الرئيسيةبحث

كتاب الأم - المجلد الثامن2

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 3062


جماع أحكام المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: يروى أن من كاتب عبده على مائة أوقية فأداها إلا عشر أواق فهو رقيق. أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن زيد بن ثابت قال في المكاتب: هو عبد ما بقي عليه درهم. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وبهذا نأخذ وهو قول عامة من لقيت. وهو كلام جملة ومعنى قولهم - والله تعالى أعلم -: عبد في شهادته وميراثه وحدوده والجناية عليه. وجملة جنايته بأن لا تعقلها عاقلة مولاه ولا قرابة العبد ولا يضمن أكثر من قيمته في جنايته ما بلغت قيمة العبد وهو عبد في الأكثر من أحكامه. وليس كالعبد في أن لسيده بيعه ولا أخذ ماله ما كان قائما بالكتابة ولا يعتق المكاتب إلا بأداء آخر نجومه. فلو كاتب رجل عبده على مائة دينار منجمة في كل سنة: على أنك متى أديت نجما عتق منك بقدره فأدى نجما عتق كله ورجع عليه سيده بما بقي من قيمته وكانت هذه الكتابة فاسدة. ومن قذف مكاتبا كان كمن قذف عبدا وإذا قذف المكاتب حد حد عبد. وكذلك كل ما أتى المكاتب مما عليه فيه حد فحده حد عبد. ولا يرث المكاتب ولا يورث بالنسب. وإن مات المكاتب ورث هو بالرق. ومثل أن يرث المكاتب بالرق أن يكون له عبد فيموت فيأخذ المكاتب مال عبده كما كان يبيع رقبته لأنه مالك له وإذا مات المكاتب وقد بقي عليه من كتابته شيء قل أو كثر فقد بطلت الكتابة وإذا كان المكاتب إذا قال في حياته قد عجزت بطلت الكتابة لأنه اختار تركها أو عجز فعجزه السيد بطلت الكتابة كان إذا مات أولى أن تبطل الكتابة لأن المكاتب ليس بحي فيؤدي إلى السيد دينه عليه وموته أكثر من عجزه ولا مزية للمكاتب تفضل بين المقام على كتابته والعتق. وإذا مات فخرج من الكتابة أحطنا أنه عبد وصار ماله لسيده كله. وسواء كان معه في الكتابة بنون ولدوا من جارية له أو أم ولد أو بنون بلغوا يوم كاتب وكاتبوا معه وقرابة له كاتبوا معه فجميع ماله لسيده. ولو قال سيده بعد موت المكاتب: قد وضعت الكتابة عنه أو وهبتها له أو أعتقته لم يكن حرأ وكان المال ماله بحاله لأنه إنما وهبت لميت مال نفسه. ولو قذفه رجل وقد مات ولم يؤد لم يحد له لأنه مات ولم يعتق. فإذا مات المكاتب فعلى سيده كفنه وقبره لأنه عبده. وكذلك لو كان أحضر المال ليدفعه ثم مات قبل أن يقبضه سيده أو دفع المال إلى رسول ليدفعه إلى سيده فلم يقبضه سيده حتى مات عبدا وكذلك لو أحضر المال ليدفعه فمر به أجنبي أو

صفحة : 3063

ابن لسيده فقتله كانت عليه قيمته عبدا. وكذلك لو كان سيده قتله كان ظالما لنفسه ومات عبدا فلسيده ماله ويعزر سيده في قتله ولو وكل المكاتب من يدفع إلى السيد آخر نجومه ومات المكاتب فقال ولد المكاتب الأحرار: قد دفعها إليك الوكيل وأبونا حي وقال السيد: ما دفعها إلي إلا بعد موت أبيكم فالقول قول السيد المكاتب لأنه ماله. ولو أقاموا بينة على أنه دفعها إليه يوم الاثنين ومات أبوهم يوم الاثنين كان القول قول السيد حتى تقطع البينة على أنه دفعها إليه قبل موت المكاتب أو توقت فتقول: دفعها إليك قبل طلوع الشمس يوم الاثنين ويقر السيد أن العبد مات بعد طلوع الشمس من ذلك اليوم أو تقوم بينة بذلك فيكون قد عتق. ولو شهد وكيل المكاتب أنه دفع ذلك إلى السيد قبل موت المكاتب لم تقبل شهادته. ولكن لو وكل السيد رجلا بأن يقبض من المكاتب آخر نجومه فشهد وكيل سيد المكاتب أنه قبضها منه قبل أن يموت وقال السيد: قبضها بعد ما مات جازت شهادة وكيل سيد المكاتب عليه وحلف ورثة المكاتب مع شهادته وكان أبوهم حرا وورثه ورثته الأحرار ومن يعتق بعتقه. ولد المكاتب وماله أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت لعطاء. رجل كاتب عبدا له وقاطعه فكتمه مالا له عبيدا ومالا غير ذلك قال: هو للسيد. وقالها عمرو بن دينار وسليمان بن موسى أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: فإن كان السيد قد سأله ماله فكتمه إياه فقال: هو لسيده. فقلت لعطاء: فكتمه ولدا من أمة ولم يعلمه قال: هو لسيده. وقالها عمرو بن دينار وسليمان بن موسى قال ابن جريج. قلت له: أرأيت إن كان سيده قد علم بولد العبد فلم يذكره السيد ولا العبد للأداء مطيقا ومنه ممنوعا بالسيد أو كان له غير مطيق فبطل معنى الكتابة بالمعنين معا. ويجوز للمكاتب في ماله ما كان على النظر وغير الاستهلاك لماله ولا يجوز ما كان استهلاكا لماله. فلو وهب درهما من ماله كان مردودا. ولو اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا. أو باع شيئا من ماله بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا. وكذلك لو جنيت عليه جناية فعفا الجناية على غير مال كان عفوه باطلا لأن ذلك إهلاك منه لماله. ويجوز بيعه بالنظر وإقراره في البيع ولا يجوز له أن ينكح بغير إذن سيده فإن نكح فأصاب المرأة فسخ النكاح ولها عليه مهر مثلها إذا عتق ولا يكون لها أن

صفحة : 3064

تأخذه به قبل يعتق لأنها نكحته وهي طائعة. ولو اشترى جارية شراء فاسدا فماتت في يديه كان لقيمتها ضامنا لأن شراءه وبيعه جائز فما لزمه بسبب الشراء لزمه في ماله. ولو اشترى جارية فأصابها فاستحقها رجل عليه أخذها وأخذ منه مهر مثلها لأن هذا بسبب بيع. وأصل البيع والشراء له جائز وأصل النكاح له غير جائز فلذلك لم ألزمه في ماله ما كان مكاتبا صداق المرأة وألزمهوه بعد عتقه. فإذا تحمل عن الرجل بحمالة وضمن عن آخر كان ذلك باطلا لأن هذا تطوع ببشيء يلزمه نفسه في ماله فهو مثل الهبة يهبها ولا يلزمه بعد العتق. وإذا كان له ولد صغير أو كبير زمن محتاج أو أب زمن محتاج لم تلزمه نفقته وتلزمه نفقة زوجته إن أذن له سيده في نكاحها قبل الكتابة وبعدها. ولو نكح في الكتابة بغير إذن سيده فلم يعلم سيده حتى عتق فأصابها أو أصابها قبل العتق. ثم عتق كان عليه في العبد عند الكتابة. قال: فليس في كتابته هو مال لسيدهما. وقالهما عمرو بن دينار. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: القول ما قال عطاء وعمرو بن دينار في ولد العبد المكاتب سواء علمه السيد أو لم يعلمه هو مال للسيد وكذلك مال العبد للسيد ولا مال للعبد. وإذا كاتب الرجل عبده وله مال فللسيد أخذ كل مال كان للعبد قبل مكاتبته. ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 3065


مال العبد المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كان العبد تاجرا أو غير تاجر في يديه مال فكاتبه سيده فالمال للسيد وليس للمكاتب شيء منه. وما اكتسب المكاتب في كتابته فلا سبيل للسيد عليه حتى يعجز فإذا اختلف العبد والسيد وقد تداعيا الكتابة ولم يكاتبا أو لم يتداعيا في مال في يدي العبد فالمال للسيد ولا موضح للمسألة في هذا. ولكن إذا اختلفا في المال الذي في يد العبد بعد الكتابة فقال العبد: أفدته بعد الكتابة. وقال السيد: أفدته قبلها أو قال: هو مال لي أودعتكه فالقول قول العبد المكاتب مع يمينه وعلى السيد البينة فما أقام عليه شاهدين أو شاهدا وامرأتين أو شاهدا وحلف أنه كان في يدي العبد قبل الكتابة فهو للسيد وكذلك لو أقر العبد أنه كان في يده قبل الكتابة فهو للسيد. ولو شهد الشهود على شيء كان في يدي العبد ولم يحدوا حدا يدل على أن ذلك كان في يدي العبد قبل الكتابة كان القول قول العبد حتى يحدوا وقتا يعلم فيه أن المال كان بيدي العبد قبل الكتابة. وكذلك لو قالوا: كان في يديه يوم الاثنين لغرة شهر كذا وكانت الكتابة ذلك اليوم كان القول قول العبد حتى تحد البينة حدا يعلم أن المال كان في يديه قبل أن تصح الكتابة. ولو شهدوا أنه كان في يديه في رجب وشهدوا له على المكاتبة في شعبان من سنة واحدة فقال العبد: قد كاتبتني بلا بينة قبل رجب أو في رجب أو في وقت قبل الوقت الذي شهدت عليه البينة كان القول قول العبد. وإنما قلت هذا أن سيد المكاتب إنما كاتبه على نفسه وماله مال سيده لا مال له. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده على نفسه وماله فالكتابة فاسدة علم المال وأحضره أو لم يعلم لأنه كتابة وبيع لأنه لا يعلم حصة الكتابة من حصة البيع لأن لكل واحد منهما حصة من الكتابة غير متميزة وأنه يعجز فيكون رقيقا ويفوت المال. فإن أدى فعتق تراجعا بقيمة العبد فتكون يوم كوتب ورجع سيده بماله الذي كاتبه عليه أو مثله أو قيمته إن فات في يديه. ويجوز أن يكاتبه ثم يبيعه بعد الكتابة ما في يديه أو يهبه أو يتصدق به عليه فأما أن يعقد الكتابة عليه فلا يجوز بحال. قال الربيع: وفيه حجة أخرى: أنه إذا كاتبه على نفسه وماله فالكتابة فاسدة لأنه كاتبه على نفسه وماله الذي في يديه والمال الذي في يديه لسيده ليس للعبد. أخبرنا الربيع قال. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: مما أفاد المكاتب بعد الكتابة بوجه من

صفحة : 3066

الوجوه فهو له مال على معنى وليس للسيد أخذه ولا أخذ شيء منه. فإن قيل: فكيف لا يأخذ ماله وهو لم يخرج من ملكه. قيل - إن شاء الله تعالى -: لما أمر الله بالكتابة وكانت المكاتبة مالا يؤديه العبد ويعتق به فلو سلط للسيد على أخذه لم يكن للمكاتبة معنى إذا كان السيد يأخذ ما يكون العبد به مؤديا كان العبد للأداء مطيقا ومنه ممنوعا بالسيد أو كان له غير مطيق فبطل معنى الكتابة بالمعنين معا ويجوز للمكاتب في ماله ما كان على النظر وغير الاستهلاك لماله ولا يجوز ما كان ااستهلاكا لماله فلو وهب درهما من ماله كان مردودا ولو اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا. أو باع شيئا من ماله بما لا يتغابن الناس بمثله كان مردودا. وكذلك لو جنيت عليه جناية فعفا الجناية على غير مال كان عفوه باطلا لأن ذلك إهلاك منه لماله. ويجوز بيعه بالنظر وإقراره في البيع ولا يجوز له أن ينكح بغير إذن سيده فإن نكح فأصاب المرأة فسخ النكاح ولها عليه مهر مثلها إذا عتق ولا يكون لها أن تأخذه به قبل يعتق لأنها نكحته وهي طائعة. ولو اشترى جارية شراء فاسدا فماتت في يديه كان لقيمتها ضامنا لأن شراءه وبيعه جائز فما لزمه بسبب. الشراء لزمه في ماله. ولو اشترى جارية فأصابها فاستحقها رجل عليه أخذها وأخذ منه مهر مثلها لأن هذا بسبب بيع. وأصل البيع والشراء له جائز وأصل النكاح له غير جائز فلذلك لم ألزمه في ماله ما كان مكاتبا صداق المرأة وألزمهوه بعد عتقه. فإذا تحمل عن الرجل بحمالة وضمن عن آخر كان ذلك باطلا لأن هذا تطوع بشيء يلزمه نفسه في ماله فهو مثل الهبة يهبها ولا يلزمه بعد العتق. وإذا كان له ولد صغير أو كبير زمن محتاج أو أب زمن محتاج لم تلزمه نفقته وتلزمه نفقة زوجته إن أذن له سيده في الكتابة وبعدها. ولو نكح في الكتابة بغير إذن سيده فلم يعلم سيده حتى عتق فأصابها أو أصابها قبل العتق. ثم عتق كان عليه في الحالين مهر مثلها بأنه حر ويفرق بينه وبينها. ولو كان له عبد فمات كان عليه كفنه ميتا ونفقته مريضا. ولو بيع من قرابته من لا يعتق عليه لو كان حرا كان له شراؤه على النظر كما أن له شراء غيرهم على النظر. وإذا باع منهم عبدا على غير النظر فالبيع مردود. وإن أعتقه الذي اشتراه فالعتق باطل وإن أعتق المكاتب بعد بيعهم الذي وصفته مرودا وعتق من ملكهم لهم فعتقهم باطل حتى يجدد فيهم بيعا فإذا جدد فهم مماليك إلا أن يشاء الذي اشتراهم أن يجدد لهم عتقا. ولو باع هذا البيع الفاسد فأعتق العبد ثم جنى فقضى الإمام على مواليه بالعقل ثم علم فساد البيع رد ورد العاقلة

صفحة : 3067

بالعقل على من أخذه منهم. وكذلك لو جنى عليه فقضى بالجناية عليه حر فقبضها أو قبضت له ردت على من أخذت منه. وليس للمكاتب أن يشتري أحدا يعتق عليه لو كان حرا ولدا ولا والدا ومتى اشتراهم فالشراء فيهم مفسوخ فإن ماتوا في يديه قبل يردهم ضمن قيمتهم لأنه بسبب الشراء فإن لم يردهم حتى يعتق فالشراء باطل ولا يعتقون عليهم لأنه لا يملكهم بالشراء الفاسد حتى يجدد لهم شراء بعد العتق فإذا جدده عتقوا عليه. قال: وإنما أبطلت شراءهم لأنه ليس له بيعهم. وإذا اشترى ما ليس له بيعه فليس له بشراء نظرا إنما هو إتلاف لأثمانهم. وليس للمكاتب أن يتسرى وإن أذن له سيده فإن تسرى فولد له فله بيع سريته وليس له وطؤها لأن وطأه إياها بالملك لا يجوز. وليس وطؤه إياها فتلد بأكثر من قوله لها: أنت حرة وهو إذا قال لها: أنت حرة لم تعتق وللمكاتب أن يشتري جارية قد كانت ولدت له بنكاح ويبيعها وله أن يشتري من لا يعتق عليه من ذوي رحمه وغيرهم إذا كان شراؤه إياهم نظرا. قال: وله إن أوصى له بأبيه وأمه وولده أو وهبوا له أو تصدق بهم عليه أن لا يقبلهم وإذا قبلهم أمرهم بالاكتساب على أنفسهم وأخذ فضل كسبهم وما أفادوا من المال لأنهم ملك له فاستعان به في كتابته فمتى أدى عتق وكانوا أحرارا بعتقه وما كان لهم من مال أو جنى عليهم من جناية أو ملكوه وهم في ملكه بوجه من الوجوه فهو للمكاتب. وما ملكوه بعد العتق فهو لهم دونه. وإذا جنى عليهم قبل يعتق فهو جناية على مماليك وليس له أن ينفق عليهم وهم يقدرون على الكسب ويدعهم من أن يكتسبوا. كما لا يكون ذلك له في عبيد غيرهم لأن هذا إتلاف ماله وعليه أن ينفق عليهم إن مرضوا أو عجزوا عن الكسب. ولو خاف العجز لم يكن له بيع واحد ممن يعتق وذلك الوالدون والولد. قال: وإن عجز رد رقيقا وكانوا معا مماليك للسيد لأن عبده كان ملكهم على ما وصفت. وإن جنى واحد منهم جناية لم يكن له أن يفديه بشيء وكان عليه أن يبيع منه بقدر الجناية ولم يكن له أن يبيع منه أكثر من قدر الجناية لأن ما قد بقي في يديه منه يعتق بعتقه إذا عتق. وإذا اشترى أحدا ممن ليس له شراؤه أو باع أحدا ممن ليس له بيعه كان الشراء والبيع منتقضا فيه لا يجوز لأن صفقته كانت فاسدة. ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 3068


ولد المكاتب من غير سريته قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب المكاتب وله ولد لم يدخل ولده معه في الكتابة وإن كاتب عليهم صغارا كانت الكتابة فاسدة لأنه لا يجوز أن يحمل عن غيره لسيده ولا غير سيده. ولا تجوز كتابة الصغار وإذا ولدوا بعد كتابته فحكمهم حكم أمهم لأن حكم الولد في الرق حكم أمه. فإن كانت أمهم حرة فهم أحرار وإن كانت مملوكة فهم مماليك لمالك أمهم كان سيد المكاتب أو غيره. وإن كانت مكاتبة لغير سيده فليس للأب فيهم سبيل إما أن يكونوا موقوفين على ما تصير إليه أمهم فإن عتقت عتقوا وإن رقت رقوا وإما أن يكونوا رقيقأ. وإن كانت مكاتبة لسيده معه في الكتابة أو غير الكتابة فسواء وحكمهم بأمهم دونه وكتابة أمهم غير كتابته إن أدت عتقت وإن أدى دونها عتق لأنه لا يكون حميلا عنها ولا هي عنه. تسري المكاتب ولده من سريته قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وليس للمكاتب أن يتسرى بإذن سيده ولا بغير إذنه فإن فعل فولد له ولد في كتابته ثم عتق لم تكن أم ولده التي ولدت بوطء المكاتب في حكم أم الولد ولا تكون في حكم أم الولد حتى تلد منه بوطء بعد عتقه لأنه لا يتم ملكه لماله حتى يعتق فإذا عتق فولدت بعد عتقه لستة أشهر فصاعدا كانت به في حكم أم الولد وإن ولدت لأقل من ستة أشهر لم تكن في حكم أم الولد. وإذا ولدت للمكاتب جاريته في الكتابة أو امرأته اشتراها فله أن يبيعها لأن امرأته التي ولدت بالنكاح لا تكون في حكم أم الولد والتي ولدت بوطء فاسد بكل حال لا تكون أم ولد بالوطء الفاسد كله ولا تكون في حكم أم الولد أمة إلا أمة وطئت بملك صحيح للكل أو البعض. ولو ولدت بوطء المكاتبة ثم ولدت بوطء الحرية كان بعد عتق سيدها كانت أم ولد بالوطء بعد الحرية لا بالوطء الأول. وإذا كان المكاتب لو أعتق جاريته لم يجز عتقها ولم تعتق عليه بعتقه إياها وهو مكاتب لم يجز أن تكون أم ولد يمنع بيعها وحكم أم الولد أضعف من العتق وليس كالحر يطأ الأمة يملك بعضها ملكا صحيحا لأنه لو أعتق هذه عتق عليه نصيبه ونصيب صاحبه إن كان موسرا وإذا جنت أم ولد المكاتب فهي كأمة من إمائه يبيعها إن شاء وإن شاء فداها كما يفدي رقيقه. ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 3069


ولد المكاتب من أمته قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا ولد للمكاتب من جاريته لم يكن له أن يبيع ولده وكان له أن يبيع أمته متى شاء فإذا عتق عتق ولده معه. وإذا عتق لم تكن أم ولده في حكم أم ولد بذلك كما وصفت فكان له أن يبيعها وما جنى على المولود أو كسب أنفق عليه منه واستعان به الأب في كتابته إن شاء. وإذا اشترى ولده أو والده أو والدته الذين يعتقون على من يملكهم من الأحرار لم يجز شراؤهم لأن شراءهم إتلاف لماله إنما يجوز له شراء ما يجوز له بيعه ولو وهبوا له أو أوصي له بهم أو تصدق بهم عليه لم يجز له بيع أحد منهم ووقفوا معه فإن عتق عتقوا يوم يعتق لأنه يومئذ يصح له ملكهم وإن رق فهم رقيق لسيده ولا يباعون وإن بقي عليه درهم عجز عنه ثم مات ردوا رقيقا وإن قالوا: نحن نؤدي ما عليه لو مات لم يكن ذلك لهم وللمكاتب أن يأخذ مالا إن كان في أيديهم فيؤديه عن نفسه وإن جنيت عليهم جناية لها أرش فله أن يأخذها وله أن يستعملهم ويأخذ أجور عمالهم لأنهم في مثل معنى ماله حتى يعتق فإذا عتق عتقوا حين يتم عتقه. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وليس للمكاتب أن يعتق من هؤلاء أحدأ لأنهم موقوفون على أن يعجز فيكونوا رقيقا للسيد ولا للسيد أن يعتق واحدا منهم لأنهم لو جنى عليهم أو كسبوا كان للمكاتب الاستعانة به فإن أجمعا معا على عتقهم جاز عتقهم وإذا ولد للمكاتب من أمته فقال السيد ولد له قبل الكتابة وقال الكاتب: ولد بعدها فالقول قول المكاتب ما أمكن أن يصدق. وذلك أن تكون الكتابة منذ سنة وأكثر والمولود يشبه أن يكون ولد بعد الكتابة فأما إذا كانت الكتابة لسنة والمولود لا يشبه أن يكون ابن سنة ويحيط العلم أنه ابن أكثر منها إحاطة بينة فلا يصدق المكاتب على ما يعلم أنه فيه كاذب. وإن أشكل فأمكن أن يكون صدق فالقول قوله إلا أن يقيم السيد البينة على أنه ولد قبل الكتابة فيكون رقيقا للسيد. ولو أقام السيد والمكاتب البينة على دعواهما أبطلت البينة وجعلهما كالمتداعيين لا بينة لواحد منهما. ولو أقام السيد البينة على ولدين ولدا للمكاتب في بطن أحدهما ولد قبل الكتابة والآخر بعدها كانا مملوكين للسيد إذا رق له أحدهما رق الآخر لأن حكم الولدين في البطن حكم واحد وكل ما قبلت فيه بينة السيد فجعلت ولد المكاتب له رقيقا فأقر به المكاتب للسيد قبلت إقراره فيه لأنه لا يقر على أحد عتق ولو أقام السيد البينة على ولد ولدوا في ملكه لم أقبلها حتى يقولوا: ولدوا قبل كتابة العبد أو بعد

صفحة : 3070

عجزه عن الكتابة وإن أحدث كتابة بعدها. كتابة المكاتب على ولده قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب المكاتب على نفسه وولد له كبار حاضرين برضاهم فالمكاتبة جائزة. كما يجوز إذا كاتب على نفسه وعبدين معه وأكثر. فإن كاتب على نفسه وابنين له بألف فالألف مقسومة على قيمة الأب والابنين. فإن كانت قيمة الأب مائة وقيمة الابنين مائة فعلى الأب نصف الألف وعلى الابنين نصفها على كل واحد منهما مائتان وخمسون إذا كانت قيمتهما سواء. فإن مات الأب رفعت حصته من المكاتبة. وإن مات أحد الابنين رفعت حصته من الكتابة وهي: مائتان وخمسون وبقيت على الآخر مائتان وخمسون. وإذا مات الأب وله مال فماله لسيده ولا شيء لابنيه فيه وهما من ماله كأجنبيين كاتبا معا وكذلك إن مات الابنان أو أحدهما وله مال فماله للسيد. لأن من مات منهم قبل أداء الكتابة مات عبدا فإن أدى أحدهم عنهم فعتقوا بغير أمرهم ولم يرجع عليهم. وإن كان أدى عنهم بإذنهم رجع عليهم وأيهم عجز سقطت حصته من الكتابة وكان رقيقا والقول فيهم كالقول في العبيد الثلاثة الأجنبيين يكاتبون لا يختلف ولو أدى الأب حصته من الكتابة عتق وكان من معه من ولده مكاتبين إذا أديا عتقا وإن عجزا رقا وليس للأب من استعمال بنيه في المكاتبة شيء ولا من أموالهم. وكذلك ليس للأب من جناية جنيت على واحد منهم ولا عليه من جناية جناها واحد على واحد منهم في المكاتبة شيء وجنايته والجناية عليه له وعليه دون أبيه وولده ولو كانوا معه في الكتابة. وجماع هذا أن الرجل إذا كاتب هو وولده وإخوته أو كاتب هو وأجنبيون فسواء على كل واحد منهم حصته من الكتابة دون أصحابه وله أن يعجز ولسيده أن يعجزه إذا عجز وهو كالمكاتب وحده في هذا كله وله أن يعجل الأداء فيعتق إذا كان مما يجوز تعجيله. وإذا كاتب والدا وولده أو إخوة فمات الأب أو الولد قبل يؤدي مات مملوكا وأخذ سيده ماله ورفعت حصته من الكتابة عن شركائه فيها وكذلك للسيد أن يعتق أيهم شاء وإذا أعتقه رفعت عنهم حصته من الكتابة. ولو كان على كل واحد منهم حصة نفسه كما كانت قبل يعتق. وليس للمكاتب أن يكاتب على نفسه وابن له مغلوب على عقله ولا صبي لأن هذه حمالة مكاتب وحمالته لا تجوز عن غيره فإن كاتب على هذا فالكتابة فاسدة.

