلعه. فإن كانت المرأة صبية لم تبلغ أو بالغا ليست برشيدة أو محجورا عليها أو مغلوبة على عقلها فاختلعت من زوجها بشيء قل أو كثر فكل ما أخذ منها مردود عليهما وما طلقها على ما أخذ منها واقع عليها وهذا يملك الرجعة. فإذا بطل ما أخذ ملك الرجعة في الطلاق الذي وقع به إلا أن يكون طلقها ثلاثا أو تطليقة لم يكن بقي له عليها غيرها. قال: وهكذا إن خالع عنها وليها بأمرها من مالها كان أو غيره فالمال مردود وليس للسلطان أن يخالع عنها من مالها فإن فعل فالطلاق واقع والخلع مردود عليها. ولو خالع عنها وهي صبية بأن أبرأ زوجها من مهرها أو دين لها عليه أو أعطاه شيئا من مالها كان الطلاق الذي وقع بالمال واقعا عليها وكان مالها الذي دفعته إليه مردودا عليها وحقها ثابت عليه من الصداق وغيره ولا يبرأ الزوج من شيء مما أبرأه منه الأب والولي غير الأب. قال: ولو كان أبو الصغيرة وولي المحجور عليها خالع عنها بأن أبرأه من صداقها وهو يعرفه على أنه ضامن لما أدركه فيه كان صداقها على الزوج به ويرجع به الزوج على الذي ضمنه أيا كان أوليا أو أجنبيا ولا يرجع به الضامن على المرأة لأنه ضمن عنها متطوعا في غير نظر قال الشافعي ولو كان دفع إلى الزوج عبدا من مالها على أن ضمن له ما أدركه في العبد فالعبد مردود عليها ويرجع الزوج على الضامن بقيمة العبد لأنه إنما ضمن له العبد لا غيره ولا يشبه الضامن البائع ولا المختلعة. وقد قيل له صداق مثلها وإن أفلس الضامن فالزوج غريم له ولا يرجع على المرأة بحال. قال: ولا يجوز خلع المحجور عليها بحال إلا بأن يتطوع عنها أحد يجوز أمره في ماله فيعطي الزوج شيئا على أن يفارقها فيجوز للزوج. قال: والذمية المحجور عليها في هذا كالمسلمة المحجور عليها. قال: والأمة هكذا وفي أكثر من هذا لأنها لا تملك شيئا بحال وسواء كانت رشيدة بالغا أو سفيهة محجورا عليها لا يجوز خلعها بحال إلا أن يخالع عنها سيدها أو من يجوز أمره في مال نفسه من مال نفسه متطوعا به فيجوز للزوج. قال: وإن أذن لها سيدها بشيء تخلعه فالخلع جائز وكذلك المدبرة وأم الولد. قال: ولا يجوز ما جعلت المكاتبة على الخلع ولو أذن لها الذي كاتبها لأنه ليس بمال له فيجوز إذنه فيه ولا لها فيجوز ما صنعت في مالها. قال: ولا يجوز خلع زوج حتى يجوز طلاقه وذلك أن يكون بالغا
صفحة : 1880
غير مغلوب على عقله فإذا كان غير مغلوب على عقله فخلعه جائز محجورا عليه كان أو رشيدا أو ذميا أو مملوكا من قبل أن طلاقه جائزة فإذا جاز طلاقه بلا شيء يأخذه كان أخذه ما أخذه عليه فضلا أولى أن يجوز من طلاقه بلا شيء وهو في الخلع كالبالغ الرشيد. فلو كان مهر امرأته ألفا وخالعته بدرهم جاز عليه ولولي المحجور أن يلي عليه ما أخذ بالخلع لأنه مال من ماله وما أخذ العبد بالخلع فهو لسيده. قال: فإن استهلكا ما أخذا قبل إذن ولي المحجور وسيد العبد له رجع ولي المحجور وسيد العبد به على المختلعة من قبل أنه حق لزمها له كما لو كان له عليها دين أو أرش جناية فدفعته إليه رجع به وليه وسيد العبد عليها. قال الشافعي وإن خلع أبو الصبي أو المعتوه أو وليه عنه امرأته أو أبو امرأته فالخلع باطل والنكاح ثابت. وما أخذا من المرأة أو وليها على الخلع فهو مردود كله وهي امرأته بحالها وكذلك إن كان مغلوبأ على عقله أو غير بالغ فخالع عن نفسه فهي امرأته بحالها. وكذلك سيد العبد إن خالع عن عبد بغير إذنه لأن الخلع طلاق فلا يكون لأحد أن يطلق عن أحد أب ولا سيد ولا ولي ولا سلطان إنما يطلق المرء عن نفسه أو يطلق عليه السلطان بما لزمه من نفسه إذا امتنع هو أن يطلق وكان ممن له طلاق وليس الخلع من هذا المعنى بسبيل. ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
صفحة : 1881
الخلع في المرض قال الشافعي رحمه الله تعالى: والخلع في المرض والصحة جائز كما يجوز البيع في المرض والصحة أيهما كان المريض أحدهما دون الآخر أو هما معا ويلزمه فيه ما سمى الزوج من الطلاق. قال فإن كان الزوج المريض فخالعها بأقل من مهر مثلها ما كان أو أكثر فالخلع جائز وإن مات من المرض لأنه لو طلقها بلا شيء كان الطلاق جائزأ. قال: وإن كانت هي المريضة وهو صحيح أو مريض فسواء. وإن خالعته بمهر مثلها أو أقل فالخلع جائز وإن خالعته بأكثر من مهر مثلها ثم ماتت من مرضها قبل أن تصح جاز لها مهر مثلها من الخلع وكان الفضل على مهر مثلها وصية يحاص أهل الوصاية بها. ولا ترث المختلعة في المرض ولا في الصحة زوجها ولا يرثها ولو مات أحدهما وهي في العدة. قال: ولو خالعها على عبد بعينه أو دار بعينها وقيمة العبد والدار مائة ومهر مثلها خمسون ثم ماتت من مرضها كان له الخيار في أن يكون له نصف العبد أو الدار أو يرجع بمهر مثلها نقدا كما لو اشتراه فاستحق نصفه كان له إن شاء أن يأخذ النصف بنصف الثمن وإن شاء نقض البيع ورجع بالثمن. قال الربيع: وللشافعي قول آخر: أنه إن اشترى عبدا فاستحق بعضه أن الصفقة باطلة من قبل أنها جمعت شيئين: أحدهما حرام والآخر حلال فبطلت كلها وهكذا الخلع على عبد استحق بعضه لأن الخلع بيع من البيوع فيه مهر مثلها والعبد مردود. قال الشافعي قال الشافعي: وسواء كان للمرأة ميراث أو كان الزوج بحاله أصاب منه أقل أو أكثر أو مثل صداق مثلها أو الصداق الذي أعطاها أو لم يكن إنما الخلع كالبيع. ألا ترى أن الخلع يفسد فيرجع عليها بمهر مثلها كما يرجع في البيوع الفائتة الفاسدة بقيمة السلعة مال والميراث وهو لا يملك حتى تموت المرأة وهو زوج والخلع الذي هو عوض من البضع. ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
صفحة : 1882
ما يجوز أن يكون به الخلع وما لا يجوز قال الشافعي رحمه الله: جماع ما يجوز به الخلع ولا يجوز أن ينظر إلى كل ما وقع عليه الخلع فإن كان يصلح أن يكون مبيعا فالخلع به جائز وإن كان لا يصلح أن يكون مبيعا فهو مردود وكذلك إن صلح أن يكون مستأجرا فهو كالمبيع. قال: وذلك مثل أن يخالع الرجل امرأته بخمر أو خنزير أو بجنين في بطن أمه أو عبد آبق أو طائر في السماء أو حوت في ماء أو بما في يده أو بما في يدها ولا يعرف الذي هو في يده أو بثمرة لم يبد صلاحها على أن يترك أو بعبد بغير عينه ولا صفة أو بمائة دينار إلى ميسرة أو إلى ما شاء أحدهما بغير أجل معلوم أو ما في معنى هذا أو يخالعها بحكمه أو حكمها أو بما شاء فلان أو بمالها كله وهو لا يعرفه أو بما في بيتها وهو لا يعرفه. قال: وإذا وقع الخلع على هذا فالطلاق واقع لا يرد ويرجع عليها أبدا بمهر مثلها. وكذلك إن خالعها على عبد رجل أو دار رجل فسلم ذلك الرجل العبد أو الدار لم يجز لأن البيع كان لا يجوز فيهما حين عقد. وهكذا إن خالعها على عبد فاستحق أو وجد حرا أو مكاتبأ رجع عليها بصداق مثلها لا قيمة ما خالعها عليه ولا ما أخذت منه من المهر كما يشتري الشيء شراء فاسدا فيهلك في يدي المشتري فيرجع البائع بقيمة الشيء المشترى الفائت لا بقيمة ما اشتراه به والطلاق لا يرجع فهو كالمستهلك فيرجع بما فات منه وقيمة ما فات منه صداق مثلها كقيمة السلعة الفائتة. قال: ولو اختلعت منه بعبد فاستحق نصفه أو أقل أو أكثر كان الزوج بالخيار بين أن يأخذ النصف ويرجع عليها بنصف مهر مثلها أو يرد العبد ويرجع عليها بمهر مثلها كحكمه لو اشتراه فاستحق نصفه. قال الربيع: وقول الشافعي الذي نأخذ به إن استحق بعضه بطل كله ورجع بصداق مثلها. قال: وكذلك لو خالعها على أنه بريء من سكناها كان الطلاق واقعا وكان ما اختلعت به غير جائز لأن إخراجها من المسكن محرم ولها السكنى ويرجع عليها بمهر مثلها. ولو خالعها على أن عليها رضاع ابنها وقتا معلوما كان جائزا لأن الإجارة تصح على الرضاع بوقت معلوم فلو مات المولود وقد مضى نصف الوقت رجع عليها بنصف مهر مثلها ولو لم ترضع المولود حتى مات أو انقطع لبنها أو هربت منه حتى مضى الرضاع رجع عليها بمهر مثلها. إنما قلت: إذا مات المولود رجع عليها بمهر مثلها ولم أقل: يأتيها بمولود مثله ترضعه كما يتكارى منها المنزل فيسكنه غيره والدابة فتحمل عليها ورثته غيره إذا مات وبفعل ذلك هو وهو حي لأن إبداله مثلها ممن يسكن سكنه
صفحة : 1883
ويركب ركوبه سواء لا يفرق السكن ولا الدابة بينهما. وأن المرأة تدر على المولود ولا تدر على غيره ويقبل المولود ثديها ولا يقبله غيره ويستمريه منها ولا يستمريه من غيرها ولا ترى أمه ولا تطيب نفسها له وليس هذا في دار ولا دابة يركبها راكب ولا يسكنها ساكن. قال: ولو اختلعت منه بأن عليها ما يصلح المولود من نفقة وشيء إن نابه وقتا معلوما لم يجز لأن ما ينوبه مجهول لما يعرض له من مرض وغيره وكذلك نفقته إلا أن تسمي مكيلة معلومة ودراهم معلومة تختلع منه بها ويأمرها بنفقتها عليه ويصدقها بها أو يدفعها إلى غيره أو يوكل غيرها بها فيقبضها في أوقات معلومة فإن وكل غيرها بأن يقبضها إذا احتاج لم يجز لأن حاجتة قد تقدم وتؤخر وتكثر وتقل وإذا لم يجز رجع عليها بمهر مثلها. وإن قبض منها مع الشرط الفاسد شيئا لا يجوز رده عليها أو مثله إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل. قال: وهكذا لو خالعها على نفقة معلومة في وقت معلوم وأن تكفنه وتدفنه إن مات أو نفقته وجعل طبيب إن مرض لأن هذا يكون ولا يكون وتكون نفقة المرض مجهولة وجعل الطبيب. فإذا أنفقت عليه رجعت عليه بالنفقة وانفسخ الشرط وكان عليها مهر مثلها قال: ولو خالعها بسكنى دار لها سنة معلومة أو خدمة عبد سنة معلومة جاز الخلع فإن انهدمت الدار أو مات العبد رجع عليها بمهر مثلها. قال: ولو اختلعت منه بما في بيتها من متاع فإن تصادقا على أنهما كانا يعرفان جميع ما في بيتها ولا بيت لها غيره أو سميا البيت بعينه جاز. وإن كانا أو أحدهما لا يعرفه أو كان لها بيت غيره فلم يسميا البيت وإن عرفا ما فيه فالخلع جائز وله مهر مثلها. قال: وإن اختلعت منه بالحساب الذي كان بينهما فإن كانت تعرفه ويعرفه جاز وإن كانا يجهلانه وقع الخلع وله عليها مهر مثلها وإن عرفه أحدهما وادعى الآخر جهالته تحالفا وله مهر مثلها. وإن عرفاه فادعى الزوج أنه كان في البيت شيء فأخرج منه أو المرأة أنه لم يكن في البيت شيء فأدخله تحالفا وله عليها مهر مثلها. ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 1884
المهر الذي مع الخلع قال الشافعي وإذا خالع الرجل امرأته دخل بها أو لم يدخل بها قبضت منه الصداق أو لم تقبضه فالخلع جائز فإن كانت خالعته على دار أو دابة أو عبد بعينه أو شيء أو دنانير مسماة أو شيء يجوز عليه الخلع ولم يذكر واحد منهما المهر فالخلع جائز ولا يدخل المهر في شيء منه. فإن كان دفع إليها المهر وقد دخل بها فهو لها لا يأخذ منه شيئا وإن لم يكن دفع إليها فالمهر لها عليه وإن كان لم يدخل بها وقد دفع المهر إليها رجع عليها بنصف المهر وإن كان لم يدفع منه شيئا إليها أخذت منه نصف المهر وإن كان المهر فاسدا أخذت منه نصف مهر مثلها. قال: والخلع والمبارأة والفدية سواء كله في هذا إذا أريد به الفراق ولا يختلف وكذلك الطلاق على شيء موصوف. قال: وإن تخالعا وقد سمى لها صداقا ولم يذكراه فهو كما وصفت لها الصداق إن دخل ونصفه إن لم يدخل فإن كان الصداق فاسدا فلها مهر مثلها إن دخل ونصف مهر مثلها إن لم يدخل وإن لم يكن سمى صداقا فلها المتعة والخلع جائز. قال: فإن قالت: أبارئك على مائة دينار وأدفعها إليك فهو كقولها: أخالعك. وإن قالت: أبارئك على مائة دينار على أن لا تباعة لواحد منا على صاحبه فتصادقا على البراءة من الصداق جاز. وإن لم يتصادقا وأراد البراءة من الصداق وقالت: لم أبرئك منه تحالفا وكان لها مهر مثلها وليس هذا كالمسألة قبلها. المبارأة ههنا مطلقة على المبارأة من عقد النكاح والمبارأة ههنا على أن لا تباعة لواحد منهما على صاحبه تحتمل عقد النكاح والمال فلذلك جعلنا هذا مبارأة مجهولة ورددناها إلى مهر مثلها فيها إذا تناكرا في الصداق. ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث.
