الرئيسيةبحث

كتاب الأم - المجلد الخامس1

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب النكاح ما يحرم الجمع بينه أخبرنا الربيع قال: الشافعي رحمه الله تعالى: قال تبارك وتعالى: وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف قال: فلا يحل الجمع بين الأختين بحاد من نكاح ولا ملك يمين لأن الله تبارك وتعالى أنزله مطلقآ فلا يحرم من الحرائر شيء إلا حرم من الإماء بالملك مثله إلا العدد فإن الله تبارك وتعالى انتهى بالحرائر إلى أربع وأطلق الإماء فقال عز ذكره: أو ما ملكت أيمانكم لم ينته به إلى عدد. أخبرنا أ ابن عيينة عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي الأخضر عن عمارة: أنه كره من الإماء ما كره من الحرائر إلا العدد أخبرنا سفيان عن هشام بن حسان وأيوب عن ابن سيرين قال: قال ابن مسعود: يكره من الإماء ما يكره من الحرائر إلا العدد قال الشافعي وهذا من قول العلماء - إن شاء الله تعالى - في معنى القرآن وبه نأخذ قال: والعدد ليس من النسب ولا الرضاع بسبيل. أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية وأما

صفحة : 1569

أنا فلا أحب أن أصنع ذلك قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النبي ﷺ فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال: مالك: قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال مالك: وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك. أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين هل توطأ إحداهما بعد الأخرى فقال عمر: ما أحب أن أجيزهما جميعا ونهاه أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال: سئل عمر عن الأم وابنتها من ملك اليمين فقال: ما أحب أن أجيزهما جميعا فقال عبيد الله: قال أبي: فوددت أن عمر كان أشد في ذلك مما هو فيه أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال: سمعت ابن أبي مليكة يخبر أن معاذ بن عبيد الله بن معمر جاء إلى عائشة فقال لها: إن لي سرية قد أصبتها وأنها قد بلغت لها ابنة جارية لي أفأستسر ابنتها. فقالت: لا فقال: فإني والله لا أدعها إلا أن تقولي لي حرمها الله فقالت: لا يفعله أحد من أهلي ولا أحد أطاعني . قال الشافعي فإذا كان عند الرجل امرأة فطلقها فكان لا يملك رجعتها فله أن ينكح أختها لأنه حينئذ غيرجامع بين الأختين. وإذا حرم الله تعالى الجمع بينهما ففي ذلك دلالة على أنه لم يحرم نكاح إحداهما بعد الأخرى وهذه منكوحة بعد الأخرى. ولوكان لرجل جارية يطؤها فأراد وطء أختها لم يجز له وطء التي أراد أن يطأ حتى يحرم عليه فرج التي كان يطأ بنكاح إو كتابة أو خروج من ملكه فإذا فعل بعض هذا ثم وطىء الأخت ثم عجزت المكاتبة أو ردت المنكوحة كانت التي أبيح له فرجها أولا ثم حرمت عليه غيرحلال له حتى يحرم فرج التي وطىء بعدها كما حرم فرجها قبل أن يطأ أختها ثم هكذا أبدا. وسواء ولدت له التي وطىء أولا وآخرأ أو لم تلد لأنه في كلتا الحالتين إنما يطؤها بملك اليمين. وإذا اجتمع النكاح وملك اليمين في أختين فالنكاح ثابت لا يفسمه ملك اليمين كان النكاح قبل أو بعد. فلوكانت لرجل جارية يطؤها فولدت له أو لم تلد حتى ينكح أختها كان النكاح ثابتآ وحرم عليه فرج الأخت بالوطء ما كانت أختها زوجة له وأحب إلي لو حرم فرج أختها المملوكة حين يعقد نكاح أختها بالنكاح أو قبله بكتابة أو عتق أو أن يزوجها وإن لم يفعل لم أجبره على ذلك ولا على بيعها ونهيته عن وطئها كما لا أجبره على بيع جاربية له وطىء ابنتها وأنهاه عن وطئها. ولو كانت عنده

صفحة : 1570

أمة زوجة فتزوج أختها حرة كان نكاح الآخرة مفسوخأ. قال الشافعي فإن قال قائل: ما الفرق بين الوطء بالملك والنكاح قيل له: النكاح يثبت للرجل حقا على المرأة وللمرأة حقآ على الرجل وملك عقدة النكاح يقوم في تحريم الجمع بين الأختين مقام الوطء في الأمتين فلو ملك رجل عقدة نكاح أختين في عقدة أفسدنا نكاحهما ولوتزوجهما لا يدري أيتهما أول أفسدنا نكاحهما. ولو ملك امرأة وأمهاتها وأولادها في صفقة بيع لم نفسد البيع ولا يحرم الجمع في البيع إنما يحرم جمع الوطء في الإماء فأما جمع عقدة الملك فلا يحرم. ولووطىء أمة ثم باعها من ساعته أو أعتقها أو كاتبها أو باع بعضها كان له أن يطأ أختها مكانه وليس له في المرأة أن ينكح أختها وهي زوجة له ولا أن يملك المرأة غيره ولا أن يحرمها عليه بغيرطلاق. وولد المرأة يلزمه بالعقد وإن لم يقر بوطء إلا أن يلاعن. وولد الأمة لا يلزم بغير اقرار بوطء ولا يجوز أن تكون المرأة زوجة له ويحل فرجها لغيره. والأمة تكون مملوكة له وفرجها حلال لغيره إذا زوجها وحرام عليه وهو مالك رقبتها وليس هكذا المرأة المرأة يحل عقدها جماعها ولا يحرم جماعها والعقد ثابت عليها إلا بعلة صوم أو إحرام أو ما أشبهه مما إذا ذهب حل فرجها. قال: ولو أن رجلا له امرأة من أهل الشرك فأسلم الزوج واشترى أخت امرأته فوطئها ثم أسلمت امرأته في العدة حرم عليه فرج جاريته التي اشترى ولم تبع عليه وكانت امرأته امرأته بحالها وكذلك لو كانت هي المسلمة قبله واشترى أختها أو كانت له فوطئها ثم أسلم وهي في العدة قال: ولو كانت عنده جارية فوطئها فلم يحرم عليه فرجها حتى وطىء أختها اجتنبت التي وطىء اخرآ بوطء الأولى وأحب إلي لو اجتنب الأولى حتى يستبرىء الآخرة وإن لم يفعل فلا شيء عليه إن شاء الله تعالى. قال: سواء في هذا ولدت التي وطئت أولا أو آخرآ أو هما أو لم تلد واحدة منهما ولو حرم فرج التي وطىء أولا بعد وطء الآخرة أبحت له وطء الأخرة ثم لوحل له فرج التي زوج فحرم فرجها عليه بأن يطلقها زوجها أوتكون مكاتبة فتعجزلم تحل له هي وكانت التي وطىء حلالا له حتى يحرم عليه فرجها فتحل له الأولى ثم هكذا أبدا متى حل له فرج واحدة فوطئها حرم عليه وطء الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي حلت له ثم يحل له فرج التي حرمت عليه فيكون تحريم فرجها كطلاق الرجل الزوجة الذي لا يملك فيه الرجعة ثم يباح له نكاح أختها فإذا نكحها لم يحل له نكاح التي طلقها حتى تبين هذه منه إلا أنهما يختلفان في أنه يملك رقبة أختين وأخوات وأمهات ولا يملك عقد أختين بنكاح.

صفحة : 1571


من يحل الجمع بينه قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا بأس أن ينكح الرجل امرأة الرجل وابنته لأنه لا نسب بينهما يحرم بهاالجمع بينهما له ولا رضاع وإنما يحرم الجمع في بعض ذوات الأنساب بمن جمعهن إليه وقام الرضاع مقام النسب. قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمروبن دينار أن عبد الله بن صفوان جمع بين امرأة رجل من ثقيف وابنته. قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع الحسن بن محمد يقول: جمع ابن عمر لي بين ابنتي عم له فأصبح النساء لا يدرين أين يذهبن. قال الشافعي: ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة ويزوج ابنتها ابنه لأن الرجل غير ابنه قد يحرم على الرجل ما لا يحرم على ابنه وكذلك يزوجه أخت امرأته. الجمع بين المرأة وعمتها قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: لا يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها . قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته ولا يروى من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي ﷺ إلا عن أبي هريرة. وقد روي من وجه لا يثبته أهل الحديث من وجه آخر وفي هذا حجة على من رد الحديث وعلى من أخذ بالحديث مرة وتركه أخرى إلا أن العامة إنما تبعت في تحريم أن يجمع بين المرأة وعمتها وخالتها قول الفقهاء. ولم نعلم فقيها سئل لم حرم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها إلا قال بحديث أبي هريرة عن النبي ﷺ فإذا أثبت بحديث منفرد عن النبي ﷺ شيئا فحرمه بما حرمه به النبي ﷺ ولا علم له أن النبي ﷺ قاله إلا من حديث أبي هريرة وجب عليه إذا روى أبو هريرة أو غيره من أصحاب النبي ﷺ حديثا آخر لا يخالفه أحد بحديث مثله عن النبي ﷺ أن يحرم به ما حرم النبي ﷺ ويحل به ما أحل النبي ﷺ وقد فعلنا هذا في حديث التغليس وغير حديث وفعله غيرنا في غير حديث. ثم يتحكم كثير ممن جامعنا على تثبيت الحديث فيثبته مرة ويرده أخرى وأقل ما علمنا بهذا أن يكون مخطئا في التثبيت أو في الرد لأنها طريق واحدة فلا يجوز تثبيتها مرة وردها أخرى وحجته على من قال: لا أقبل إلا الإجماع لأنه لا يعد إجماعا تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها وليس يسأل أحد من أهل العلم علمته

صفحة : 1572

إلا قال: إنما نثبته من الحديث وهو يرد مثل هذا الحديث وأقوى منه مرارا. قال: وليس في الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها مما أحل وحرم في الكتاب معنى إلا أنا إذا قبلنا تحريم الجمع بينهما عن رسول الله ﷺ فعن الله تعالى قبلناه بما فرض من طاعته. فإن قال قائل: قد ذكر الله عز وجل من حرم من النساء وأحل ما وراءهن قيل: القرآن عربي اللسان منه محتمل واسع ذكر الله من حرم بكل حال في الأصل ومن حرم بكل حال إذا فعل الناكح أو غيره فيه شيئا مثل الربيبة إذا دخل بأمها حرمت ومثل امرأة ابنه وأبيه إذا نكحها أبوه حرمت عليه بكل حال. وكانوا يجمعون بين الأختين فحرمه وليس في تحريمه الجمع بين الأختين إباحة أن يجمع بين ما عدا الأختين إذا كان ما عدا الأختين مخالفا لهما كان أصلا في نفسه وقد يذكر الله عز وجل الشيء في كتابه فيحرمه ويحرم على لسان نبيه ﷺ غيره مثل قوله: وأحل لكم ما وراء ذلكم ليس فيه إباحة أكثر من أربع لأنه انتهى بتحليل النكاح إلى أربع. وقال رسول الله ﷺ لغيلان بن سلمة الذي كان قد أسلم وعنده عشر نسوة: أمسك أربعا وفارق سائرهن فأبان على لسان نبيه ﷺ أن انتهاء الله بتحليله إلى أربع حظر لما وراء أربع وإن لم يكن ذلك نصا في القرآن وحرم من غير جهة الجمع والنسب النساء المطلقات ثلاثا حتى تنكح زوجا غيره بالقرآن وامرأة الملاعن بالسنة وما سواهن مما سميت كفاية لما استثنى منه. قال: والقول في الجمع بين المرأة وعمتها وعماتها من قبل آبائها وخالتها وخالاتها من قبل أمهاتها وإن بعدن كالقول في الأخوات سواء أن نكح واحدة ثم نكح أخرى بعدها ثبت نكاح الأولى وسقط نكاح الآخرة وإن نكحهما في عقدة معا انفسخ نكاحهما وإن نكح العمة قبل بنت الأخ أو ابنة الأخ قبل العمة فسواء هو جامع بينهما فيسقط نكاح الآخرة ويثبت نكاح الأولى وكذلك الخالة. وسواء دخل بالأولى منهما دون الآخرة أو بالآخرة دون الأولى أو لم يدخل وهكذا يحرم الجمع بينهما بالوطء بملك اليمين والرضاع وملك اليمين في الوطء والنكاح سواء. وما لم يكن للرجل أن يجمع بينه وبين الأختين أو المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها فنكح اثنتين منهن في عقدة فالعقدة منفسخة كلها. وإذا نكح إحداهما قبل الأخرى فنكاح الأولى ثابت ونكاح الآخرة مفسوخ ولا يصنع الدخول شيئا إنما تصنعه العقدة. وما نهى الله عن الجمع بينه من الأخوات وما نهى عنه رسول الله ﷺ من الجمع بين العمة والخالة ففيه دلالة على أن كل واحدة منهما

صفحة : 1573

تحل بعد الأخرى فلا بأس أن ينكح الأخت فإذا ماتت أو طلقها طلاقا يملك فيه الرجعة وانقضت عدتها أو طلاقا لا يملك فيه الرجعة وهي في عدتها أن ينكح الأخرى وهكذا العمة والخالة وكل من نهي عن الجمع بينه. نكاح نساء أهل الكتاب وتحريم إمائهم قال الشافعي: رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى ولا هم يحلون لهن . قال الشافعي: فزعم بعض أهل العلم بالقرآن أنها نزلت في مهاجرة من أهل مكة فسماها بعضهم ابنة عقبة بن أبي معيط وأهل مكة أهل أوثان وأن قول الله عز وجل: ولا تمسكوا بعصم الكوافر نزلت فيمن هاجر من أهل مكة مؤمنا وإنما نزلت في الهدنة. وقال: قال الله عز وجل: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن إلى قوله ولو أعجبتكم وقد قيل في هذه الآية: إنها نزلت في جماعة مشركي العرب الذين هم أهل الأوثان فحرم نكاح نسائهم كما حرم أن ينكح رجالهم المؤمنات قال: فإن كان هذا هكذا فهذه الآيات ثابتة ليس فيها منسوخ. قال: وقد قيل: هذه الآية في جميع المشركين ثم نزلت الرخصة بعدها في إحلال نكاح حرائر أهل الكتاب خاصة كما جاءت في إحلال ذبائح أهل الكتاب. قال الله تبارك وتعالى: أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات إلى قوله أجورهن وقال: فأيهما كان فقد أبيح فيه نكاح حرائر أهل الكتاب وفي إباحة الله تعالى نكاح حرائرهم دلالة عندي والله تعالى أعلم على تحريم إمائهم لأنه معلوم في اللسان إذا قصد قصد صفة من شيء بإباحة أو تحريم كان ذلك دليلا على أن ما قد خرج من تلك الصفة مخالف للمقصود قصده كما نهى النبي ﷺ عن كل ذي ناب من السباع فدل ذلك على إباحة غير ذوات الأنياب من السباع وإن كانت الآية نزلت في تحريم نساء المؤمنين على المشركين وفي مشركي أهل الأوثان فالمسلمات محرمات على المشركين منهم بالقرآن على كل حال وعلى مشركي أهل الكتاب لقطع الولاية بين المشركين والمسلمين وما لم يختلف الناس فيه علمته. قال: والمحصنات من المؤمنات ومن أهل الكتاب الحرائر. وقال الله عز وجل: ومن لم يستطع منكم طولا إلى قوله من فتياتكم المؤمنات ذلك لمن خشي العنت منكم وفي إباحة الله الإماء المؤمنات على ما شرط لمن لم يجد طولا وخاف العنت دلالة والله تعالى أعلم على تحريم نكاح إماء أهل الكتاب وعلى أن الإماء المؤمنات لا يحللن إلا لمن جمع

صفحة : 1574

الأمرين مع إيمانهن لأن كل ما أباح بشرط لم يحلل إلا بذلك الشرط كما أباح التيمم في السفر والإعواز في الماء فلم يحلل إلا بأن يجمعهما المتيمم وليس إماء أهل الكتاب مؤمنات فيحللن بما حل به الإماء المؤمنات من الشرطين مع الإيمان. تفريع تحريم المسلمات على المشركين قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا أسلمت المرأة أو ولدت على الإسلام أو أسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ حرم على كل مشرك ووثني نكاحها بكل حال ولو كان أبواها مشركين فوصفت الإسلام وهي تعقل صفته منعتها من أن ينكحها مشرك فإن وصفته وهي لا تعقل صفته كان أحب إلي أن يمنع أن ينكحها مشرك ولا يبين لي فسخ نكاحها لو نكحها في هذه الحالة والله أعلم. باب نكاح حرائر أهل الكتاب قال الشافعي رحمه الله تعالى: ويحل نكاح حرائر أهل الكتاب لكل مسلم لأن الله تعالى أحلهن بغير استثناء وأحب إلي لو لم ينكحهن مسلم. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية فقال: تزوجناهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيرا فلما رجعنا طلقناهن. وقال: فقال: لا يرثن مسلما ولا يرثونهن ونساؤهن لنا حل ونساؤنا حرام عليهم. قال الشافعي: وأهل الكتاب الذين يحل نكاح حرائرهم أهل الكتابين المشهورين التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى دون المجوس. قال: والصابئون والسامرة من اليهود والنصارى الذين يحل نساؤهم وذبائحهم إلا أن يعلم أنهم يخالفونهم في أصل ما يحلون من الكتاب ويحرمون فيحرم نكاح نسائهم كما يحرم نكاح المجوسيات. وإن كانوا يجامعونهم على أصل الكتاب ويتأولون فيختلفون فلا يحرم ذلك نسائهم وهم منهم يحل نساؤهم بما يحل به نساء غيرهم ممن لم يلزمه اسم صابىء ولا سامري. قال: ولا يحل نكاح حرائر من دان من العرب دين اليهودية والنصرانية لأن أصل دينهم كان الحنيفية ثم ضلوا بعبادة الأوثان وإنما انتقلوا إلى دين أهل الكتاب بعده لا بأنهم كانوا الذين دانوا بالتوراة والإنجيل فضلوا عنها وأحدثوا فيها إنما ضلوا عن الحنيفية ولم يكونوا كذلك لا تحل ذبائحهم. وكذلك كل أعجمي كان أصل دين من مضى من آبائه عبادة الأوثان ولم يكن من أهل الكتابين المشهورين التوراة والإنجيل فدان دينهم لم يحل نكاح نسائهم. فإن قال قائل: فهل في هذا

صفحة : 1575

من أمر متقدم قيل: نعم أخبرنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا الفضل بن عيسى الرقاشي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي أن يسأل الحسن لم أقر المسلمون بيوت النيران وعبادة الأوثان ونكاح الأمهات والأخوات فسأله فقال الحسن: لأن العلاء بن الحضرمي لما قدم البحرين أقرهم على ذلك. قال الشافعي: فهذا ما لا أعلم فيه خلافا بين أحد لقيته. أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار عن سعد الحارثي مولى عمر أو عبد الله بن سعد عن عمر أنه قال: ما نصارى العرب بأهل كتاب وما يحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم. أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن ذبائح نصارى بني تغلب فقال: لا تؤكل ذبائحهم فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم إلا بشرب الخمر. قال الشافعي: وهكذا أحفظه ولا أحسبه وغيره إلا وقد بلغ به علي بن أبي طالب رضي الله تدالى عنه بهذا الإسناد. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: قال عطاء: ليس نصارى العرب بأهل كتاب إنما أهل الكتاب بنوإسرائيل والذين جاءتهم التوراة والإنجيل فأما من دخل فيهم من الناس فليسوا منهم. قال الشافعي: وتنكح المسلمة على الكتابية والكتابية على المسلمة وتنكح أربع كتابيات كما تنكح أربع مسلمات والكتابية في جميع نكاحها وأحكامها التي تحل بها وتحرم كالمسلمة لا تخالفها في شيء وفيما يلزم الزوج لها ولا تنكح الكتابية إلا بشاهدين عدلين مسلمين وبولي من أهل دينها كولي المسلمة جاز في دينهم غير ذلك أو لم يجز ولست أنظر فيه إلا إلى حكم الإسلام. ولو زو ت نكاحا صحيحآ في الإسلام وهوعندهم نكاح فاسد كان نكاحها صحيحا ولا يرد نكاح المسلمة من شيء إلا رد نكاح الكتابية من مثله ولا يجوزنكاح المسلمة بشيء إلا جازنكاح الكتابية بمثله ولا يكون ولي الفمية مسلما وإن كان أباها لأن الله تعالى قطع الولاية بين المسلمين والمشركين وتزوج رسول الله ﷺ أم حبيبة بنت أبي سفيان وولي عقلة نكاحها ابن سعيد بن العاص وكان مسلمآوأبو سفيان حي فدل ذلك على أن لا ولاية ين أهلاالقرابةإذا اختلف الدينان وءإن كان أبآ وأن الولاية بالقرابة واجتماع الدينين. قال: ويقسم للكتابية مثل قسمته للمسلمة لا اختلاف بينهما ولها عليه ما للمسلمة وله عليها ما له على المسلمة إلا أنهما لا يتوارثان باختلاف الدينين. فإن طلقها أو آلى منها أو ظاهر ألم أو قذفها لزمه في ذلك كله ما يلزمه في المسلمة إلا أنه لا حد على من قذف كتابية ويعزر وإذا طلقها فله عليها الرجعة في العدة وعدتها عدة المسلمة. وإن طلقها ثلاث فنكحت قبل مضي

صفحة : 1576

العدة وأصيبت لم تحلل له إن نكحت نكاحا صحيحا بعد مضي العدة ذميا فأصابها ثم طلقت أو مات عنها وكملت عدتها حلت للزوج الأول يحلها للزوج كل زوج أصابها يثبت نكاحه وعليها العدة والإحداد كما يكون على المسلمة. وإذا ماتت فإن شاء شهدها وغسلها ودخل قبرها ولا يصلي عليها وأكره لها أن تغسله لو كان هو الميت فإن غسلته أجزأ غسلها إياه إن شاء الله تعالى. قال: وله جبرها على الغسل من الحيضة ولا يكون له إصابتها إذا طهرت من الحيض حتى تغتسل لأن الله عز وجل يقول: حتى يطهرن فقال بعض أهل العلم بالقرآن: حتى ترى الطهر. قال فإذا تطهرن يعني بالماء إلا أن تكون في سفر لا تجد الماء فتتيمم فإذا صارت ممن تحل لها الصلاة بالطهر حلت له. قال الشافعي: وله عندي - والله تعالى أعلم - أن يجبرها على الغسل من الجنابة وعلى النظافة بالاستحداد وأخذ الأظفار والتنظف بالماء من غير جنابة ما لم يكن ذلك وهي مريضة يضر بها الماء أو في برد شديد يضر بها الماء. وله منعها من الكنيسة والخروج إلى الأعياد وغير ذلك مما تريد الخروج إليه إذا كان له منع المسلمة إتيان المسجد وهوحق كان له في النصرانية منع إتيان الكنيسة لأنه باطل وله منعها شرب الخمر لأنه يذهب عقلها ومنعها أكل لحم الخنزير إذا كان يتقذر به ومنعها أكل ما حل إذا تأذى بريحه من ثوم وبصل إذا لم تكن بها ضرورة إلى أكله وإن قدر ذلك من حلال لا يوجد ريحه لم يكن له منعها إياه. وكذلك لايكون له منعها لبس ماشاءت من الثياب ما لم تلبس جلد ميتة أو ثوبا منتنا يؤذيه ريحه فيمنعها منه. قال: وإذا نكح المسلم الكتابية فارتدت إلى مجوسية أو دين غير دين أهل الكتاب فإن رجعت إلى الإسلام أوإلى دين أهل الكتاب قبل انقضاء العدة فهما على النكاح و. إن لم ترجع حتى تنقضي العدة فقد انقطعت العصمة بينها وبين الزوج ولا نفقة لها في العدة لأنها مانعة له نفسها بالردة. قال: ولا يقتل بالردة من انتقل من كفر إلى كفر إنما يقتل من خرج من دين الإسلام إلى الشرك فأما من خرج من باطل إلى باطل فلا يقتل وينفى من بلاد الإسلام إلا أن يسلم أو يعود إلى أحد الأديان التي يؤخذ من أهلها الجزية: يهودية أو نصرانية أو مجوسية فيقر في بلاد الإسلام. قال: ولو ارتدت من يهودية إلى نصرانية أو نصرانية إلى يهودية لم تحرم عليه لأنه كان يصلح له أن يبتدىء نكاحها لو كانت من أهل الدين الذي خرجت إليه. قال الربيع: الذي أحفظ من قول الشافعي أنه قال: إذا كان نصرانيا فخرج إلى دين اليهودية أنه يقال له: ليس لك أن تحدث دينا لم تكن عليه قبل نزول القرآن

صفحة : 1577

فإن أسلمت أو رجعت إلى دينك الذي كنا نأخذ منك عليه الجزية تركناك وإلا أخرجناك من بلاد الإسلام ونبذنا إليك ومتى قدرنا عليك قتلناك وهذا القول أحب إلى الربيع. قال الشافعي: ولا يجوز نكاح أمة كتابية لمسلم عبد ولا حر بحال لما وصفت من نص القرآن ودلالته. قال: وأي صنف من المشركين حل نكاح حرائرهم حل وطء إمائهم بالملك وأي صنف حرم نكاح حرائرهم حرم وطء إمائهم بالملك ويحل وطء الأمة الكتابية بالملك كما تحل حرائرهم بالنكاح ولا يحل وطء أمة مشركة غير كتابية بالملك كما لا يحل نكاح نسائهم. ولو كان أصل نسب أمة. من غير أهل الكتاب ثم دانت دين أهل الكتاب لم يحل وطؤها كما لا يحل نكاح الحرائر منهم ولا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال لأنها داخلة في معنى من حرم من المشركات وغير حلال منصوصة بالإحلال كما نص حرائر أهل الكتاب في النكاح وأن الله تبارك وتعالى إنما أحل نكاح إماء أهل الإسلام بمعنيين: سواء أن لا يجد الناكح طولا لحرة ويخاف العنت والشرطان في إماء المسلمين دليل على أن نكاحهن أحل بمعنى دون معنى وفي ذلك دليل على تحريم من خالفهن من إماء المشركين والله تعالى أعلم لأن الإسلام شرط ثالث والأمة المشركة خارجة منه. فلو نكح رجل أمة كتابيه كان النكاح فاسدا يفسخ عليه قبل الوطء وبعده وإن لم يكن وطىء فلا صداق لها وإن كان وطىء فلها مهر مثلها ويلحق الولد بالناكح وهو مسلم ويباع على مالكه إن كان كتابيا وإن كان مسلما لم يبع عليه. ولو وطىء أمة غير كتابية منع أن يعود لها حبلت أو لم تحبل وإن حبلت فولدت فهي أم ولد له ولا يحل له وطؤها لدينها كما يكون أمة له ولا يحل له وطؤها لدينها فإذا مات عتقت بموته وليس له بيعها وليس له أن يزوجها وهي كارهة ويستخدمها فيما تطيق كما يستخدم أمة غيرها. وإن كانت لها أخت حرة مسلمة حل له نكاحها. وهكذا إن كانت لها أخت لأمها حرة كتابية أبوها كتابي فاشتراها حل له وطؤها بملك اليمين ولم يكن هذا جمعا بين الأختين لأن وطء الأولى التي هي غير كتابية غير جائز له وإنما الجمع أن يجمع بين من يحل وطؤه على الانفراد. وإن كانت لها أخت من أبيها تدين بدين أهل الكتاب لم تحل له بالملك لأن نسبها إلى أبيها وأبوها غير كتابي. إنما انظر فيما يحل من المشركات إلى نسب الأب وليس هذا كالمرأة يسلم أحد أبويها وهي صغيرة لأن الإسلام لا يشركه شرك والشرك يشرك الشرك والنسب إلى الأب وكذلك الدين له ما لم تبلغ الجارية. ولو أن أختها بلغت ودانت دين أهل الكتاب وأبوها

صفحة : 1578

وثني أو مجوسي لم يحل وطؤها بملك اليمين كما لا يحل وطء وثنية انتقلت إلى دين أهل الكتاب لأن أصل دينها غير دين أهل الكتاب. ولو نكح أمة كتابية ولها أخت حرة كتابية أو مسلمة ثم نكح أختها الحرة قبل أن يفرق بينه وبين الأمة الكتابية كان نكاح الحرة المسلمة أو الكتابية جائزا لأنه حلال لا يفسده الأمة الكتابية التي هي أخت المنكوحة بعدها لأن نكاح الأولى غير نكاح. ولو وطئها كان كذلك لأن الوطء في نكاح مفسوخ حكمه أنه لا يحرم شيئا لأنها ليست بزوجة ولا ملك يمين فيحرم الجمع بينها وبين أختها. قال: ولو تزوج امرأة على أنها مسلمة فإذا هي كافرة كتابية كان له فسخ النكاح بلا نصف مهر. ولو تزوجها على أنها كتابية فإذا هي مسلمة لم يكن له فسخ النكاح لأنها خيرمن كتابية. ولو تزوج امرأة لم يخبرأنها مسلمة ولا كتابية فإذا هي كتابية وقال: إنما نكحتها على أنها مسلمة فالقول قوله وله الخيار وعليه اليمين ما نكحها وهو يعلمها كتابية. ما جاء في منع إماء المسلمين قال الشافعي: رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات إلى قوله: ذلك لمن خشي العنت الآية. قال الشافعي: ففي هذه الآية - والله تعالى أعلم - دلالة على أن المخاطبين بهذا الأحرار دون المماليك فأما المملوك فلا بأس أن ينكح الأمة لأنه غير واجد طولا لحرة ولا أمة فإن قال قائل: ما دل على أن هذا على الأحرار ولهم دون المماليك قيل: الواجدون للطول المالكون للمال والمملوك لا يملك مالا بحال ويشبه أن لا يخاطب بأن يقال: إن لم يجد مالا من يعلم أنه لا يملك مالا بحال إنما يملك أبدا لغيره. قال: ولا يحل نكاح الأمة إلا كما وصفت في أصل نكاحهن إلا بأن لا يجد الرجل الحر بصداق أمة طولا لحرة وبأن يخاف العنت والعنت الزنا . فإذا اجتمع أن لا يجد طولا لحرة وأن يخاف الزنا حل له نكاح الأمة. وإن انفرد فيه أحدهما لم يحلل له وذلك أن يكون لا يجد طولا لحرة وهو لا يخاف العنت أو يخاف العنت وهو يجد طولا لحرة إنما رخص له في خوف العنت على الضرورة. ألا ترى يكن أنه لو عشق امرأة وثنية يخاف أن يزني بها لم يكن له أن ينكحها. ولو كان عنده أربع نسوة فعشق خامسة لم يحل له نكاحها إذا تم الأربع عنده أو كانت له امرأة فعشق أختها لم يحلل له أن ينكحها ما كانت عنده أختها وكذلك ما حرم عليه من النكاح من أي الوجوه حرم لم أرخص له في نكاح ما يحرم عليه

صفحة : 1579

خوف العنت لأنه لا ضرورة عليه يحل له بها النكاح ولا ضرورة في موضع لذة يحل بها المحرم إنما الضرورة في الأبدان التي تحيا من الموت وتمنع من ألم العذاب عليها وأما اللذات فلا يعطاها أحد بغير ما تحل به. فإن قال قائل: فهل قال هذا غيرك قيل: الكتاب كاف - إن شاء الله تعالى - فيه من قول غيري وقد قاله غيري: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة. أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس عن أبيه قال: لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد بصداقها حرة قلت: يخاف الزنا قال: ما علمته يحل أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: سأل عطاء أبا الشعثاء وأنا أسمع عن نكاح الأمة ما تقول فيه أجائز هو فقال: لا يصلح اليوم نكاح الإماء . قال الشافعي: والطول هو الصداق ولست أعلم أحدا من الناس يجد ما يحل له به أمة إلا وهو يجد به حرة فإن كان هذا هكذا لم يحل نكاح الأمة لحر وإن لم يكن هذا هكذا فجمع رجل حر الأمرين حل له نكاح الأمة. وإذا ملك الرجل عقدة الأمة بنكاح صحيح ثم أيسر قبل الدخول أو بعده فسواء والاختيار له في فراقها ولا يلزمه فراقها بحال أبدا بلغ يسره ما شاء أن يبلغ لأن أصل العقد كان صحيحا يوم وقع فلا يحرم بحادث بعده ولا يكون له أن ينكح أمة على أمه وذلك أنه إذا كانت عنده أمة فهو في غير معنى ضرورة. وكذلك لا ينكح أمة على حرة فإن نكح أمة على أمة أو حرة فالنكاح مفسوخ. قال: ولو ابتدأ نكاح أمتين معا كان نكاحهما مفسوخا بلا طلاق ويبتدىء نكاح أيتهما شاء إذا كان ممن له نكاح الإماء كما يكون هكذا في الأختين يعقد عليهما معا والمرأة وعمتها. وإن نكح الأمة في الحال التي قلت: لا يجوز له فالنكاح مفسوخ ولا صداق لها إلا بأن يصيبها فيكون لها الصداق بما استحل من فرجها ولا تحلها إصابته إذا كان نكاحه فاسدا لزوج غيره لو طلقها ثلاثا. ولو نكحها وهو يجد طولا فلم يفسخ نكاحها حتى لا يجده فسخ نكاحها لأن أصله كان فاسدا ويبتدىء نكاحها إن شاء. ولو نكحها ولا زوجة له فقال: نكحتها ولا أجد طولا لحرة فولدت له أو لم تلد إذا قال: نكحتها ولا أجد طولا لحرة كان القول قوله. ولو وجد موسرا لأنه قد يعسر ثم يوسر إلا أن تقوم بينة بأنه حين عقد عقدة نكاحها كان واجدا لأن ينكح حرة فيفسخ نكاحه قبل الدخول وبعده. وإن نكح أمة ثم قال: نكحتها وأنا أجد طولا لحرة أولا أخاف العنت فإن صدقه مولاها فالنكاح مفسوخ ولا مهر عليه إن لم يكن أصابها فإن أصابها فعليه مهر مثلها وإن كذبه

صفحة : 1580

فالنكاح مفسوخ بإقراره بأنه كان مفسوخا ولا يصدق على المهر إن لم يكن دخل بها فلها نصف ما سمى لها وإن راجعها بعد جعلتها في الحكم تطليقة وفيما بينه وبين الله فسخا بلا طلاق. وقد قال غيرنا: يصدق ولا شيء عليه إن لم يصبها قال: وإن نكح أمة نكاحا صحيحا ثم أيسر فله أن ينكح عليها حرة وحرائر حتى يكمل أربعا ولا يكون نكاح الحرة ولا الحرائر عليها طلاقا لها ولا لهن ولا لواحدة منهن خيار كن علمن أن تحته أمة أو لم يعلمن لأن عقد نكاحها كان حلالا فلم يحرم بأن يوسر. فإن قال قائل: فقد تحرم الميتة وتحلها الضرورة فإذا وجد صاحبها عنها كنى حرمتها عليه. قيل: إن الميتة محرمة بكل حال وعلى كل أحد بكل وجه مالكها وغير مالكها وغير حلالا الثمن إلا أن أكلها يحل في الضرورة. والأمة حلال بالملك وحلال بنكاح العبد وحلال النكاح للحر بمعنى دون معنى ولا تشبه الميتة المحرمة بكل حال إلا في حال الموت ولا يشبه المأكول الجماع وكل الفروج ممنوعة من كل أحد بكل حال إلا بما أحل به من نكاح أو ملك فإذا حل لم يحرم إلا بإحداث شيء به ليس الغنى منه. ولا يجوز أن يكون الفرج حلالا في حال حراما بعده بيسير وإنما حرمنا نكاح المتعة مع الاتباع لئلا يكون الفرج حلالا في حال حراما في آخر الفرج لا يحل إلا بأن يحل على الأبد ما لم يحدث فيه شيء يحرمه ليس الغنى عنه مما يحرمه. فإن قال قائل: فالتيمم يحل في حال الإعواز والسفر فإذا وجد الماء قبل أن يصلي بالتيمم بطل التيمم. قلت: التيمم ليس بالفرض المؤدي فرض الصلاة والصلاة لا تؤدى إلا بنفسها وعلى المصلي أن يصلي بطهور ماء وإذا لم يجده تيمم وصلى فإن وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة توضأ لأنه لم يدخل في الفرض ولم يؤده. وإذا صلى أو دخل في الصلاة ثم وجد الماء لم تنقض صلاته ولم يعد لها وتوضأ لصلاة بعدها وهكذا الناكح الأمة لو أراد نكاحها وأجيب إليه وجلس له فلم ينكحها ثم أيسر قبل أن يعقد نكاحها لم يكن له نكاحها وإن عقد نكاحها ثم أيسر لم تحرم عليه كما كان المصلي إذا دخل بالتيمم ثم وجد الماء لم تحرم الصلاة عليه بل نكاح الأمة في أكثرمن حال الداخل في الصلاة الداخل في الصلاة لم يكملها والناكح الأمة قد أكمل جميع نكاحها وإكمال نكاحها يحلها له على الأبد كما وصفت. قال: ويقسم للحرة يومين وللأمة يوما وكذلك كل حرة معه مسلمة وكتابية يوفهن القسم سواء على يومين لكل واحدة ويوما للأمة فإن شاء جعل ذلك يومين يومين وإن شاء يوما يوما ثم دار على الحرائر يومين يومين ثم أتى الأمة يوما فإن عتقت في ذلك اليوم فدار إلى الحرة أو إلى الحرائر