صفحة : 3071

قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وتجوز كتابة المرأة فإذأ كاتبها سيدها وهي ذات زوج أو تزوجت بإذن سيدها فولدت أو ولدت من غير زوج في المكاتبة فولدها موقوف. فإن أدت فعتقت عتق وإن ماتت قبل تؤدي ولها مال تؤدى منه مكاتبتها أو يفضل أو لا مال لها فقد ماتت رقيقا ومالها إن كان لها لسيدها وولدها رقيق لأنهم لم يكن لهم عقد مكاتبة فيكون عليهم حصة يؤدونها فيعتقون لو لم تؤد أمهم وليسوا كولد أم الولد التي لا ترق بحال المكاتبة قد ترق بحال وليس كذلك أم الولد في قول من قال: لا ترق أم الولد وقد قيل: ما ولدت المكاتبة فهم رقيق لأن أمهم لم تكن حرة والقول الأول أحب إلي. وإذا جني على الولد الذي ولدته في المكاتبة جناية تأتي على نفسه قبل تؤدي أمه ففيها قولان: أحدهما أن قيمته لسيده ومن قال هذا قال: ليست تملك المرأة ولدها فلا يكون سبب ملك لها كما يملك المكاتب ولد أمته وإن كان ولده كان سبب ملك له وكذلك ما اكتسب أو صار له ثم مات قبل يعتق فهو لسيده لأنه مات رقيقا وليس لأمه من ماله في حياته شيء لأنه ليس برقيق لها. ومن قال هذا أخذ سيده بنفقته صغيرا ولا يأخذ به أمه لأنها لا تملكه وإن عتقت عتق. وإذا اكتسب مالا أو صار له بوجه من الوجوه أنفق عليه منه ووقف ولم يكن للسيد أخذه فإن مات المولود قبل تعتق فهو مال لسيده وإن عتق المولود بعتق أمه فهو مال للمولود. وإنما فرقت بينه وبين ابن المكاتب من أمته لأن أمه لا تملكه ولكن يكون حكمه بها وليس ملكا لها وملك المكاتب إذا ولدت جاريته فما ولدت جاريته مملوك له لو كان يجري على ولده رق كرق غير ولده. ولو أن مكاتبته ولدت ولدا فأعتقهم السيد جاز العتق لما وصفت. ولو ولد للمكاتب من جاريته ولد فأعتقه السيد لم يجز عتقه. وكذلك لو ملك مكاتب أباه وأمه وولده فأعتقهم السيد لم يجز عتقه كما لا يجوز له إتلاف شيء من مال مكاتبه وما ولدت المكاتبة بعد كتابتها بساعة أو أقل منها فهو كما وصفت. وما ولدت قبل الكتابة فهو مملوك لسيده خارج مما وصفت. والقول الثاني: أن أمهم أحق بما ملكوا تستعين به لأنه يعتق بعتقها والأول أشبههما. وإذا كان مع المكاتبة ولد فاختلفت هي والسيد فيه فقال: ولدته قبل الكتابة وقالت هي: بعد الكتابة فالقول قول السيد مع يمينه وعليها البينة. فإن جاءت بها قبلت: وإن جاءت هي وسيدها ببينة طرحت البينتين وكان القول قول السيد ما لم تكن الكتابة متقادمة والمولود صغير لا يولد مثله قبل المكاتبة وإنما يصدق السيد على ما يمكن مثله وأما ما لا يمكن مثله فلا يصدق عليه.

صفحة : 3072

وما ولدت المكاتبة بعد الكتابة من ذكر أو أنثى فسواء. فإن ولد لولدها في الكتابة فولد بناتها بمنزلة بناتها وولد بنيها بمنزلة أمهم فأمهم إن كانت أمة فهم لسيد الأم وإن كانت حرة فهم أحرار وإن كانت مكاتبة فهم بمنزلة أمهم. وهكذا ولد ولدها ما تناسلوا وبقيت المكاتبة. وليس للمكاتبة أن تتزوج إلا بإذن سيدها فإن فعلت بغير إذن سيدها فولدت أو ولدت من غير زوج فولدها بمنزلتها. وسواء ما كانوا حلالا بنكاح بإذن السيد أو حراما بفجور بغير إذن السيد لأن حكمها في حكم أم الولد. مال المكاتبة قال الشافعي: رحمه الله تعالى: والسيد ممنوع من مال المكاتبة كما يمنع من مال المكاتب كما وصفت. وممنوع من وطئها كما يمنع من الجناية عليها لأنها تملك بوطئها على غير حرام عوضا كما تملك بالجناية عليها وما استهلك من مالها قال: فإن وطئها الذي كاتبها طائعة أو كارهة فلا حد عليه ولا عليها ويعزر وهي إن طاوعت بالوطء إلا أن يكون أحدهما جاهلا فيدرأ عنه التعزير بالجهالة أو تكون مستكرهة فلا يكون عليها هي تعزير وعليه في إصابته إياها مهر مثلها يؤخذ به يدفعه إليها. فإن حل عليها مما عليها نجم جعل النجم قصاصا منه وإن لم يحل عليها نجم وكان مفلسا جعل قصاصا مما عليها إلا أن يوسر قبل يحل نجم فيكون لها أخذه به. وسواء في أن لها مهر مثلها طائعة وطئها أو كارهة لأنه لا حد في الوطء. كما توطأ طائعة بنكاح فاسد فيكون لها مهر مثلها وتغصب فيكون لها مهر لأنها لا حد عليها. فإن حملت المكاتبة فولدت من سيدها فالمكاتبة بالخيار بين أخذ المهر وتكون على الكتابة والعجز فإن اختارت ذلك فلها المهر وكانت على الكتابة فإن أدت عتقت فإن مات السيد قبل الأداء عتقت لأنها أم ولده في قول من يعتق أم الولد وبطلت عنها المكتابة ومالها لها لأن مالها كان ممنوعا من سيدها بالكتابة. وليس مالها كمال أم الولد غير المكاتبة لأن تلك مملوكة وأن سيدها غير ممنوع من مالها. وإن اختارت العجز كانت أم ولد وكان مالها لسيدها. وإن مات سيدها كان لورثته بعد موته وبطل عن سيدها مهرها لأنهم ملكوا من مالها ما يملك السيد بتعجيزها نفسها. وإن أصاب السيد مكاتبته مرة أو مرارا لم يكن لها إلا صداق واحد حتى تخير فتختار الصداق أو العجز. فإن خيرت فعاد فأصابها السيد فلها صداق آخر. فإذا خيرت فاختارت الصداق ثم أصابها فلها صداق آخر. وكلما خيرت فاختارت الصداق ثم

صفحة : 3073

أصابها فلها صداق آخر كناكح المرأة نكاحا فاسدا. فإصابة مرة أو مرار توجب صداقا واحدا. فإذا فرق بينهما وقضى بالصداق ثم نكحها نكاحا آخر فلها صداق آخر. وإن ولدت مكاتبة رجل جارية فأصاب الجارية بنت المكاتبة فلها مهرها عليه وإن حبلت فليست كأمها إذا حبلت لأنها لا حصة لها في الكتابة إنما تعتق أمها فتعتق بعتقها. أو يموت السيد فتعتق بأنها أم ولد أو تعجز الأم فتكون رقيقا وتكون هي أم ولد ولا تخير في ذلك. وإذا وطىء أمة للمكاتبة فللمكاتبة عليه مهر الأمة كما يكون لها عليه جناية لو جناها على الأمة. وإن حملت الأمة فهي أم ولد له وعليه مهرها وقيمتها للمكاتبة حال في ماله تأخذه به إلا أن تشاء أن تجعله قصاصا من كتابتها. ولو وطىء أمة لولد ولد المكاتبة في الكتابة لزمه ما وصفت من المهر إن لم تحمل والمهر والقيمة إن حملت لأن كل ذلك مال ممنوع منه. المكاتبة بين اثنين يطؤها أحدهما قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كانت المكاتبة بين اثنين فوطئها أحدهما فلم تحبل فعلى الواطىء لها مهر مثلها وليس للذي لم يطأها أخذ شيء منه ما كانت على المكاتبة فإن عجزت أو اختارت العجز قبل تأخذ المهر كان للذي لم يطأها أخذ نصف المهر من شريكه الواطىء. وإن دفعه شريكه الواطىء إلى المكاتبة ثم عجزت أو اختارت العجز بعد دفعه إياه إليها لم يرجع الشريك على الواطىء بشيء لأنه قد أعطاها المهر وهي تملكه. وسواء كان ذلك بأمر سلطان أو غير أمره. وإذا عجزت وقد دفع إليها المهر فوجدا في يدها مالا المهر وغيره فأراد الذي لم يطأ أن يأخذ المهر دون شريكه الواطىء لم يكن ذلك له لأنه كان ملكا لها في كتابتها وكل ما كان ملكا لها فهو بينهما نصفان. ولو حبلت فاختارت العجز كان لسيدها الذي لم يطأ نصف المهر ونصف قيمتها على الواطىء. ولو حبلت فاختارت المضي على الكتابة مضت عليها وأخذت المهر من واطئها وكان لها فإذا أخذته ثم عجزت لم يرجع شريكه عليه بشيء من المهر ورجع عليه بنصف قيمتها وكانت أم ولد للواطىء. وهكذا لو حبلت فاختارت المضي على الكتابة وأخذت المهر من واطئها ثم مات السيد قبل أن تؤدي عتقت بموته في قول من يعتق أم الولد ورجع الشريك على الميت بنصف قيمة الأمة في ماله لأن الكتابة بطلت بوطئه. ولو أن مكاتبة بين رجلين وطئها الرجلان معا كان على كل واحد منهما مهر مثلها فإن عجزت أو اختارت العجز والمهران سواء فلكل واحد منهما قصاص بما على

صفحة : 3074

صاحبه. وإن كان المهران مختلفين كأن أحدهما وطئها في سنة أو بلد مهر مثلها فيه مائة ثم وطئها الآخر في سنة أو بلد مهر مثلها فيه مائتان فمائة بمائة ويرجع الذي لزمه مهر مائة على الذي لزمه مهر مائتين بخمسين لأنها نصف المائة وحقه مما للجارية النصف ويبطل نصف الواطىء عنه بعجزها. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو كانت لرجلين مكاتبة فوطئها أحدهما ثم وطئها الآخر كان لها على كل واحد منهما مهر مثلها. وإن عجزت لم يكن لها على واحد منهما مهر بالإصابة وكان نصف مهر مثلها على كل واحد منهما لصاحبه بما لزمه من المهر كرجلين بينهما جارية فوطئاها معا فلكل واحد منهما على صاحبه نصف المهر يكون أحد النصفين قصاصا من الآخر وهذا كله إذا لم تحبل. ولو أصابها من إصابة أحدهما نقص ضمن أرش نقصها مع ما يلزمه من المهر. ولو أفضاها أحدهما ضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف مهرها. ولو أفضيت فأدعى كل واحد منهما على صاحبه أنه أفضاها تحالفا ولم يلزم واحدا منهما لصاحبه في الإفضاء شيء. ولو تناكرا الوطء لم يلزم أحدهما بالوطء شيء حتى يقر به أو تقوم به عليه بينة. قال الربيع: أفضاها يعني شق الفرج إلى الدبر وفيه الدية إذا كانت حرة وهي على العاقلة. وذلك عمد الخطأ وكذلك السوط والعصا مغلظة منها. ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة في بطونها أولادها. وإذا أفضى الرجل أمة لرجل فعليه قيمتها في ماله والشافعي يجعل قيمتها على العاقلة. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كانت المكاتبة بين اثنين فوطئها أحدهما ثم وطئها الآخر فجاءت بولد لستة أشهر من وطء الآخر منهما فتداعياه معا أو دفعاه معا وكلاهما يقر بالوطء ولا يدعي الاستبراء خيرت المكاتبة بين العجز وتكون أم ولد والمضي على الكتابة. فإن اختارت العجز أري الولد القافة فإن ألحقوه بهما لم يكن ابن واحد منهما وحيل بينهما وبين وطء الأمة وأخذا بنفقتها وكان لهما أن يؤجراها والإجارة بينهما على قدر نصيبهما فيها ويحصى ذلك كله فإذا كبر المولود فانتسب إلى أحدهما قطعت أبوة الآخر عنه وكان ابنا للذي انتسب إليه. فإن كان موسرا ضمن نصف قيمة الأمة وكانت أم ولد له في قول من لا يبيع أم الولد. وإن كان معسرا فنصفها بحاله لشريكه وليس وطؤه إياها بأكثر من أن يعتقها وهو معسر ويرجع الذي له فيها الرق على الذي لحق به الولد بنصف قيمة الولد ويكون الصداقان ساقطين عنهما إن كانا مستويين ويرجع أحدهما على الآخر بفضل إن كان في أحد الصداقين فيكون له نصفه كما وصفت. قال الربيع:

صفحة : 3075

قال أبو يعقوب: ويرجع الذي لم ينتسب إليه على الذي انتسب إليه بما أنفق. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإن كان موسرا فصارت أم ولد له واختارت العجز فكانت إصابة الذي لم يلحق به الولد قبل إصابة الذي لحق به الولد ولم تأخذ الصداق منه كان للذي لحق به الولد نصف ذلك الصداق عليه وكان له نصف الصداق على الذي لحق به الولد ونصف قيمة الجارية. وفي نصف قيمة الولد قولان: أحدهما أنه له يوم سقط. والثاني لا شيء له منه لأنه كان به العتق. ولو كان وطء الذي لم يلحق به الولد بعد وطء الذي لحق به الولد ففي ما عليه من الصداق قولان: أحدهما أن صاحبه الذي لحق به الولد يضمن له نصف المهر لأنه وطىء أمة بينه وبينه ويضمن هو لصاحبه المهر كله لأنه وطىء أمة آخر دونه. والثاني: أنه لا يضمن إلا نصف المهر كما ضمن له الآخر لأنها لا تكون أمة له إلا بعد أداء نصف قيمتها إليه. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو وطئها أحدهما ثم جاءت بولد ثم وطئها الآخر بعده فجاءت بولد وكلاهما ادعى ولده ولم يذكر ولد صاحبه فإن كان الأول موسرا وأدى نصف قيمتها فهي أم ولد له وعليه نصف قيمتها لشريكه. والقول في نصف قيمة ولدها منه ما وصفت ويلحق الولد بالواطىء الآخر وعليه مهرها كله وقيمة الولد كله يوم سقط تكون قصاصا من نصف قيمة الجارية لأنه وطىء أم ولد غيره وإنما لحق به الولد للشبهة. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو وطئاها معا أحدهما بعد الآخر وجاءت بولدين فتصادقا في الولدين وادعى كل واحد منهما أن ولده قبل ولد صاحبه ألحق الولدان وأوقف أمر أم الولد وأخذا بنفقتها. فإذا مات الأول منهما عتق نصيبه وأخذ الآخر بالنفقة على نصيب نفسه فإذا مات عتقت وولاءها موقوف إذا كانا موسرين في قول من يعتق أم الولد وإن كانا معسرين أو أحدهما معسر والآخر موسر فولاؤها موقوف بكل حال. والله أعلم. ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 3076


تعجيل الكتابة أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده كتابة معلومة إلى سنين معلومة فأراد المكاتب أن يعجل للسيد الكتابة قبل محل السنين وامتنع السيد من قبولها فإن كانت الكتابة دنانير أو دراهم جبر السيد على أخذها منه وعتق المكاتب. وهكذا إن كاتبه ببلد ولقيه ببلد غيره فقال: لا أقبض منك في هذا البلد جبر على القبض منه حيث كان إلا أن يكون في طريق فيه خرابة أوفي بلد فيه نهب فلا يجبر على أخذها منه في هذين الموضعين إذا لم يكونا بالبلد الذي كاتبه فيه فإذا كانا بالبلد الذي كاتبه فيه جبر على أخذها منه في هذين الموضعين ولا يكلف المكاتب أن يعطيه ذلك بغير البلد الذي كاتبه فيه. قال الشافعي: وإذا ورثة الرجل يكاتب عبده فيموت يقومون مقامه فيما لزم المكاتب له ولزمه للمكاتب من الأداء. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو كاتبه على عرض من العروض فإن كان لا يتغير على طول الحبس كالحديد والنحاس والرصاص والحجارة وغيرها مما لا يتغير على طول الحبس كالدنانير والدراهم يلزم السيد أن يقبله منه بالبلد الذي كاتبه فيه أو شرط دفعه به ولا يلزمه أن يقبله ببلد غيره لأن لحمولته مؤنة وليس كالدنانير والدراهم التي لا مؤنة لحملها في هذا الوجه. وما كنت جابرا عليه الرجل له على الرجل الدين أن يأخذه جبرت عليه سيد المكاتب. وما لم أجبر عليه الرجل لم أجبر عليه سيد المكاتب على قبضه وكل ما شككت فيه أيتغير أم لا يسأل أهل العلم به. فإن كان لا يتغير من طول الحبس فهو كالحديد والرصاص وما وصفت وإن كان يتغير لم يلزم السيد أن يقبضه منه إلا بعد ما يحل على المكاتب وذلك: الحنطة والشعير والأرز والحيوان كله مما يتغير في نفسه بالنقص فمتى حل من هذا شيء فتأخر سنة أو أكثر ولم يعجز سيد المكاتب ثم قال سيده: لا أقبضه لأنه في غير وقته جبر على قبضه إلا أن يبرئه منه لأنه حال وإنما يأخذه قضاء. قال: وهذا مكتوب في كتاب البيوع إلى الآجال. فإن قال قائل: فهل بلغك في أن يلزم سيد المكاتب أن يتعجل منه الكتابة إذا تطوع بها المكاتب قبل محلها قيل نعم. روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن مكاتبا لأنس جاءه فقال: إني أتيت بمكاتبتي إلى أنس فأبى يقبلها فقال: إن أنسا يريد الميراث ثم أمر أنسا أن يقبلها أحسبه قال فأبى فقال: آخذها فأضعها في بيت المال فقبلها أنس. وروي عن عطاء بن أبي رباح أنه روى شبيها بهذا عن بعض الولاة وكأنه أعجبه

صفحة : 3077

والمكاتب الصحيح والمعتوه في هذا سواء إذا كاتب الرجل عبده ثم عته جبر وليه على أخذ ما يجبر عليه سيد المكاتب الصحيح. وكذلك نجبر ورثة السيد البالغين على ما يجبر عليه السيد وأولياء المحجورين على ذلك. وإذا تداول على المكاتب نجمان أو أكثر ولم يعجزه السيد ثم قال: أنا أعجزه لم يكن ذلك له حتى يقال للمكاتب: أد جميع ما حل عليك قديما وحديثا فإن فعل فهو على. الكتابة وإن عجز عن شيء من ذلك قديم أو حديث فهو عاجز. بيع المكاتب وشراؤه قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا باع السيد شقصا في دار للمكاتب فيها شيء فللمكاتب فيه الشفعة لأن السيد ممنوع من مال المكاتب ما كان حيا مكاتبا كما يمنع من مال الأجنبي. ولو أن المكاتب كان البائع كان لسيده فيه الشفعة وسواء كان المكاتب باع بإذن سيده أو بغير إذن سيده إذا باع بما يتغابن الناس بمثله. قال: وإذا باع المكاتب بإذن سيده الشقص فقال الذي اشترى بإذنه: إن السيد قد سلم لي الشفعة لم يكن ذلك تسليما للشفعة. ألا ترى لو أن أجنبيا كان له في الدار شقص فأذن له شريك له في الدار أن يبيع شقصه لم يكن ذلك تسليما للشفعة لأن إذنه وصمته سواء وله أن يشفع ولو أذن سيد المكاتب للمكاتب أن يبيع شقصه بما لا يتغابن الناس بمثله فباع به المكاتب جاز البيع وكان للسيد الشفعة في البيع ولا يكون هذا تسليما للشفعة. فإن قال للمشتري: أحلفه لي ما كان إذنه تسليما للشفعة لم نحلفه لأنه لو سلم الشفعة قبل البيع كان له أن يستشفع وإنما نحلفه إذا قال: سلم الشفعة بعد البيع. ولو باع المكاتب ما لا شفعة فيه من عرض أو عبد أو متاع أو غيره فقال سيده: أنا آخذه بالشفعة لم يكن ذلك له ولم تكن له الشفعة في شيء باعه مكاتبه إلا كما تكون له الشفعة فيما باع الأجنبي. ولا يجوز للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله إلا بما يتغابن الناس بمثله لأن بيعه بما لا يتغابن الناس بمثله إتلاف وهو يومئذ ممنوع من إتلاف قليل ماله وكثيره. إذا باع بما لا يتغابن الناس بمثله بغير إذن سيده فالبيع فيه فاسد. فإن وجد بعينه رد فإن فات فعلى مشتريه مثله إن كان له مثل وإن لم يكن له مثل فقيمته وإن كان الذي باع عبدا فأعتقه المشتري فالعتق فيه باطل وهو مردود. وكذلك إن كانت أمة فولدت للمشتري فالأمة مردودة وعلى المشتري عقرها وقيمة ولدها يوم سقط ولدها وولدها حر. وإن ماتت فعلى المشتري قيمتها وعقرها وقيمة ولدها وإن لم تكن ولدت فوطئها المشتري فعليه عقرها وردها وإن نقصت فعليه ردها

صفحة : 3078

ورد ما نقص من ثمنها. ولو أراد السيد في هذه المسائل إنفاذ البيع لم يجز ولا يجوز إذا عقد بغير إذنه والبيع مفسوخ بحاله حتى يحدد المكاتب بيعا بإذن السيد مستأنفا فيجوز إذا كان لا يتغابن الناس بمثله أو يجدد بغير إذن سيده بيعا يتغابن الناس بمثله. ولو قال السيد: قد عفوت للمكاتب البيع وأنا أرضى أن لا أرده لم يجز. وكذلك لو قال السيد: قد عفوت رد البيع وعفوت ما لزم المشتري من عقر وقيمة ولد وقيمة شيء إن فات من البيع فقال المكاتب: لا أعفوه كان ذلك للمكاتب إذا قال: لا أفعل لأن فعله الأول كان فيه غير جائز. وكذلك لو قال المكاتب: قد عفوته. وقال السيد: لا أعفوه لم يجبرا جميعا على عفو شيء منه. فإذا اجتمعا على إحداث بيع فيه جاز بيعهما مستأنفا ولم يكن العبد المعتق عتيقا ولا أم الولد في حكم أمهات الأولاد حتى يجتمعا على بيع جديد أو يبيعه المكاتب وحده بيعا جائزا. فإذا كان ذلك فأحدث المشتري للعبد عتقا عتق ولأم الولد وطئا تلد منه كانت في حكم أم الولد وإن لم يحدث ذلك بعد البيع الجائز فالعبد والأمة مملوكان لسيدهما يبيعهما ولورثته إن مات قبل أن يحدث ذلك لهما مالكهما. وهكذا كل ما باع المكاتب بما لا يتغابن الناس بمثله في هذا لا يختلف. فإذا ابتدأ المكاتب البيع بإذن سيده بما لا يتغابن الناس بمثله فالبيع جائز. وإن أراد السيد رد البيع بعد إذنه له أو أراداه معا لم يكن لهما ذلك لأن البيع كان جائزا فلا يرد. وإن أقر السيد بالإذن للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله بما لا يتغابن الناس بمثله ثم قال: قد رجعت في إذني بعد وصدقه المكاتب أو كذبه فسواء إذا كان ذلك بعد البيع ويلزمهما البيع إلا أن تقوم بينة برجوعه عن الإذن به قبل البيع فيرد البيع. وإن باع المكاتب بما لا يتغابن الناس بمثله فقال المشتري: كان ذلك بإذن السيد وأنكر السيد فعلى المشتري البينة وعلى السيد اليمين. وإن وهب المكاتب من ماله شيئا قل أو كثر لم يجز له فإن أجازه السيد فهو مردود ولا تجوز هبة المكاتب حتى يبتدئها بإذن السيد فإذا ابتدأها بإذن السيد جازت كما تجوز هبة الحر. وإنما قلت هذا أن مال المكاتب لا يكون إلا له أو لسيده فإذا اجتمعا معا على هبته جاز ذلك. وكذلك يجوز ما باع المكاتب بإذن سيده بما لا يتغابن الناس بمثله فإن هلك في يدي المكاتب فعليه قيمته كما قلنا في بيعه. فإن كان شراؤه بما لا يتغابن الناس بمثله بإذن سيده جاز عليه كما يجوز بيعه. قال: ولو اشترى المكاتب شيئا أو باعه بما لا يتغابن الناس بمثله فعلم به السيد فلم يرده السيد وسلمه أو لم يسلمه أو لم يعلم به حتى عتق المكاتب في الحالين

صفحة : 3079

معا كان للمكاتب أخذه ممن باعه. فإن فات كان للمكاتب اتباعه بقيمته إن كان مما لا مثل له أو بمثله إن كان مما له مثل ولو اشترى المكاتب جارية بما لا يتغابن الناس بمثله فأحبلها أو عتق فولدت فالبيع فيها مردود عليه وعليه عقرها وقيمة ولدها حين ولد وولدها حين لا يملك كما كان ذلك يكون له في بيع الجارية مما لا يتغابن الناس بمثله بغير إذن. وهكذا لو اشترى عبدا بما لا يتغابن الناس بمثله لم يرد البيع حتى عتق المكاتب ثم أعتقه كان العتق غير مجيز للبيع لأن أصل البيع كان مردودا. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو باع المكاتب أو اشترى بيعا وشراء جائزا على أن المكاتب بالخيار أو المكاتب ومبايعه بالخيار ثلاثا أو أقل فلم تمض أيام الخيار حتى مات المكاتب قام السيد في الخيار مقام المكاتب فإذا كان للمكاتب الخيار فله الرد وإمضاء البيع. قال: ولو باع المكاتب أو اشترى شراء جائزا بلا شرط خيار فلم يتفرق المكاتب وبيعه عن مقامهما الذي تبايعا فيه حتى مات المكاتب وجب البيع لأنه لم يختر الرد حتى مات فالبيع جائز بالعقد الأول ولا يجوز للمكاتب أن يهب للثواب لأن من أجاز الهبة للثواب فأثيب الواهب أقل من قيمة هبته وقبل ذلك لم يجعل للواهب الرجوع في هبته وجعلها كالرضا منهم يلزمهم منه ما رضوا به ولا يجوز للمكاتب أن يتصدق بقليل ولا بكثير من ماله ولا أن يكفر كفارة يمين ولا كفارة ظهار ولا قتل ولا شيئا من الكفارات في الحج لو أذن له فيه سيده أو غير ذلك من ماله. ولا يكفر ذلك كله إلا بالصوم ما كان مكاتبا. فإن أخر ذلك حتى يعتق جاز له أن يكفر من ماله لأنه حينئذ مالك لماله والكفارات خلاف جنايته لأن الكفارات تكون صياما فلا يكون له أن يخرج من ماله شيئا وغيره يجزيه. والجنايات وما استهلك للآدميين لا يكون فيه إلا مال بكل حال وكل ما قلت: لا يجوز للمكاتب أن يفعله في ماله ففعله بغير إذن السيد فلم يرده السيد حتى عتق المكاتب وأجازه السيد أو لم يجزه لم يجز. لأني إنما أجيز كل شيء وأفسده بالعقد لا بحال تأتي بعد العقد. وإذا استأنف فيما فعل من ذلك هبة أو شيئا يجوز أو أمرا لمن هو في يديه من كتابته بإذن سيده أو بعد عتقه جاز ذلك. ولو أعتق المكاتب عبدا له بغير إذن سيده أو كاتبه فأدى إليه فلم يرد ذلك السيد حتى عتق المكاتب فلم يحدث المكاتب للعبد عتقا حتى مات العبد المعتق فأراد تجديد العتق للميت لم يكن عتقا لأن العتق لا يقع على ميت. وما ابتدأ المكاتب بإذن سيده من هبة أو بيع بما لا يتغابن الناس بمثله فهو له جائز لأنه إنما يمنع من إتلاف ماله لئلا يعجز فيرجع إلى سيده