صفحة : 1885
الخلع علي الشيء بعينه فيتلف قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا اختلعت المرأة من زوجها بعبد بعينه فلم تدفعه إليه حتى مات العبد رجع عليها بمهر مثلها كما يرجع لو اشتراه منها فمات قبل أن يقبضه رجع عليها بثمنه الذي قبضت منه وينتقض فيه البيع. ولو قبضه منها ثم غصبته إياه أو قتلته كان له عليها قيمته وكان كعبد له لم تملكه قط جنت عليه أو غصبته. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وكذلك لو اختلعت منه على دابة أو ثوب أو عرض فمات أو تلف رجع عليها بمهر مثلها ولو اختلعت منه على دار فاحترقت قبل أن يقبضها كان له الخيار: في أن يرجع بمهر مثلها أو تكون له العرصة بحصتها من الثمن. فإن كانت حصتها من الثمن النصف كانت له به ورجع عليها بنصف مهر مثلها. قال: ولو اختلعت منه بعبد معيب فرده بالعيب رجع عليها بمهر مثلها. ولو خالعته على ثوب وشرطت أنه هروي فإذا هو غير هروي فرده بأنه ليس كما شرطت رجع عليها بالمهر والخلع في كل ما وصفت كالبيع لا يختلف. خلع المرأتين قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا كانت للرجل امرأتان فقالتا له: طلقنا معا بألف لك علينا فطلقهما في ذلك المجلس لزمه الطلاق وهو بائن لا يملك فيه الرجعة. والقول في الألف واحد من قولين: فمن أجاز أن ينكح امرأتين معأ بمهر مسمى فيكون بينهما على قدر مهر مثلهما أجاز هذا وجعل على كل واحدة منهما من الألف بقدر مهر مثلها كان مهر مثل إحداهما مائة والأخرى مائتين فعلى التي مهر مثلها مائة ثلث الألف والتي مهر مثلها مائتان ثلثاها. قال: ومن قال هذا قال: فإن طلق إحداهما دون الأخرى في وقت الخيار وقع عليها الطلاق وكانت عليها حصتها من الألف. ثم إن طلق الأخرى قبل مضي وقت الخيار لزمها الطلاق وكانت عليها حصتها من الألف وإن مضى وقت الخيار فطلقها لزمها الطلاق وهو يملك فيه الرجعة ولا شيء له من الألف ولو طلق إحداهما في وقت الخيار ولم يطلق الأخرى حتى يمضي وقت الخيار لزم التي طلق في وقت الخيار حصتها من الألف. وكان طلاقأ بائنا ولم يلزم التي طلق بعد وقت الخيار شيء وكان يملك في طلاقها الرجعة. قال: وله أن لا يطلقها في وقت الخيار ولا بعد وإن أرادتا الرجوع فيما جعلتا له في وقت الخيار لم يكن لهما وكذلك لو قال هو لهما: إن أعطيتماني ألفا فأنتما طالقان ثم أراد أن يرجع لم يكن ذلك له في وقت الخيار فإذا مضى
صفحة : 1886
فأعطياه ألفأ لم يكن عليه أن يطلقهما إلا أن يشاء أن يبتدىء لهما طلاقا قال: وإن قالتا: طلقنا بألف فطلقهما ثم ارتدتا لزمتهما الألف بالطلاق وأخذت منهما. قال: ولو قالتا: هذا له ثم ارتدتا فطلقهما بعد الردة وقف الطلاق. فإن رجعتا إلى الإسلام في العدة لزمتهما وكانتا طالقين بائنتين لا يملك رجعتهما وعدتهما من يوم تكلم بالطلاق لا من يوم ارتدتا ولا من يوم رجعتا إلى الإسلام وإن لم ترجعا إلى الإسلام حتى تمضي العدة أو تقتلا أو تموتا لم يقع الطلاق ولم يكن له من الألف شيء. قال: ولو كانت لرجل امرأتان محجورتان فقالتا: طلقنا على ألف فطلقهما فالطلاق لازم وهو يملك فيه الرجعة إذا لم يكن جاء على طلاقهما كله ولا شيء له عليهما من الألف. قال: وإن كانت إحداهما محجورأ عليها والأخرى غير محجور عليها لزمهما الطلاق. وطلاق غير المحجور عليها جائز بائن وعليها حصتها من الألف. وطلاق المحجور عليها يملك فيه الرجعة إذا أبطلت ماله بكل حال جعلت الطلاق يملك الرجعة وإن كان أراد هو أن لا يملك الرجعة. ألا ترى أنه لو قال لامرأته: أنت طالق واحدة بائن كانت واحدة يملك الرجعة قال: ولو كانت امرأته أمة فخالعها كانت التطليقة بائنا ولا شيء عليها ما كانت مملوكة إذا لم يأذن لها السيد ويتبعها بالخلع إذا عتقت وإنما أبطلته عنها في الرق لأنها لا تملك شيئا كما أبطلته عن المفلس حتى يوسر. فلو خلع رجل امرأة له مفلسة كان الخلع في ذمتها إذا أيسرت لأني لم أبطله من جهة الحجر فيبطل بكل حال. قال: وإذا قال الرجل لامرأته: اختلعي على ألف على أن أعطيك هذا العبد ففعل فمن أجاز نكاحأ وبيعأ معا أجازه الخلع وجعل العبد مبيعا ومهر مثلها بألف كأن قيمة العبد ألف وقيمة مهر مثلها ألف فالعبد مبيع بخمسمائة فإذا وجدت به عيبا فمن قال: إذا جمعت الصفقة شيئين لم يردا إلا معا فردت العبد رجع عليها بمهر مثلها وكان لها الألف يحاصها بها. ومن قال: إذا جمعت الصفقة شيئين مختلفين رد أحدهما بعيبه بحصته من الثمن رده بخمسمائة. قال: وقد يفترق هذا والبيع لأن أصل ما عقد هذا عليه أن الطلاق لا يرد بحال فيجوز لمن قال: لا يرد البيع إلا معا أن يرد العبد بخمسمائة من الثمن ويفرق بينه وبين البيع. قال: وإذا كانت للرجل امرأتان فقالت إحداهما: طلقني وفلانة على أن لك علي ألف درهم أو على ألف درهم ففعل. فالألف للتي خاطبته لازمة يتبعها بها. وهكذا لو قال ذلك له أجنبي فإن طلق التي لم تخاطبه وأمسك التي خاطبته لزمت المخاطبة حصة التي طلقت من الصداق على ما وصفت: من أن يقسم الصداق على مهر
صفحة : 1887
مثلها فيلزمها حصة مهر مثل مطلقة. قال: وهكذا لو قال هذا له أجنبي قال: وإذا كان لرجل امرأتان فقالت له إحداهما: لك علي إن طلقتني ألف وحبست صاحبتي فلم تطلقها أبدا فطلقها كان له عليها مهر مثلها لفساد الشرط في حبس صاحبتها أبدا وهو مباح له أن يطلقها. قال: ولو قالت: لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فأخذها رجعت بها عليه وكان له أن يطلقها. ولو قالت: لك علي ألف درهم على أن تطلق صاحبتي ولا تطلقني أبدا فطلق صاحبتها كان له عليها مثل مهر صاحبتها كان أقل من ألف أو أكثر ولم تكن له الألف لفساد الشرط وكان له أن يطلقها متى شاء. قال: ولو قالت له: لك علي ألف درهم على أن تطلقني وصاحبتي فطلقهما لزمتها الألف. وإن طلق إحداهما كان له من الألف بقدر حصة مهر مثل المطلقة منهما. قال: والقول الثاني: أن رجلا لو كانت له امرأتان فأعطتاه ألفا على أن يطلقهما فطلقهما كان له عليهما مهور أمثالهما ولم يكن له من الألف شيء. وكذلك لو أعطته واحدة ألف درهم على أن يطلقها ويعطيها عبدا له لم يكن لها العبد وكان له عليها مهر مثلها. وأصل هذا إذا كان مع طلاق واحدة شيء غير طلاقها أو شيء تأخذه مع طلاقها كان الشرط باطلا والطلاق واقع ورجع عليها بمهر مثلها. وأصل هذا إذا كان مع شيء تأخذه مع طلاقها في هذه الوجوه كلها. قال: وما أعطته المرأة عن نفسها أو أعطاه أجنبي عنها أن يطلقها فسواء إذا كان ما أعطاه مما يجوز أن يملك تم له وجاز الطلاق وإذا كان مما لا يجوز أن يملك رجع عليها إن كانت المعطية عن نفسها أو غيرها أو أعطت عن غيرها أو أعطى عنها أجنبي ما لزمها من ذلك في نفسها لزمها في غيرها وما لزمها في نفسها لزم الأجنبي فيها إذا أعطاه عنها لا يفترق ذلك كما يلزم ما يؤخذ في البيوع. قال: وإذا قالت المرأة للرجل: طلقني ثلاثا ولك علي ألف درهم فطلقها ثلاثا فله الألف. وإن طلقها اثنتين فله ثلثا الألف وإن طلقها واحدة فله ثلث الألف والطلاق بائن في الواحدة والثنتين قال: ولو لم يبق له عليها من الطلاق إلا واحدة فقالت له: طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها واحدة كانت له الألف لأن الواحدة تقوم مقام الثلاث في أن تحرمها عليه حتى تنكح زوجا غيره. قال: ولو كانت بقيت له عليها اثنتان فقالت له: طلقني ثلاثا ولك ألف درهم فطلقها اثنتين كان له الألف لأنها تحرم عليه بالاثنتين حتى تنكح زوجا غيره ولو طلقها واحدة كان له ثلثا الألف لأنها تبقى معه بواحة ولا تحرم عليه حتى يطلقها إياها فلا تأخذ أكثر من حصتها من الألف.
صفحة : 1888
قال: ولو قالت: طلقني واحدة بألف فطلقها ثلاثا كانت له الألف وكان متطوعا بالثنتين اللتين زادهما. قال: ولو قالت له. إن طلقتني واحدة فلك ألف أو ألفان فطلقها واحدة كان له مهر مثلها لأن الطلاق لم ينعقد على شيء معلوم وكذلك لو قالت: لي الخيار أن أعطيك ألفا لا أنقصك منها أو ألفين أو لك الخيار أو لي ولك الخيار. قال: ولو كانت بقيت عليها واحدة من الطلاق فقالت: طلقني ثلاثا واحدة أحرم بها واثنتين إن نكحتني بعد اليوم كان له مهر مثلها إذا طلقها كما قالت. قال: ولو قالت له إن طلقتني فعلي أن أزوجك امرأة تغنيك وأعطيك صداقها أو أي امرأة شئت وأعطيك صداقها وسمت صداقها أو لم تسمه فالطلاق واقع وله مهر مثلها وإنما منعني أن أجيزه إذا سمت المهر أنها ضمنت له تزويج امرأة قد لا تزوجه ففسد الشرط فإذا فسد فإنما له مهر مثلها. قال: وهكذا لو قالت له: إن طلقتني واحدة فلك ألف ولك إن خطبتني أن أنكحك بمائة فطلقها فله مهر مثلها ولا يكون له عليها أن تنكحه إن طلقها قال: وهكذا لو قالت له: طلقني ولك ألف ولك أن لا أنكح بعدك أبدأ فطلقها فله مهر مثلها وله أن تنكح من شاءت. قال: وإذا وكل الزوج في الخلع فالوكالة جائزة والخلع جائز فمن جاز أن يكون وكيلا بمال أو خصومة جاز أن يكون وكيلا بالخلع للرجل وللمرأة معا. وسواء كان الوكيل حرا أو عبدا أو محجورا أو رشيدا أو ذميا كل هؤلاء تجوز وكالته. قال: ولا يجوز أن يوكل غير بالغ ولا معتوها فإن فعل فالوكالة باطلة إذا كان هذان لاجكم لكليهما على أنفسهما فيما لله عز وجل وللآدميين فلا يلزمهما لم يجز أن يكونا وكيلين يلزم غيرهما بهما قول. قال: وأحب إلي أن يسمي الموكلان ما يبلغ الوكيل لكل واحد منهما الرجل بأن يقول: وكلته بكذا لا يقبل أقل منه. والمرأة بأن يعطي عنها وكيلها كذا لا يعطي أكثر منه. قال: وإن لم يفعلا جازت وكالتهما وجاز لهما ما يجوز للوكيل ورد من فعلهما ما يرد من فعل الوكيل. فإن أخذ وكيل الرجل من المرأة أو وكيلها أقل من مهر مثلها فشاء الموكل أن يقبله ويجوز عليه الخلع فيكون الطلاق فيه بائنا فعل وإن شاء أن يرده فعل فإذا رده الطلاق فيه جائز يملك الرجعة وهو في هذه الحال في حكم من اختلع من محجور عليها لا أنه قياس عليه قال: وكذلك إن خالعها بعرض أو بدين فشاء أن يكون له الدين ما كان له وإن شاء أن لا يكون له ويلزمه الطلاق ثم يملك فيه الرجعة كان. قال: وإن أخذ وكيل الرجل من المرأة نفسها أكثر من مهر مثلها جاز الخلع وكان قد ازداد للذي وكله. قال: وإن أعطى وكيل المرأة عنها الزوج نفسه مهر مثلها أو أقل نقدا
صفحة : 1889
أو دينأ جاز عليها. وإن أعطى عليها دينأ أكثر من مهر مثلها فشاءت لزمها وتم الخلع. وإن شاءت رد عليها كله ولزمها مهر مثلها. وكان حكمها حكم امرأة اختلعت بما لا يجوز أو بشيء بعينه فتلف فيلزمها مهر مثلها نقدا يجوز في الخلع ما يجوز في البيع ولا يلزم الزوج أن يؤخذ له عرض ولا دين إلا أن يشاء ولا المرأة أن يعطى عليها عرض ويعطى عليها دين مثل أو أقل من مهر مثلها نقدا. وإنما لزمها أنها إن شاءت أدته نقدا وإن شاءت حسبته فاستفضلت تأخيره ولم تزد عليها في عدده فلا يكون الخلع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم كما لا يكون البيع لوكيل إلا بدنانير أو دراهم. قال: ولا يغرم وكيل المرأة ولا الرجل شيئا وإن تعديا إلا أن يعطي وكيل المرأة أكثر من مهر مثلها فيتلف ما أعطي فيضمن الفضل من مهر مثلها. فأما إذا كان قائما بعينه في يد الزوج فينتزع منه لايغرم الوكيل. ولا يشبه هذا البيوع وذلك أنه إن وكله بسلعة فاشتراها بأكثر من ثمن مثلها لزمته السلعة بيعا لنفسه وأخذ منه الموكل الثمن الذي أعطاه إن لم يختر أخذ السلعة والوكيل لا يملك المرأة ولا يرد الطلاق بحال وطلاقها كشيء اشتراه لها فاستهلكه فإذا كان الثمن مجهولا أو فاسدا ضمنت قيمته ولم يضمنها الوكيل. قال: ولو وكله رجل بأن يأخذ من امرأته مائة ويخالعها فأخذ منها خمسين لم يجز الخلع وكانت امرأته بحالها. إن أعطيتني مائة فأنت طالق فأعطته خمسين لم تكن طالقا ولو وكلت هي رجلا على أن يعطي عنها مائة على أن يطلقها زوجها فأعطى عنها مائتين فطلقها زوجها بالمائتين فإن قال الوكيل: لك مائتا دينار على أن تطلقها فطلقها فالمائتان لازمة للوكيل تؤخذ منها المائة التي وكلته بها ومائة بضمانه إياها. وإن كان قال له: لك مائتا دينار من مال فلانة لا أضمنها لك أو قاله وسكت ففعل فطلقها لزمها الأكثر من المائة التي وكلت بها الوكيل أو مهر مثلها ولم يلزمها ما زاد على ذلك من المائتين ولا الوكيل لأنه لم يضمن له شيئأ. ولو كان الوكيل قال له: طلقها على أن أسلم لك مائتي دينار من مالها فالوكيل ضامن إن لم تسلم ذلك له المرأة أخذ الزوج من مال المرأة الأكثر من مائة دينار ومهر مثلها ورجع على الوكيل بالفضل عن ذلك حتى يستوفي مائتي دينار. ولو أفلست المرأة كانت المائتا الدينار له على الوكيل بالضمان بتسليم المائتين. ولو كان مكان الوكيل أب أو أم - أو ولي أو أجنبي لم توكله ولا واحدا منهم فقال للزوج: اخلعها على أن أسلم لك من مالها مائتي دينار ففعل الزوج ثم رجع كان له عليه مائتا دينار ولم يرجع المتطوع بالضمان عنها عليها بشيء لأنها لم توكله بأن يخالع بينها وبين زوجها.
صفحة : 1890
مخاطبة المرأة بما يلزمها من الخلع وما لا يلزمها قال الشافعي رحمه الله: وإذا قالت المرأة للرجل: إن طلقتني ثلاثا فلك علي مائة فسواء هو كقول الرجل بعني ثوبك هذا بمائة لك علي أو بعني ثوبك هذا بمائة قال: فإن طلقها ثلاثا فله عليها مائة دينار. قال: ولو قالت له: طلقني بألف فقال: أنت طالق بألف فقالت: أردت فلوسا وقال هو: أردت دراهم أو قالت: أردت دراهم وقال هو: أردت دنانير تحالفا وكان له مهر مثلها. قال: ولو قالت له: طلقني على ألف فقال: أنت طالق على ألف فقالت: أردت طلقني على ألف على أبي أو أخي أو جاري أو أجنبي فالألف لازمة لها لأن الطلاق لا يرد. وظاهر هذا أنه كقولها طلقني على ألف علي. قال: ولو قالت: إن طلقتني فلك ألف درهم فطلقها في وقت الخيار كانت له عليها ألف درهم والطلاق بائن. وإن طلقها بعد مضي وقت الخيار لزمه الطلاق وهو يملك فيه الرجعة ولا شيء له عليها. قال: وكذلك لو قال لها: أنت طالق إن ضمنت لي ألف درهم أو أمرك بيدك تطلقيين نفسك إن ضمنت لي ألف درهم أو قد جعلت طلاقك إليك إن ضمنت لي ألف درهم فضمنتها في هذه المسائل في وقت الخيار كانت طالقا وكانت عليها الألف. وإن ضمنتها بعد وقت الخيار لم تكن طالقا ولم يكن عليها شيء. قال: وجماع هذا إذا كان الشيء يتم بها وبه لم يجز إلى مدة ولم يجز إلا في وقت الخيار كما لا يجوز ما جعل إليها من أمرها إلا في وقت الخيار لأنه قد تم بها وبه. قال: ولو قال لها: إن أعطيتني ألفأ فأنت طالق فقالت: قد ضمنت لك ألفا أو أعطته عرضا بألف أو نقدا أقل من ألف لم يكن طلاقا إلا بأن تعطيه ألفا في وقت الخيار فإن مضى وقت الخيار لم تطلق وإن أعطته ألفا إلا بأن يحدث لها طلاقا بعد. قال الشافعي ولو قال لها: أنت طالق إذا دفعت إلي ألفا فدفعت إليه شيئأ رهنا قيمته أكثر من ألف لم تطلق ولا تطلق إلا بأن تدفع إليه الألف. قال: ولو قال لها: إن أعطيتني ألف درهم طلقتك فأعطته ألف درهم لم يلزمه أن يطلقها ويلزمه أن يرد الألف عليها وهذا موعد لا إيجاب طلاق. وكذلك إن قال: إذا أعطيتني ألف درهم طلقتك. وهكذا إن قالت له: إن أعطيتك ألف درهم تطلقني أو طلقتني قال: نعم. ولا يلزمه طلاق بما أعطته حتى يقول: إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق أو أنت طالق إذا أعطيتني ألف درهم فتعطيه ألف درهم في وقت الخيار. ولو قال لها: إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق فأعطته ألف درهم طبرية لم تطلق إلا بأن تعطيه وزن سبعة ولو أعطته
صفحة : 1891
ألفا بغلية طلقت لأنها ألف درهم وزيادة وكان كمن قال: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق فأعطته ألفا وزيادة. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو أعطته ألفأ رديئة مردودة فإن كانت فضة يقع عليها اسم الدراهم طلقت وكان له عليها أن تبدله إياها وإن كانت لا يقع عليها اسم الدراهم أو على بعضها اسم فضة لأنها ليست فضة لم تطلق. ولو قال: إن أعطيتني عبدا فأنت طالق فأعطته عبدا أي عبد ما كان أعور أو معيبا فهي طالق ولا يملك العبد وله عليها صداق مثلها. وكذلك لو قال لها: إن أعطيتني شاة ميتة أو خنزيرا أو زق خمر فأنت طالق فأعطته بعض هذا كانت طالقا لأن هذا كقوله لها: إن دخلت الدار فأنت طالق ولا يملك شيئا من هذا ويرجع عليها بمهر مثلها في كل مسألة من هذا. و. إن قال لها: إن أعطيتني شيئا يعرفانه جميعا بعينه فأنت طالق فأعطته إياه كانت طالقا فإن وجد به عيبا كان له رده ويرجع عليها بمهر مثلها. وإن أعطته عبدا فوجده مدبرا لها لم يكن له رده لأن لها بيعه. وإن وجده مكاتبا لم يكن له ولو عجز بعد ما يطلقها لم يكن له لأن العقد وقع عليه وهولا يجوز بيعه وإن وجده حرا أو لغيرها في شرك لم يكن له ولو سلمه صاحبه وكان له في هذا كله مهر مثلها. ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