صفحة : 1581

قسم بينهن وبينها يومآ يوما بدأ في ذلك بالأمة قبل الحرائر أو بالحرائر قبل الأمة لأنه لم يقسم لهن يومين يومين حتى صارت الأمة من الحرائر التي لها ما لهن معا وإنما يلزم الزوج أن يقسم للأمة ما خلى المولى بينه وبينها في يومها وليلتها فإذا فعل فعليه القسم لها وللمولى إخراجها في غير يومها وليلتها وإن أخرجها المولى في يومها وليلتها فقد أبطل حقها ويقسم لغيرها قسم من لا امرأة عنده. وهكذا الحرة تخرج بغير إذن زوجها يبطل حقها في الأيام التي خرجت فيها وكل زوجة لم تكمل فيها الحرية فقسمها قسم الأمة. وذلك أم الولد تنكح والمكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها وليس للمكاتبة الامتناع من زوجها في يومها وليلتها ولا لزوجها منعها للطلب بالكتابة. ولوحللت الأمة زوجها من يومها وليلتها ولم يحلله السيد حل له ولوحلله السيد ولم تحلله لم يحل له لأنه حق لها دون السيد ولووضع السيد نفقتها عنه حل له لأنه مال له عونها وعلى سيدها أن ينفق عليها إذا وضع نفقتها عن الزوج ولووضعت هي نفقتها عن الزوج لم يحل له إلا بإذن السيد لأنه مال السيد. نكاح المحدثين قال الشافعي: رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة إلى المؤمنين قال الشافعي: اختلف في تفسير هنه الاية فقيل: نزلت في بغايا كانت لهن رايات وكن غير محصنات فأراد بعض المسلمين نكاحهن فنزلت هذه الأية بتحريم أن ينكحن إلا من أعلن بمثل ما أعلن به أو مشركا. وقيل: كن زواني مشركات فنزلت لا ينكحهن إلا زان مثلهن مشرك أو مشرك وإن لم يكن زانيا: وحرم ذلك على المؤمنين وقيل: غير هذا وقيل: هي عامة ولكنها نسخت. أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في قوله: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال هي منسوخة نسختها وانكحوا الأيامى منكم فهي من أيامى المسلمين قال الشافعي: فوجدنا الدلالة عن رسول الله ﷺ في زانية وزان من المسلمين لم نعلمه حرم على واحد منهما أن ينكح غير زانية ولا زان ولا حرم واحدأ منهما على زوجة فقد أتاه ماعز بن مالك وأقر عنده بالزنا مرارآ لم يأمره في واحدة منها أن يجتنب زوجة له إن كانت ولا زوجته أن تجتنبه ولو كان الزنا يحرمه على زوجته أشبه أن يقول له: إن كانت زوجة حرمت عليك أو لم تكن لم يكن لك أن تنكح ولم نعلمه أمره بذلك ولا أن لا ينكح ولا غيره أن لا ينكحه إلا زانية. وقد ذكر له رجل أن امرأة زنت وزوجها حاضر فلم يأمر النبي

صفحة : 1582

ﷺ فيما علمنا زوجها باجتنابها وأمر أنيسا أن يغدو عليها فإن اعترفت رجمها وقد جلد ابن الأعرابي في الزنا مائة وغربه عاما ولم ينهه علمنا أن ينكح ولا أحدأ أن ينكحه إلا زانية. وقد رفع الرجل الذي قذف امرأته إليه أمر امرأته وقذفها برجل وانتفى من حملها فلم يأمره باجتنابها حتى لاعن بينهما وقد روي عنه أن رجلا شكا إليه أن امرأته لا تدفع يد لامس فأمره أن يفارقها فقال له: إني أحبها فأمره أن يستمتع بها. أخبرنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: أتى رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس فقال النبي ﷺ فطلقها قال: إني أحبها قال: فأمسكها إذا وقد حرم الله المشركات من أهل الأوثان على المؤمنين الزناة وغير الزناة أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أن رجلا تزوج امرأة ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها ففجر الغلام بالجارية فظهر بها حمل فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه فسألهما فاعترفا فجلدهما عمر الحد وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام قال الشافعي: فالاختيار للرجل أن لا ينكح زانية وللمرأة أن لا تنكح زانيا فإن فعلا فليس ذلك بحرام على واحد منهما ليست معصية واحد منهما في نفسه تحرم عليه الحلال إذا أتاه. قال: وكذلك لو نكح امرأة لم يعلم أنها زنت فعلم قبل دخولها عليه أنها زنت قبل نكاحه أو بعده لم تحرم عليه ولم يكن له أخذ صداقه منها ولا فسخ نكاحها وكان له إن شاء أن يمسك وإن شاء أن بطلق وكذلك إن كان هو الذي وجدته زنى قبل أن ينكحها أو بعداما نكحها قبل الدخول أو بعده فلا خيار لها في فراقه وهي زوجته بحالها ولا تحرم عليه. وسواء حد الزاني منهما أو لم يحد أو قامت عليه بينة أو اعترف لا يحرم زنأ واحد منهما ولا زناهما ولا ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 1583


لا نكاح إللا بولي قال الشافعي: رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إلى: بالمعروف وقال عز وجل: الرجال قوامون على النساء الاية وقال في الإماء: فانكحوهن بإذن أهلهن و قال الشافعي: زعم بعض أهل العلم بالقرآن أن معقل بن يسار كان زوج أختا له ابن عم له فطلقها ثم أراد الزوج وأرادت نكاحه بعد مضي عدتها فأبى معقل وقال: زوجتك وآثرتك على غيرك فطلقتها لا أزوجكها أبدا فنزل وإذا طلقتم يعني الأزواج النساء فبلغن أجلهن يعني فانقضى أجلهن يعني عدتهن فلا تعضلوهن يعني أولياءهن أن ينكحن أزواجهن إن طلقوهن ولم يبتوا طلاقهن وما أشبه معنى ما قالوا من هذا بما قالوا ولا أعلم الآية تحتمل غيره لأنه إنما يؤمر بأن لا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل بأن يتم به نكاحها من الأولياء والزوج إذا طلقها فانقضت عدتها فليس بسبيل منها فيعضلها ان لم تنقض عدتها فقد يحرم عليها أن تنكح غيره وهو لا يعضلها عن نفسه وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقا وأن على المولى أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف قال الشافعي: وجاءت السنة بمثل معنى كتاب الله عزوجل. أخبرنا مسلم وسعيد وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أن رسول الله ﷺ قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها وقال بعضهم في الحديث: فإن اشتجروا وقال غيره منهم: فإن اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له. أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج قال: أخبرني عكرمة بن خالد قال: جمعت الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فولت رجلا منهم أمرها فزوجها رجلا فجلد عمر بن الخطاب الناكح ورد نكاحها أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن معبد ابن عمير أن عمررضي الله عنه رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال: قال عمروبن دينار: نكحت امرأة من بني بكربن كنانة يقال لها: بنت أبي ثمامة عمربن عبد الله بن مضرسى فكتب علقمة بن علقمة العتواري إلى عمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة إني وليها وإنها نكحت بغير أمري فرعه عمر وقد أصابها قال الشافعي: فأي امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا نكاح لها لأن النبي ﷺ قال: فنكاحها باطل وإن أصابها فلها صداق

صفحة : 1584

مثلها بما أصاب منها بما قضى لها به النبي ﷺ وهذا يدل على أن الصداق يجب في كل نكاح فاسد بالمسيس وأن لا يرجع به الزوج على من غره لأنه إذا كان لها وقد غرته من نفسها لم يكن له أن يرجع به عليها وهو لها وهو لوكان يرجع به فكانت الغارة له من نفسها بطل عنها ولا يرجع زوج أبدا بصداق على من غره امرأة كانت أو غير امرأة إذا أصابها قال: وفي هذا دليل على أن على السلطان إذا اشتجروا أن ينظر: فإن كان الولي عاضلا أمره بالتزويج فإن زوج فحق أداه وإن لم يزوج فحق منعه وعلى السلطان أن يزوج أو يوكل وليا غيره فيزوج والولي عاص بالعضل لقول الله عز وجل: فلا تعضلوهن وإن ذكر شيئا نظر فيه السلطان فإن رآها ندعو إلى كفاءة لم يكن له منعها وإن دعاها الولي إلى خير منه وإن دعت إلى غيركفاءة لم يكن له تزويجها والولي لا يرضي به وإنما العضل أن تدعو إلى مثلها أو فوقها فيمتنع الولي. اجتماع الولاة وافتراقهم قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا ولاية لأحد مع أب فإذا مات فالجد أبو الأب فإذا مات فالجد أبو الجد لأن كلهم أب وكذلك الآباء وذلك أن المزوجة من الاباء وليست من الإخوة. والولاية غير المواريث ولا ولاية لأحد من الأجداد عونه أب أقرب إلى المزوجة منه فإذا لم يكن آباء فلا ولاية لأحد مع الإخوة وإذا اجتمع الإخوة فبنو الأب والأم أولى من بني الأب فإذا لم يكن بنو أم وأب فبنو الأب أولى من غيرهم ولا ولاية لبني الأم بالأم ولا الجد أبي أم إن لم يكن عصبة لأن الولاية للعصبة. فإن كانوا بني عم ولا أقرب منهم كانت لهم الولاية بأنهم عصبة وإن كان معهم مثلهم من العصبة كانوا أولى لأنهم أقرب بأم وإذا لم يكن إخوة لأب وأم ولا أب وكان بنو أخ لأب وأم وبنو أخ لأب فبنو الآخ للأب والأم أولى من بني الأخ للأب. وإن كان بنو أخ لأب وبنو أخ لأم فبنو الأخ للأب أولى ولا ولاية لبني الأخ للأم بحال إلا أن يكونوا عصبة. قال: وإذا تسفل بنو الأخ فانسبهم إلى المزوجة فأيهم كان أقعد بها وإن كان ابن أب فهو أولى لأن قرابة الأقعد أقرب من قرابة أم غير ولدها أقعد منه وإذا استووا فكان فيهم ابن أب وأم فهو أولى بقربه مع المساواة. قال: وإن حرم النسب بقرابة الأم كان بنو بني الأخ وإن تسفلوا وبنو عم دنية فبنو بني الأخ وإن تسفلوا أولى. لأنهم يجمعهم وإياها أب قبل بني العم. وهكذا إن كان بنو أخ وعمومة فبنو الأخ أولى وإن تسفلوا لأن العمومة غير آباء فيكونون أولى لأن المزوجة من الأب فإذا انتهت الأبوة

صفحة : 1585

فأقرب الناس بالمزوجة أولاهم بها وبنو أخيها أقرب بها من عمومتها لأنه يجمعهم وإياها أب دون الأب الذي يجمعها بالعمومة. وإذا لم يكن بنو أخ وكانوا بني عم فكان فيهم بنو عم لأب وأم وبنو عم لأب فاستووا فبنو العم للأب والأم أولى. وإن كان بنو العم للأب أقعد فهم أولى وءإذا لم يكن لها قرابة من قبل الأب وكان لها أوصياء لم يكن الأوصياء ولاة نكاح ولا ولاة ميراث وهكذا إن كان لها قرابة من قبل أمها أو بني أخواتها لا ولاية للقرابة في النكاح إلا من قبل الأب. وإن كان للمزوجة ولد أو ولد ولد فلا ولاية لهم فيها بحال إلا أن يكونوا عصبة فتكون لهم الولاية بالعصبة. ألا ترى أنهم لا يعقلون عنها ولا ينتسبون من قبيلها إنما قبيلها من قبل أبيها أو لا ترى أن بني الأم لا يكونون ولاة نكاح فإذا كانت الولاية لا تكون بالأم إذا انفردت فهكذا ولدها لا يكونون ولاة لها. واذا كان ولدها عصبة وكان مع ولدها عصبة أقرب منهم هم أولى منهم فالعصبة أولى. و. إن تساوى العصبة في قرابتهم بها من قبل الأب فهم أولى كما يكون بنو الآم والأب أولى من بني الأب وإن استووا فالولد أولى. ولاية الموالي قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا يكون الرجل وليا بولاء وللمزوجة نسب من قبل أبيها يعرف ولا للأخوال ولاية بحال أبدأ إلا أن يكونوا عصبة فإذا لم يكن للمرأة عصبة ولها موال فمواليها أولياؤها ولا ولاء إلا لمعتق ثم أقرب الناس بمعتقها وليها كما يكون أقرب الناس به ولي ولد المعتق لها. قال: واجتماع الولاة من أهل الولاء في ولاية المزوجة كاجتماعهم في النسب. قال الشافعي: ولا يختلفون في ذلك قال الشافعي: ولوزوجها ولي نعمة ولا يعلم لها قريبأ من قبل أبيها ثم علم كان النكاح مفسوخا لأنه غير ولي كما لو زوجها ولي قرابة يعلم أقرب منه كان النكاح مفسوخا. ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 1586


مغيب بعض الولاة قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا ولاية لأحد بنسب ولا ولاء وأولى منه حي غائبآ كان أو حاضرا بعيد الغيبة منقطعها مؤيسا منه مفقودا أو غير مفقود وقريبها مرجو الإياب غائبآ. وإذا كان الولي حاضرا فامتنع من التزويج فلا يزوجها الولي الذي يليه في القرابة ولا يزوجها إلا السلطان الذي يجوز حكمه فإذا رفع ذلك إلى السلطان فحق عليه أن يسأل عن الولي: فإن كان غائبآ سأل عن الخاطب فإن رضي به أحضر أقرب الولاة بها وأهل المحرم من أهلها وقال: هل تنقمون شيئا فإن ذكروه نظر فيه فإن كان كفؤأ ورضيته أمرهم بتزويجه فإن لم يفعلوا زوجه و. إن لم يأمرهم وزوجه فجائز وإن كان الولي حاضرأ فامتنع من أن يزوجها من رضيت صنع ذلك به. وإن كان الولي الفي لا أقرب منه حاضرآ فوكل قام وكيله مقامه وجاز تزويجه كما يجوز إذا وكله بتزويج رجل بعينه فزوجه أو وكله أن يزوج من رأى فزوجه كفؤآ ترضى المرأة به بعينه. فإن زوج غير كف لم يجز وكان هذا منه تعديآ مرلمحودأ كما يرد تعدي الوكلاء. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا يكون الرجل وليآ لامرأة بنتا كانت أو أختا أو بنت عم أو امرأة هو أقرب الناس إليها نسبآ أو ولاء حتى يكون الولي حرأ مسلما رشيدآ يعقل موضع الحظ وتكون المرأة مسلمة. ولا يكون المسلم وليآ لكافرة وإن كانت بنته ولا ولاية له على كافرة إلا أمته فإن ما صار لها بالنكاح ملك له. قال: ولا يكون الكافر وليا لمسلمة وإن كانت بنته قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي لمجم أم حبيبة وأبو سفيان حي لأنها كانت مسلمة وابن سعيد مسلم لا أعلم مسلط أقرب بها منه ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية لأن الله تبارك وتعالى قطع الولاية بين المسلمين والمشركين والمواريث والعقل وغير ذلك. قال: فيجوز تزويج الحاكم المسلم الكافرة لأنه بحكم لا ولاية إذا حاكمت إليه ولا يكون إذا كان بالغأ مسلط وليا إن كان سفيها موليأ عليه أو غير عالم بموضع الحظ لنفسه ومن زوجه إذا كان هذا لا يكون وليا لنفسه يزوجها كان أن يكون وليا لغيره أبعد وإن لم يكن هذا وليا للسفه أو ضعف العقل فكذلك المعتوه والمجنون الذي لا يفيق بل هما أبعد من أن يكونا وليين. قال: ومن خرج من الولاية بأحد هذه المعاني حتى لا يكون وليآ بحال فالولي أقرب الناس به ممن يفارق هذه الحال وهذا كمن لم يكن وكمن مات ولا ولاية له ما كان بهنه الحال فإذا صلحت حاله صار وليا لأن الحال التي محنع بها الولاية قد ذهبت.

صفحة : 1587

قال الشافعي: رحمه الله تعالى: لا أعلم في أن للولاة أمرا مع المرأة في نفسها شيئا جعل لهم أبين من أن لا تزوج إلا كفؤأ فإن قيل: يحتمل أن يكون لئلا يزوج إلا نكاحا صحيحا. قيل: قد يحتمل ذلك أيضأ ولكنه لما كان الولاة لو زوجوها غير نكاح صحيح لم يجز كان هذا ضعيفأ لا يشبه أن يكون له جعل للولاة معها أمر فأما الصداق فهي أولى به من الولاة ولو وهبته جاز ولا معنى له أولى به من أن لا يزوج إلا كفؤا بل لا أحسبه يحتمل أن يكون جعل لهم أمر مع المرأة في نفسها إلا لئلا تنكح إلاكفؤا قال الشافعي: إذا اجتمع الولاة فكانوا شرعا فأيهم صلح أن يكون وليآ بحال فهو كأفضلهم وسواء المسن منهم والكهل والشاب والفاضل والذي عونه إذا صلح أن يكون وليا فأيهم زوجها بإذنها كفؤأ جاز وإن سخط ذلك من بقي من الولاة وأيهم زوج بإذنها غير كفؤ فلا يثبت النكاح إلا باجتماعهم عليه. وكذلك لو اجتمعت جماعتهم على تزويج غير كفء وانفرد أحدهم كان النكاح مردودا بكل حال حتى يجتمع الولاة معآ على إنكاحه قبل إنكاحه فيكون حقا لهم تركوه. وإن كان الولي أقرب ممن دونه فزوج غير كفء بإذنها فليس لمن بقي من الأولياء الذي هوأولى منهم رثه لأنه لا ولاية لهم معه. قال: وليس نكاح غير الكفء محرما فأرده بكل حال إنما هو نقص على المزوجة والولاة فإذا رضيت المزوجة ومن له الأمر معها بالنقص لم أرده. قال: وإذا زوج الولي الواحد كفؤا بأمر المرأة المالك لأمرها بأقل من مهر مثلها لم يكن لمن بقي من الولاة رد النكاح ولا أن يقوموا عليه حتى يكملوا لها مهرمثلها لأنه ليس في نقص المهر نقص نسب إنما هو نقص المال ونقص المال ليس عليها ولا عليهم فيه نقص حسب وهي أولى بالمال منهم. وإذا رضي الولي الفي لا أقرب منه بإنكاح رجل غير كفء فأنكحه بإذن المرأة والولاة الذين هم شرع ثم أراد الولي المزوج والولاة رثه لم يكن لهم بعد رضاهم وتزويجهم إياه برضى المرأة. وإن كان زوجوها بأمرها بأقل من صداق مثلها وكانت لا يجوزأمرها في مالها فلها تمام صداق مثلها لأن النكاح لا يرد فهوكالبيوع المستهلكة كما لو باعت وهي محجورة بيعا فاستهلك وقد غبنت فيه لزم مشتريه قيمته. قال: وإذا كانت المرأة محجورا عليها مالها فسواء من حابى في صداقها أب أو غيره لا تجوز المحاباة ويلحق بصداق مئلها ولا يرد النكاح دخلت أو لم تدخل وإن طلقت قبل ذلك أخذ لها نصف صداق مثلها. ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

صفحة : 1588


ماجاءفي تشاح الولاة قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كان الولاة شرعآ فأراد بعضهم أن يلي التزويج دون بعض فذلك إلى المرأة تولي أيهم شاءت فإن قالت: قد أذنت في فلان فأي ولاتي أنكحنيه فنكاحه جائز فأيه م أنكحه فنكاحه جائز. فإن ابتدره اثنان فزوجاه فنكاحه جائز وإن تمانعوا أقرع بينهم السلطان فأيهم خرج سهمه أمره بالتزويج وإن لم يترافعوا إلى السلطان عدل بينهم أمرهم فأيهم خرج سهمه زوج وإن تركوا الإقراع أو تركه السلطان لم أحبه لهم وأيهم زوج بإذنها جاز. إنكاح الوليين والوكالة في النكاح قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا أبن علية عن ابن أبي عروبة عن قتاعة عن الحسن عن عقبة بن عامرأن رسول الله ﷺ قال إذا أنكح الوليان فالأول أحق قال: وبين في قول رسول ﷺ الأول أحق أن الحق لا يكون باطلا وإن نكاح الآخر باطل وأن الباطل لا يكون حقا بأن يكون الآخر دخل ولم يدخل الأول ولا يزيد الأول حقا لو كان هو الداخل قبل الآخر هو أحق بكل حال. قال: وفيه دلالة على أن الوكالة في النكاح جائزة ولأنه لا يكون نكاح وليين متكافيا حتى يكون للأول منهما إلا بوكالة منها مع توكيل النبي ﷺ عمروبن أمية الضمري فزوجه أم حبيبة ابنة أبي سفيان. ظلى لئعما فأما إذا أذنت المرأة لولييها أن يزوجاها من رأيا أووامرها أحدهما في رجل فقالت: زوجه ووامرها اخر في رجل فقالت: زوجه فزوجاها معا رجلين مختلفين كفؤين فأيهما زوج أولا فالأول الزوج الذي نكاحه ثابت وطلاقه وما بينه وبينها مما بين الزوجين لازم ونكاح الذي بعده ساقط دخل بها الآخر أو لم يدخل أو الأول أو لم يدخل لا يحق الدخول لأحد شيئا إنما يحقه أصل العقد. فإن أصابها آخرهما نكاحآ فلها مهر مثلها إذا لم تصح عقدة النكاح لم تصح بشيء بعدها إلا بتجديد نكاح صحيح. وإذا جاز للمرأة أن توكل وليين جاز للولي الذي لا أمر للمرأة معه أن يوكل وهذا للأب خاصة في البكر ولم يجز لولي غيره للمرأة معهم أمر أن يوكل أب في ثيب ولا ولي غير أب إلا بأن تأذن له أن يوكل بتزويجها فيجوز بإذنها. فلو أن رجلا خرج ووكل رجلا بتزويج ابنته البكر فزوجها الوكيل وهو فأيهما أنكح أولا فالنكاح نكاحه جائز والآخر باطل الوكيل أو الأب وإن دخل بها الآخر فلها المهر وعليها العدة والولد لاحق ولا

صفحة : 1589

ميراث لها منه. ولو مات قبل أن يفرق بينهما ولا له منها لو ماتت ولزوجها الأول منها الميراث وعليه لها الصداق يحاسب به من ميراثه. وهكذا لو أذنت لوليين فزوجاها معا أو لولي أن يوكل فوكل وكيلا أو لوليين كذلك فوكلا وكيلين أي هذا كان فالتزويج الأول أحق. ولو زوجها الوليان والولاء ثلاثة أو أربعة فالنكاح للأول إذا علم ببينة تقوم على وقت من الأوقات أنه فعل ذلك قبل صاحبه. قال: ولو زوجها ولياها رجلين فشهد الشهود على يوم واحد ولم يثبتوا الساعة أو أثبتوها فلم يكن في إثباتهم دلالة على أي النكاحين كان أولا فالنكاح مفسوخ ولا شيء لها من واحد من الزوجين. ولودخل بها أحدهما على هذا فأصابها كان لها منه مهر مثلها وعليها العدة ويفرق بينهما وسواء كان الزوجان في هذا لا يعرفان أي النكاح كان قبل أويتداعيان فيقول كل واحد منهما: كان نكاحي قبل وهما يقران أنها لا تعلم أي نكاحهما كان أولا ويقران بأمريدل على أنها لا تعلم ذلك مثل أن تكون غائبة عن النكاح ببلد غير البلد الذي تزوجت به أو ما أشبه هذا. ولو ادعيا عليها أنها تعلم أي نكاحهما أول وادعى كل واحد منهما أن نكاحه كان أولا كان القول قولها مع يمينها للذي زعمت أن نكاحه آخرا. وإن قالت: لا أعلم أيهما كان أولا وادعيا عليها أحلفت ما تعلم وما يلزمها نكاح واحد منهما. قال: ولو كانت خرساء أو معتوهة أو صبية أو خرست بعد التزويج لم يكن عليها يمين وفسخ النكاح. ولو زوجها أبوها ووكيل له في هذه الحال فقال الأب: إنكاحي أولا أو إنكاح وكيلي أولا كان أو قال ذلك الوكيل لم يكن إقرار واحد منهما يلزمهما ولا يلزم الزوجين ولا واحدأ منهما. ولو كانت عاقلة بالغة فأقرت لأحدهما أن نكاحه كان أولا لزمها النكاح الذي أقرت أنه كان أولا ولم تحلف للآخر لأنها لو أقرت له بأن نكاحه أولا لم يكن زوجها وقد لزمها أن تكون زوجة الاخر. ولو كان وليها الذي هو أقرب إليها من وليها الذي يليه زوجها بإذنها ووليها الذي هو أبعد منه بإذنها فإنكاح الولي الذي دونه من هو أقرب منه باطل ولو كان على الانفراد وإذا كان هذا هكذا فنكاح الولي الأقرب جائز كان قبل نكاح الولي الأبعد أوبعد أودخل الذي زوجه الولي الأبعد الذي لا ولاية له مع من هو أقرب. ولو دخل بها الزوجان معا أثبت نكاح الذي زوجه الولي وآمر باجتنابها حتى تكمل عدتها من الزوج غيره ثم خلي بينها وبينه وكان لها على الزوج المهر الذي سمي وعلى الناكح النكاح الفاسد مهر مثلها كان أقل أو أكثر مما سمي لها. ولو اشتملت على حمل وقفا عنها وهي في وقفهما عنها زوجة الذي زوجه الولي إن مات ورثته

صفحة : 1590

وإن ماتت ورثها. ومتى جاءت بولد أريه القافة فبأيهما ألحقاه لحق وإن لم يلحقاه بواحد منهما أو ألحقاه بهما أو لم يكن قافة وقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهما شاء. قال: وإن انتفيا منه ولم تره القافة لاعناها معآ ونفي عنهما معأ فإن أقر به أحدهما نسبته إليه فإن أقر به الآخر وقفته حتى تراه القافة وكان كالمسألة على الابتداء. وإن مات الآخر بعد ما أقر به الأول ولم يعترف به فهو من الأول. ولو زوجها وليان أحدهما قبل الآخر بإذنها فدخل صاحب التزويج الآخر فلها مهر مثلها وتنزع منه وهي زوجة الآول ويمسك عنها حتى تنقضي عدتها من الداخل. ماجاء في نكاح الآباء قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: نكحني النبي ﷺ وأنا ابنة ست أوسبع وبنى بي وأنا ابنة تسع الشك من الشافعي قال الشافعي: فلما كان من سنة رسول الله ﷺ أن الجهاد يكون على ابن خمس عشرة سنة وأخذ المسلمون بذلك في الحدود وحكم الله بذلك في اليتامى فقال: حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا ولم يكن له الأمر في نفسه إلا ابن خمس عشرة سنة أو ابنة خمسة عشرة إلا أن يبلغ الحلم أو الجارية المحيض قبل ذلك فيكون لهما أمر في أنفسهما دل إنكاح أبي بكر عائشة النبي ﷺ ابنة ست وبناؤه بها ابنة تسع على أن الأب أحق بالبكر من نفسها ولو كانت إذا بلغت بكرا كانت أحق بنفسها منه أشبه أن لا يجوز له عليها حتى تبلغ فيكون ذلك بإذنها. أخبرنا مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: الآيم أحق بنفسها من وليها والبكرتستأذن في نفسها وإذنها صماتها أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني زيد بن جارية عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب وهي كارهة فأتت النبي ﷺ فرد نكاحها قال الشافعي: فأي ولي امرأة ثيب أو بكر زوجها بغير إذنها فالنكاح باطل إلا الآباء في الأبكار والسادة في المماليك لأن النبي ﷺ رد نكاح خنساء ابنة خذام حين زوجها أبوها كارهة ولم يقل إلا أن تشائي أن تبري أباك فتجيزي إنكاحه لو كانت إجازته إنكاحها تجيزه أشبه أن يأمرها أن تجيز إنكاح أبيها ولا يرد بقوته عليها قال الشافعي: ويشبه في

صفحة : 1591

دلالة سنة رسول الله ﷺ إذا فرق بين البكر والثيب فجعل الثيب أحق بنفسها من وليها وجعل البكر تستأذن في نفسها أن الولي الذي عنى - والله تعالى أعلم - الأب خاصة فجعل الأيم أحق بنفسها منه. فدل ذلك على أن أمره أن تستأذن البكر في نفسها أمر اختيار لا فرض لأنها لوكانت إذا كرهت لم يكن له تزويجها كانت كالثيب وكان يشبه أن يكون الكلام فيها أن كل امرأة أحق بنفسها من وليها وإذن الثيب الكلام وإذن البكر الصمت ولم أعلم أهل العلم اختلفوا في أنه ليس لأحد من الأولياء غير الآباء أن يزوج بكرا ولا ثيبا إلا بإذنها فإذا كانوا لم يفرقوا بين البكر والثيب البالغين لم يجز إلا ما وصفت في الفرق بين البكر والثيب: في الأب الولي وغير الولي. ولو كان لا يجوز للأب إنكاح البكر إلا بإذنها في نفسها ما كان له أن يزوجها صغيرة لأنه لا أمر لها في نفسها في حالها تلك وما كان بين الأب وسائر الولاة فرق في البكر كما لا يكون بينهم فرق في الثيب. فإن قال قائل: فقد أمر النبي ﷺ أن تستأمر البكر في نفسها قيل: يشبه أمره أن يكون على استطابة نفسها وأن يكون بها داء لا يعلمه غيرها فتذكره إذا استؤمرت أو تكره الخاطب لعلة فيكون استئمارها أحسن في الاحتياط وأطيب لنفسها وأجمل في الأخلاق. وكذلك نأمر أباها ونأمره أيضا أن يكون المؤامر لها فيه أقرب نساء أهلها وأن يكون تفضي إليها بذات نفسها أمأ كانت أو غير أم ولا يعجل في إنكاحها إلا بعد إخبارها بزوج بعينه ثم يكره لأبيها أن يزوجها إن علم منها كراهة لمن يزوجها وءإن فعل فزوجها من كرهت جاز ذلك عليها وإذا كان يجوز تزويجه عليها من كرهت فكذلك لو زوجها بغير استئمارها. فإن قال قائل: وما يدل على أنه قد يؤمر بمشاورة البكر ولا أمر لها مع أبيها الذي أمر بمشاورتها قيل: قال الله تعالى لنبيه ﷺ: وشاورهم في الأمر ولم يجعل الله لهم معه أمرا إنما فرض عليهم طاعته ولكن في المشاورة استطابة أنفسهم وأن يستن بها من ليس له على الناس ما لرسول الله ﷺ والاستدلال بأن يأتي من بعض المشاورين بالخير قد غاب عن المستشير وما أشبه هذا. قال: والجد أبو الأب وأبوه وأبو أبيه يقومون مقام الأب في تزويج البكر وولاية الثيب ما لم يكن دون واحد منهم أب أقرب منه. ولو زوجت البكر أزواجا ماتوا عنها أو فارقوها وأخذت مهورا ومواريث دخل بها أزواجها أو لم يدخلوا إلا أنها لم تجامع زوجت تزويج البكر لأنه لا يفارقها اسم بكر إلا بأن تكون ثيبا وسواء بلغت سنا وخرجت الأسواق وسافرت وكانت قيم أهلها أو لم يكن من

صفحة : 1592

هذا شيء لأنها بكر في هذه الأحوال كلها. قال: وإذا جومعت بنكاح صحيح أو فاسد أوزنا صغيرة كانت بالغا أو غير بالغ كانت ثيبا لا يكون للأب تزويجها إلا بإذنها ولا يكون له تزويجها إذا كانت ثيبا وإن كانت لم تبلغ إنما يزوج الصغيرة إذا كانت بكرا لأنه لا أمر لها في نفسها إذا كانت صغيرة ولا بالغا مع أبيها. قال: وليس لأحد غير الآباء أن يزوج بكرا ولا ثيبا صغيرة لا بإذنها ولا بغير إذنها ولا يزوج واحدة منهما حتى تبلغ فتأذن في نفسها. وإن زوجها أحد غير الآباء صغيرة فالنكاح مفسوخ ولا يتوارثان ولا يقع عليها طلاق وحكمه حكم النكاح الفاسد في جميع أمره لا يقع به طلاق ولا ميراث. والآباء وغيرهم من الأولياء في الثيب سواء لا يزوج أحد الثيب إلا بإذنها وإذنها الكلام وإذن البكر الصمت. وإذا زوج الأب الثيب بغير علمها فالنكاح مفسوخ رضيت بعد أو لم ترض وكذلك سائر الأولياء في البكر والثيب. الأب ينكح ابنته البكر غير الكفء قال الشافعي رحمه الله تعالى: يجوز أمر الأب على البكر في النكاح إذا كان النكاح حظا لها أو غير نقص عليها ولا يجوز إذا كان نقصا لها أو ضررا عليها كما يجوز شراؤه وبيعه عليها بلا ضرر عليها في البيع والشراء من غير ما لا يتغابن أهل البصر به وكذلك ابنه الصغير. قال: ولو زوج رجل ابنته عبدا له أو لغيره لم يجز النكاح لأن العبد غير كفء لم يجز وفي ذلك عليها نقص بضرورة ولو زوجها غير كفء لم يجز لأن في ذلك عليها نقصا. ولو زوجها كفؤا أجذم أو أبرص أو مجنونا أو خصيا مجبوبا أو غير مجبوب لم يجز عليها لأنها لو كانت بالغا كان لها الخيار إذا علمت هي بداء من هذه الأدواء. ولو زوجها كفؤا صحيحا ثم عرض له داء من هذه الأدواء لم يكن له أن يفرق بينه وبينها حتى تبلغ فإذا بلغت فلها الخيار. قال: ولو عقد النكاح عليها لرجل به بعض الأدواء ثم ذهب عنه قبل أن تبلغ أو عند بلوغها فاختارت المقام معه لم يكن لها ذلك لأن أصل العقد كان مفسوخا. قال: ولو زوج ابنه صغيرا أو مخبولا أمة كان النكاح مفسوخا لأن الصغير لا يخاف العنت والمخبول لا يعرب عن نفسه بأنه يخاف العنت وإن كان كل واحد منهما لا يجد طولا. ولو زوجه جذماء أو برصاء أو مجنونة أو رتقاء لم يجز عليه النكاح. وكذلك لو كان زوجه امرأة في نكاحها ضرر عليه أو ليس له فيها وطر مثل: عجوز فانية أو عمياء أو قطعاء أو ما أشبه هذا. ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 1593


المرأة لا يكون لها الولي قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال رسول الله ﷺ: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فبين فيه أن الولي رجل لا امرأة فلا تكون المرأة وليا أبدا لغيرها وإذا لم تكن وليا لنفسها كانت أبعد من أن تكون وليا لغيرها ولا تعقد عقد نكاح. أخبرنا الثقة عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: كانت عائشة تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها: زوج فإن المرأة لا تلي عقدة النكاح. قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: لا تنكح المرأة المرأة فإن البغي إنما تنكح نفسها . قال الشافعي: وإذا أرادت المرأة أن تزوج جاريتها لم يجز أن تزوجها هي ولا وكيلها إن لم يكن وليا للمرأة إذا لم تكن هي وليا لجاريتها لم يكن أحد بسببها وليا إذا لم يكن من الولاة كما لا يكون للمرأة أن توكل بنفسها من يزوجها إلا وليا ويزوجها ولي المرأة السيدة الذي كان يزوجها هي أو السلطان إذا أذنت سيدتها بتزويجها كما يزوجونها هي إذا أذنت بتزويجها ولا يجوز لولي المرأة أن يولي امرأة تزوجها إذا لم تكن وليا في نفسها لم تكن وليا بوكالة ولا يزوج جاريتها إلا بإذنها. ويجوز وكالة الرجل في النكاح إلا أنه لا يوكل امرأة لما وصفت ولا كافرا بتزويج مسلمة لأن واحدا من هذين لا يكون وليا بحال وكذلك لا يوكل عبدا ولا من لم تكمل فيه الحرية وكذلك لا يوكل محجورا عليه ولا مغلوبا على عقله لأن هؤلاء لا يكونون ولاة بحال. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا ذكر الله تعالى الأولياء وقال رسول الله: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ولم يختلف أحد أن الولاة هم العصبة وأن الأخوال لا يكونون ولاة إن لم يكونوا عصبة فبين في قولهم: أن لا ولاية لوصي إن لم يكن من العصبة لأن الولاية يشبه أن تكون جعلت للعصبة للعار عليهم والوصي ممن لا عار عليه فيما أصاب غيره من عار. وسواء وصي الأب بالأبكار والثيبات ووصي غيره فلا ولاية لوصي في النكاح بحال وذلك أنه ليس بوكيل الولي ولا بولي والخال أولى أن يكون عليه عار من الوصي وهو لا ولاية له إذا لم يكن له نسب من قبل الأب وهذا قول أكثر من لقيت من أهل الآثار والقياس. وقد قال قائل: يجوز نكاح وصي الأب على البكر خاصة دون الأولياء ولا يكون له أن ينكح البكر بغير إذنها وللأب أن ينكحها بغير إذنها ولا يجوز إنكاحه الثيب بأمرها وأمرها إلى الولاة. ويقول: ولا يجوز إنكاح

صفحة : 1594

وصي ولي غير وصي الأب. قال الشافعي: وهو يزعم أن الميت إذا مات انقطعت وكالته فإن كان الوصي وكيلا عنده كوكيل الحي فوكيل الأب والأخ ولي الأولياء البكر والثيب يجوز إنكاحهم عندنا وعنده بوكالة من وكلهم ما جاز لمن وكلهم بالنكاح ويقيمهم مقام من وكله وهو لا يجيز لوصي الأب ما يجيز للأب. ويقول: ليس بوكيل ولا أب فيقال: فولي قرابة فيقول: لا فيقال: ما هو. فيقول: وصي ولي فيقول: يقوم مقامه ولا يدري ما يقول ويقال: فما لغير الأب فيقول: الوصي ليس بولي ولا وكيل فيجوز نكاحه وليس من النكاح بسبيل. فيقول قولا متناقضا يخالف معنى القرآن والسنة والآثار. إنكاح الصغار والمجانين قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أحد غير الآباء وإن زوجها فالتزويج مفسوخ والأجداد آباء إذا لم يكن أب يقومون مقام الآباء في ذلك. ولا يزوج المغلوبة على عقلها أحد غير الآباء فإن لم يكن آباء رفعت إلى السلطان وعليه أن يعلم الزوج ما اشتهر عنده أنها مغلوبة على عقلها فإن يقدم على ذلك زوجها إياه. وإنما منعت الولاة غير الآباء تزويج المغلوبة على عقلها أنه لا يجوز لولي غير الآباء أن يزوج امرأة إلا برضاها فلما كانت ممن لا رضى لها لم يكن النكاح لهم تاما. وإنما أجزت للسلطان أن ينكحها لأنها قد بلغت أو أن الحاجة إلى النكاح وأن في النكاح لها عفافا وغناء وربما كان لها فيه شفاء وكان إنكاحه إياها كالحكم لها وعليها وإن أفاقت فلا خيار لها ولا يجوز أن يزوجها إلا كفؤا وإذا أنكحها فنكاحه ثابت وترث وتورث. وإن غلب على عقلها من مرض أو برسام أوغيره لم يكن له أن ينكحها حتى يتأنى بها فإن أفاقت أنكحها الولي من كان بإذنها وإن لم تفق حتى طال ذلك ويئس من إفاقتها زوجها الأب أو السلطان. وإن كان بها مع ذهاب العقل جنون أو جذام أو برص أعلم ذلك الزوج قبل أن يزوجها وإن كان بها ضنى يرى أهل الخبرة بها أنها لا تريد النكاح معه لم أر له أن يزوجها وإن زوجها لم أرد تزويجه لأن التزويج ازدياد لها لا مؤنة عليها فيه. وسواء إذا كانت مغلوبة على عقلها بكرأ كانت أو ثيبا لا يزوجها إلا أب أو سلطان بلا أمرها لأنه لا أمر لها. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 1595