صفحة : 3080

ذاهب المال فإذا سلم ذلك سيده قبل أن يفعله ثم فعله فما صنع فيه مما يجوز للحر جاز له. قال: وإذا أذن الرجل لمكاتبه أن يعتق عبده فأعتقه أو أذن له أن يكاتب عبده على شيء فكاتبه وأدى المكاتب الآخر قبل الأول الذي كاتبه أو لم يؤد فلا يجوز في هذا إلا واحد من قولين: أحدهما أن العتق والكتابة باطل فإن رسول الله ﷺ قال: الولاء لمن أعتق . فلما كان المكاتب لا يجوز له ولاء لم يجزأن يعتق ولا يكاتب من يعتق بكتابته وهو لا ولاء له. ومن قال هذا قال: ليس هذا كالبيوع ولا الهبات ذلك شيء يخرج من ماله لا يعود عليه منه بحال. والعتق بالكتابة شيء يخرج من ماله فيه على المعتق حق ولاء فلما لم نعلم مخالفا أن الولاء لا يكون إلا لحر لم يجز عتقه بحال. والقول الثاني: أن ذلك يجوز. وفي الولاء قولان: أحدهما أنه إذا عتق عبد المكاتب أو مكاتب قبله فالولاء موقوف أبدا على المكاتب. فإن عتق المكاتب فالولاء له لأنه المالك المعتق وإن لم يعتق حتى يموت فالولاء لسيد المكاتب من قبل أنه عبد عبده عتق. والثاني: أنه لسيد المكاتب بكل حال لأنه عتق بإذنه في حين لا يكون له بعتقه ولاؤه فإن مات عبد المكاتب المعتق أو مكاتبه بعد ما يعتق وقف ميراثه في قول من وقف الميراث كما وصفت يوقف ولاؤه فإن عتق المكاتب الذي أعتقه فهو له فإن مات قبل يعتق أو عجز فالمال لسيد الكاتب المعتق إذا كان حيا يوم يموت معتق مكاتبه فإن كان ميتا فلورثته من الرجال كما يكون ذلك لهم ممن أعتقه بنفسه وميراثه في القول الثاني: لسيد المكاتب لأن له ولاءه. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: فأما ما أعطى المكاتب سيده الذي كاتبه ببيع لا يتغابن الناس بمثله أو هبة أو صدقة فذلك جائز لسيده كما يجوز له من حر لو صنعه به لأنه مال لعبده فيأخذه كيف شاء. وإذا باع للسيد مكاتبه لم يحل البيع بينهما إلا كما يحل بين سيده وبين حر أجنبي لا يختلف في مال كل واحد منهما إن باعه من صاحبه وكذلك ما أخذ منه في مكاتبته. وكذلك ما باع السيد لمكاتبه لم يحل البيع بينهما إلا بما يحل بين الحرين الأجنبيين ويجوز بينهما التغابن فيما السيد من المكاتب والمكاتب من السيد وإن كثر لأنه لا يعدو أن يكون مالا لأحدهما. وكما يجوز البيع بين الحرين يتبايعان برضاهما وليس للمكاتب أن يبيع شيئا من ماله بدين وإن كثر فضله فيه بحال ورهن فيه رهنا وأخذ به حميلا لأن الرهن يهلك والغريم والحميل يفلس ولا يجوز للمكاتب في الدين إلا ما يجوز للمضارب إلا بإذن سيده. وليس للمكاتب أن يضارب أحدا وله أن يبيع بخيار ثلاث إذا قبض الثمن لأن البيع

صفحة : 3081

مضمون على قابضه: إما بالثمن وإما بالقيمة. وللمكاتب أن يشتري بالدين وإن لم يأذن له سيده لأن ذلك نظر له وغير نظر للذي أدانه. وله أن يستسلف وليس له أن يرهن في سلف ولا غيره لأنه ليس له أن يتلف شيئا من ماله ولأن الرهن غير مضمون. وليس للمكاتب أن يسلف في طعام لأن ذلك دين قد يتلف وله أن يتسلف في طعام لأن التلف على الذي يسلف. وما كرهت من شراء المكاتب وغيره من البيوع على غير النظر فهو مكروه بينه وبين ولد سيده ووالده ولا أكرهه لسيده. قطاعة المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده على شيء معلوم يجوز له فإن أتاه قبل تحل نجومه فعرض عليه أن يأخذ منه شيئا غيره أو يضع عنه منه شيئا ويعجل له العتق لم يحل له. فإن كانت نجومه غير حالة فسأله أن يعطيه بعضها حالا على أن يبرئه من الباقي فيعتق لم يجز ذلك له كما لا يجوز في دين إلى أجل على حر أن يتعجل بعضه منه على أن يضع له بعضا فإن فعل هذا في المكاتب رد على المكاتب ما أخذ منه ولم يعتق المكاتب به لأنه أبرأه مما لا يجوز له أن يبرئه منه. وإن فعل هذا على أن يحدث للمكاتب عتقا فأحدثه له فالمكاتب حر ويرجع عليه سيده بالقيمة لأنه أعتقه ببيع فاسد كما قلت في أصل الكتابة الفاسدة. ولا يجوز للسيد على المكاتب من الكتابة شيء لأنها بطلت بالعتق ويكون له عليه القيمة كما وصفت فإن أرادا أن يصح هذا لهما فليرض المكاتب بالعجز ويرض السيد منه بشيء يأخذه منه على أن يعتقه فإن فعل فالكتابة باطلة والعتق على ما أخذ منه جائز لا يتراجعان فيه بشيء. قال: ولو كاتبه بعرض فأراد أن يعجله دنانير أقل من قيمة العرض على أن يعتقه لم يجز لأمرين: أحدهما أنه وضع عنه ليعجله العتق فكان مايعجل منه مقسوما على عتق من لا يملكه بكماله وعلى شيء موصوف بعينه فلم تعلم حصة كل واحد منهما. والثاني: أنه ابتاع منه شيئا له عليه قبل أن يقبضه السيد منه. وهكذا إن كاتبه بشيء فأراد أن يأخذ منه به شيئا غيره لا يختلف. ولو حلت نجومه كلها وهي دنانير فأراد أن يأخذ بها منه دراهم أو عرضا يتراضيان به ويقبضه السيد قبل أن يتفرقا كان جائزا وكان حرا إذا قبضه على أن المكاتب بريء مما عليه. كما لو كان له على رجل حر دنانير حالة فأخذ بها منه عرضا أو دراهم يتراضيان بها وقبض قبل أن يتفرقا جاز وعتق المكاتب ولم يتراجعا بشيء. ولو كانت

صفحة : 3082

للمكاتب على السيد مائة دينار حالة وللسيد على المكاتب ألف درهم من نجومه حالة فأراد المكاتب والسيد أن تجعل المائة التي له على سيده قصاصا بالألف التي عليه لم يجز لأنه دين بدين. وكذلك لو كان دينه عليه عرضا وكتابته نقدا. ولو كانت كتابته دنانير ودينه على سيده دنانير حالة فأراد أن يجعل كتابته قصاصا بمثلها جاز لأنه حينئذ غير بيع إنما هو مثل القضاء. ولو كان للمكاتب على رجل مائة دينار وحلت عليه لسيده مائة دينار فأراد أن يبيعه المائة التي عليه بالمائة التي له على الرجل يجز ولكن إن أحاله على الرجل فحضر الرجل ورضي السيد أن يحتال عليه بالمائة جاز ويبرئه. وليس هذا بيعا وإنما هو حوالة والحوالة غير بيع. وعتق العبد إذا أبرأه السيد ولو أعطاه بها حميلا لم تجز الحمالة عن المكاتب ولوحلت على المكاتب نجومه فسأل سيده أن يعتقه ويؤخره بما عليه فأعتقه كان العتق جائزا وتبعه بما له عليه دينا. وكذلك لو كانت النجوم إلى أجل فسأله أن يعتقه ويكون دينه في الكتابة عليه بحاله جاز العتق وكان عليه دينا بحاله. وهذا كعبد قال للسيد: أعتقني ولك علي كذا حالة أو إلى أجل أو آجال. بيع كتابة المكاتب ورقبته قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كانت لرجل على مكاتبه نجوم حالة أو لم تحل فلا يجوز له أن يبيع نجومه ولا شيئا منها حالا أو غير حال من أحد فإن باعه من أحد فالبيع مفسوخ فيه وإن قبضه المشتري رده فإن استهلكه رد مثله أو قيمته ورد عليه البائع الثمن الذي أخذه منه. وإن كانت لرجل على مكاتبه نجوم ولم تحلل فباعها من أجنبي فقبضها الأجنبي من المكاتب أو ما يرضى به منها لم يعتق المكاتب لأن أصل البيع باطل. وليس هذا كرجل وكله سيد المكاتب بعتق المكاتب عتق ذلك كعتقه لأنه وكيله. وإنما فعله بأمر سيده وعتق هذا بشيء يأخذه لنفسه دون السيد. وبيع كتابة المكاتب يبطل من وجوه منها أنه دين بدين غير ثابت كدين الحر. ألا ترى أن المكاتب يعجز فلا يلزمه من الكتابة شيء أو لا ترى أن من أجاز بيع كتابته فقد أجاز غير شيء يأخذه المشتري ولا ذمة لازمة للمكاتب كذمة الحر وأنه إن قال: إذا عجز كان له دخل عليه أقبح من الأول من قبل أنه بيع دين على مكاتب فصارت له رقبة المكاتب ملكا ولم تبع الرقبة قط. فإن قال في عقد بيع كتابة المكاتب: إن أخذها المشتري وإلا فالعبد له. قيل: هذا محال لو كان كما قلت كان حراما من قبل أنه بيع ما لا

صفحة : 3083

يعلم البائع ولا المشتري في ذمة المكاتب هو أو في رقبته. أرأيت رجلا قال: أبيعك دينا على حر فإن أفلس فعبدي فلان لك بيع فإن زعم أن هذا جائز فقد أجاز بيع ما لم يعلم وإن زعم أنه غير جائز فبيع كتابة المكاتب أولى أن يرد لما وصفت وأولى أن لا يملك المشتري بها رقبة المكاتب. ولو أجاز هذا حاكم فعجز المكاتب فجعله رقيقا للذي اشترى كتابته فأعتقه لم يكن حرا ورد قضاؤه لأنه لا يملكه بالبيع الفاسد. والله سبحانه وتعالى أعلم. هبة المكاتب وبيعه قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا يجوز لرجل أن يبيع مكاتبه ولا يهبه حتى يعجز. فإن باعه أو وهبه قبل أن يعجز المكاتب أو يختار العجز فالبيع باطل. ولو أعتقه الذي اشتراه كان العتق باطلا لأنه أعتق ما لا يملك. وكذلك لو باعه قبل يعجز أو يرضى بالعجز ثم رضي بعد البيع بالعجز كان البيع مفسوخا حتى يحدث له بيعا بعد رضاه بالعجز. وإذا باع سيد المكاتب المكاتب قبل يعجز أو يرضى بالعجز وأخذ السيد مالا له فسخ البيع ورد على المكاتب ماله إلا أن يكون حل نجم من نجومه فأخذ ما حل له منه. وكذلك لو باعه وماله من رجل نزع مال المكاتب من يدي المشتري فكان على كتابته. فإن فات المال في يدي المشتري رجع به المكاتب على سيده في ماله إن لم تكن حلت عليه الكتابة أو بعضها. فإن كانت حلت أو بعضها كان قصاصا وكان على الكتابة. وإن لم يفت ضمن المكاتب أيهما شاء إن شاء الذي امتلك ماله وإن شاء سيده. ولو باعه ولا مال للمكاتب أو له مال قليل فأقام في يدي المشتري سنتين وحل عليه نجمان من نجومه ثم رددنا البيع فسأل المكاتب أن ينظر سنتين ليسعى في نجميه اللذين حلا عليه ففيه قولان: أحدهما لا يكون ذلك له كما لو حبسه سلطان أو ظالم لم ينظره بالحبس. وكذلك لو مرض أو سبي لم ينظره بالمرض ولا السباء وكان له أن يحسب على سيده قيمة إجارة السنتين اللتين غلبه فيهما على البيع من نجومه فإن أدى ذلك عنه كتابته وإلا رجع عليه السيد بما بقي مما حل فأداه وإلا فهو عاجز. وإن كان في إجارته من السنتين فضل عن كتابته عتق ورجع بالفضل فأخذه. وسواء خاصم في ذلك العبد أو لم يخاصم إذا وقع ذلك وكان البيع قبل يعجز أو يرضى بالعجز. وعلى هذا إذا كانت الكتابة منجمة. وهكذا لو كاتبه السيد ثم عدا عليه فحبسه سنة أو أكثر فعليه إجارة مثله في حبسه. فإن كان الحابس له غيره رجع عليه فأخذ منه إجارته ولم ينظر المكاتب بشيء من

صفحة : 3084

نجومه بعد محله إلا أن يشاء سيده. والقول الثاني: أنه ينظر بقدر حبس السيد له إن حبسه أو حبسه بالبيع. وهذا إذا كانت الكتابة فاسدة فهو كعبد لم يكاتب في جميع أحكامه شرائه وبيعه وغيره. جناية المكاتب على سيده أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى: إذا جنى المكاتب على سيده عمدا فلسيده القود فيما فيه القود. وكذلك ذلك لوارث سيده إن مات سيده من الجناية ولسيده ووارثه فيما ليس فيه القود الأرش حالا على المكاتب. فإن أداه فهو على الكتابة ولا تبطل الكتابة مات سيده من جنايته أو لم يمت. فإن أداها فهو على الكتابة وإن لم يؤدها فله تعجيزه إن شاء. فإذا عجزه بطلت الجناية إلا أن تكون جناية فيها قود فيكون لهم القود. أما الأرش فلا يلزم عبدا لسيده أرش. وإذا لم يلزمه لسيده أرش لم يلزمه لوارث سيده. وإذا جنى المكاتب على سيده وأجنبيين فسيده والأجنبيون سواء في أخذ أرش الجناية من المكاتب ليس واحد منهم أولى من الآخر ما لم يعجز فإذا عجز سقط أرش جنايته على سيده ولزمته جنايته على الأجنبيين يباع فيها إذا عجز أو يفديه سيده متطوعا. فإن عجز عن الجنايتين فأراد سيده تركه على الكتابة كان للأجنبيين تعجيزه وبيعه في جنايته إلا أن يفديه السيد بأرش الجناية متطوعا. ولو أن مكاتبا بين رجلين فجنى على أحدهما جناية ضمن الأقل من أرش الجناية أو قيمته. فإن أداها فهو على الكتابة وإن عجز عن أدائها مع الكتابة فللمجني تعجيزه فإذا عجزه بطل عنه نصف الجناية لأنه مالك نصفه ولا يكون له دين فيما يملك منه وكان لشريكه أن يفديه بالأقل من نصف أرش الجناية متطوعا أو نصف قيمته فإن لم يفعل بيع نصفه في أرش الجناية. ولو كان المكاتب جنى عليهما معا جناية كان لكل واحد منهما عليه في الجناية ما للآخر فإن عجز المكاتب أو عجزاه أو أحدهما فهو عاجز ويسقط نصف أرش جناية كل واحد منهما كأنه جنى على كل واحد منهما موضحة وقيمتهما عشر من الإبل فيخير كل واحد منهما بين: أن يفدى نصيبه منه ببعيرين ونصف أو يسلم نصيبه منه فيباع منه ببعيرين ونصف فيأخذه صاحبه أو يكون أرش موضحتهما قصاصا فيكون على الرق. ولو جنى على أحدهما موضحة وعلى الآخر مأمومة كان نصف أرش الموضحة للمجني عليه في نصف ما يملك شريكه منه ونصف أرش المأمومة فيها للمجني عليه مأمومة فيما يملك شريكه منه

صفحة : 3085

فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه. جناية المكاتب ورقيقه قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا جنى المكاتب جناية أو عبد للمكاتب أو المكاتبة جناية فذلك كله سواء. وعلى المكاتبة أو المكاتب في جنايتهما الأقل من قيمة الجاني منهما يوم جنى أو الجناية فإن قدر على أدائها مع المكاتبة فهو مكاتب بحاله وله أن يؤديها قبل الكتابة إذا كانت حالة. فإن صالح عليها صلحا صحيحا إلى أجل فليس له تأديتها قبل محلها لأن هذا زيادة من ماله وليس له أن يزيد من ماله شيئا بغير إذن سيده وله أن يؤدي الكتابة قبل الجناية وقبل محل نجوم الكتابة لأنه يجوز له فيما بينه وبين سيده من الزيادة ما لا يجوز له فيما بينه وبين الأجنبي. وإن كان عليه دين وجناية وكتابة والدين والجناية حالان كان له أن يؤديهما قبل الكتابة والكتابة قبلهما حالة كانت أو غير حالة ما لم يقوموا عليه ويقف الحاكم ماله كما يكون للحر أن يقضي بعض غرمائه دون بعض ما لم يقف الحاكم ماله. إلا أنه يخالف الحر عليه الدين فلا يكون له أن يؤدي شيئا عليه من الدين قبل محله بغير إذن سيده لأن ذلك زيادة من ماله. وليس له أن يزيد من ماله بغير إذن سيده وله أن يؤدي إلى الأجنبي ماله غير حال بإذن سيده. وإذا وقف الحاكم ماله أدى عنه إلى سيده كتابته وإلى الناس ديونهم وجعلهم فيه شرعا. فإن لم يكن عنده ما يؤدي هذا كله عجزه في مال الأجنبي وإن كره ذلك السيد والمكاتب معا إذا شاء ذلك الأجنبيون وإن شاء سيده أن يدع حقه عليه ويأخذ الأجنبيون حقوقهم فاستوفوا هم فهو على الكتابة ما لم يعجز سيده. وإن شاء الأجنبيون وسيده إنظاره لم يعجز ومتى أنظره سيده والأجنبيون فشاء واحد منهم أن يقوم عليه حتى يستوفي حقه أو يعجزه فذلك له. وإذا عجزه السيد أو رضي المكاتب أو عجزه الحاكم خير الحاكم سيده بين: أن يتطوع أن يفديه بالأقل من أرش جنايته وكل ما كان في حكم الجناية من: تحريق متاع أو غصبه أو سرقته أو رقبته فإن فعل فهو على رقه وإن لم يفعل بيع عليه فأعطى أهل الجناية وجميع ما كان في حكمها منه حصاصا لا يقدم واحدا منهم على الآخر. وإن كان عليه دين أدانه إياه رجل من بيع أو غيره لم يحاصهم لأن ذلك في ذمته ومتى عتق تبعه به. وسواء كان فعله فيما يلزمه أن يباع فيه متفرقا بعضه قبل بعض أو مجتمعا لا يبدأ بشيء قبل شيء. وكذلك لو جنى في كتابته على رجل وبعد التعجيز على آخر تحاصا جميعا في ثمنه. وإن أبرأه

صفحة : 3086

بعض أهل الجناية أو صالح سيده له أو قضى بعضهم كان للباقين بيعه حتى يستوفوا أو يأتوا هم ومن يشركهم على ثمنه. وجناية المكاتب على ابن سيده وأبيه وامرأته وكل ما لا يملكه سيده كجنايته على الأجنبي لا تختلف. وكذلك جنايته على جميع أموالهم. وكذلك جنايته على أيتام لسيده. وليس لسيده أن يعفو جنايته عن أحد منهم ولا يضع عنه منها شيئا إن كان المجني عليه حيا. وإن كانت جناية المكاتب نفسا خطأ وكان سيده وارث المجني عليه ولا وارث له غيره فله أن يعفو عن مكاتبه جنايته. وإن كان له وارث غيره معه فله أن يعفو حصته من الميراث وليس له أن يعفو حصة غيره منه. وإن جنى المكاتب على مكاتب لسيده وكان المكاتب المجني عليه حيا فجنايته عليه كجنايته على الأجنبيين يؤدي المكاتب الأقل من أرش جنايته عليه أو قيمته. فإن عجز عن أدائه خير سيده بين: أن يؤدي سيده للمجني عليه الأقل من قيمته أو الجناية أو يدع فيباع ويعطى المكاتب أرش جنايته وما بقي رد على سيده. وإن لم يبق شيء لم يضمن له سيده شيئا. وإن جنى على المكاتب لسيده جناية جاءت على نفسه فالجناية لسيده إن شاء أخذه بها أو يعجزه فيرد رقيقا وإن شاء عفاها. فإن قطع المكاتب يد سيده ثم برأ السيد وأدى المكاتب إلى سيده فعتق أو أبرأه سيده من الكتابة أو عتق بأي وجه ما كان تبع المكاتب بأرش جنايته. وإن برأ منها السيد ولم يؤدها المكاتب ثم مات السيد كان لورثته ما كان له من اتباعه بالجناية أو يعجزونه فيباع. ولو كاتب عبيده كتابة واحدة فجنى أحدهم كانت الجناية عليه دون الذين كاتبوا معه. وكذلك ما لزمه من دين أو حق بوجه من الوجوه ولا تلزم أحدا من أصحابه ويكون كالمكاتب وحده إن أدى ما يلزمه بالجناية فهو على الكتابة وإن عجز كان رقيقا وبطلت الكتابة ثم خير سيده بين أن يفديه متطوعا أو يباع عليه ويرفع عن أصحابه حصته من الكتابة. وهكذا كل حق لزمه يباع فيه من تحريق متاع أو غيره. فأما ما لزمه من دين أدانه به صاحب الدين طائعا فلا يباع فيه وهو في ذمته مكاتبا. فإن أداه وإلا لزمه إذا عتق. وإن جنى المكاتب على سيده جناية تأتي على نفسه كانت جنايته عليه كجنايته على غيره لا تبطل كتابته فإن أدى ما لزمه فيها فهو على الكتابة وإن عجز رد رقيقا إن شاء الورثة. وإن كانت عمدا كان لهم عليه فيها القصاص إلا أن يشاءوا العقل. وكذلك لو لم تأت الجناية على نفس سيد المكاتب كان المكاتب على كتابته إن اقتص منه في العمد أو أخذ منه الأرش إن كانت خطأ. فإذا كاتب الرجلان عبدا لهما

صفحة : 3087

فجنى على أحدهما جناية فهو كعبد الرجل يكاتبه ثم يجني. فإن جنى على أحدهما فجنايته كجناية مكاتبه عليه إن أدى فهو على الكتابة وإن لم يؤد فهو عاجز وخير سيده الشريك فيه بين أن يفدي نصفه بما يلزمه أو يدعه فيباع نصفه في الجناية. فإن كان في ثمن نصفه فضل عن نصف الجناية رد إلى سيده وإلا لم يضمن سيده شيئا وسقط نصف الجناية لأنه صار الجاني إلى السيد مملوكا. وصنعوا بالنصف ما شاءوا لأنه رقيق لهم إذا عجز وإذا جنى عليه جناية قيمتها عشر من الإبل قيمة مائة فقال: أؤدي خمسا من الإبل وأكون على الكتابة لم يكن ذلك له حتى يؤدي أرش الجناية كلها إذا كانت قيمته أو أكثر منها ولا يبطل عنه من الجناية شيء حتى يعجز فإذا عجز بطل عنه نصفها والله أعلم. جناية عبيد المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كان للمكاتب عبيد فجنى أحدهم جناية خير المكاتب في عبده بين أن يفديه بالأقل من أرش الجناية أو قيمة عبده يوم يجني عبده إذا كان العبد يوم يجني غبطة لو اشتراه المكاتب بما يفديه به أو باع فيباع فيوفى صاحب الجناية أرش جنايته فإن فضل شيء كان للمكاتب ولو جنى عبد المكاتب على رجل حر والعبد الجاني صحيح قيمته مائة ثم مرض فصارت قيمته عشرين والجناية قيمة مائة وأكثر فأراد أن يفتكه بمائة أكثر من عشرين لم يكن ذلك له من قبل أنه لو اشتراه حينئذ بأكثر من عشرين لم يجز الشراء وإنما يكون له أن يفتكه بأقل من قيمته يوم جنى بما إذا اشتراه به يوم يفتكه جاز الشراء وباعه الحاكم فأدى إلى المجني عليه قيمته ولا شيء على المكاتب غير ذلك. وهو في هذا الموضع مخالف للحر يجني عبده. ولو جنى عبد المكاتب وهو يسوي مائة جناية قيمتها مائة أو أكثر ثم أبق عبد المكاتب لم يكن له أن يفديه بشيء. فإذا وجد فشاء أن يفديه بأقل من قيمته يوم يفديه كان ذلك له. فإن لم يفعل بيع عليه وأديت الجناية. فإن فضل شيء رد عليه وإلا لم يلزمه غيرها. وما وهب للمكاتب أو اشتراه ممن له ملكه لو كان حرا من ذي رحم أو زوجة أو غيرها جاز شراؤه له لأن كل هؤلاء مملوك له بيعه ولو وهب للمكاتب أبوه أو أمه أو ولده أو من يعتق عليه إذا ملكه لو كان حرا فجنى جناية لم يكن له أن يفديه بشيء وإن قل من الجناية من قبل أن ملكه ليس بتام عليه. ألا ترى أني لا أجعل له بيعه إذا فداه وليس له أن يخرج من ماله في غير النظر لنفسه. وهكذا ولد لو ولد للمكاتب من أم ولده وولد المكاتبة لا

صفحة : 3088

يكون له أن يفديهم ويسلمهم فيباع منهم بقدر الجناية فقط وما بقي بقي بحاله يعتق بعتق المكاتب ولا يفدى أحدا ممن ليس له بيعه فيجوز له إلا بإذن السيد. ولو أن بعض من ليس للمكاتب بيعه جنى على السيد أو على مال السيد لم يكن للمكاتب أن يفديه كما ليس له أن يفديه من الأجنبيين إلا أن يجتمع هو والسيد على الرضا بأن يفديه فيجوز أن يفديه. وإن لم يرض السيد بيع من الجاني بقدر الجناية وأقر ما بقي بحاله حتى يعتق بعتق المكاتب أو يرق برقه. وإذا جنى بعض من يعتق على المكاتب على بعض عمدا فله القتل. فإن جنى من ليس للمكاتب بيعه على رقيقه فله أن يبيع منه بقدر الجناية وأن يعفو. وإن كانت الجناية عمدا فله القود إلا أن يكون الذي جنى والدا للمكاتب فليس له أن يقتل والده برقيقه وهو لا يقتل به لو قتله. وإذا جنى المكاتب جناية فلم يؤدها حتى عجز خير السيد بين: أن يفديه أو يبيعه في أرش الجناية. وهكذا عبد المكاتب يجني ولا يؤدي المكاتب عنه حتى يعجز المكاتب فيصير ماله لسيده يكون كأنه جنى وهو في يدي سيده فإما فداه وإما بيع عليه في الجناية. وإذا كان في العبد فضل عن الجناية خير السيد بين أن يبيعه كله فيكون له ما فضل عن الجناية أو يبيع منه بقدر الجناية. وإذا جنى المكاتب جناية فلم يؤدها حتى أدى فعتق مضى العتق وكان عليه في الجناية الأقل من قيمته أو الجناية. لأن الجناية إذا لم يعجز عليه دون مولاه. ولو كانت المسألة بحالها فجنى فأعتقه السيد ولم يؤد فيعتق بالأداء ضمن سيده الأقل من قيمته أو الجناية وإذا جنى المكاتب جناية أخرى ثم أدى فعتق ففيهما قولان: أحدهما: أن عليه الأقل من قيمة واحدة أو الجناية يشتركان فيها والآخر أن عليه في كل واحدة منهما الأقل من قيمته أو الجناية وهكذا إذا كانت الجناية كبيرة. أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج. وقال عطاء إذا أصيب المكاتب له نذره وقالها عمرو بن دينار. قال ابن جريج: من أجل أنه كاتبه من ماله يحرزه كما يحرز ماله قال: نعم. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: هو كما قال عطاء وعمرو بن دينار الجناية عليه مال من ماله لا يكون لسيده أخذها بحال وإن أزمنته فعجز المكاتب عن العمل لأنه قد يؤدى وهو زمن ولا يكون لمولاه من الجناية شيء إلا أن يموت قبل يؤدي فتكون الجناية كلها لمولاه لأنه مات رقيقا. ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 3089