صفحة : 1892
اختلاف الرجل والمرأة في الخلع قال الشافعي: وإذا اختلفت المرأة والرجل في الخلع على الطلاق فهو كاختلاف المتبايعين. فإن قالت: طلقتني واحدة أو أكثر على ألف درهم وقال: بل على ألفين تحالفا وله صداق مثلها كان أقل من ألف أو أكثر من ألفين. وهكذا لو قالت له: خالعتني على ألف إلى سنة وقال: بل خالعتك على ألف نقدا أو قالت له: خالعتني على إبرائك من مهري فقال: بل خالعتك على ألف آخذها منك لا على مهرك أو على ألف مع مهرك تحالفا وكان مهرها بحاله ويرجع عليها بصداق مثلها. قال: وهكذا لو قالت له: ضمنت لك ألفا أو أعطيتك ألفأ على أن تطلقني وفلانة أو تطلقني وتعتق عبدك فطلقتني ولم تطلقها أو طلقتني ولم تعتق عبدك وقال: بل طلقتك بألف وحدك تحالفا ورجع عليها بمهر مثلها. وكذلك لو قالت له: أعطيتك ألفأ على أن تطلقني ثلاثا فلم تطلقني إلا واحدة وقال: بل أخذت منك الألف على الخلع وبينونة طلاق فإنما هي واحدة أو على ثنتين فطلقتكما تحالفا ورجع بمهر مثلها ولم يلزمه من الطلاق إلا ما أقر به. وهكذا لو قالت له: أعطيتك ألفا على أن تطلقني ثلاثا وتطلقني كلما نكحتني ثلاثا فقال: ما أخذت الألف إلا على الطلاق الأول تحالفا ورجع عليها بمهر مثلها. وكذلك لو أقر لها بما قالت رجع عليها بمهر مثلها لأنه لا يجوز أن يأخذ الجعل على أن يطلقها قبل أن ينكحها ألا ترى أنه لو أخذ من أجنبية مالا على أنها طالق متى نكحها كان المال مردودا لأنه لا يملك من طلاقها شيئا وقد لا ينكحها أبدا. قال: ولو قالت له: سألتك أن تطلقني ثلاثا بمائة وقال: بل سألتني أن أطلقك واحدة بألف تحالفا وله مهر مثلها. فإن أقامت المرأة البينة على دعواها وأقام الزوج البينة على دعواه وشهدت البينة أن ذلك بوقت واحد وأقر به الزوجان تحالفا وله صداق مثلها وسقطت البينة كما تسقط في البيوع إذا اختلفا والسلعة قائمة بعينها ويرد البيع وإن كان مستهلكا فقيمة المبيع. قال: والطلاق لا يرد وقيمة مثل البضع مهر مثلها. قال: وهكذا لو اختلفا فأقاما البينة ولم توقت بينتهما وقتا يدل على الخلع الأول فإن وقتت بينتهما وقتا يدل على الخلع الأول فالخلع الأول هو الخلع الجائز والثاني باطل إذا تصادقا إن لم يكن ثم نكاح ثم خلع فيكونان خلعين. ألا ترى أن رجلا لو خالع امرأته بمائة ثم خالعها بعد ولم يحدث نكاحا بألف كانت الألف باطلا ولم يقع بها طلاق لأنه طلاق ما لا يملك والأول جائز لأنه طلق ما يملك. قال: ولو قالت: طلقتني ثلاثا بألف فقال: بل طلقتك واحدة بألفين وأقام كل
صفحة : 1893
واحد منهما البينة على ما قال وتصادقا أن لم يكن طلاق إلا واحدة تحالفا وكان له مهر مثلها. قال: ولو قالت لي: طلقتني على ألف وأقامت شاهدأ حلف وكانت امرأته ولو كانت المسألة بحالها فقال: طلقتك على ألفين فلم تقبلي وجحدت كان القول قولها في المال ولم يلزمه الطلاق لأنه لم يقر بالطلاق. إذ زعم أنه لم يقع. قال: ولو ادعت أنه خالعها وجحد فأقامت شاهدا بأنه خالعها على مائة وشاهدا أنه خالعها على ألف أو عرض فالشهادة لاختلافهما باطلة كلها ويحلف. قال: وهكذا لو كان هو المدعي أنه خالعها على ألف وأقام بها شاهدا وشاهدا آخر بألفين أو بعرض فالشهادة باطلة وهي تجحد لزمها الطلاق بإقراره ولم يلزمها المال وحلفت عليه ولا يملك الرجعة لأنه يقر أن طلاقه طلاق خلع لا يملك فيه الرجعة. قال: ولو قالت له: سألتك أن تطلقني ثلاثا بألف فلم تطلقني إلا واحدة وقال: بل طلقتك ثلاثا فإن كان ذلك في وقت الخيار فهي طالق ثلاثا وله الألف. وإن كان اختلافهما وقد مضى وقت الخيار تحالفا وكان له مهر مثلها. قال الشافعي: وإذا اختلف الزوج والمرأة فقال الزوج: طلقتك على ألف وقالت المرأة: طلقتني على غير شيء فالقول قول المرأة وعلى الزوج البينة والطلاق واقع ولا يملك فيه الزوج الرجعة لأنه مقر أن لا رجعة له على المرأة فيه وأن عليها له مالا فلا يصدق فيما يدعي عليها ويصدق على نفسه. قال: ولو قالت المرأة: سألتك أن تطلقني بألف فمضى وقت الخيار ولم تطلقني ثم طلقتني بعد على غير شيء وقال هو: بل طلقتك قبل أن يمضي وقت. الخيار كان القول قول المرأة في الألف وعلى الزوج البينة والطلاق لازم له ولا يملك الرجعة قال: ولو قالت: طلقتني أمس على غير شيء فقال: بل طلقتك اليوم بألف فهي طالق اليوم بإقراره ولا يملك الرجعة ولاشيء له عليها من المال لأنها لم تقربه. ID ' ' العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 1894
باب ما يفتدي به الزوج من الخلع قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ثلاثا على أن تعطيني ألفا فلم تعطه ألفا فليست طالقا. وهو كقوله: أنت طالق إن أعطيتني ألفا وأنت طالق إن دخلت الدار. وهكذا إن قال لها: أنت طالق على أن عليك ألفا فإن أقرت بألف كانت طالقا وإن لم تضمنها لم تكن طالقا قال: وهذا مثل قوله لها: أنت طالق إن ضمنت لي ألفا قال: ولو قال لها: أنت طالق وعليك ألف كانت طالقا واحدة يملك الرجعة وليس عليها ألف وهذا مثل قوله: أنت طالق وعليك حج وأنت طالق وحسنة وطالق وقبيحة. قال: وإن ضمنت له الألف على الطلاق لم يلزمها وهو يملك الرجعة. كما لو ابتدأ الآن طلاقها فطلقها واحدة ثم قالت له: اجعل الواحدة التي طلقتني بائنا بألف لم تكن بائنا وإن أخذ منها عليها ألفا فعليه ردها عليها. قال: ولو تصادقا على أنها سألته الطلاق بألف فقال: أنت طالق وعليك ألف كانت عليها وكان الطلاق بائنا قال: ولو قال لامرأته: أنت طالق إن أعطيتني عبدك فأعطته إياه فإذا هو حر طلقت ورجع عليها بمهر مثلها. ولو قالت له: اخلعني على ما في هف الجرة من الخل وهي مملوءة فخالعها فوجده خمرا وقع الطلاق وكان عليها له مهر مثلها. ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
صفحة : 1895
خلع المشركين قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا اختلعت المرأة الذمية من زوجها بخمر بعينه أو بصفة فدفعتها إليه ثم جاءوا بعد إلينا أجزنا الخلع ولم نرده عليها بشيء ولو لم تدفعها إليه ثم ترافعوا إلينا أجزنا الخلع وأبطلنا الخمر وجعلنا له عليها مهر مثلها. قال: وهكذا أهل الحرب إن رضوا بحكمنا لا يخالفون الذميين في شيء إلا أنا لا نحكم على الحربيين حتى يجتمعا على الرضى وحكم على الذميين إذا جاء أحدهما. قال: ولو أسلم أحد الزوجين وقد تقابضا فهكذا وإن لم يتقابضا بطل الخمر بينهما وكان له عليها مهر مثلها. لا يجوز إن كان هو المسلم لمسلم أن يأخذ خمرا ولا إن كانت هي المسلمة أن تعطي خمرا ولو قبضها منها بعد ما يسلم عزر وكان له عليها مهر مثلها إن طلبه. وكذلك لو كانت هي المسلمة فدفعتها إليه عزرت وكان له عليها مهر مثلها إن طلبه. وهكذا كل ما حرم وإن استحلوه مالا مثل الخنزير وغيره فهما في جميع الأحكام كالمسلمين لا يختلف الحكم عليهم وعلى المسلمين إلا فيما وصفت مما مضى في الشرك ولا يرد في الإسلام. الخلع إلى أجل. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا اختلعت المرأة من زوجها بشيء مسمى إلى أجل فالخلع جائز وما سميا من المال إلى ذلك الأجل كما تكون البيوع. ويجوز فيه ما يجوز في البيع والسلف إلى الآجال وإذا اختلعت بثياب موصوفة إلى أجل مسمى فالخلع جائز والثياب لها لازمة وكذلك رقيق وماشية وطعام يجوز فيه ما يجوز في السلف ويرد فيه ما يرد في السلف. قال: ولو تركت أن تسمي حيث يقبض منه الطعام أو تركت أن تسمي بعض صفة الطعام جاز الطلاق ورجع عليها بمهر مثلها. قال: ولو قالت المرأة: سألتك أن تطلقني بألف فمضى وقت الخيار ولم تطلقني ثم طلقتني بعد على غير شيء وقال هو: بل طلقتك قبل أن يمضي وقت الخيار كان القول قول المرأة في الألف وعلى الزوج البينة والطلاق لازم له ولا يملك الرجعة. ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
صفحة : 1896
العدد عدة المدخول بها التي تحيض أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال: والأقراء عندنا - والله تعالى أعلم - الأطهار. فإن قال قائل: ما دل على أنها الأطهار وقد قال غيركم الحيض قيل له: دلالتان: أولهما الكتاب الذي دلت عليه السنة والأخر اللسان. فإن قال: وما الكتاب قيل: قال الله تبارك وتعالى: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدلهن قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد النبي ﷺ فسأل عمر رسول الله ﷺ عن ذلك فقال رسول الله ﷺ: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء قال الشافعي ما أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع ابن عمر يذكر طلاق امرأته حائضا وقال: قال النبي ﷺ فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك وتلا النبي ﷺ: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن قال الشافعي رحمه الله تعالى: أنا شككت. قال الشافعي فأخبر رسول الله ﷺ عن الله عز وجل أن. العدة الطهر دون الحيض وقرأ: فطلقوهن لقبل عدتهن أن تطلق طاهرا لأنها حينئذ تستقبل عدتها. ولو طلقت حائضا لم تكن مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض فإن قال: فما اللسان قيل: القرء اسم وضع لمعنى فلما كان الحيض دما يرخيه الرحم فيخرج والطهر دم يحتبس فلا يخرج كان معروفا من لسان العرب القرء الحبس لقول العرب هو يقرى الماء في حوضه وفي سقائه وتقول العرب: هو يقري الطعام في شدقه يعني يحبس الطعام في شدقه. قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها انتقلت حفصه بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة قال ابن شهاب فذكر ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت: صدق عروة وقد جادلها في ذلك ناس فقالوا: إن الله تبارك اسمه يقول: ثلاثة قروء فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: صدقتم وهل تدرون ما الأقراء الأقراء الأطهار أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا يريد الذي قالت عائشة أخبرنا سفيان عن الزهري عن عمرة بنت
صفحة : 1897
عبد الرحمن عن عائشة قالت: إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه أخبرنا مالك عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار أن الأحوص بن حكيم هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة. وقد كان طلقها فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال: حدثنا سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت قال: إذا طعنت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة. فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها أخبرنا مالك عن الفضيل بن أبي عبد الله مولى المهري أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقالا: قد بانت منه وحلت أخبرنا مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وابن شهاب أنهم كانوا يقولون: إذا دخلت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه ولا ميراث قال الشافعي والأقراء الأطهار والله تعالى أعلم فإذا طلق الرجل امرأته طاهرا قبل جماع أو بعده اعتدت بالطهر الذي وقع فيه الطلاق ولو كان ساعة من نهار. وتعتد بطهرين تامين بين حيضتين فإذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة حلت ولا يؤخذ أبدأ في القرء الأول إلا أن يكون فيما بين أن يوقع الطلاق وبين أول حيض ولو طلقها حائضا لم تعتد بتلك الحيضة. فإذا طهرت استقبلت القرء. قال: ولو طلقها فلما أوقع الطلاق حاضت فإن كانت على يقين من أنها كانت طاهرا حين تم الطلاق ثم حاضت بعد تمامه بطرفة عين فذلك قرء وإن أعلمت أن الحيض وتمام الطلاق كانا معا استأنفت العدة في طهرها من الحيض ثلاثة قروء وإن اختلفا فقال الزوج: وقع الطلاق وأنت حائض وقالت المرأة: بل وقع وأنا طاهر فالقول قولها بيمينها. أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال: اؤتمنت: المرأة على فرجها قال الشافعي وإذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فهو أحق بهاما لم تر الدم من الحيضة الثالثة فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت منه وهو خاطب من الخطاب لا يكون له عليها رجعة ولا ينكحها إلا كما ينكحها مبتدئا بولي وشاهدين ورضاها. وإذا رأت الدم في وقت الحيضة الثالثة يوما ثم انقطع ثم عاودها بعد أو لم يعاودها أياما كثرت أو قلت فذلك حيض تحل به
صفحة : 1898
قال: وتصدق على ثلاث حيض في أقل من حاضت له امرأة قط وأقل ما علمنا من الحيض يوم وإن علمنا أن طهر امرأة أقل من خمس عشرة صدقنا المطلقة على أقل ما علمنا من طهر امرأة وجعلنا القول قولها. وكذلك إن كان يعلم منها أنها تذكر حيضها وطهرها وهي غير مطلقه على شيء فادعت مثله قبلنا قولها مع يمينها. وإن ادعت ما لم يكن يعرف منها قبل الطلاق ولم يوجد في امرأة لم تصدق إنما يصدق من ادعى ما يعلم أنه يكون مثله فأما من ادعى ما لم يعلم أنه يكون مثله فلا يصدق وإذا لم أصدقها فجاءت مدة تصدق في مثلها وأقامت على قولها قد حضت ثلاثا أحلفتها وخليت بينها وبين النكاح حين أن يمكن أن تكون صدقت ومتى شاء زوجها أن أحلفها ما انقضت عدتها فعلت. ولو رأت الدم من الحيضة الثالثة ساعة أو دفعة ثم ارتفع عنها يومين أو ثلاثا أو أكثر من ذلك فإن كانت الساعة التي رأت فيها الدم أو الدفعة التي رأت فيها الدم في أيام حيضها نظرنا فإن رأت صفرة أو كدرة ولم تر طهرا حتى تكمل يوما وليلة فهي حيض تخلو عدتها. بها من الزوج وان كانت في غير أيام الحيض فكذلك إذا أمكن أن يكون بين رؤيتها الدم الحيض قبله قدر طهر فإن كان أتى عليها من الطهر الذي يلي هذا الدم أقل ما يكون بين حيضتين من الطهر كان حيضا تنقضي فيه عدتها وتنقطع به نفقتها إن كان يملك الرجعة وتركت الصلاة في تلك الساعة وصلت إذا طهرت وتركت الصلاة إذا عاودها الدم. وإن كانت رأت الدم بعد الطهر الأول بيومين أو ثلاثا أو أكثر مما لا يمكن أن يكون طهرا لم تحل به من زوجها ولم تنقطع نفقتها ونظرنا أول حيض تحيضه فجعلنا عدتها تنقضي به وإن رأت الدم أقل من يوم. ثم رأت الطهر لم يكن حيضأ وأقل الحيض يوما وليلة. والكدرة والصفرة في الحيض حيض ولو كانت المسألة بحالها فطهرت من حيضة أو حيضتين ثم رأت دما فطبق عليها فإن كان دمها ينفصل فيكون في أيام أحمر قانئآ محتدما وفي الأيام التي بعده رقيقأ قليلا فحيضها أيام الدم المحتدم الكثير وطهرها أيام الدم الرقيق القليل. وإن كان دمها مشتبها كله كان حيضها بقدر عدد أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة وإذا رأت الدم في أول الأيام التي أجعلها أيام حيضها في الحيضة الثالثة حلت من زوجها. قال الشافعي رحمه الله تعالى: جعل الله تبارك وتعالى عدة من تحيض من النساء ثلاثة قروء وعدة من لم تحض ثلاثة أشهر وأمر رسول الله ﷺ المستحاضة أن تترك الصلاة في أيام حيضها إذا كان دمها ينفصل وفي قدر عدد أيام حيضها قبل أن يصيبها ما أصابها وذلك فيما
صفحة : 1899
نرى إذا كان دمها لا ينفصل نجعلها حائضا تاركا للصلاة في بعض دمها وطاهرا تصلي في بعض دمها فكان الكتاب ثم السنة يدلان على أن للمستحاضة طهرا وحيضا فلم يجز - والله تعالى أعلم - أن تعتد المستحاضة إلا بثلاثة قروء. قال: فإذا أراد زوج المستحاضة طلاقها للسنة طلقها طاهرا من غير جماع في الأيام التي نأمرها فيها بالغسل من دم الحيض والصلاة فإذا طلقت المستحاضة أو استحيضت بعد ما طلقت فإن كان دمها منفصلا فيكون منه شيء أحمر قانىء وشيء رقيق إلى الصفرة فأيام حيضها هي أيام الأحمر القانىء وأيام طهرها هي أيام الصفرة فعدتها ثلاث حيض إذا رأت الدم الأحمر القانىء من الحيضة الثالثة انقضت عدتها. قال: وإن كان دمها مشتبها غير منفصل كما وصفنا فإن كان لها أيام حيض معروفة فأيام حيضها في الاستحاضة عدد أيام حيضها المعروف ووقتها وقتها إن كان حيضها في أول الشهر أو وسطه أو آخره فتلك أيام حيضها. فإذا كان أول يوم من الحيضة الثالثة فقد انقضت عدتها وإن كان حيضها يختلف فيكون مرة ثلاثا ومرة خمسا ومرة سبعا ثم استحيضت أمرتها أن تدع الصلاة أقل أيام حيضها ثلاثا وتغتسل وتصلي وتصوم لأنها أن تصلي وتصوم وليس ذلك عليها إذا لم تستيقن أنها حائض خير من أن تدع الصلاة وهي عليها واجب وأحب إلي لو أعادت صوم أربعة أيام وليس ذلك بلازم لها وتخلو من زوجها بدخول أول يوم من أيام حيضتها الثالثة وليس في عدد الحيضتين الأوليين شيء يحتاج إليه إذا أتت على ثلاث وسبع وأيام طهر فلا حاجة بنا إلى علمها. قال: وإن كانت امرأة ليس لها أيام حيض ابتدئت مستحاضة أو كانت فنسيتها تركت الصلاة أقل ما حاضت امرأة قط وذلك يوم وليلة وهو أقل ما علمنا امرأة حاضت. فإن كانت قد عرفت وقت حيضتها فمبتدأ تركها الصلاة في مبتدأ حيضتها وإن كانت لم تعرفه استقبلنا بها الحيض من أول هلال يأتي عليها بعد وقوع الطلاق فإذا استهل الهلال الثالث انقضت عدتها منه ولو طلقت امرأة فاستحيضت أو مستحاضة فكانت تحيض يوما وتطهر يوما أو يومين وتطهر يومين أو ما أشبه هذا جعلت عدتها تنقضي بثلاثة أشهر وذلك المعروف من أمر النساء أنهن يحضن في كل شهر حيضة فأنظر أي وقت طلقها فيه فأحسبها شهرا ثم هكذا حتى إذا دخلت في الشهر الثالث حلت من زوجها وذلك أن هذه مخالفة للمستحاضة التي لها أيام حيض كحيض النساء فلا أجد معنى أولى بتوقيت حيضتها من