نكاح الصغار والمغلوبين علي عقولهم من الرجال قال الشافعي: رحمه الله تعالى في الكبير المغلوب على عقله: لأبيه أن يزوجه لأنه لا أمر له في نفسه وإن كان يجن ويفيق فليس له أن يزوجه حتى يأذن له وهو مفيق في أن يزوج فإذا أذن فيه زوجه ولا أرد إنكاحه إياه. وليس لأحد غير الآباء أن يزوجوا المغلوب على عقله لآنه لا أمر له في نفسه ويرفع إلى الحاكم فيسأل عنه: فإن كان يحتاج إلى التزوبج ذكر للمزوجة حاله فإن رضيت حاله زوجه وإن لم يكن يحتاج إلى التزويج فيما يرى بزمانة أو غيرها لم يكن للحاكم أن يزوجه ولا لأبيه إلا أن يكون تزويجه ليخدم فيجوز تزويجه لذلك. وللآباء ما للأب في المغلوب على عقله وفي الصغيرة والمرأة البكر وللآباء تزويج الابن الصغير ولا خيار له إذا بلغ وليس ذلك لسلطان ولا ولي. وإن زوجه سلطان أو ولي غير الآباء فالنكاح مفسوخ لأنا إنما نجيز عليه أمر الأب لأنه يقوم مقامه في النظر له ما لم يكن له في نفسه أمر ولا يكون له خيار إذا بلغ فأما غير الأب فليس له. ولوكان الصبي مجبوبا أو مخبولآ فزوجه أبوه كان نكاحه مردودأ لأنه لا يحتاج إلى النكاح. قال: وإذا زوج المغلوب على عقله فليس لأبيه ولا للسلطان أن يخالع بينه وبين امرأته ولا أن يطلقها عليه ولا يزوج واحد منهما إلا بالغأ وبعد ما يستدل على حاجته إلى النكاح ولو طلقها لم يكن طلاقه طلاقآ. وكذلك لو آلى منها أو تظاهر لم يكن عليه إيلاء ولا ظهار لأن القلم مرفوع عنه. وكذلك لو قذفها وانتفى من ولدها لم يكن له أن يلاعن ويلزمه الولد ولو قالت: هو عنين لا يأتيني لم نضرب له أجلا وذلك أنها إن كانت ثيبأ فقد يأتيها وتجدد وهو لوكان صحيحا جعل القول قوله مع يمينه. وإن كانت بكرأ فقد تمتنع من أن ينالها فلا يعقل أن يدفع عن نفسه بالقول أنها تمتنع ويمتنع ويؤمر إشارة ب صابتها. ولو ارتد لم تحرم عليه لأن القلم مرفوع عنه ولو ارتدت هي فلم تعد إلى الإسلام حتى تنقضي العدة بانت منه. وهكذا إذا نكحت المغلوبة على عقلها لم يكن لأبيها ولا لولي غيره أن يخالع عنها بمرهم من مالها ولا يبرىء زوجها من نفقتها ولا شيء وجب لها عليه. فإن هربت أو امتنعت منه لم يكن لها عليه نفقة ما دامت هاربة أو ممتنعة وإن آلى منها وطلب وليها وقفه قيل له: اتق الله وفىء أو طلق ولا يجبر على طلاق كما لا يجبر لوطلبته هي. وكذلك إن كان عنينا لم يؤجل لها من قبل أن هذا شيء إن كانت صحيحة كان لها طلبه لتعطاه أو يفارق وإن تركته لم يحمل فيه الزوج على الفراق لأن الفراق

صفحة : 1596

إنما يكون برضاها وامتناعه من الفيء. فلا يكون لأحد طلب أن يفارق بحكم يلزم زوجها غيرها وهي ممن لا طلب له ولو طلبت لم يكن ذلك على الزوج وهكذا الصبية التي لا تعقل في كل ما وصفت. قال: ولو قذف المجنونة وانتفى من ولدها قيل له: إن أردت أن تنفي الولد باللعان فالتعن فإذا التعن وقعت الفرقة بينهما ولا يكون له أن ينكحها أبدآ ولا يرد عليه وينفى عنه الولد لان أكذب نفسه ألحق به الولد ولا يعزر ولم ينكحها أبدأ فإن أبى أن يلتعن فهي امرأته والولد ولده ولا يعزر لها. قال: وأي ولد ولدته ما كانت في ملكه لزمه إلا أن ينفيه بلعان وإن وجد معها ولد فقال: لم تلده ولا قافة وريئت تدرعليه وترضعه وتحنو عليه حنو الأم لم تكن أمه إلا بأن يشهد أربع نسوة أنها ولدته أو يقر هو بأنها ولدته فيلحقه. و. إن كانت قافة فألحقوه بها فهو ولمه إلا أن ينفيه بلعان. وليس للأب في الصبية والمغلوبة على عقلها أن يزوجها عبدآ ولا غير كفء لها. وأنظر كل امرأة كانت بالغأ ثيبآ فدعت إليه كان لأبيها ووليها منعها منه وليس للأب عليها إدخالها فيه ولا للأب ولا للسلطان في واحد منهما أن يزوجها مجنونا ولا مجنوما ولا أبرص ولا مغلوبآ على عقله لأنه قد كان لها لو تزوجته برضاها إذا علمت أن تفسخ نكاحه. وكذلك ليس له أن يزوجها مجبوبأ وكذلك ليس له أن يكره أمته على واحد من هؤلاء بنكاح وله أن يهبها لكل واحد من هؤلاء ويبيعها منه. ولا لولي الصبي أن يزوجه مجنونة ولا جفماء ولا برصاء ولا مغلوبة على عقلها ولا امرأة لا تطيق جماعآ بحال ولا أمة وإن كان لا يجد طولا لحرة لأنه ممن لا يخاف العنت. النكاح بالشهود قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا نكاح للأب في ثيب ولا لولي غير الأب في بكر ولا ثيب غيرمغلوبةعلى عقلها حتى يجمع النكاح أربعا: أن ترضى المرأة المزوجة وهي بالغ والبلوغ أن تحيض أو تستكمل خمس عشرة سنة ويرضى الزوج البالغ وينكح المرأة ولي لا أولى منه أو السلطان ويشهد على عقد النكاح شاهدان عدلان فإن نقص النكاح واحدآ من هذا كان فاسدا قال: ولأبي البكر أن يزوجها صغيرة وكبيرة بغير أمرها وأحب إلي إن كانت بالغا أن يستأمرها وذلك لسيد الأمة في أمته وليس ذلك لسيد العبد في عبده ولا لأحد من الأولياء غير الآباء في البكر. وهكذا لأبي المجنونة البالغ أن يزوجها تزويج الصغيرة البكر بكرأ كانت أو ثيبا وليس ذلك لغير الآباء إلا السلطان.

صفحة : 1597

أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد عن ابن جريج عن عبد الذ بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبيرومجاهد عن ابن عباس قال: لا نكاح إلا بشاهدي عدل وولي مرشد وأحسب مسلم بن خالد قد سمعه من ابن خيثم أخبرنا مالك عن أبي الزبير قال: أتى عمر بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال: هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت نقدمت فيه لرجمت قال: ولو شهد النكاح من لا تجوز شهادته وإن كثروا من أحرار المسلمين أو شهاده عبيد مسلمين أو أهل فمة لم يجز النكاح حتى ينعقد بشاهدين عدلين. قال: وإذا كان الشاهدان لا يردان من جهة التعديل ولا الحرية ولا البلوغ ولا علة في أنفسهما خاصة جاز النكاح. قال: وإذا كانا عدلين عدوين للمرأة أو للرجل فتصاعق الزوجان على النكاح جازت الشهادة لأنها شهادة عدلين. وإن تجاحدا لم يجز النكاح لأني لا أجيز شهادتهما على عدويهما وأحلفت الجاحد منهما فإن حلف برىء وإن نكل رددت اليمين على صاحبه فإن حلف أثبت له النكاح وءإن لم يحلف لم أثبت له نكاحآ. وإن رئي رجل يدخل على امرأة فقالت: زوجي و قال: زوجتي نكحتها بشاهدين عدلين ثبت النكاح وإن لم نعلم الشاهدين. قال: ولو عقد النكاح بغير شهود ثم أشهد بعد ذلك على حياله وأشهدت ووليها على حيالهما لم يجز النكاح ولا نجيز نكاحا إلا نكاحا عقد بحضرة شاهدين عدلين وما وصفت معه. ولا يكون أن يتكلم بالنكاح غير جائز لم يجز إلا بتجديد نكاح كيره. ولوكان الشاهدان عدلين حين حضرا النكاح ثم ساءت حالهما حتى ردت شهادتهما فتصادقا أن النكاح قد كان والشاهدان عدلان أو قامت بذلك بينة جاز وإن قالا: كان النكاح وهما بحالهما لم يجز وقال: إنما أنظر في عقمة النكاح ولا أنظر أين يقومان هذا يخالف الشهادة على الحق غير النكاح في هذا الموضع الشهادة على الحق يوم يقع الحكم ولا ينظر إلى حال الشاهدين قبل أوالشهادة على النكاح يوم يقع العقد. قال: ولو جهلا حال الشاهدين وتصادقا على النكاح بشاهدين جاز النكاح وكانا على العدل حتى أعرف الجرح يوم وقع النكاح وءإذا وقع النكاح ثم أمره الزوجان بكتمان النكاح والشاهدين فالنكاح جائز وأكره لهما السر لثلا يرتاب بهما. ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 1598


ما جاء في النكاح إلى أجل ونكاح من لم يولد قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا قال الرجل للمرأة: قد زوجتك حمل امرأتي وقبلت ذلك المرأة أو أول ولد تلده امرأتي وقبلت ذلك المرأة أو قال ذلك الرجل للرجل في حبل امرأته: قد زوجتك أول نجارية تلدها امرأتي وقبل الرجل فلا يكون شيء من هذا نكاحا أبدأ ولا نكاح لمن لم يولد ألا ترى أنها قد لا تلد جارية وقد لا تلد غلاما أبدأ فإذا كان الكلام منعقدا على غير شيء لم يجز ولا يجوز إلا على عين بعينها. ولوقال الرجل: إذا كان غدا فقد زوجتك ابنتي وقبل ذلك الرجل أو قال رجل لرجل: إذا كان غدا فقد زوجت ابني ابنتك وقبل أبو الجارية والغلام والجارية صغيران لم يجز له لأنه قد يكون غدا وقد مات ابنه أو ابنته أو هما. وإذا انعقد النكاح وانعقاده الكلام به فكان في وقت لا يحل له في الجماع ولا يتوارث الزوجان لم يجز وكان ذلك في معنى المتعة التي تكون زوجة في أيام وغير زوجة في أيام وفي أكثر من معنى المتعة لأنه قد جاءت مدة بعد العقد لم يوجب فيها النكاح ولا يكون هذا نكاحا عندنا ولا عند من أجازنكاح المتعة هذا أفسد من نكاح المتعة. ما يجب به عقد النكاح قال الشافعي: رحمه الله تعالى: واذا خطب الرجل على نفسه فقال: زوجني فلانة أو وكيل الرجل على من وكله فقال ذلك أو أبو الصبي المولى عليه المرأة إلى وليها بعد ما أذنت في إنكاح الخاطب أو المخطوب عليه فقال الولي: قد زوجتك فلانة التي سمى فقد لزم النكاح ولا احتياج إلى أن يقول الزوج أو من ولي عقد نكاحه بوكالته: وقد قبلت إذا بدا فخطب فأجيب بالنكاح. قال: ولو احتجت إلى هذا لم أجز نكاحا أبدا إلا بأن يولي الرجل وتولي المرأة رجلا واحدآ فيزوجهما وذلك أني إذا احتجت إلى أن يقول الخاطب وقد بدأ بالخطبة إذا زوج: قد قبلت لأني لا أدري ما بدا للخاطب احتجت إلى أن يقول ولي المرأة: قد أجزت لأني لا أدري ما بدا له إن كان زوج لم يثبت النكاح إلا بإحداث المنكح قبولا للنكاح ثم احتجت إلى أن أرد القول على الزوج. ثم هكذا على ولي المرأة فلا يجوز بهذا المعنى أبدا ولا يجوز إلا بما وصفت من أن يلي العقد عليهما واحد بوكالتهما. ولكن لو بدأ ولي المرأة فقال لرجل: قد زوجتك ابنتي لم يكن نكاحآ حتى يقول الرجل: قد قبلت لأن هذا ابتداء كلام ليس جواب مخاطبة. وءإن خطب الرجل المرأة فلم يجبه الأب حتى يقول الخاطب: قد رجعت في الخطبة فزوجه الأب بعد

صفحة : 1599

رجوعه كن النكاح مفسوخا لأنه زوج غير خاطب إلا أن يقول بعد تزويج الأب: قد قبلت. ولو خطب رجل إلى رجل فلم يجبه الرجل حتى غلب على عقله ثم زوجه لم يكن هذا نكاحألأنه عقلى من قد بطل كلامه ومن لا يجوز أن يكون وليا. وهكذا لوكان الخاطب المغلوب على عقله بعد أن يخطب وقبل أن يزوج ولكن لو عقد عليه ثم غلب على عقله كان النكاح جائزا إذا عقد ومعه عقله ولو كان هذا في امرأة أذنت في أن تنكح فلم تنكح حتى غلبت على عقلها ثم أنكحت بعد الغلبة على عقلها كان النكاح مفسوخآ لأنه لم يلزمها شيء من النكاح حتى غلب على عقلها فبطل إذنها وهذا كما قلنا في المسألة. قال: ولوزوجت قبل أن تغلب على عقلها ثم غلبت بعد التزويج على عقلها لزمها النكاح. ولو قال الرجل لأبي المرأة: أتزوجني فلانة فقال: قد زوجتكها لم يثبت النكاح حتى يقبل المزوج لأن هذا ليس خطبة وهذا استفهام وإذا خطبها على نفسه ولم يسم صداقآ فزوجه فالنكاح ثابت ولها مهر مثلها. ولو سمى صداقا فزوجه بإذنها كان الصداق له ولها لازمآ. M0ايحرم من النساء بالقرابة أخبرنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: قال الله تبارك وتعالى: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم الآية. قال الشافعي: والأمهات أم الرجل الوالدة وأمهاتها وأمهات آبائه و. إن بعدت الجدات لأنهن يلزمهن اسم الأمهات. والبنات بنات الرجل لصلبه وبنات بنيه وبناتهن وإن سفلن فكلهن يلزمهن اسم البنات كما لزم الجدات اسم الأمهات وإن علون وتباعدن منه. وكذلك ولد الولد وإن سفلوا والأخوات من ولد أبيه لصلبه أو أمه نفسها وعماته من ولد جده الأدنى أو الأقصى ومن فوقهما من أجداده وخالاته من ولدته أم أمه وأمها ومن فوقهما من جداته من قبلها وبنات الأخ كل ما ولد الأخ لأبيه أولأمه أولهما من ولد ولدته والدته فكلهم بنو أخيه وإن تسفلوا وهكذا بنات الأخت. قال الشافعي: وحرم الله تعالى الأخت من الرضاعة فاحتمل تحريمها معنيين: أحدهما إذا ذكر الله تحريم الأم والأخت من الرضاعة فأقامهما في التحريم مقام الأم والأخت من النسب أن تكون الرضاعة كلها تقوم مقام النسب فما حرم بالنسب حرم بالرضاع مثله وبهذا نقول بدلالة سنة رسول الله ﷺ والقياس على القرآن. والآخر: أن يحرم من الرضاع الأم والأخت ولا يحرم سواهما. قال الشافعي: فإن قال قائل: فأين دلالة السنة بأن الرضاعة تقوم مقام النسب قيل له - إن

صفحة : 1600

شاء الله تعالى -: أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله ﷺ قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرتها أن النبي ﷺ كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة فقالت عائشة: فقلت يا رسول الله: هذا رجل يستأذن في بيتك فقال رسول الله ﷺ: أراه فلانآ لعم حفصة من الرضاعة لا فقلت: يا رسول الله لو كان فلان حيآ لعمها من الرضاعة أيدخل علي فقال رسول الله ﷺ: لانعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة أخبرنا عيينة قال: سمعت ابن جدعان قال: سمعت ابن المسيب يحدث عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله هل لك في ابنة عمك بنت حمزة فإنها أجمل فتاة في قريش فقال: أما علمت أن حمزة أخي من الرضاعة وأن الله تعالى حرم من الرضاعة ما حرم من النسب أخبرنا الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي ﷺ في ابنة حمزة مثل حديث سفيان في بنت حمزة. قال الشافعي: وفي نفس السنة أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وأن لبن الفحل يحرم كما يحرم ولادة الأب يحرم لبن الأب لا اختلاف في ذلك. أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عمر بن الشريد أن ابن عباس سئل عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلامأ وأرضعت الأخرى جارية فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية فقال: لا اللقاح واحد أخبرنا سعيد بن سالم قال: أخبرنا ابن جريج أنه سأل عطاء عن لبن الفحل أيحرم فقال: نعم فقلت له أبلغك من ثبت فقال: نعم قال ابن جريج: قال عطاء: وأخواتكم من الرضاعة فهي أختك من أبيك أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عمروبن دينار أخبره أنه سمع أبا الشعثاء يرى لبن الفحل يحرم وقال ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال: لبن الفحل يحرم قال الشافعي: وإذا تزوج الرجل المرأة فماتت أو طلقها قبل أن يدخل بها لم أر له أن ينكح أمها لأن الأم مبهمة التحريم في كتاب الله عز وجل ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب. قال الشافعي: وهذا قول الأكثر من المفتين وقول بعض أصحاب النبي ﷺ أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال: سئل زيد بن ئابت عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها فقال زيد بن ثابت: لا الأم مبهمة ليس فيها

صفحة : 1601

شرط إنما الشرط في الربائب. قال الشافعي: وهكذا أمهاتها وإن بعدن وجداتها لأنهن من أمهات نسائه. قال الشافعي: وإذا تزوج الرجل المرأة فلم يدخل بها حتى ماتت أو طلقها فكل بنت لها وإن سفلن حلال لقول الله عز وجل: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نساثكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم فلونكح امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها ثم نكح ابنتها حرمت عليه أم امرأته وإن لم يدخل بامرأته لأنها صارت من أمهات نسائه وقد كانت قبل من نسائه غير أنه لم يدخل بها. ولو كان دخل بالأم لم تحل له البنت ولا أحد ممن ولدته البنت أبدا لأنهن ربائبه من امرأته التي دخل بها. قال الله عز وجل: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم فأي امرأة نكحها رجل حرمت على أبيه دخل بها الابن أو لم يدخل وكذلك تحرم على جميع آبائه من قبل أبيه وأمه لأن الأبوة تجمعهم معا. وكذلك كل من نكح ولد ولده من قبل النساء والرجل وإن سفلوا لأن الأبوة تجمعهم معا. قال الله تعالى: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف فأي امرأة نكحها رجل حرمت على ولده دخل بها الأب أو لم يدخل بها وكذلك ولد ولده من قبل الرجال والنساء وإن سفلوا لأن الأبوة تجمعهم معآ. قال الشافعي: وكل امرأة أب أو ابن حرمتها على ابنه أو أبيه بنسب فكذلك أحرم إذا كانت امرأة أب أو ابن من الرضاع. فإن قال قائل: إنما قال الله تبارك وتعالى: وحلائل أبنائكم اللذ ين من أصلابكم فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاعة قيل: بما وصفت من جمع الله بين الأم والأخت من الرضاعة وألأم والأخت من النسب في التحريم ثم بأن النبي ﷺ قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فإن قال: فهل تعلم فيم أنزلت. وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم. قيل: الله تعالى أعلم فيم أنزلها فأما معنى ما سمعت متفرقا فجمعته فإن رسول الله ﷺ أراد نكاح ابنة جحش فكانت عند زيد بن حارثة فكان النبى ﷺ تبناه فأمر الله تعالى ذكره أن يدعى الأدعياء لآبائهم: فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين وقال: وما جعل أدعياءكم أبناءكم إلى قوله: ومواليكم وقال لنبيه ﷺ: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج الآية. قال الشافعي: فأشبه - والله تعالى أعلم - أن يكون قوله: وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم دون أدعيائكم الذين تسمونهم أبناءكم ولا يكون الرضاع من هذا في شيء وحرمنا من الرضاع بما حرم الله

صفحة : 1602

قياسآ عليه وبما قال رسول الله ﷺ أنه: يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة . قال الشافعي: في قول الله عزوجل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف وفي قوله: وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه وكان الرجل يجمع بين الأختين فنهى الله عز وجل عن أن يكون منهم أحد يجمع في عمره بين أختين أوينكح ما نكح أبوه إلا ما قد سلف في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه ليس أنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا بينه قبل الإسلام كما أقرهم النبي ﷺ على نكاح الجاهلية الني لا يحل في الإسلام بحال قال الشافعي: وما حرمنا على الأباء من نساء الأبناء وعلى الأبناء من نساء الاباء وعلى الرجل من أمهات نسائه وبنات نسائه اللاتي دخل بهن بالنكاح فأصيب فأما بالزنا فلا حكم للزنا يحرم حلالا فلو زنى رجل بامرأة لم تحرم عليه ولا على ابنه ولا على أبيه. وكذلك لو زنى بأم امرأته أو بنت امرأته لم تحرم عليه امرأته. وكذلك لو كانت تحته امرأة فزنى بأختها لم يجتنب امرأته ولم يكن جامعا بين الأختين. وإن كانت الإصابة بنكاح فاسد احتمل أن يحرم من قبل أن يثبت فيه النسب ويؤخذ فيه المهر ويحرأ فيه الحد وتكون فيه العدة وهذا حكم الحلال وأحب إلي أن يحرم به من غير أن يكون واضحآ. لالا نكح رجل امرأة نكاحا فاسدا فأصابها لم يحل له - عندي - أن ينكح أمها ولا ابنتها ولا ينكحها أبوه ولا ابنه. وإن لم يصب الناكح نكاحآ فاسدأ لم يحرم عليه النكاح الفاسد بلا إصابة فيه شيئا من قبل أن حكمه لا يكون فيه صداق ولا يلحق فيه طلاق ولا شيء مما بين الزوجين. قال الشافعي: وقد قال غيرنا: لا يحرم النكاح الفاسد وإن كان فيه الإصابة كما لا يحرم الزنا لأنها ليست من الأزواج ألا ترى أن الطلاق لا يلحقها ولا ما بين الزوجين. وقد قال غيرنا وغيره: كل ما حرمه الحلال فالحرام أشد له تحريما. قال الشافعي: وقد وصفنا في كتاب الاختلاف ذكر وغيره. وجماعه أن الله عز وجل إنما أثبت الحرمة بالنسب والصهر وجعل ذلك نعمة من نعمه على خلقه فمن حرم من النساء على الرجال فيحرمه الرجال عليهن ولهن على الرجال من الصهر كحرمة النسب. وذلك أنه رضي النكاح وأمر به وندب إليه فلا يجوز أن تكون الحرمة التي أنعم الله تعالى بها على أن من أتى شيئآ دعاه الله تعالى إليه كالزاني العاصي لله الذي حده الله وأوجب له النار إلا أن يعفو عنه وذلك أن التحريم بالنكاح إنما هو نعمة لا نقمة فالنعمة التي تثبت بالحلال لا تثبت بالحرام الني جعل الله فيه النقمة عاجلا وآجلا. وهكذا

صفحة : 1603

لو زنى رجل بأخت امرأته لم يكن هذا جمعآ بينهما ولم يحرم عليه أن ينكح أختها التي زنى بها مكانها. قال الشافعي: وإذا حرم من الرضاع ما حرم من النسب لم يحل له أن ينكح من بنات الأم التي أرضعته وإن سفلن وبنات بنيها وبناتها وكل من ولدته من قبل ولد ذكر أو أنثى امرأة وكذلك أمهاتها وكل من ولدها لأنهن بمنزلة أمهاته وأخواته وكذلك أخواتها لأنهن خالاته وكذلك عماتها وخالاتها لأنهن عمات أمه وخالات أمه وكذلك ولد الرجل الذي أرضعته لبنه وأمهاته وأخواته وخالاته وعماته وكذلك من أرضعته بلبن الرجل الذي أرضعته من الأم التي أرضعته أو غيرها وكذلك من أرضع بلبن ولد المرأة التي أرضعته من أبيه الذي أرضعه بلبنه أو زوج غيره. قال الشافعي: وإذا أرضعت المرأة مولودا فلا بأس أن يتزوج المرأة المرضع أبوه ويتزوج ابنتها وأمها لأنها لم ترضعه هو وكذلك إن لم يتزوجها الأب فلا بأس أن يتزوجها أخو المرضع الذي لم ترضعه هو لأنه ليس ابنها وكذلك يتزوج ولدها. ولا بأس أن يتزوج الغلام المرضع ابنة عمه وابنة خاله من الرضاع كما لا يكون بذلك بأس من النسب. ولا يجمع الرجل بين الأختين من الرضاعة بنكاح ولا وطء ملك وكذلك المرأة وعمتها من الرضاعة يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وفوات المحرم من الرضاعة مما يحرم من نكاحهن ويسافر بهن كذوات المحرم من النسب وسواء رضاعة الحرة والأمة والذمية كلهن أمهات وكلهن يحرمن كما تحرم الحرة لا فرق بينهن. وسواء وطئت الأمة بملك أو نكاح كل ذلك يحرم ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها من الرضاع والنسب. قال الشافعي: ولو شرب غلام وجارية لبن بهيمة من شاة أو بقرة أو ناقة لم يكن هذا رضاعآ إنما هذا كالطعام والشراب ولا يكون محرمأ بين من شربه إنما يحرم لبن الآدميات لا البهائم. وقال الله تعالى: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وقال في الرضاعة: فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن و وقال عز وجل ذكره: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة . قال الشافعي: فأخبر الله عز وجل أن كمال الرضاع حولان وجعل على الرجل يرضع له ابنه أجر المرضع والأجر على الرضاع لا يكون إلا على ماله مددة معلومة. قال الشافعي: والرضاع اسم جامع يقع على المصة وأكثر منها إلى كمال رضاع الحولين وبقع على كل رضاع وإن كان بعد الحولين. قال الشافعي: فلما كان هكذا وجب على أهل العلم طلب الدلالة هلى يحرم الرضاع بأقل ما يقع عليه اسم الرضاع أو معنى من الرضاع دون غيره قال الشافعي: أخبرنا مالك

صفحة : 1604

عن عبد الله بن أبي بكربن محمد بن عمروبن حزم عن عمرة عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان فيما أنزل الله تعالى في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي ﷺ وهن مما يقرأ من القرآن أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أنها كانت تقول: نزل القرآن بعشررضعات معلومات يحرمن ثم صيرن إلى خمس يحرمن فكان لا يدخل على عائشة إلا من استكمل خمس رضعات أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن الحجاج بن الحجاج أظنه عن أبي هريرة قال: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أن النبي ﷺ قال: لا تحرم المصة والمصتان ولا الرضعة ولا الرضعتان أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة أن النبي ﷺ أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالمآ خمس رضعات تحرم بلبنها ففعلت فكانت تراه ابنا أخبرنا مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله أخبره أن عائشة أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم فأرضعته ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعه غير ثلاث رضعات فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أني لم يتم لي عشر رضعات قال الشافعي: أمرت به عائشة أن يرضع عشرأ لأنها أكثر الرضاع ولم يتم له خمس فلم يدخل عليها ولعل سالما أن يكون ذهب عليه قول عائشة في العشر الرضعات فنسخن بخمس معلومات فحدث عنها بما علم من أنه أرضع ثلاثا فلم يكن يدخل عليها وعلم أن ما أمرت أن يرضع عشرأ فرأى أنه إنما يحل الدخول عليها عشر وإنما أخذنا بخمس رضعات عن النبي ﷺ بحكاية عائشة أنهن يحرمن وأنهن من القرآن. قال الشافعي: ولا يحرم من الرضاع إلا خمس رضعات متفرقات وذلك أن يرضع المولود ثم يقطع الرضاع ثم يرضع. ثم يقطع الرضاع فإذا رضع في واحدة منهن ما يعلم أنه قد وصل إلى جوفه ما قل منه أوأكثرفهي رضعة وإذا قطع الرضاع ثم عاد لمثلها أو أكثر فهي رضعة. قال الشافعي: وإن التقم المرضع قال الشافعي: ثم لها بشيء قليلا ثم عاد كانت رضعة واحمة. ولا يكون القطع إلا ما انفصل انفصالا بينآ كما يكون الحالف لا يأكل بالنهار إلا مرة فيكون يأكل ويتنفس بعد الازدراد إلى أن يأكل فيكون ذلك مرة وإن طال. قال الشافعي: ولو قطع ذلك قطعا بينا بعد قليل أوكثير من الطعام ثم أكل كان حانثا وكان هذا أكلتين. قال الشافعي: ولو أخذ ثديها

صفحة : 1605

الواحد فأنفد ما فيه ثم تحول إلى الآخر مكانه فأنفد ما فيه كانت هذه رضعة واحدة لأن الرضاع قد يكون بقية النفس والإرسال والعودة كما يكون الطعام والشراب بقية النفسر وهو طعام واحد ولا ينظر في هذا إلى قليل رضاعه ولا كثيره إذا وصل إلى جوفه منه شيء فهورضعة وما لم يتم خمسا لم يحرم بهن. قال الشافعي: والوجور كالرضاع وكذلك السعوط لأن الرأس جوف. قال الشافعي: فإن قال قائل: فلم لم تحرم برضعة واحدة وقد قال بعض من مضى: أنها تحرم قيل: بما حكينا أن عائشة تحكي أن الكتاب يحرم عشر رضعات ثم نسخن بخمس وبما حكينا أن النبي ﷺ قال: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان وأمر رسول الله ﷺ أن يرضع سالم خمس رضعات يحرم بهن فدل ما حكت عائشة في الكتاب وما قال رسول الله ﷺ أن الرضاع لا يحرم به على أقل اسم الرضاع ولم يكن في أحد مع النبي ﷺ حجة. وقد قال بعض من مضى بما حكت عائشة في الكتاب ثم في السنة والكفاية فيما حكت عائشة في الكتاب ثم في السنة فإن قال قائل: فما يشبه هذا قيل: قول الله عز وجل: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما فسن النبي القطع في ربع دينار وفي السرقة من الحرز وقال تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة فرجم النبي ﷺ الزانيين الثيبين ولم يجلدهما فاستدللنا بسنة رسول الله ﷺ على أن المراد بالقطع من السارقين والمائة من الزناة بعض الزناة لدون بعض وبعض السارقين لدون بعض لا من لزمه اسم سرقة وزنا فهكذا استدللنا بسنة رسول الله ﷺ أن المراد بتحريم الرضاع: بعض المرضعين دون بعضى لا من لزمه اسم رضاع. ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 1606


رضاعة الكبير قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال: أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعةوكان من أصحاب النبي ﷺ قد كان شهد بدرآ - وكان قد تبنى سالمآ الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة كما تبنى رسول الله ﷺ زيد بن حارثة فأنكح أبو حذيفة سالما وهو يرى أنه ابنه فأنكحه ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهي يومئذ من المهاجرات الأول وهي يومئذ من أفضل أيامى قريش فلما أنزل الله عز وجل في زيد بن حارثة ما أنزل فقال: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم رد كل واحد من أولثك من تبنى إلى أبيه. فإن لم يعلم أباه رده إلى الموالي فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالمآ ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه فقال رسول الله ﷺ فيما بلغنا: أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها ففعلت فكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت عائشة بذلك فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال والنساء وأبى سائر أزواج النبي ﷺ أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن: ما نرى الذي أمر به رسول الله ﷺ سهلة بنت سهيل إلا رخصة في سالم وحده من رسول الله ﷺ لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد فعلى هذا من الخبر كان أزواج النبي ﷺ في رضاعة الكبير. قال الشافعي: وهذا - والله تعالى أعلم - في سالم مولى أبي حذيفة خاصة. قال الشافعي: فإن قال قائل: مما دل على ما وصفت قال الشافعي: فذكرت حليث سالم الذي يقال له: مولى أبي حنيفة عن أم سلمة عن النبي ﷺ أنه أمر امرأة أبي حذيفة أن ترضعه خمس رضعات يحرم بهن وقالت أم سلمة في الحديث وكان ذلك في سالم خاصة وإذا كان هذا لسالم خاصة فالخاص لا يكون إلا مخرجا من حكم العام وإذا كان مخرجا من حكم العام فالخاص غير العام ولا يجوز في العام إلا أن يكون رضاع الكبير لا يحرم ولا بد إذا اختلف الرضاع في الصغير والكبير من طلب الدلالة على الوقت الذي إذا صار إليه المرضع فأرضع لم يحرم. قال: والدلالة على الفرق بين الصغير والكبير موجودة في كتاب الله عز وجل. قال الله

صفحة : 1607

تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة فجعل الله عز وجل تمام الرضاع حولين كاملين. وقال: فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما . يعني - والله تعالى أعلم - قبل الحولين فدل على أن إرخاصه عز وجل في فصال الحولين على أن ذلك إنما يكون باجتماعهما على فصاله قبل الحولين وذلك لا يكون - والله تعالى أعلم - إلا بالنظر للمولود من والديه أن يكونا يريان أن فصاله قبل الحولين خير له من إتمام الرضاع له لعلة تكون به أو بمرضعته وأن لا يقبل رضاع غيرها أو ما أشبه هذا. وما جعل الله تعالى له غاية فالحكم بعد مضي الغاية فيه غيره قبل مضيها. فإن قال قائل: وما ذلك قيل: قال الله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة . الاية فكان لهم أن يقصروا مسافرين وكان في شرط القصر لهم بحال موصوفة دليل على أن حكمهم في غير تلك الصفة غير القصر. وقال تعالى: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء . فكن إذا مضت الثلاثة الأقراء فحكمهن بعد مضيها غير حكمهن فيها. قال الشافعي: فإن قال قائل: فقد قال عروة: قال غير عائشة من أزواج النبي ﷺ: ما نرى هذا من النبي ﷺ إلا رخصة في سالم. قيل: فقول عروة عن جماعة أزواج النبي ﷺ غير عائشة لا يخالف قول زينب عن أمها أن ذلك رخصة مع قول أم سلمة في الحديث هو خاصة وزيادة قول غيرها ما نراه إلا رخصة مع ما وصفت من دلالة القرآن وإني قد حفظت عن عدة ممن لقيت من أهل العلم أن رضاع سالم خاص. فإن قال قائل: فهل في هذا خبر عن أحد من أصحاب النبي ﷺ بما قلت في رضاع الكبير قيل: نعم. أخبرنا مالك عن أنس عن عبد الله بن دينار قال: جاء رجل إلى ابن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير فقال ابن عمر: جاء رجل إلى عمربن الخطاب فقال: كانت لي وليمة فكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت: دونك فقد والله أرضعتها. فقال عمر بن الخطاب: أوجعها وائت جاريتك فإنما الرضاع رضاع الصغير أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: لا رضاع إلا لمن أرضع في الصغر. أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا موسى قال: رضاعة الكبير ما أراها إلا تحرم فقال ابن مسعود: انظر ما يفتي به الرجل فقال أبو موسى: فما تقول أنت فقال: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم. قال الشافعي: فجماع فرق ما

صفحة : 1608

بين الصغير والكبير أن يكون الرضاع في الحولين فإذا أرضع المولود في الحولين خمس رضعات كما وصفت فقد كمل رضاعه الذي يحرم. قال الشافعي: وسواء أرضع المولود أقل من حولين ثم قطع رضاعه ثم أرضع قبل الحولين أو كان رضاعه متتابعا حتى أرضعته امرأة أخرى في الحولين خمس رضعات ولو توبع رضاعه فلم يفصل ثلاثة أحوال أو حولين أو ستة أشهر أو أقل أو أكثر فأرضع بعد الحولين لم يحرم الرضاع شيئا وكان بمنزلة الطعام والشراب. ولو أرضع في الحولين أربع رضعات وبعد الحولين الخامسة وأكثر لم يحرم ولا يحرم من الرضاع إلا ما تم خمس رضعات في الحولين وسواء فيما يحرم الرضاع والوجور. وإن خلط للمولود لبن في طعام فيطعمه كان اللبن الأغلب أو الطعام إذا وصل اللبن إلى جوفه وسواء شيب له اللبن بماء كثير أو قليل إذا وصل إلى جوفه فهو كله كالرضاع ولو جبن له اللبن فأطعم جبنا كان كالرضاع. وكذلك لو استسعطه لأن الرأس جوف ولو حقنه كان في الحقنة قولان: أحدهما أنه جوف وذلك أنها تفطر الصائم لو احتقن والآخر أن ما وصل إلى الدماغ كما وصل إلى المعدة لأنه يغتذي من المعلة وليست كذلك الحقنة. قال الشافعي: ولو أن صبيا أطعم لبن امرأة في طعام مرة وأوجره أخرى وأسعطه أخرى وأرضع أخرى ثم أوجره وأطعم حتى يتم له خمس مرات كان هذا الرضاع الذي يحرم كل واحد من هذا يقوم مقام صاحبه وسواء لو كان من صنف هذا خمس مرار أو كان هذا من أصناف شتى. وإذا لم تتم له الخامسة إلا بعد استكمال سنتين لم يحرم وإن تمت له الخامسة حين يرضع الخامسة فيصل اللبن إلى جوفه أو ما وصفت أنه يقوم مقام الرضاع مع مضي سنتين قبل كمالها فقد حرم وإن كان ذلك قبل كمالها بطرفة عين أو مع كمالها إذا لم يتقدم كمالها. ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 1609