جناية المكاتب علي سيده والسيد علي مكاتبه قال الشافعي: رحمه الله تعالى: كل جناية جناها السيد على مكاتبه لا تأتي على نفسه فهي كجناية أجنبي عليه يأخذها المكاتب منه كلها كما يأخذها من الأجنبيين إلا أن يكون له عليه شيء حال من كتابته فيقاصه بها السيد. ولكن لو جنى عليه جناية تأتي على نفسه بطلت الكتابة ومات عبدا إن مات قبل يؤدى ولم يتبع السيد بشيء لأنها جناية على عبده إن لم يعتق. ولو جنى السيد على عبده فقطع يده فسأل المكاتب الوالي أن يعطيه أرش الجناية قبل أن يبرأ نظر ما يصيبه بأداء الجناية فإن كان يعتق به قال: إن جعلته قصاصا بما عليك وكانت كتابتك كما وجب لك أعتقك وأخذت منه فضلا إن كان لك. فإن اختار ذلك ثم مات المكاتب ضمن السيد من ديته حيا ما ضمن هو لو جني على عبده غيره فيعتق قبل يموت ثم مات ولا قصاص عليه ولو كانت الجناية عمدا. لأن الجناية كانت ولا قصاص بينه وبينه وإن لم يختر ذلك حتى مات بطلت الجناية لأنه مات رقيقا. فإذا بقي على المكاتب شيء من كتابته فجنى عليه السيد جناية يكون له عليه مثلها والكتابة حالة فشاء أن تكون قصاصا فهي قصاص أيهما شاء. وإن كانت الكتابة غير حالة لم تكن قصاصا إلا أن يشاء المكاتب ذلك دون سيده. وإن جنى السيد على المكاتب جناية لا يجب له بها ما يعتق به فقال المكاتب: عجلوا بها قبل برء الجناية أعطيناه جميع الجناية إلا أن تكون الجناية تجاوز ثمنه لو مات فإذا جاوزت ثمنه لو مات لم يعطه إياها حتى يبرأ فيوفيه إياها لأنا لا ندري لعله يموت فتنتقض الجناية عن سيده. وإذا جني ابن سيد المكاتب أو أبوه أو من عدا سيد المكاتب على المكاتب فجنايته عليه كجناية الأجنبي لا تختلف بحال ولا يكون للسيد أن يعفوها إلا أن يموت المكاتب قبل يستوفيها فيكون له حينئذ عفوها لأنها صارت له والله أعلم. ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

صفحة : 3090


الجناية على المكاتب ورقيقه قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا جنى على المكاتب عبد جناية عمدا فأراد المكاتب القصاص وأراد سيده الدية فللمكاتب القصاص لأن سيده ممنوع من ماله وبدنه. قال الربيع: وفيها قول آخر: أنه ليس للمكاتب أن يقتص من قبل أنه قد يعجز فيصير ذلك للسيد فيكون المكاتب قد أبطل الأرش الذي كان للسيد أخذه لو لم يقتص. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وليس لسيد المكاتب إن زنى يحده ولا إن أذنب أن يجلده وللمكاتب أن يؤدب عبده وليس له أن يحده لأن الحد لا يكون إلى غير حر. وهكذا إذا جنى على عبد المكاتب جناية فيها قصاص فإنما لهما العقل وليس للمكاتب ولا عبده بأن يعفو من العقل قليلا ولا كثيرا ولا يصالح فيه إلا على استيفاء جميع أرش ما صالح به أو الازدياد. وإذا صالح فازداد لم يكن له أن يضع الزيادة ولا شيئا منها لأنه قد ملكها وليس له إتلاف شيء ملكه. وإذا جنى على المكاتب أو عبده جناية عمدا فله الخيار في أخذ الأرش أو القود. فإن أراد العفو عن القود في نفسه أو عبده بلا أرش فعفوه باطل لأنه يملك بالجناية العمد عليه وعلى عبده مالا أو قصاصا فليس له إبطالهما معا إذا كان ممنوعا من إتلاف ماله وهذا إتلاف لماله. ولو عفا ثم عتق كان له أخذ المال ولم يكن له القود لأنه عفا وهو لا يملك إتلاف المال. كما لو وهب شيئا مكاتب أو وضعه ثم عتق كان له أخذه لأنه فعل وهو لا يملك أن يهب ولا سبيل لسيد المكاتب على أن يضع جناية على المكاتب ولا يأخذ من يدي المكاتب شيئا من أرش الجناية عليه ولا على رقيقه. ولو بقي المكاتب من الجناية مقطوع اليدين والرجلين أعمى أصم لم يكن له سبيل على أخذ شيء مما صار له حتى يعجز وله السبيل إن ذهب عقل المكاتب على أن يأتي الحاكم فيضع مال المكاتب على يدي عدل وينفق على المكاتب منه ويؤدي عنه حتى يعتق أو يعجز. وهكذا المكاتبة ورقيقها لا يختلف فإن كانت الجناية جاءت على نفس رقيق المكاتب والمكاتبة فهكذا لا يختلف. وإن كانت الجناية جاءت على نفس المكاتب والمكاتبة قبل أدائهما فقد بطلت الكتابة وصار ما لهما لسيدهما فله في مالهما إن جني عليه ما لم يستوف المكاتبان الجناية وفي أنفسهما وما جني عليهما ما لم يستوفيا ماله فني الجناية على رقيق له غير مكاتبين. ولو جني على المكاتب نفسه جناية فيها قصاص فبرأ منها وأخذ نصف أرشها ثم مات أخذ المولى النصف الباقي ومال المكاتب حيث كان. ولو كانت الجناية يدا فصالح منها

صفحة : 3091

المكاتب على أقل مما فيها وهو النصف قبض المولى الفضل مما وجب في يد مكاتبه لأن مكاتبه ترك الفضل فللمولى أخذه. كما لو وضع عن إنسان دينا عليه أو وهب له هبة ثم مات قبل يعتق كان لمولاه أخذ ذلك من الموضوع والموهوب له إذا عجز المكاتب أو مات من غير تلك الجناية قال: والجناية على المكاتب في قيمته وقيمته عبد غير مكاتب يقوم يوم جنى عليه وجناية سيد المكاتب عليه وعلى رقيقه وماله وجناية الأجنبي سواء ويضمن لهم ما يضمن الأجنبي لهم فيما دون أنفسهم وأموالهم لا يختلف ذلك. إلا أنه إن ضمنه لهم فلم يؤد حتى يعجز أو يموت سقط عنه. لأنه صار مالا له. وإن جنى عليهم جناية يلزمه فيها ما يؤدي عن المكاتب كتابته فشاء المكاتب أن يجعلها قصاصا أخذ بها السيد فإن مات المكاتب والمكاتبة حالة قبل يجعلها قصاصا به مات عبدا وبطلت عنه الكتابة وصار هذا مالا للسيد. وإن جنى السيد على المكاتب فقتله وهو يسوي. ألف دينار وإنما بقي عليه من كتابته دينار أو أقل أو أكثر إلى أجل لم يعتق المكاتب مما وجب له ويعجز. وكذلك لو جنى عليه فقطع يده فوجبت له خمسمائة بصلح أو غيره ولم يبق عليه إلا دينار لم يعتق حتى يقول: قد جعلت ما وجب لي قصاصا فإذا قاله قبل يموت ثم مات كان حرا يوم يقوله فإن لم يقله حتى مات مات عبدا. وهكذا إن جنى سيد المكاتب على مال المكاتب جناية تلزمه ألف دينار وإنما بقي على المكاتب دينار لم يحل فلم يقل المكاتب قد جعلتها قصاصا حتى مات مات رقيقا. وإن قال: قد جعلتها قصاصا بما علي من الكتابة كان حرا حين يقوله. وكذلك إن قال: قد جعلت ما بقي علي من الكتابة قصاصا مما لزم مولاي كان قصاصا وكان حرا واتبعه بفضله. وهذا كله إذا لم يحل آخر نجوم المكاتب فإن لم يبق على المكاتب إلا نجم أو بعض نجم أو أكثر إلا أن جميع ما عليه قد حل كله ولم يعجزه سيده حتى جنى عليه سيده جناية فيها وفاء بما بقي على مكاتبه أو فيها وفاء وفضل عتق المكاتب لأن سيده مستوف بما لزمه جميع ما عليه إذا وجب للمكاتب مثل الذي عليه في الكتابة. ألا ترى أني لا أجبر السيد على دفع الجناية إليه إلا أن يكون فيها فضل عن كتابته فأجبره على دفع الفضل إليه وإن وجدت للمكاتب مالا لم أجبره على أن يدفع إلى السيد ما بقي عليه وله عند السيد مثله أو أكثر. وكذلك لو حل آخر نجوم المكاتب فعدا السيد على مال المكاتب فأخذ منه ما بقي له بلا علم من المكاتب عتق المكاتب إذا كانت نجومه حالة. وكذلك لو اقتضى دينا بوكالة المكاتب وحبسه على المكاتب

صفحة : 3092

بغير إذنه عتق المكاتب وإن كانت نجومه لم تحل فرده السيد إليه لم يعتق إلا أن يشاء أن يجعل ذلك قصاصا ويجبر السيد على إعطائه إياه إذا لم تكن نجومه حلت ولم يجبر المكاتب على أن يجعله قصاصا. وهذا كله إذا كانت جناية السيد على المكاتب من الصنف الذي منه كاتبه كانت قصاصا. فإن كان يلزم السيد بالجناية على المكاتب غير الصنف الذي منه الكتابة لم يعتق بها ولم تكن قصاصا حتى يقبضها ويدفع من ثمنها إليه آخر ما عليه أو يصطلحا صلحا يصلح على أنها قصاص وذلك أن يجني على المكاتب وعلى المكاتب مائة صاع حنطة تسوي خمسين دينارا وإنما لزم السيد بالجناية ذهب أو ورق أو إبل هي أكثز ثمنا مما على المكاتب فلا يكون هذا قصاصا وإن كانت الكتابة حالة لأن الذي على المكاتب غير الذي وجب له ولكن لو حرق السيد للمكاتب مائة صاع مثل حنطته والحنطة التي على المكاتب حالة كان قصاصا وإن كره سيد المكاتب. فإن كان خيرا أو شرا من حنطته لم تكن قصاصا حتى يرضى المكاتب إذا كان الحنطة المحرقة خيرا من الحنطة التي عليه أن يجعلها قصاصا أو يرضى السيد أن يجعلها قصاصا إذا كانت الحنطة التي حرق شرا من الحنطة التي له على المكاتب فلا تكون قصاصا إلا بأن يحتال بها المكاتب برضاه على السيد. وهكذا لو كان مكان الحنطة جناية على المكاتب لم يختلف هذا. وإن جنى السيد على المكاتب جناية لزمه بها أرش فجعلها السيد والمكاتب قصاصا تأخر ما على المكاتب أو كان ما على المكاتب حالا يلزم السيد بها مثل ما على المكاتب أو أكثر برضاهما ثم عاد السيد فجنى على المكاتب جناية ثانية كانت جنايته على حر فيها قصاص إن كانت مما يقتص منه وأرش الحر إن كانت مما لا يقتص منه. وإن اعتل بأنه لم يعلم بأنه يعتق بأن يصير لمكاتبه عليه مثل الذي بقي من كتابته فيكون قصاصا فيعتق لم يقبل ذلك منه كما لا يقبل من رجل علم رجلا عبدا فقتله بعد ما عتق ولم يعلم بعتقه. قال الربيع: وفيه قول آخر: أنه يؤخذ منه دية حر ولا قود لموضع الشبهة. كما لو قتل حربيا ولم يعلم بإسلامه فعليه دية حر ولا قود. وهو يفارق الحربي لأنه حلال له على الابتداء قتل الحربي وليس حلالا له على الابتداء قتل العبد. قال الربيع: وقول الشافعي أصح. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو عتق المكاتب وعاد السيد أو غيره فجنى عليه جناية بعد عتقه وقد علم الجاني عتقه أو لم يعلم فسواء وجنايته عليه كجنايته على حر. ولو جنى سيد المكاتب على المكاتب فقطع يده فلزمه نصف قيمته وكان قد حل عليه مثل ما

صفحة : 3093

لزمه له وكان آخر نجومه عتق به. وكذلك لو لم يحل فجعله السيد والمكاتب قصاصا عتق به فإن عاد السيد فقطع يده الأخرى خطأ فمات لزم عاقلته نصف دية حر بالجناية على اليد الأخرى لأنه جنى عليه وهو حر. وإذا جنى على المكاتب فعفا بإذن سيده عن أرش الجناية فالعفو جائز. وإذا جنى على المكاتب وعتق فقال: كانت الجناية وأنا حر. وقال الجاني: كانت وأنت مكاتب فالقول قول الجاني وعلى المكاتب البينة. وسواء صدقه في ذلك مولى المكاتب أو كذبه. إن قطع مولاه له الشهادة أن الجناية كانت وهو حر قبلت الشهادة لأنه ليس في شهادته ما يجر به إلى نفسه شيئا وكلفته شاهدا معه فإذا أثبته قضيت له بجناية حر. وإذا ملك المكاتب أباه وجنى عليه أبوه فله أن يبيع بقدر الجناية وإذا جنى من ليس للمكاتب أن يبيعه على المكاتب فله أن يبيع منه بقدر الجناية ولا يبيع بأكثر منها. ولو جنى عبد المكاتب على المكاتب كانت الجناية هدرا إلا أن يكون فيها قصاص فيكون له أن يقتص. فأما إذا كانت عقلا أو عمدا فأراد أرش الجناية فليس ذلك له ولكن له بيعه على النظر كما يكون له بيعه بلا جناية جناها. وإذا جنى المكاتب على عبد له بيعه فجنايته هدر إلا أن تكون الجناية عمدا فيها قصاص فيكون له القصاص فأما مال فلا يكون للعبد على سيده بحال. وكذلك لو ملك المكاتب أباه أو أمه فجنى عليهما فإن كانت جنايته فيها قصاص فلهما القصاص وليس لهما اختيار المال أن يأخذاه منه وهما غير خارجين من ملك المكاتب ولا أن يأخذا منه مالا لو كانت الجناية خطأ. ولو عتقا وعتق لم يكن لهما أن يتبعاه بمال لأن ذلك كان وهما غير خارجين من ملكه. ولو جنى العبد المكاتب على ابن له كاتب معه كانت جنايته عليه كجنايته على أجنبي يأخذه بها الابن ولا يكون له أن يعفوها لأن الابن مملوك لغيره كهو. ولو كانت عمدا لم يكن للابن أن يقتص منه وكان عليه أن يأخذ منه أرشها وليس للابن ترك الأرش له. فإن لم يأخذ منه الأرش حتى عتق الابن قبل يأخذها منه فله عفوها عتق الأب أو لم يعتق لأن حقه مال له لا سبيل لأحد عليه فيه. ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 3094


عتق سيد المكاتب أخبر الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده فأدى إليه أو لم يؤد حتى أعتقه فالعتق واقع وقد بطلت عنه الكتابة وماله الذي أفاد في الكتابة كله له ليس للسيد منه شيء. ولو كاتبه ثم قال: قد وضعت عنك كتابتك كلها كان حرا وكان لقوله: أنت حر من قبل أنه قد أعتقه في أصل الكتابة بالبراءة إليه من الكتابة. ولو قال: قد وضعت عنك الكتابة إلا دينارا أو إلا عشرة دنانير كان بريئا من الكتابة إلا ما استثنى ولا يعتق إلا بالبراءة من آخر الكتابة. والقول في أصل استثناء السيد من الكتابة قول السيد إن قال الذي وضعت من المؤخر والذي أخرت من الوضع المقدم فالقول قوله. وإن مات السيد فالقول قول ورثته فإن لم يكونوا يعربون عن أنفسهم ألزم الحاكم المكاتب أن يكون الوضع من آخر الكتابة لأنه قائم بذلك لمن صار المال له ولا يضع عنه إلا ما يحيط أنه وضع عنه بحال. وهو إذا وضع عنه آخرها على إحاطة أنه وضع الذي وضع عنه أو ما قبله فكان الآخر بدلا من الأول. وإذا وضع السيد عن المكاتب أو أعتقه في المرض فالعتق موقوف فإن خرج من الثلث الأقل من قيمته أو ما بقي عليه من الكتابة فهو حر وإلا عتق منه ما حمل الثلث فوضع عنه من الكتابة بقدر ما عتق منه وكان الباقي منه على الكتابة. ومتى أقر سيد المكاتب أنه قبض نجوم المكاتب في مرضه الذي يموت فيه أو في صحته فإقراره جائز كما يجوز إقراره للأجنبي بقبض دين عليه. وإذا كاتب الرجل عبده على دنانير فقال: قد وضعت عنك ألف درهم من كتابتك لم يكن وضع عنه شيئا من قبل أنه ليس عليهم دراهم. وكذلك لو كاتبه على دراهم فقال: قد وضعت عنك من كتابتك مائة دينار وإنما قيمتها مثل ما عليه من الدراهم أو أقل أو أكثر لم يكن وضع عنه شيئا لأنه إنما وضع عنه شيئا ليس له عليه. وكذلك كل صنف كاتبه عليه فوضع عنه من صنف غيره. ولو قال السيد: كاتبته على ألف درهم وقلت: قد وضعت عنك خمسين دينارا أعني وضعت عنك الألف وهي قيمة خمسين دينارا كان وضعا وكان المكاتب حرا. ولو لم يقل هذا السيد فادعى المكاتب على سيده أحلفته ما أراد هذا. ولو مات السيد ولم يبين أحلفت الورثة ما علموه أراد وضع الألف إن قال: هي قيمة خمسين فإذا شهد الشهود للمكاتب أن سيده قال: قد استوفيت منه أو قال لسيده: ألست قد وفيتك. فقال: بلى فقال المكاتب: هذا آخر نجومي كان القول قول السيد. فإن قال: لم يوفني

صفحة : 3095

إلا درهما فالقول قوله مع يمينه وقول ورثته إذا مات لأنه عبد أبدا حتى يشهد الشهود أنه وفاه جميع كتابته أو كل كتابته أو كذا وكذا دينارا فيلزمه ما أثبت عليه الشهود. وإن شهد الشهود أنه قال: قد استوفيت آخر كتابتك ولم يزيدوا على ذلك فالقول فيما بقي من كتابته قول السيد في حياته وورثته بعد موته لأن الاستيفاء لم تثبته. ولو شهدوا أنه قد قال: استوفيت منك آخر كتابتك إن شاء الله أو إن شاء فلان لم يكن هذا استيفاء لأنه قد استثنى فيه. المكاتب بين اثنين يعتقه أحدهما قال الشافعي: رحمه الله وتعالى: إذا كاتب الرجلان عبدا لهما فأدى بعض نجومه أو لم يؤد منها شيئا حتى أعتق أحدهما نصيبه منه فنصيبه منه حر كما يجوز عتقه أم ولد ومدبره وعبده الذي لا كتابة له. فإن كان له مال قوم عليه المكاتب فعتق كله كما يكون الحكم في العبد يكون بين اثنين يعتقه أحدهما فإن لم يكن له مال فالنصف الثاني مكاتب بحاله. وإذا أعتقه أحدهما ثم أعتقه الآخر فإن كان الأول موسرا بأداء قيمة نصفه كان المكاتب حرا وكان على المعتق الأول نصف قيمته وعتق الآخر باطل والولاء للمعتق الأول. وإن لم يكن موسرا فعتق الآخر جائز والولاء بينهما. ولو كان بين اثنين فوضع عنه أحدهما نصيبه من الكتابة ولم يعتقه فهو كعتقه ويقوم عليه إن كان موسرا. وكذلك إذا أبرأه مما له عليه لأنه ماله وإنه إذا أعتق فالولاء له وهو مخالف للمكاتب يورث. ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 3096


ميراث المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو أن رجلا أنكح ابنة له ثيبا برضاها مكاتبه أو عبده ثم كاتبه كان النكاح جائزا. فإن مات السيد وابنته وارثة له فسد النكاح لأنها قد ملكت من زوجها شيئا. ولو مات وليست ابنته وارثة كانا على النكاح فإن أعتقه واحد من الورثة فنصيب الذي أعتقه حر وولاؤه للذي كاتبه. وكذلك إذا أبرأه مما له عليه فنصيبه حر وإن عجز لم يكن له في رقبته شيء وكان نصيبه حرا بكل حال ولا يقوم عليه بحال لأن عتقه إياه وإبراءه منه عتق لا ولاء له به إنما الولاء للذي عقد كتابته وإنما منعني من تقويمه عليه أنه لا يجوز أن يكون له الولاء ما لم يعجز فيعتقه بعد العجز وأعتقه عليه بسبب رقه فيه لأنه لو لم يكن له فيه رق فعجز لم يكن له أن يملكه. ولو ورثه وآخر فأعتقاه لم يجز عتقهما لو كانا ورثا مالا عليه ولكنهما ورثا رقبته على معنى: أنهما إذا أعتقاه عتق وولاؤه للذي عقد الكتابة. أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ فقال رسول الله ﷺ وفي: لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة ولم يقل عن عائشة. وذلك مرسل. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: وأحسب حديث نافع أثبتها كلها لأنه مسند وأنه أشبه وعائشة في حديث نافع كانت شرطت لهم الولاء فأعلمها النبي ﷺ أنها إن أعتقت فالولاء لها وإن كان هكذا فليس إنها شرطت لهم الولاء بأمر النبي ﷺ ولعل هشاما أو عروة حين سمع أن النبي ﷺ قال: لا يمنعك ذلك إنما رأى أنه أمرها أن تشرط لهم الولاء فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر رضي الله عنهما والله أعلم قال: فالأحاديث الثلاثة متفقة فيما سوى هذا الحرف الذي يغلط فيه منتهى الغلط والله تعالى أعلم. فبهذا نأخذ وهو ثابت عن رسول الله ﷺ وليس يحتمل أن يجوز بيع المكاتب والمكاتبة إن لم يعجزا فلما لم أعلم مخالفا في أن لا يباع المكاتب حتى يعجز. أو يرضى بترك الكتابة لم يكن هذا معنى الحديث لأني لم أجد حديثا ثابتا عن النبي ﷺ ومن عرفت من جميع الناس على خلافه فكان

صفحة : 3097

معنى الحديث غير هذا وهو أحراهما أن يكون في الحديث دلالة عليه هو أن الكتابة شرط للمكاتب على سيده فمتى شاء المكاتب أبطل الكتابة لأنها وثيقة له لم نخرجه من ملك سيده ولا نخرجه إلا بأدائها. وهذا هو أولى المعنيين بها والله تعالى أعلم وبه أقول. فإذا رضيت المكاتبة أو المكاتب إبطال الكتابة فلها وله إبطالها كما يكون لكل في حق إبطاله. وكما يقال للعبد: إن دخلت الدار فأنت حر فترك دخولها. ويقال له: إن تكلمت بكذا فأنت حر فترك أن يتكلم به فلا يعتق في واحد من الوجهين. ألا ترى أن بريرة تستعين في الكتابة وتعرض عليها عائشة الشراء أو العتق وتذهب بريرة إلى أهلها بما عرضت عاثشة وترجع إلى عائشة بما عرض أهلها ونشتريها عائشة فتعتقها بعلم رسول الله ﷺ فكل هذا دليل على ما وصفت من رضا بريرة بترك الكتابة أو العجز. فمتى قال المكاتب: قد عجزت أو أبطلت الكتابة فذلك إليه علم له مال أو قوة على الكتابة أو لم يعلم وإن قال سيده: لا أرضى بعجزه. قيل ذلك له وإليه: دونك فهو لك مملوك فخذ مالك حيث كان واستخدمه وأجره فخذ فضل قوته وحرفته وماله خير لك من أداء نجومه. وكذلك لو كان عبدان أو عبيد في كتابة واحدة فعجز أحدهم نفسه أو رضي بترك الكتابة خرج منها ورفعت عمن معه في الكتابة حصته كما ترفع لو مات أو أعتقه سيده. وسواء عجز المكاتب نفسه عند حلول النجم أو قبله متى عجز نفسه فهو عاجز. وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم قال: أعود على الكتابة لم يكن ذلك له إلا بتحديد كتابة وتعجيزه نفسه عند سيده وفي غيبة سيده سواء. وإن عجز نفسه وأبطل الكتابة ثم أدى إلى سيده فعتق بالشرط الأول ثم قامت عليه بينة بأن عجز نفسه أو رضي بفسخ الكتابة كان مملوكا وما أخذ سيده منه حلال له. وإن أحب أن أحلف له سيده ما جدد كتابة كان ذلك له. ولو كانت المسألة بحالها فدفع إلى سيده آخر نجومه وقال له: أنت حر بالمعنى الأول ولا علم له بتعجيز نفسه ولا رضاه بفسخ الكتابة كان له فيما بينه وبين الله أن يسترقه وعليه في الحكم أن يعتق عليه ويرجع عليه بقيمته كلها لا نحسب له مما أخذ منه شيئا لأنه أخذه منه وهو مملوك له وأعتقه بسبب كتابته فرجع عليه بقيمته. ID ' ' الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 3098


عجز المكاتب بلا رضاه قال الشافعي: وإذا رضي السيد والمكاتب بالمكاتبة فليس للسيد فسخها حتى يعجز المكاتب عن نجم من نجومه فإذا عجز ولم يقل: قد فسخت الكتابة فالكتابة بحالها حتى يختار. السيد فسخها لأن حق السيد دون حق المكاتب أن لا يثبت على الكتابة وهو غير مؤد ما عليه فيها إلا أن يترك السيد حقه بفسخها فيكون له حينئذ. لأنهما مجتمعان على الرضا بالكتابة فمتى حل نجم من نجوم الكتابة ولم يؤده ولم يبطل السيد الكتابة فهو على الكتابة. فإن أدى بعد حلول النجم من مدة قصيرة أو طويلة لم يكن للسيد تعجيزه ولا يكون له تعجيزه إلا ونجم أو بعض حال عليه فلا يؤديه. وإذا كان المكاتب حاضرا بالبلد لم يكن للسيد تعجيزه إلا بحضرته فإذا حضر فسأله ما حل عليه قل أو كثر فقال: ليس عندي فأشهد أنه قد عجزه أو قد أبطل كتابته أو فسخها فقد بطلت. ولو جاء المكاتب بما عليه مكانه لم يكن مكاتبا وكان لسيده أخذه منه كما يأخذه منه مملوكا. وسواء كان هذا عند سلطان أو غيره. فإذا جاء به السلطان فسأله نظرة مدة يؤدي إليه نجمه أو سأل ذلك سيده لم يكن على السيد ولا على السلطان إنظاره إلا أن يحضر شيئا يبيعه مكانه فينظره قدر بيعه فإن قال: لي شيء غائب أحضره لم يكن للسلطان أن ينظره إلى قدوم الغائب لأنه قد ينظره فيفوت العبد بنفسه ولا يؤدي إليه ماله. وليس هذا كالحر يسأل النظرة في الدين لأن الدين في ذمته لا سبيل على رقبته. وهذا عبد إنما يمنع نفسه بأداء ما عليه. فإذا كان غائبا فحل نجمه فأشهد عليه سيده أنه قد عجزه أو فسخ كتابته فهو عاجز. فإن جاء من غيبته وأقام بينة على سيده أنه قبض منه النجم الذي عجزه به أو أبرأه منه أو أنظره به كان على الكتابة وهكذا لو جاز سيد المكاتب السلطان فسأله تعجيزه لم ينبغ أن يعجزه حتى يثبت عنده على كتابته وحلول نجم من نجومه ويحلفه ما أبرأه منه ولا قبضه منه ولا قابض له ولا أنظره به فإذا فعل عجزه له وجعل المكاتب على حجته إن كانت له حجة. قال: وإن جاء إلى السلطان فقال: قد أنظرته بنجم من نجومه إلى أجل وقد مضى صنع فيه ما صنع في نجم من نجومه حل. قال: وإن قال: قد أنظرته إلى غير أجل أو إلى أجل فبدا لي أن لا أنظره لم يعجزه وكتب له إلى حاكم بلده فأحضره وأعلمه أن صاحبه قد رجع في نظرته. وقال: إن أديت إلى وكيله أو إليه نفسه وإلا أبطلت كتابتك وبعثت بك إليه فإن استنظره لم يكن له أن ينظر إن كان لسيده وكيل حتى يؤدي