صفحة : 1900
الشهور لأن حيضها ليس ببين. ولو كانت تحيض خمسة عشر متتابعة أو بينها فصل وتطهر خمسة عشر متتابعة لا فصل بينها جعلت عدتها بالطهر ثلاثة قروء. قال: وعدة التي تحيض الحيض وإن تباعد كأنها كانت تحيض في كل سنة أو سنتين فعدتها الحيض. وهكذا إن كانت مستحاضة فكانت لها أيام تحيضها كما تكون تطهر في أقل من شهر فتخلو بدخول الحيضة الثالثة فكذلك لا تخلو إلا بدخول الحيضة الثالثة وإن تباعدت وكذلك لو أرضعت فكان حيضها يرتفع للرضاع اعتدت بالحيض. قال: وإذا كانت تحيض في كل شهر أو شهرين فطلقت فرفعتها حيضتها سنة أو حاضت حيضة ثم رفعتها حيضتها سنة أنها لا تحل للأزواج إلا بدخولها في الدم من الحيضة الثالثة وإن تباعد ذلك وطال وهي من أهل الحيض حتى تبلغ أن تيأس من المحيض وهي لا تيأس من المحيض حتى تبلغ السن التي من بلغتها من نسائها لم تحض بعدها. فإذا بلغت ذلك خرجت من أهل الحيض وكانت من المؤيسات من المحيض اللاتي جعل الله عز وجل عددهن ثلاثة أشهر واستقبلت ثلاثة أشهر من يوم بلغت سن المؤيسات من المحيض لا تخلو إلا بكمال الثلاثة الأشهر. وهذا يشبه - والله تعالى أعلم - ظاهر القرآن لأن الله تبارك وتعالى جعل على الحيض الأقراء وعلى المؤيسات وغير البوالغ الشهور. فقال: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر فإذا كانت تحيض فإنها تصبر إلى الإياس من المحيض بالسن التي من بلغتها من نسائها أو أكثرهن لم تحض فينقطع عنها الحيض في تلك المدة. وقد قيل: إن مدتها أكثر الحمل وهو أربع سنين ولم تحض كانت مؤيسة من المحيض فاعتدت ثلاثة أشهر وقيل: تتربص تسعة أشهر - والله تعالى أعلم - ثم تعتد ثلاثة أشهر قال: والحيض يتباعد فعدة المرأة تنقضي بأقل من شهرين إذا حاضت ثلاث حيض ولا تنقضي إلا بثلاث سنين وأكثر إن كان حيضها يتباعد لأنه إنما جعل عليهن الحيض فيعتددن به وإن تباعد. وإن كانت البراءة من الحمل تعرف بأقل من هذا فإن الله عز وجل حكم بالحيض فلا أحيله إلى غيره. فلهذا قلنا: عدتها الحيض حتى تؤيس من الحيض بما وصفت: من أن تصير إلى السن التي من بلغها من أكثر نسائها لم تحض. وقد يروى عن ابن مسعود وغيره مثل هذا القول أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض فقالت: أنا أرثه لم أحض فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال: هذا عمل ابن عمك هو أشار علينا
صفحة : 1901
بهذا يعني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكرة أخبره: أن رجلا من الأنصار يقال له: حبان بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية فقلت له: إن امرأتك تريد أن ترث فقال لأهله: احملوني إلى عثمان فحملوه إليه فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت فقال لهما عثمان: ما تريان. فقالا: نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد التي قد يئسن من المحيض وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير فرجع حبان إلى أهله فأخذ ابنته فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى ثم توفي حبان من قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن عمر بن عبد العزيز في امرأة حبان مثل خبر عبد الله بن أبي بكرة. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: المرأة تطلق وهم يحسبون أن يكون المحيض قد أدبر عنها ولم يبن لهم ذلك كيف تفعل قال: كما قال الله عز وجل: إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر قلت ما ينتظر بين ذلك قال: إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر كما قال الله تبارك وتعالى. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أتعتد أقراءها ما كانت إن تقاربت وإن تباعدت. قال: نعم كما قال الله تبارك وتعالى. أخبرنا سعيد عن المثنى عن عمرو بن دينار في امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فقال: أما أبو الشعثاء فكان يقول أقراؤها حتى يعلم أنها قد يئست من المحيض. أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت قال الشافعي وإن طلقت فارتفع محيضها أو حاضت حيضة أو حيضتين لم تحل إلا بحيضة ثالثة وإن بعد ذلك فإذا بلغت تلك السن استأنفت ثلاثة أشهر من يوم تبليغها. أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ويزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة أشهر ثم حلت قال الشافعي قد يحتمل قول عمر: أن يكون في المرأة قد بلغت السن التي من بلغها من نسائها يئسن من المحيض فلا يكون مخالفأ لقول ابن مسعود وذلك وجهه عندنا. ولو أن امرأة يئست من المحيض طلقت فاعتدت
صفحة : 1902
بالشهور ثم حاضت قبل أن تكمل بالشهور فسقطت عدة الشهور واستقبلت الحيض فإن حاضت ثلاث حيض فقد قضت عدتها وإن لم تحضها حتى مرت عليها بعد الحيضة الأولى تسعة أشهر استقبلت العدة بالشهور وإن جاءت عليها ثلاثة أشهر قبل أن تحيض فقد أكملت عدتها لأنها من اللائي يئسن من المحيض فإن حاضت قبل أن تكمل الثلاثة الأشهر فقد حاضت حيضتين فتستقبل تسعة أشهر فإن حاضت فيها أو بعدها في الثلاثة الأشهر فقد أكملت وإن لم تحض فيها اعتدت فإذا مرت بها تسعة أشهر ثم ثلاثة بعدها حلت ولو حاضت بعد ذلك لم تعتد بعد بالشهور. قال: والذي يروى عن عمر عندي يحتمل أن يكون إنما قاله في المرأة قد بلغت السن التي يؤيس مثلها من الحيض فأقول بقول عمر على هذا المعنى وهو قول ابن مسعود على معناه في اللائي لم يؤيسن من المحيض ولا يكونان مختلفين عندي والله تعالى أعلم. قال الله عز وجل في الآية التي ذكر فيها المطلقات ذوات الأقراء: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء الآية. قال الشافعي فكان بينا في الآية بالتنزيل أنه لا يحل للمطلقة أن تكتم ما في رحمها من المحيض وذلك أن يحدث للزوج عند خوفه انقضاء عدتها رأي في ارتجاعها أو يكون طلاقه إياها أدبا لها لا إرادة أن تبين منه فلتعلمه ذلك لئلا تنقضي عدتها فلا يكون له سبيل إلى رجعتها وكان ذلك يحتمل الحمل مع الحيض لأن الحمل مما خلق الله تعالى في أرحامهن وإذا سأل الرجل امرأته المطلقة: أحامل هي أو هل حاضت فبين عندي أن لا يحل لها أن تكتمه واحدا منهما ولا أحدا رأت أنه يعلمه إياه وإن لم يسألها ولا أحد يعلمه إياه فأحب إلي لو أخبرته به. وإن لم يسألها لأنه قد يقع اسم الكتمان على من ظن أنه يخبر الزوج لما له في إخباره من رجعة أوترك كما يقع الكتمان على من كتم شهادة لرجل عنده ولو كتمته بعد المسألة الحمل والأقراء حتى خلت عدتها كانت عندي آثمة بالكتمان إذ سئلت وكتمت وخفت عليها الإثم إذا كتمته. وإن لم تسأل ولم يكن له عليها رجعة لأن الله عز وجل إنما جعلها له حتى تنقضي عدتها فإذا انقضت عدتها فلا رجعة له عليها. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: ما قوله: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال: الولد لا تكتمه ليرغب فيها وما أدري لعل الحيضة معه. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه سأل عطاء: أيحق عليها أن تخبره بحملها وإن لم يرسل إليها يسألها عنه ليرغب فيها قال الشافعي تظهره وتخبر به أهلها فسوف يبلغه.
صفحة : 1903
أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن مجاهدا قال: في قول الله عز وجل: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن المرأة المطلقة لا يحل لها أن تقول أنا حبلى وليست بحبلى ولا لست بحبلى وهي حبلى ولا أنا حائض وليست بحائض ولا لست بحائض وهي حائض قال الشافعي رحمه الله تعالى: وهذا - إن شاء الله تعالى - كما قال مجاهد لمعان منها: أن لا يحل الكذب والآخر أن لا تكتمه الحبل والحيض لعله يرغب فيراجع ولا تدعيهما لعله يراجع وليست له حاجة بالرجعة لولا ما ذكرت من الحمل والحيض فتغره والغرور لا يجوز. أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: أرأيت إن أرسل إليها فأراد ارتجاعها فقالت: قد انقضت عدتي وهي كاذبة فلم تزل تقوله حتى انقضت عدتها قال: لا وقد خرجت. قال الشافعي هذا كما قال عطاء - إن شاء الله تعالى - وهي آثمة إلا أن يرتجعها فإن ارتجعها وقد قالت: قد انقضت عدتي ثم أكذبت نفسها فرجعته عليها ثابتة. ألا ترى أنه إن ارتجعها فقالت: قد انقضت عدتي فأحلفت فنكلت فحلف كانت له عليها الرجعة ولو أقرت أن لم تنقض عدتها كانت له عليها الرجعة لأنه حق له جحدته ثم أقرت به. قال الشافعي رحمه الله تعالى: سمعت من أرضى من أهل العلم يقول: إن أول ما أنزل الله عز وجل من العدد: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فلم يعلموا ما عدة المرأة التي لا أقراء لها وهي التي لا تحيض ولا الحامل فأنزل الله عز ذكره: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن فجعل عدة المؤيسة والتي لم تحض ثلاثة أشهر وقوله: إن ارتبتم فلم تدروا ما تعتد غير ذات الأقراء وقال: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال: وهذا - والله تعالى أعلم - يشبه ما قالوا. وإذا أراد الرجل أن يطلق التي لا تحيض للسنة فطلقها أية ساعة شاء ليس في وجه طلاقها سنة إنما السنة في التي تحيض وكذلك ليس في وقت طلاق الحامل سنة. وإذا طلق الرجل امرأته وهي ممن لا تحيض من صغر أو كبر فأوقع الطلاق عليها في أول الشهر أو آخره اعتدت شهرين بالأهلة. وإن كان الهلالان معا تسعا وعشرين وشهرأ ثلاثين ليلة في أي الشهر طلقها وذلك أنا نجعل عدتها من ساعة وقع الطلاق عليها فإن طلقها قبل الهلال بيوم عددنا لها ذلك اليوم فإذا أهل الهلال عددنا لها هلالين بالأهلة ثم عددنا لها تسعا وعشرين ليلة حتى تكمل ثلاثين يوما وليلة باليوم الذي كان قبل الهلالين. وكذلك لو كان قبل الهلال بأكثر من يوم وعشر أكملنا ثلاثين بعد هلالين وحلت وأي
صفحة : 1904
ساعة طلقها من ليل أو نهار انقضت عدتها بأن تأتي عليها تلك الساعة من اليوم الذي يكمل ثلاثين يوما بعد الشهرين بذلك اليوم فتكون قد أكملت ثلاثين يوما عددا وشهرين بالأهلة وله عليها الرجعة في الطلاق الذي ليس ببائن حتى تمضي جميع عدتها. ولو طلقها ولم تحض فاعتدت بالشهور حتى أكملتها ثم حاضت مكانها كانت عدتها قد انقضت ولو بقي من إكمالها طرفة عين فأكثر خرجت من اللائي لم يحضن لأنها لم تكمل ما عليها من العدة بالشهور حتى صارت ممن له الأقراء واستقبلت الأقراء وكانت من أهلها فلا تنقضي عدتها إلا بثلاثة قروء. أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء: المرأة تطلق ولم تحض فتعتد بالأشهر فتحيض بعدما يمضي شهران من الثلاثة الأشهر. قال: لتعتد حينئذ بالحيض ولا يعتد بالشهر الذي قد مضى. قال الشافعي ولو ارتفع عنها الحيض بعد أن حاضت كانت في القول الأول لا تنقضي عدتها حتى تبلغ أن تؤيس من المحيض إلا أن تكون بلغت السن التي يؤيس مثلها فيها من المحيض فتتربص تسعة أشهر ثم تعتد بعد التسعة ثلاثة أشهر. قال: وأعجل من سمعت به من النساء حضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين فلو رأت امرأة الحيض قبل تسع سنين فاستقام حيضها اعتدت به وأكملت ثلاثة أشهر في ثلاث حيض فإن ارتفع عنها الحيض وقد رأته في هذه السنين فإن رأته كما ترى الحيضة ودم الحيضة بلا علة إلا كعلل الحيضة ودم الحيضة ثم ارتفع لم تعتد إلا بالحيض حتى تؤيس من المحيض فإن رأت دما يشبه دم الحيضة لعلة في هذه السن اكتفت بثلاثة أشهر إذا لم يتتابع عليها. في هذه السن ولم تعرف أنه حيض لم يكن حيضا إلا أن ترتاب فتستبرىء نفسها من الريبة ومتى رأت الدم بعد التسع سنين فهو حيض إلا أن تراه من شيء أصابها في فرجها من جرح أو قرحة أو داء فلا يكون حيضا وتعتد بالشهور. ولو أن امرأة بالغا بنت عشرين سنة أو أكثر لم تحض قط فاعتدت بالشهور فأكملتها ثم حاضت كانت منقضية العدة بالشهور كالتي لم تبلغ تعتد بثلاثة أشهر ثم تحيض فلا يكون عليها عدة مستقبلة وقد أكملتها بالشهور ولو لم تكملها حتى حاضت استقبلت الحيض وسقطت الشهور. ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1905
باب لا عدة علي التي لم يدخل بها زوجها قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها قال الشافع رحمه الله تعالى: فكان بينا في حكم الله عز وجل: أن لا عدة على المطلقة قبل أن تمس وأن المسيس هو الإصابة ولم أعلم في هذا خلافا ثم اختلف بعض المفتين في المرأة يخلو بها زوجها فيغلق بابا ويرخي سترا وهي غير محرمة ولا صائمة. فقال ابن عباس وشريح وغيرهما: لا عدة عليها إلا بالإصابة نفسها لأن الله عز وجل هكذا قال. أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ليث عن طاوس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها: ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله عز وجل يقول: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم قال الشافعي رحمه الله تعالى: وبهذا أقول وهو ظاهر كتاب الله عز ذكره قال الشافعي فإن ولدت المرأة التي قال زوجها: لم أدخل بها إلى أربع سنين لستة أشهر فأكثر من يوم عقد عقدة نكاحها لزم الزوج الولد إلا بأن يلتعن فإن لم يلتعن حتى مات أو عرض عليه اللعان وقد أقر به أو نفاه أو لم يقر به ولم ينفه لحق نسبه بأبيه وعليه المهر تاما إذا ألزمناه الولد حكمنا عليه بأنه مصيب لها. قال الربيع: وفيه قول آخر: أنه إذا لم يلتعن ألحقنا به الولد ولم نغرمه إلا نصف الصداق لأنها قد تستدخل نطفة فتحبل فيكون ولده من غير مسيس بعد أن يحلف بالله ما أصابها. قال الشافعي فإن التعن نفينا عنه الولد وأحلقناه ما أصابها وكان عليه نصف المهر ولو أقر بالخلوة بها فقال: لم أصبها وقالت: أصابني ولا ولد فالقول قوله مع يمينه إذا جعلته إذا طلق لا يلزمه إلا نصف الصداق إلا أن يصيب وهي مدعية بالإصابة عليه نصف الصداق لا يجب إلا بالإصابة فالقول قوله فيما يدعي عليه مع يمينه وعليها البينة فإن جاءت ببينة بأنه أقر بإصابتها أخذته بالصداق كله. وكذلك إن جاءت بشاهد أحلفتها مع شاهدها وأعطيتها الصداق فإن جاءت بشاهد وامرأتين قضيت لها بلا يمين. وإن جاءت بامرأتين لم أحلفها أو بأربع لم أعطها بهن لا أجيز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يراه الرجال من عيوب النساء خاصة وولادهن أو مع رجل. وقد قال غيرنا: إذا خلا بها فأغلق بابا وأرخى سترا وليس بمحرم ولا هي صائمة جعلت لها المهر تاما وعليها العدة تامة ولو صدقته أنه لم يمسها لأن العجز جاء من قبله. وقال غيره: لا يكون لها المهر تاما إلا بالإصابة أو بأن يستمتع منها حتى
صفحة : 1906