في لبن الرجل والمرأة قال الشافعي: رحمه الله تعالى: واللبن إذا كان من حمل ولا أحسبه يكون إلا من حمل فاللبن للرجل والمرأة كما يكون الولد للرجل والمرأة فانظر إلى المرأة ذات اللبن فإن كان لبنها نزل بولد من رجل نسب ذلك الولد إلى والده لأن حمله من الرجل فإن رضع به مولود فالمولود أو المرضع بذلك اللبن ابن الرجل الذي الابن ابنه من النسب كما يثبت للمرأة وكما يثبت الولد منه ومنها. وإن كان اللبن الذي أرضعت به المولود لبن ولد لا يثبت نسبه من الرجل الذي الحمل منه فأسقط اللبن فلا يكون المرضع ابن الذي الحمل منه إذا سقط النسب الذي هو أكبر منه سقط اللبن الذي أقيم مقام النسب في التحريم فإن النبي ﷺ قال: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب . وبحكاية عائشة تحريمه في القرآن. قال الشافعي: فإن ولدت امرأة حملت من الزنا اعترف الذي زنا بها أو لم يعترف فارضعت مولودا فهو ابنها ولا يكون ابن الذي زنى بها. وأكره له في الورع أن ينكح بنات الذي ولد له من زنا كما أكرهه للمولود من زنا. وإن نكح من بنائه أحدا لم أفسخه لأنه ليس بابنه في حكم رسول الله ﷺ فإن قال قائل: فهل من حجة فيما وصفت قيل: نعم قضى النبي ﷺ بابن أمة زمعة لزمعة وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى منه من شبهه بعتبة فلم يرها وقد قضى أنه أخوها حتى لقيت الله عز وجل لأن ترك رؤيتها مباح وإن كان أخا لها وكذلك ترك رؤية المولود من نكاح أخته مباح وإنما منعني من فسخه أنه ليس بابنه إذا كان من زنا. قال الشافعي: ولو أن بكرا لم تمسس بنكاح ولا غيره أو ثيبا ولم يعلم لواحدة منهما حمل نزل لهما لبن فحلب فخرج لبن فأرضعتا به مولودا خمس رضعات كان ابن كل واحدة منهما ولا أب له وكان في غير معنى ولد الزنا وإن كانت له أم ولا أب له لأن لبنه الذي أرضع به لم ينزل من جماع. قال الشافعي: ولو أن امرأة أرضعت ولا يعرف لها زوج ثم جاء رجل فادعى أنه كان نكحها صحيحا وأقر بولدها وأقرت له بالنكاح فهو ابنها كما يكون الولد. قال الشافعي: ولو أن امرأة نكحت نكاحا فاسدا فولدت من ذلك النكاح ولدا وكان النكاح بغير ولي أو بغير شهود عدول أو أي نكاح فاسد ما كان ما خلا أن تنكح في عدتها من زوج يلحق به النسب أو حملت فنزل لها لبن فأرضعت به مولودا كان ابن الرجل الناكح نكاحا فاسدا والمرأة المرضع كما يكون الحمل ابن الناكح نكاحا صحيحا. قال الشافعي: ولو أن امرأة نكحت في عدتها من

صفحة : 1610

وفاة زوج صحيح أو فاسد أو طلاقه رجلا ودخل بها في عدتها فأصابها فجاءت بحمل فنزل لها لبن أو ولدت فأرضعت بذلك اللبن مولودأ كان ابنها وكان أشبه عنده - والله تعالى أعلم - أن يكون موقوفا في الرجلين معا حتى يرى ابنها القافة فأي الرجلين ألحقته القافة لحق الولد وكان المرضعع ابن الذي يلحق به الولد وسقطت عنه أبوة الذي سقط عنه نسب الولد. قال الشافعي: ولو كان حمل المرأة سقطا لم يبن خلقه أو ولدت ولدا فمات قبل أن يراه القافة فأرضعت مولودا لم يكن المولود المرضع ابن واحد منهما دون الآخر في الحكم كما لا يكون المولود ابن واحد منهما دون الآخر في الحكم والورع أن لا ينكح ابنة واحد منهما وأن لا يرى واحد منهما بناته حسرا ولا المرضعة إن كانت جارية ولا يكون مع هذا محرما لهن يخلو أو يسافر بهن. ولو كان المولود عاش حتى تراه القافة فقالوا: هو ابنهما معا فأمر المولود موقوف فينتسب إلى أيهما شاء فإذا انتسب إلى أحدهما انقطع عنه أبوة الذي ترك الانتساب إليه ولا يكون له أن يترك الانتساب إلى أحدهما دون الآخر يجبر أن ينتسب إلى أحدهما وإن مات قبل أن ينتسب أو بلغ معتوها لم يلحق بواحد منهما. حتى يموت وله ولد فيقوم ولده مقامه في أن ينتسبوا إلى أحدهما أو لا يكون له ولد فيكون ميراثه موقوفا. قال الشافعي: وهذا موضع فيه قولان: أحدهما أن المرضع مخالف للابن لأنه يثبت للابن على الأب وللأب على الابن حقوق الميراث والعقل والولاية للدم ونكاح البنات وغير ذلك من أحكام البنين ولا يثبت للمرضع على ابنه الذي أرضعه ولا لابنه الذي أرضعه عليه من ذلك شيء ولعل العلة في الامتناع من أن يكون ابنهما معا لهذا السبب فمن ذهب هذا المذهب جعل المرضع ابنهما معا ولم يجعل له الخيار في أن يكون ابن أحدهما دون الآخر وقال ذلك في المسائل قبله التي في معناها. والقول الثاني: أن يكون الخيار للولد فأيهما اختار الولد أن يكون أباه فهو أبوه وأبو المرضع ولا يكون للمرضع أن يختار غير الذي اختار المولود لأن الرضاع تبع للنسب فإن مات المولود ولم يختر كان للمرضع أن يختار أحدهما فيكون أباه وينقطع عنه أبوة الآخر. والورع أن لا ينكح بنات الآخر ولا يكون لهن محرما يراهن بانقطاع أبوته عنه. قال الشافعي: وإذا أرضعت المرأة رجلا بلبن ولد فانتفى أبو المولود منه فلاعنها فنفى عنه نسبه لم يكن أبا للمرضع فإن رجع الأب بنسبه إليه ضرب الحد ولحق به الولد ورجع إليه إلا أن يكون أبا المرضع من الرضاعة. قال الشافعي: ولو أن امرأة طلقها زوجها وقد دخل بها أو

صفحة : 1611

مات عنها وهي ترضع وكانت تحيض في رضاعها ذلك ثلاث حيض ولبنها دائم أرضعت مولودا فالمولود ابنها وابن الزوج الذي طلق أو مات واللبن منه لأنه لم يحدث لها زوج غيره. قال الشافعي: ولو تزوجت زوجا بعد انقطاع لبنها أو قبله ثم انقطع لبنها وأصابها الزوج فثاب لبنها ولم يظهر بها حمل فاللبن من الزوج الأول ومن أرضعت فهو ابنها وابن الزوج الأول ولا يكون ابن الآخر. قال الشافعي: ولو أحبلها الزوج الآخر بعد انقطاع لبنها من الزوج الأول فثاب لبنها سئل النساء عن الوقت الذي يثوب فيه اللبن ويبين الحمل فإن قلن: الحمل لو كان من امرأة بكر أو ثيب ولم تلد قط أو امرأة قد ولدت لم يأت لها لبن في هذا الوقت إنما يأتي لبنها في الثامن من شهورها أو التاسع فاللبن للأول فإن دام فهو ابن للأول ما بينه وبين أن يبلغ الوقت الذي يكون لها فيه لبن من حملها الأخر. قال الشافعي: وإذا ثاب لها اللبن في الوقت الذي يكون لها فيه لبن من حملها الآخر كان اللبن من الأول بكل حال لأني على علم من لبن الأول وفي شك من أن يكون خلطه لبن الآخر فلا أحرم بالشك شيئا وأحب له أن يتوقى بنات الزوج الآخر في هذا الوقت. قال الشافعي: ولو شك رجل أن تكون امرأة أرضعته خمس رضعات قلت: الورع أن يكف عن رؤيتها حاسرا ولا يكون محرما لها بالشك ولو نكحها أو أحدا من بناتها لم أفسخ النكاح لأني على غير يقين من أنها أم. قال الشافعي: ولو كان لبنها انقطع فلم يثب حتى كان هذا الحمل الآخر في وقت يمكن أن يثوب فيه اللبن من الآخر ففيها قولان: أحدهما أن اللبن بكل حال من الأول وإن ثاب بتحريك نطفة الآخر فهو كما يثوب بأن ترحم المولود فتدر عليه وتشرب الدواء أو تأكل الطعام الذي يزيد في اللبن فتمر عليه. والقول الثاني: أنه إذا انقطع انقطاعا بينا ثم ثاب فهو من الآخر وإن كان لا يثوب بحال من الآخر لبن ترضع به حتى تلد أمه فهو من الأول في جميع هذه الأقاويل وان كان يثوب شيء ترضع به وإن قل فهو منهما معا. فمن لم يفرق بين اللبن والولد قال: هو للأول أبدا لأنه لم يحدث ولدا ولم يكن ابن لآخر إذا كان ابن الأول من الرضاعة ومن فرق بينهما قال: هو منهما معا. قال الشافعي: وإن طلقت امرأة فلم ينقطع لبنها وكانت تحيض وهي ترضع فحاضت ثلاث حيض ونكحت زوجا فدخل بها فأصابها فحملت فلم ينقطع اللبن حتى ولدت فالولاد قطع اللبن الأول ومن أرضعته فهو ابنها وابن الزوج الآخر لا يحل له أحد ولدته ولا ولده الزوج الآخر لأنه أبوه ويحل له ولد الأول من غير المرأة التي أرضعته لأنه ليس بأبيه. قال الشافعي: ولو أرضعت امرأة صبيا أربع رضعات ثم

صفحة : 1612

حلب منها لبن ثم ماتت فأوجره الصبي بعد موتها كان ابنها كما يكون ابنها لو أرضعته خمسا في الحياة. قال الشافعي: ولو رضعها الخامسة بعد موتها أو حلب منها لبن بعد موتها فأوجره لم يحرم لأنه لا يكون للميت فعل له حكم بحال. ولو كانت نائمة فحلبت فأوجره صبي حرم لأن لبن الحية يحل ولا يحل لبن الميتة. وإن الحية النائمة يكون لها جناية بأن تنقلب على إنسان أو تسقط عليه فتقتله فيكون فيه العقل ولو تعقل إنسان بميتة أو سقطت عليه فقتلته لم يكن له عقل لأنها لا جناية لها. قال الشافعي: ولو كانت لم تكمل خمس رضعات فحلب لها لبن كثير فقطع ذلك اللبن فأوجره صبي مرتين أو ثلاثا حتى يتم خمس رضعات لم يحرم لأنه لبن واحد ولا يكون إلا رضعة واحدة وليس كاللبن يحدث في الثدي كلما خرج منه شيء حدث غيره فيفرق فيه الرضاع حتى يكون خمسا. قال الربيع: وفي قول آخر: أنه حلب منها لبن فأرضع به الصبي مرة بعد مرة فكل مرة تحسب رضعة إذا كان بين كل رضعتين قطع بين فهو مثل الغذاء إذا تغذى به ثم قطع الغذاء القطع البين ثم عاد له كان أكلتين وإن كان الطعام واحدا. وكذلك إذا قطع عن الصبي الرضاع القطع البين وإن كان اللبن واحدا. قال الشافعي: ولو تزوج رجل صبية ثم أرضعتها أمه التي ولدته أو أمه من الرضاعة أو ابنته من نسب أو رضاع أو امرأة ابنه من نسب أو رضاع بلبن ابنه حرمت عليه الصبية أبدا وكان لها عليه نصف المهر ورجع على التي أرضعتها بنصف صداق مثلما تعمدت إفساد النكاح أو لم تتعمده لأن كل من أفسد شيئا ضمن قيمة ما أفسد تعمد الفساد أو لم يتعمده وقيمته نصف صداق مثلها لأن ذلك قيمة ما أفسدت منها مما يلزم زوجها كان أكثر من نصف ما أصدقها أو أقل إن كان أصدقها شيئا أو لم يسم لها صداقا لأن ذلك أقل ما كان وجب لها عليه بكل حال إذا لم يكن هو طلقها قبل أن يسمي لها شيئا. قال الشافعي: وإنما منعني أن ألزمه مهرها كله: أن الفرقة إذا وقعت بإرضاعها ففساد نكاحها غير جناية إلا بمعنى إفساد النكاح وإفساد النكاح كان بالرضاع الذي كان قبل نكاحه جائزا لها وبعد نكاحه إلا بمعنى أن يكون فسادا عليه فلما كان فسادا عليه ألزمتها ما كان لازما للزوج في أصل النكاح وذلك نصف مهر مثلها. وإنما منعني أن ألزمها نصف المهر الذي لزمه بتسميته أنه شيء حابى به في ماله وإنما يغرم له إذا أفسد عليه ثمن ما استهلك عليه مما لزمه ولا أزيد عليها في ذلك شيئا على ما لزمه كما لو اشترى سلعة بمائة استهلكها وقيمتها خمسون لم يغرم مائة. وإنما منعني أن أغرمها الأقل من نصف مهر مثلها أو ما

صفحة : 1613

سمى لها أن أباها لو حاباه في صداقها كان عليه نصف مهر مثلها فلم أغرمها إلا ما يلزمه أو أقل منه إن كان قيمة نصف مهر مثلها أقل مما أصدقها. وإنما منعني من أن أسقط عنها الغرم وإن كان لم يفرض لها صداقا أنه كان حقا لها عليه مثل نصف مهر مثلها إن طلقها ولأني لا أجيز لأبيها المحاباة في صداقها فإنما أغرمتها ما لزمه بكل حال وأبطلت عنها محاباته كهبته. وإنما يكون للمرأة المتعة إذا طلقت ولم يسم لها إذا كانت تملك مالها كما يكون العفو لها فأما الصبية فلا تملك مالها ولا يكون لأبيها المحاباة في مالها. قال الشافعي: ولو تزوج امرأة فلم يصبها حتى تزوج عليها صبية ترضع فأرضعتها حرمت عليه المرأة الأم بكل حال لأنها من أمهات نسائه ولا نصف مهر ولا متعة لها لأنها أفسحت نكاح نفسها. ويفسد نكاح الصبية بلا طلاق لأنها صارت في ملكه وأمها معها ولأن التي أرضعتها لم تصر أمها وهذه ابنتها إلا في وقت فكانتا في هذا الموضع كمن ابتدأ نكاح امرأة وابنتها فلها نصف المهر بفساد النكاح فيرجع على امرأته التي أرضعتها بنصف مهر مثلها. قال الشافعي: ولو كان نكح صبيتين فأرضعتهما امرأته الرضعة الخامسة جميعا معا فسد نكاح الأم كما وصفت ونكاح الصبيتين معا ولكل واحدة منهما نصف المهر الذي سمى لها ويرجع على امرأته بمثل نصف مهر كل واحدة منهما فإن لم يكن سمى لها مهرا كان لكل واحدة منهما نصف مهر مثلها وتحل له كل واحدة منهما على الانفراد لأنهما ابنتا امرأة لم يدخل بها. ولو كانت له ثلاث زوجات صبايا فأرضعت اثنتين الرضعة الخامسة معا ثم أزالت الواحدة فأرضعت الثالثة لم تحرم الثالثة وحرمت الاثنتان اللتان أرضعتا الخامسة معا لأن الثالثة لم ترضع إلا بعد ما حرمت هاتان وحرمت الأم عليه فكانت الثالثة غير أخت للمرأتين إلا بعد ما حرمتا عليه وغير مرضعة الرضعة الخامسة من الأم إلا بعد أن بانت الأم منه ولو أرضعت إحداهن الرضعة الخامسة ثم أرضعت الأخريين الرضعة الخامسة حرمت عليه الأم ساعة أرضعت الأولى الرضعة الخامسة لأنها صارت من أمهات نسائه والمرضعتان الرضعة الخامسة معا للأم ولم تكن أما إلا والابنة معقود عليها نكاح الرجل في وقت واحد والاثنتان أختان فينفسخ نكاحهما معا وحرمت الاثنتان بعد حين صارتا أختين معا ويخطب واحدة منهما على الانفراد. وإن أرضعت الأخريين بعد متفرقين لم تحرما عليه معا لأنها لم ترضع واحدة منهما إلا بعد ما بانت منه هي والأولى ولكن ثبتت عقدة التي أرضعتها بعد ما بانت الأولى ويسقط نكاح التي أرضعت بعدها لأنها أخت امرأته فكانت كامرأة

صفحة : 1614

نكحت على أختها. قال الربيع: وفيه قول آخر: أنها إذا أرضعت الرابعة خمس رضعات فقد أكملت الثالثة والرابعة خمس رضعات وبهن حرمت الرابعة فكأنه جامع بين الأختين من الرضاعة فينفسخن معا ويتزوج من شاء منهن. قال الشافعي: ولو أرضعت واحدة خمس رضعات ثم أرضعت الأخريين خمسا معا حرمت عليه الأم بكل حال وانفسخ عليه نكاح البنت الأولى مع الأم وحرمت الأخريان لأنهما صارتا أختين في وقت معا. قال الشافعي: ولو كن ثلاثا صغارا وواحدة لم يدخل بها ولها بنات مراضع فأرضعت البنات الصغار واحدة بعد أخرى فسد نكاح الأم ولم يحل بحال ولها نصف المهر ويرجع الزوج على التي أكملت أولا خمس رضعات لأي نسائه أكملت بنصف مهر مثلها ونصف مهر مثل أمها فإن كن أكملن إرضاعهن معا انفسخ نكاحهن معا ويرجع على كل واحدة منهن بنصف مهر التي أرضعت. قال الشافعي: ولو كانت واحدة فأكملت رضاعها خمسا قبل تبين فسخ نكاح التي أكملت رضاعها أولا ولا ينفسخ نكاح التي أكملت رضاعها بعدها لأنها لم ترضع حتى بانت أمها وأختها منه ثم يفسخ النكاح التي أكملت رضاعها بعدها لأنها صارت أخت امرأة له ثابتة النكاح فكانت كالأخت المنكوحة على أختها. قال الشافعي: وكذلك بناتها من الرضاعة وبنات بناتها كلهن يحرم من رضاعهن كما يحرم من رضاعها. قال الشافعي: ولو كان دخل بامرأته وكانت أرضعتهن أو أرضعهن ولدها كان لها المهر بالمسيس وحرمت عليه التي أرضعتها وأرضعها ولدها وسواء كانت أرضعت الاثنين معا أو أرضعتهن ثلاثتهن معا أو متفرقات يفسد نكاحهن على الأبد لأنهن بنات امرأة دخل بها وكذلك كل من أرضعته تلك المرأة وولدها. قال الشافعي: ولو كانت المسألة بحالها ولم يدخل بامرأته فأرضعتهن أم امرأته أو جدتها أو أختها أو بنت أختها كان القول كالقول في بناتها إذا أرضعتهن هن ولم ترضع هي يفسد نكاحها ويكون لها نصف مهر مثلها إذا لم يكن دخل بها ويرجع به على التي أكملت أولا من نسائه خمس رضعات لأنها صيرتها أم امرأته فيفسد نكاح التي أرضعت أولا وامرأته الكبيرة معا ويرجع بنصف مهر مثل التي فسد نكاحهن كلهن ويرجع بأنصاف مهورهن ولا تخالف المسألة قبلها إلا في خصلة أن زوجاته الصغار لا يحرمن عليه في كل حال وله أن يبتدئ نكاح أيتهن شاء على الانفراد لأن الذي حرمن به أو حرم منهن إنما كن أخوات امرأته من الرضاعة أو بنات أختها أو أختها فحرم أن يجمع بينهن ولا يحرمن على الانفراد. قال الشافعي: ولو كان دخل بها حرم نكاح من

صفحة : 1615

أرضعته أمهاتها بكل حال ولم يحرم نكاح من أرضعته أخواتها وبنات أختها بكل حال وكان له أن يتزوج اللاتي أرضعته أخواتها إن شاء على الانفراد ويفسخ نكاح الأولى منهن وامرأته معا ولا يفسد نكاح اللاتي بعدها لأنهن أرضعن بعد ما بانت امرأته فلم يكن جامعا بينهن وبين عمة لهن ولا خالة لهن إلا أن ترضع منهن امرأة واحدة أو اثنتين معا فيفسد نكاحهما بأنهما أختان. قال الشافعي: وإذا أرضعت أجنبية امرأته الصغيرة لم يفسد نكاح امرأته وحرمت الأجنبية عليه أبدا لأنها من أمهات نسائه وحرم عليه أن يجمع بين أحد من بناتها بنسب أو رضاع وبين امرأته التي أرضعت. قال الشافعي: وإذا تزوج الرجل صبية ثم تزوج عليها عمتها وأصاب العمة فرقت بينهما ولها مهر مثلها. فإن أرضعت أم العمة الصبية لم أفرق بينه وبين الصبية والعمة ذات محرم لها قبل النكاح وبعده وإنما يحرم أن يجمع بينهما فأما إحداهما بعد الأخرى فلا يحرم والله أعلم. قال الشافعي رحمه الله تعالى: لم أعلم أحدا ممن ينسبه العامة إلى العلم مخالفا في أن شهادة النساء تجوز فيما لا يحل للرجال غير ذوي المحارم أن يتعمدوا أن يروه لغير شهادة وقالوا: ذلك في ولادة المرأة وعيبها الذي تحت ثيابها. والرضاعة عندي مثله لا يحل لغير ذي محرم أو زوج أن يعمد إلى النظر إلى ثديها ولا يمكنه أن يشهد على رضاعها بغير رؤية ثديها لأنه لو رأى صبيا يرضع وثديها مغطى أمكن أن يكون يرضع من وطب عمل كخلقة الثدي وله طرف كطرف الثدي ثم أدخل في كمها فتجوز شهادة النساء في الرضاع كما تجوز شهادتهن في الولادة ولو رأى ذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان جازت شهادتهم في ذلك ولا تجوز شهادة النساء في الموضع الذي ينفردن فيه إلا بأن يكن حرائر عدولا بوالغ ويكن أربعا لأن الله عز وجل إذا أجاز شهادتهن في الدين جعل امرأتين تقومان مقام رجل بعينه وقول أكثر من لقيت من أهل الفتيا: أن شهادة الرجلين تامة في كل شيء ما عدا الزنا فامرأتان أبدا تقومان مقام رجل إذا جازتا. قال الشافعي: أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال: لا يجوز من النساء أقل من أربع. قال الشافعي: فإذا شهد أربع نسوة أن امرأة أرضعت امرأة خمس رضعات وأرضعت زوجها خمسا أو أقر زوجها بأنها أرضعته خمسا فرق بينه وبين امرأته فإن أصابها فلها مهر مثلها وإن لم يصبها فلا مهر لها ولا متعة. قال الشافعي: وكذلك إن كان في النسوة أخوات المرأة وعماتها وخالاتها لأنها لا يرد لها إلا شهادة ولد أو والد. قال الشافعي: وإن كانت المرأة

صفحة : 1616

تنكر الرضاع فكانت فيهن ابنتها وأمها جزن عليها أنكره الزوج أو ادعاه إن كانت: تنكر الرضاع والزوج ينكر أو لا ينكر فلا يجوز فيه أمها ولا أمهاتها ولا ابنتها ولا بناتها وسواء هذا قبل عقدة النكاح وبعد عقدته قبل الدخول وبعده لا يختلف لا يفرق فيه بين المرأة والزوج إلا بشهادة أربع ممن تجوز شهادته عليه ليس فيهن عدو للمشهود عليه أو غير عدل. قال الشافعي: ويجوز في ذلك شهادة التي أرضعت لأنه ليس لها في ذلك ولا عليها شيء ترد به شهادتها. وكذلك تجوز شهادة ولدها وأمهاتها ويوقفن حتى يشهدن أن قد أرضع المولود خمس رضعات خلصت كلهن إلى جوفه أو خلص من كل واحدة منهن شيء إلى جوفه وتسعهن الشهادة على هذه لأنه لا يستدرك في الشهادة فيه أبدا أكثر من رؤيتهن الرضاع وعلمهن وصوله بما يرين من ظاهر الرضاع. قال الشافعي: وإذا أرضع الصبي ثم قاء فهو كرضاعه واستمساكه. قال الشافعي: وإذا لم تكمل في الرضاع شهادة أربع نسوة أحببت له فراقها إن كان نكحها وترك نكحها إن لم يكن نكحها للورع فإنه أن يدع ما له نكاحه خير من أن ينكح ما يحرم عليه. قال الشافعي: ولو نكحها لم أفرق بينهما إلا بما أقطع به الشهادة على الرضاع فإن قال قائل: فهل في هذا من خبر عن النبي ﷺ قيل: نعم. أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة أن عقبة بن الحرث أخبره أنه نكح أم يحيى بنت أبي أهاب فقالت أمة سوداء: قد أرضعتكما قال: فجئت إلى النبي ﷺ فذكرت ذلك له فأعرض فتنحيت فذكرت ذلك له فقال: وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما . قال الشافعي: إعراضه عليه الصلاة والسلام يشبه أن يكون لم ير هذا شهادة تلزمه وقوله: وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما يشبه أن يكون كره له أن يقيم معها وقد قيل: إنها أخته من الرضاعة وهذا معنى ما قلنا من أن يتركها ورعا لا حكما. ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 1617


الإقرار بالرضاع قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أقر رجل أن امرأة أمه من الرضاعة أو ابنته من الرضاعة ولم ينكح واحدة منهما وقد ولدت المرأة التي يزعم أنها أمه أو كان لها لبن يعرف للمرضع مثله وكان لها سن يحتمل أن يرضع مثلها مثله لو ولد له وكانت له سن تحتمل أن ترضع امرأته أو أمته التي ولدت منه مثل الذي أقر أنها ابنته لم تحلل له واحدة منهما أبدا في الحكم ولا من بناتهما. ولو قال مكانه: غلطت أو وهمت لم يقبل منه لأنه قد أقر أنهما ذواتا محرم منه. قيل: يلزمه لهما أو يلزمهما له شيء. وكذلك لو كانت هي المقرة بذلك وهو يكذبها ثم قالت: غلطت لأنها أقرت به في حال لا يدفع بها عن نفسه ولا يجر إليها ولا تلزمه ولا نفسها بإقرارها شيئا. قال الشافعي: ولو كانت المسألة بحالها غير أن لم تلد التي أقر أنها أرضعته أو ولدت وهي أصغر مولودا منه فكان مثلها لا يرضع لمثله بحال أو كانت التي ذكر أنها ابنته من الرضاعة مثله في السن أو أكبر منه أو قريبا منه لا يحتمل مثله أن تكون ابنته من الرضاعة كان قوله وقولها في هذه الأحوال باطلا ولم يحرم عليه أن ينكح واحدة منهما ولا ولدا لهما إنما تقبل دعواه ويلزمه إقراره فيما يمكن مثله. وسواء في ذلك كذبته المرأة أو صدقته أو كانت المدعية دونه. ألا ترى أنه قال لرجل أكبر منه: هذا ابني وصدقه الرجل لم يكن ابنه أبدا. وكذلك لو قال رجل هو أصغر منه: هذا أبي وصدقه الرجل ولا نسب لواحد منهما يعرف لم يكن أباه إنما أقبل من هذا ما يمكن أن يكون مثله. ولو كانت المسألة في دعواها بحالها فقال: هذه أختي من الرضاعة أو قالت: هذا أخي من الرضاعة قبل أن يتزوجها وكذبته أو صدقته أو كذبها في الدعوى أو صدقها كان سواء كله ولا يحل لواحد منهما أن ينكح الآخر ولا واحدا من ولده في الحكم. ويحل فيما بينه وبين الله تعالى إن علما أنهما كاذبان أن يتناكحا أو ولدهما. ولو أقر أنها أخته من الرضاعة من امرأة لم يسمها قبلت ذلك منه ولم أنظر إلى سنه وسنها لأنه قد يكون أكبر منها وتعيش التي أرضعته حتى ترضعها بلبن ولد غير الولد الذي أرضعته به وكذلك إن كانت أكبر منه. قال الشافعي: وإن سمى امرأة أرضعته فقال: أرضعتني وإياها فلانة فكان لا يمكن بحال أن ترضعه أو لا يمكن بحال أن ترضعها لما وصفت من تفاوت السنين أو موت التي زعم أنها أرضعتهما قبل أن يولد أحدهما كان إقراره باطلا كالقول في المسائل قبل هذا إنما ألزمه إقراره وإقرارها فيما يمكن مثله ولا ألزمهما فيما لا يمكن

صفحة : 1618

مثله إذا كان اقرارهما لا يلزم واحدا منهما لصاحبه شيئا. قال الشافعي: ولو كان ملك عقله نكاحها ولم يدخل بها حتى أقر أنها ابنته أو أخته أو أمه وذلك يمكن فيها وفيه سألتها: فإن صدقته فرقت بينهما ولم أجعل لها مهرا ولا متعة وإن كذبته أو كانت صبية فأكذبه أبوها أو أقر بدعواه فسواء لأنه ليس له أن يبطل حقها وأفرق بينهما بكل حال وأجعل لها عليه نصف المهر الذي سمى لها لأنه إنما أقر بأنهما محرم منه بعد ما لزمه لها المهر إن دخل ونصفه إن طلق قبل أن يدخل فأقبل إقراره فيما يفسده على نفسه وأرده فيما يطرح به حقها الذي يلزمه. قال الشافعي: وأن أراد إحلافها وكانت بالغة أحلفتها له ما هي أخته من الرضاعة فإن حلفت كان لها نصف المهر وإن نكلت حلف على أنها أخته من الرضاعة وسقط عنه نصف المهر وإن نكل لزمه نصف المهر. قال الشافعي: وإن كانت صبية أو معتوهة فلا يمين عليها وآخذه لها بنصف المهر الذي سمى لها فإذا كبرت الصبية أحلفتها له إن شاء. قال الشافعي: ولو كان لم يفرض لها وكانت صبية أومحجورا عليها كان لها نصف صداق مثلها لأنه ليس لوليها أن يزوجها بغير صداق. وإن كانت بالغة غير محجور عليها فزوجت برضاها بلا مهر فلا مهر لها ولها المتعة. قال الشافعي: ولو كانت هي المدعية لذلك أفتيته بأن يتقي الله عز وجل ويدع نكاحها بتطليقة يوقعها عليها لتحل بها لغيره إن كانت كاذبة ولا يضره إن كانت صادقة ولا أجبره في الحكم على أن يطلقها لأنه قد لزمها نكاحه فلا أصدقها على إفساده وأحلفه لها على دعواها ما هي أخته من الرضاعة فإن حلف أثبت النكاح وإن نكل أحلفتها فإن حلفت فسخت النكاح ولا شيء لها وإن لم تحلف فهي امرأته بحالها. قال الشافعي: وهذا إذا لم يقم واحد منهما أربع نسوة أو رجلين أو رجلا وامرأتين على ما ادعى فإن أقاما على ذلك من تجوز شهادته فلا أيمان بينهما والنكاح مفسوخ إذا شهد النسوة على رضاع أو الرجال فإن شهد على إقرار الرجل أو المرأة بالرضاع أربع نسوة لم تجز شهادتهن لأن هذا مما يشهد عليه الرجال وإنما تجوز شهادة النساء منفردات فيما لا ينبغي للرجال أن يعمدوا النظر إليه لغير شهادة. قال الشافعي: وإن كان هذا بعد إصابته إياها وكان هو المقر فإن كذبته فلها المهر الذي سمى لها وإن صدقته فلها مهر مثلها كان أكثر أو أقل من المهر الذي سمي لها وإن كانت هي المدعية أنها أخته لم تصدق إلا أن يصدقها فيكون لها مهر مثلها. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا أحسبه ينزل للرجل لبن فإن نزل له فأرضع به مولودة كرهت

صفحة : 1619

له نكاحها ولولده فإن نكحها لم أفسخه لأن الله تعالى ذكر رضاع الوالدات والوالدات إناث والوالدون غير الوالدات وذكر الوالد بأن عليه مؤنة الرضاع فقال عز وجل: وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف . قال الشافعي: فلم يجز أن يكون حكم الآباء حكم الأمهات ولا حكم الأمهات حكم الآباء وقد فرق الله عز وجل بين أحكامهم. رضاع الخنثى قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أصل ما أذهب إليه في الخنثى أنه إذا كان الأغلب عليه أنه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبيا لم يكن رضاعا يحرم وهو مثل لبن الرجل لأني قد حكمت له أنه رجل وإذا كان الأغلب عليه أنه امرأة فنزل له لبن من نكاح وغير نكاح فأرضع به صبيا حرم كما تحرم المرأة إذا أرضعت. قال الشافعي: فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء فأيهما نكح به لم أجز له غيره ولم أجعله ينكح بالآخر. باب التعريض بالخطبة أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: قال الله عز وجل: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم قال الشافعي: وبلوغ الكتاب أجله والله تعالى أعلم انقضاء العدة. قال: فبين في كتاب الله تعالى أن الله فرق في الحكم بين خلقه بين أسباب الأمور وعقد الأمور وبين إذ فرق الله تعالى ذكره بينهما أن ليس لأحد الجمع بينهما وأن لا يفسد أمر بفساد السبب إذا كان عقد الأمر صحيحا ولا بالنية في الأمر ولا تفسد الأمور إلا بفساد إن كان في عقدها لا بغيره. ألا ترى أن الله حرم أن يعقد النكاح حتى تنقضي العدة ولم يحرم التعريض بالخطبة في العدة ولا أن يذكرها وينوي نكاحها بالخطبة لها والذكر لها والنية في نكاحها سبب النكاح وبهذا أجزنا الأمور بعقدها إن كان جائزا ورددناها به إن كان مردودا ولم نستعمل أسباب الأمور في الأحكام بحال. فأجزنا أن ينكح الرجل المرأة لا ينوي حبسها إلا يوما ولا تنوي هي إلا هو وكذلك لو توطآ على ذلك لم يكن في شرط النكاح. وكذلك قلنا في الطلاق إذا قال لها: اعتدي لم يكن طلاقا إلا بنية طلاق كان ذلك من قبل غضب أو بعده. وإذ أذن الله عز وجل في التعرض بالخطبة في العدة فبين أنه حظر التصريح فيها وخالف بين حكم التعريض والتصريح وبذلك قلنا: لا نجعل التعريض أبدا يقوم مقام التصريح في شيء من الحكم إلا أن يريد المعرض التصريح وجعلناه فيما يشبه الطلاق من النية

صفحة : 1620

وغيره فقلنا: لا يكون طلاقا إلا بإرادته وقلنا: لا نحد أحدا في تعريض إلا بإرادة التصريح ولكن لا تواعدوهن سرا يعني والله تعالى أعلم جماعا إلا أن تقولوا قولا معروفا قولا حسنا لا فحش فيه. قال الشافعي: وذلك أن يقول: رضيتك إن عندي لجماعا حسنا يرضي من جومعه فكان هذا وإن كان تعريضا منهيا عنه لقبحه وما عرض به مما سوى هذا مما يفهم المرأة به أنه يريد نكاحها فجائز له وكذلك التعريض بالإجابة له جائز لها لا يحظر عليها من التعريض شيء يباح له ولا عليه شيء يباح لها. وإن صرح لها بالخطبة وصرحت له بإجابة أو لم تصرح ولم يعقد النكاح في الحالين حتى تنقضي العدة فالنكاح ثابت والتصريح لهما معا مكروه. ولا يفسد النكاح بالسبب غير المباح من التصريح لأن النكاح حادث بعد الخطبة ليس بالخطبة. ألا ترى أن امرأة مستخفة لو قالت: لا أنكح رجلا حتى أراه متجردا أو حتى أخبره بالفاحشة فأرضاه في الحالين فتجرد لها أو أتى منها محرما ثم نكحته بعد ما كان فالنكاح جائز وما فعلاه قبله محرما لم يفسد النكاح بسبب المحرم لأن النكاح حادث بعد سببه والنكاح غير سببه وهذا مما وصفت من أن الأشياء إنما تحل بعقدها لا بأسبابها. قال: والتعريض الذي أباح الله ما عدا التصريح من قول وذلك أن يقول: رب متطلع إليك وراغب فيك وحريص عليك وإنك لبحيث تحبين وما عليك أيمة وإني عليك لحريص وفيك راغب وما كان في هذا المعنى مما خالف التصريح. والتصريح أن يقول: تزوجيني إذا حللت أو أنا أتزوجك إذا حللت وما أشبه هذا مما جاوز به التعريض وكان بيانا أنه خطبة لا أنه يحتمل غير الخطبة. قال: والعدة التي أذن الله بالتعريض بالخطبة فيها العدة من وفاة الزوج وإذا كانت الوفاة فلا زوج يرجى نكاحه بحال. ولا أحب أن يعرض الرجل للمرأة في العدة من الطلاق الذي لا يملك فيه المطلق الرجعة احتياطا. ولا يبين أن لا يجوز ذلك لأنه غير مالك أمرها في عدتها كما هو غير مالكها إذا حلت من عدتها فأما المرأة يملك زوجها رجعتها فلا يجوز لأحد أن يعرض لها بالخطبة في العدة لأنها في كثير من معاني الأزواج وقد يخاف إذا عرض لها من ترغب فيه بالخطبة أن تدعي بأن عدتها حلت وإن لم تحل وما قلت فيه لا يجوز التعريض بالخطبة أو لا يجوز التصريح بالخطبة فحلت العدة ثم نكحت المرأة فالنكاح ثابت بما وصفت. ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