صفحة : 3099

إليه فإن لم يكن له وكيل أنظره قدر مسيره إلى سيده فضرب له أجلا إن جاء إلى ذلك الأجل وإلا عجزه حاكم بلده إلا أن يأتيه مكانه بشيء يبيعه له من ساعته فينظره قدر لا يجاوز به ذلك. أو يأتيه بغريم يدفع إليه مكانه أو يبيع على الغريم شيئا حاضرا أيضا. فإن لم يكن للغريم شيء حاضر حبسه له وعجزه وجعل ما على الغريم لسيده لأنه مال عبده ومتى قلت للسيد: تعجزه أو على السلطان تعجيزه فعجزه السلطان أو السيد ثم أحضر المال لم يرد التعجيز. فإن قال قائل: فهل في قولك للسيد أن يعجزه دون السلطان أثر قلت: هو معقول بما وصفت أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كاتب غلاما له على ثلاثين ألفا ثم جاءه فقال: إني قد عجزت. فقال: إذا أمحو كتابتك. قال: قد عجزت فامحها أنت. قال نافع: فأشرت إليه امحها وهو يطمع أن يعتقه فمحاها العبد وله ابنان أو ابن قال ابن عمر: اعتزل جاريتي. قال: فأعتق ابن عمر ابنه بعده. قال الشافعي: رحمه الله: أخبرنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال: شهدت شريحا رد مكاتبا عجز في الرق. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: يعجز السيد والسلطان المكاتب فإذا حل نجم المكاتب فسأله سيده أداءه فقال: قد أديته إليك أو أديته إلى وكيلك أو إلى فلان بأمرك فأنكر السيد لم يعجل الحاكم تعجيزه وأنظره يوما وأكثر ما ينظره ثلاث فإن جاء بشاهد أحلفه معه وأبرأه مما شهد له به شاهده وإن جاء بشاهد ولم يعرفه الحاكم لم يعجل حتى يسأل عنه فإن عدل أحلفه معه وإن لم يعدل دعاه بغيره. فإن جاء به من يومه أو غده أو بعده وإلا عجزه. وإن ذكر بينة غائبة أشهد أنه ذكر بينة غائبة وأني قد عجزته إلا أن تكون له بينة فيما يدعي من دفع نجمه أو إبراء مولاه له منه فإن جاء بها أثبت كتابته وأخذ سيده بما أخذ من خراجه وقيمة خدمته وإن لم يأت بها تم عليه التعجبز. وإن عجزه على هذا الشرط ثم جاءت بينة بإبرائه من ذلك النجم وهو آخر نجومه ومات المكاتب جعل ماله ميراثا لورثته الأحرار لأنه مات حرا وأخذ السيد بما أخذ منه وقيمته وإن لم يكن آخر نجومه فقد مات رقيقا. وإذا عجز المكاتب سيده أو السلطان فقال بعد التعجيز: قد أقررتك على الكتابة لم يكن عليها حتى يجدد له كتابة غيرها ولو تأدى منه على الكتابة الأولى وقال: قد أثبت لك العتق عتق بإثبات العتق وتراجعا بقيمة المكاتب كما يتراجعان في الكتابة الفاسدة. وكذلك لو قال: قد أثبت لك الكتابة الأولى

صفحة : 3100

ولم يذكر العتق لأن قوله: أثبت لك الكتابة الأولى أثبت لك العتق بالكتابة الأولى على الأداء ولو عجزه ثم تأدى منه كما كان يتأدى ولم يقل: قد أثبت لك الكتابة لم يكن حرا بالأداء وكان تأديته كالخراج يأخذه منه. وإذا كاتب عبيدا له كتابة واحدة فعجزوا كلهم عن نجم من النجوم فلسيدهم أن يعجز أيهم شاء وينظر أيهم شاء فيقره على الكتابة ويأخذه بحصته منها. وكذلك إن أدى بعضهم ولم يؤد بعض فمن أدى على الكتابة عتق ولم يكن له تعجيزه. ومن لم يؤد فله تعجيزه. وهم كعبيد كاتبوا كتابة مفرقة فعجزوا فله أن يعجز أيهم شاء ويقر أيهم شاء على الكتابة وليس له تعجيز من يؤدي. وإذا عجز المكاتب عن أداء نجم من نجومه فلم يعجزه سيده وأنظره فمات قبل أن يؤديه مات عبدا ولسيده ماله. وإذا كاتب الرجل عبده فعجز عن نجم وأنظره السيد ثم مات السيد فلورثته أن يأخذوه بأداء ذلك النجم مكانه. ولو أنظره أبوهم إلى مدة فلم تأت أخذ به حالا كما كان لأبيهم أن يرجع في النظرة ويأخذ به حالا. فإن أداه وإلا فلهم تعجيزه وهم يقومون في تعجيزه مقام أبيهم. وإذا ورث القوم مكاتبا فعجز عن نجم فأراد بعضهم إنظاره وبعضهم تعجيزه كان للذي أراد تعجيزه تعجيزه وللذي أراد إنظاره إنظاره فكان نصيبه منه على الكتابة. وإن كان في يديه يوم يعجزه أحدهم مال أخذ منه الذي عجزه بقدر ما ملك منه وترك له بقدر ما يملك الذي لم يعجزه وقيل للذي عجزه: لك أن تأخذه يوما بقدر ما تملك منه فتؤاجره أو تختدمه وعليك أن تنفق عليه في ذلك اليوم. وكذلك لو مرض كان عليك أن تنفق عليه بقدر نصيبك منه لأن أصل كتابته كان صحيحا لكل واحد ممن كاتبه عليه في حصته وله على المكاتب في حصته ما للمكاتب على سيده وللسيد على مكاتبه وليس هذا كالعبد بين اثنين يريد أحدهما ابتداء كتابته دون صاحبه أصل الكتابة في هذا باطل وهي في الأول صحيحة جائزة. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولو كاتب رجل عبيدا كتابه واحدة فعجزوا فأراد تعجيز بعضهم وإقرار بعضهم كان ذلك له وعلى كل حصته من الكتابة. ولو كاتب رجل عبده فعجز فقال: أعجز بعضك وأقر بعضك لم يكن له ذلك كما لم يكن له أن يكاتب بعضه. فإن فعل فأدى على هذا عتق ورجع عليه بنصف قيمته وتم عتقه كله لأنه إذا عتق نصفه وهو ملكه عتق كله والله أعلم. ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

صفحة : 3101


بيع كتابة المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ولا نجيز بيع كتابة المكاتب بدين ولا بنقد ولا بحال من الأحوال لأنها ليست بمضمونة على المكاتب فإنه متى شاء عجز فإن بيعت فالبيع باطل. وإن أدى المكاتب إلى المشتري كتابته بأمر السيد عتق كما يؤدي إلى وكيله فيعتق لأن المكاتب يبرأ منها بأمر السيد فمتى برىء منها فهو حر ويرد مشتري الكتابة ما أخذ إن كان قائما في يديه ومثله إن كان له مثل أو قيمته إن فات ولم يكن له مثل وكذلك يرد البائع ما أخذ من ثمن كتابة استحقاق الكتابة قال الشافعي: رحمه الله تعالى: إذا كاتب الرجل عبده على عرض أو ماشية بصفة أو طعام بكيل فأدى المكاتب جميع الكتابة وعتق ثم استحق ما أدى المكاتب بعد ما مات المكاتب فإنما مات رقيقا وللسيد أخذ ما كان له وما أخذ ورثته إن كانوا قبضوه. وكذلك لو جنى على المكاتب فأخذ أرش حر رجع الذين دفعوا الأرش في مال المكاتب بالفضل من أرش عبد. وكذلك لو كاتب على دنانير فاستحقت بأعيانها. ولو كانت هذه المسألة بحالها فاستحق على المكاتب شيء من صنف ما أدى وعلى صفته كان العتق ماضيا واتبع المكاتب بما استحق عليه ولم يخرج من يدي سيده ما أخذ منه. ولو استحق ما كاتب عليه المكاتب بعد ما أداه وهو حي أخذه من استحقه. فإن كانت نجوم المكاتب كلها قد حلت يوم استحق ما أدى إلى مولاه قيل للمكاتب: إن أديت جميع كتابتك إلى مولاك الآن فقد عتقت وإن لم تؤده فله تعجيزك. ولو استحقت والمكاتب غائب وللمكاتب مال أوقف ماله وانتظر كما وصفت في المكاتب تحل نجومه وهو غائب فإن أدى وإلا فلسيده تعجيزه ومتى مات في غيبته قبل يؤدي مات رقيقا وهكذا إذا استحق ما أدى من قبل المكاتب. فإن جاء رجل فاستحقه على سيده بإقرار من سيده عليه أو على المكاتب وجحد المكاتب ما أقر به عليه السيد أو إخراج له من ملكه بحال فالمكاتب حر وهذا إتلاف من سيده لماله. ولو استحق ما أدى إلى سيده على المكاتب وقد أتلفه السيد كان هكذا وكان للذي استحقه أن يرجع على السيد إن شاء لأنه أتلف ماله أو على المكاتب لأنه سلط السيد على إتلافه. ولو شهد شهود على السيد حين دفع المكاتب إليه كتابته التي استحقت أنه قال للمكاتب: أنت حر. فقال السيد: إنما قلت أنت حر بأنك قد أديت ما عليك أحلف بالله ما أراد إحداث عتق له على غير الكتابة

صفحة : 3102

وكان مملوكا. وكذلك لو شهدوا عليه بعد أداء الكتابة وقبل استحقاق المتاع أنه قال: هذا حر. أو قد قال له: أنت حر فإن شهدوا عليه بعد استحقاق ما أدى إليه من الكتابة أنه قال: أنت حر كان حرا وكان هذا إحداث عتق له. وكذلك لو شهدوا عليه قبل يؤدي الكتابة أنه قال: أنت حر أو قال: هذا حر حين يؤدي الكتابة أو بعد. فإن قيل: لم لا يعتق عليه إذا استحقت قيل له: ألا ترى أنه حر في الظاهر وأن الحاكم يحكم بأنه حر وأن قول السيد أنت حر وتركه سواء فإذا قال له: هذا حر. على أنه قد عتق بالأداء ثم بطل الأداء بطل العتق إذا لم يسلم الذي بالأداء لأنه ملك لغيره. وليس هذا كالعبد يكاتبه سيده على خمر أو ميتة فيؤديه إليه فيعتق ويرجع عليه السيد بقيمته هذا قد سلم للسيد ولم يستحقه أحد عليه بملك له دونه غير أن حراما على السيد أن يملكه فأفسدنا الكتابة وأوقعنا العتق برضا السيد بالعتق على شيء لم يغره العبد منه. ولو استحق الخمر أحد بملك على السيد لم يعتق العبد في الخمر لأنه لم يعتقه إلا على أن يملك عليه فلما عتق رجع على المكاتب بقيمته. ولو قال لعبده: إن قتلت فلانا أو ضربت فلانا فأنت حر. فقتل فلانا أو ضرب فلانا كان حرا ولم يرجع عليه السيد بشيء لأنه لم يعتقه على شيء لي ملك عليه فكان كمن ابتدأ عتق عبده. وإن كان أمره بقتل أو ضرب لمن لا يحل له قتله ولا ضربه. وإذا أدى المكاتب إلى سيده ما كاتبه عليه فأعتقه القاضي ثم استحق رد القاضي عتقه لأنه إنما أعتقه على الظاهر. كما يقضى للرجل بالدار يشتريها الرجل بالعبد فإذا استحق العبد رد الدار إلى مالكها بالملك الأول. ولو قال له سيده عند قبضه منه ما كاتبه عليه: أنت حر ثم استحق رد العبد رقيقا وأحلف السيد ما أراد بقوله أنت حر إحداث عتق له على غير أداء الكتابة. لأن قوله: أنت حر كصمته هو حر في الحكم عندنا وعنده حتى تستحق الكتابة. ولو قال سيده: أنت حر عند أداء الكتابة ثم مات فاستحق ما أدى رد رقيقا وحلف ورثته ما علموه أراد بقوله أنت حر إحداث عتق له على غير كتابة. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ولو قال رجل لغلامه: إن أديت إلي خمسين دينارا أو عبدا يصفه فأنت حر. فأدى ذلك ثم استحق رد رقيقا. ولو قال له عند أدائه: أنت حر كان كما وصفت في المكاتب. وإذا قال لعبده: إن أعطيتني هذا العبد وهذا الثوب فأعطاه ما قال فعتق ثم استحق رد رقيقا لأن معنى قوله: إن أعطيتني هذا العبد وهذا الثوب فصح لي ملكه كقوله للمكاتب إن أديت إلي كذا فأنت حر. وهكذا لو قال لغلامه: إن

صفحة : 3103

زوجتك فأنت حر فزوجه تزويجا فاسدا أو قال: إن بعتك فأنت حر أو بعت فلانا فأنت حر فباعه أو باع فلانا بيعا فاسدا لم يكن حرا لأن كل هذا إنما هو على الصحة ولو قال له: إن ضربت فلانا فأنت حر فضربه كان حرا لأن هذا ليس بعتق على شيء يملكه. ولو قال: إن ضربت فلانا فأنت حر فضرب فلانا بعد ما مات لم يعتق لأن الضرب إنما يقع على الأحياء ألا ترى أن أحدا لو وقع على رجل ثم مات لم يجز أن نضربه لأن الضرب إنما يقع على الأحياء. وإذا كاتب الرجل على شيئين في نجمين فأداهما فعتق ثم استحق أحدهما رد رقيقا فإن كانا قد حلا قيل: إن أديت مكانك فأنت حر وإن لم تؤد فلسيدك تعجيزك. وهكذا لو كاتب على أشياء فأدى بعضها فاستحق منها شيء. وهكذا لو كاتب على دنانير وازنة فأدى نقصا لم يعتق إلا بما شرط عليه. وهكذا لو كاتب على عبيد فأداهم معيبين أو بعضهم معيبا وعتق ثم علم سيده بالعيب كان له رد المعيب منهم بعيبه فإن اختار رده رد العتق وإن اختار حبسه تم العتق لأن الكتابة في كثير من أحكامها كالبيع. فما كان يكون لمن دلس له بعيب رد المعيب ونقض البيع كان ذلك له في الكتابة. ولو كاتبه على عبدين فأداهما معيبين فماتا في يده أو أعتقهما ثم ظهر منهما على عيب دلسه له المكاتب علم به المكاتب أو لم يعلم قيل للمكاتب: إن أديت قيمة ما بين العبد صحيحا ومعيبا عتقت وإن لم تؤده فلسيدك تعجيزك لأنك لم تؤد ما كوتبت عليه بكماله. كما لو أديت إليه دنانير نقصا لم تعتق إلا بأن تؤديها وازنة أو تعطيه نقصانها. وهذا هكذا في الطعام والشراب والعروض كلها يكاتب عليها لا يختلف. ID ' ' القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 3104


الوصية بالمكاتب نفسه أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا أوصى الرجل بمكاتبه لرجل لم تجز الوصية لأنه لا يملك أن يخرجه من ملكه إلى ملك غيره بحال ما كان على الكتابة. قال: وإن قال: إن مت من مرضي هذا أو متى مت ففلان لمكاتبه لفلان كانت الوصية باطلة. ولو عجز المكاتب بعد موته أو قبله لم تكن الوصية جائزة لأنه أوصى له به وهو لا يملك إخراجه إلى ملك الموصى له به. كما لو قال: متى مت ففلان لعبد ليس له لفلان فلم يمت حتى ملكه لم يكن له حتى يحدث له بعد ملكه وعجز المكاتب وصية به. ولو وهب مكاتبه لرجل وأقبضه إياه كانت الهبة باطلة. ولو عجز المكاتب في يدي الذي قبضه كانت الهبة باطلة لأنه وهبه وهو لا يملك هبته. وكذلك لو وهبه وأقبضه إياه ورضي بالعجز فعجزه ولكنه لو أوصى بكتابته لرجل جازت الوصية ما كان مكاتبا وكان له إذا حملها الثلث أن يتأداها كلها والمكاتب حر وولاؤه للذي عقد كتابته. وإذا أوصى الرجل للرجل بكتابة مكاتبه فعجز المكاتب فهو رقيق لورثته وقد بطلت الوصية. ولو قال رجل: مالي على مكاتبي لفلان فإن عجز فهو له أو هو لفلان كانت الوصية جائزة على ما أوصى به فما كان على الكتابة فكتابته للذي أوصى له بها وإذا عجز فهو للذي أوصى له برقبته كان الموصى له بكتابته أو غيره. وإذا أوصى بكتابة عبده لرجل فحل نجم من نجومه فعجز عنه فأراد الموصى له بكتابته أن لا يعجزه ويؤخره بنجمه ذلك وأراد الورثة تعجيزه فذلك للورثة لأن رقبته تصير لهم. وهكذا لو أوصى بكتابة مكاتبه لرجل ورقبته لآخر إن عجز كان للذي أوصى له برقبته إن عجز أن يعجزه لأن له رقبته. وإذا أوصى الرجل أن كتابة مكاتبه لرجل إن عجل نجومه قبل محلها فإن عجل نجومه قبل محلها فكتابته له وإن لم يفعل لم يجبر المكاتب على تعجيلها ولم يعجز بأن لا يعجلها وبطلت وصية الموصى له لأنه إنما أوصى له به بمعنى فإذا لم يكن ذلك المعنى بطلت الوصية. ولو قال: كل نجم من كتابة مكاتبي عجله قبل محله لفلان كان كما قال: وأي نجم عجله فهو لفلان وأي نجم لم يعجله فهو لورثته وهذا كله إذا كانت الكتابة صحيحة. ولو أن رجلا كاتب عبده كتابة فاسدة ثم أوصى بكتابة عبده لرجل كانت الوصية باطلة لأنه لا كتابة على عبده. ولو كانت المسألة بحالها فأوصى برقبته لرجل ففيها قولان: أحدهما أن الوصية باطلة إلا أن يقول: ليس بمكاتب لأن كتابته فاسدة: وأما إذا أوصى به وهو يراه مكاتبا فالوصية

صفحة : 3105

باطلة. وكذلك لو باعه بيعا فاسدا ثم أوصى به لرجل كانت الوصية باطلة لأنه أوصى به وهو يراه لغيره. والقول الثاني: أن الوصية جائزة في الوجهين لأنه ليس بمكاتب ولا خارجا من ملكه بالبيع الفاسد. قال الربيع: القول الثاني عندي هو الذي يقول به. الوصية للمكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا أوصى سيد المكاتب بعتقه عتق بالأقل من قيمته أو ما بقي عليه من كتابته. كأن قيمته كانت ألفا والذي بقي عليه من كتابته خمسمائة فأعتق بخمسمائة لأنه إذا أوصى بعتقه فقد وضع كتابته. وإذا أوصى فوضع كتابته فقد عتق كأنه كان قيمته ألفا وبقي من كتابته ألفان فيعتق بالألف وإذا عتق سقطت كتابته. فإن قال: ضعوا عنه كتابته أو أوصى له بكتابته فهي كوصيته بعتقه لأن كتابته إذا وضعت عنه فيعتق بالأقل من قيمته أو الكتابة وسواء كانت الكتابة دينا أو حالة تحسب من الثلث حالة. ولو أوصى له بنجم من كتابته كان ذلك للورثة يعطونه أي نجم شاءوا متأخرا أو متقدما. وإن كانت نجومه مختلفة فأقلها إن شاءوا. فإن قال: ضعوا عنه أي نجم من نجومه شئتم فهكذا وإن قال: ضعوا عنه أي نجم من نجومه شاء هو فذلك إلى المكاتب فأي نجم من نجومه شاء وضع عنه من الثلث متقدما كان أو متأخرا. وإن كانت له نجوم مختلفة فقال: ضعوا عنه أوسط نجم من نجومه فأوسط نجم من نجومه يحتمل أوسطها في العدد وأوسطها في الأجل ليس واحد منهما أولى بظاهرها من الآخر فيقال للورثة: ضعوا أوسط نجم من نجومه إن شئتم فأوسطها في العدد وإن شئتم فأوسطها في الأجل. فإن ادعى المكاتب أن الذي أوصى له به غير الذي وضع عنه أحلف الورثة ما يعلمون ما قال ووضعوا عنه الأوسط من أيها شاءوا. ولو كانت المسألة بحالها وكانت بقيت عليه ثلاثة نجوم أولها وآخرها أقل قيل: لكم أن تضعوا الأوسط من العدد أو المال فإن أردتم وضع الأوسط من الآجال فضعوه وهو الثاني الذي قبله واحد وبعده واحد. ولو كانت عليه أربعة أنجم فأرادوا وضع الأوسط من النجوم المؤجلة وضعوا عنه أي النجمين شاءوا: الثاني أو الثالث لأنه ليس واحد أولى باسم الأوسط من الآخر. ولو كانت خمسة كان لها أوسط وهو الثالث لأن قبله نجمين وبعده نجمين إذا كانت نجومه وترا فلها أوسط نجم واحد. وإذا كانت شفعا فلها أوسطان. فإن كانت نجومه مختلفة عدد المال فكان منها عشرة ومنها مائة ومنها ثلاثة فقال: ضعوا عنه نجما من نجومه وضعوا عنه أيها شاءوا.

صفحة : 3106

فإن قال: ضعوا عنه أكثر نجومه أو أقل نجومه وضعوا عنه ما أوصى به ولا يحتمل هذا إلا العدد فيوضع عنه. إذا قال: أكثر أكثرها عددا وإذا قال: أقل أقلها عددا. وإذا قال: أوسط احتمل موضع المال وموضع الوسط. وإن قال: ضعوا عنه أوسط نجومه من عدد المال وعليه ثلاثة أنجم وضع عنه الأوسط الذي لا أقلها ولا أكثرها. وإن كانت أربعة: واحد عشر وواحد عشرون وواحد ثلاثون وواحد أربعون فقال: ضعوا عنه أوسط نجومه عددا وضعوا عنه إن شاءوا العشرين وإن شاءوا الثلاثين لأنه ليس واحد منهما أولى باسم الأوسط من الآخر فعلى هذا هذا الباب كله وقياسه. ولو قال: ضعوا عنه ثلث كتابته كان لهم أن يضعوا عنه ثلث كتابته في العدد إن شاءوا المؤخر منها وإن شاءوا ما قبله منها. وكذلك إن قال: نصفها أو ربعها أو عشرة منها. ولو أوصى لمكاتبه بما وصفت من نجم أو ثلث أو أقل أو أكثر ولم يقبل المكاتب الوصية كان ذلك للمكاتب. وإذا أوصى له بشيء يوضع عنه فعجز فقد صار رقيقا. ولو أوصى لمكاتب بمال بعينه جازت الوصية. فإن عجز المكاتب قبل يقبض الوصية بطلت الوصية عنه لأنه لا يجوز أن يوصي لعبده لأن ذلك ملك لورثته لأن الوصية لهم على قدر ملكهم فيه. ولو قال: إن شاء مكاتبي فبيعوه فشاء مكاتبه قبل يؤدي الكتابة بيع وإن لم يشأ لم يبع. وإذا قال الرجل: إن عجز مكاتبي فهو حر فقال المكاتب: قبل حلول النجم قد عجزت لم يكن حرا وإذا حل نجم من نجومه فقال: قد عجزت وقال الورثة: ليس بعاجز طلبوا ماله فإن وجدوا وفاء بنجمه لم يكن عاجزا. وإن لم يوجد له وفاء أحلف ما يجد لهم وفاء وكان عاجزا. وإذا قال في وصيته: إن شاء مكاتبي فبيعوه فلم يعجز حتى قال: قد شئت أن تبيعوني قيل: لا تباع إلا برضاك بالعجز. فإن قال: قد رضيت به بيع. وإن لم يرض فالوصية باطلة لأنه لا يجوز بيعه ما كان على الكتابة. وإذا قال الرجل في مرضه: ضعوا عن مكاتبي بعض كتابته أو بعض ما عليه وضعوا عنه ما شاءوا من كتابته. وإن قل ولهم أن يضعوا ذلك عنه من آخر نجومة وأولها كما لو أوصى لرجل بشيء عليه من دين حال وآجل وضعوا عنه إن شاءوا من الحال وإن شاءوا من الآجل لأن ذلك كله من كتابة المكاتب ودين من الدين. ولو قال: ضعوا عنه نجما من نجومه أو بعض نجومه لم يكن لهم إلا أن يضعوا عنه نجما وذلك لهم أن يضعوا أي نجم شاءوا. ولو قال: ضعوا عنه من بعض نجومه كان لهم أن يضعوا عنه ما شاءوا لأن بينا في قوله أن يضعوا عنه نجما أنه وضع عنه شيء منه. فإن قال: ضعوا عنه ما