يخلق ثيابها ونحو هذا. عدة الحرة من أهل الكتاب عند المسلم والكتابي قال الشافعي رحمه الله: والحرة والكتابية يطلقها المسلم أو يموت عنها مثل الحرة المسلمة في العدة والنفقة والسكنى لا يختلفان في شيء من العدة والنفقة والسكنى وجميع ما لزم المسلمة لازم لها من الإحداد وغير ذلك. وإن أسلمت في العدة قبل أن تكملها لم تستأنف وبنت على عدتها. وهكذا إن طلقها الكتابي أو مات عنها وإن أرادت أن تخرج في العدة كان للزوج حيا وورثته ميتا من منعها الخروج ما لهم من منع المسلمة لا يختلفان في شيء غير أنها لا ترث المسلم ولا يرثها. قال الشافعي رحمه الله: قال الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا وقال: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وقال عز ذكره: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال: فكان بينا في حكم الله عز ذكره: أن العدة من يوم يقع الطلاق وتكون الوفاة. قال: وإذا علمت المرأة يقين وفاة الزوج أو طلاقه ببينة تقوم لها على موته أو طلاقه أو أي علم صادق ثبت عندها اعتدت من يوم يكون الطلاق وتكون الوفاة وإن لم تعتد حتى تمضي عدة الطلاق والوفاة لم يكن عليها عدة لأن العدة إنما هي مدة تمر عليها فإذا مرت عليها فليس عليها مقام مثلها. قال: وإذا خفي ذلك عليها وقد استيقنت بالطلاق أو الوفاة اعتدت من يوم استيقنت أنها اعتدت منه. وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي ﷺ أنه قال: تعتد من يوم يكون الطلاق أو الوفاة أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء: الرجل يطلق امرأته أو يموت عنها وهو بمصر وهي بمصر آخر من أي يوم تعتد قال: من يوم مات أو طلقها تعتد. أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن داود بن أبي عاصم قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: إذا قامت بينة فمن يوم طلقها أو مات عنها. أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته قال: تعتد من يوم طلقت. أخبرنا سعيد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال: المتوفى عنها تعتد من يوم مات والمطلقة من يوم طلفت. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال
صفحة : 1907
عدة الأمة قال الشافعي رحمه الله: قال الله عز وجل العدد من الطلاق بثلاثة قروء وثلاثة أشهر ومن الوفاة بأربعة أشهر وعشر وذكر الله الطلاق للرجال باثنتين وثلاثة فاحتمل أن يكون ذلك كله على الأحرار والحرائر والعبيد والإماء واحتمل أن يكون ذلك على بعضهم دون بعض وكان عز وجل قد فرق في حد الزاني بين المماليك والأحرار فقال: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقال في الإماء: فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب وقال في الشهادات: وأشهدوا ذوي عدل منكم فلم يختلف من لقيت أنها على الأحرار دون العبيد وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته في أن المواريث للأحرار دون العبيد. ورجم رسول الله ﷺ الثيب الحر الزاني ولم يختلف من لقيت أن لا رجم على عبد ثيب قال: وفرض الله عز وجل العدة ثلاثة قروء أو ثلاثة أشهر وفي الموت أربعة أشهر وعشرا وسن رسول الله ﷺ أن تستبرأ الأمة بحيضة ففرق بين استبراء الأمة والحرة وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا وكذلك الحيضة في الأمة استبراء وتعبدا. قال الشافعي فلم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم: في أن عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما كان له نصف معدود ما لم تكن حاملا فلم يجز إذ وجدنا ما وصفت من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره بين عدة الأمة والحرة إلا أن تجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف وذلك الشهور. فأما الحيض فلا يعرف له نصف فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء وذلك حيضتان ولو جعلناها حيضة أسقطنا نصف حيضة ولا يجوز أن يسقط عنها من العدة شيء. فأما الحمل فلا نصف له قد يكون يوما من يوم وقع عليها الطلاق وسنة وأكثر. كما لم يكن للقطع نصف فيقطع الحر والعبد والأمة والحرة. وكان للزنا حدان: أحدهما: الجلد فكان له نصف فجعل عليها النصف ولم يكن للرجم نصف فلم يجعل عليها ولم يبطل عنها حد الزنا وحدت بأحد حديه على الأحرار. وبهذا مضت الآثار عمن روينا عنه من أصحاب رسول الله ﷺ قال الشافعي فإذا تزوجت الأمة الحر أو العبد فطلقها أو مات عنها فسواء والعدة بها تعتد إذا كانت ممن تحيض حيضتين إذا دخلت في الدم من الحيضة الثانية حلت وتعتد في الشهور خمسا وأربعين إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر وتعتد في الوفاة شهرين وخمس ليال وفي الحمل أن تضع
صفحة : 1908
حملها متوفى عنها أو كانت مطلقة. قال: ولزوجها في الطلاق إذا كانت يملك الرجعة عليها ما على الحرة في عدتها وكذلك عليه من نفقتها في العدة ما عليه من نفقة الحرة. ولا يسقط ذلك عنه إلا أن يخرجها سيدها فيمنعها العدة في منزله فتسقط النفقة عنه كما تسقط لو كانت له زوجة فأخرجها عنه إلى بلد غير بلده. وكذلك إن كانت مطلقة طلاقا لا يملك الرجعة كانت نفقتها حاملا ما لم يخرجها سيدها من منزله لأن الله عز وجل يقول في المطلقات: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ولم نجد أثرا لازما ولا إجماعا بأن لا ينفق على الأمة الحامل. ولو ذهبنا إلى أن نزعم أن النفقة على الحامل إنما هي للحمل كانت نفقة الحمل لا تبلغ بعض نفقة أمه وكما يكون لو كان مولودا لم تبلغ نفقته بعض نفقة أمه ولكنه حكم الله تعالى علينا إتباعه تعبدا. وقد ذهب بعض الناس إلى أن جعل للمطلقة لا يملك زوجها رجعتها النفقة قياسا على الحامل فقال: الحامل محبوسة بسببه وكذلك المعتدة بغير الحمل محبوسة بسببه عن الأزواج فذهبنا إلى أنه غلط وإنما أنفقنا على الحامل بحكم الله عز وجل لا بأنها محبوسة بسببه وقد تكون محبوسة بسببه بالموت ولا نفقة لها. واستدللنا بالسنة على أن لا نفقة للتي لا يملك زوجها رجعتها إذا لم تكن حاملا. قال: والأمة في النفقة بعد الفراق والسكنى ما كانت في العدة كالحرة إلا ما وصفت من أن يخرجها سيدها. أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال: ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرأ ونصفا: قال سفيان: وكان ثقة أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس الثقفي عن رجل من ثقيف أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول: لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا فقال رجل فاجعلها شهرا ونصفا فسكت عمر قال: وإذا طلق الحر أو العبد الأمة طلاقا يملك فيه الرجعة فعدتها عدة أمة وإذا مضت عدتها ثم عتقت لم تعد لعدة ولم تزد على عدتها الأولى. وإن أعتقت قبل مضي العدة بساعة أو أقل أكملت عدة حرة لأن العتق وقع وهي في معاني الأزواج في عامة أمرها. فإن مات بعد الطلاق الذي يملك فيه الرجعة قبل العتق لم ترثه وكذلك لو ماتت لم يرثها. وإن مات أو ماتت وقد عتقت قبل مضي عدتها عدة الأمة وقبل مضي عدة الحرة توارثا ويقع عليها إيلاؤه وطلاقه وظهاره وما يقع بين الزوجين. قال: وإذا كان طلاقه وإيلاؤه وظهاره يقع عليها إذا طلقت طلاقا
صفحة : 1909
يملك فيه الرجعة إلى أن تنقضي عدتها فعتقت قبل أن تنقضي عدتها لم يجز - والله تعالى أعلم - إلا أن تعتد حرة ويتوارثان قبل انقضاء عدتها التي لزمتها بالحرية. ولو كانت الأمة عند عبد فطلقها طلاقا يملك فيه الرجعة فلم تنقض عدتها حتى عتقت فاختارت فراقه كان ذلك لها وكان اختيارها فراقه فسخا بغير طلاق وتكمل منه عدة حرة من الطلاق الأول: لأنها صارت حرة قبل أن تنقضي عدتها من طلاق يملك فيه الرجعة ولا تستأنف عدة لأنه لو كان أحدث لها رجعة ثم طلقها ولم يصبها بنت على العدة الأولى لأنها مطلقة لم تمس فإنما عليها من العدة الأولى إكمال عدة حرة. ولو كان طلاق الأمة طلاقا لا يملك فيه الرجعة ثم عتقت في العدة ففيها قولان: أحدهما أن تبني على العدة الأولى وأن لا خيار لها لأنها غير زوجة ولا تستأنف عدة لأنها ليست بزوجة ولا في معاني الأزواج لا يقع عليها طلاقه ولا إيلاؤه ولا ظهاره ولا يتوارثان لو كانا في تلك الحال حرين. والقول الثاني: أن عليها أن تكمل عدة حرة ولا تكون حرة تكمل عدة أمة ومن ذهب إلى هذا ذهب إلى أن يقيسه على العدة في الطلاق الذي يملك فيه الرجعة. وقال: المرأة تعتد بالشهور ثم تحيض تستقبل الحيض ولا يجوز أن تكون في بعض عدتها ممن تحيض وهي تعتد بالشهور فيقول: وهكذا لا يجوز أن تكون في بعض عدتها حرة وهي تعتد عدة أمة. وقال في المسافر: يصلي ركعة ثم ينوي المقام يتم أربعا ولا يجوز أن يكون في بعض صلاته مقيما يصلي صلاة مسافر. وهذا أشبه القولين - والله تعالى أعلم - بالقياس قال: والأمة من الأزواج فإذا اجتمعت عليها عدتان قضتهما كما تقضيهما الحرة وهي في النكاح الفاسد والإحداد كالحرة يثبت عليها ما يثبت على الحرة ويرد عنها ما يرد عنها. أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في أم الولد يتوفى عنها سيدها قال: تعتد بحيضة قال الشافعي وإذا ولدت الأمة من سيدها فأعتقها أو مات عنها استبرأت بحيضة ولا تحل من الحيضة للأزواج حتى ترى الطهر فإذا رأته حلت وإن لم تغتسل. وإن أعتقها أو مات عنها وهي حائض لم يعتد بتلك الحيضة. وإن أعتقها أو مات عنها وهي لا تعلم فاستيقنت أنها قد حاضت بعد العتق حلت وإن لم تستيقن استبرأت نفسها بحيضة من ساعة يقينها ثم حلت. قال: وإن كانت حاملا فأجلها أن تضع حملها. وإن استبرأت لم تنكح حتى تستبرأ وهي كالحرة في الاستبراء من العدة سواء. وإذا ولدت جارية الرجل منه أحببت له أن لا يزوجها وإن استبرأها ثم زوجها فالنكاح ثابت عليها رضيت أو لم ترض. فإن مات سيدها ولم يطلقها
صفحة : 1910
زوجها ولم يمت فلا استبراء عليها من سيدها وإن طلقها زوجها طلاقا يملك فيه الرجعة أو طلاقا بائنا فلم تنقض عدتها حتى مات سيدها لم يكن عليها استبراء من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بشىء أباحه لغيره بنكاح وعدة من نكاح. وكذلك لو مات عنها زوجها فلم تنقض عدتها منه حتى يموت سيدها لم تستبرىء من سيدها لأن فرجها ممنوع منه بعدة من نكاح. ولو مات زوجها أو طلقها فانقدت عدتها منه ثم مات سيدها استبرأت من سيدها بحيضة. قال ولو مات زوجها وسيدها ويعلم أن أحدهما مات قبل الآخر بيوم أو شهرين وخمس ليال أو أكثر ولا يعلم أيهما مات قبل اعتدت من حين مات الآخر منهما أربعة أشهر وعشرا تأتي فيها بحيضة. وإنما قلنا: تدخل إحدى العدتين في الأخرى أنهما لا يلزمانها معأ وإنما يلزمها إحداهما. فإذا جاءت بهما معا على الكمال في وقت واحد فذلك أكثر ما يلزمها إن كان سيدها مات قبل زوجها فلا استبراء عليها من سيدها وعليها أربعة أشهر وعشر. وإن كان زوجها مات قبل سيدها ولم تستكمل شهرين وخمس ليال فلا استبراء عليها من سيدها. وإن كان سيدها مات بعد مضي شهرين وخمس ليال فعليها أن تستبرىء من سيدها بحيضة ولا ترث زوجها حتى تستيقن أن سيدها مات قبل زوجها. ولو كان زوج هذه طلقها تطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها ثم مات زوجها وهي في العدة وكان الزوج حرا اعتدت عدة الوفاة من يوم مات زوجها أربعة أشهر وعشرا وورثت زوجها ولم تبال أن لا تأتي بحيضة لأنه لا استبراء عليها من سيدها إذا كانت في عدة من زوجها. ولو كان زوجها عبدا فطلقها الطليقة يملك الرجعة ثم مات سيدها وهي في عدتها من الطلاق أو أعتقها فلم تختر فراق الزوج حتى مات الزوج حرا كان لها منه الميراث وتستقبل منه عدة أربعة أشهر وعشرا من يوم مات الزوج ولا استبراء عليها من يدها. ولو اختارت فراقه حين عتقت قبل أن يموت كان الفراق فسخا بغير طلاق ولم يكن عليها عدة وفاة ولم ترثه وأكملت عدة الطلاق ولم يكن له عليها رجعة بعد اختيارها فراقه قبل موته ولا استبراء لسيدها. قال: وإذا جاءت أم ولد رجل بعد موته بولد لأكثر ما تلد له النساء من آخر ساعات حياته فالولد لاحق به وهكذا في الحياة. لو أعتقها إذا لم يدع أنه استبرأها ولو جاءت به لأكثر مما تلد له النساء من يوم مات أو أعتق لم يلزمه. قال: وعدة أم الولد إذا كانت حاملا أن تضع حملها وإن لم تكن حاملا فحيضة. قال: إذا مات الرجل عن مدبرة له كان يطؤها أو أمة كان يطؤها استبرأت بحيضة. فإن نكحت هي أو أم الولد.
صفحة : 1911
قبلها فسخ النكاح وإن كانت أمة لا يطؤها فلا استبراء عليها وأحب إلي لو لم تنكح حتى تستبرىء نفسها. وإذا كانت للعبد امرأة ثم كاتب فاشتراها للتجارة فالشراء جائز كما يجوز شراؤه لغيرها والنكاح فاسد إذا جعلته يملكها لم أجعل له نكاحها وتعتد من النكاح بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهر ونصف وليس له أن يطأها بالملك لأنه لا يملك ملكا تاما. وإن عتق قبل مضي عدتها كان له أن يطأها وهي تعتد من مائه إنما تحرم على غيره في عدتها منه ولا تحرم عليه ولا أكره له وطأها في هذه الحال إنما أكره له ذلك في الماء الفاسد ولا أحرمه عليه ولا أفسد النكاح. ولو وقع وهي تعتد من الماء الفاسد ولو مات المكاتب قبل أن يؤدي أكملت بقية عدتها من انفساخ نكاحه وكانت مملوكة للسيد ترك وفاء أو لم يتركه أو ولدا كانوا معه في الكتابة أو أحرارا ولم يدعهم. ولو رضي السيد أن يزوجه إياها فزوجه إياها لم يجز لأنها ملك للمكاتب كما يملك ماله ولو رضي أن يتسراها لم يكن ذلك له ولو تسراها المكاتب فولدت ألحقت به الولد ومنعته الوطء. وفيها قولان: أحدهما لا يبيعها بحال خاف العجز أو لم يخفه لأني قد حكمت لولدها بحكم الحرية إن عتق أبوه. والثاني: أن له بيعها إن خاف العجز ولا يجوز له أن يبيعها إن لم يخفه وإن مات استبرأت بحيضة كما تستبرىء الأمة. وكذلك إذا منعته وطأها أو أراد بيعها استبرأت بحيضة لا تزيد عليها. وإذا تزوج المكاتب امرأة حرة ثم ورثته فسد النكاح واعتدت منه عدة مطلقة. وإن مات حين تمكثه حرا أو مملوكا فسواء النكاح ينفسخ وعدتها عدة مطلقة لا عدة متوفى عنها زوجها ولا ترث منه إن كان حرا لأن النكاح انفسخ ساعة وقع عقد الملك. وهذا لو كانت بنت سيده زوجه إياها بإذنها فالنكاح ثابت ومتى ورثت منه شيئا كان كما وصفت. وإذا مات الرجل وجاءت امرأته بولد لأكثر ما تلد له النساء ألزمت الميت الولد أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر بها ما لم تنكح زوجا يمكن أن يكون منه. ولو جاءت بولد فأنكر الورثة أن تكون ولدته فجاءت بأربع نسوة يشهدن على أنها ولدته لزم الميت. وهكذا كل زوج جحد أولاد امرأته ولم يقذفها فقال: لم تلدي هذا الولد لم يلزمه إلا بأن يقر به أو بالحمل به أو تأتي المرأة بأربع نسوة يشهدن على ولادها فيلزمه إلا أن ينفيه بلعان. وإذا نكح الرجل المرأة فلم يقر بالدخول بها ولا ورثته وجاءت بولد لستة أشهر من يوم نكحها أو أكثر لزمه. وكذلك لو طلقها لزمه لأكثر ما تلد له النساء إلا أن ينفيه بلعان. وإذا مات الصبي الذي لا يجامع مثله عن امرأته دخل بها أو لم يدخل
صفحة : 1912
بها حتى مات فعدتها أربعة أشهر وعشر لأن الحمل ليس منه ولا يلحق به إذا أحاط العلم أن مثله لا ينزل بعد موته ولا في حياته. وإن وضعت الحمل قبل أربعة أشهر وعشر أكملت أربعة أشهر وعشرا وإن مضت الأربعة الأشهر والعشر قبل وضع الحمل حلت منه وتحد في الأربعة الأشهر والعشر ولا تحد بعدها وإذا نكح الخصي غير المجبوب والخصي المجبوب وعلمت زوجتاهما قبل النكاح فرضيتا أو بعد النكاح فاختارتا المقام فالنكاح جائز. وإذا أصاب الخصي غير المجبوب فهو كالرجل غير الخصي يجب المهر بإصابته وإذا كان أبقي للخصي شيء يغيب في الفرج فهو كالخصي غير المجبوب وإن لم يبق شيء وكان والخصي ينزلان لحقهما الولد كما يلحق الفحل واعتدت زوجتاهما منهما كما تعتد زوجة الفحل من الطلاق والوفاة وطلاقهما بكل حال إذا كانا بالغين كطلاق الفحل البالغ. ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها ولا طلاق المعتوه ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز. قال: ويجوز طلاق السكران. ومن لم يجز طلاقه فالمرأة امرأته حتى يموت أو يصير إلى أن يجوز طلاقه. وكل بالغ مغلوب على عقله يلزمه الولد كما يلزم الصحيح ولا يكون له أن ينفي الولد بلعان لأنه ليس ممن يعقل لعانا ولا تبين منه امرأته. ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 1913