صفحة : 1621


الكلام الذي ينعقد به النكاح وما لا ينعقد قال الله عز وجل لنبيه ﷺ: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وقال تعالى: وخلق منها زوجها وقال: ولكم نصف ما ترك أزواجكم وقال: والذين يرمون أزواجهم وقال: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقال: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها وقال: إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن وقال: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء . قال الشافعي: فسمى الله تبارك وتعالى النكاح اسمين: النكاح والتزويج. وقال الله عز وجل: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي فأبان جل ثناؤه أن الهبة لرسول الله ﷺ دون المؤمنين والهبة والله تعالى أعلم تجمع أن ينعقد له عليها عقدة النكاح بأن تهب نفسها له بلا مهر وفي هذا دلالة على أن لا يجوز نكاح إلا باسم النكاح أو التزويج ولا يقع بكلام غيرهما وإن كانت معه نية التزويج وأنه مخالف للطلاق الذي يقع بما يشبه الطلاق من الكلام مع نية الطلاق. وذلك أن المرأة قبل أن تزوج محرمة الفرج فلا تحل إلا بما سمى الله عز وجل أنها تحل به لا بغيره وأن المرأة المنكوحة تحرم بما حرمها به زوجها مما ذكر الله تبارك اسمه في كتابه أو على لسان نبيه ﷺ. وقد دلت سنة النبي ﷺ على أن الطلاق يقع بما يشبه الطلاق إذا أراد به الزوج الطلاق ولم يجز في الكتاب ولا السنة إحلال نكاح إلا باسم نكاح أو تزويج. فإذا قال سيد الأمة وأبو البكر أو الثيب أو وليها للرجل: قد وهبتها لك أو أحللتها لك أو تصدقت بها عليك أو أبحت لك فرجها أو ملكتك فرجها أو صيرتها من نسائك أو صيرتها امرأتك أو أعمرتكها أو أجرتكها حياتك أو ملكتك بعضها أو ما أشبه هذا أو قالته المرأة مع الولي وقبله المخاطب به لنفسه. أو قال: قد تزوجتها فلا نكاح بينهما ولا نكاح أبدا إلا بأن يقول: قد زوجتكها أو أنكحتكها. ويقول الزوج: قد قبلت نكاحها أو قبلت تزويجها. أو يقول الخاطب: زوجنيها أو أنكحنيها. فيقول الولي: قد زوجتكها أو أنكحتكها ويسميانها معا باسمها ونسبها. ولو قال: جئتك خاطبا لفلانة فقال: قد زوجتكها لم يكن نكاحا حتى يقول: قد قبلت تزويجها. ولو قال: جئتك خاطبا لفلانة فزوجنيها فقال: قد زوجتكها ثبت النكاح ولم أحتج إلى أن يقول: قد قبلت تزوجها ولا نكاحها. وهكذا لو قال الولي: قد زوجتك فلانة فقال الزوج: قد قبلت ولم يقل: تزويجها لم

صفحة : 1622

يكن نكاحا حتى يقول: قد قبلت تزويجها. ولو قال الخاطب: زوجني فلانة فقال الولي: قد فعلت أو قد أجبتك إلى ما طلبت أو ملكتك ما طلبت لم يكن نكاحا حتى يقول: قد زوجتكها أو أنكحتكها. فإن قال: زوجني فلانة فقال: قد ملكتك نكاحها أو ملكتك بضعها أو ملكتك أمرها أو جعلت بيدك أمرها لم يكن نكاحا حتى يتكلم بزوجتكها أو أنكحتكها ويتكلم الخاطب: بأنكحنيها أو زوجنيها. فإذا اجتمع هذا انعقد النكاح وهكذا يكون نكاح الصغار والإماء لا ينعقد عليهن النكاح من قول ولاتهن إلا بما ينعقد به على البالغين ولهم إذا تكلما جميعا بإيجاب النكاح مطلقا جاز وإن كان في عقدة النكاح مثنوية لم يجز. ولا يجوز في النكاح خيار بحال وذلك أن يقول: قد زوجتكها إن رضي فلان أو زوجتكها على أنك بالخيار في مجلسك أو في يومك أو أكثر من يوم أو على أنها بالخيار أو زوجتكها إن أتيت بكذا أو فعلت كذا ففعله فلا يكون شيء من هذا تزويجا ولا ما أشبهه حتى يزوجه تزويجا صحيحا مطلقا لا مثنوية فيه. ما يجوز و ما لا يجوز في النكاح قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولا يكون التزويج إلا لامرأة بعينها ورجل بعينه وينعقد النكاح من ساعته لا يتأخر بشرط ولا غيره ويكون مطلقا. فلو أن رجلا له ابنتان خطب إليه رجل فقال: زوجني ابنتك فقال: قد زوجتكها فتصادق الأب والبنت والزوج على أنهما لا يعرفان البنت التي زوجه إياها وقال الأب للزوج: أيتهما شئت فهي التي زوجتك أو قال الزوج للأب: أيتهما شئت فهي التي زوجتني لم يكن هذا نكاحا. ولو قال: زوجني أي ابنتيك شئت فزوجه على هذا لم يكن هذا نكاحا. وهكذا لو قال: زوج ابني وله ابنان فزوجه لم يكن هذا نكاحا. ولو قال: زوجني ابنتك فلانة غدا أو إذا جئتك أو إذا دخلت الدار أو إذا فعلت أو فعلت كذا فقال: قد زوجتكها على ما شرطت ففعل ما شرط لم يكن نكاحا إذا تكلما بالنكاح معا فلم يكن منعقدا مكانه لم ينعقد بعد مدة ولا شرط. ولو قال: زوجني حبل امرأتك فزوجه إياه فكان جارية لم يكن نكاحا. وهكذا لو قال: زوجني ما ولدت امرأتك فكانت في البلد معهما أو غائبة عنهما فتصادقا على أنهما حين انعقدت عقدة النكاح لا يعلمان أولدت امرأته جارية أو غلاما قال: وهكذا لو تصادقا أنهما قد علما أنها قد ولدت جاريتين ولم يسم أيتهما زوج بعينها. ومتى تكلما بنكاح امرأة جاز النكاح وذلك أن يزوجه ابنته فلانة وليست له ابنة

صفحة : 1623

يقال لها فلانة إلا واحدة. وأحب إلي أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمد الله عز و جل والثناء عليه والصلاة على رسول الله ﷺ والوصية بتقوى الله تعالى ثم يخطب. وأحب إلي للخاطب أن يفعل ذلك ثم يزوج ويزيد الخاطب: أنكحتك على ما أمر الله تعالى به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وإن لم يزد على عقدة النكاح جاز النكاح. أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان إذا أنكح قال: أنكحتك على ما أمر الله تعالى على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. نهي الرجل أن يخطب علي خطبة أخيه قال الشافعي رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه . قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي الزناد ومحمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال: أخبرنا ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه . قال الشافعي: أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن مسلم الخياط عن ابن عمر أن النبي ﷺ نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك. قال الشافعي: فكان الظاهر من هذه الأحاديث: أن من خطب امرأة لم يكن لأحد أن يخطبها حتى يأذن الخاطب أو يدع الخطبة. وكانت محتملة لأن يكون نهى النبي ﷺ أن يخطب الرجل على خطبة أخيه في حال دون حال فوجدنا سنة النبي ﷺ تدل على أنه ﷺ إنما نهى عنها في حال دون حال. قال الشافعي: أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها فبتها فأمرها النبي ﷺ أن تعتد في بيت أم مكتوم وقال: فإذا حللت فآذنيني فلما حللت أخبرته أن أبا جهم ومعاوية خطباني فقال رسول الله ﷺ: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه. وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة فكرهته فقال: انكحي أسامة فنكحته فجعل الله تعالى فيه خيرا واغتبطت به. قال الشافعي: فكان بينا أن الحال التي خطب

صفحة : 1624

فيها رسول الله ﷺ فاطمة على أسامة غير الحال التي نهى عن الخطبة فيها ولم يكن للمخطوبة حالان مختلفي الحكم إلا بأن تأذن المخطوبة بإنكاح رجل بعينه فيكون للولي أن يزوجها جاز النكاح عليها ولا يكون لأحد أن يخطبها في هذه الحال حتى يأذن الخاطب أو يترك خطبتها وهذا بين في حديث ابن أبي ذئب وقد أعلمت فاطمة رسول الله ﷺ أن أبا جهم ومعاوية خطباها ولا أشك إن شاء الله تعالى أن خطبة أحدهما بعد خطبة الآخر فلم ينههما ولا واحدا منهما ولم نعلمه أنها أذنت في واحد منهما فخطبها على أسامة ولم يكن ليخطبها في الحال التي نهى فيها عن الخطبة ولم أعلمه نهى معاوية ولا أبا جهم عما صنعا والأغلب أن أحدهما خطبها بعد الآخر. فإذا أذنت المخطوبة في إنكاح رجل بعينه لم يجز خطبتها في تلك الحال وإذن الثيب الكلام والبكر الصمت وإن أذنت بكلام فهو إذن أكثر من الصمت. قال: وإذا قالت المرأة لوليها: زوجني من رأيت فلا بأس أن تخطب في هذه الحال لأنها لم تأذن في أحد بعينه فإذا أومرت في رجل فأذنت فيه لم يجز أن تخطب. وإذا وعد الولي رجلا أن يزوجه بعد رضا المرأة لم يجز أن تخطب في هذه الحال فإن وعده ولم ترض المرأة فلا بأس أن تخطب إذا كانت المرأة ممن لا يجوز أن تزوج إلا بأمرها وأمر البكر إلى أبيها والأمة إلى سيدها. فإذا وعد أبو البكر أو سيد الأمة رجلا أن يزوجه فلا يجوز لأحد أن يخطبها ومن قلت له: لا يجوز له أن يخطبها فإنما أقوله: إذا علم أنها خطبت وأذنت. وإذا خطب الرجل في الحال التي نهى أن يخطب فيها عالما فهي معصية يستغفر الله تعالى منها وإن تزوجته بتلك الخطبة فالنكاح ثابت لأن النكاح حادث بعد الخطبة وهو مما وصفت من أن الفساد إنما يكون بالعقد لا بشيء تقدمه وإن كان سببا له لأن الأسباب غير الحوادث بعدها. ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 1625


نكاح العنين والخصي والمجبوب قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولم أحفظ عن مفت لقيته خلافا في أن تؤجل امرأة العنين سنة فإن أصابها وإلا خيرت في المقام معه أو فراقه ومن قال هذا قال: إذا نكح الرجل المرأة فكان يصيب غيرها ولا يصيبها فلم ترتفع إلى السلطان فهما على النكاح وإذا ارتفعت إلى السلطان فسألت فرقته أجله السلطان من يوم يرتفعان إليه سنة فإن أصابها مرة واحدة فهي امرأته وإن لم يصبها خيرها السلطان فإن شاءت فرقته فسخ نكاحها والفرقة فسخ بلا طلاق لأنه يجعل فسخ العقدة إليها دونه وإن شاءت المقام معه أقامت معه ثم لم يكن لها أن يخيرها بعد مقامها معه وذلك أن اختيارها المقام معه ترك لحقها في فرقته في مثل الحال التي تطلبها فيها وإن اختارت المقام معه بعد حكم السلطان بتأجيله وتخييرها بعد السنة ثم فارقها ومضت عدتها ثم نكحها نكاحا جديدا فسألت أن يؤجل لها أجل وإن علمت قبل أن تنكحه أنه عنين ثم رضيت نكاحه أو علمته بعد نكاحه ثم رضيت المقام معه ثم سألت أن يؤجل لها أجل ولا يقطع خيارها في فراقه إلا الأجل واختيارها المقام معه بعد الأجل لأنه لا يعلم أحد من نفسه أنه عنين حتى يختبر لأن الرجل قد يجامع ثم ينقطع الجماع عنه ثم يجامع وإنما قطعت خيارها أنها تركته بعد إذ كان لها لا شيء دونه. قال: ولو نكحها فأجل ثم خيرت فاختارت المقام معه ثم طلقها ثم راجعها في العدة ثم سألت أن يؤجل لم يكن لها ذلك لأنها عنده بالعقد الذي اختارت المقام معه فيه بعد الحكم. قال الربيع: يريد إن كان ينزل فيها ماءه فله الرجعة وعليها العدة وإن لم يغيب الحشفة. قال الشافعي: ولو تركها حتى تنقضي عدتها ثم نكحها نكاحا جديدا ثم سألت أن يؤجل أجل لأن هذا عقد غير العقد الذي تركت حقها فيه بعد الحكم قال: إذا أصابها مرة في عقد نكاح ثم سألت أن يؤجل لم يؤجل أبدا لأنه قد أصابها في عقد النكاح وليس كالذي يصيب غيرها ولا يصيبها لأن أداءه إلى غيرها حقا ليس بأداء إليها. ولو أجل العنين فاختلفا في الإصابة فقال: أصبتها وقالت: لم يصبني فإن كانت ثيبا فالقول قوله لأنها تريد فسخ نكاحه وعليه اليمين فإن حلف فهي امرأته وإن نكل لم يفرق بينهما حتى تحلف ما أصابها فإن حلفت خيرت وإن لم تحلف فهي امرأته. ولو كانت بكرا أريها أربع نسوة عدول فإن قلن: هي بكر فذلك دليل على صدقها أنه لم يصبها وإن شاء الزوج حلفت هي ما أصابها ثم فرق بينهما فإن لم تحلف حلف هو لقد أصابها ثم أقام معها ولم تخير هي وذلك أن

صفحة : 1626

العذرة قد تعود فيما زعم أهل الخبرة بها إذا لم يبالغ في الإصابة وأقل ما يخرجه من أن يؤجل أن يغيب الحشفة في الفرج وذلك يحصنها ويحللها للزوج لو طلقها ثلاثا ولو أصابها في دبرها فبلغ ما بلغ لم يخرجه ذلك من أن يؤجل أجل العنين لأن تلك غير الإصابة المعروفة حيث تحل. ولو أصابها حائضا أو محرمة أو صائمة أو هو محرم أو صائم كان مسيئا فيه ولم يؤجل ولو أجل فجب ذكره أو نكحها مجبوب الذكر خيرت حين تعلم إن شاءت المقام معه وإن شاءت فارقته. ولو أجل خصي ولم يجب ذكره أو نكحها خصي غير مجبوب الذكر لم تخير حتى يؤجل أجل العنين فإن أصابها فهي امرأته وإلا صنع فيه ما صنع في العنين. ولو نكحها وهو يقول: أنا عقيم أو لا يقوله حتى ملك عقدتها ثم أقر به لم يكن لها خيار وذلك أنه لا يعلم أنه عقيم أبدا حتى يموت لأن ولد الرجل يبطىء شابا ويولد له شيخا وليس له في الولد تخيير إنما التخيير في فقد الجماع لا الولد. ألا ترى أنا لا نؤجل الخصي إذا أصاب والأغلب أنه لا يولد له ولو كان خصيا قطع بعض ذكره وبقي له منه ما يقع موقع ذكر الرجل فلم يصبها أجل أجل العنين ولم تخير قبل أجل العنين لأن هذا يجامع. وإذا كان الخنثى يبول من حيث يبول الرجل فنكح على أنه رجل فالنكاح جائز ولا خيار للمرأة ويؤجل إن شاءت أجل العنين. وإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء فإن نكح بأحدهما لم يكن له أن ينكح بالآخر ويرث ويورث على ما حكمنا له بأن ينكح عليه. قال الربيع: وفيه قول آخر: أنا لا نورثه إلا ميراث امرأة وإن تزوج على أنه رجل لأنه ليس باختياره أن يكون رجلا أعطيه المال بقوله. قال الشافعي: وليس للمرأة إن استمتع بها زوجها إذا قالت: لم يصبني إلا نصف المهر ولا عليها عدة لأنها مفارقة قبل أن تصاب. قال الشافعي: وإذا نكح الرجل الخنثى على أنها امرأة وهي تبول من حيث تبول المرأة أو مشكلة ولم تنكح بأنها رجل فالنكاح جائز ولا خيار له. وإذا نكح الخنثى على أنه رجل وهو يبول من حيث تبول المرأة أو على أنه امرأة وهو يبول من حيث يبول الرجل فالنكاح مفسوخ لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول أو بأن يكون مشكلا فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء فإذا نكح بواحد لم يكن له أن ينكح بالآخر ويرث ويورث من حيث يبول. ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 1627


ما يحب من إنكاح العبيد قال الله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم . قال الشافعي رحمه الله تعالى: فدلت أحكام الله تعالى ثم رسوله ﷺ أن لا ملك للأولياء آباء كانوا أو غيرهم على أياماهم وأياماهم الثيبات قال الله تعالى ذكره: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن وقال في المعتدات: فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن وقال رسوله الله ﷺ: الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها مع ما سوى ذلك ودل الكتاب والسنة على أن المماليك لمن ملكهم وأنهم لا يملكون من أنفسهم شيئا. ولم أعلم دليلا على إيجاب إنكاح صالحي العبيد والإماء كما وجدت الدلالة على إنكاح الحر إلا مطلقا فأحب إلي أن ينكح من بلغ من العبيد والإماء ثم صالحوهم خاصة ولا يتبين لي أن يجبر أحد عليه لأن الآية محتملة أن يكون أريد الدلالة له الإيجاب. نكاح العدد ونكاح العبيد قال الله تبارك وتعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع إلى قوله: ألا تعدلوا . قال الشافعي رحمه الله تعالى: فكان بينا في الآية والله تعالى أعلم أن المخاطبين بها الأحرار لقوله تعالى: فواحدة أو ما ملكت أيمانكم لأنه لا يملك إلا الأحرار. وقوله: ذلك أدنى أن لا تعدلوا فإنما يعدل من له المال ولا مال للعبيد أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة وكان ثقة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: ينكح العبد امرأتين. قال الشافعي: وهذا قول الأكثر من المفتين بالبلدان ولا يزيد العبد على امرأتين وكذلك كل من لم تكمل فيه الحرية من عبد قد عتق بعضه ومكاتب ومدبر ومعتق إلى أجل. والعبد فيما زاد على اثنتين من النساء مثل الحر فيما زاد على أربع لا يختلفان فإذا جاوز الحر أربعا فقلت: ينفسخ نكاح الأواخر منهن الزوائد على أربع فكذلك ينفسخ نكاح ما زاد العبد فيه على اثنتين وكل ما خفي أنه أول فما زاد الحر فيه على أربع فأبطلت النكاح أو جمعت العقدة فيه أكثر من أربع ففسخت نكاحهن كلهن فكذلك أصنع في العبيد فيما خفي وجمعت العقدة فيه أكثر من اثنتين فعلى هذا الباب كله قياسا ولا أعلم بين أحد لقيته ولا حكي لي عنه من أهل العلم اختلافا في أن لا يجوز نكاح العبد إلا بإذن مالكه وسواء كان مالكه ذكرا أو أنثى إذا أذن له

صفحة : 1628

مالكه جاز نكاحه ولا أحتاج إلى أن يعقد مالكه عقدة نكاح ولكنه يعقدها إن شاء لنفسه إذا أذن له. وإنما يجوز نكاح العبد بإذن مالكه إذا كان مالكه بالغا غير محجور عليه فأما إذا كان محجورا عليه فلا يجوز للعبد أن ينكح بحال ولا يجوز لوليه أن يزوجه في قول من قال: إن إنكاحه دلالة لا فرض ومن قال: إن إنكاحه فرض فعلى وليه أن يزوجه. وإذا كان العبد بين اثنين فأذن له أحدهما بالتزويج فتزوج فالنكاح مفسوخ ولا يجوز نكاحه حتى يجتمعا على الإذن له به وليس للسيد أن يكره عبده على النكاح فإن فعل فالنكاح مفسوخ. وكذلك إن زوج عبده بغير إذنه ثم رضي العبد فالنكاح مفسوخ وله أن يزوج أمته بغير إذنها بكرا كانت أو ثيبا. وإذا أذن الرجل لعبده أن ينكح حرة فنكح أمة أو أمة فنكح حرة أو امرأة بعينها فنكح غيرها أو امرأة من أهل بلد فنكح امرأة من غير أهل ذلك البلد فالنكاح مفسوخ. وإن قال له: انكح من شئت فنكح حرة أو أمة نكاحا صحيحا فالنكاح جائز. والعبد إذا أذن له سيده يخطب على نفسه وليس كالمرأة. وكذلك المحجور عليه إذا أذن له وليه يخطب على نفسه ولو أذن له في أن ينكح امرأة أو قال: من شئت فنكح التي أذن له بها أو نكح امرأة مع قوله: انكح من شئت وأصدقها أكثر من مهر مثلها كان النكاح ثابتا ولها مهر مثلها لا يزاد عليه ولا يكون لها فسخ النكاح لأن النكاح لا يفسد من قبل صداق بحال ويتبع العبد بالفضل عن مهر مثلها إذا عتق ولا سبيل لها عليه في حالة رقه لأن ماله لمالكه. ولو كاتب لم يكن عليه سبيل في حال كتابته لأنه ليس بتام الملك على ماله وأن ماله موقوف حتى يعجز فيرجع إلى سيده أو يعتق فيكون له. فإذا عتق كان لها أن تأخذ منه الفضل عن مهر مثلها حتى تستوفي ما سمى لها. ولو كان هذا في حر محجور عليه لم يكن لها اتباعه لأن ردنا أمر المملوك لأن المال لغيره وأمر المحجور للحجر والمال له. قال الشافعي: ولو أذن الرجل لعبده أن ينكح امرأة ولم يسمها ولا بلدها فنكح امرأة من غير أهل بلده ثبت النكاح ولم يكن للسيد فسخه وكان له منعه الخروج إلى ذلك البلد. وإذا أذن الرجل لعبده أن ينكح امرأة فالصداق فيما اكتسب العبد ليس للسيد منعه من أن يكتسب فيعطيها الصداق دونه وكذلك النفقة إذا وجبت نفقة الزوجة. وإن كان العبد الذي أذن له سيده بالنكاح مأذونا له في التجارة فله أن يعطي الصداق مما في يديه من المال وإن كان غير مأذون له بالتجارة فلسيده أن يأخذ شيئا إن كان في يديه لأنه مال السيد وعليه أن يدعه يكتسب المهر لأن إذنه له بالنكاح إذن باكتساب المهر ودفعه وإذا أذن له بالنكاح فله أن

صفحة : 1629

يسافر به ويرسله حيث شاء وليس له إذا كان معه بالمصر أن يمنعه امرأته في الحين الذي لا خدمة له عليه فيه وله أن يمنعه إياها في الحين الذي له عليه فيه الخدمة وليس في عنق العبد ولا مال السيد من الصداق ولا النفقة شيء إلا أن يضمنه فيلزمه بالضمان كما يلزم بالضمان على الأجنبيين. وإذا أذن الرجل لعبده أن يتزوج امرأة حرة بألف فتزوجها بألف وضمن السيد لها الألف فالضمان لازم ولها أن تأخذ السيد بضمانه ولا براءة للعبد منها حتى تستوفيها فإذا باعها السيد زوجها بأمر الزوج أو غير أمره بتلك الألف بعينها قبل أن يدخل بها فالبيع باطل من قبل أن عقدة البيع وتلك الألف يقعان معا لا يتقدم أحدهما صاحبه فلما كانت لا تملك العبد أبدا بتلك الألف بعينها لأنها تبطل عنها بأن نكاحها لو ملكت زوجها ينفسخ كان شراؤها له فاسدا فالألف بحالها والعبد عبده وهما على النكاح. قال الربيع: وإذا أذن الرجل لعبده أن يتزوج بألف درهم فتزوج وضمن السيد الألف ثم طلبت المرأة الألف من السيد قبل أن يدخل بها الزوج فباعها زوجها بالألف التي هي صداقها فالبيع باطل والنكاح بحاله من قبل أنها إذا ملكت زوجها انفسخ نكاحها فإذا انفسخ بطل أن يكون لها صداق وإذا لم يكن لها صداق كان العبد مشترى بلا ثمن فكان البيع باطلا وكان النكاح بحاله. قال الربيع: وهو قول الشافعي: النكاح بحاله. قال الشافعي: وسواء كان البيع بإذن العبد أو غير إذنه لأنها لا تملكه أبدا بتلك الألف ولا بشيء منها لأنها تبطل كلها إذا ملكته. ولو طلقها العبد قبل أن يدخل بها كان لها نصف الألف ولو كانت المسألة بحالها فباعها إياه بلا أمر العبد بألف أو أقل أو أكثر كان البيع جائزا وكان العبد لها وعليها الثمن الذي باعها إياه به وكان النكاح منفسخا من قبلها وقبل السيد الذي ليس له طلاقها ولو كان باعها إياه بيعا فاسدا كانا على النكاح. ولو كانت امرأة العبد أمة فاشترت زوجها بإذن سيدها أو اشتراها زوجها بإذن سيده كانا على النكاح. وكذلك إن وهبت له أو وهب لها أو ملكها أو ملكته بأي وجه ما كان الملك كانا على النكاح لأن ما ملك كل واحد منهما ملك لسيده لا له. ولو كان بعض الزوج حرا فاشترى امرأته بإذن الذي له فيه الرق فسد النكاح لأنه يملك منها بقدر ما يملك من نفسه. وإذا أذن الرجل لعبده أن ينكح من شاء وما شاء من عدد النساء فله أن ينكح حرتين مسلمتين أو كتابيتين أو ذميتين وينكح الحرة على الأمة والأمة على الحرة وبعقد نكاح أمة وحرة معا وليس له أن ينكح أمة كتابية ولا تحل الأمة الكتابية لمسلم إلا أن يطأها بملك اليمين.

صفحة : 1630

وإذا قال الرجل لعبده: قد زوجتك فلا يجوز عليه النكاح إلا أن يأذن له العبد وإذا أذن له أن ينكح أو سأله العبد أن ينكحه فقال المولى: قد زوجتك فلانة بأمرك وادعت ذلك وقال العبد: لم تزوجنيها فالقول قول العبد مع يمينه وعلى المرأة البينة. العب يغر من نفسه والأمة قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا خطب العبد امرأة وأعلمها أنه حر فتزوجته ثم علمت أنه عبد فلها ولأوليائها الخيار في المقام معه أو فراقه فإن اختارت فراقه قبل الدخول فلا مهر لها ولا متعة وهو فسخ بغير طلاق وإن اختارته بعد الدخول فلها مهر مثلها وإن خطبها ولم يذكر شيئا فظنته حرا فلا خيار لها. وإذا نكح الرجل الأمة وهو يراها حرة فولده مماليك وإن شاء طلق وإن شاء أمسك وإن غرته بنفسها وقالت: أنا حرة فولده أحرار وسواء كان المغرور حرا أو عبدا أو مكاتبا لأنه لم ينكح إلا على أن ولده أحرار. وإن غره بها غيرها فولدت أولادا ثم علم أنها مملوكة فالأولاد أحرار ولسيدها أخذ مهر مثلها من زوجها ولا يرجع به الزوج على الغار ولا عليها ويأخذ منه قيمة أولادها يوم سقطوا ويرجع بهم الزوج على الغار في ذمته. وإن كانت هي الغارة له رجع عليها بما أخذ منه من قيمة أولادها إذا عتقت ولا يرجع به ما كانت مملوكة وإن ألزم قيمتهم ثم لم يؤخذ منه شيء لم يرجع بشيء لم يؤخذ منه. ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

صفحة : 1631


تسري العبد قال الله تعالى: والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله: غير ملومين فدل كتاب الله عز وجل على أن ما أباحه من الفروج فإنما أباحه من أحد الوجهين: النكاح أو ما ملكت اليمين. وقال الله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء . قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ قال: من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع قال: فدل الكتاب والسنة أن العبد لا يكون مالكا مالا بحال وأن ما نسب إلى ملكه إنما هو إضافة اسم ملك إليه لا حقيقة كما يقال للمعلم غلمانك وللراعي غنمك وللقيم على الدار دارك إذا كان يقوم بأمرها. فلا يحل والله تعالى أعلم للعبد أن يتسرى أذن له سيده أو لم يأذن له لأن الله تعالى إنما أحل التسري للمالكين والعبد لا يكون مالكا بحال. وكذلك كل من لم تكمل فيه الحرية من عبد قد عتق بعضه أو مكاتب أو مدبر ولا يحل له أن يطأ بملك يمين بحال حتى يعتق والنكاح يحل له بإذن مالكه. وإن تسرى العبد فلسيده نزع السرية منه وتزويجه إياها إن شاء. ولو عتق عبد تسرى أمة أو مكاتب وقد ولدت له لم تكن له أم ولد حتى يصيبها بعد الحرية وتلد. ولو تسرى عبد قد عتق بعضه أمة ملكه إياها سيده فولدت له ثم عتق فهي أم ولد له لأنه كان مالكا وإن أراد سيده أخذ منه من قيمة المملوك بقدر ما له فيه من الرق كأنه كان وهبها له قبل أن يعتق وهو يملك نصفه فالنصف له بالحرية وللسيد أن يرجع في النصف الثاني لأن ملك ما يملك منه لسيده. قال: وإذا وطىء عبد أو من لم تكمل فيه الحرية أو مكاتب جارية بملك اليمين لحق به الولد ودرىء عنه الحد بالشبهة فإن عتق وملكها كان له بيعها ولا تكون له أم ولد يمنعه بيعها من لم يبع أم الولد إلا بأن يصيبها بعد ما يصير حرا مالكا فإن قيل: قد روي عن ابن عمر تسري العبد قيل: نعم وخلافه قال ابن عمر: لا يطأ الرجل وليدة إلا وليدة إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء فإن قيل: فقد روي عن ابن عباس قلت: ابن عباس إنما قال ذلك لعبد طلق امرأته قال: ليس لك طلاق وأمره أن يمسكها فأبى فقال: فهي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها له حلال بالنكاح ولا طلاق لك والحجة فيه ما وصفت لك من دلالة الكتاب والسنة وأنت تزعم أن من طلق من العبيد لزمه الطلاق ولم تحل له امرأته بعد طلقتين أو ثلاث.

صفحة : 1632


فسخ نكاح الزوجين يسلم أحدهما قال الله تبارك وتعالى: إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى قوله ولا هم يحلون لهن وقال تبارك وتعالى: ولا تمسكوا بعصم الكوافر . قال الشافعي: نزلت في الهدنة التي كانت بين النبي ﷺ وبين أهل مكة وهم أهل أوثان وعن قول الله عز وجل: فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فاعرضوا عليهن الإيمان فإن قبلن وأقررن به فقد علمتموهن مؤمنات. وكذلك علم بني آدم الظاهر وقال تبارك وتعالى: الله أعلم بإيمانهن يعني بسرائرهن في إيمانهن وهذا يدل على أن لم يعط أحد من بني آدم أن يحكم على غير ظاهر ومعنى الآتين واحد. فإذا كان الزوجان وثنيين فأيهما أسلم أولا فالجماع ممنوع حتى يسلم المتخلف عن الإسلام منهما لقول الله تعالى: لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وقوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر فاحتملت العقدة أن تكون منفسخة إذا كان الجماع ممنوعا بعد إسلام أحدهما فإنه لا يصلح لواحد منهما إذا كان أحدهما مسلما والآخر مشركا أن يبتدىء النكاح واحتملت العقدة أن لا تنفسخ إلا أن يثبت المتخلف عن الإسلام منهما على التخلف عنه مدة من المدد فيفسخ النكاح إذا جاءت تلك المدة قبل أن يسلم ولم يكن يجوز أن يقال: لا تنقطع العصمة بين الزوجين حتى يأتي على المتخلف منهما عن الإسلام مدة قبل أن يسلم إلا بخبر لازم. قال الشافعي: وأخبرنا جماعة من أهل العلم من قريش وأهل المغازي غيرهم عن عدد قبلهم أن أبا سفيان بن حرب أسلم بمر ورسوله الله ﷺ ظاهر عليها فكانت بظهوره وإسلام أهلها دار الإسلام وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ومكة يومئذ دار الحرب ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام فأخذت بلحيته وقالت: اقتلوا الشيخ الضال فأقامت أياما قبل أن تسلم ثم أسلمت وبايعت النبي ﷺ وثبتا على النكاح. قال الشافعي: وأخبرنا أن رسول الله ﷺ دخل مكة فأسلم أكثر أهلها وصارت دار الإسلام وأسلمت امرأة عكرمة بن أبي جهل وامرأة صفوان بن أمية وهرب زوجاهما ناحية البحر من طريق اليمن كافرين إلى بلد كفر ثم جاءا فأسلما بعد مدة وشهد صفوان حنينا كافرا فاستقرا على النكاح وكان ذلك كله ونساؤهن مدخول بهن لم تنقض عددهن ولم أعلم مخالفا في أن المتخلف عن الإسلام منهما إذا انقضت عدة المرأة قبل أن يسلم انقطعت العصمة بينهما وسواء خرج المسلم من دار الحرب وأقام المتخلف فيها أو خرج المتخلف عن الإسلام أو خرجا معا

صفحة : 1633

أو أقاما معا لا تصنع الدار في التحريم والتحليل شيئا إنما يصنعه اختلاف الدينين. تفريع إسلام أحد الزوجين قبل الآخر في العدة قال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا كان الزوجان مشركين وثنيين أو مجوسيين عربيين أو أعجميين من غير بني إسرائيل ودانا دين اليهود والنصارى أو أي دين دانا من الشرك إذا لم يكونا من بني إسرائيل أو يدينان دين اليهود والنصارى فأسلم أحد الزوجين قبل الآخر وقد دخل الزوج بالمرأة فلا يحل للزوج الوطء والنكاح موقوف على العدة فإن أسلم المتخلف عن الإسلام منهما قبل انقضاء العدة فالنكاح ثابت وإن لم يسلم حتى تنقضي العدة فالعصمة منقطعة بينهما وانقطاعها فسخ بلا طلاق وتنكح المرأة من ساعتها من شاءت ويتزوج أختها وأربعا سواها وعدتها عدة المطلقة. فإن نكحت المرأة قبل أن تنقضي العدة فالنكاح مفسوخ فإن أصابها الزوج الذي نكحته فلها مهر مثلها وإن أسلم المتخلف عن الإسلام منهما قبل انقضاء عدتها فهي امرأته ويجتنبها حتى تنقضي عدتها من النكاح الفاسد وسواء كانت هي المسلمة قبل الزوج أو الزوج قبلها. فإن كان الزوج المسلم منهما لم يكن له أن ينكح أخت المرأة في العدة فإن فعل فالنكاح مفسوخ وكذلك لا ينكح أربعا سواها. وإن كانت هي المسلمة وهو المتخلف عن الإسلام فنكح أختها أو أربعا سواها ثم أسلم وأسلمن قبل انقضاء عدتها أمسك أربعا أيهن شاء وفارق سائرهن. قال: والنصرانيان واليهوديان في هذا كالوثنيين إذا أسلمت المرأة قبل الرجل. قال الشافعي: فإن أسلم الرجل قبل المرأة فهما على النكاح لأنه يجوز للمسلم أن يبتدىء نكاح يهودية ونصرانية قال: والأزواج في هذا الأحرار والمماليك سواء وإن كان أحد من بني إسرائيل مشركا يدين بغير دين اليهود والنصارى فهو كمن وصفنا من أهل الأوثان. ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

صفحة : 1634


الإصابة والطلاق والموت والخرس قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا دخل الوثني بامرأته ثم أسلم أحدهما ثم مات أحد الزوجين لم يتوارثا فإن كان الزوج الميت أكملت عدتها من انقطاع العصمة عدة الطلاق ولم تعتد عدة وفاة. وإن خرس المتخلف عن الإسلام منهما أو عته حتى تنقضي عدة المرأة فقد انقطعت العصمة بينهما ولو وصف الإسلام وهو لا يعقله فقد انقطعت العصمة بينهما لا تثبت العصمة إلا بأن يسلم وهو يعقل الإسلام. وكذلك لو كان المتخلف منهما عن الإسلام صبيا لم يبلغ فوصف الإسلام كانت العصمة بينهما منقطعة. ولو وصفه سكران كانا على النكاح لأني ألزم السكران إسلامه وأقتله إن لم يثبت عليه ولا ألزم ذلك المغلوب على عقله بغير السكر ولا ألزمه الصبي ولا أقتله إن لم يثبت عليه. ولو كان الزوج هو المسلم والمرأة هي المتخلفة وهي مغلوبة على عقلها أو غير بالغ فوصفت الإسلام قطعت العصمة بينهما. ولو أسلمت بالغة غير مغلوبة على عقلها إلا من سكر خمر أو نبيذ مسكر أثبت النكاح لأني أجبرها على الإسلام وأقتلها إن لم تفعل. ولو شربت دواء فيه بعض السموم فأذهب عقلها فارتدت أو فعل هو فارتد أو كان أحدهما مشركا فأسلم ثم أفاق فأقام على أصل دينه لم أجعل لردتهما وإسلامهما في أوان ذهاب عقلهما حكما وهما كما كانا أولا على أي دين كانا حتى يحدثا غيره وهما يعقلان. ID ' ' ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 1635