صفحة : 3107

يخفف عنه من كتابته أو ضعوا عنه جزءا من كتابته أو ضعوا عنه كثيرا من كتابته أو قليلا من كتابته أو ذا مال من كتابته: أو غير ذي مال من كتابته كان إليهم أن يضعوا ما شاءوا لأن القليل يخفف عنه من كتابته وكذلك يثقل عليه مع غيره في كتابته وكذلك يكون كثيرا وقليلا. وكذلك لو قال: ضعوا عنه المائة الباقية عليه من كتابته وزيادة وضعت المائة ولم يكن قوله وزيادة شيئا لأنه لا يضع عنه ما ليس عليه. ولو قال: ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته وضعوا عنه النصف وزيادة ما شاءوا لأن ذلك أكثر ما بقي من كتابته ولو قال ضعوا عنه أكثر ما بقي من كتابته ومثل نصفه وضعوا عنه أكثر من النصف بما شاءوا ومثل نصف الذي وضعوا عنه. وهكذا إن قال: ومثل ثلاثة أرباعه وضع عنه ما قال ولو قال: ضعوا عنه أكثر ما عليه من الكتابة ومثله معه وضعت عنه الكتابة كلها والفضل عن الكتابة باطل لأنه وضع ما ليس عليه. ولو قال: ضعوا عنه ما شاء من كتابته فقال: قد شئت أن يضعوها كلها لم يكن ذلك له لأن معقولا أن ما يوضع من الشيء لا يكون إلا وقد بقي من الشيء الموضوع منه شيء ويوضع عنه كل ما قال إذا بقي شيء من الكتابة قل أو كثر لأن ذلك شيء من الكتابة. الوصية للعبد أن يكاتب قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أوصى الرجل أن يكاتب عبد يخرج من الثلث حاص أهل الوصايا بجميع قيمته نقدا وكوتب على كتابة مثله لا تجبر الورثة على غير ذلك. وإن كان لا مال له غيره ولا دينا عليه ولا وصية لم تجبر الورثة على كتابته وقيل: إن شئت كاتبنا في ثلثك وإن شئت لم تكاتب. فإن لم يشأ أن يكاتب ثلثه فهو رقيق وإن شاء أن يكاتب ثلثه كوتب على ما يكاتب عليه مثله لا ينقص من ذلك ومتى عتق فثلث ولائه لسيده الذي أوصى بكتابته وثلثاه رقيق. ولو كانت المسألة بحالها فقال: أنا أعجل ثلثي قيمتي لم يكن ذلك له لأنه إن كان له مال فماله لورثة سيده. وكذلك إن وهب رجل له مالا كان لورثة سيده فإن قال رجل: إن شئتم عجلتكم ثلثي قيمته لم يكن عليهم أن يقبلوا ذلك ولا يعتقوه عاجلا ولا يخرجوا ثلثيه من أيديهم بكتابة وثلثه لا يحتمله. ولو أوصى أن يكاتب وعليه دين يحيط بماله كانت الوصية باطلة ولو أوصى أن يكاتب وهو يخرج من الثلث فقال: كاتبوه بألف دينار وهو لا يسوي عشرة ولا يكاتب مثله على خمسين قيل: إن رضيت بالكتابة التي أوصى أن تكاتب بها كوتبت وإن لم ترض أو عجزت فأنت رقيق. وإذا خير في الكتابة فاختار تركها ثم سأل

صفحة : 3108

أن يكاتب لم يكن ذلك له لأنه قد تركها. كما إذا رد الرجل الوصية يوصى له بها لم يكن له أن يرجع فيأخذها. ولو قال: كاتبوا عبدا من عبيدي كان لهم أن يكاتبوا أي عبد من عبيده شاءوا ويجبرون على ذلك وليس لهم أن يكاتبوا أمة. وكذلك لو قال: كاتبوا أحد عبيدي فإن قال: كاتبوا أحد رقيقي كان لهم أن يكاتبوا عبدا أو أمة إن شاءوا لأن العبد ليس بأولى باسم الرقيق من الأمة. ولو قال: كاتبوا إحدى إمائي لم يكن لهم يكاتبوا عبدا ولا خنثى في هذا الوجه ولا إن أوصى أن يكاتب أحد رقيقه إذا كان مشكلا. الكتابة في المرض قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عبده في المرض وهو يخرج من الثلث على شيء وإن قل جاز لأنه لو أعتقه جاز وعتقه عتق بتات أكثر من كتابته. وإن كان لا يخرج من الثلث فكتابته موقوفة فإن أفاد السيد ما لا يخرج به المكاتب من الثلث جازت الكتابة بكل حال وإن لم يفد ما لا يخرج به من الثلث وكاتبه على كتابة مثله لم تجز الكتابة في الثلثين لأنها ليست بيع بتات وجازت في الثلث. وهكذا إذا كانت على أقل من كتابة مثله بطلت في الثلثين وكانت جائزة في الثلث إذا لم يكن عليه دين ولا وصية. وإن كان عليه دين يحيط بماله بطلت الكتابة فإن كانت معه وصايا حاص أهل الوصايا ولم يبدأ عليهم. ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

صفحة : 3109


إفلاس سيد العبد قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وإذا كاتب الرجل عب ثم أفلس لم تنتقض الكتابة وكان للغرماء أخذ ما عليه من الكتابة عند محله. ولو عجل المكاتب ما عليه قبل محله لم يكن للسيد منعه وكان للغرماء أخذه منه. ولو أداه إلى سيده عتق به وكان للغرماء أخذه منه. فإن فات فهو كما فات من ماله وتجوز كتابته له حتى يقف الحاكم ماله وإذا أوقف الحاكم ماله لم تجز كتابته. فإن كاتبه بعد وقف القاضي ماله فالكتابة مردودة. فإن أدى لم يعتق وأخذ ما أدى العبد فبيع. وكذلك إذا أعتقه لم يعتق وبيع وإن لم يوجد له وفاء بدينه لم يعتق. وإذا اختلف السيد والغرماء فقالوا: كاتبته بعد وقف القاضي مالك وقال: بل كاتبته قبل وقف القاضي مالي ولا بينة كان القول قول السيد وليس في هذا شيء يجره إلى نفسه إنما هذا حق أقر به للعبد إذا ادعاه العبد. وكذلك إذا كاتبه فقال السيد والغرماء: كانت الكتابة بعد الوقف وقال العبد: فالقول قول العبد مع يمينه وعليهم البينة. وإذا كاتب المكاتب كتابة صحيحة فأقر السيد بعد التفليس بأنه قبض منه شيئا قبل وقف القاضي ماله فالقول قوله. وكذلك ما أقر به الغريم له عليه حق فهو براءة له. وإن أقرأنه قبض منه شيئا بعد وقف القاضي ماله لم يبرأ العبد منه حتى يؤديه السيد أو يتبعوا به العبد دينا عليه في ذمته إذا أدى إلى الغرماء حقوقهم. ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 3110


ميراث سيد المكاتب قال الشافعي: رحمه الله تعالى: فإذا كاتب الرجل عبده ثم مات السيد فالكتابة بحالها. فإن أدى إلى الورثة عتق وكان ولاؤه للذي كاتبه وإن عجز فهو ميراث لهم. وإن كان المكاتب تزوج بنت سيده في حياة سيده برضاها ثم مات السيد والبنت وارثة لأبيها فسد النكاح لأنها قد ملكت قدر ميراثها منه. وإن كانت لا ترث أباها باختلاف الدينين أو لأنها قاتل لأبيها فالكتابة بحالها والنكاح بحاله. ولو أسلمت بعد موته لم يفسد النكاح لأنها لا ترث وقام الورثة في المكاتب مقام الميت فملكوا منه ما كان يملك ولولا ملك رقبته بعجز لم يرد رقيقا. فإن قيل: فلم لا يبيعونه قيل: لم يكن للذي ورثوه عنه أن يبيعه فلا يعدون أن يكونوا مثله أو في أقل من حاله لأنهم إنما ملكوه عنه. فإن قيل: فلم لا يكون لهم ولاؤه دون الذي كاتبه قيل: للعقد الذي يلزم السيد والعبد ما قام به المكاتب وهو العقد الذي حال بين سيد العبد وبين بيعه وماله ما أدى وكان في العقد أن ولاءه إذا أدى له فالعتق والولاء لزمه بالشرط ولزم سيده. فأي ورثة الميت أعتق المكاتب كان نصيبه منه معتقا ولم يقوم عليه من قبل أن ولاء ما أعتق منه قبل يعجز المكاتب موقوف للذي كاتبه. فلو أعتقوه معا كان ولاؤه للذي كاتبه فإن عجز لم يكن للذي أعتقه أو أبرأه من الكتابة من رقبته شيء وكان من بقي على نصيبه من رقبته. وفيه قول آخر: أن يقوم عليه فإذا عجز قوم عليه وكان له ولاؤه كله لأن الكتابة أولا بطلت وأعتق هذا عبده. ولو أبرأه الورثة أو بعضهم من الكتابة فإنه يبرأ من نصيب من أبرأه ويعتق نصيبه منه كما لو أبرأه الذي كاتبه من الكتابة. وإذا ورث القوم مكاتبا فحل نجم من نجومه فلم يؤط فأراد بعضهم تعجيزه وأراد بعض أن لا يعجزه ففيها قولان: أحدهما أن كلهم على نصيبه فمن عجز فله تعجيزه ونصيبه رقيق له ومن لم يعجزه فهو على الكتابة فإذا عتق فولاؤه ما عتق منه للذي كاتبه ولا يقوم على الذي لم يعجزه لأن ولاءه لغيره. والقول الثاني: أنهم إن أجمعوا على ترك تعجيزه كان على الكتابة وإن لم يجمعوا عليه وأراد بعضهم تعجيزه كان عاجزا كله ولم يكن لمن بقي منهم ترك تعجيزه. وإنما ذهب من قال هذا أن قال: أجعل هذا كابتداء الكتابة وكان عبدا بين اثنين فلا يجوز لأحدهما أن يكاتبه دون الآخر وهم إذا كاتبوا معا فيعتق على المعتق وإذا ورثوه فولاؤه لغيرهم وهم يقومون مقام الميت في أخذ الكتابة ورقه إن عجز ولا يقومون مقامه في أن لهم الولاء وليسوا بمبتدئي كتابته إذا عجز إنما هم تاركون

صفحة : 3111

حقا لهم في تعجيزه ولا يمنع أحد ترك حقه في تعجيزه متى أراد تركه. وإذا مات أحد من ورثة سيد المكاتب فورثته يقومون مقامه. ولو مات سيد المكاتب وله ابنان فشهدا أن أباهما قبض ما عليه وأنكر ذلك الورثة أو كانوا صغارا أو نساء كلهم فإن كانا عدلين جازت شهادتهما والمكاتب حر وولاؤه للذي كاتبه وإن كانا غير عدلين برىء المكاتب من حصتهما من الكتابة ولزمته حصة من أنكر وحصة الصغار منها ولا يعتق عليهما لأن الولاء ليس لهما لأنهما شهدا وأقرا بفعل غيرهما لا أعلمهما فعلا شيئا يلزمهما به عتق إن كانا موسرين. وإذا مات سيد المكاتب وأراد المكاتب الوثيقة من دفع ما عليه من الكتابة فلا يدفعها حتى يأتي الحاكم فإن كان للميت ورثة صغار وكبار أمر الحاكم المكاتب أن يدفع من الكتابة إلى الورثة الكبار بقدر نصيبهم وإلى الولي نصيب الصغار وأعتقه. فإن كان الورثة الكبار غيبا فسأل المكاتب أن يدفع الكتابة إلى عدل يقبضه لهم إن لم يكن لهم وكيل كان ذلك له فإذا دفعه عتق المكاتب وليس هذا كدين لهم على رجل ثم غابوا عنه فجاء به إلى الحاكم ليدفعه هذا لا يدفع إلا إليهم أو وكيل لهم. فإن لم يكن وكيل تركه الحاكم فلم يأمر بقبضه من صاحبه الذي هو عليه لأن في الكتابة عتقأ للعبد فلا يحبس بالعتق وليس في الدين شيء يحبس عنه صاحب الدين. فإن كان الورثة محجورين فدفع المكاتب ما عليه إلى وصيهم وعلى الميت دين أو لا دين عليه أو له وصايا أو لا وصايا له فالمكاتب حر. وإذا هلك ذلك في يدي الوصي قبل يصل إلى الورثة الصغار وأهل الدين والوصايا منه عتق المكاتب بكل حال لأن الوصي يقوم مقام الميت إذا كان أوصى إليه بدينه ووصاياه وتركته وليس فيهم بالغ غير محجور. فإن كان فيهم بالغ غير محجور أو كان للميت وصيان فدفع إلى أحدهما لم يعتق حتى يصل إلى الوصيين والبالغ. وكذلك إن كان الميت مات عن ورثة كبار وليس فيهم صبي وعليه دين وله وصايا لم يبرأ المكاتب بالدفع إلى الورثة حتى يصل إلى أهل الدين دينهم لأن الميراث لا يكون للورثة حتى يقضى الدين فإن قضي الدين فحتى يصل إلى أهل الوصايا وصاياهم لأن أهل الوصايا شركاء بالثلث حتى يستوفوا وصاياهم فإذا صار إلى أهل الوصايا بعد قبض أهل الدين حقوقهم وإلى أهل المواريث مواريثهم عتق المكاتب. وإذا لم يدفع بأمر الحاكم ولا وصى جماعة فلا يعتق حتى يصل المال إلى كل من كان له حق بسبب الميت فإن مات المكاتب قبل يصل ذلك إلى آخرهم مات عبدا كما لو كاتبه رجلان فدفع جميع الكتابة إلى أحدهما فلم يدفع المدفوع إليه

صفحة : 3112

إلى شريكه حقه منها مات عبدا. ولو مات بعد دفعه إلى شريكه حقه مات حرا وكان هذا في هذا الموضع كرجل أرسله المكاتب بمكاتبته إلى سيده فإن دفعها والمكاتب حي عتق وإن لم يدفعها حتى يموت المكاتب مات عبدا. ولو لم يدفعها ولم يمت المكاتب لم يكن المكاتب بريئا منها ولا حرا بها. ولو كان السيد وكل رجلا بقبض كتابة المكاتب فدفعها إليه المكاتب عتق وكان كدفعه إلى سيده. وهكذا إذا دفع المكاتب بأمر حاكم أو إلى وصي جماعة كلهم مولى عليه. وإذا عفى المكاتب كتابته إلى قوم أثبتوا على سيده ديونهم عتق إن لم يكن في كتابته فضل على دينهم فإن لم يكن عليه دين وله وصايا فدفع إلى الورثة وإلى أهل الوصايا بقدر ما يصيبهم عتق وإن بقي منهم أحد لم يدفع إليه لم يعتق حتى يقبضوا كلهم. ولو تعدى فدفع إلى الورثة وإلى أهل الوصايا بقدر ما يصيبهم عتق وإن بقي منهم أحد لم يدفع إليه لم يعتق حتى يقبضوا كلهم. ولو تعدى فدفع إلى وارث دون الورثة أو إلى صاحب دين دون أهل الدين لم يعتق حتى يصير إلى كل وارث حقه وإلى كل ذي دين دينه. موت المكاتب أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت له يعني عطاء: المكاتب يموت وله ولد أحرار ويدع أكثر مما بقي عليه من كتابته قال: يقضى عنه ما بقي من كتابته وما كان من فضل فلبنيه قلت: أبلغك هذا عن أحد قال زعموا أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه كان يقضي به أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول: يقضى عنه ما عليه ثم لبنيه ما بقي. قال عمرو بن دينار ما أراه لبنيه . قال الشافعي: رحمه الله تعالى: يعني أنه لسيده والله تعالى أعلم. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وبقول عمرو وهو قول زيد بن ثابت نأخذ. وأما ماروى عطاء أنه بلغه عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وهو روى عنه أنه كان يقول في المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى فلا أدري ثبت عنه أم لا وإنما نقول بقول زيد بن ثابت فيه. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: أصل مذهبنا ومذهب كثير من أهل العلم أن المكاتب لا يعتق إلا بأداء ما عليه من الكتابة أو أن يبرئه سيده منه وإن كان موسرا واجدا. فإذا كان هذا هكذا لم يجز في قولنا: إذا مات المكاتب وله مال فيه وفاء من كتابته وفضل إلا أن تكون كتابته قد انتقضت وماله لسيده وقد

صفحة : 3113

مات رقيقا لأنه من مات بحال لم يحل حاله بعد الموت وقد مات غير حر فلا يكون بعد الموت حرا. ألا ترى لو أن عبدا مات فقال سيده: هو حر لم يكن حرا لأن العتق لا يقع على الموتى وإن قذفه رجل لم يحد له وإن كان مع المكاتب ولد ولدوا في كتابته وأم ولده لم يكاتب عليها فهم رقيق وإن كان معه ولد كبار كاتب عليهم فهم كرقيق كاتبوا معا فيرفع عمن كاتب معه حصة الميت من الكتابة ويكون عليه هو حصته من الكتابة ولا يرث المكاتب الميت قبل يؤدي ولد أحرار ولا ولد ولدوا له في كتابته ولا كاتبوا معه بحال فإن كان في كتابته ولد بالغون كاتبوا معه وأجنبيون فسواء يأخذ سيده ماله لأنه مات عبدا ويرفع عنهم حصته من الكتابة. وإذا كان معه ولد ولدوا في كتابته من أمة من لم يكاتب عليهم فمات قبل أن يؤدي فهم وأم ولده رقيق وماله لسيده لأنهم إنما كانوا يعتقون بعتقه لو عتق وإذا بطلت كتابته بالموت لم يعتقوا بعتق من لا يعتق. وكذلك لو ملك أباه وأمه ثم مات أرقوا فأما من كاتب عليه برضاء فعل الكتابة لأن له حصة من الكتابة. ولو كانت له زوجة مملوكة للسيد فكاتب عليها برضاها فولدت أولادا في الكتابة ثم مات قبل يؤدي رفعت حصته من الكتابة وبقيت حصة امرأته ووقف ولده الذين ولدوا في الكتابة مع أمهم فإن عتقت عتقوا وإن عجزت أو ماتت قبل أن تؤدي رقوا ولو قالوا: نؤدي عنها فنعتق لم يكن لهم لأنهم لم يشترطوا في الكتابة إنما كانوا يعتقون بعتق أمهم فلما بطل عتقها لم يجز أن يعتقوا. ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

صفحة : 3114


في إفلاس المكاتب أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال قلت له يعني لعطاء: أفلس مكاتبي وترك مالا وترك دينا للناس عليه لم يدع وفاء أبتدىء بحق الناس قبل كتابتي قال: نعم. وقالها عمرو بن دينار. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أما أحاصهم بنجم من نجومه حل عليه أنه قد ملك عمله لي سنة قال: لا. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: وبهذا نأخذ. فإذا مات المكاتبا وعليه دين بدىء بديون الناس لأنه مات رقيقا وبطلت الكتابة ولا دين للسيد عليه وما بقي مال السيد. وكذلك إذا عجز وقولهم: أفلس عجز - إن شاء الله تعالى - لأنه إذا عجز بطلت الكتابة فأما إذا كان على الكتابة فيؤدي الدين قبل الكتابة لأن ماله ليس لسيده وسيده حينئذ في ماله كغريم غيره فإذا بطلت الكتابة بطل كل ما لسيده عليه من مال استهلكه أو جناية جناها عليه وغير ذلك لأنه لا يكون لسيد على عبده دين. وإذا زعم عطاء أن المكاتب إذا عجز لم يكن لسيده عليه دين لأنه لا يكون له عليه دين إلا ما دام مكاتبا فمثله لا يخالفه أن يموت لأن الكتابة تبطل بموته قبل الأداء. ميراث المكاتب وولاؤه أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت لابن طاوس: كيف كان أبوك يقول في الرجل يكاتب الرجل ثم يموت فترث ابنته ذلك المكاتب فيؤدي كتابته ثم يعتق ثم يموت قال: كان يقول: ولاؤه لها ويقول ما كنت أظن أن يخالف في ذلك أحد من الناس ويعجب من قولهم ليس لهم ولاؤه. أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا عبد الله بن الحرث عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: رجل توفي عن ابنين له وترك مكاتبا فصار المكاتب لأحدهما ثم قضى كتابته للذي صار له في الميراث ثم مات المكاتب من يرثه قال: يرثانه جميعا. وقالها عمرو بن دينار. وقال عطاء: رجع ولاؤه للذي كاتبه فرددتها عليه فقال ذلك غير مرة. قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ويقول عطاء وعمرو بن دينار نقول في المكاتب يكاتبه الرجل ثم يموت السيد ثم يؤدي المكاتب فيعتق بالكتابة: أن ولاءه للذي عقد كتابته لأنه لما عقدها لم يكن له إرقاقه ما قام المكاتب بالكتابة فلا يكون ولاؤه إلا له. ولا نقول بقول عطاء في الرجل يموت ويدع مكاتبا وابنين إن للابنين أن يقتسما مال الميت حتى يصير المكاتب لأحدهما من قبل أن القسم بيع وبيع المكاتب

صفحة : 3115

لا يجوز وتقتسم الورثة ما أدى المكاتب فإذا عجز المكاتب صار عبدا لهم أن يقتسموه وإن اقتسموا قبل عجز المكاتب فصار المكاتب إلى حصة أحدهم فالقسم باطل وما أخذ منه فهو بينه وبين ورثة أبيه. والله أعلم. باب الولاء قال الشافعي: رحمه الله تعالى: قال رسول الله ﷺ: قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق قال: وقال: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب فلم يكن يجوز لأحد ولاء على أحد إلا بأن يتقدمه عتق. ومن لم يعتق فهو حر ولا ولاء له وعقله على جماعة المسلمين. والله أعلم.

بسم الله الرحمن الرحيم مختصر المزني قال أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله: اختصرت هذا الكتاب من علم محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ومن معنى قوله: لأقربه على من أراده مع إعلاميه نهيه عن تقليده وتقليد غيره لينظر فيه لدينه ويحتاط فيه لنفسه وبالله التوفيق. ID ' ' هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 3116


باب الطهارة قال الشافعي: قال الله عز وجل: وأنزلنا من السماء ماء طهورا وروي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته وقال الشافعي: فكل ماء من بحر عذب أو مالح أو بئر أو سماء أو برد أو ثلج مسخن وغير مسخن فسواء والتطهر به جائز ولا أكره الماء المشمس إلا من جهة الطب لكراهية عمر عن ذلك وقوله: إنه يورث البرص. وما عدا ذلك من ماء ورد أو شجر أو عرق ماء أو زعفران أو عصفر أو نبيذ أو ماء بل في خبز أو غير ذلك مما لا يقع عليه اسم ماء مطلق حتى يضاف إلى ما خالطه أو خرج منه فلا يجوز التطهر باب الآنية قال الشافعي رحمه الله: ويتوضأ في جلود الميتة إذا دبغت واحتج بقوله ﷺ: أيما إهاب دبغ فقد طهر . قال: وكذلك جلود ما لا يؤكل لحمه من السباع إذا دبغت إلا جلد كلب أو خنزير لأنهما نجسان وهما حيان. قال: ولا يطهر بالدباغ إلا الإهاب وحده ولو كان الصوف والشعر والريش لا يموت بموت ذوات الروح أو كان يطهر بالدباغ كان ذلك في قرن الميتة وسنها وجاز في عظمها لأنه قبل الدباغ وبعده سواء. قال: ولا يدهن في عظم فيل واحتج بكراهية ابن عمر لذلك قال: فأما جلد كل ذكي يؤكل لحمه فلا بأس بالوضوء فيه وإن لم يدبغ. قال: ولا أكره من الآنية إلا الذهب والفضة لقول النبي ﷺ. الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في جوفه نار جهنم . قال: وأكره ما ضبب بالفضة لئلا يكون شاربا على فضة. قال: ولا بأس بالوضوء من ماء مشرك وبفضل وضوئه ما لم يعلم نجاسته. توضأ عمر رضي الله عنه من ماء في جرة نصرانية. ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 3117


باب السواك قال الشافعي: وأحب السواك للصلوات وعند كل حال تغير فيه الفم: الإستيقاظ من النوم والأزم وكل ما يغير الفم لأن رسول الله ﷺ قال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة قال الشافعي: ولو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشقق. باب نية الوضوء قال الشافعي: ولا يجزئ طهارة من غسل ولا وضوء ولا تيمم إلا بنية واحتج على من أجاز الوضوء بغير نية بقوله ﷺ: الأعمال بالنيات . ولا يجوز التيمم بغير نية وهما طهارتان فكيف يفترقان. قال: وإذا توضأ لنافلة أو لقراءة مصحف أو لجنازة أو لسجود قرآن أجزأ وإن صلى به فريضة. قال: وإن نوى فتوضأ ثم عزبت نيته أجزأته نية واحدة ما لم يحدث نية أن يتبرد أو يتنظف بالماء فيعيد ما كان غسله لتبرد أو تنظف. باب سنة الوضوء قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده . قال المزني: أشك في ثلاث. قال: فإذا قام الرجل إلى الصلاة من نوم أو كان غير متوضىء فأحب أن يسمي الله م يغرف من إنائه على يديه ويغسلهما ثلاثا ثم يدخل يده اليمنى في الإناء فيغرف غرفة لفيه وأنفه ويتمضمض ويستنشق ثلاثا ويبلغ خياشيمه الماء إلا أن يكون صائما فيرفق ثم يغرف الماء الثانية بيديه فيغسل وجهه ثلاثا من منابت شعر رأسه إلى أصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل من وجهه وذقنه فإن كان أمرد غسل بشرة وجهه كلها وإن نبتت لحيته وعارضاه أفاض الماء على لحيته وعارضيه وإن لم يصل الماء إلى بشرة وجهه التي تحت الشعر أجزأه إذا كان شعره كثيرا ثم يغسل ذراعه اليمنى إلى المرفق ثم اليسرى مثل ذلك ويدخل المرفقين في الوضوء في الغسل ثلاثا ثلاثا وإن كان أقطع اليدين غسل ما بقي منهما إلى المرفقين وإن كان أقطعهما من المرفقين فلا فرض عليه فيهما وأحب أن لو مس موضعه الماء ثم يمسح رأسه ثلاثا وأحب أن يتحرى جميع رأسه وصدغيه يبدأ بمقدم رأسه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه ويمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما بماء جديد ويدخل إصبعيه في صماخي أذنيه ثم يغسل رجليه ثلاثا ثلاثا

صفحة : 3118

إلى الكعبين والكعبان هما الناتئان وهما مجتمع مفصل الساق والقدم وعليهما الغسل كالمرفقين ويخلل أصابعهما لأمر رسول الله ﷺ لقيط بن صبرة بذلك وذلك أكمل الوضوء إن شاء الله. قال: وأحب أن يمر الماء على ما سقط من اللحية عن الوجه وإن لم يفعل ففيها قولان. قال: يجزيه في أحدهما ولا يجزيه في الآخر. قال المزني: قلت أنا يجزيه أشبه بقوله لأنه لا يجعل ما سقط من منابت شعر الرأس من الرأس فكذلك يلزمه أن لا يجعل ما سقط من منابت شعر الوجه من الوجه. قال الشافعي: وإن غسل وجهه مرة ولم يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ولم يكن فيهما قذر وغسل ذراعيه مرة مرة ومسح بعض رأسه بيده أو ببعضها ما لم يخرج عن منابت شعر رأسه أجزأه واحتج بأن النبي ﷺ مسح بناصيته وعلى عمامته قال الشافعي: والنزعتان من الرأس وغسل رجليه مرة مرة وعم بكل مرة ما غسل أجزأه واحتج بأن النبي ﷺ توضأ مرة مرة ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله تبارك وتعالى صلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال: من توضأ مرتين مرتين آتاه الله أجره مرتين . ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ثم قال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ووضوء خليلي إبراهيم ﷺ . قال: وفي تركه أن يتمضمض ويستنشق ويمسح أذنيه ترك للسنة وليست الأذنان من الوجه فيغسلا ولا من الرأس فيجزي مسحه عليهما فهما سنة على حيالهما. واحتج بأنه لما لم يكن على ما فوق الأذنين مما يليهما من الرأس ولا على ما وراءهما مما يلي منابت الشعر الرأس إليهما ولا على ما يليهما إلى العنق مسح وهو إلى الرأس أقرب كانت الأذنان من الرأس أبعد. قال المزني: لو كانتا من الرأس أجزأ من حج حلقهما عن تقصير الرأس فصح أنهما سنة على حيالهما. قال الشافعي: والفرق بين ما يجزي من مسح بعض الرأس ولا يجزي إلا مسح كل الوجه في التيمم: أن مسح الوجه بدل من الغسل يقوم مقامه ومسح بعض الرأس أصل لا بدل من غيره. قال: وإن فرق وضوءه وغسله أجزأه واحتج في ذلك بابن عمر قال: وإن بدأ بذراعيه قبل وجهه رجع إلى ذراعيه فغسلهما حتى يكونا بعد وجهه حتى يأتي الوضوء ولاء كما ذكره الله تبارك وتعالى قال: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وهكذا قرأه المزني إلى الكعبين. فإن صلى بالوضوء على غير ولاء رجع فبنى على الولاء من وضوئه وأعاد الصلاة واحتج بقول الله عز وجل وعز: إن الصفا والمروة من شعائر الله . فبدأ رسول الله ﷺ بالصفا وقال: نبدأ