عدة الحامل قال الله عز وجل في المطلقات: وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال الشافعي رحمه الله: فأي مطلقة طلقت حاملا فأجلها أن تضع حملها. قال: ولو كانت تحيض على الحمل تركت الصلاة واجتنبها زوجها ولم تنقض عدتها بالحيض لأنها ليست من أهله إنما أجلها أن تضع حملها. قال: فإن كانت ترى أنها حامل وهي تحيض فارتابت أحصت الحيض ونظرت في الحمل فإن مرت لها ثلاث حيض فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة وقد بان لها أن ليس بها حمل فقد انقضت عدتها بالثلاث الحيض فإن ارتجعتا زوجها في حال ارتيابها بعد ثلاث حيض وقفنا الرجعة فإن بان بها حمل فالرجعة ثابتة وإن بان أن ليس بها حمل فالرجعة باطلة وإن عجل فأصابها فلها المهر بما أصاب منها وتستقبل عدة أخرى ويفرق بينهما وهو خاطب. وهكذا المرأة المطلقة التي لم تحض ترتاب من الحمل فتمر بها ثلاثة أشهر لا تخالف حال التي ارتابت من الحمل وهي تحيض فحاضت ثلاث حيض إن برئت من الحمل برئت من العدة في الثلاثة الأشهر التي مرت بها بعد الطلاق في حال ريبة مرت بها أو غير ريبة وإن لم تبرأ من الحمل وبان بها الحمل فأجلها أن تضع حملها وإن راجعها زوجها في الثلاثة الأشهر ثبتت الرجعة كانت حاملا أو لم تكن. فإذا راجعها بعد الثلاثة الأشهر وقفت الرجعة فإن برئت من الحمل فالرجعة باطلة. وإن كان الطلاق يملك الرجعة أنفق عليها في الحيض أو الشهور وإن أنفق عليها وهو يراه حملا بطلت النفقة من يوم أكملت الحيض والشهور ويرجع عليها بما أنفق بعد مضي العدة بالشهور والحيض ويرجع بما أنفق حين كان يراها حاملا فإن كانت حاملا فالرجعة ثابتة ولها النفقة فإن دخل بها فأبطلت الرجعة جعلت لها الصداق بالمسيس واستأنفت العدة من يوم أصابها وكان خاطبا فإن راجعها وهي ترى أنها حامل بعد الثلاثة الأشهر ثم انفش ما في بطنها فعلم أنها غير حامل فالرجعة باطلة. قال الربيع: انفش ذهب. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا تنكح المرتابة من المطلقات ولا المتوفى عنها زوجها من الحمل وإن أوفين عددهن لأنهن لا يدرين ما عددهن الحمل أو ما اعتدن به وإن نكحن لم نفسخ النكاح ووقفناه فإن برئن من الحمل فالنكاح ثابت وقد أسأن حين نكحن وهن مرتابات وإن كان الحمل منعناهن الدخول حتى يتبين أن ليس حمل فإن وضعن أبطلنا النكاح وإن بان أن لا حمل خلينا بينهن وبين الدخول. قال: ومتى وضعت المعتدة ما في بطنها كله فقد انقضت عدتها مطلقة كانت أو
صفحة : 1914
متوفى عنها: ولو كان ذلك بعد الطلاق أو الموت بطرفة عين. وإن كانت حاملا باثنين أو ثلاثة فوضعت الأول فلزوجها عليها الرجعة حتى تضع الثاني فإن راجعها بعد وضع الأول وهي تجد حركة ولد أوقفنا الرجعة فإن ولدت ولدا آخر أو أسقطت سقطا تبين له من خلق الآدميين شيء فرجعته ثابتة وإن لم تضع شيئا إلا ما يخرج من النساء مما يتبع الولد أو ما لا يتبين فيه شيء من خلق الآدميين فالرجعة باطلة. وكذلك هذا لو وضعت الأولين وبقي ثالث أو شيء تجده تراه ثالثا أو ثلاثة وبقي رابع لا تخلو أبدا من زوجها إلا بوضع آخر حملها وليس ما يتبع الحمل من المشيمة وغيرها مما لا يبين له خلق آدمي حملا. قال: ولو ارتجعها وقد خرج بعض ولدها وبقي بعضه كانت لي عليها الرجعة ولا تخلو منه حتى يفارقها كله خارجا منها فإذا فارقها كله فقد انقضت عدتها وإن لم يقع في طست ولا غيره. قال: وأقل ما تخلو به المعتدة من الطلاق والوفاة من وضع الحمل أن تضع سقطا قد بان له من خلق بني آدم شيء عين أو ظفر أو إصبع أو رأس أو يد أو رجل أو بدن أو ما إذا رئي علم من رآه أنه لا يكون إلا خلق آدمي يكون دما في بطن ولا حشوة ولا شيئا لا يبين خلقه. فإذا وضعت ما هو هكذا حلت به من عدة الطلاق والوفاة. قال: وإذا ألقت شيئا مجتمعا شك فيه أهل العدل من النساء أخلق هو أم لا لم تحل به ولا تخلو إلا بما لا يشككن فيه. وإن اختلفت هي وزوجها فقالت: قد وضعت ولدا أو سقطا قد بان خلقه وقال زوجها: لم تضعي فالقول قولها مع يمينها وإن لم تحلف ردت اليمين على زوجها. فإن حلف على البت ما وضعت كانت له الرجعة وإن لم يحلف لم يكن له الرجعة. قال: ولو قالت: وضعت شيئا أشك فيه أو شيئا لا أعقله وقد حضره نساء فاستشهدت بهن وأقل من يقبل في ذلك أربع نسوة حرائر عدول مسلمات لا يقبل أقل منهن ولا يقبل فيهن والدة ولا ولد وتقبل أخواتها وغيرهن من ذوي قرابتها والأجنبيات ومن أرضعها من النساء. ولو طلق رجل امرأته وولدت فلم تدر هي أوقع الطلاق عليها قبل ولادها أو بعده وقال: هو وقع بعد ما ولدت فلي عليك الرجعة وكذبته فالقول قوله وهو أحق بها لأن الرجعة حق له. والخلو من العدة حق لها. فإذا لم تدع حقها فتكون أملك بنفسها لأنه فيها دونه لم يزل حقه إنما يزول بأن تزعم هي أنه زال. قال: ولو لم يدر هو ولا هي أوقع الطلاق قبل الولاد أو بعده بأن كان عنها غائبا حين طلقها بناحية من مصرها أو خارج منه كانت عليها العدة لأن العدة تجب على المطلقة فلا نزيلها عنها إلا بيقين أن تأتي بها وكان
صفحة : 1915
الورع أن لا يرتجعها لأني لا أدري لعلها قد حلت منه. ولو ارتجعها لم أمنعه لأنه لا يجوز لي منعه رجعتها إلا بيقين: أن قد حلت منه. قال: والحرة الكتابية تكون تحت المسلم أو الكتابي في عدد الطلاق أو الوفاة وما يلزم المعتدة من ترك الخروج والإحداد وغير ذلك ويلزم لها بكل وجه سواء لا يختلفان في ذلك. والحرة المسلمة الصغيرة كذلك وكذلك الأمه المسلمة إلا أن عدة الأمة في غير الحمل نصف عدة الحرة وأن لسيد الأمة أن يخرجها وإذا أخرجها لم يكن لها نفقة على مطلق يملك الرجعة ولا حمل. قال: وتجتمع العدة من النكاح الثابت والنكاح الفاسد في شيء وتفترق في غيره وإذا اعتدت المرأة من الطلاق والمنكوحة نكاحا فاسدا بالفرقة فعدتهما سواء لا يختلفان في موضع الحمل والأقراء والشهور غير أن لا نفقة لمحنكوحة نكاحا فاسدا في الحمل ولا سكنى إلا أن يتطوع المصيب لها بالسكنى ليحصنها فيكون ذلك لها بتطوعه وله بتحصينها. وإذا نكح الرجل المرأة نكاحا فاسدا فمات عنها ثم علم فساد النكاح بعد موته أو قبله فلم يفرق بينهما حتى مات فعليها أن تعتد عدة مطلقة ولا تعتد عدة متوفى عنها ولاتحد في شيء من عدته ولا ميراث بينهما لأنها لم تكن زوجة وإنما تستبرأ بعدة مطلقة لأن ذلك أقل ما تعتد به حرة. فتعتد إلا أن تكون حاملا فتضع حملها فتحل للأزواج بوضع الحمل وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها فلم يحدث لها الزوج رجعة ولا نكاحا حتى ولدت لأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الزوج وأنكر الزوج الولد ولم يقر بالحمل فالولد منفي عنه بلا لعان لأنها ولدت بعد الطلاق لما لا تلد له النساء. وإن كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة ردت نفقة الحمل إن كانت أخذنها. وإن كان يملك الرجعة فلم تقر بثلاث حيض مضت أو تكون ممن تعتد بالشهور فتقر بمضي ثلاثة أشهر فلها النفقة في أقل ما تحيض له ثلاث حيض وذلك أني أجعلها طاهرا حين طلقها ثم تحيض من يومها ثم أحسب لها أقل ما كانت تحيض فيه ثلاث حيض فأجعل لها فيه النفقة إلى أن تدخل في الدم من الحيضة الثالثة أبتدىء ذلك بما وصفت من أن أجعل طهرها قبل حيضها من يوم طلقها وأقل ما تحيض وتطهر وإن كان حيضها يختلف فيطول ويقصر لم أجعل لها إلا أقل ما كانت تحيض لأن ذلك اليقين وأطرح عنه الشك وأجعل العدة منقضية بالحمل لأنها مفسدة للحيضة وواضعة للحمل. فلو كانت عدتها الشهور جعلت لها نفقة ثلاثة أشهر من يوم طلقها وبرئت من العدة بوضع الحمل وإن لم يلزمه الولد كان من غيره. قال: ولو أقر به الزوج كان ابنه لأنه قد يرتجع وينكح نكاحا جديدا
صفحة : 1916
ويصيب بشبهة في العدة فيكون ولده ولو لم يقر به الزوج ولكن المرأة ادعت أنه راجعها في العدة أو نكحها إذا كان الطلاق بائنا وأصابها وهي. ترى أن له عليها الرجعة وأنكر ذلك كله أو مات ولم يقر لم يلزمه الولد في شيء من هذا وعليه اليمين على دعواها إن كان حيا وعلى ورثته على علمهم إن كان ميتا وسألت أيمانهم. وإذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها فأقرت بانقضاء العدة أو لم تقر بها حتى ولدت ولدا لم يجاوز أربع سنين من الساعة التي وقع فيها الطلاق أو أقل فالولد أبدا لاحق بالأب لأكثر ما يكون له حمل النساء من يوم طلقها كان الأب حيا أو ميتا لا ينفى الولد عن الأب إلا بأن تأتي به لأكثر مما تحمل النساء من يوم طلقها أو يلتعن فينفيه بلعان أو تزوجت زوجا غيره فتكون فراشا إذا تزوجت زوجا غيره وقد أقرت بانقضاء العدة وأقر بالدخول بها أو لم يقر حتى جاءت بولد لستة أشهر من يوم وقعت عقدة النكاح فالولد له إلا أن ينفيه بلعان. وكذلك لو قالت: كذبت في قولي انقضت العدة لم تصدق على الزوج الأول ولو ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم وقعت عقدة النكاح الآخر وتمام أربع سنين أو أقل من يوم فارقها الأول كان للأول. ولو وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم فارقها الأول كان للأول. ولو وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم نكحها الآخر وأكثر من أربع سنين من يوم طلقها الأول لم يكن ابن واحد منهما لأنها وضعته من طلاق الأول لما لا تحمل له النساء ومن نكاح الآخر لما لا تلد له النساء. وإذا قال الرجل لامرأته: كلما ولدت فأنت طالق فولدت ولدين في بطن واحد وقع الطلاق بالولد الأول وانقضت عدتها بالولد الآخر ولم يقع به طلاق لأن الطلاق وقع ولا عدة عليها. ولو ولدت ثلاثة في بطن وقعت تطليقتان بالولدين الأولين لأن الطلاق وقع وهو يملك الرجعة وانقضت عدتها بالثالث ولا يقع به طلاق. ولو كانت المسألة بحالها وولدت أربعة في بطن وقع الثلاث بالثلاث الأوائل وانقضت العدة بالولد الرابع. ولو قال رجل لامرأته: كلما ولدت ولدا فأنت طالق: فولدت ولدين بين كل واحد منهما سنة وقع الطلاق بالأول وحلت للأزواج بالآخر وإن كان الطلاق لا يملك فيه الرجعة فلا نفقة فيه وإن كان يملك الرجعة فلها النفقة كما وصفت في أقل ما كانت تحيض فيه ثلاث حيض حتى تدخل في الدم من الحيضة الثالثة قال: وإنما فرقت بين هذا والمسائل قبله لأن الزوج ابتدأ الطلاق كما يقع على الحانث بكلام تقم قبل وضع حملها وقع بوضع حملها منه ثم لم يحدث نكاحا ولا رجعة فيلزمه بواحد منهما ولم يقر به فيلزمه إقراره وكان الولد منفيا عنه بلا لعان
صفحة : 1917
وغير ممكن أن يكون أبدا في الظاهر منه. فإن قال قائل: فكيف لم ينف الولد إذا أقرت أمه بانقضاء العدة ثم ولدته لأكثر من ستة أشهر بعد إقرارها. قيل: لما أمكن أن تكون تحيض وهي حامل فتقر بانقضاء العدة على الظاهر والحمل قائم لم نقطع حق الولد بإقرارها بانقضاء العدة وألزمناه الأب ما أمكن أن يكون حملا منه وذلك أكثر ما تحمل له النساء من يوم طلقها وكان الذي يملك الرجعة والذي لا يملكها في ذلك سواء. ولما كان هذا هكذا. كانت إذا لم تقر بانقضاء العدة وجاءت بولد لأكثر ما تلد له النساء من يوم وقع الطلاق لم أجعل الولد ولده في واحد منهما. فإن قال: فإن التي يملك عليها الرجعة في معاني الأزواج ما لم تقر بانقضاء العدة ففي بعض الأمر دون بعض. ألا ترى أنها تحل بالعدة لغيره وليس هكذا امرأته وقيل له: أيحل له إصابتها بعد الطلاق بغير رجعة فإن قال: لا. ولكنه لو أصابها جعلتها رجعة قيل: فكيف يكون عاصيا بالإصابة مراجعا بالمعصية ويقال له: أرأيت لو أصابها في عدة من طلاق بائن فجاءت بولد فادعى الشبهة فإن قال: يلزمه. قيل: فقد ألزمته الولد بالإصابة في العدة من طلاق بائن إلزامكه الولد في العدة من طلاق يملك فيه الرجعة فكيف نفيته عنه في أحدهما وأثبته عليه في الآخر وحكمهما في إلحاق الولد عندك. سواء ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
صفحة : 1918
عدة الوفاة قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج الآية قال الشافعي حفظت عن غير واحد من أهل العلم بالقرآن أن هذه الآية نزلت قبل نزول آي المواريث وأنها منسوخة وحفظت أن بعضهم يزيد على بعض فيما يذكر مما أحكي من معاني قولهم وإن كنت قد أوضحت بعضه بأكثر مما أوضحوه به وكان بعضهم يذهب إلى أنها نزلت مع الوصية للوالدين والأقربين وأن وصية المرأة محددة بمتاع سنة وذلك نفقتها وكسوتها وسكنها وأن قد حظر على أهل زوجها إخراجها ولم يحظر عليها أن تخرج ولم يخرج زوجها ولا وارثه بخروجها إذا كان غير إخراج منهم لها ولا هي لأنها إنما هي تاركة لحق لها وكان مذهبهم أن الوصية لها بالمتاع إلى الحول والسكنى منسوخة بأن الله تعالى ورثها الربع إن لم يكن لزوجها ولد والثمن إن كان له ولد. وبين أن الله عز وجل أثبت عليها عدة أربعة أشهر وعشرا ليس لها الخيار في الخروج منها ولا النكاح قبلها قال: ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن عليها أن تمكث في بيت زوجها حتى يبلغ الكتاب أجله إلا أن تكون حاملا فيكون أجلها أن تضع حملها بعد أو قرب ويسقط بوضع حملها عدة أربعة أشهر وعشر. قال: وما وصفت من نسخ الوصية لها بالمتاع إلى الحول بالميراث ما لا اختلاف فيه من أحد علمته من أهل العلم وكذلك لا اختلاف علمته في أن عليها عدة أربعة أشهر وعشر وقول الأكثر من أهل العلم مع السنة أن أجلها إذا كانت حاملا وكل ذات عدة أن تضع حملها. قال: وكذلك قول الأكثر: بأن عليها أن تعتد في بيت زوجها وليس لها الخيار في أن تخرج مع الاستدلال بالسنة. قال: وكان قول الله عز وجل والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا يحتمل أن يكون على كل زوجة حرة وأمة حامل وغير حامل. واحتمل أن يكون على الحرائر دون الإماء وغير ذوات الحمل دون الحوامل. ودلت السنة على أنها على غير الحوامل من الأزواج وأن الطلاق والوفاة في الحوامل المعتدات سواء وأن أجلهن كلهن أن يضعن حملهن. ولم أعلم مخالفا في أن الأمة الحامل في الوفاة والطلاق كالحرة تحل بوضع حملها. أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: سئل ابن عباس وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهما عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل. فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة على أم سلمة
صفحة : 1919
زوج النبي ﷺ فسألها عن ذلك فقالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والأخر كهل فخطبت إلى الشاب فقال الكهل: لم تحلل وكان أهلها غيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله ﷺ فقال: قد حللت فانكحي من شئت أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال فقال ابن عباس: آخر الأجلين وقال أبو سلمة إذا نفست فقد حلت قال فجاء أبو هريرة فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة فبعثوا كريبا مولى ابن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال لها: قد حللت فانكحي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت رسول الله ﷺ فاستأذنته في أن تنكح فأذن لها أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بأيام فمر بها أبو السنابل بن بعكك بعد ذلك بأيام فقال: قد تصنعت للأزواج إنها أربعة أشهر وعشر فذكرت ذلك للنبي ﷺ فقال: كذب أبو السنابل. وليس كما قال: إنك قد حللت فتزوجي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى زوجها وهي حامل فقال ابن عمر: إذا وضعت حملها حلت: فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت. قال الشافعي ليس للمتوفى عنها نفقة حاملا كانت أو غير حامل. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال: ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة حسبها الميراث. قال الشافعي وكذلك لو كانت مشركة أو مملوكة لا ترث لم يكن لها النفقة لأن ملكه عن المال قد انقطع بالموت وإذا وضعت المتوفى عنها جميع حملها حلت للأزواج مكانها ولم تنتظر أن تطهر وكان لها أن تنكح ولم يكن لزوجها أن يصيبها حتى تطهر. وهكذا هي إن كانت مطلقة وهكذا المعتدة من الطلاق إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة حل لها أن تنكح ولم يكن لزوجها أن يصيبها حتى تطهر فإذا ولدت ولدا وكانت تجد حركة تخاف أن يكون ولدا ثانيا أو وضعت ثانيا وخافت أن تكون الحركة ولدا ثالثا لم تنكح حتى تعلم أن
صفحة : 1920