أجل الطلاق في العدة قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أسلم أحد الزوجين فوقفنا النكاح على العدة فطلق الزوج المرأة فالطلاق موقوف. فإن أسلم المتخلف عن الإسلام منهما في العدة وقع الطلاق وإن لم يسلم حتى تنقضي العدة فالطلاق ساقط لأنا قد علمنا أنه لم يسلم المتخلف منهما حتى انقطعت العصمة وأنه طلق غير زوجة. قال: وهكذا لو آلى منها أو تظاهر وقف فلزمه إن أسلم المتخلف منهما في العدة وسقط إن انقطعت العصمة. وإذا أسلم أحد الزوجين فخالعته كان الخلع موقوفا فإن أسلم المتخلف منهما فالخلع جائز وإن لم يسلم حتى تنقطع العصمة فالخلع باطل وما أخذ فيه مردود. وكذلك لو خيرها فاختارت طلاقا أو جعل أمرها بيد رجل فطلقها. كان موقوفا كما وصفت ولو أبرأته من صداق بلا طلاق أو وهب لها شيئا جازت براءتها وهبته كما يجوز للأزواج والمطلقات ومن الأزواج والمطلقات. الإصابة في العدة قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو أسلم الرجل ولم تسلم امرأته في العدة فأصابها كانت الإصابة محرمة عليه لاختلاف الدينين ويمنع منها حتى تسلم أو تبين. فإن أسلمت في العدة لم يكن لها مهر لأنا علمنا أنه أصابها وهي امرأته وإن كان جماعها محرما كما يكون محرما عليه بحيضها وإحرامها وغير ذلك فيصيبها فلا يكون لها عليه صداق. وإن لم تسلم حتى تنقضي عدتها من يوم أسلم فقد انقطعت عصمتها منه ولها عليه مهر مثلها وتكمل عدتها من يوم كانت الإصابة تعتد فيها بما مضى من عدتها يوم أسلم وهكذا لو كانت هي المسلمة وهو الثابت على الكفر إذا حاكمت إلينا. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أسلمت المرأة قبل الزوج ثم أسلم الزوج وهي في العدة فهما على النكاح وإن أسلم الزوج بعد العدة انقطعت العصمة بينهما ولها عليه النفقة في العدة في الوجهين جميعا لأنها كانت محبوسة عليه وكان له متى شاء أن يسلم فيكونان على النكاح. ولو كان الزوج هو المسلم وهي المتخلفة عن الإسلام ثم أسلمت في العدة أو لم تسلم حتى تنقضي لم يكن لها نفقة في أيام كفرها لأنها هي المانعة لنفسها منه. ولو كان الزوج دفع إليها النفقة في العدة ثم لم تسلم فأراد الرجوع عليها بها لم يكن ذلك له لأنه تطوع لها بشيء ودفعه إليها ولو كان إنما دفعه إليها على أن تسلم فأسلمت أو لم تسلم كان له الرجوع فيه ولا جعل لأحد على

صفحة : 1636

الإسلام إلا أن يشاء الجاعل أن يسلمه لها متطوعا. ولو اختلفا في الإسلام فقالت: أسلمت يوم أسلمت أنت ولم تعطني نفقة وقال: بل أسلمت اليوم فالقول قوله مع يمينه ولا نفقة عليه إلا أن تأتي ببينة على ما قالت فنأخذ لها نفقتها منه من يوم قامت البينة أنها أسلمت. الزوج لا يدخل بامرأته قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا كان الزوجان وثنيين ولم يصب الزوج امرأته وإن خلا بها وقفتهما فإن أسلم الرجل قبل المرأة فقد انقطعت العصمة بينهما ولها نصف المهر إن كان فرض لها صداقا حلالا وإن كان فرض صداقا حراما فنصف مهر مثلها وإن لم يكن فرض فالمتعة لأن فسخ النكاح كان من قبله فإن أسلمت المرأة قبله فقد انقطعت العصمة ولا شيء لها من صداق ولا متعة لأن فسخ النكاح من قبلها ولو أسلما جميعا معا فهما على النكاح. وإن جاءا مسلمين معا وقد علمنا أن أحدهما أسلم أولا ولا ندري أيهما هو فالعصمة منقطعة ولا نصف مهر حتى نعلم أن الزوج أسلم أولا. ولو ادعت المرأة أن الزوج أسلم أولا وقال هو: بل أسلمت أولا فالقول قولها مع يمينها وعلى الزوج البينة لأن العقد ثابت فلا يبطل نصف المهر إلا بأن تسلم قبله. ولو جاءانا مسلمين فقال الزوج: أسلمنا معا وقالت المرأة: أسلم أحدنا قبل الآخر كان القول قول الزوج مع يمينه ولا تصدق المرأة على فسخ النكاح. قال الشافعي: وفيها قول آخر: أن النكاح منفسخ حتى يتصادقا أو تقوم بينة على أن إسلامهما كان معا لأن الإسلام فسخ العدة إلا أن يكون معا فأيهما ادعى فسخها كان القول قوله مع يمينه. ولو كانت المرأة التي قالت: أسلمنا معا وقال الزوج: بل أسلم أحدنا قبل الآخر انفسخ النكاح بإقراره بأنه منفسخ ولم يصدق هو على المهر وأغرم لها نصف المهر بعد أن تحلف بالله أن إسلامهما معا. ولو شهد على إسلام المرأة ثم جاء الزوج فقال: قد أسلمت معها كلف البينة فإن جاء بها كانت امرأته وإن لم يأت بها فقد علمنا إسلامها قبل أن نعلم إسلامه فتحلف له ما أسلم إلا قبلها أو بعدها وتنقطع العصمة بينهما وأيهما كلفناه البينة على أن إسلامهما كان معا أو على وقت إسلامه ليدل على أن إسلامهما كان معا لم تقبل بينته حتى يقطعوا على أنهما أسلما جميعا معا فإن شهدوا لأحدهما دون الآخر فشهدوا أنه أسلم يوم كذا من شهر كذا حين غابت الشمس لم يتقدم ذلك ولم يتأخر أو طلعت الشمس لم يتقدم ذلك ولم يتأخر وعلم أن إسلام الآخر كان في ذلك الوقت أثبتنا النكاح وإن قالوا: مع مغيب الشمس أو زوالها أو طلوع الشمس لم يثبت

صفحة : 1637

النكاح لأنه يمكن أن يقع هذا على وقتين أحدهما قبل الآخر. اختلاف الزوجين قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو أن رجلا دخل بامرأته وأصابه ثم أتيانا معا مسلمين فقالت المرأة: كنا مشركين فأسلمت قبله أو أسلم قبلي وانقضت عدتي قبل أن يسلم المتأخر منا وقال الزوج: ما كنا قط إلا مسلمين أو قال: كنا مشركين فأسلمنا معا أو أسلم أحدنا قبل الآخر ولم تنقض عدة المرأة حتى أسلم المتخلف عن الإسلام منا فإن قامت بينة أخذت بها وإن لم تقم بينة فالقول قول الزوج ولا تصدق المرأة على إفساد النكاح لأنهما يتصادقان على عقده وتدعي المرأة فسخه ولو كان الرجل هو المدعي فسخه لزمه فسخه بإقراره ولم يصدق على نصف الصداق لو كان لم يدخل بها وتحلف وتأخذه منه. ولو أن امرأة ورجلا كافرين أتيانا مسلمين فتصادقا على النكاح في الكفر وهي ممن تحل له بحال كانت زوجته ولو تناكرا لم تكن زوجته إلا ببينة تقوم على نكاح أو إقرار من كل واحد منهما بالنكاح أو إقرار من المنكر منهما للنكاح ثم تكون زوجته. الصداق قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا تناكح الزوجان المشركان بصداق يجوز لمسلم أن ينكح به ودخل بها الزوج ثم انقطعت العصمة بينهما وأسلما فالمهر للمرأة ما كان فإن كانت قبضته فقد استوفت وإن لم تكن قبضته أخذته من الزوج وإن تناكرا فيه فقال الزوج: قد قبضته وقالت المرأة: لم أقبضه فالقول قول المرأة وعلى الزوج البينة. وهكذا لو لم يكن النكاح انفسخ أو أسلم أحدهما ولم يسلم الآخر وإن كان الصداق فاسدا فلها مهر مثلها وإن كان الصداق محرما مثل الخمر وما أشبهه فلم تقبضه فلها مهر مثلها وإن قبضته بعد ما أسلم أحد الزوجين فلها مهر مثلها وليس لمسلم أن يعطي خمرا ولا لمسلم أن يأخذه وإن قبضته وهما مشركان فقد مضى وليس لها غيره لأن الله عز وجل يقول: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا فأبطل ما أدرك الإسلام ولم يأمرهم برد ما كان قبله من الربا. فإن كان أرطال خمر فأخذت نصفه في الشرك وبقي نصفه أخذت منه نصف صداق مثلها وكذلك إن كان الباقي منه الثلث أو الثلثين أو أقل أو أكثر رجعت بعده بما يبقى منه من صداق مثلها ولم يكن لواحد منهما أخذ الخمر في الإسلام إذا كان المسلم يعطيه مشركا أو المشرك يعطيه مسلما. وإن أخذه أحدهما في

صفحة : 1638

الإسلام إهراقه ولم يرده على الذي أخذه منه بحال إلا أن يعود خلا من غير صنعة آدمي فيرد الخل إلى دافعه لأنه عين ماله صارت خلا وترجع بمهر مثلها. ولو صارت خلا من صنعة آدمي إهراقها ولم يكن لها الاستمتاع بها ولا ردها وترجع بما بقي من الصداق. وإن كان الزوجان مسلمين في أي دار كانا في دار الإسلام أو دار الحرب فارتد أحدهما فالقول فيه كالقول في الزوجين الوثنيين: يسلم أحدهما لا يختلف في حرف من فسخ النكاح وغيره من التحريم لأنه في مثل معنى ما حكم به رسول الله ﷺ في الزوجين الحربيين: يسلم أحدهما قبل الآخر أنه يثبت النكاح إذا أسلم آخرهما إسلاما قبل مضي العدة فوجدت في سنة رسول الله ﷺ إثبات عقد النكاح في الشرك وعقد نكاح الإسلام ثابت ووجدت في حكم الله تبارك وتعالى تحريم المسلمات على المشركين وتحريم المشركات من أهل الأوثان على المسلمين ووجدت أحد الزوجين إذا ارتد حرم الجماع أيهما كان المسلم المرأة أولا أو الزوج فلا يحل وطء كافرة لمسلم. أو الزوجة فلا يحل وطء مسلمة لكافر فكان في جميع معاني حكم النبي ﷺ لا يخالفه حرفا واحدا في التحريم والتحليل. فإن ارتد الزوج بعد الوطء حيل بينه وبين المزوجة فإن انقضت عدتها قبل أن يرجع الزوج إلى الإسلام انفسخ النكاح وإن ارتدت المرأة أو ارتدا جميعا أو أحدهما بعد الآخر فهكذا أنظر أبدا إلى العدة فإن انقضت قبل أن يصيرا مسلمين فسختها وإذا أسلما قبل أن تنقضي العدة فهي ثابتة. قال الشافعي: في المسلمين يرتد أحدهما والحربيين يسلم أحدهما ثم يخرس المرتد منهما قبل أن يسلم أو يغلب على عقله إذا مضت العدة قبل أن يسلم المتخلف عن الإسلام منهما انقطعت العصمة والعقدة فإذا لم تثبت إلا بأن يكونا مسلمين قبل انقضاء العدة فقد انقضت العدة قبل أن يكونا مسلمين ولو خرس المرتد منهما وقد أصابها الزوج قبل الردة ولم يذهب عقله فأشار بالإسلام إشارة تعرف وصلى قبل انقضاء العدة أثبتنا النكاح فإن كان هو الزوج فنطق فقال: كانت إشارتي بغير إسلام وصلاتي بغير إيمان إنما كانت لمعنى يذكره جعلنا عليه الصداق وفرقنا بينهما إن كانت العدة مضت وإن لم تكن مضت حلنا بينه وبينها حتى تنقضي العدة الأولى وإن كان أصابها بعد الردة جعلنا صداقا آخر وتستقبل العدة من الجماع الآخر وتكمل عدتها من الأول وتعتد بها في الآخر وإن كان أسلم في العدة الآخرة لم يكن له أن يثبت النكاح فيها لأنها إنما تعتد من نكاح فاسد ولو أسلم في بقية العدة الأولى ثبت النكاح. قال الشافعي:

صفحة : 1639

وإذا كانت الزوجة المرتدة فأشارت بالإسلام إشارة تعرف وصلت فخلي بينها وبين زوجها فأصابها فقالت: كانت إشارتي بغير الإسلام وصلاتي في غير الإسلام لم تصدق على فسخ النكاح وجعلت الآن مرتدة تستتاب وإلا تقتل فإن رجعت في عدتها إلى الإسلام ثبتا على النكاح. قال الشافعي: وإن كان الزوج المرتد فهرب واعتدت المرأة فجاء مسلما وزعم أن إسلامه كان قبل إتيانه بشهر وذلك الوقت قبل مضي عدة زوجته وقد انقضت عدتها فأنكرت إسلامه إلا في وقت خرجت فيه من العدة فالقول قولها مع يمينها وعليه البينة. وإذا انفسخت العدة بين الكافرين يسلم أحدهما أو المسلمين يرتد أحدهما بانقضاء العدة تزوجت المرأة مكانه وتزوج الرجل أختها وأربعا سواها. الفسخ بين الزوجين بالكفر و لا يكون إلا بعد انقضاء العدة قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو أن نصرانيين أو يهوديين من بني إسرائيل كانا زوجين فأسلم الزوج كان النكاح كما هو لأن اليهودية والنصرانية حلال للمسلم لا يحرم عليه ابتداء نكاحها. ولوكانت المرأة المسلمة كانت المسألة فيها كالمسألة في الوثنيين تسلم المرأة فيحال بين زوج هذه وبينها فإن أسلم وهي في العدة فهما على النكاح وإن لم يسلم حتى تنقضي العدة انقطعت العصمة بينهما وإن لم يكن دخل بها انقطعت العصمة بسبقها إياه إلى الإسلام لأنها لا عدة عليها. ولو أن مسلما تحته يهودية أو نصرانية فارتدت فتمجست أو تزندقت فصارت في حال من لا تحل له كانت في فسخ النكاح كالمسلمة ترتد إن عادت إلى الدين الذي خرجت منه من اليهودية أو النصرانية قبل مضي العدة حلت له وإن لم تعد حتى تنقضي العدة فقد انقطعت العصمة بينهما. فأما من دان دين اليهود والنصارى من العرب والعجم غير بني إسرائيل في فسخ النكاح وما يحرم منه ويحل فكأهل الأوثان وعدة الحرة سواء مسلمة كانت أو كتابية أو وثنية تحت وثني أسلم أو لم يسلم إذا حكمنا عليه وعدة كل أمة سواء مسلمة أو كتابية. ولا يحل نكاح أمة من أهل الكتاب لمسلم أو أمة حربية لحر حربي كل من حكمنا عليه فإنما نحكم عليه حكم الإسلام. ولو كان الزوجان حربيين كتابيين فأسلم الزوج كانا على النكاح وأكره نكاح أهل الحرب. ولو نكح وهو مسلم حربية كتابية لم أفسخه وإنما كرهته لأني أخاف عليه هو أن يفتنه أهل الحرب على دينه أو يظلموه وأخاف على ولده أن يسترق أو يفتن عن دينه فأما أن تكون الدار تحرم شيئا أو تحله فلا. و لو حرم عليه وحل بالدار لزمه أن يحرم عليه نكاح مسلمة

صفحة : 1640

مقيمة في دار الحرب وهذا لا يحرم عليه فالدار لا تحل شيئا من النكاح ولا تحرمه إنما يحله الرجل يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة قال الله تبارك وتعالى: فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع . قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن رسول الله ﷺ قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة: أمسك أربعا وفارق سائرهن . أخبرني الثقة ابن علية أو غيره عن معمر عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه: أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له النبي ﷺ: أمسك أربعا وفارق أو دع سائرهن أخبرني من سمع محمد بن عبد الرحمن يخبر عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن نوفل بن معاوية. قال الشافعي: فدلت سنة رسول الله ﷺ على أن انتهاء الله عز وجل في العدد بالنكاح إلى أربع تحريم أن يجمع رجل بنكاح بين أكثر من أربع. ودلت سنة رسول الله ﷺ على أن الخيار فيما زاد على أربع إلى الزوج فيختار إن شاء الأقدم نكاحا أو الأحدث وأي الأختين شاء كان العقد واحدا أو في عقود متفرقة لأنه عفا لهم عن سالف العقد ألا ترى أن النبي ﷺ لم يسأل غيلان عن أيهن نكح أولا ثم جعل له حين أسلم وأسلمن أن يمسك أربعا ولم يقل الأوائل أو لا ترى أن نوفل بن معاوية يخبر أنه طلق أقدمهن صحبة ويروى عن الديلمي أو ابن الديلمي أنه أسلم وعنده أختان فأمره النبي ﷺ أن يمسك أيتهما شاء و يطلق الأخرى فدل ما وصفت على أنه يجوز كل عقد نكاح في الجاهلية كان عندهم نكاحا إذا كان يجوز مبتدؤه في الإسلام بحال وأن في العقد شيئين: أحدهما العقد الفائت في الجاهلية والآخر: المرأة التي تبقى بالعقد فالفائت لا يرد إذا كان الباقي بالفائت يصلح بحال وكان ذلك كحكم الله تعالى في الربا قال الله تعالى: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ولم يجز أن يقال: إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة أمسك الأوائل لأن عقدهن صحيح وذلك أنه ليس من عقد الجاهلية صحيح لمسلم لأنه بشهادة أهل الشرك ولكنه كما وصفت معفو لهم عنه كما عفي عما مضى من الربا. فسواء ما كان عندهم نكاحا لا يختلف فكان في أمر الله عز و جل برد ما بقي من الربا دليل على أن ما قبض منه في الجاهلية لا يرد لأنه تم في الجاهلية وأن ما عقد ولم يتم بالقبض حتى جاء الإسلام يرد فكذلك حكم رسول الله ﷺ بتمام العقد عندهم

صفحة : 1641

وإن كان لا يصلح أن يعقد مثله في الإسلام بحال فإذا كان يصلح أن يعقد نكاح المنكوحة في الإسلام بحال تمت وأمر أن يمسك بالعقد في الجاهلية وإذا كان لا يصلح أن يبتدأ في الإسلام بحال كان الاستمتاع بها لأنها عين قائمة لا يجوز كما لا يجوز أخذ الربا في الإسلام لأنه عين قائمة لم نكاح المشرك قال الشافعي رحمه الله تعالى: فأي مشرك عقد في الشرك نكاحا بأي وجه ما كان العقد وأي امرأة كانت المنكوحة فأسلم متأخر الإسلام من الزوجين والمرأة في عدتها حتى لا تكون العدة منقضية إلا وهما مسلمان فإن كان يصلح للزوج ابتداء نكاحها ساعة اجتمع إسلامهما بحال فالنكاح ثابت ولا يكون للزوج فسخه إلا بإحداث طلاق وإن كان لا يصلح للزوج ابتداء نكاحها حيث يجتمع إسلامهما بحال فالنكاح في الشرك منفسخ فلو جاءت عليها بعد اجتماع إسلامهما مدة يحل بها ابتداء نكاحها لم يحل نكاح الشرك ويحل بابتداء نكاح غيره في الإسلام إلا ما ذكرنا أنه يزيد على أربع من النساء فإن ذلك معنى غير هذا. ولا ينظر إلى عقده في الشرك بولي أو غير ولي أو شهود أو غير شهود وبأي حال كان يفسد فيها في الإسلام أو نكاح محرم أو غيره مما عقد إلى غير مدة تنقطع بغير الموت. وسواء في هذا نكاح الحربي والذمي والموادع وكذلك هم سواء في المهور والطلاق والظهار والإيلاء ويختلف المعاهد وغيره في أشياء نبينها إن شاء الله تعالى. ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 1642


تفريع نكاح أهل الشرك قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا نكح الرجل المرأة في عدتها في دار الحرب مشركين فأنظر إذا اجتمع إسلامهما فإن كانت خارجة من العدة فالنكاح ثابت لأنه يصلح له حينئذ ابتداء نكاحها وإن كانت في شيء من العدة فالنكاح مفسوخ وليس لها أن تنكحه ولا غيره حتى تكمل العدة لأنه ليس له حينئذ أن يبتدىء نكاحها. فإن كان أصابها في العدة أكملت العدة منه وتدخل فيها العدة من الذي قبله لأنهما لو لم يجتمع إسلامهما إلا بعد مضي عدتها من الأول أثبت النكاح ولم أرده بالعدة كما أرده في الإسلام بالعدة مكانه وبعد مدة طويلة. ولو اجتمع إسلام الزوج وعنده أربع إماء فإن كان موسرا فنكاحهن كلهن منفسخ وكذلك إن كان معسرا لا يخاف العنت فإن كان معسرا لا يجد ما ينكح به حرة ويخاف العنت أمسك أيتهن شاء وانفسخ نكاح البواقي وإن أسلم بعضهن بعده فسواء ينتظر إسلام البواقي. فمن اجتمع إسلامه وإسلام الزوج قبل مضي عدة المسلمة كان له الخيار فيه. ولو أسلم رجل وعنده أم وابنتها فإن كان دخل بواحدة منهما فنكاحهما عليه محرم على الأبد إن كان دخل بالأم فالبنت ربيبته من امرأة قد دخل بها وإن كان دخل بالبنت فالأم أم امرأة قد دخل بها فإن لم يكن دخل بواحدة منهن كان له أن يمسك البنت إن شاء ولم يكن له أن يمسك الأم أولا كانت أو آخرا إذا ثبت له العقدان في الشرك إذا جاز أحدهما في الإسلام بحال جاز نكاح البنت بعد الأم إذا لم يدخل بالأم ولا يجوز نكاح الأم وإن لم يدخل بالبنت لأنها مبهمة ولو أسلم رجل وعنده أم وابنتها قد وطئهما بملك اليمين حرم عليه وطؤهما على الأبد. ولو كان وطىء الأم حرم عليه وطء البنت ولو كان وطىء البنت حرم عليه وطء الأم ويمسكهن في ملكه وإن حرمت عليه فروجهن أو فرج من حرم فرجه منهن. ولو أسلم وعنده امرأة وعمتها أو امرأة وخالتها قد دخل بهما أو لم يدخل أو دخل بإحداهما ولم يدخل بالأخرى كان ذلك كله سواء ويمسك أيتهما شاء ويفارق الأخرى ولا يكره من هاتين إلا ما يكره من الجمع بين الأختين وكل واحدة منهما حلال على انفراد بعد صاحبتها وهكذا الأختان إذا أسلم وهما عنده لا يخالفان المرأة وعمتها والمرأة وخالتها. قال الشافعي: ولو أسلم وعنده أمة وحرة أو إماء وحرة فاجتمع إسلامهن في العدة فنكاح الإماء مفسوخ والحرة ثابت معسرا يخاف العنت كان أو غير معسر ولا بخائف للعنت لأن عنده حرة فلا يكون له ابتداء نكاح أمة بحال. ولو كانت المسألة بحالها

صفحة : 1643

فطلق الحرة قبل أن تسلم أو بعد ما أسلمت وقد أسلم أو لم يسلم ثلاثا وكان معسرا يخاف العنت ثم اجتمع إسلامه وإسلام الإماء وقف نكاحهن فإن اجتمع إسلامه وإسلام الحرة في عدتها فنكاح الإماء مفسوخ والحرة طالق ثلاثا لأنا قد علمنا أنها زوجة ولها المهر الذي سمى لها إن كان دخل بها ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وإن لم يجتمع إسلامهما حتى تنفضي عدتها فنكاح الحرة مفسوخ بغير طلاق والطلاق غير واقع عليها لأنا قد علمنا إذا مضت العدة قبل أن يجتمع إسلامهما أنه طلق غير زوجة ويختار من الإماء واحدة إذا كان له أن يبتدىء نكاح أمة فإذا اجتمع اسلامه وإسلامهن وهو ممن ليس له أن يبتدىء نكاح أمة انفسخ نكاحهن معا. ولو كان عنده إماء أو أمة فأسلم وهو ممن له أن يبتدىء نكاح أمة فاجتمع إسلامه وإسلام الأمة في حال يكون له فيها ابتداء نكاح أمة كان له أن يمسك من الإماء اللاتي اجتمع إسلامهن وإسلامه وله نكاح أمة. وإن أسلم بعضهن قبل بعض وأيسر بعد عسر بحرة لم يحرم عليه إمساك واحدة منهن لأني أنظر إلى حاله حين اجتمع إسلامه وإسلامهن وإن اختلف وقت إسلامهن فأيهن كان إسلامه وهو يحل له ابتداء نكاحه كان له أن يمسك واحدة من الإماء ولم يجز له أن يمسك واحدة من اللاتي أسلمن وهو لا يحل له إمساك واحدة منهن. وإذا كانت عنده أمة وحرائر أو حرائر وإماء وهو ممن له أن ينكح أمة فاجتمع إسلامه وإسلام أمة أو أكثر من الإماء وقف عنهن فإن أسلمت حرة في عدتها فقد انفسخ نكاح الإماء كلهن اللاتي أسلمن وتخلفن وإن لم تسلم واحدة من الحرائر حتى تنقضي عددهن اختار من الإماء واحدة إن كن أكثر من واحدة وثبتت عنده واحدة إن لم يكن غيرها. ولو اجتمع إسلامه وإسلام أمة أو إماء فعتقن بعد اجتماع إسلامه لاسلام حرة وقفناهن فإن أسلمت الحرة في العدة فنكاحهن منفسخ وإن لم يجتمع إسلامه وإسلام حرة في عدة اختار من الإماء واحدة إذا كان ممن يحل له نكاح الإماء لأني إنما أنظر إلى يوم يجتمع إسلامه وإسلامها فإن كان يجوز له في ذلك الوقت ابتداء نكاحها جعلت له إمساكها إن شاء وإن كان ممن لا يجوز له ابتداء نكاحها لم أثبت نكاحها معه بالعقد الأول بمدة تأتي بعدها. ولو عتقن قبل أن يسلمن كن كمن ابتدأ نكاحه وهن حرائر وكذلك لو أسلمن هن وهو كافر فلم يجتمع إسلامه وإسلامهن حتى يعتقن كان كمن ابتدأ نكاحه وهن حرائر. ولو كان عند عبد أربع إماء فأسلم وأسلمن قيل له: أمسك اثنتين وفارق سائرهن ولو كان عنده حرائر فاجتمع إسلامه وإسلامهن ولم ترد واحدة منهن فراقه

صفحة : 1644

قيل له: أمسك اثنتين وفارق سائرهن وكذلك إن كن إماء وحرائر مسلمات أو كتابيات. ولو كن إماء فعتقن قبل إسلامه فاخترن فراقه كان ذلك لهن لأنه يكون لهن بعد إسلامه وعددهن عدد حرائر فيحصين من يوم اخترن فراقه فإذا اجتمع إسلامه وإسلامهن في العدة فعددهن عدد حرائر من يوم اخترن فراقه وإن لم يجتمع إسلامه وإسلامهن في العدة فعددهن عدد حرائر من يوم أسلم متقدم الإسلام منهما لأن الفسخ كان من يومئذ إذا لم يجتمع إسلامهما في العدة وعددهن عدد حرائر بكل حال لأن العدة لم تنقض حتى صرن حرائر وإن لم يكن اخترن فراقه ولا المقام معه خيرن إذا اجتمع إسلامه وإسلامهن معا. وإن تقدم إسلامهن قبل إسلامه فاخترن المقام معه ثم أسلم خيرن حين يسلم وكان لهن أن يفارقنه وذلك أنهن اخترن المقام معه ولا خيار لهن إنما يكون لهن الخيار إذا اجتمع إسلامهن وإسلامه ولو اجتمع إسلامه وإسلامهن وهن إماء ثم عتقن من ساعتهن ثم اخترن فراقه لم يكن ذلك لهن إذا أتى عليهن أقل أوقات الدنيا وإسلامهن وإسلامه مجتمع. ولو اجتمع إسلامهن وإسلامه وعتقهن وعتقه معا لم يكن لهن خيار وكذلك لو اجتمع إسلامهن وإسلامه فعتقن فلم يخترن حتى يعتق الزوج لم يكن لهن خيار ولو كان عند عبد أربع حرائر فاجتمع إسلامه وإسلام الأربع معا كأنهن أسلمن معه في كلمة واحدة أو متفرقات ثم عتقن قيل له: اختر اثنتين وفارق اثنتين وسواء أعتق في العدة أو بعد ما تنقضي عددهن لأنه كان يوم اجتمع إسلامه وإسلامهن مملوكا ليس له أن يجاوز اثنتين. قال: وكذلك لو اجتمع إسلامه وإسلام اثنتين في العدة ثم عتق ثم أسلمت الاثنتان الباقيتان في العدة لم يكن له أن يمسك إلا اثنتين أي الاثنتين شاء اللتين أسلمتا أولا أو آخرا لأنه عقد في العبودية وإنما يثبت له عقد العبودية مع اجتماع إسلامه وإسلام أزواجه قبل مضي العدة فلا يثبت له بعقد العبودية إلا اثنتان وإذا اختار اثنتين فهو ترك للاثنتين اللتين اختار غيرهما وله أن ينكحهما مكانه إن شاءتا وذلك أن هذا ابتداء نكاح بعد إذ صار حرا فله في الحرية الجمع بين أربع. وإذا نكح المملوك المملوكة في الشرك ثم أعتق فملكها أو بعضها أو أعتقت فملكته أو بعضه ثم اجتمع إسلامهما معا في العدة وقد أقام في الكفر على النكاح فلا نكاح بينهما. وإذا تزوج الرجل في الشرك فأصاب امرأته ثم أسلم الزوج قبل المرأة أو المرأة قبل الزوج فسواء والنكاح موقوف على العدة. فإذا أسلم المتأخر الإسلام منهما قبل أن تنقضي عدة المرأة والنكاح مما يصلح ابتداؤه في الإسلام ولم يكن فيهن من لا يصلح الجمع بينه فالنكاح ثابت

صفحة : 1645

وهكذا إن كن حرائر ما بين واحدة إلى أربع ولا يقال للزوج اختر وهن أزواجه فإن شاء أمسك وإن شاء طلق وإن مات ورثنه إن متن ورثهن فإن قال: قد فسخت نكاحهن أو نكاح واحدة منهن وقف فإن قال: أردت إيقاع طلاق وقع عليه الطلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق وإن قال: عنيت أن نكاحهن كان فاسدا لم يكن طلاقا ويحلف ما كانت إرادته إحداث طلاق وإن كانت عنده أكثر من أربع فأسلم وأسلمت واحدة في العدة فقال: قد اخترت حبسها ثم أسلمت أخرى فقال: قد اخترت حبسها حتى يقول ذلك في أربع كان ذلك له وثبت نكاحهن باختياره لهن وكان نكاح الزوائد على الأربع منفسخا. ولو قال: كلما أسلمت واحدة قد اخترت فسخ نكاحها وقف فسخه فإن أسلمن معا أو لم يقل من هذا شيئا حتى أسلمن معا أو بعضهن قبل بعض غير أن كل واحدة منهن أسلمت قبل أن تنقضي عدتها خير فقيل: أمسك أربعا أيتهن شئت وفارق سائرهن لأن اختيارك فسخ لمن فسخت ولم يكن لك فسخهن إلا بأن تريد طلاقا ولا عليك فسخ نكاحهن فإذا أمسك أربعا فقد انفسخ نكاح من زاد عليهن بلا طلاق لأنه يجبر على أن يفارق ما زاد على أربع فلا يكون طلاقا ما جبر عليه وإنما أثبتنا له العقد باختياره فإن السنة جعلت له الخيار في إمساك أيتهن شاء فاتبعنا السنة قال: والاختيار أن يقول: قد أمكست فلانة أو قد أمسكت بعقد فلانة أو قد أثبت عقد فلانة أو ما أشبه هذا فإذا قال هذا في أربع انفسخ عقد من زاد عليهن ولو قال: رجعت فيمن اخترت إمساكه منهن واخترت البواقي كان البواقي براء منه لا سبيل له عليهن إلا بنكاح جديد ووقفناه عند قوله: رجعت فيمن اخترت فإن قال: أردت به طلاقا فهو طلاق وهو ما أراد من عدد الطلاق وإن قال: لم أرد به طلاقا أردت أني رأيت الخيار لي أو غير ذلك حلف ما أراد به طلاقا ولم يكن طلاقا. قال الشافعي: وعلى اللاتي فسخ نكاحهن باختيار غيرهن عدة مستقبلة من يوم انفسخ نكاحهن لأنهن مدخول بهن انفسخ نكاحهن وإن قال: ما أردت بقولي قد أثبت عقد فلانة واللاتي قال ذلك لهن معا أو اخترت فلانة أو ما قاله مما يشبه هذا الكلام إثبات عقدهن دون البواقي انفسخ عقد البواقي في الحكم ولم يدين فيه ويثبت عقد اللواتي أظهر اختيارهن ووسعه إصابتهن لأن نكاحهن ثابت لا يزول إلا بأن يفسخه وهو لم يفسخه إنما يفسخه اختيار غيرهن وهو لم يختر غيرهن وأحب إلي أن يحدث لهن اختيارا فيكون ذلك فسخا للبواقي في اللاتي فسخ عقدهن في الحكم ويدين فيما بينه وبين

صفحة : 1646

الله عز وجل فيسعه حبس اللاتي فسخناهن عليه بأن يحدث لهن اختيارا أو يفسخ فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى نكاح اللاتي حكمنا له بهن. قال الشافعي: والحكم كما وصفت فلو اختار أربعا ثم قال: لم أرد اختيارهن وقد اخترت الأربع البواقي ألزمناه الأربع اللاتي اختار أولا وجعلنا اختياره الآخر باطلا كما لو نكح امرأة فقال: ما أردت بنكاحها عقد نكاح الزمناه إياه لأنه الظاهر من قوله وهو أبين أنه له حلال من الامرأة يبتدىء نكاحها لأن نكاحهن ثابت إلا بأن يفسخه وهو لم يفسخه قال: ولو أسلم وثمان نسوة له فقال: قد فسخت عقد أربع بأعيانهن ثبت عقد اللاتي لم يفسخ عقدهن ولم أحتج إلى أن يقول قد أثبت عقد البواقي ولا اخترت البواقي كما لا أحتاج إذا كن أربعا فأسلم وأسلمن إلى أن يقول: قد أثبت عقدهن وهن ثوابت بالعقد الأول واجتماع إسلام الزوجين في العدة قال: وإذا أسلم وعنده أربع منهن أختان وامرأة وعمتها قيل له: أمسك أي الأختين شئت وإحدى المرأتين بنت الأخ أو العمة وفارق اثنتين. قال الشافعي: وإن كان معه أربع نسوة سواهن قيل له: أمسك أربعا ليس لك أن يكون فيهن أختان معا أو المرأة وعمتها معا قال: لو أسلم وعنده حرائر يهوديات أو نصرانيات من بني إسرائيل كن كالحرائر المسلمات لأنه يصلح له أن يبتدئ نكاحهن كلهن ولو كن يهوديات أو نصرانيات من غير بني إسرائيل من العرب أو العجم انفسخ نكاحهن كلهن وكن كالمشركات الوثنيات إلا أن يسلمن في العدة ولو كن من بني إسرائيل يدن غير دين اليهود والنصارى من عبادة وثن أو حجر أو مجوسية لم يكن له إمساك واحدة منهن لأنه لا يكون له ابتداء نكاحهن قال: وكذلك لو كن إماء يهوديات أو نصرانيات من بني إسرائيل انفسخ نكاحهن لأنه لا يصلح له أن يبتدىء نكاحن في الإسلام. قال الشافعي: ولو أسلم رجل وعنده أكثر من أربع نسوة قد أصاب منهن أربعا ولم يصب أربعا وأسلمن قبله أو بعده غير أن إسلام اللاتي لم يدخل بهن كلهن كان قبله أو بعده فالعصمة بينه وبين اللاتي لم يدخل بهن منقطعة ونكاح اللاتي دخل بهن ثابت وهو كرجل أسلم وعنده أربع نسوة ليس عنده غيرهن. قال الشافعي: ولو كانت المسألة بحالها فأسلمن قبله أو أسلم قبلهن ثم أصاب واحدة من اللاتي لم يدخل بهن كانت إصابته إياها محرمة وعليه لها مهر مثلها للشبهة وذلك أنها بعد انقطاع العصمة بينهما ولم يكن له أن يمسكها وكان له أن يبتدىء نكاحها إذا لم يكن عنده أربع سواها ولا من يحرم أن يجمع بينها وبينه ولها عليه صداق مثلها

صفحة : 1647

بالإصابة وعليها العدة والولد لاحق إن كان ولد ولا حد على واحد منهما للشبهة. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أسلم الرجل وعنده أربع نسوة أو أكثر فأسلم بعضهن فسأل أن يخير فيهن وفي البواقي لم نقفه في التخيير حتى يسلم البواقي في عددهن أو تنقضي عددهن قبل أن يسلمن ثم يخير إذا اجتمع إسلامه وإسلام أكثر من أربع فيهن وله أن يختار إمساك أربع من اللاتي أسلمن فيكون ذلك فسخا لنكاح البواقي المتخلفات عن الإسلام أسلمن أو لم يسلمن وكذلك لو اختار واحدة أو اثنتين ينتظر من بقي ويكون له الخيار فيمن بقي حتى يكمل أربعا وإن كن ثمانيا فأسلم أربع فقال: قد اخترت فسخ نكاحهن وحبس البواقي غيرهن وقفت الفسخ فإن أسلم الأربع البواقي في عددهن فعقد الأوائل منفسخ بالفسخ المتقدم وإن مضت عددهن قبل أن يسلمن فهي كالمسألة قبلها فإن كان أراد به إيقاع طلاق فهو طلاق وإن لم يرد به إيقاع حلف وكن نساءه. وإذا أسلم الرجل وعنده أكثر من أربع نسوة فأسلمن فقيل له: اختر فقال: لا أختار حبس حتى يختار وأنفق عليهن من ماله لأنه مانع لهن بعقد متقدم وليس للسطان أن يطلق عليه كما يطلق على المولى فإن امتنع مع الحبس أن يختار عزر و حبس أبدا حتى يختار ولو ذهب عقله في حبسه خلي وأنفق عليهن من ماله حتى يفيق فيختار أو يموت وكذلك لو لم يوقف ليختار حتى يذهب عقله فإن مات قبل أن يختار أمرنا هن معا أن يعتددن الآخر من أربعة أشهر وعشر أو ثلاثة حيض لأن فيهن أربع زوجات متوفى عنهن وأربع منفسخات النكاح ولا نعرفهن بأعيانهن قال: ويوقف لهن ميراث أربع نسوة حتى يصطلحن فيه فإن رضي بعضهن بالصلح ولم يرض بعضهن فكان اللاتي رضين أقل من أربع أو أربعا لم نعطهن شيئا لأنهن لو رضين فأعطيناهن نصف الميراث أو أقل احتملن أن يكون اللاتي لا شيء لهن فإن رضي خمس منهن بالصلح فقلن العلم يحيط أن لواحدة منا ربع الميراث فأعطنا ربع ميراث امرأة لم أعطهن شيئا حتى يقررن معا أن لا حق لهن في الثلاثة الأرباع الباقية من ميراث امرأة فإذا فعلن أعطيتهن ربع ميراث امرأة ودفعت ثلاثة أرباع ميراث امرأة إلى الثلاث البواقي سواء بينهن فإن كن اللاتي رضين ستا فرضين بالنصف أعطيتهن إياه وإن كن سبعا فرضين بالثلاثة الأرباع أعطيتهن إياه وأعطيت الربع الباقية وإنما قلت: لا أعطي واحدة منهن بالصلح شيئا حتى يرضين فيما وصفت أني أعطيتهن فيه أن يقطعن حقوقهن من الباقي أني إذا أعطيتهن حقوقهن حتى يأتي