صفحة : 3119

بما بدأ الله به . قال: وإن قدم يسرى قبل يمنى أجزأه ولا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهرا ولا يمتنع من قراءة القرآن إلا جنبا. قال أبو إبراهيم: إن قدم الوضوء وأخر يعيد الوضوء والصلاة. باب الإستطابة قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح. عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا ببول وليستنج بثلاثة أحجار . ونهى عن الروث والرمة. قال الشافعي: وذلك في الصحارى لأن النبي ﷺ قد جلس على لبنتين مستقبل بيت المقدس فدل أن البناء مخالف للصحارى. قال: وإن جاء من الغائط أو خرج من ذكره أومن دبره شيء فليستنج بالماء وليستطب بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم ولا يمسح بحجر قد مسح به مرة إلا أن يكون قد طهره بالماء والإستنجاء من البول كالإستنجاء من الخلاء ويستنجي بشماله. وإن استطاب بما يقوم مقام الحجارة من الخزف والآجر وقطع الخشب وما أشبهه فأنقى ما هنالك أجزأه ما لم يعد المخرج فإن عدا المخرج فلا يجزئه فيه إلا الماء. وقال في القديم: يستطيب بالأحجار إذا لم ينتشر منه إلا ما ينتشر من العامة في ذلك الموضع وحوله والفرق بين أن يستطيب بيمينه فيجزئ وبالعظم فلا يجزئ أن اليمين أداة والنهي عنها أدب والإستطابة طهارة والعظم ليس بطاهر فإن مسح بثلاثة أحجار فلم ينق أعاد حتى يعلم أنه لم يبق أثرا إلا أثيرا لاصقا لا يخرجه إلا الماء ولا بأس بالجلد المدبوغ أن يستطاب به وإن استطاب بحجر له ثلاثة أحرف كان كثلاثة أحجار إذا أنقى ولا يجزئ أن يستطيب بعظم ولا نجس. قال الشافعي: والذي يوجب الوضوء الغائط والبول والنوم مضطجعا وقائما وراكعا وساجدا وزائلا عن مستوى الجلوس قليلا كان النوم أو كثيرا والغلبة على العقل بجنون أو مرض مضطجعا كان أو غير مضطجع والريح يخرج من الدبر وملامسة الرجل المرأة والملامسة أن يفضي بشيء منه إلى جسدها أو تفضي إليه لا حائل بينهما أو يقبلها ومس الفرج ببطن الكف من نفسه ومن غيره من الصغير والكبير والحي والميت والذكر والأنثى وسواء كان الفرج قبلا أو دبرا أو مس الحلقة نفسها من الدبر ولا وضوء على من مس ذلك من بهيمة لأنه لا حرمة لها ولا تعبد عليها وكل ما خرج من دبر أو قبل من دود أو دم أو مذي أو ودي أو بلل أو

صفحة : 3120

غيره فذلك كله يوجب الوضوء كما وصفت ولا استنجاء على من نام أو خرج منه ريح. قال: ونحب للنائم قاعدا أن يتوضأ ولا يبين أن أوجبه عليه لما روى أنس بن مالك: أن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا ينتظرونه العشاء فينامون أحسبه قال قعودا وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان ينام قاعدا ويصلي فلا يتوضأ. قال المزني: قد قال الشافعي: لو صرنا إلى النظر كان إذا غلب عليه النوم توضأ بأي حالاته كان. قال المزني: قلت أنا: وروي عن صفوان بن عسال أنه قال: كان النبي ﷺ يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من بول وغائط ونوم. قال المزني: فلما جعلهن النبي ﷺ بأمي هو وأمي في معنى الحدث واحدا استوى الحدث في جميعهن مضطجعا كان أو قاعدا ولو اختلف حدث النوم لإختلاف حال النائم لاختلف كذلك حدث الغائط والبول ولأبانه عليه السلام كما أبان أن الأكل في الصوم عامدا مفطر وناسيا غير مفطر. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء . مع ما روي عن عائشة: من استجمع نوما مضطجعا أو قاعدا. وعن أبي هريرة: من استجمع نوما فعليه الوضوء. وعن الحسن: إذا نام قاعدا أو قائما توضأ. قال المزني: فهذا اختلاف يوجب النظر وقد جعله الشافعي في النظر في معنى من أغمي عليه كيف كان توضأ فكذلك النائم في معناه كيف كان توضأ. واحتج في الملامسة بقول الله جل وعز: أو لامستم النساء . وبقول ابن عمر: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة. وعن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر. واحتج في مس الذكر بحديث بسرة عن رسول الله ﷺ: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ . وقاس الدبر بالفرج مع ما روي عن عائشة أنها قالت: إذا مست المرأة فرجها توضأت. واحتج بأن النبي ﷺ قال: من أعتق شركا له في عبد قوم عليه . فكانت الأمة في معنى العبد فكذلك الدبر في معنى الذكر. قال: وما كان من سوى ذلك من قيء أو رعاف أو دم خرج من غير مخرج الحدث فلا وضوء في ذلك كما أنه لا وضوء في الجشاء المتغير ولا البصاق لخروجهما من غير مخرج الحدث وعليه أن يغسل فاه وما أصاب القيء من جسده. واحتج بأن ابن عمر عصر بثرة بوجهه فخرج منها دم فدلكه بين أصبعيه ثم قام إلى الصلاة ولم يغسل بيده. وعن ابن عباس: اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك. وعن ابن المسيب أنه رعف فمسح أنفه بصوفة ثم صلى. وعن القاسم ليس على

صفحة : 3121

المحتجم وضوء. قال: وليس في قهقهة المصلي ولا فيما مست النار وضوء لما روي عن النبي ﷺ أنه أكل كتف شاة فصلى ولم يتوضأ. قال: وكل ما أوجب الوضوء فهو بالعمد والسهو سواء. قال: ومن استيقن الطهر ثم شك في الحدث أو استيقن الحدث ثم شك في الطهر فلا يزول اليقين بالشك. باب ما يوجب الغسل قال الشافعي: أخبرنا الثقة هو الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فعلته أنا ورسول الله ﷺ فاغتسلنا. ورواه من جهة أخرى عن عائشة أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: إذا التقى الختانان وجب الغسل . قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا موسى بن عامر الدمشقي وغيره قالوا: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي في هذا الحديث مثله قال: وإذا التقى الختانان والتقاؤهما أن تغيب الحشفة في الفرج فيكون ختانه حذاء ختانها فذاك التقاؤهما كما يقال: التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتضاما فقد وجب الغسل عليهما. قال المزني: التقاء الختانين أن يحاذي ختان الرجل ختان المرأة لا أن يصيب ختانه ختانها وذلك أن ختان المرأة مستعل ويدخل الذكر أسفل من ختان المرأة. قال المزني: وسمعت الشافعي يقول: العرب تقول: إذا حاذى الفارس الفارس التقى الفارسان. قال الشافعي: وإن أنزل الماء الدافق متعمدا أو نائما أو كان ذلك من المرأة فقد وجب الغسل عليهما وماء الرجل الذي بوجب الغسل هو المني الأبيض الثخين الذي يشبه رائحة الطلع فمتى خرج المني من ذكر الرجل أو رأت المرأة الماء الدافق فقد وجب الغسل وقبل البول وبعده سواء. قال: وتغتسل الحائض إذا طهرت والنفساء إذا ارتفع دمها. ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 3122


باب غسل الجنابة قال الشافعي: يبدأ الجنب فيغسل يديه ثلاثا قبل إدخالهما الإناء ثم يغسل ما به من الأذى ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يدخل أصابعه العشر في الإناء يخلل بها أصول شعره ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات ثم يفيض الماء على جسمه حتى يعم جميع جسده وشعره ويمر يديه على ما قدر عليه من جسده. وروي نحو هذا عن رسول الله ﷺ. قال: فإن ترك إمرار يديه على جسده فلا يضره. وفي إفاضة النبي ﷺ الماء على جلده دليل على أنه إن لم يدلكه أجزأه وبقوله: إذا وجدت الماء فأمسسه جلدك . قال: وفي أمره الجنب المتيمم إذا وجد الماء اغتسل ولم يأمره بوضوء دليل على أن الوضوء ليس بفرض. قال: وإن ترك الوضوء للجنابة والمضمضة والإستنشاق فقد أساء ويجزئه ويستأنف المضمضة والإستنشاق وقد فرض الله تبارك وتعالى غسل الوجه من الحدث كما فرض غسله مع سائر البدن من الجنابة فكيف يجزئه ترك المضمضة والإستنشاق من أحدهما ولا يجزئه من الآخر وكذلك غسل المرأة إلا أنها تحتاج من غمر ضفائرها حتى يبلغ الماء أصول الشعر إلى أكثر مما يحتاج إليه الرجل. وروي أن أم سلمة سألت النبي ﷺ فقالت: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للغسل من الجنابة فقال: لا إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي عليك الماء . قال: وأحب أن يغلغل الماء في أصول الشعر وكلما وصل الماء إلى شعرها وبشرها أجزأها وكذلك غسلها من الحيض والنفاس ولما أمرها رسول الله ﷺ بالغسل من الحيض قال: خذي فرصة والفرصة القطعة من مسك فتطهري بها فقالت عائشة: تتبعي بها أثر الدم. قال الشافعي: فإن لم تجد فطيبا فإن لم تفعل فالماء كاف. وما بدأ به الرجل والمرأة في الغسل أجزأهما. قال: وإن أدخل الجنب أو الحائض أيديهما في الإناء ولا نجاسة ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 3123


باب فضل الجنب وغيره قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: رأيت رسول الله ﷺ أتى بالوضوء فوضع يده في الإناء وأمر الناس أن يتوضؤوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضأ الناس من عند آخرهم. وعن ابن عمر أنه قال: كان الرجال والنساء يتوضؤوا في زمان رسول الله ﷺ في إناء واحد جميعا. وروي عن عائشة أنها قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد تعني من الجنابة وأنها كانت تغسل رأس رسول الله ﷺ وهي حائض. قال الشافعي: ولا بأس أن يتوضأ ويغتسل بفضل الجنب والحائض لأن النبي ﷺ إذا اغتسل وعائشة من إناء واحد فقد اغتسل كل واحد منهما بفضل صاحبه. قال: وليست الحيضة في اليد ولا المؤمن بنجس إنما تعبد أن يماس الماء في بعض حالاته. وكذلك ما روى ابن عمر أن كل واحد منهما توضأ بفضل صاحبه في كل ذلك دلالة أنه لا توقيت بما يتطهر به المغتسل والمتوضىء إلا على ما أمره الله به وقد يخرق بالكثير فلا يكفي ويرفق بالقليل فيكفي. قال: وأحب أن لا ينقص عما روي عن النبي ﷺ أنه توضأ ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 3124


باب التيمم قال الشافعي: قال الله تبارك وتعالى: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء . وروي عن النبي ﷺ أنه تيمم فمسح وجهه وذراعيه. قال: ومعقول إذا كان بدلا من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه. وعن ابن عمر أنه قال: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين قال الشافعي: والتيمم أن يضرب بيديه على الصعيد وهو التراب من كل أرض سبخها ومدرها وبطحائها وغيره مما يعلق باليد منه غبار ما لم تخالطه نجاسة وينوي بالتيمم الفريضة فيضرب على التراب ضربة ويفرق أصابعه حتى يثير التراب ثم يمسح بيده وجهه كما وصفت في الوضوء ثم يضرب ضربة أخرى كذلك ثم يمسح ذراعه اليمنى فيضع كفه اليسرى على ظهر كفه اليمنى وأصابعها ثم يمرها على ظهر الذراع إلى مرفقه ثم يدير كفه إلى بطن الذراع ثم يقبل بها إلى كوعه ثم يمرها على ظهر إبهامه ويكون بطن كفه اليمنى لم يمسها شيء من يده فيمسح بها اليسرى كما وصفت في اليمنى ويمسح إحدى الراحتين بالأخرى ويخلل بين أصابعهما فإن أبقى شيئا مما كان يمر عليه الوضوء حتى صلى أعاد ما بقي عليه من التيمم ثم يصلي وإن بدأ بيديه قبل وجهه كان عليه أن يعود ويمسح يديه حتى يكونا بعد وجهه مثل الوضوء سواء وإن قدم يسرى يديه على اليمنى أجزأه. قال: ولو نسي الجنابة فتيمم للحدث أجزأه لأنه لو ذكر الجنابة لم يكن عليه أكثر من التيمم. قال المزني: ليس على المحدث عندي معرفة أي الإحداث كان منه وإنما عليه أن يتطهر للحدث ولو كان عليه معرفة أي الأحداث كان منه كما عليه معرفة أي الصلوات عليه لوجب لو توضأ من ريح ثم علم أن حدثه بول أو اغتسلت امرأة تنوي الحيض وإنما كانت جنبا أو من حيض وإنما كانت نفساء لم يجزئ أحدا منهم حتى يعلم الحدث الذي تطهر منه ولا يقول بهذا أحد نعلمه ولو كان الوضوء يحتاج إلى النية لما يتوضأ له لما جاز لمن يتوضأ لقراءة مصحف أو لصلاة على جنازة أو تطوع أن يصلي به الفرض فلما صلى به الفرض ولم يتوضأ للفرض أجزأه أن لا ينوي لأي الفروض ولا لأي الإحداث توضأ ولا لأي الإحداث اغتسل. قال: وإذا وجد الجنب الماء بعد التيمم اغتسل وإذا وجده الذي ليس بجنب توضأ وإذا تيمم ففرغ من تيممه بعد طلب الماء ثم رأى الماء فعليه أن يعود إلى الماء وإن دخل في الصلاة ثم رأى الماء بعد دخوله بنى على صلاته وأجزأته الصلاة. وقال

صفحة : 3125

المزني: وجود الماء عندي ينقض طهر التيمم في الصلاة وغيرها سواء كما أن ما نقض الطهر في الصلاة وغيرها سواء ولو كان الذي منع نقض طهره الصلاة لما ضره الحدث في الصلاة وقد أجمعوا والشافعي معهم أن رجلين لو توضأ أحدهما وتيمم الآخر في سفر لعدم الماء أنهما طاهران وأنهما قد أديا فرض الطهر فإن أحدث المتوضىء ووجد المتيمم الماء أنهما في نقض الطهر قبل الصلاة سواء فلم لا كانا في نقض الطهر بعد الدخول فيها سواء وما الفرق وقد قال في جماعة العلماء أن عدة من لم تحض الشهور فإن اعتدت بها إلا يوما ثم حاضت أن الشهور تنتقض لوجود الحيض في بعض الطهر فكذلك التيمم ينتقض وإن كان في الصلاة وجود الماء كما ينتقض طهر المتوضئ إن كان في الصلاة إذا كان الحدث وهذا عندي بقوله أولى. قال: ولا يجمع بالتيمم صلاتي فرض بل يجدد لكل فريضة طلبا للماء وتيمما بعد الطلب الأول لقوله جل وعز: إذا قمتم إلى الصلاة . وقول ابن عباس: لا تصلي المكتوبة إلا بتيمم. قال: ويصلي بعد الفريضة النوافل وعلى الجنائز ويقرأ في المصحف ويسجد سجود القرآن وإن تيمم بزرنيخ أو نورة أو ذراوة ونحوه لم يجزه. باب جامع التيمم قال الشافعي: وليس للمسافر أن يتيمم إلا بعد دخول وقت الصلاة وإعواز الماء بعد طلبه وللمسافر أن يتيمم أقل ما يقع عليه اسم سفر طال أو قصر واحتج في ذلك بظاهر القرآن وبأثر ابن عمر: ولا يتيمم مريض في شتاء ولا صيف إلا من به قرح له غور أو به ضنى من مرض يخاف إن يمسه الماء أن يكون منه التلف أو يكون منه المرض المخوف لا لشين ولا لإبطاء برء. قال: في القديم: يتيمم إذا خاف إن مسه الماء شدة الضني. قال: وإن كان في بعض جسده دون بعض غسل ما لا ضرر عليه ويتيمم لا يجزئه أحدهما دون الآخر وإن كان على قرحه دم يخاف إن غسله تيمم وأعاد إذا قدر على غسل الدم وإذا كان في المصر في حش أو موضع نجس أو مربوطا على خشبة صلى يومىء ويعيد إذا قدر. قال: ولو ألصق على موضع التيمم لصوقا نزع اللصوق وأعاد ولا يعدو بالجبائر موضع الكسر ولا يضعها إلا على وضوء كالخفين فإن خاف الكسير غير متوضئ التلف إذا ألقيت الجبائر ففيها قولان: أحدهما: يمسح عليها ويعيد ما صلى إذا قدر على الوضوء. والقول الآخر: لا يعيد وإن صح حديث علي رضي الله عنه أنه انكسر إحدى زنديه فأمره النبي ﷺ أن يمسح على الجبائر قلت به وهذا مما أستخير

صفحة : 3126

الله فيه. قال المزني: أولى قوليه بالحق عندي أن يجزئه ولا يعيد وكذلك كل ما عجز عنه المصلي وفيما رخص له في تركه من طهر وغيره وقد أجمعت العلماء والشافعي معهم أن لا تعيد المستحاضة والحدث في صلاتها دائم والنجس قائم ولا المريض الواجد للماء ولا الذي معه الماء يخاف العطش إذا صليا بالتيمم ولا العريان ولا المسايف يصلي إلى غير القبلة يومىء إيماء فقضى ذلك من إجماعهم على طرح ما عجز عنه المصلي ورفع الإعادة. وقد قال الشافعي: من كان معه ماء يوضئه في سفره وخاف العطش فهو كمن لم يجد. قال المزني: وكذلك من على قروحه ثم يخاف إن غسلها كمن ليس به نجس. قال الشافعي: ولا يتيمم صحيح في مصر لمكتوبة ولا لجنازة ولو جاز ما قال غيري يتيمم للجنازة لخوف الفوت لزمه ذلك لفوت الجمعة والمكتوبة فإذا لم يجز عنده لفوت الأوكد كان من أن يجوز فيما دونه أبعد. وروي عن ابن عمر أنه كان لا يصلي على جنازة إلا متوضئا. قال الشافعي: وإن كان معه في السفر من الماء ما لا يغسله للجنابة غسل أي بدنه شاء وتيمم وصلى. وقال في موضع آخر: يتيمم ولا يغسل من أعضائه شيئا. وقال في القديم لأن الماء لا يطهر بدنه. قال المزني: قلت أنا: هذا أشبه بالحق عندي لأن كل بدل لعدم فحكم ما وجد من بعض المعدوم حكم العدم كالقاتل خطأ يجد بعض رقبة فحكم البعض كحكم العدم وليس عليه إلا البدل ولو لزمه غسل بعضه لوجود بعض الماء وكمال البدل لزمه عتق بعض رقبة لوجود البعض وكمال البدل. ولا بقول بهذا أحد نعلمه وفي ذلك دليل وبالله التوفيق. قال الشافعي: وأحب تعجيل التيمم لاستحبابي تعجيل الصلاة. وقال في الإملاء: لو أخره إلى آخر الوقت رجاء أن يجد الماء كان أحب إلي. قال المزني: قلت أنا: كأن التعجيل بقوله أولى لأن السنة أن يصلي ما بين أول الوقت وآخره فلما كان أعظم لأجره في أداء الصلاة بالوضوء فالتيمم مثله وبالله التوفيق. قال: فإن لم يجد الماء ثم علم أنه كان في رحله أعاد وإن وجده بثمن في موضعه وهو واجد الثمن غير خائف إن اشتراه الجوع في سفره فليس له التيمم وإن أعطيه بأكثر من الثمن لم يكن عليه أن يشتريه ويتيمم ولو كان مع رجل ماء فأجنب رجل وطهرت امرأة من الحيض ومات رجل ولم يسعهم الماء كان الميت أحبهم إلي أن يجودوا بالماء عليه. ويتيمم الحيان لأنهما قد يقدران على الماء والميت إذا دفن لم يقدر على غسله فإن كان مع الميت ماء فهو أحقهم به فإن خافوا العطش شربوه ويمموه وأدوا ثمنه في ميراثه.

صفحة : 3127


باب ما يفسد الماء قال الشافعي: وإذا وقع في الإناء نقطة خمر أو بول أو دم أو إي نجاسة كانت مما يدركه الطرف فقد فسد الماء ولا تجزئ به الطهارة وإن توضأ رجل ثم جمع وضوءه في إناء نظيف ثم توضأ به أو غيره لم يجزه لأنه أدى به الوضوء الفرض مرة وليس بنجس لأن النبي ﷺ توضأ. ولا شك أن من بلل الوضوء ما يصيب ثيابه ولا نعلمه غسله ولا أحدا من المسلمين فعله ولا يتوضأ به لأن على الناس تعبدا في أنفسهم بالطهارة من غير نجاسة وليس على ثوب ولا أرض تعبد ولا أن يماسه ماء من غير نجاسة. وإذا ولغ الكلب في الإناء فقد نجس الماء وعليه أن يهريقه ويغسل منه الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب كما قال رسول الله ﷺ. قال: فإن كان في بحر لا يجد فيه ترابا فغسله بما يقوم مقام التراب في التنظيف من أشنان أو نخالة أو ما أشبهه ففيه قولان: أحدهما: أن لا يطهر إلا بأن يماسه التراب. والآخر: يطهر بما يكون خلفا من تراب أو أنظف منه كما وصفت كما نقول في الإستنجاء. قال المزني: قلت أنا: هذا أشبه بقوله لأنه جعل الخزف في الإستنجاء كالحجارة لأنها تنقي إنقاءها فكذلك يلزمه أن يجعل الأشنان كالتراب لأنه ينقي إنقاءه أو أكثر وكما جعل ما عمل عمل القرظ والشث في الإهاب في معنى القرظ والشث فكذلك الأشنان في تطهير الإناء في معنى التراب. قال المزني: الشث شجرة تكون بالحجاز. قال: ويغسل الإناء من النجاسة سوى ذلك ثلاثا أحب إلي فإن غسله واحدة تأنى عليه طهر. وما مس الكلب والخنزير من الماء من أبدانهما نجسه وإن لم يكن فيهما قذر. واحتج بأن الخنزير أسوأ حالا من الكلب فقاسه عليه وقاس ما سوى ذلك من النجاسات على أمر النبي ﷺ أسماء بنت أبي بكر في دم الحيضة يصيب الثوب أن تحته ثم تقرصه بالماء وتصلي فيه ولم يوقت في ذلك سبعا. واحتج في جواز الوضوء بفضل ما سوى الكلب والخنزير بحديث رسول الله ﷺ أنه سئل أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال: نعم وبما أفضلت السباع كلها . وبحديث أبي قتادة في الهرة أن رسول الله ﷺ قال: أنها ليست بنجس . وبقوله عليه الصلاة والسلام: إذا سقط الذباب في الإناء فامقلوه . فدل على أنه ليس في الأحياء نجاسة إلا ما ذكرت من الكلب والخنزير. قال: وغمس الذباب في الإناء ليس يقتله والذباب لا يؤكل فإن مات ذباب أو خنفساء أو نحوهما في إناء نجسه. وقال في موضع آخر: إن

صفحة : 3128

وقع في الماء الذي ينجسه مثله نجسه إذا كان مما له نفس سائلة. قال المزني: هذا أولى بقول العلماء وقوله معهم أولى به من انفراده عنهم. قال: وإن وقعت فيه جرادة ميتة أو حوت لم تنجسه لأنهما مأكولان ميتين. قال: ولعاب الدواب وعرقها قياسا على بني آدم. قال: وأيما إهاب ميتة دبغ بما يدبغ به العرب أو نحوه فقد طهر وحل بيعه وتوضىء فيه إلا جلد كلب أو خنزير لأنهما نجسان وهما حيان ولا يطهر بالدباغ عظم ولا صوف ولا شعر لأنه قبل الدباغ وبعده سواء. باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير المخزومي عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي ﷺ أنه قال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا أو قال خبثا. وروى الشافعي أن ابن جريج رواه عن النبي ﷺ بإسناد لا يحضر الشافعي ذكره أن رسول الله ﷺ قال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا . وقال في الحديث: بقلال هجر . قال ابن جريج: وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا. قال الشافعي: فالإحتياط أن تكون القلتان خمس قرب. قال: وقرب الحجاز كبار. واحتج بأنه قيل: يا رسول الله إنك تتوضأ من بئر بضاعة وهي تطرح فيها المحايض ولحوم الكلاب وما ينجي الناس فقال: الماء لا ينجسه شيء . قال: ومعي لا ينجسه شيء إذا كان كثيرا لم يغيره النجس. وروي عن النبي ﷺ أنه قال: خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير ريحه أو طعمه . وقال فيما روي عن ابن عباس أنه نزح زمزم من زنجي مات فيها إنا لا نعرفه وزمزم عندنا وروي عن ابن عباس أنه قال: أربع لا يخبثن فذكر الماء وهو لا يخالف النبي ﷺ وقد يكون الدم ظهر فيها فنزحها إن كان فعل أو تنظيفا لا واجبا. قال: وإذا كان الماء خمس قرب كبار من قرب الحجاز فوقع فيه دم أو أي نجاسة كانت فلم تغير طعمه ولا لونه ولا ريحه لم ينجس وهو بحاله لأن فيه خمس قرب فصاعدا وهذا فرق ما بين الكثير الذي لا ينجسه إلا ما غيره وبين القليل الذي ينجسه ما لم يغيره فإن وقعت ميتة في بئر فغيرت طعمها أو ريحها أو لونها أخرجت الميتة ونزحت البئر حتى يذهب تغيرها فتطهر بذلك. قال: وإذا كان الماء أقل من خمس قرب فخالطته نجاسة ليست بقائمة نجسته فإن صب عليه ماء أو صب على ماء آخر حتى يكون الماءان جميعا