ليس في بطنها ولد غير الذي ولدت أولا وإن نكحت بعد ولاد الأول والثاني وهي تجد حركة فالنكاح موقوف فإن ولدت فالنكاح مفسوخ وإن علم أنه ليس ولد فالنكاح ثابت. فإن كانت مطلقة لزوجها عليها الرجعة فوضعت ولدا فارتجعها زوجها وهي تجد حركة وقفت الرجعة فإن ولدت آخر أو أسقطته قد تبين بعض خلقه فالرجعة ثابتة و. إن لم تضعه فالرجعة باطلة. قال: وسواء ولدته سقطا أو تماما أو ضربه إنسان أو هي فألقته ميتا أو حيا تخلو عدتها بذلك كله لأنها قد وضعت حملها وهي ومن ضربه آثمان بضربه وهذا هكذا في الطلاق وكل عدة على كل امرأة بوجه من الوجوه. وسواء هذا في الاستبراء وفي كل عدة من نكاح فاسد تحل بوضع الحمل ولا تحل به حتى يتبين له خلق من خلق بني آدم رأس أو يد أو رجل أو ظفر أو عين أو شعر أو فرج أو ما يعرف به أنه من خلق الآدميين. فأما ما لا يعرف به أنه خلق آدمي فلا تحل به وعدتها فيه ما فرض عليها من العدة غير عدة أولات الأحمال. وسواء في الخروج بوضع الحمل من العدة بالوفاة والطلاق. والنكاح الفاسد والمفسوخ والاستبراء كل امرأة حرة وأمة وذمية وبأي وجه اعتدت وأي أمة استبرأت وتعتد المتوفى عنها زوجها الحرة المسلمة والذمية من أي زوج كان حرا أو عبدأ أو ذميا لحرة ذمية عدة واحدة إذا لم تكن حاملا أربعة أشهر وعشرا ينظر إلى الساعة التي توفي فيها الزوج فتعتد منها بالأيام فإذا رأت الهلال اعتدت بالأهلة. قال: كأنه مات نصف النهار وقد بقي من الشهر خمس ليال سوى يومها الذي مات فيه فاعتدت خمسا ثم رئي الهلال فتحصي الخمس التي قبل الهلال ثم تعتد أربعة أهلة بالأهلة. وإن اختلفت فكان ثلاثة منها تسعا وعشرين وكان واحد منها ثلاثين أو كانت كلها ثلاثين إنما الوقت فيها الأهلة. فإذا أوفت الأهلة الأربعة اعتدت أربعة أيام بلياليهن واليوم الخامس إلى نصف النهار حتى يكمل لها عشر سوى الأربعة الأشهر وإن مات وقد مضى من الهلال عشر ليال أحصت ما بقي من الهلال فإن كان عشرين أو تسعة عشر يوما حفظتها ثم اعتدت ثلاثة أشهر بالأهلة ثم استقبلت الشهر الرابع فأحصت عدد أيامه فإذا كمل لها ثلاثون يوما بلياليها فقد أوفت أربعة أشهر واستقبلت عشرا بلياليها فإذا أوفت لها عشرا إلى الساعة التي مات فيها فقد مضت عدتها. ولو كانت محبوسة أو عمياء لا ترى الهلال ولا تخبر عنه أو أطبق عليها الغيم اعتدت بالأيام على الكمال الأربعة الأشهر مائة وعشرين يوما والعشر بعدها عشر فذلك مائة وثلاثون يوما ولم تحل في شيء من ذلك من زوجها حتى توفي هذه العدة أو
صفحة : 1921
يثبت لها أن قد خلت عدتها قبله بالأهلة والعشر كما وصفت. وليس عليها أن تأتي في الأربعة الأشهر والعشر بحيضة لأن الله عز وجل جعل للحيض موضعا فكان بفرض الله العدة لا الشهور. فكذلك إذا جعل الشهور والأيام عدة فلا موضع للحيضة فيها ومن قال: تأتي فيها بحيضة جعل عليها ما لم يجعل الله عليها أرأيت لو كانت تعرف أنها لا تحيض في كل سنة أو سنتين إلا مرة أما يكون من جعلها تعتد سنة أو سنتين جعل عليها ما ليس عليها ولكن لو ارتابت من نفسها استبرأت نفسها من الريبة كما يكون ذلك في جميع العدد. وكذلك لو جاءت في الأربعة الأشهر والعشر بحيضة وحيض ثم ارتابت استبرأت من الريبة. قال: ولو طلقها ثلاثا أو تطليقة لم يبق له عليها من الطلاق غيرها حتى يكون لا يملك رجعتها وهو صحيح ثم مات لم ترثه واعتدت عدة الطلاق. ولو طلقها مريضا ثم صح من مرضه ثم مات وهي في العدة لم ترثه واعتدت عدة الطلاق. لأنه قد صح في حال لو ابتدأ طلاقها فيها ثم مات لم ترثه فكان في الصحة مطلقا ولم يحدث رجعة. ولو طلقها مريضا ثم مات من مرضه وهي في العدة فإن كان الطلاق يملك فيه الرجعة ورثته وورثها لو ماتت لأنها في معاني الأزواج. وهكذا لو كان هذا الطلاق في الصحة. قال: ولو طلقها طلاقا لا يملك فيه رجعتها وهو مريض ثم ماتت في العدة لم يرثها. وإن مات وهي في العدة فقول كثير من أهل الفتيا: أنها ترثه في العدة. وقول بعض أصحابنا: أنها ترثه وإن مضت العدة. وقول بعضهم: لا ترث مبتوتة هذا مما أستخير الله عز وجل فيه. قال الربيع: وقد استخار الله تعالى فيه فقال: لا ترث المبتوتة طلقها مريضا أو صحيحا قال الربيع: من قبل أنه لو آلى منها لم يكن موليأ ولو تظاهر منها لم يكن مظاهرا ولو قذفها كان عليه الحد ولو ماتت لم يرثها فلما كانت خارجة من معاني الأزواج وإنما ورث الله تعالى الزوجة فقال: ولهن الربع وإنما خاطب الله عز ذكره الزوجة فكانت غير زوجة في جميع الأحكام لم ترث وهذا قول ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف طلقها على أنها لا ترث إن شاء الله عنده قال الشافعي واختلف أصحابنا فيها إن نكحت فالذي اختار: إن ورثت بعد مضي العدة أن ترث ما لم تتزوج فإذا تزوجت فلا ترثه فترث زوجين وتكون كالتاركة لحقها بالتزويج وقد قال بعض أصحابنا: ترثه وإن تزوجت عمدا وترث أزواجا. وقال غيرهم: ترث في العدة لا ترث بعدها. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن المرأة يطلقها الرجل
صفحة : 1922
فيبتها ثم يموت وهي في عدتها فقال ابن الزبير: طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتها ثم مات وهي في عدتها فورثها عثمان. فقال ابن الزبير: فأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة وقال غيرهم: إن كانت مبتوتة لم ترثه في عدة ولا غيرها وهذا قول يصح لمن قال به. وقد ذهب إليه بعض أهل الآثار والنظر فقال: وكيف ترثه امرأة لا يرثها ولا تحل له وإنما ورث الله تعالى عز ذكره الأزواج وهي ليست بزوجة وجعل على الأزواج العدة فإن قلتم: لا تعتد لأنها ليست بزوجة فكيف ترثه من لا تعتد منه من وفاته فإن قلتم: تعتد فكيف تعتد منه غير زوجة له وإن مضت بها ثلاث حيض قبل موته: أفتعتد امرأة أربعة أشهر وعشرا بعد ثلاث حيض وإن كانت إذا مضت لها ثلاث حيض وهو مريض فنكحت جاز لها النكاح أفتعتد منه إن توفي وهي تحل لغيره ومن ورثها في العدة أو بعد مضيها انبغى أن يقول: أورثها بالاتباع ولا أجعل عليها عدة لأنها ليست من الأزواج وإنما جعل الله تعالى العدة على الأزواج إذا مات عنها فلم تعلم وقت موته اعتدت من يوم تستيقن موته أربعة أشهر وعشرا. قال: وإن لم يبلغها موته حتى يمضي لها أربعة أشهر وعشر ثم قامت بينة بموته فقد مضت عدتها ولا تعود لعدة ولا إحداد. قال الشافعي وكذا المطلقة في هذا كله. ولو ارتد زوج المرأة عن الإسلام أمرناها تعتد عدة الطلاق فإن قضتها قبل أن يرجع إلى الإسلام فقد بانت منه وإن لم تقضها حتى تاب الزوج بالرجوع إلى الإسلام ثم مات قبل مضي آخر عدتها أو بعده فسواء. وترثه في هذا كله لأنها زوجته بحالها. ولو اختلفت هي وورثة الزوج فقالوا: قد مضت عدتك قبل أن يتوب وقالت: لم تمض حتى تاب وهم يتصادقون على توبة الزوج فالقول قول المرأة مع يمينها. ولو أقرت بانقضاء العدة قبل أن يتوب فلا شيء لها في ماله وكانت عليها عدة الوفاة والإحداد تأتي فيها بثلاث حيض لأنها مقرة بأن عليها العدتين في إقرارين مختلفين ولو لم يمت ولكن قالت: قد انقضت عدتي قبل أن يتوب ثم قالت بعد ما تاب وقبل أن يموت: لم تنقض عدتي: كانت امرأته بحالها وأصدقها أن عدتها لم تنقض. وهكذا كل مطلقة لزوجها عليها الرجعة. قالت: قد انقضت عدتي. ثم قالت: لم تنقض فلزوجها الرجعة وإن قالت: قد انقضت عدتي فكذبها الزوج أحلفت فإن حلفت فالقول قولها مع يمينها وإن لم تحلف حلف هو على البت ما انقضت عدتها فإن نكل لم ترد عليها. وإذا مات الرجل وله امرأتان قد طلق إحداهما طلاقا لا يملك فيه الرجعة ولا تعرف بعينها اعتدتا أربعة
صفحة : 1923
أشهر وعشر تكمل كل واحد منهما فيها ثلاث حيض والله الموفق. مقام المتوفى عنها والمطلقة في بيتها قال الشافعي رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى في المطلقات: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال: فكانت هذه الآية في المطلقات وكانت المعتدات من الوفاة معتدات كعدة المطلقة فاحتملت أن تكون في فرض السكنى للمطلقات ومنع إخراجهن تدل على أن في مثل معناهن في السكنى ومنع الإخراج المتوفى عنهن لأنهن في معناهن في العدة. قال: ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن على المتوفى عنها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله واحتمل أن يكون ذلك على المطلقات دون المتوفى عنهن فيكون على زوج المطلقة أن يسكنها لأنه مالك ماله ولا يكون على زوج المرأة المتوفى عنها سكنها لأن ماله مملوك لغيره وإنما كانت السكنى بالموت إذ لا مال له والله تعالى أعلم. أخبرنا مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله ﷺ تسأله: أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان في طرف القوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله ﷺ أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة. قالت: فقال رسول الله ﷺ: نعم فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي رسول الله ﷺ فدعيت له فقال: كيف قلت قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي. فقال: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا. قالت: فلما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. قال: وبهذا نأخذ. قال: وإذا طلق الرجل المرأة فلها سكناها في منزله حتى تنقضي عدتها ما كانت العدة حملا أو شهورا كان الطلاق يملك فيه الرجعة أو لا يملكها. قال: وإن كان المنزل بكراء فالكراء على الزوج المطلق أو في مال الزوج الميت ولا يكون للزوج المطلق إخراج المرأة من مسكنها الذي كانت تسكن معه كان له المسكن أو لم يكن ولزوجها إذا تركها فيما يسعها من المسكن وستر بينه وبينها أن يسكن فيما سوى ما يسعها. قال: وإن كان على زوجها دين لم يبع مسكنها فيما يباع من ماله حتى تنقضي عدتها.
صفحة : 1924
قال: وهذا إذا كان قد أسكنها مسكنا له أو منزلا قد أعطى كراءه. قال: وذلك أنها قد ملكت عليه سكناها فيما يكفيها طلقها كما يملك من اكترى من رجل مسكنه سكنى مسكنه دون مالك الدار حتى ينقضي كراؤه. قال: فأما إن كان أنزلها منزلا عارية أو في كراء فانقضى أو بكراء لم يدفعه وأفلس فلأهل هذا كله أن يخرجوها منه وعليه أن يسكنها غيره إلا أن يفلس فإن أفلس ضربت مع الغرماء بأقل قيمة سكنى ما يكفيها بالغا ما بلغ واتبعته بفضله متى أيسر. قال: وهكذا تضرب مع الغرماء بنفقتها حاملا وفي العدة من طلاقه. قال: ولو كانت هذه المسائل كلها في موته كان القول فيها واحدا من قولين: أحدهما ما وصفت في الطلاق لا يخالفه. ومن قال هذا قال: وفي قول النبي ﷺ للفريعة: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله دليل على أن للمتوفى عنها السكنى. قال: ويجعل لها السكنى في مال الميت بعد كفنه من رأس ماله ويمنع منزلها الذي تركها فيه أن يباع أو يقسم حتى تنقضي عدتها ويتكارى لها إن أخرجت من منزل كان بيده عارية أو بكراء. والقول الثاني: أن الاختيار لورثته أن يسكنوها وإن لم يفعلوا هذا فقد ملكوا المال دونه ولم يكن لها السكنى حين كان ميتا لا يملك شيئا ولا سكنى لها كما لا نفقة لها. ومن قال هذا قال: إن قول النبي ﷺ امكثي في بيتك يحتمل ما لم تخرجي منه إن كان لغيرك لأنها قد وصفت أن المنزل ليس لزوجها. فإن كان لها المنزل أو للقوم فلم يخرجوها منه لم يجز أن تخرج منه حتى تنقضي عدتها. قال: وإذا أسكنها ورثته فلهم أن يسكنوها حيث شاءوا لا حيث شاءت إذا كان موضعها حريزا ولم يكن لها أن تمتنع من ذلك. وإن لم يسكنوها اعتدت حيث شاءت من المصر قال: ولو كانت تسكن في منزل لها معه فطلقها وطلبت أن تأخذ كراء مسكنها منه كان لها في ماله أن تأخذ كراء أقل ما يسعها من المسكن فقط. قال: ولو كان نقلها إلى منزل غير منزله الذي كانت معه فيه ثم طلقها أو مات عنها بعد أن صارت في المنزل الذي نقلها إليه اعتدت في ذلك المنزل الذي نقلها إليه وأذن لها أن تنتقل إليه. ولو كان أذن لها في النقلة إلى منزل بعينه أو أمرها تنتقل حيث شاءت فنقلت متاعها وخدمها ولم تنتقل ببدنها حتى مات أو طلقها اعتدت في بيتها التي كانت فيه ولا تكون منتقلة إلا ببدنها. فإذا انتقلت ببدنها وإن لم تنتقل بمتاعها ثم طلقها أو مات عنها اعتدت في الموضع الذي انتقلت إليه بإذنه. قال: سواء أذن لها في منزل بعينه أو قال لها: انتقلي حيث شئت أو انتقلت بغير إذنه فأذن لها بعد في المقام في ذلك
صفحة : 1925
المنزل كل هذا في أن تعتد فيه سواء. قال: ولو انتقلت بغير إذنه ثم لم يحدث لها إذنا حتى طلقها أو مات عنها رجعت فاعتدت في بيتها الذي كانت تسكن معه فيه. وهكذا السفر يأذن لها به فإن لم تخرج حتى يطلقها أو يتوفى عنها أقامت في منزلها ولم تخرج منه حتى تنقضي عدتها وإن أذن لها بالسفر فخرجت أو خرج بها مسافرأ إلى حج أو بلد من البلدان فمات عنها أو طلقها طلاقأ لا يملك فيه الرجعة فسواء لها الخيار في أن تمضي في سفرها ذاهبة أو جائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن ينقضي سفرها فلا تقيم في المصر الذي أذن لها في السفر إليه إلا أن يكون أذن لها في المقام فيه أو في النقلة إليه فيكون ذلك عليها إذا بلغت ذلك المصر. وإن كان أخرجها مسافرة أقامت ما يقيم المسافر مثلها ثم رجعت فإن بقي من عدتها شيء أكملته في بيته وإن لم يبق منها شيء فقد انقضت عدتها. قال: وسواء كانت قريبأ من مصرها الذي خرجت منه إذا مات أو طلقها أو بعيد وإذنه لها بالسفر وخروجها فيه كإذنه بالنقلة وانتقالها لأن نقلة المسافر هكذا. وإن رجعت قبل أن ينقضي سفرها اعتدت بقية عدتها في منزله ولها الرجوع لأنه لم يأذن لها بالسفر إذن مقام فيه إلا مقام مسافر وإن كان أذن لها بالنقلة إلى مصر أو مقام فيه فخرجت ثم مات أو بقي حيا فإذا بلغت ذلك المصر فله إن كان حيا ولوليه إن كان حاضرا أو وكيل له أن ينزلها حيث يرضى من المصر حتى تنقضي عدتها وعليه سكناها حتى تنقضي عدتها في ذلك المصر وإن لم يكن حاضرأ ولا وكيل له ولا وارث حاضر كان على السلطان أن يحصنها حيث ترضى لئلا يلحق بالميت أو بالمطلق ولدا ليس منه. وإذا أذن الرجل لامرأته أن تنتقل إلى أهلها أو غيرهم أو منزل من المنازل أو قال: أقيمي في أهلك أو في منزل فلم تخرج حتى طلقها طلاقا لا رجعة له عليها فيه أو مات اعتدت في منزله. وإن خرجت إلى ذلك الموضع فبلغته أو لم تبلغه ثم طلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة أو مات عنها مضت إليه وحين زايلت منزله بإذنه إلى حيث أمرها أن تنتقل أو تقيم فمنزلها حيث أمرها وسواء في هذا كله أخرجت متاعها أو تركته أو منعها متاعها أو تركها وإياه. وهكذا إن قال لها: أقيمي فيه حتى يأتيك أمري. وقوله هذا وسكوته سواء لأن المقام ليس بموضع زيارة وليس عليها لو نقلها ثم أمرها أن تعود إلى منزله أن تعود إليه. وسواء قال إنما قلت هذا لها: لتزور أهلها أو لم يقله إذا طلقها طلاقا يملك فيه الرجعة أو لا يملكها لم يكن له نقلها عن الموضع الذي قال لها انتقلي إليه أقيمي فيه حتى يراجعها فينقلها إن شاء. قال
صفحة : 1926
الشافعي رحمه الله تعالى: إن كان أذن لها في زيارة أهلها أو غيرهم أو النزهة إلى موضع في المصر أو خارجا منه فخرجت إلى ذلك الموضع الذي أذن لها فيه ثم مات عنها أو طلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة فعليها أن ترجع إلى منزله فتعتد فيه لأن الزيارة ليست مقاما فإن قال في هذا كله قبل الطلاق أو الموت إنما نقلتها إليه ولم تعلم هي كان لها أن تقيم حيث أقر أنه أمرها أن تنتقل لأن النقلة إليه وهي متنقلة لم يكن لها أن ترجع ولو أذن لها بعد الطلاق الذي لا يملك فيه الرجعة أو يملكها قبل أن يرتجعها أو قال لها في مرضه: إذا مت فانتقلي حيث شئت فمات لم يكن لها أن تعتد في غيره. قال: ولو كان أذن لها فيما وصفت فنوت هي النقلة وقالت: أنا أنتقل ولم ينو هو النقلة. وقال هو: إنما أرسلتك زائرة ثم مات أو طلقها طلاقا لا يملك فيه الرجعة كان عليها أن ترجع فتعتد في بيته لأن النقلة ليست لها إلا بإذنه. قال: وإذنه لها في المصر إلى موضع معلوم وإلى أين شاءت سواء أن أذن لها في النقلة ثم طلقها لم يكن عليها أن ترجع إلى منزله حتى تنقضي عدتها إلا أن يراجعها فيكون أحق بها. وإن أذن لها الزيارة أو النزهة ثم طلقها فعليها أن ترجع إلى منزله لأن الزيارة والنزهة ليست بنقلة ولو انتقلت لم يكن ذلك لها ولا له وكان عليها أن ترجع فتعتد في بيته. قال: ولو كان أذن لها أن تخرج إلى الحج فلم تخرج حتى طلقها أو مات عنها لم يكن لها أن تخرج ولو خرجت من منزله ففارقت المصر أو لم تفارقه إلا أنها قد فارقت منزله بإذنه للخروج إلى الحج ثم مات عنها أو طلقها كان لها أن تمضي في وجهها وتقيم فيه مقام الحاج ولا تزيد فيه وتعود مع الحاج فتكمل بقية عدتها في منزله إلا أن يكون أذن لها في هذا أن تقيم بمكة أو في بلد غيرها إذا قضت الحج فتكون هذه كالنقلة وتقيم في ذلك البلد. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا تخرج إلى الحج بعد مضي العدة إلا مع ذي محرم إلا أن تكون حجة الإسلام تكون مع نساء ثقات فلا بأس أن تخرج مع غير ذي محرم. ولو أذن لها إلى سفر يكون مسيرة يوم وليلة غير حجة الإسلام لم يكن لها أن تخرج إلا مع ذي محرم فإن خرجت من منزله ولم تبلغ السفر حتى طلقها أو مات عنها كان عليها أن ترجع فتعتد في منزله. ولو بلغت ذلك الموضع وقد سمى لها وقتأ تقيمه في ذلك الموضع أو قال: زوري أهلك فنوت هي النقلة أو لم تنوها أو خرجت إليه فلا أنظر إلى نيتها هي في النقلة لأن ذلك لا يتم لها إلا بقوله قبل الطلاق أو الموت: قد أذنت لها في النقلة فإذا قال ذلك فهي منتقلة تعتد في ذلك الموضع الذي أذن لها في النقلة إليه ولا تعتد في غيره. وإن لم يقل هو شيئا