صفحة : 1648

على الثلاثة الأرباع كنت إذا وقفت الربع لواحدة أعطيتهن ومنعتها ولم تطب لهن نفسا وإن أعطيتها الربع أعطيتها ما أخذت امرأتان بلا تسليم منهن ذلك لها وأكثر حالها أن يكون لها حظ امرأة وقد لا يكون لها شيء وإذا قطعن حقوقهن عن الباقي فلم أعطها إلا ما يجوز لي أن أعطيها إياه إما حق لها وإما حق لهن تركته لها أو لبعضهن تركته لها قال: وينبغي أن لأبي الصبية وولي اليتيمة أن يأخذ لها نصف ميراث امرأة إن صولح عليه فأكثر إذا لم يعلم لها بينة تقوم ولا يأخذ لها أقل وإن كن هن الميتات أو واحدة منهن وهو الباقي قيل له: افسخ نكاح أيتهن شئت وخذ ميراث اللاتي لم تفسخ نكاحهن ويوقف له ميراث زوج كلما ماتت منهن واحدة حتى يختار أربعا فيأخذ مواريثهن وإذا ادعى بعضهن أو ورثة بعضهن بعد موتها أنه فسخ نكاح واحدة منهن أحلف ما فعل وأخذ ميراثها. من ينفسخ نكاحه من قبل العقد ومن لا ينفسخ قال الشافعي رحمه الله تعالى. ولو أسلم وعنده امرأة عقد نكاحها غير مطلق وأسلمت لم يكن له أن يثبت على نكاحها لأنها لم يعقد عليها عقد نكاح وذلك أن يكون نكاحها متعة والناكح متعة لم يملك أمرا لامرأة على الأبد إنما ملكها مدة دون مدة أو نكحها على أنها بالخيار أو أن رجلا أو امرأة غيرها بالخيار أو أنه هو بالخيار لأن هذا كله في معنى أنه لم يملك أمرها بالعقد مطلقا ولو أبطلت الناكحة متعة شرطها على الزوج قبل ألا يسلم واحد منهما ثم أسلم لم تكن امرأته لأنه لم يعقد لها على الأبد ولم يكن شرطه عليها في العقد ولو اجتمعت هي وهو فأبطلا الشرط قبل أن يسلم واحد منهما ثم أسلما معا فالنكاح مفسوخ إلا أن يبتدئا نكاحا في الشرك غيره قال: وهكذا كل ما ذكرت معه من شرط الخيار له أولها أو لهما معا أو لغيرهما منفردا أو معهما لم يكن النكاح مطلقا إذا أبطلاه وإذا لم يبطلاه لم يثبت ولا يخالف نكاح المتعة في شيء. ولو أن رجلا نكح امرأة في الشرك بغير شهود أو بغير ولي محرم لها فأسلما أو أي نكاح أفسدناه في الإسلام بحال غير ما وصفت من النكاح الذي لا نملكه فيه أمرها على الأبد وكان ذلك عندهم نكاحا جائزا وإن كانوا ينكحون أجوز منه ثم اجتمع إسلامهما في العدة ثبتا على النكاح. ولو أن رجلا غلب على امرأة بأي غلبة كانت أو طاوعته فأصابها وأقام معها أو ولدت منه أو لم تلد منه ولم يكن ذلك نكاحا عندهم ثم أسلما في العدة لم يكن ذلك نكاحا عندهم وفرق بينهما عندهم ولا مهر لها عليه إلا أن يصيبها بعد ما

صفحة : 1649

يسلم على وجه شبهة فلها عليه مهر مثلها لأني لا أقضي لها عليه بشيء فائت في الشرك لم يلزمه إياه نكاحها إذا لم يكن عندهم أو عنده إذا لم يكونا معاهدين يجري عليهما الحكم وهذا كله إذا نكح مشركة وهو مشرك. قال الشافعي: وإن كان مسلما فنكح مشركة وثنية أو مشركا فنكح مسلمة فأصابها ثم اجتمع إسلامهما في العدة فالنكاح ينفسخ بكل حال لأن العقد محرم باختلاف الدينين ولا يثبت إلا بنكاح مستقبل. ولو كان طلقها في الشرك في المسألتين معا لم يلزمها الطلاق. قال الشافعي: وإذا أسلم الرجل من أهل الحرب وامرأته كافرة ثم ارتد عن الإسلام قبل أن تسلم امرأته فإن أسلمت امرأته قبل أن تنقضي عدتها وعاد إلى الإسلام قبل انقضاء عدتها حتى يكونا في العدة مسلمين معا فهما على النكاح. وإن أسلم قبلها ثم ارتد ثم أسلم ولم تنقض العدة ثم أسلمت في العدة فهما على النكاح وإن لم يسلم حتى تنقضي العدة فقد انفسخ النكاح ولو أسلمت وهو مرتد فمضت عدتها وهو على ردته انفسخ النكاح ولو عاد بعد انقضاء عدتها إلى الإسلام فقد انفسخ نكاحها وانقضت عدتها وتنكح من شاءت والعدة من يوم أسلم. وهكذا إن كانت هي المسلمة أولا فارتدت لا يختلفان وسواء أقام المرتد منهما في دار الإسلام أو لحق بدار الشرك أو عرض عليه الإسلام أو لم يعرض إذا أسلم المرتد عن الإسلام قبل انقضاء عدة المرأة فهما على النكاح قال: وتصدق المرأة المرتدة على انقضاء عدتها في كل ما أمكن مثله كما تصدق المسلمة عليها في كل ما أمكن كانت هي المرتدة أو الزوج فإن كان الزوج لم يصبها فارتد أو ارتدت انفسخ النكاح بينهما بردة أيهما كان لأنه لا عدة فإن كان هو المرتد فلها نصف الصداق لأن فساد النكاح كان من قبله ولو كانت هي المرتدة فلا صداق لها لأن فساد النكاح كان من قبلها وسواء في هذا كل زوجين. قال الشافعي: وردة السكران من الخمر والنبيذ المسكر في فسخ نكاح امرأته كردة المصحى وردة ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

صفحة : 1650


طلاق المشرك قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذ أثبت رسول الله ﷺ عقد نكاح الشرك وأقر أهله عليه في الإسلام لم يجز والله تعالى أعلم إلا أن يثبت طلاق الشرك لأن الطلاق يثبت بثبوت النكاح ويسقط بسقوطه فلو أن زوجين أسلما وقد طلق الزوج امرأته في الشرك ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وإن أصابها بعد الطلاق ثلاثا في الشرك لم يكن لها صداق لأنا نبطل عنه ما استهلكه لها في الشرك. قال الشافعي: ولو أسلم ثم أصابها بعد طلاق ثلاث كانت عليها العدة ولحق الولد وفرق بينهما ولها مهر مثلها. قال الربيع: إذا كان يعذر بالجهالة. قال الشافعي: وإن طلقها واحدة أو اثنتين ثم أسلما حسب عليه ما طلقها في الشرك وبنى عليها في الإسلام. ولو طلقها ثلاثا في الشرك ثم نكحت زوجا غيره فإن أصابها ثم طلقها أو مات عنها ثم نكحها زوجها الذي طلقها كانت عنده على ثلاث كما تكون في الإسلام إذا كان النكاح صحيحا عندهم نثبته في الإسلام وذلك أن لا تنكح محرما ولا متعة ولا في معناها قال: ولو آلى منها في الشرك ثم أسلما قبل مضي الأربعة الأشهر فإذا استكمل أربعة أشهر من إيلائه وقف كما يوقف من آلى في الإسلام. قال الشافعي: ولو مضت الأربعة الأشهر قبل أن يسلما ثم أسلما ثم طلبت أن يوقف وقف مكانه لأن أجل الإيلاء قد مضى. ولو تظاهر منها في الشرك ثم أسلما وقد أصابها قبل الإسلام أو بعده أو لم يصبها أمرته باجتنابها حتى يكفر كفارة الظهار قال: ولو قذفها في الشرك ثم أسلما ثم ترافعا قلت له: التعن ولا أجبره على اللعان ولا أحده إن لم يلتعن ولا أعزره فإن التعن فرقت بينهما مكاني ولم آمرها بالالتعان لأنه لا حد عليها لو أقرت بالزنا في الشرك وليس لها معنى في الفرقة إنما الفرقة بالتعانه وإن لم يلتعن فسواء أكذب نفسه أو لم يكذبها لم أجبره عليه ولم أحده ولم أعزره لأنه قذفها في الشرك حيث لا حد عليه ولا تعزير. ولو قال لها في الشرك: أنت طالق إن دخلت الدار ثم دخلتها في الشرك أو الإسلام طلقت ويلزمه ما قال في الشرك كما يلزمه ما قال في الإسلام لا يختلف ذلك. ولو تزوج امرأة في الشرك بصداق فلم يدفعه إليها أو بلا صداق فأصابها في الحالين ثم ماتت قبل أن يسلم ثم أسلم زوجها وطلب ورثتها صداقها الذي سمى لها أو صداق مثلها لم يكن لهم منه شيء لأني لا أقضي لبعضهم على بعض بما فات في الشرك والحرب. ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 1651


نكاح أهل الذمة قال الشافعي رحمه الله تعالى: وعقد نكاح أهل الذمة فيما بينهم ما لم يترافعوا إلينا كنكاح أهل الحرب ما استجازوه نكاحا ثم أسلموا لم نفسخه بينهم إذا جاز ابتداؤه في الإسلام بحال وسواء كان بولي أو غير ولي وشهود أو غير شهود. وكل نكاح عندهم جائز أجزته إذا صلح ابتداؤه في الإسلام بحال. قال: وهكذا إن نكحها في العدة وذلك جائز عندهم ثم لم يسلما حتى تمضي العدة وإن أسلما في العدة فسخت نكاحهما لأنه لا يصلح ابتداء هذا في الإسلام بحال وإنه نكح محرما له أو امرأة أبيه ثم أسلما فسخته لأنه لا يصلح ابتداؤه في الإسلام بحال وكذلك إن نكح امرأة طلقها ثلاثا قبل أن تتزوج زوجا غيره يصيبها وإذا أسلم أحدهم وعنده أكثر من أربع نسوة قيل له: أمسك أي الأربع شئت وفارق سائرهن. قال الشافعي: وكذلك مهورهن فإذا أمهرها خمرا أو خنزيرا أو شيئا مما يتمول عندهم ميتة أو غيرها مما له ثمن فيهم فدفعه إليها ثم أسلم فطلبت الصداق لم يكن لها غير ما قبضت إذا عفيت العقدة التي يفسد بها النكاح فالصداق الذي لا يفسد به النكاح أولى أن يعفى فإذا لم تقبض من ذلك شيئا ثم أسلما فإن كان الصداق مما يحل في الإسلام فهو لها لا تزاد عليه وإن كان مما لا يحل فلها مهر مثلها وإن كانت قبضته وهو مما لا يحل ثم طلقها قبل الدخول أو بعد إسلامهما لم يرجع عليها بشيء وهكذا إن كانت هي المسلمة وهو المتخلف عن الإسلام لا يأخذ مسلم حراما ولا يعطيه. قال: وإن كانت لم تقبضه ثم أسلما وطلقها رجعت عليه بنصف مهر مثلها. وإذا أسلم هو وهي كتابية فهما على النكاح. وإذا تناكح المشركون ثم أسلموا لم أفسخ نكاح واحد منهم. وإن نكح يهودي نصرانية أو نصراني مجوسية أو مجوسي يهودية أو نصرانية أو وثني كتابية أو كتابي وثنية لم أفسخ منه شيئا إذا أسلموا. قال الشافعي: وكذلك لو كان بعضهم أفضل من بعض نسبا فتناكحوا في الشرك نكاحا صحيحا عندهم ثم أسلموا لم أفسخه بتفاضل النسب ما كان التفاضل إذا عفي لهم عما يفسد العقدة في الإسلام فهذا أقل من فسادها. وإذا كانت نصرانية تحت وثني أو وثنية تحت نصراني فلا ينكح الولد ولا تؤكل ذبيحة الولد ولا ينكحها مسلم لأنها غير كتابية خالصة ولا تسبى لذمة أحد أبويها. ولو تحاكم أهل الكتاب إلينا قبل أن يسلموا وجب علينا الحكم بينهم كان الزوج الجائي إلينا أو الزوجة فإن كان النكاح لم يمض لم نزوجهم إلا بشهود مسلمين وصداق حلال وولي جائز الأمر أب أو أخ لا أقرب منه وعلى دين المزوجة.

صفحة : 1652

وإذا اختلف دين الولي والمزوجة لم يكن لها وليا إن كان مسلما وهي مشركة لم يكن لها وليا ويزوجها أقرب الناس بها من أهل دينها فإن لم يكن لها قريب زوجها الحاكم لأن تزويجه حكم عليها ثم نصنع في ولاتهم ما نصنع في ولاة المسلمات وإن تحاكموا بعد النكاح فإن كان يجوز ابتداء نكاح المرأة حين تحاكمهم إلينا بحال أجزناه لأن عقده قد مضى في الشرك وقبل تحاكمهم إلينا وإن كان لا يجوز بحال فسخناه. وإن كان المهر محرما وقد دفعه بعد النكاح لم يجعل لها عليه غيره وإن لم يدفعه جعلنا لها مهر مثلها لازما له قال: ولو طلبت أن تنكح غير كفء وأبى ذلك ولاتها منعت نكاحه وإن نكحته قبل التحاكم إلينا لم نرده إذا كان مثل ذلك عندهم نكاحا لمضي العقد. قال الشافعي: وإذا تحاكموا إلينا وقد طلقها ثلاثا أو واحدة أو آلى منها أو تظاهر أو قذفها حكمنا عليه حكمنا على المسلم عنده المسلمة وألزمناه ما نلزم المسلم ولا يجزيه في كفارة الظهار إلا رقبة مؤمنة وإن أطعم لم يجزه إلا إطعام المؤمنين ولا يجزيه الصوم بحال لأن الصوم لا يكتب له ولا ينفع غيره ولا حد على من قذف مشركة وإن لم يلتعن ويعزر ولو تحاكموا إلينا وقد طلقها ثلاثا ثم أمسكها فأصابها فإن كان ذلك جائزا عندهم جعلنا لها مهر مثلها بالإصابة وإن كان ذلك غير جائز عندهم فاستكرهها جعلنا لها مهر مثلها بالإصابة وإن كان عندهم زنا ولم يستكرهها لم نجعل لها مهر مثلها وفرقنا بينهما في جميع الأحوال. قال الشافعي: وإذا زوج الذمي ابنه الصغير أو ابنته الصغيرة فهما على النكاح يجوز لهم من ذلك ما يجوز لأهل الإسلام. قال الشافعي: وإذا تزوجت المسلمة ذميا فالنكاح مفسوخ ويؤدبان ولا يبلغ بهما حد وإن أصابها فلها مهر مثلها. وإذا تزوج المسلم كافرة غير كتابية كان النكاح مفسوخا ويؤدب المسلم إلا أن يكون ممن يعذر بجهالة. وإن نكح كتابية من أهل الحرب كرهت ذلك له والنكاح جائز. قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا ارتد المسلم فنكح مسلمة أو مرتدة أو مشركة أو وثنية فالنكاح باطل أسلما أو أحدهما أو لم يسلما ولا أحدهما. فإن أصابها فلها مهر مثلها والولد لاحق ولا حد وإن كان لم يصبها فلا مهر ولا نصف ولا متعة وإذا أصابها فلها مهر مثلها ولا يحصنها ذلك ولا تحل به لزوج لو طلقها ثلاثا لأن النكاح فاسد وإنما أفسدته لأنه مشرك لا يحل له نكاح مسلمة. قوله: أو مشرك ولا يترك على دينه بحال ليس كالذمي الآمن على ذمة للجزية يؤديها ويترك على حكمه ما لم يتحاكم إلينا ولا مشرك حربي يحل تركه على دينه والمن

صفحة : 1653

عليه بعد ما يقدر عليه وهو مشرك عليه أن يقتل وليس لأحد المن عليه ولا ترك قتله ولا أخذ ماله. قال الشافعي: ولا يجوز نكاح المرتدة وإن نكحت فأصيبت فلها مهر مثلها ونكاحها مفسوخ والعلة في فسخ نكاحها العلة في فسخ نكاح المرتد. كتاب الصداق أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي المطلبي قال: قال الله عز و جل: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة . وقال عز وجل: فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف وقال: أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة . وقال: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن وقال عز ذكره: وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا وقال: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم وقال: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله . قال الشافعي: فأمر الله الأزواج بأن يؤتوا النساء أجورهن وصدقاتهن والأجر هو الصداق والصداق هو الأجر والمهر وهي كلمة عربية تسمى بعدة أسماء فيحتمل هذا أن يكون مأمورا بصداق من فرضه دون من لم يفرضه دخل أو لم يدخل لأنه حق ألزمه المرء نفسه فلا يكون له حبس شيء منه إلا بالمعنى الذي جعله الله تعالى له وهو أن يطلق قبل الدخول. قال الله تبارك وتعالى: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ويحتمل أن يكون يجب بالعقدة وإن لم يسم مهرا ولم يدخل ويحتمل أن يكون المهر لا يلزم أبدا إلا بأن يلزمه المرء نفسه ويدخل بالمرأة وان لم يسم مهرا فلما احتمل المعاني الثلاث كان أولاه أن يقال به ما كانت عليه الدلالة من كتاب أو سنة أو إجماع واستدللنا بقول الله عز وجل: لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره أن عقد النكاح يصح بغير فريضة صداق وذلك أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه وإذا جاز أن يعقد النكاح بغير مهر فيثبت فهذا دليل على الخلاف بين النكاح والبيوع. والبيوع لا تنعقد إلا بثمن معلوم والنكاح ينعقد بغير مهر استدللنا على أن العقد يصح بالكلام به وأن الصداق لا يفسد عقده أبدا فإذا كان هكذا فلو عقد النكاح بمهر مجهول أو حرام فثبتت العقدة بالكلام وكان للمرأة مهر مثلها إذا

صفحة : 1654

أصيبت وعلى أنه لا صداق على من طلق إذا لم يسم مهرا ولم يدخل وذلك أنه يجب بالعقدة والمسيس وإن لم يسم مهرا بالآية لقول الله عز وجل: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين يريد والله تعالى أعلم النكاح والمسيس بغير مهر. ودل قول الله عز وجل: وآتيتم إحداهن قنطارا على أن لا وقت في الصداق كثر أو قل لتركه النهي عن القنطار وهو كثير وتركه حد القليل ودلت عليه السنة والقياس على الإجماع فيه. فأقل ما يجوز في المهر أقل ما يتمول الناس وما لو استهلكه رجل لرجل كانت له قيمة وما يتبايعه الناس بينهم فإن قال قائل: ما دل على ذلك قيل: قول رسول الله ﷺ: أدوا العلائق قيل: وما العلائق يا رسول الله قال ما تراضى به الأهلون . قال الشافعي: ولا يقع اسم علق إلا على شيء مما يتمول وإن قل ولا يقع اسم مال ولا علق إلا على ما له قيمة يتبايع بها ويكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها وإن قلت وما لا يطرحه الناس من أموالهم مثل الفلس وما يشبه ذلك. والثاني كل منفعة ملكت وحل ثمنها مثل كراء الدار وما في معناها مما تحل أجرته. قال الشافعي: والقصد في الصداق أحب الينا وأستحب أن لا يزاد في المهر على ما أصدق رسول الله ﷺ نساءه وبناته وذلك خمسمائة درهم طلبا للبركة في موافقة كل أمر فعله رسول الله ﷺ. أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة قال: سألت عائشة كم كان صداق النبي ﷺ قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونش قالت: أتدري ما النش قلت: لا قالت: نصف أوقية أخبرنا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ لما قدم المدينة أسهم الناس المنازل فطار سهم عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع قال له سعد: تعال حتى أقاسمك مالي وأنزل لك عن أي امرأتي شئت وأكفيك العمل فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق فخرج إليه فأصاب شيئا فخطب امرأة فتزوجها فقال له رسول الله ﷺ: على كم تزوجتها يا عبد الرحمن قال: على نواة من ذهب فقال: أو لم ولو بشاة . قال الشافعي: أخبرنا مالك قال: حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى النبي ﷺ وبه أثر صفرة فسأله رسول الله ﷺ

صفحة : 1655

فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله ﷺ: كم سقت إليها قال: زنة نواة من ذهب فقال له رسول الله ﷺ: أو لم ولو بشاة . قال الشافعي: فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن على الناكح الواطىء صداقا لما ذكرت ففرض الله في الإماء أن ينكحن بإذن أهلهن ويؤتين أجورهن والأجر الصداق. وبقوله: فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن وقال عز وجل: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي . قال الشافعي: خالصة بهبة ولا مهر فأعلم أنها للنبي ﷺ دون المؤمنين. قال: فأي نكاح وقع بلا مهر فهو ثابت ومتى قامت المرأة بمهرها فلها أن يفرض لها مهر مثلها وكذلك إن دخل بها الزوج ولم يفرض لها فلها مهر مثلها ولا يخرج الزوج من أن ينكحها بلا مهر ثم يطلق قبل الدخول فيكون لها المتعة. وذلك الموضع الذي أخرج الله تعالى به الزوج من نصف المهر المسمى إذا طلق قبل أن يدخل بها وسواء في ذلك كل زوجة حرة مسلمة أو ذمية وأمة مسلمة ومدبرة ومكاتبة وكل من لم يكمل فيه العتق. قال الله عز وجل: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم فجعل الله تعالى الفرض في ذلك إلى الأزواج فدل على أنه برضى الزوجة لأن الفرض على الزوج للمرأة ولا يلزم الزوج والمرأة إلا باجتماعهما ولم يحدد فيه شيء فدل كتاب الله عز وجل على أن الصداق ما تراضى به المتناكحان كما يكون البيع ما تراضى به المتبايعان وكذلك دلت سنة رسول الله ﷺ فلم يجز في كل صداق مسمى إلا أن يكون ثمنا من الأثمان. قال الشافعي: وكل ما جاز أن يكون مبيعا أو مستأجرا بثمن جاز أن يكون صداقا وما لم يجز فيهما لم يجز في الصداق فلا يجوز الصداق إلا معلوما ومن عين يحل بيعها نقدا أو إلى أجل وسواء قل ذلك أو كثر فيجوز أن ينكح الرجل المرأة على الدرهم وعلى أقل من الدرهم وعلى الشيء يراه بأقل من قيمة الدرهم وأقل ما له ثمن إذا رضيت المرأة المنكوحة وكانت ممن يجوز أمرها في مالها. قال الشافعي: ويجوز أن تنكحه على أن يخيط لها ثوبا أو يبني لها دارا أو يخدمها شهرا أو يعمل لها عملا ما كان أو يعلمها قرآنا مسمى أو يعلم لها عبدا وما أشبه هذا. قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن امرأة أتت النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فقال رسول الله ﷺ: هل

صفحة : 1656

عندك من شيء تصدقها إياه فقال: ما عندي إلا ازاري هذا قال: فقال النبي ﷺ: إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس لها شيئا فقال: ما أجد شيئا فقال: التمس ولو خاتما من حديد فالتمس فلم يجد شيئا فقال: ما أجد شيئا فقال له رسول الله ﷺ: هل معك من القرآن شيء قال: نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال رسول الله ﷺ: قد زوجتكها بما معك من القرآن . قال الشافعي: وخاتم الحديد لا يسوى قريبا من الدرهم ولكن له ثمن يتبايع به. قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله ﷺ قال: أدوا العلائق فقالوا: وما العلائق قال: ما تراضى به الأهلون وبلغنا أن رسول الله ﷺ قال: من استحل بدرهم فقد استحل . قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله ﷺ أجاز نكاحا على نعلين وبلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: في ثلاث قبضات من زبيب مهر أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: تسرى رجل بجارية فقال رجل: هبها لي فذكر ذلك لسعيد بن المسيب فقال: لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي ﷺ ولو أصدقها سوطا فما فوقه جاز أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: سألت ربيعة عما يجوز في النكاح فقال: درهم فقلت: فأقل قال: ونصف قلت: فأقل. قال: نعم وحبة حنطة أو قبضة حنطة. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 1657


في الصداق بعينه يتلف قبل دفعه قال الشافعي رحمه الله تعالى: فإذا تزوجها على شيء مسمى فذلك لازم له إن مات أو ماتت قبل أن يدخل بها أو دخل بها إن كان نقدا فالنقد وإن كان دينا فالدين أو كيلا موصوفا فالكيل أو عرضا موصوفا فالعرض وإن كان عرضا بعينه مثل عبد أو أمة أو بعير أو بقرة فهلك ذلك في يديه قبل أن يدفعه ثم طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف قيمته يوم وقع عليه النكاح وذلك يوم ملكته ما لم يحدث لها منعا فإن طلبته فمنعها منه فهو غاصب ولها قيمته أكثر ما كانت قيمته قال الربيع: وللشافعي قول آخر أنه إذا أصدقها شيئا فتلف قبل أن تقبضه كان لها صداق مثلها كما لو اشترت منه شيئا فتلف قبل أن تقبضه رجعت بالثمن الذي أعطته وهكذا ترجع ببضعها وهو ثمن الشيء الذي أصدقها إياه وهو صداق المثل. قال الربيع: وهذا آخر قول الشافعي قال: فإن نكحته على خياطة ثوب بعينه فهلك فلها عليه مثل أجر خياطة ذلك الثوب وتقوم خياطته يوم نكحها فيكون عليه مثل أجره. قال الربيع: رجع الشافعي عن هذا القول وقال: لها صداق مثلها قال الربيع: قال الشافعي: وإذا أصدقها شيئا فلم يدفعه إليها حتى تلف في يده فإن دخل بها فلها صداق مثلها وإن طلقها قبل أن يدخل بها فلها نصف صداق مثلها وإنما ترجع في الشيء الذي ملكته ببضعها فترجع بثمن البضع كما لو اشترت شيئا بدرهم فتلف الشيء رجعت بالذي أعطته لأنه لم يعطها العوض من ثمن الدرهم فكذلك ترجع بما أعطت وهو البضع وهو صداق المثل وهو آخر قول الشافعي. قال: وإن نكحته على شيء لا يصلح عليه الجعل مثل أن يقول: أنكحتك على أن تأتيني بعبدي الآبق أو جملي الشارد فلا يجوز الشرط والنكاح ثابت ولها مهر مثلها لأن إتيانه بالضالة ليس بإجارة تلزمه ولا شيء له غاية تعرف وتمليكها إياه بضعها فهو مثل أن تعطيه دينارا على أن يفعل أحد هذين فإذا جاءها بما جعلت له عليه فله الدينار وإن لم يأتها به فلا دينار له ولا يملك الدينار إلا بأن يأتيها بما جعلت له عليه وهي هناك ملكته بعضها قبل أن يأتيها بما جعلت له. قال: وما جعلت لها فيه عليه الصداق إذا مات أو ماتت قبل إصابتها أو بعد إصابتها صداق مثلها فطلقها فيه قبل أن يدخل بها فلها نصف المسمى الذي جعل لها ونصف العين التي أصدقها إن كان قائما وإن فات فنصف صداق مثلها وذلك مثل أن يتزوجها على خياطة ثوب فيهلك فيكون لها نصف صداق مثلها لأن بضعها الثمن وإن انتقضت الإجارة بهلاكه كان لها

صفحة : 1658

نصف الذي كان ثمنا للإجارة كما يكون في البيوع. قال: وإذا أوفاها ما أصدقها فأعطاها ذلك دنانير أو دراهم ثم طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصفه وإن هلك فنصف مثله وكذلك الطعام المكيل والموزون فإن لم يوجد له مثل فمثل نصف قيمته. فيمن دفع الصداق ثم طلق قبل الدخول قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أصدق الرجل المرأة دنانير أو دراهم فدفعها إليها ثم طلقها قبل أن يدخل بها والدنانير والدراهم قائمة بأعيانها لم تغير وهما يتصادقان على أنها هي بأعيانها رجع بنصفها. وهكذا إن كانت تبرا من فضة أو ذهب فإن تغير شيء من ذلك في يدها إما بأن تدفن الورق فيبلى وينقص أو تدخل الذهب النار فينقص أو تصوغ الذهب والورق فتزيد قيمته أو تنقص في النار فكل هذا سواء ويرجع عليها بمثل نصفه يوم دفعه إليها لأنها ملكته بالعقدة وضمنته بالدفع فلها زيادته وعليها نقصانه. فإن قال الزوج في النقصان: أنا آخذه ناقصا فليس لها دفعه عنه إلا في وجه واحد إن كان نقصانه في الوزن وزاد في العين فليس له أخذه في الزيادة في العين وإنما زيادته في مالها أو تشاء هي في الزيادة أن تدفعه إليه زائدا غير متغير عن حاله فليس له إلا ذلك. قال: ولو كان أصدقها حليا مصوغا أو إناء من فضة أو ذهب فانكسر كان كما وصفت لها وعليها أن ترد عليه نصف قيمته يوم دفعه مصوغا ولو كان إناءين فانكسر أحدهما وبقي الآخر صحيحا كان فيها قولان: أحدهما أن له أن يرجع بنصف قيمتهما إلا أن يشاء أن يكون شريكا لها في الإناء الباقي ويضمنها نصف قيمة المستهلك والآخر أنه شريك في الباقي ويضمنها نصف قيمة المستهلك لا شيء له غير ذلك وهذا أصح القولين. ولو زادت هي فيهما صناعة أو شيئا أدخلته كان عليها أن تعطيه نصف قيمتهما يوم دفعهما إليها وان كان الإناءان من فضة فانكسرا ثم طلقها رجع عليها بنصف قيمتهما مصوغين من الذهب وإن كانا من ذهب رجع عليها بنصف قيمتهما مصوغين من فضة لأنه لا يصلح له أن يأخذ ورقا بورق أكثر وزنا منها ولا يتفرقان حتى يتقابضا. قال: ولو كان الصداق فلوسا أو إناء من نحاس أو حديد أو رصاص لا يختلف هذا إلا في أن قيمة هذا كله على الأغلب من نقد البلد دنانير إن كان أو دراهم ويفارق الرجل فيه صاحبه قبل أن يقبض قيمتها لأنه لا يشبه الصرف ولا ما فيه الربا في النسيئة. وكذلك لو أصدقها خشبة فلم تغير حتى طلقها كان شريكا لها بنصفها ولو تغيرت ببلاء أو عفن أو نقص ما كان النقص كان

صفحة : 1659

عليها أن تعطيه نصف قيمتها صحيحة إلا أن يشاء هو أن يكون شريكا لها بنصف جميع ما نقص من ذلك كله فلا يكون لها دفعه عن ذلك ناقصا والقول في الخشبة والخشبة معها كالقول في الإناء الذهب والآنية إذا هلك بعض وبقي بعض. وكذلك إذا زادت قيمتها بأن تعمل أبوابا أو توابيت أو غير ذلك كانت لها ورجع عليها بنصف قيمتها يوم دفعها وإذا أرادت أن تدفع إليه نصفها أبوابا وتجعله شريكا في نصفها توابيت لم يكن ذلك عليه إلا أن يتطوع وإن كانت التوابيت والأبواب أكثر قيمة من الخشب لأن الخشب يصلح لما لا تصلح له التوابيت والأبواب وليس عليه أن يحول حقه في غيره وإن كان أكثر ثمنا منه ولا يشبه في هذا الدنانير والدراهم التي هي قائمة بأعيانها لا يصلح منها شيء لما لا يصلح له غيرها. وهكذا لو أصدقها ثيابا فبليت رجع عليها بنصف قيمتها إلا أن يشاء أن يكون شريكا لها بالنصف بالية فلا يكون لها دفعها عنه لأن ماله ناقص. ولو أصدقها ثيابا فقطعتها أو صبغتها فزادت في التقطيع أو الصبغ أو نقصته كان سواء ويرجع بنصف قيمتها. ولو أراد أن يكون شريكا لها في الثياب المقطعة أو المصبوغة ناقصة أو أرادت أن يكون شريكا لها في الثياب زائدة لم يجبر واحد منهما على ذلك إلا أن يكون يشاء لأن الثياب غير المتقطعة وغير المصبوغة تصلح وتراد لما لا تصلح له المصبوغة ولا تراد فقد تغيرت عن حالها التي أعطاها إياها. وكذا لو أصدقها غزلا فنسجته رجع عليها بمثل نصف الغزل إن كان له مثل وإن لم يكن له مثل رجع بمثل نصف قيمته يوم دفعه. وكل ما قلت يرجع بمثل نصف قيمته فإنما هو يوم يدفعه لا ينظر إلى نقصانه بعد ولا زيادته لأنها كانت مالكة له يوم وقع العقد وضامنة يوم وقع القبض إن طلقها فنصفه قائما أو قيمة نصفه مستهلكا. قال الشافعي: ولو أصدقها آجرا فبنت به أو خشبا فأدخلته في بنيان أو حجارة فأدخلتها في بنيان وهي قائمة بأعيانها فهي لها ويرجع عليها بنصف قيمتها يوم دفعها إليها لأنها بنت ما تملك وإنما صار له النصف بالطلاق وقد استعملت هذا وهي تملكه فلا يخرج من موضعه إلا أن تشاء هي وإن خرج بحاله كان شريكا فيه وإن خرج ناقصا لم يجبر على أخذه إلا أن يشاء وله نصف قيمته. وإذا نكح الرجل المرأة على أن يخدم فلانا شهرا فخدمه نصف شهر ثم مات كان لها في ماله نصف مهر مثلها ولو نكحته على أن يحملها على بعير بعينه إلى بلد فحملها إلى نصف الطريق ثم مات البعير كان لها في ماله نصف مهر مثلها كالثمن يستوجبه به ألا ترى أنها لو تكارت معه بعيره بعشرة فمات البعير في نصف الطريق رجعت بخمسة.

صفحة : 1660


صداق ما يزيد ببدنه قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو أصدقها أمة وعبدا صغيرين ودفعهما إليها فكبرا أو غير عالمين ولا عاملين فعلما أو عملا أو أعميين فأبصرا أو أبرصين فبرئا أو مضرورين أي ضرر كان فذهب ضررهما أو صحيحين فمرضا أو شابين فكبرا أو اعورا أو نقصا في أبدانهما والنقص والزيادة إنما هي ما كان قائما في البدن لا في السوق بغير ما في البدن ثم طلقها قبل أن يدخل بها كانا لها وكان عليها أن تعطيه أنصاف قيمتهما يوم قبضتهما إلا أن تشاء أن تدفعهما إليه زائدين فلا يكون له إلا ذلك إلا أن تكون الزيادة غيرتهما بأن يكونا صغيرين فكبرا كبرا بعيدا من الصغر فالصغير يصلح لما لا يصلح له الكبير فيكون له نصف القيمة وإن كانا ناقصين دفعت إليه أنصاف قيمتهما إلا أن يشاء أن يأخذهما ناقصين فليس لها منعه إياهما لأنها إنما لها منعه الزيادة فأما النقص عما دفع إليها فليس لها ولها إن كانا صغيرين فكبرا أن تمنعه إياهما وإن كانا ناقصين لأن الصغير غير الكبير وأنه يصلح كل واحد منهما لما يصلح له الآخر. قال الشافعي: ولو كانا بحالهما إلا أنهما اعورا لم يكن لها منعه أن يأخذهما أعورين لأن ذلك ليس بتحول من صغر ولا كبر الكبير بحاله والصحيح خير من الأعور وهذا كله ما لم يقض له القاضي بأن يرجع بنصف العبد فإذا قضى له بأن يرجع بنصف العبد فمنعته فهي ضامنة لما أصاب العبد في يديها إن مات ضمنت نصف قيمته أو اعور أخذ نصفه وضمنها نصف العور فعلى هذا الباب كله وقياسه. قال الشافعي: والنخل والشجر الذي يزيد وينقص في هذا كله كالعبيد والإماء لا تخالفها في شيء ولو كان الصداق أمة فدفعها إليها فولدت أو ماشية فنتجت في يديها ثم طلقها ثلاثا قبل أن يدخل بها كان لها النتاج كله وولد الأمة إن كانت الأمة والماشية زائدة أو ناقصة فهي لها ويرجع عليها بنصف قيمة الأمة والماشية يوم دفعها إليها إلا أن يشاء أن يأخذ نصف الأمهات التي دفعها إليها ناقصة فيكون ذلك له إلا أن يكون نقصها مع تغير من صغر إلى كبر فيكون نصفها بالعيب أو تغير البدن وإن كان نقصا من وجه بلوغ سن كبر زائد فيه من وجه غيره ولا يكون له أخذ الزيادة وإنما زادت في مالها لها وإن كان دفعها كبارا فكان نقصها من كبر أو هرم كان ذلك له لأن الهرم نقص كله لا زيادة ولا يجبر على أخذ الناقص إلا أن يشاءه. وهكذا الأمة إذا ولدت فنقصتها الولادة فاختار أخذ نصفها ناقصة لا يختلفان في شيء إلا أن أولاد الأمة إن

صفحة : 1661

كانوا معها صغارا رجع بنصف قيمتها لئلا يفرق بينها وبين ولدها في اليوم الذي يستخدمها فيه لأني لا أجبره في يومه على أن ترضع مملوك غيره ولا تحضنه فتشتغل به عن خدمته ولا أمنع المولود الرضاع فأضر به فلذلك لم أجعل له إلا نصف قيمتها وإن كانوا كبارا كان له أن يرجع بنصف الأم ولا يجبر على ذلك لأنها والدا على غير حالها قبل أن تلد وإن زادت بعد الولادة لم تجبر المرأة على أن تعطيه نصفها وتعطيه نصف قيمتها وإذا أعطته نصفها متطوعة أو كانت غير زائدة فرق بينها وبين ولدها في اليوم الذي يستخدمها فيه فإذا صار إليه نصفها فما ولدت بعد من ولد فبينه وبينها. قال الشافعي: وهكذا إن كانت الجارية والماشية والعبيد الذين أصدقها أغلوا لها غلة أو كان الصداق نخلا فأثمر لها فما أصابته من ثمره كان لها كله دونه لأنه في ملكها ولو كانت الجارية حبلى أو الماشية مخاضا ثم طلقها كان له نصف قيمتها يوم دفعها لأنه حادث في ملكها ولا أجبره أيضا إن أرادت المرأة على أخذ الجارية حبلى أو الماشية مخاضا من قبل الخوف على الحبل وأن غير المخاض يصلح لما يصلح له المخاض ولا نجبرها إن أراد على أن تعطيه جارية حبلى وماشية مخاضا وهي أزيد منها غير حبلى ولا ماخض في حال والجارية أنقص في حال وأزيد في أخرى. قال: ولو كان الصداق نخلا فدفعها إليها ولا ثمر فيها فأثمرت فالثمرة كلها لها كما يكون لها نتاج الماشية وغلة الرقيق وولد الأمة فإن طلقها قبل أن يدخل بها والنخل زائدة رجع بنصف قيمة النخل يوم دفعها إليها إلا أن تشاء أن تعطيه نصفها زائدة بالحال التي أخذتها به في الشباب لا يكون لها إلا نصفها وإن كانت زائدة وقد ذبلت وذهب شبابها لم يكن ذلك عليه لأنها وإن زادت يومها ذلك بثمرتها فهي متغيرة إلى النقص في شبابها فلا يجبر على ذلك إلا أن يشاء وإنما يجبر على ذلك إذا دفعتها في مثل حالها حين قبضتها في الشباب أو أحسن ولم تكن ناقصة من قبل الترقيل للنقص فيه. وإن طلقها ولم يتغير شبابها أو قد نقصت وهي مطلعة فأراد أخذ نصفها بالطلع لم يكن ذلك له وكانت مطلعة كالجارية الحبلى والماشية الماخض لا يكون له أخذها لزيادة الحبل والماخض مخالفة لها في أن الاطلاع لا يكون مغيرا للنخل عن حال أبدا إلا بالزيادة ولا تصلح النخل غير المطلعة لشيء لا تصلح له مطلعة فإن شاءت أن تدفع إليه نصفها مطلعة فليس له إلا ذلك لما وصفت من خلاف النخيل للنتاج والحمل في أن ليس في الطلع إلا زائد وليس مغيرا. قال: وإن كان النخل قد أثمر وبدا صلاحه فكهذا وكذلك كل شجر أصدقها إياه فأثمر لا يختلف يكون لها وله نصف

صفحة : 1662

قيمته إلا أن تشاء هي أن تسلم له نصفه ونصف الثمرة فلا يكون له إلا ذلك إن لم يتغير الشجر بأن يرقل ويصير فحاما فإذا صار فحاما أو نقص بعيب دخله لم يكن عليه أن يأخذه بتلك الحال. ولو شاءت هي إذا طلقها والشجر مثمر أن تقول: اقطع الثمرة ويأخذ نصف الشجر كان لها إذا لم يكن في قطع الثمرة فساد للشجر فيما يستقبل فإن كان فيها فساد لها فيما يستقبل فليس عليه أن يأخذها معيبة إلا أن يشاء. ولو شاءت أن تترك الشجرة حتى تستجنيها وتجدها ثم تدفع إليه نصف الشجر لم يكن ذلك عليه لأن الشجر قد يهلك إلى ذلك ولا يكون عليه أن يكون حقه حالا فيؤخره إلا أن يشاء ويأخذها بنصف قيمتها في هذه الأحوال كلها إذا لم يتراضيا بغير ذلك ولو شاء أن يؤخرها حتى تجد الثمرة ثم يأخذ نصف الشجر والنخل لم يكن ذلك عليها من وجهين. أحداهما: أن الشجر والنخل يزيد إلى الجداد. والآخر: أنه لما طلقها وفيها الزيادة وكان محولا دونها كانت مالكة لها دونه وكان حقه قد تحول في قيمته فليس عليها أن يحول إلى غير ما وقع له عند الطلاق ولا حق له فيه. صداق الشيء بعينه لا يدفع حتى يزيد أو ينقص أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: ولو أصدقها أمة أو ماشية فلم يدفعها إليها حتى تناتجت في يديه ثم طلقها قبل أن يدخل بها كان لها النتاج كله دونه لأنه نتج في ملكها ونظر إلى الماشية فإن كانت بحالها يوم أصدقها إياها وأزيد فهي لها ويرجع عليها بنصف الماشية دون النتاج وإن كانت ناقصة عن حالها يوم أصدقها إياها كان لها الخيار فإن شاءت أخذت منه أنصاف قيمتها يوم أصدقها إياها وإن شاءت أخذت أنصافها ناقصة. وهكذا لو كانت أمة فولدت أو عبيدا فأغلوا. قال الربيع: وللشافعي قول آخر: أنها إن شاءت أخذت نصفها ناقصة وإن شاءت رجعت بنصف مهر مثلها وهو أصح قوليه وآخر قوليه. قال الشافعي: وإن كان النتاج أو ولد الجارية هلك في يديه أو نقص وقد سألته دفعه فمنعها منه فهو ضامن لقيمته في أكثر ما كانت قيمته قط وضامن لنقصه ويدفعه كضمان الغاصب لأنه كان عليه أن يدفعه فمنعه ولم يدفعه. قال الشافعي: ولو عرض عليها أن يدفع إليها الأمة فأقرتها في يديه قبل أن تقبضها منه أو لم يمنعها دفعها ولم تسأله إياها كان فيها قولان أحدهما: أنه لا يضمن الجارية إن نقصت وتكون بالخيار في أن تأخذها ناقصة أو تدعها فإن ماتت رجعت بمهر مثلها. والآخر: أن يكون كالغاصب ولكنه لا يأثم إثم الغاصب لأنه ضامن له ولا يخرجه من الضمان إلا أن يدفعه

صفحة : 1663

إليها أو إلى وكيل لها بإذنها فإن دفعه إليها أو إلى وكيل لها بإذنها ثم ردته إليه بعد فهو عنده أمانة لا يضمن شيئا منه بحال. قال الشافعي: وإذا لم يدفعه إليها فتردها إليه فما أنفق عليه لم يرجع به وهو متطوع به ومتى جنى عليه في يديه إنسان فأخذ له أرشا فلها الخيار. إن أحبت فلها الأرش لأنه ملك بمالها وإن أحبت تركته عليه لأنه ناقص عما ملكته عليه وإن كان منعها منه فأحبت ضمنت الزوج ما نقص في يديه. قال: وما باع الزوج منه أو من نتاج الماشية فوجد بعينه فالبيع مردود وإن فات فلها عليه قيمته لأنه كان مضمونا عليه ولا يكون له أن يأخذ الثمن الذي باع به لأنه متعد فيه وأن الشيء بعينه لو وجد كان البيع فيه مردودا ولو أرادت إجازة البيع فيه إن كان قائما لم يجز البيع ولا يحل له هو أن يملكه لأنه ما لم يكن له فلا يخرجه منه إلا رده على صاحبه الذي باعه أو أن يهبه له صاحبه الذي ابتاعه منه. قال الشافعي: وإذا لقي صاحبه وقد فاتت السلعة في يديه فالمشتري ضامن لقيمتها يقاصه بها من الثمن الذي تبايعا به ويترادان الفضل عند أيهما كأن كان ثمنها مائة دينار وقيمتها ثمانون فيرجع المشتري على البائع بعشرين وكذلك لو كان ثمنها ثمانين وقيمتها مائة رجع البائع على المشتري الذي هلكت في يديه بعشرين. قال: وإنما فرقت بين ثمن ما باع من مالها وبين أرش ما أخذ فيما جنى على مالها من قبل أنها هي لم يكن لها فيما جنى على مالها إلا الأرش أو تركه ولها فيما بيع من مالها أن ترده بعينه وإن فات فلها عليه قيمته ولا يكون لها أن تملك ثمنه إن كان أكثر من ثمنه لأنه لم يكن لها إجازة بيعه والفضل عن ثمنه لمبتاعه البيع الذي لا يجوز لأنه ضامن له بالقيمة. قال: ولو أصدقها نخلا أو شجرا فلم يدفعه إليها حتى أثمرت في يديه فجعل الثمر في قوارير جعل عليه صقرا من صقر نخلها أو جعله في قرب كان لها أخذ الثمر بالصقر وأخذه محشوا وله نزعه من القوارير والقرب لأنها له إن كان نزعه لا يضر بالثمر فإن كان إذا نزع من القرب فسد ولم يكن سقي بشيء عمل به كان لها أن تأخذه وتنزع عنه قربه وتأخذ منه ما نقصه لأنه أفسده إلا أن يتطوع بتركها وهكذا كل ثمرة رببها أو حشاها على ما وصفت. وإن كان ربب الثمرة برب من عنده كان لها أن تأخذ الثمرة وتنزع عنها الرب إن كان ذلك لا يضر بها ولا ينقصها شيئا وإن كان ينقصها شيئا نزعت عنها الرب وأخذت قيمة ما نقصها بالغة ما بلغت وأجرة نزعها من الرب لأنه المتعدي فيه. قال الشافعي: وكل ما أصيبت به الثمرة في يديه من حريق أو جراد أو غيره فهو ضامن له إن كان له مثل فمثله وإن لم يكن له مثل فمثل قيمته وإن بقي منه شيء

صفحة : 1664

فقيمة ما نقصه وهو كالغاصب فيما لا يضمن لا يخالف حاله حاله في شيء إلا في شيء واحد يعذر فيه بالشبهة إن كان ممن يجهل أو تأول فأخطأ ذلك. ولو كان أصدقها جارية فأصابها فولدت له ثم طلقها قبل الدخول وقال: كنت أراها لا تملك إلا نصفها حتى تدخل فأصبتها وأنا أرى أن لي نصفها قوم الولد عليه يوم يسقط ويلحق نسبه وكان لها مهر مثل الجارية وإن شاءت أن تسترق الجارية فهي لها وإن شاءت أخذت قيمتها أكثر ما كانت قيمتها يوم أصدقها أو يوم أحبلها وكانت الجارية له ولا تكون أم ولد بذلك الولد ولا تكون أم ولد له إلا بوطء صحيح. وإنما جعلت لها الخيار لأن الولادة تغيرها عن حالها يوم أصدقها إياها قبل أن تلد. قال الشافعي: ولو أصدقها أرضا فدفعها إليها فزرعتها أو أزرعتها أو وضعت فيها حبابا ثم طلقها قبل أن يدخل بها وفيها زرع قائم رجع عليها بنصف قيمة الأرض لا أجعل حقه في الأرض مستأخرا وهو حال ولا أجعل عليه أن ينتظر الأرض حتى تفرغ ثم يأخذ نصفها لأنها إن كانت مشغولة في ملكها فصار حقه في قيمة لم يتحول في غيرها إلا أن يجتمعا على ذلك جميعا فيجوز ما اجتمعا عليه فيه وكذلك إن كانت حرثتها ولم تزرعها ولو كانت غرستها أو بنت فيها كان له قيمتها يوم دفعها إليها. قال الشافعي: ولو كانت زرعتها وحصدتها ثم طلقها وهي محصودة فله نصف هذه الأرض إلا أن يكون الزرع فيها زائدا لها فلا يكون له أن يأخذها زائدة إلا أن تشاء هي فلا يكون له غيرها. وإن كان الزرع نقصها فله نصف قيمتها ولا يكون عليه أن يأخذها ناقصة إلا أن يشاء هو أخذها فإذا شاء هو أخذها وهي ناقصة لم يكن لها منعه من نصفها. ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 1665


المهر والبيع قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو نكحها بألف على أن تعطيه عبدا يسوى ألفا فدفعت إليه ودفع إليها الألف ثم طلقها قبل أن يدخل بها ففيها قولان: أحدهما أن المهر المسمى كالبيع فلا يختلف في هذا الموضع ومن قال هذا قال: لأنه يجوز في شرطه مسمى ما يجوز في البيع ويرد فيه ما يرد في البيع فبهذا أجزنا أن يكون مع النكاح مبيعا غيره ولم نرده لأنه يملك كله فإن انتقض الملك في الصداق بالطلاق فقد ينتقض في البيع بالشفعة ثم لا نمنع ما فيه الشفعة أن يكون كالبيوع فيما سوى هذا قال: وهذا جائز لانفساخ صداقها ولا نرده إلى صداق مثلها وهو على ما تراضيا عليه. والثاني: أنه لا يكون مع الصداق بيع وإذا وقع مثل هذا أثبتنا النكاح وكان لها صداق مثلها ورد البيع إن كان قائما وإذا كان مستهلكا فقيمته وبه يقول الشافعي. قال: وأصل معرفة هذا أن تعرف قيمة العبد الذي ملكته هي زوجها مع تمليكها إياه عقد نكاحها فإن كان قيمة العبد ألفا وصداق مثلها ألفا فأقسم المهر وهو ألف على قيمة العبد وعلى صداق مثلها فيكون العبد مبيعا بخمسمائة ويكون صداقها خمسمائة فينفذ العبد مبيعا بخمسمائة فإن قبض العبد ودفع إليها الألف ثم طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها من الصداق بمائتين وخمسين وذلك نصف ما أصدقها. ولو مات العبد في يدها قبل أن يقبضه انتقض فيه البيع ورجع عليها بقيمة خمسمائة وكان الباقي صداقها. فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها من الصداق بمائتين وخمسين وإن لم يكن دفع الصداق دفع إليها مائتين وخمسين وإن لم يمت العبد ولكنه دخله العيب كان له الخيار في أخذه معيبا بجميع الثمن أو نقض البيع فيه. قال: ولو كان أصدقها عبدا بعينه على أن زادته ألف درهم كانت المسألة الأولى ينظر فإن كانت قيمة العبد ألفا ومهر مثلها ألفا وزيادتها إياه ألفا فلها نصف العبد بالصداق ونصفه الآخر بالألف فإن طلقها قبل الدخول بها رجع عليها ربع العبد وكان لها ثلاثة أرباعه نصفه بالألف وربعه بنصف المهر. قال: ومن أجاز هذا قال: إنما منعني أن أنقض البيع كله إذا انتقض بعضه بالطلاق أني جعلت ما أعطاها مقسوما على الصداق والبيع فما أصاب الصداق ونصف الصداق كالمستهلك لأن النكاح لا يرد كما ترد البيوع فلم يكن لي أن أرد البيع كله وبعضه مستهلك إنما أرد البيع كله إذا كان المبيع قائما بعينه فإذا ذهب بعضه لم أرد الباقي منه بحال فأكون قد نقضت البيعة ورددت بعضها دون بعض. قال: ولو تزوجها بعبد بعينه وألف درهم على أن تعطيه عبدا بعينه

صفحة : 1666

ومائة دينار وتقابضا قبل أن يتفرقا كان النكاح جائزا وينظر إلى قيمة العبد الذي تزوجها عليه مع الألف فإن كان ألفا فالصداق ألفان فيقسم الألفان على مهر مثلها والعبد الذي أعطته والمائة الدينار. فإن كان صداق مثلها ألفا وقيمة العبد الذي أعطته ألفا وقيمة المائة الدينار ألفين فالعبد الذي أعطته مبيع بخمسمائة والمائة الدينار مبيعة بألف وصداقها خمسمائة لأن ذلك كله في العبد الذي أصدقها والدراهم الألف يملك بكل شيء فما أعطته من عقدتها والعبد والمائة الدينار بقدر قيمته من العبد والألف فإن طلقها قبل أن يدخل بها سلمت له المائة والعبد ورجع عليها بمائتين وخمسين في كل ما أعطاها من العبد بحصته ومن الألف بحصتها فيكون له من الألف التي أعطاها مائة وخمسة وعشرين ومن العبد قيمة مائة وخمسة وعشرين وذلك ثمنه. وإن كانا لم يتقابضا قبل أن يتفرقا فسد الصداق لأن فيه صرفا مستأخرا وما كان فيه صرف لم يصلح أن يتفرقا حتى يتقابضا ولها صداق مثلها. قال: ولو أصدقها ألفا على أن ردت إليه ألفا أو خمسمائة كان النكاح ثابتا والصداق باطلا ولها مهر مثلها لا تجوز الدراهم بالدراهم إلا معلومة ومثلا بمثل. وأقل ما في هذا أن الخمسمائة وقعت من الألف بما لا يعرف عند عقد البيع ألا ترى أن مهر مثلها يكون ألفا فتكون الخمسمائة بثلث الألف ويكون مائة فتكون الخمسمائة بتسعمائة. ولو كان مهر مثلها خمسمائة لم يجز من قبل أن الصفقة وقعت ولا يدرى كم حصة الدراهم التي أعطته من الدراهم التي أعطاها ولا يصلح فيهما حتى يفرق فيه عقد الصرف من عقد البيع فتكون الدراهم بدراهم مثلها وزنا بوزن ويكون الصداق معلوما غيرها قال: وإذا كانت الدنانير بدراهم فكانت نقدا يتقابضان قبل أن يتفرقا فلا بأس بذلك لأنه لا بأس بالفضل في بعضها على بعض يدا بيد قال: ولو تزوجها على ثياب تسوى ألفا على أن زادته ألفا وكان صداق مثلها ألفا فكان نصف الثياب بيعا لها بالألف ونصفها صداقها فإن طلقها قبل الدخول فلها ثلاثة أرباع الثياب نصفها بالبيع ونصف النصف بنصف المهر. قال الربيع: هذا كله متروك لأن الشافعي رجع عنه إلى قول آخر. قال: ولو طلقها قبل الدخول ولم يكن دفع الثياب إليها حتى هلكت في يديه ورد عليها الألف التي قبض منها إن كان قبضها وإن لم يكن قبضها لم يدفع إليه منها شيء لأنه قد هلك ما اشترت منه قبل قبضه فلا يلزمها ثمنه وأعطاها نصف مهر مثلها من قيمة الثياب وذلك ربع قيمة الثياب مائتان وخمسون درهما فعلى هذا الباب كله وقياسه. قال: ولو تزوجها على أبيها وأبوها يسوى ألفا أو على ابنها وابنها

صفحة : 1667

يسوى ألفا على أن زادته ألفا ومهر مثلها ألف فدفع إليها أباها أو لم يدفعه فسواء والنكاح ثابت والمهر جائز وأبوها ساعة ملكته حر لأن ملكها إياه ساعة ملك عقدة نكاحها وكذلك ابنها إن كان هو الصداق ويلزمها أن تعطيه الألف التي زادته فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بمائتين وخمسين وذلك نصف صداقها لأن أباها كان بيع بخمسمائة فسلم لها حين عتق فصار صداقها خمسمائة فرجع عليها بنصفها وهو مائتان وخمسون. فإن قال قائل: فأراك أنزلت صدقات النكاح منزلة البيوع وأنت تقول: المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا فيكون المرأة والرجل بالخيار في الصداق ما لم يتفرقا. قيل: لا. فإن قال قائل: فما فرق بينهما قيل: إنا لما جعلنا ولم يخالفنا أحد علمناه النكاح كالبيوع المستهلكة فقلنا: إذا كان الصداق مجهولا فللمرأة مهر مثلها ولا يرد النكاح كما قلنا في البيع بالشيء المجهول يهلك في يدي المشتري وفي البيع المعلوم فيه الخيار لصاحبه فيه قيمته حكمنا في النكاح إذا كان حكمه لا يرد عقده أنه كبيع قد استهلك في يد مشتريه. ألا ترى لو أن رجلا اشترى من رجل عبدا على أنه بالخيار يومه أو ساعته فمات قبل مضي وقت الخيار لزمه بالثمن لأنه ليس ثم عين ترد والنكاح ليس بعين ولا يكون للمتناكحين خيار لما وصفت. قال: ولو تزوج الرجل المرأة فأصدقها ألفا وردت عليه خمسمائة درهم فالنكاح ثابت والصداق باطل ولها مهر مثلها تقابضا قبل أن يتفرقا أو لم يتقابضا لأن حصة الخمسمائة درهم من الألف مجهولة لأنها مقسومة على ألف وصداق مثلها. وهكذا لو تزوجها بألف على أن ردت عليه ألفا كان الصداق باطلا وهي مثل المسألة قبلها وزيادة أنها لو كانت ألفا بألف وزيادة كان الربا في الزيادة أو النكاح بلا حصة من المهر فيكون لها صداق مثلها ويبطل البيع في الألف. وهكذا لو نكحها بمائة أردب حنطة على أن ردت عليه مائة أردب حنطة أو أقل أو أكثر. وهكذا كل شيء أصدقها إياه وردت عليه شيئا منه مما في الفضل في بعضه على بعض الربا لم يجز فلا يجوز من هذا شيء حتى يسمي حصة مهرها مما أصدقها وحصة ما أخذ منها فإذا أصدقها ألفا على أن حصة مهرها خمسمائة وردت عليه خمسمائة بخمسمائة وكان هذا فيما في بعضه على بعض الربا ففيها قولان أحدهما: أن هذا جائز. ومن قال هذا القول قال: لو أصدق امرأتين ألفا كان النكاح ثابتا وقسمت الألف بينهما على مهور مثلهما فكان لكل واحدة منهما فيها بقدر مهر مثلها كان مهر مثل إحداهما ألف ومهر الأخرى ألفان فيكون لصاحبة الألف ثلث الألف ولصاحبة الألفين ثلثا الألف ولو

صفحة : 1668

أصدقها أباها عتق ساعة عقد عليها عقد النكاح ولم يحتج إلى أن يتفرقا كما يحتاج إليه في البيع ويتم تملكها الصداق بالعقد وإن كان به عيب ينقصه عشر قيمته رجعت عليه بعشر مهر مثلها ولو طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمة أبيها يوم قبضته منه وكذا لو مات أبوها رجع بنصف قيمته يوم قبضته منه ولا يرد عتقه. وكذلك لو أفلست وأصدقها أباها وهي مفلسة ثم طلقها لم يكن له نصفه ولا للغراء منه شيء لأنه يعتق ساعة يتم ملكه بالعقد. ولو أصدقها أباها وهي محجورة كان النكاح ثابتا وصداق أبيها باطلا لأنه لا يثبت لها عليه ملك وكان لها عليه مهر مثلها. وكذلك لو كانت محجورة فأمهرها أمها بأمر أبيها وهو وليها أو ولي لها غيره لأنه ليس لأبيها ولا لولي غيره أن يعتق عنها ولا يشتري لها ما يعتق عليها من ولد ولا والد. قال: ولو كانت غير محجورة فأصدقها أباها وقيمته ألف أو ألفان ثم طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف قيمة أبيها وهي خمسمائة وخمسمائة نصف الألف. ولو أصدقها أباها وهو يسوى ألفا على أن تعطيه أباه وهو يسوى ألفا وصداق مثلها ألف فأبوه بيع له بصداق مثلها وبأبيها ونصف أبيها لها بالصداق ونصفه بأبيه فيعتق أبواهما معا. وإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بربع قيمة أبيها وذلك مائتان وخمسون وهو نصف حصة صداق مثلها. قال: ولو أصدقها عبدا يسوى ألفا وصداق مثلها ألف على أن زادته عبدا يسوى ألفا فوجد بالعبد الذي أعطته عيبا كان فيها قولان: أحدهما: يرده بنصف عبده الذي أعطاها لأنه مبيع بنصفه وكان لها نصف العبد الذي أعطاها فإن طلقها رجع عليها بربع العبد الذي أصدقها وهو نصف صداقه إياها وكان لها ربعه لأنه نصف صداقها. والقول الثاني: أنه إذا جاز أن يكون بيعا أو نكاحا أو بيعا أو إجارة لم يجز لو انتقص الملك في العبد الذي أصدقها بعيب يرد به أو بأن يستحق أو بأن يطلقها فيكون له بعضه إلا أن تنتقض الصفقة كلها فترد عليه ما أخذت منه ويرد عليها ما أخذ منها ويكون لها مهر مثلها كما لو اشترى رجل عبدين فاستحق أحدهما انتقض البيع في الثاني أو وجد بأحدهما عيبا فأبى إلا أن يرد انتقض البيع في الثاني إذا لم يرد أن يحبس العبد على العيب. والقول الثاني: أنه لا يجوز أن يعقد الرجل نكاحا بصداق على أن تعطيه المرأة شيئا قل ولا كثر من بيع ولا كراء ولا إجارة ولا براءة من شيء كان لها عليه من قبل أنه إذا أصدقها ألفين ومهر مثلها ألف فأعطته عبدا يسوى ألفا ثم طلقها قبل أن يدخل بها انتقض نصف حصة مهر مثلها وثبت نصفها فإن جعلت البيع منها

صفحة : 1669

نقضت نصفه ولم أجد شيئا جمعته صفقة ينتقض إلا معا ولا يجوز إلا معا فإن جعلته ينتقض كله فقد انتقض بغير عيب ولا انتقاض بنصف حصة عقدة النكاح فدخله ما وصفت أولى من أن ينتقض بعض الصفقة دون بعض وإن لم أجعله ينتقض بحال فقد أجزت بيعا معه بغير ملك قد انتقص بعضه ووقع البيع عليه بحصة من الثمن غير معلومة لأن مهر مثلها ليس بمعلوم حتى يسأل عنه ويعتبر بغيرها. فإن قال قائل: قد تجمع الصفقة بيع عبدين معا قيل: نعم: يرقان فيسترقان معا وتنتقض الصفقة في أحدهما فتنتقض في الآخر حين لم يتم البيع وليس هكذا النكاح قال الربيع: وبهذا يأخذ الشافعي وبه أخذنا. قال: ومن قال هذا القول لم يجز أن ينكح الرجل امرأتين بألف ولا يبين كم لكل واحدة منهما من الألف وأثبت النكاح في كل ما وصفت وأجعل لكل منكوحة على هذا صداق مثلها إن مات أو دخل بها ونصف صداق مثلها إن طلقها قبل أن يدخل بها. وكذلك لا يجيز أن ينكح الرجل المرأة بألف على أن تبرئه من شيء كان لها عليه قبل النكاح ولا ينكحها بالألف على أن تعمل له عملا ولا ينكحها بالألف على أن يعمل لها عملا لأن هذا نكاح وإجارة لا تعرف حصة النكاح من حصة الإجارة ونكاح وبراءة لا تعرف حصة النكاح من حصة البراءة. فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه قال الربيع: وبه يقول الشافعي. قال الشافعي: وإذا أصدقت المرأة العبد أو الأمة فكاتبتهما أو أعتقتهما أو وهبتهما أو باعتهما أو دبرتهما أو خرجا من ملكها ثم طلقت قبل أن يدخل بها لم ترد من ذلك شيئا إذا طلقها الزوج قبل أن يدخل بها ويرجع عليها بنصف قيمة أي ذلك أصدقها يوم دفعه إليها ولو دبرت العبد أو الأمة فرجعت في التدبير ثم طلقها والعبد بحاله رجع في نصفه وإن طلقها قبل أن ترجع في التدبير لم يجبر على أخذه وإن نقضت التدبير لأن نصف المهر صار له والعبد أو الجارية محول دونه بالتدبير لا يجبر مالكه على نقض التدبير فلما لم يكن يجبر عليه كان حقه مكانه في نصف فلا يتحول إلى عبد قد كان في ثمن بمشيئتها إذا لم تكن مشيئته في أن يأخذ العبد أو الأمة ويقال له: انقض التدبير. أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله تعالى: التفويض الذي إذا عقد الزوج النكاح به عرف أنه تفويض في النكاح أن يتزوج الرجل المرأة الثيب المالكة لأمرها برضاها ولا يسمي مهرا أو يقول لها: أتزوجك على غير مهر فالنكاح في هذا ثابت فإن أصابها فلها مهر مثلها وإن لم يصبها حتى طلقها فلا متعة ولا نصف مهر لها. وكذلك أن يقول: أتزوجك ولك علي مائة

صفحة : 1670

دينار مهر فيكون هذا تفويضا وأكثر من التفويض ولا يلزمه المائة فإن أخذتها منه كان عليها ردها بكل حال. وإن مات قبل أن يسمي لها مهرا أو ماتت فسواء وقد روي عن النبي ﷺ أنه قضى في بروع بنت واشق ونكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث فإن كان ثبت عن النبي ﷺ فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون النبي ﷺ وإن كثروا ولا في قياس فلا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له وإن كان لا يثبت عن النبي ﷺ لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت ولم أحفظه بعد من وجه يثبت مثله وهو مرة يقال عن معقل بن يسار ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يسمى وإن لم يثبت فإذا مات أو ماتت فلا مهر لها وله منها الميراث إن ماتت ولها منه الميراث إن مات ولا متعة لها في الموت لأنها غير مطلقة وإنما جعلت المتعة للمطلقة. قال: وإن كان عقد عليها عقدة النكاح بمهر مسمى أو بغير مهر فسمى لها مهرا فرضيته أو رفعته إلى السلطان ففرض لها مهرا فهو لها ولها الميراث. قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: سمعت ابن عباس يسأل عن المرأة يموت عنها زوجها وقد فرض صداقها قال: لها الصداق والميراث. أخبرنا مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها ابنة زيد بن الخطاب وكانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقا فابتغت أمها صداقها فقال لها ابن عمر: ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها فأبت أن تقبل ذلك فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث. أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب قال: سألت عبد خير عن رجل فوض إليه فمات ولم يفرض فقال: ليس لها إلا الميراث ولا نشك أنه قول علي. قال الشافعي: قال سفيان: لا أدري لا نشك أنه من قول علي أم من قول عطاء أم من قول عبد خير. قال الشافعي: وفي النكاح وجه آخر قد يدخل في اسم التفويض وليس بالتفويض المعروف نفسه وهو مخالف للباب قبله وذلك أن تقول المرأة للرجل: أتزوجك على أن تفرض لي ما شئت أو ما شئت أنا أو ما حكمت أنت أو ما حكمت أنا أو ما شاء فلان أو ما رضي أو ما حكم فلان لرجل آخر فهذا كله وقع بشرط صداق ولكنه شرط مجهول فهو كالصداق الفاسد مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها على أن تترك إلى أن تبلغ ومثل الميتة والخمر لا يحل ملكه ولا يحل بيعه في حاله تلك أو على الأبد فلها في هذا كله مهر مثلها. وإن طلقها

صفحة : 1671

قبل أن يدخل بها فلها نصف مهر مثلها ولا متعة لها في قول من ذهب إلى أن لا متعة للتي فرض لها إذا طلقت قبل تمس ولها المتعة في قول من قال المتعة لكل مطلقة. قال الشافعي: وإذا كان الصداق تسمية بوجه لا يجوز إلى أجل أو أجل أو غير أجل أو يذكر فيه شيء فهو صداق فاسد لها فيه مهر مثلها ونصفه إن طلقت قبل الدخول. ولو أصدقها بيتا أو خادما لم يصفه ولم تعرفه بعينه كان لها صداقا مثلها لا يكون الصداق لازما إلا بما تلزم به البيوع. ألا ترى لو أن رجلا باع بيتا غير موصوف أو خادما غير موصوف ولا يرى واحدا منهما ولا يعرفه بعينه لم يجز. وهكذا لو قال: أصدقتك خادما بأربعين دينارا لم يجز لأن الخادم بأربعين دينارا قد يكون صبيا وكبيرا وأسود وأحمر فلا يجوز في الصداق إلا ما جاز في البيوع. ولو قال: أصدقتك خادما خماسيا من جنس كذا أو صفة كذا جاز كما يجوز في البيوع. قال: ولو أصدقها دارا لا يملكها أو عبدا لا يملكه أو حرا فقال: هذا عبدي أصدقتكه فنكحته على هذا ثم علم أن الدار والعبد لم يكونا في ملكه يوم عقد عليها فعقدة النكاح جائزة ولها مهر مثلها ولا يكون لها قيمة العبد ولا الدار. ولو ملكهما بعد فأعطاها إياهما لم يكونا لها إلا بتجديد بيع فيهما لأن العقدة انعقدت وهو لا يملكهما كما لو انعقدت عليهما عقدة بيع لم يجز البيع. ولو ملكهما بعد البيع أو سلمهما مالكهما للبائع بذلك الثمن لم يجز حتى يحدث فيهما بيعا وانما جعلت لها مهر مثلها لأن النكاح لا يرد كما لا ترد البيوع الفائتة النكاح كالبيوع الفائتة. قال: وسيد الأمة في تزويج الرجل بغير مهر مثل المرأة البالغ في نفسها إذا زوجها بغير أن يسمي مهرا أو زوجها على أن لا مهر لها فطلقها الزوج قبل المسيس فلها المتعة وليس لها نصف المهر فإن مسها فلها مهر مثلها. وإذا تزوج الأمة سيدها وأذنت الحرة في نفسها بلا مهر ثم أرادت الحرة وأراد سيد الأمة أن يفرض الزوج لها مهرا فرض لها المهر وإن قامت عليه قبل أن يطلقها فطلبته فطلقها قبل يفرض لها أو يحكم عليه الحاكم بمهر مثلها فليس لها إلا المتاع لا يجب لها نصف المهر إلا أن يفرض الحاكم أو بأن يفرضه هو لها بعد علمها صداق مثلها فترضى كما وقع عليه العقد فيلزمهما جميعا. قال الشافعي: وإن نكحها بغير مهر ففرض لها مهرا فلم ترضه حتى فارقها كانت لها المتعة ولم يكن لها مما فرض لها شيء حتى يجتمعا على الرضا فإذا اجتمعا على الرضا به لزم كل واحد منهما ولم يكن لواحد منهما نقض شيء منه كما لا يكون لواحد منهما نقض ما وقعت عليه العقدة من المهر إلا باجتماعهما على

صفحة : 1672

نقضها أو يطلق قبل المسيس فينتقض نصف المهر ولا يلزمها ما فرض لها بحال حتى يعلما كم مهر مثلها لأن لها مهر مثلها بالعقد ما لم ينتقض بطلاق فإذا فرض وهما لا يعلمان مهر مثلها كان هو كالمشتري وهي كالبائع ما لم يعلم أو يعلم أحد ما. قال الشافعي: وليس أبو الجارية الصغيرة ولا الكبيرة البكر كسيد الأمة في أن يضع من مهرها ولا يزوجها بغير مهر. فإن قيل: فما فرق بينهما فهو يزوجهما معا بلا رضاهما قيل: ما يملك من الجارية من المهر فلنفسه يملكه لا لها فأمره يجوز في ملك نفسه وما ملك لابنته من مهرها فلها يملكه لا لنفسه ومهرها مال من مالها فكما لا يجوز له أن يهب مالها فكذلك لا يجوز له أن يهب صداقها ولا يزوجها بغير صداق كما لا يجوز له إتلاف ما سواه من مالها. وإذا زوجها أبوها ولم يسم لها مهرا أو قال لزوجها: أزوجكها على أن لا مهر عليك فالنكاح ثابت لها ولها على الزوج مهر مثلها لا يرجع به على الأب فإن ضمن له الأب البراءة من مهرها وسماه فللزوجة على الزوج صداقها في ماله عاش أو مات أو عاشت أو ماتت. وإن طلقها فلها عليه نصف مهر مثلها ولا يرجع به الزوج على الأب لأنه لم يضمن له في ماله شيئا فيلزمه ضمانه إنما ضمن له أن يبطل عنه حقا لغيره. فإن قال قائل: وكيف جعلت عليه مهر مثل الصبية إنما زوجه إياها أبوها وهو لم يرض بالنكاح إلا بغير مهر قيل له: أرأيت إن كانت المرأة الثيب المالك لأمرها التي لو وهبت مالها جاز تنكح الرجل على أن لا مهر لها ثم تسأل المهر فأفرض لها مهر مثلها ولا أبطل النكاح كما أبطل البيع ولا أجعل للزوج الخيار بأن طلبت الصداق وقد نكحت بلا صداق وكيف ينبغي أن أقول في الصبية فإن قال هكذا لأنهما منكوحتان وأكثر ما في الصبية أن يجوز أمر أبيها عليها في مهرها كما يجوز أمر الكبيرة في نفسها في مهرها فإذا لم يبرأ زوج الكبيرة من المهر بأن لم يرض أن ينكحها إلا بلا مهر ونكحته على ذلك فلزمه المهر ولم نفسخ النكاح ولم نجعل له الخيار. ولو أصابها كان لها المهر كله فهكذا الصبية. فإن قال: نعم ولكن لم جعلت على زوج الصبية يطلقها نصف مهر مثلها وأنت لا تجعل على زوج الكبيرة إذا نكحها بلا مهر فطلقها قبل أن تطلب الفرض أو يفرض أو تصاب إلا المتعة قيل له إن شاء الله تعالى: لما وصفت من أن النكاح ثابت بمهر إلا على من أجاز أمره من النساء في ماله فيرضى أن لا يكون له مهر فطلق قبل أن يفرض لها مهرا فكان لهن المتعة لأنهن عفون عن المهر حتى طلقن كما لو عفون عنه وقد فرض جاز عفوهن لقول الله عز وجل: إلا أن يعفون والصغيرة لم تعف عن مهر ولو

صفحة : 1673

عفت لم يجز عفوها وإنما عفا عنها أبوها الذي لا عفو له في مالها فألزمنا الزوج نصف مهر مثلها بالطلاق وفرقنا بينهما لافتراق حالهما في مالهما. ولأن الزوج لم يرض بصداق إلا أن يبرأ منه فكان كمن سمى صداقا فاسدا ولو كان سمى لها صداقا فعفاه الأب كان لها الصداق الذي سمى وعفو الأب بعد وجوب الصداق باطل. وهكذا المحجورة إذا زوجت بلا مهر لا تخالف الصبية في شيء. أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن رجلا زوج ابنته على أربعة آلاف وترك لزوجها ألفا. فجاءت المرأة وزوجها وأبوها ثلاثتهم يختصمون إلى شريح فقال شريح: تجوز صدقتك ومعروفك وهي أحق بثمن رقبتها. قال الشافعي: وسواء في هذا البكر والثيب لأن ذلك ملك للبنت دون الأب ولا حق للأب فيه وقول شريح: تجوز صدقتك ومعروفك قد أحسنت وإحسانك حسن ولكنك أحسنت فيما لا يجوز لك فهي أحق بثمن رقبتها يعني صداقها.