صفحة : 1927
حتى مات فقالت هي: قد أذن لي فالقول قولها وتعتد حيث أذن لها من ذلك المصر إذا كانت هي قد انتقلت قبل أن يقع عليها الطلاق أو يموت زوجها وليس لورثته أن يمنعوها منه ولا إكذابها وإن أكذبوها كان القول قولها. قال: ولو قال لها: اخرجي إلى مصر كذا أو موضع كذا فخرجت إليه أو منزل كذا من مصر فخرجت إليه ولم يقل لها: حجي ولا أقيمي ولا ترجعي منه ولا ترجعي إلا أن تشائي ولا تزوري فيه أهلك أو بعض معرفتك ولا تتنزهي إليه كانت هذه نقلة وعليها أن تعتد في ذلك الموضع من طلاقه ووفاته إلا أن تقر هي أن ذلك الإذن إنما كان لزيارة أو لمدة تقيمها فيكون عليها أن ترجع إذا بلغها الوفاة فتعتد في بيته. وفي مقامها قولان: أحدهما أن لها أن تقيم إلى المدة التي أمرها أن تقيم إليها لأنه نقلها إلى مدة فإن كانت المدة حتى تنقضي عدتها فقد أكملت عدتها إن شاءت رجعت وإن شاءت لم ترجع وإن كانت المدة ما لا تنقضي فيها عدتها رجعت إذا انقضت المدة. والثاني: أن هذه زيارة لا نقلة إلى مدة فعليها الرجوع إذا طلقها أو مات عنها لأن العلم قد أحاط أنها ليست بنقلة. قال: ولو قال لها في المصر: اسكني هذا البيت شهرا أو هذه الدار شهرا أو سنة كان هذا مثل قوله في السفر: أقيمي في بلد كذا شهرا أو سنة وهذا كله في كل مطلقة ومتوفى عنها سواء غير أن لزوج المطلقة التي يملك رجعتها أن يرتجعها فينقلها من حيث شاء إلى حيث شاء ولو أراد نقلتها قبل أن يرتجعها من منزلها الذي طلقها فيه أو من سفر أذن إليه أو من منزلها حولها إليه لم يكن ذلك له عندي كما لا يكون له في التي لا يملك رجعتها. قال: وإن كانت المتوفى عنها أو المطلقة طلاقا بائنا بدوية لم تخرج من منزل زوجها حتى ينتوي أهلها فإن انتوى أهلها انتوت وذلك أن هكذا سكن أهل البادية إنما سكنهم سكن مقام ما كان المقام غبطة فإذا كان الانتواء غبطة انتووا. أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها: إنها تنتوي حيت ينتوي أهلها أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة مثله أو مثل معناه لا يخالفه قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإنما كان لها أن تنتوي لأن سكن أهل البادية هكذا إنما هوسكن مقام غبطة وظعن غبطة وأن الظعن إذ أجدب موضعها أو خف أهلها عذر بأنها تبقى بموضع مخوف أو غير ستير بنفسها ولا معها من يسترها فيه. قال: فإذا كانت السنة تدل على أن المرأة تخرج من البذاء عن أهل زوجها فإذا كان العذر كان في ذلك المعنى أو أكثر
صفحة : 1928
وذلك أن يتهدم المسكن الذي كانت تسكنه وتحدث الفتنة في ناحيتها أو المكاثرة أو في مصرها أو تخاف سلطانا أو لصوصا فلها في هذا كله أن تنتقل عن المصر إن كان عاما في المصر وعن الناحية التي هي فيها إلى ناحية آمن منها ولزوجها أن يحصنها حيث شاء إذا كان موضعا آمنا ويجبر زوجها على الكراء لها إذا انهدم المنزل كانت تسكنه أو غصب عليه. قال الشافعي رحمه الله: وللحاكم أن يخرج المرأة في العدة في كل ما لزمها من حد أو قصاص أو خصومة. قال: وإذا أخرجت المرأة فيما يلزمها من حكومة أو حد أو غيره من المصر فانقضى ما أخرجت له رجعت إلى منزلها حيث كان فإن كان الحاكم الذي يخرجها إليه بالمصر فمتى انصرفت من عنده انصرفت إلى بيتها. قال: وكل ما جعلت على الزوج المطلق فيه السكنى والنفقة قضيت بذلك في ماله إن غاب وكل ما جعلت للزوج تصير المرأة إليه من المنازل إذا كان العذر الذي تنتقل به المرأة جعلت لمن أسكنها أجنبيا متطوعا كان الذي أسكنها أو السلطان ولم أقض على الزوج بكراء سكنها وقضيت عليه بنفقتها إن كانت عليه نفقة. قال: وإذا مات الزوج فأسكنها وارثه منزله فليس لها أن تخرج حتى تنقضي عدتها ووارثه يقوم في ذلك مقامه. فأما امرأة صاحب السفينة إذا كانت مسافرة معه فكالمرأة المسافرة لا تخالفها في شيء إن شاءت مضت إلى الموضع الذي خرجا في السفر إليه ورجعت فأكملت عدتها في منزله وإن شاءت رجعت إلى منزله فاعتدت فيه وكذلك لو أذن لها فخرجت في سفينة. قال: ولو كان الزوج خرج بامرأته إلى بادية زائرا أو متنزها ثم طلقها أو مات عنها رجعت إلى منزلها فاعتدت فيه وليس هذا كالنقلة ولا كالسفر يأذن به إلى غاية وذلك مثل النقلة وهذه زيارة لا نقلة. ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
صفحة : 1929
الإحداد قال الشافعي رحمه الله تعالى: ذكر الله تعالى عدة الوفاة والطلاق وسكنى المطلقة بغاية إذا بلغتها المعتدة حلت وخرجت وجاءت السنة بسكنى المتوفى عنها كما وصفت ولم يذكر إحدادا فلما أمر رسول الله ﷺ المتوفى عنها أن تحد كان ذلك كما أحكم الله عز وجل فرضه في كتابه وبين كيف فرضه على لسان نبيه ﷺ من عدد الصلوات والهيئة فيها فكان على المتوفى عنها والمطلقة عدة بنص كتاب الله تعالى. وللمطلقة سكن بالكتاب وللمتوفى عنها بالسنة كما وصفت وعلى المتوفى عنها إحداد بنص السنة. وكانت المطلقة إذا كان لها السكنى وكان للمتوفى عنها بالسنة وبأنه يشبه أن يكون لها السكنى لأنهما معا في عدة غير ذواتي زوجين يشبه أن يكون على المعتدة من طلاق لا يملك زوجها عليه فيه الرجعة إحداد كهو على المتوفى عنها. وأحب إلي للمطلقة طلاقأ لا يملك زوجها فيه عليها الرجعة تحد إحداد المتوفى عنها حتى تنقضي عدتها من الطلاق لما وصفت وقد قاله بعض التابعين ولا يبين لي أن أوجبه عليها لأنهما قد يختلفان في حال وإن اجتمعا في غيره. قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة: قال: قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي ﷺ حين توفي أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها. ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا وقالت زينب: دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله ﷺ يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا قالت زينب: وسمعت أمي أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفنكحلها فقال رسول الله ﷺ: لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: لا ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشرا وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة
صفحة : 1930
على رأس الحول . قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتقبض به فقلما تقبض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره. قال الشافعي رحمه الله تعالى: الحفش البيت الصغير الذليل من الشعر والبناء وغيره والقبض أن تأخذ من الدابة موضعا بأطراف أصابعها والقبض الأخذ بالكف كلها. قال الشافعي وترمي بالبعرة من ورائها على معنى أنها قد بلغت الغاية التي لها أن تكون ناسية زمام الزوج بطول ما حدت عليه كما تركت البعرة وراء ظهرها. قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة أو عائشة أو حفصة أن رسول الله ﷺ قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا قال الشافعي كان الإحداد على المتوفى عنهن الزوج في الجاهلية سنة فأقر الإحداد على المتوفى عنهن في عددهن وأسقط عنهن في غير عددهن ولم يكن الإحداد في سكنى البيوت فتسكن المتوفى عنها أي بيت كانت فيه جيد أو رديء وذلك أن الإحداد إنما هو في البدن وترك لزينة البدن وهو أن يدخل على البدن من غير شيء بزينة أو طيب معها عليها يظهر بها فتدعو إلى شهوتها فأما اللبس نفسه فلا بد منه. قال: فزينة البدن المدخل عليه من غيره الدهن كله في الرأس فلا خير في شيء منه طيب ولا غيره زيت ولا شبرق ولا غيرهما. وذلك أن كل الأدهان تقوم مقاما واحدا في ترجيل الشعر وإذهاب الشعر الشعث وذلك هو الزينة وإن كان بعضها أطيب من بعض. وهكذا رأيت المحرم يفتدي بأن يدهن رأسه ولحيته بزيت أو دهن طيب لما وصفت من الترجيل وإذهاب الشعث. قال: فأما بدنها فلا بأس أن تدهنه بالزيت وكل ما لا طيب فيه من الدهن كما لا يكون بذلك بأس للمحرم وإن كانت الحاد تخالف المحرم في بعض أمرها لأنه ليس بموضع زينة للبدن ولا طيب تظهر ريحه فيدعو إلى شهوتها فأما الدهن الطيب والبخور فلا خير فيه لبدنها لما وصفت من أنه طيب يدعو إلى شهوتها وينبه بمكانها وإنما الحاد من الطيب شيء أذنت فيه الحاد والحاد إذا مست الطيب لم يجب عليها فدية ولم ينتقص إحدادها وقد أساءت. قال: وكل كحل كان زينة فلا خير فيه لها مثل الاثمد وغيره مما يحسن موقعه في عينها فأما الكحل الفارسي وما أشبهه إذا احتاجت إليه فلا بأس
صفحة : 1931
لأنه ليس فيه زينة بل هو يزيد العين مرها وقبحها وما اضطرت إليه مما فيه زينة من الكحل اكتحلت به بالليل ومسحته بالنهار وكذلك الدمام وما أرادت به الدواء قال الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي ﷺ دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة فقال: ما هذا يا أم سلمة فقالت يا رسول الله إنما هو صبر فقال رسول الله ﷺ لا اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار قال الشافعي الصبر يصفر فيكون زينة وليس يطيب وأذن لها أن تجعله بالليل حيث لا يراه أحد وتمسحه بالنهار قال الشافعي ولو كان في بدنها شيء لا يرى فجعلت عليه الصبر بالليل والنهار لم يكن بذلك بأس. ألا ترى أنه أذن لها فيه بالليل حيث لا يرى وأمرها بمسحه بالنهار. قال: وفي الثياب زينتان. إحداهما جمال الثياب على اللابس التي تجمع الجمال وتستر العورة. قال الله تعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد فقال بعض أهل العلم بالقرآن: الثياب فالثياب زينة لمن لبسها. وإذا أفردت العرب التزيين على بعض اللابسين دون بعض فإنما تقول تزين من زين التي هي الزينة بأن يدخل عليها شيء من غيرها من الصبغ خاصة ولا بأس أن تلبس الحاد كل ثوب وإن جاد من البياض لأن البياض ليس بمزين. وكذلك الصوف والوبر وكل ما نسج على وجهه وكذلك كل ثوب منسوج على وجهه لم يدخل عليه صبغ من خز أو مروي إبريسم أو حشيش أو صوف أو وبر أو شعر أو غيره وكذلك كل صبغ لم يرد به تزيين الثوب مثل السواد وما أشبهه فإن من صبغ بالسواد إنما صبغه لتقبيحه للحزن وكذلك كل ما صبغ لغير تزيينه إما لتقبيحه وإما لنفي الوسخ عنه مثل الصباغ بالسدر وصباغ الغزل بالخضرة تقارب السواد لا الخضرة الصافية وما في مثل معناه. فأما كل صباغ كان زينة أو وشي في الثوب بصبغ كان زينة أو تلميع كان زينة مثل العصب والحبرة والوشي وغيره فلا تلبسه الحاد غليظا كان أو رقيقأ قال: والحرة الكبيرة المسلمة والصغيرة والذمية والأمة المسلمة في الإحداد كلهن سواء من وجبت عليه عدة الوفاة وجب عليه الإحداد لا يختلفن. ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن على المعتدة من الوفاة تكون بإحداد أن لا تعتد امرأة بغير إحداد لأنهن إن دخلن في المخاطبات بالعدة دخلن في المخاطبات بالإحداد. ولو تركت امرأة الإحداد في عدتها حتى تنقضي أو في بعضها كانت مسيئة ولم يكن عليها أن تستأنف إحدادآ لأن موضع الإحداد في العدة فإذا مضت أو مضى بعضها لم تعد لما مضى. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو كان المتوفى عنها أو المطلقة مغمى عليها أو
صفحة : 1932
مجنونة فمضت عدتها وهي بتلك الحال لا تعقل حلت ولم يكن عليها استئناف عدة ولا إحداد من قبل أن العدة إنما هي وقت يمر عليها تكون فيه محتبسة عن الأزواج كما تكون الزكاة في وقت إذا مر على رب المال زكاة وسواء كان معتوها أو كان يعقل لأنه لا عمل له في وقت يمر عليه وإذا سقط عن المعتوه العمل في الصلاة سقط عن المعتدة العمل في الإحداد وينبغي لأهلها أن يجنبوها في عدتها ما تجنب الحاد وعدة المتوفى عنها والمطلقة من يوم يموت عنها زوجها أو يطلقها فإن لم يأتها طلاق ولا وفاة حتى تنقضي عدتها لم يكن عليها عدة. وكذلك لو لم يأتها طلاق ولا وفاة حتى يمضي بعض عدتها أكملت ما بقي من عدتها حادة ولم تعد ما مضى منها. قال الشافعي وإن بلغها يقين وفاته أو طلاقه ولم تعرف اليوم الذي طلقها فيه ولا مات عنها اعتدت من يوم استيقنت بطلاقه ووفاته حتى تكمل عدتها ولم تعتد بما تشك فيه كأنه شهد عندها أنه مات في رجب وقالوا: لا ندري في أي رجب مات فتعتد في آخر ساعات النهار من رجب فاستقبلت بالعدة شعبان وإذا كان اليوم العاشر بعد الأربعة الأشهر في آخر ساعات نهاره حلت فكانت قد استكملت أربعة أشهر وعشرا. اجتماع العدتين قال الشافعي رحمه الله: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسليمان أن طليحة. كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها البتة فنكخت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب رضي الله عنه وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما ثم قال عمر بن الخطاب: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الزوج الذي تزوج بها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطبا من الخطاب وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم اعتدت من زوجها الآخر ثم لم ينكحها أبدا قال الشافعي قال سعيد: ولها مهرها بما استحل منها قال الشافعي أخبرنا يحيى بن حسان عن جرير عن عطاء بن السائب عن زاذان أبي عمر عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قضى في التي تزوج في عدتها أنه يفرق بينهما ولها الصداق بما استحل من فرجها وتكمل ما أفسدت من عدة الأول وتعتد من الآخر قال الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أن رجلا طلق امرأته فاعتدت منه حتى إذا بقي شيء من عدتها نكحها رجل في آخر عدتها جهلا ذلك وبنى بها فأتى علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في ذلك ففرق بينهما وأمرها أن تعتد
صفحة : 1933
ما بقي من عدتها الأولى ثم تعتد من هذا عدة مستقبلة فإذا انقضت عدتها فهي بالخيار إن شاءت نكحت وإن شاءت فلا قال: وبقول عمر وعلي نقول في المرأة ننكح في عدتها تأتي بعدتين معا وبقول علي نقول: إنه يكون خاطبا من الخطاب ولم تحرم عليه. وذلك أنا إذا جعلنا النكاح الفاسد يقوم مقام النكاح الصحيح في أن على المنكوحة نكاحا فاسدا إذا أصيبت عدة كعدتها في النكاح الصحيح. فنكحت امرأة في عدتها فأصيبت فقد لزمتها عدة الزوج الصحيح ثم لزمها عدة من النكاح الفاسد فكان عليها حقان بسبب زوجين ولا يؤديهما عنها إلا بأن تأتي بهما معا وكذلك كل حقين لزماها من وجهين لا يؤديهما عن أحد لزماه أحدهما دون الآخر. ولو أن امرأة طلقت أو ميت عنها فنكحت في عدتها ثم علم ذلك فسخ نكاحها. فإن كان الزوج الآخر لم يصبها أكملت عدتها من الأول ولا يبطل عنها من عدتها شيء في الأيام التي عقد عليها فيها النكاح الفاسد لأنها في عدتها ولم تصب فإن كان أصابها أحصت ما مضى من عدتها قبل إصابة الزوج الآخر وأبطلت كل ما مضى منها بعد إصابته حتى يفرق بينه وبينها واستأنفت البنيان على عدتها التي كانت قبل إصابته من يوم فرق بينه وبينها حتى تكمل عدتها من الأول ثم تستأنف عدة أخرى من الآخر فإذا أكملتها حلت منها والآخر خاطب من الخطاب إذا مضت عدتها من الأول وبعد لا تحرم عليه لأنه إذا كان يعقد عليها النكاح الفاسد فيكون خاطبا إذا لم يدخل بها فلا يكون دخوله بها في النكاح الفاسد أكثر من زناه بها وهو لو زنى بها في العدة كان له أن ينكحها إذا انقضت العدة. قال: فإذا انقضت عدتها من الأول فللآخر أن يخطبها في عدتها منه وأحب إلي لو كف عنها حتى تنقضي عدتها من مائه الفاسد. ولو كانت هذه الناكح في عدتها المصابة لا تحيض فاعتدت من الأول شهرين ثم نكحها الأخر فأصابها ثم فرقنا بينهما فقلنا لها: استأنفي شهرأ من يوم فارقك تكملين به الشهرين الأولين اللذين اعتددت فيه من النكاح الصحيح فحاضت قبل أن تكمل الشهرين سقطت عدتها وابتدأت من الأول عدتها ثلاث حيض إذا طعنت في الدم من الحيضة الثالثة فقد حلت من الأول ثم كانت في حيضتها الثالثة خلية من الأول وغير معتدة من الآخر وللآخر أن يخطبها في حيضتها الثالثة فإذا طهرت منها اعتدت من الآخر ثلاثة أطهار وإذا طعنت في الدم بعد ما تكمل الطهر الثالث حلت من الآخر أيضا لجميع الخطاب. قال الشافعي ولو كانت تحيض فاعتدت حيضة أو اثنتين ثم أصابها الزوج الأخر فحملت وفرق بينهما اعتدت بالحمل