صفحة : 3129

خمس قرب فصاعدا فطهرا لم ينجس واحد منهما صاحبه. قال: فإن فرقا بعد ذلك لم ينجسا بعد ما طهرا إلا بنجاسة تحدث فيهما وإن وقع في الماء القليل ما لا يختلط به مثل العنبر أو العود أو الدهن الطيب فلا بأس به لأنه ليس مخوضا به وإذا كان معه في السفر إناءان يستيقن أن أحدهما قد نجس والآخر ليس ينجس تأخى وأراق النجس على الأغلب عنده وتوضأ بالطاهر لأن الطهارة تمكن والماء على أصله طاهر. باب المسح على الخفين قال الشافعي: أخبرنا الثقفي يعني عبد الوهاب عن المهاجر أبي مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه: أن رسول الله ﷺ أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما. قال: وإذا تطهر الرجل المقيم بغسل أو وضوء ثم أدخل رجليه الخفين وهما طاهرتان ثم أحدث فإنه يمسح عليهما من وقت ما أحدث يوما وليلة وذلك إلى الوقت الذي أحدث فيه فإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيام ولياليهن إلى الوقت الذي أحدث فيه وإذا جاوز الوقت فقد انقطع المسح فإن توضأ ومسح وصلى بعد ذهاب وقت المسح أعاد غسل رجليه والصلاة ولو مسح في الحضر ثم سافر أتم مسح مقيم ولو مسح مسافرا ثم أقام مسح مسح متيم وإذا توضأ فغسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخف ثم غسل الأخرى ثم أدخلها الخف لم يجزئه إذا أحدث أن يمسح حتى يكون طاهرا بكماله قبل لباسه أحد خفيه فإن نزع الخف الأول الملبوس قبل تمام طهارته ثم لبسه جاز له أن يمسح لأن لباسه مع الذي قبله بعد كمال الطهار. قال المزني: كيفما صح لبس خفيه على طهر جاز له المسح عندي. قال الشافعي: وإن تخرق من مقدم الخف شيء بان منه بعض الرجل وإن قل لم يجزه أن يمسح على خف غير ساتر لجميع القدم وإن كان خرقه من فوق الكعبين لم يضره ذلك ولا يمسح على الجوربين إلا أن يكون الجوربان مجلدي القدمين إلى الكعبين حتى يقوما مقام الخفين وما لبس من خف خشب أو ما قام مقامه أجزأه أن يمسح عليه ولا يمسح على جرموقين. قال في القديم: يمسح عليهما. قال المزني: قلت أنا: ولا أعلم بين العلماء في ذلك اختلافا وقوله معهم أولى به من انفراده عنهم وزعم إنما أريد بالمسح على الخفين المرفق فكذلك الجرموقان مرفق وهو بالخف شبيه. قال: وإن نزع خفيه بعد مسحهما غسل قدميه. وفي القديم وكتاب ابن أبي ليلى يتوضأ. قال المزني: قلت أنا: والذي قبل هذا أولى لأن غسل الأعضاء لا ينتقض في السنة إلا بالحدث

صفحة : 3130

وإنما انتقض طهر القدمين لأن المسح عليهما كان لعدم ظهورهما كمسح التيمم لعدم الماء فلما كان وجود المعدوم من الماء بعد المسح يبطل المسح ويوجب الغسل كان كذلك ظهور القدمين بعد المسح يبطل المسح وبوجب الغسل وسائر الأعضاء سوى القدمين مغسول ولا غسل عليها ثانية إلا بحدث ثان. باب كيف المسح على الخفين قال الشافعي: أخبرنا ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة أن النبي ﷺ مسح أعلى الخف وأسفله. واحتج بأثر ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله. قال: وأحب أن يغمس يديه في الماء ثم يضع كفه اليسرى تحت عقب الخف وكفه اليمنى على أطراف أصابعه ثم يمر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف أصابعه. قال: فإن مسح على باطن الخف وترك الظاهر أعاد وإن مسح على الظاهر وترك الباطن أجزأه وكيفما أتى بالمسح على ظهر القدم بكل اليد أو ببعضه أجزأه. باب الغسل للجمعة والأعياد قال الشافعي: والاختيار في السنة لكل من أراد صلاة الجمعه الاغتسال لها لأن رسول الله ﷺ قال: الغسل واجب على كل محتلم يريد وجوب الاختيار لأنه قال ﷺ: من توضأ فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل . وقال عمر لعثمان رضي الله عنهما حين راح: والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله كان يأمر بالغسل ولو علما وجوبه لرجع عثمان وما تركه عمر. قال: ويجزيه غسله لها إذا كان بعد الفجر وإن كان جنبا فاغتسل لهما جميعا أجزأه. قال: وأحب الغسل من غسل الميت. قال: وكذلك الغسل للأعياد سنة اختيارا. وإن ترك الغسل للجمعة والعيد أجزأته الصلاة وإن نوى الغسل للجمعة والعيد لم يجزه من الجنابة حتى ينوي الجنابة. وأولى الغسل أن يجب عندي بعد غسل الجنابة الغسل من غسل الميت والوضوء من مسه مفضيا إليه ولو ثبت الحديث بذلك عن النبي ﷺ قلت به ثم غسل الجمعة ولا نرخص في تركه ولا نوجبه إيجابا لا جزئ غيره. قال المزني: إذا لم يثبت فقد ثبت تأكيد غسل الجمعة فهو أولى وأجمعوا إن مس خنزيرا أو مس ميتة أنه لا غسل ولا وضوء عليه إلا غسل ما أصابه فكيف يجب عليه ذلك في أخيه المؤمن. ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 3131


باب حيض المرأة وطهرها واستحاضتها قال الشافعي: رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن . قال الشافعي: من المحيض فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله . قال الشافعي: تطهرن بالماء. قال: وإذا اتصل بالمرأة الدم نظرت فإن كان دمها ثخينا محتدما يضرب إلى السواد له رائحة فتلك الحيضة نفسها فلتدع الصلاة فإذا ذهب ذلك الدم وجاءها الدم الأحمر الرقيق المشرق فهو عرق وليست الحيضة وهو الطهر وعليها أن تغتسل كما وصفت وتصلي ويأتيها زوجها ولا يجوز لها أن تستظهر بثلاثة أيام لأن رسول الله ﷺ قال: فإذا ذهب قدرها يريد الحيضة فاغسلي الدم عنك وصلي . ولا يقول لها النبي ﷺ: إذا ذهب قدرها إلا وهي به عارفة. قال: وإن لم ينفصل دمها بما وصفت ثم فتعرفه وكان مشتبها نظرت إلي ما كان عليه حيضتها فيما مضى من دهرها فتركت الصلاة للوقت الذي كانت تحيض فيه لقول رسول الله ﷺ: لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها ما أصابها فلتدع الصلاة فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم تصلي . قال: والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض ثم إذا ذهب ذلك اغتسلت وصلت وإن كان الدم مبتدئا لا معرفة لها به أمسكت عن الصلاة ثم إذا جاوزت خمسة عشر يوما استيقت أنها مستحاضة وأشكل وقت الحيض عليها من الاستحاضة فلا يجوز لها أن تترك الصلاة إلا أقل ما تحيض له النساء وذلك يوم وليلة فعليها أن تغتسل وتقضي الصلاة أربعة عشر يوما. قال الشافعي: وأكثر الحيض خمسة عشر وأكثر النفاس ستون يوما. قال الشافعي: الذي يبتلى بالمذي فلا ينقطع مثل المستحاضة يتوضأ لكل صلاة فريضة بعد غسل فرجه ويعصبه. ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 3132


باب وقت الصلاة والأذان والعذر فيه قال الشافعي: والوقت للصلاة وقتان: وقت مقام ورفاهية ووقت عذر وضرورة. فإذا زالت الشمس فهو أول وقت الظهر والأذان ثم لا يزال وقت الظهر قائما حتى يصير ظل كل شيء مثله فإذا جاوز ذلك بأقل زيادة فقد دخل وقت والعصر والأذان ثم لا يزال وقت العصر قائما حتى يصير ظل كل شيء مثليه فمن جاوزه فقد فاته وقت الاختيار ولا يجوز أن أقول فاتت لأن النبي ﷺ قال: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر. فإذا غربت الشمس فهو وقت المغرب والأذان ولا وقت للمغرب إلا وقت واحد فإذا غاب الشفق الأحمر فهو أول وقت العشاء الآخرة والأذان ثم لا يزال وقت العشاء قائما حتى يذهب ثلث الليل ولا أذان إلا بعد دخول وقت الصلاة خلا الصبح فإنها يؤذن قبلها بليل وليس ذلك بقياس ولكن اتبعنا فيه النبي ﷺ لقوله: إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم . ثم لا يزال وقت الصبح قائما بعد الفجر ما لم يسفر فإذا طلعت الشمس قبل أن يصلي ركعة منها فقد خرج وقتها فاعتمد في ذلك على إمامة جبريل بالنبي ﷺ ولما روي عن رسول الله ﷺ في ذلك. قال: والوقت الآخر هو وقت العذر والضرورة فإذا أغمي على رجل فأفاق وطهرت امرأة من حيض أو نفاس وأسلم ونصراني وبلغ صبي قبل مغيب الشمس بركعة أعادوا الظهر والعصر وكذلك قبل الفجر بركعة أعادوا المغرب والعشاء وكذلك قبل طلوع الشمس بركعة أعادوا الصبح وذلك وقت إدراك الصلوات في العذر والضرورات. واحتج بأن النبي ﷺ قال: من أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح وأنه جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة وبين المغرب والعشاء في وقت العشاء بمزدلفة فدل على أن وقتهما للضرورات واحد. وقد قال الشافعي: إن أدرك الإحرام في وقت الآخرة صلاهما جميعا. قال المزني: ليس هذا عندي بشيء وزعم الشافعي أن من أدرك من الجمعة ركعة بسجدتين أتمها جمعة ومن أدرك منها سجدة أتمها ظهرا لقول النبي ﷺ: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة . ومعنى قوله عندي إن لم تفته وإذا لم تفته صلاها جمعة والركعة عند الشافعي بسجدتين. قال المزني: قلت وكذلك قوله عليه السلام: من أدرك من الصلاة ركعة قبل أن

صفحة : 3133

تغرب الشمس فقد أدرك العصر . لا يكون مدركا لها إلا بكمال سجدتين فكيف يكون مدركا لها والظهر معها بإحرام قبل المغيب فأحد قوليه يقضي على الآخر. باب صفة الأذان وما يقام له من الصلوات ولا يؤذن قال الشافعي: ولا أحب للرجل أن يكون في أذانه وإقامته إلا مستقبلا القبلة لا تزول قدماه ولا وجهه عنها ويقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم يرجع فيمد صوته فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . واحتج بأن رسول الله ﷺ علم أبا محذورة هذا الأذان. قال: ويلتوي في حي على الصلاة حي على الفلاح يمينا وشمالا ليسمع النواحي وحسن أن يضع أصبعيه في أذنيه ويكون على طهر فإن أذن جنبا كرهته وأجزأه وأحب رفع الصوت لأمر رسول الله ﷺ به وأن لا يتكلم في أذانه فإن تكلم لم يعد وما فات وقته أقام ولم يؤذن. واحتج بأن النبي ﷺ حبس يوم الخندق حتى بعد المغرب بهوي من الليل فأمر بلالا فأقام لكل صلاة ولم يؤذن وجمع بعرفة بأذان وإقامتين وبمزدلفة بإقامتين ولم يؤذن فدل أن من جمع في وقت الأولى منهما فبأذان وفي الآخرة فبإقامة وغير أذان ولا أحب لأحد أن يصلي في جماعة ولا وحده إلا بأذان وإقامة فإن لم يفعله أجزأه. وأحب للمرأة أن تقيم فإن لم تفعل أجزأها. ومن سمع المؤذن أحببت أن يقول مثل ما يقول إلا أن يكون في صلاة فإذا فرغ قاله. وترك الأذان في السفر أخف منه في الحضر والإقامة فرادى إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة مرتين وكذلك كان يفعل أبو محذورة مؤذن النبي ﷺ فإن قال قائل قد أمر بلال بأن يوتر الإقامة. قيل له: فأنت تثني الله أكبر الله أكبر فتجعلها مرتين. وقال المزني: قد قال في القديم يزيد في أذان الصبح التثويب وهو: الصلاة خير من النوم مرتين ورواه عن بلال مؤذن النبي ﷺ وعن علي رضي الله عنه وكرهه في الجديد لأن أبا محذورة لم يحكه عن النبي ﷺ. وقياس قوليه أن الزيادة أولى به في الأخبار كما أخذ في التشهد بالزيادة وفي دخول النبي ﷺ البيت بزيادة أنه صلى فيه وترك من قال لم يفعل. قال: وأحب أن لا يجعل مؤذن الجماعة إلا عدلا ثقة لإشرافه على الناس وأحب أن يكون صيتا وأن

صفحة : 3134

يكون حسن الصوت أرق لسامعه وأحب أن يؤذن مترسلا بغير تمطيط ولا يغني فيه وأحب الإقامة إدراجا مبينا وكيفما جاء بهما أجزأ. قال: وأحب أن يكون المصلي به فاضلا عالما قارئا وأي الناس أذن وصلى أجزأه وأحب أن يكون المؤذنون اثنين لأنه الذي حفظناه عن رسول الله ﷺ بلال وابن أم مكتوم فإن كان المؤذنون أكثر أذنوا واحدا بعد واحد ولا برزقهم الإمام وهو يجد متطوعا فإن لم يجد متطوعا فلا بأس أن يرزق مؤذنا ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي ﷺ ولا يجوز أن يرزقه من الفيء ولا من الصدقات لأن لكل مالكا موصوفا. وأحب الأذان لما جاء فيه قال رسول الله ﷺ: الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين . ويستحب للإمام تعجيل الصلاة لأول وقتها إلا أن يشتد الحر فيبرد بها في مساجد الجماعات لأن رسول الله ﷺ قال: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة . وقد قال النبي ﷺ: أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله . وأقل ما للمصلي في أول وقتها أن يكون عليها محافظا ومن المخاطرة بالنسيان والشغل والآفات خارجا ورضوان الله إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون للمقصرين والله أعلم. قال الشافعي: ولا يجوز لأحد صلاة فريضة ولا نافلة ولا سجود قرآن ولا جنازة إلا متوجها إلى البيت الحرام ما كان يقدر على رؤيته إلا في حالتين إحداهما النافلة في السفر راكبا وطويل السفر وقصيره سواء. وروي عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ كان يصلي على راحلته في السفر أينما توجهت به وأنه ﷺ كان يوتر على البعير وأن عليا رضي الله عنه كان يوتر على الراحلة. قال الشافعي: وفي هذا دلالة على أن الوتر ليس بفرض ولا فرض إلا الخمس لقول النبي ﷺ للأعرابي حين قال: هل علي غيرها فقال النبي ﷺ: لا إلا أن تطوع والحالة الثانية شدة الخوف لقول الله عز وجل: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا . قال ابن عمر: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها فلا يصلي في غير هاتين الحالتين إلا في البيت إن كان معاينا فبالصواب وإن كان مغيبا فبالإجتهاد بالدلائل على صواب جهة القبلة فإن اختلف اجتهاد رجلين لم يسع أحدهما اتباع صاحبه فإن كان الغيم وخفيت الدلائل على رجل فهو كالأعمى. وقال في موضع آخر: ومن دله من المسلمين وكان أعمى وسعه اتباعه ولا يسع بصيرا خفيت عليه الدلائل اتباعه. قال المزني: لا فرق بين من جهل

صفحة : 3135

القبلة لعدم العلم وبين من جهلها لعدم البصر وقد جعل الشافعي من خفيت عليه الدلائل كالأعمى فهما سواء. قال: ولا تتبع دلالة مشرك بحال. قال الشافعي: ومن اجتهد فصلى إلى المشرق ثم رأى القبلة إلى الغرب استأنف لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها ويعيد الأعمى ما صلى معه متى أعلمه وإن كان شرقا ثم رأى أنه منحرف وتلك حجة واحدة كان عليه أن ينحرف ويعتد بما مضى وإن كان معه أعمى ينحرف بانحرافه وإذا اجتهد به رجل ثم قال له رجل آخر قد أخطأ بك فصدقه تحرف حيث قال له وما مضى مجزئ عنه لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاد: قال المزني: قد احتج الشافعي في كتاب الصيام فيمن اجتهد ثم علم أنه أخطأ أن ذلك يجزئه بأن قال: وذلك أنه لو تأخى القبلة ثم علم بعد كمال الصلاة أنه أخطأ أجزأت عنه كما يجزىء ذلك في خطأ عرفة واحتج أيضا في كتاب الطهارة بهذا المعنى فقال: إذا تأخي في أحد الإناءين أنه طاهر والآخر نجس فصلى ثم أراد أن يتوضأ ثانية فكان الأغلب عندي أن الذي ترك هو الطاهر لم يتوضأ بواحد منهما ويتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بتيمم معه ماء متيقنا وليس كالقبلة يتأخذها في موضع ثم يراها في غيره لأنه ليس من ناحية إلا وهي قبلة لقوله. قال المزني: فقد أجاز صلاته وإن أخطأ القبلة في هذين الموضعين لأنه أدى ما كلف ولم يجعل عليه إصابة العين للعجز عنها في حال الصلاة. قال المزني: وهذا القياس على ما عجز عنه المصلي في الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود وستر أن فرض الله كله ساقط عنه دون ما قدر عليه من الإيماء عريانا فإذا قدر من بعد لم يعد فكذلك إذا عجز عن التوجه إلى عين القبلة كان عنه أسقط وقد حولت القبلة ثم صلى أهل قباء ركعة إلى غير القبلة ثم أتاهم آت فأخبرهم أن القبلة قد حولت فاستداروا وبنوا بعد يقينهم أنهم صلوا إلى غير قبلة ولو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضا ما أجزأهم خلاف الفرض لجهلهم به كما لا يجزئ من توضأ بغير ماء طاهر لجهله به ثم استيقن أنه غير طاهر فتفهم رحمك الله. قال المزني: ودخل في قياس هذا الباب أن من عجز عما عليه من نفس الصلاة أو ما أمر به فيها أو لها أن ذلك ساقط عنه لا يعيد إذا قدر وهو أولى بأحد قوليه من قوله فيمن صلى في ظلمة أو خفيت عليه الدلائل أو به دم لا يجد ما يغسله به أو كان محبوسا في نجس أنه يصلي كيف أمكنه ويعيد إذا قدر. قال الشافعي: ولو دخل غلام في صلاة فلم يكملها أو صوم يوم فلم يكمله حتى استكمل خمس عشرة سنة أحببت أن يتم ويعيد ولا يبين أن عليه إعادة. قال المزني: لا يمكنه صوم يوم هو في

صفحة : 3136

آخره غير صائم ويمكنه صلاة هو في آخر وقتها غير مصل. ألا ترى أن من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب أنه يبتدئ العصر من أولها ولا مكنه في آخر يوم أن يبتدئ صومه من أوله فيعيد الصلاة لإمكان القدرة ولا يعيد الصوم لإرتفاع إمكان القدرة ولا تكليف مع العجز. باب صفة الصلاة وما يجوز منها قال الشافعي: إذا أحرم إماما أو وحده نوى صلاته في حال التكبير لا قبله ولا بعده ولا يجزئه إلا قوله: الله أكبر أو الله الأكبر فإن لم يحسن بالعربية كبر بلسانه وكذلك الذكر وعليه أن يتعلم ولا يكبر إن كان إماما حتى تستوي الصفوف خلفه ويرفع يديه إذا كبر حذو منكبيه ويأخذ كوعه الأيسر بكفه اليمنى ويجعلها تحت صدره ثم يقول: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ثم يتعوذ فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرأ مرتلا بأم القرآن ويتبدئها ب بسم الله الرحمن الرحيم لأن النبي ﷺ قرأ بأم القرآن وعدها آية. فإذا قال: ولا الضالين قال: آمين فيرفع بها صوته ليقتدي به من خلفه لقول النبي ﷺ: إذا أمن الإمام فأمنوا . وبالدلالة عن رسول الله ﷺ أنه جهر بها وأمر الإمام بالجهر بها. قال الشافعي رحمه الله: وليسمع من خلفه أنفسهم ثم يقرأ بعد أم القرآن بسورة فإذا فرغ منها وأراد أن يركع ابتدأ التكبير قائما فكان فيه وهو يهوي راكعا ويرفع يديه حذو منكبيه حين يبتدئ التكبير ويضع راحتيه على ركبتيه ويفرق بين أصابعه ويمد ظهره وعنقه ولا يخفض عنقه عن ظهره ولا يرفعه ويكون مستو ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويقول إذا رجع: سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدنى الكمال وإذا أراد أن يرفع ابتدأ قوله مع الرفع: سمع الله لمن حده ويرفع يديه حذو منكبيه فإذا استوى قائما قال أيضا: ربنا لك الحمد وملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد . ويقولها من خلفه وروي هذا القول عن النبي ﷺ فإذا هوى ليسجد ابتدأ التكبير قائما ثم هوى مع ابتدائه حتى يكون انقضاء تكبيره مع سجوده فأول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم يداه ثم جبهته وأنفه ويكون على أصابع رجليه ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدنى الكمال ويجافي مرفقيه عن جنبيه حتى إن لم يكن عليه ما يستره ريئت عفرة إبطيه ويفرج بين رجليه ويقل بطنه عن فخذيه ويوجه أصابعه نحو القبلة ثم يرفع مكبرا كذلك حتى يعتدل

صفحة : 3137

جالسا على رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى ويسجد سجدة أخرى كذلك فإذا استوى قاعدا نهض معتمدا على الأرض بيديه حتى يعتدل قائما ولا يرفع يديه في السجود ولا في القيام من السجود ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك ويجلس في الثانية على رجل اليسري وينصب اليمنى ويبسط يده اليسرى على فخذه اليسرى ويقبض أصابع يده اليمنى على فخذه اليمنى إلا المسبحة يسير بها متشهدا. قال المزني: ينوي بالمسبحة الإخلاص لله عز وجل. قال: فإذا فرغ من التشهد قام مكبرا معتمدا على الأرض بيديه حتى يعتدل قائما ثم يصلي الركعتين الأخريين مثل ذلك يقرأ فيهما بأم القرآن سرا فإذا قعد في الرابعة أماط رجليه جميعا وأخرجهما جميعا عن وركه اليمنى وأفضى بمقعده إلى الأرض وأضجع اليسرى ونصب اليمنى ووجه أصابعها إلى القبلة وبسط كفه اليسرى على فخذه اليسرى ووضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعها إلا المسبحة وأشار بها متشهدا ثم يصلي على النبي ﷺ ويذكر الله ويمجده ويدعو قدرا أقل من التشهد والصلاة على النبي ﷺ ويخفف على من خلفه ويفعلون مثل فعله إلا أنه إذا أسر قرأ من خلفه وإذا جهر لم يقرأ من خلفه. قال المزني رحمه الله: قد روى أصحابنا على الشافعي أنه قال: يقرأ من خلفه وإن جهر بأم القرآن. قال: محمد بن عاصم وإبراهيم يقولان: سمعنا الربيع يقول: قال الشافعي: يقرأ خلف الإمام جهر أو لم يجهر بأم القرآن. قال محمد: وسمعت الربيع يقول: قال الشافعي: ومن أحسن أقل من سبع آيات من القرآن فأم أو صلى منفردا ردد بعض الآي حتى يقرأ به سبع آيات فإن لم يفعل لم أر عليه يعني إعادة. قال الشافعي: وإن كان وحده لم أكره أن يطيل ذكر الله وتمجيده والدعاء رجاء الإجابة ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله ثم عن شماله السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى خداه ولا يثبت ساعة يسلم إلا أن يكون معه نساء فيثبت لينصرفن قبل الرجال وينصرف حيث شاء عن يمينه وشماله ويقرأ بين كل سورتين بسم الله الرحمن الرحيم فعله ابن عمر. وإن كانت الصلاة ظهرا أو عصرا أسر بالقراءة في جميعها وإن كانت عشاء الآخرة أو مغربا جهر في الأوليين منهما وأسر في باقيهما وإن كانت صبحا جهر فيها كلها. قال: وإذا رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح وفرغ من قوله: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد قال وهو قائم: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت

صفحة : 3138

ربنا وتعاليت والجلسة فيها كالجلسة في الرابعة في غيرها. قال: حدثنا إبراهيم قال حدثنا محمد بن عمرو الغزي قال حدثنا أبو نعيم عن أبي جعفر الداري عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: ما زال النبي ﷺ يقنت حتى فارق الدنيا. واحتج في القنوت في الصبح بما روي عن النبي ﷺ أنه قنت قبل قتل أهل بئر معونة ثم قنت بعد قتلهم في الصلاة سواها ثم ترك القنوت في سواها وقنت عمر وعلي بعد الركعة الآخرة. قال الشافعي رحمه الله: والتشهد أن يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . يقول هذا في الجلسة الأولى وفي آخر صلاته فإذا تشهد صلى على النبي فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد . قال: حدثنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى الكوفي قال حدثنا أبو نعيم عن خالد بن إلياس عن المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: آتاني جبريل عليه السلام فعلمني الصلاة فقام النبي ﷺ فكبر بنا فقرأ بنا بسم الله الرحمن الرحيم فجهر بها في كل ركعة . قال: ومن ذكر صلاة وهو في أخرى أتمها ثم قضى. قال: حدثنا إبراهيم قال الربيع أخبرنا الشافعي قال: التشهد بهما مباح فمن أخذ بتشهد ابن مسعود لم يعنف إلا أن في تشهد ابن عباس زيادة. ولا فرق بين الرجال والنساء في عمل الصلاة إلا أن المرأة يستحب لها أن تضم بعضها إلى بعض وأن تلصق بطنها في السجود بفخذيها كأستر ما يكون وأحب ذلك لها في الركوع وفي جميع عمل الصلاة وأن تكثف جلبابها وتجافيه راكعة وساجدة لئلا تصفها ثيابها وأن تخفض صوتها وإن نابها شيء في صلاتها صفقت فإنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء كما قال رسول الله ﷺ. قال: وعلى المرأة إذا كانت حرة أن تستتر في صلاتها حتى لا يظهر منها شيء إلا وجهها وكفاها فإن ظهر منها شيء سوى ذلك أعادت الصلاة فإن صلت الأمة مكشوفة الرأس أجزأها. وأحب أن يصلي الرجل في قميص ورداء وإن صلى في إزار واحد أو سراويل أجزأ وكل ثوب يصف ما تحته ولا يستر لم تجزئ الصلاة فيه ومن سلم أو تكلم ساهيا أو نسي شيئا من صلب الصلاة بنى ما لم يتطاول ذلك وإن تطاول استأنف الصلاة وإن تكلم أو سلم عامدا أو أحدث فيما بين إحرامه وبين سلامه استأنف لأن النبي صلى

صفحة : 3139

الله عليه وسلم قال: تحليلها التسليم . وإن عمل في الصلاة عملا قليلا مثل دفعه المار بين يديه أو قتل حية أو ما أشبه ذلك لم يضره وينصرف حيث شاء عن يمينه وشماله فإن لم يكن له حاجة أحببت اليمين لما كان عليه السلام يحب من التيامن قال: وإن فات رجلا مع الإمام ركعتان من الظهر قضاهما بأم القرآن وسورة كما فاته وإن كانت مغربا وفاته منها ركعة قضاها بأم القرآن وسورة وقعد وما أدرك من الصلاة فهو أول صلاته. قال المزني: قد جعل هذه الركعة في معنى أولى يقرأ بأم القرآن وسورة وليس هذا من حكم الثالثة وجعلها في معنى الثالثة من المغرب بالقعود وليس هذا من حكم الأولى فجعلها آخرة أولى وهذا متناقض وإذا قال ما أدرك أول صلاته فالباقي عليه آخر صلاته وقد قال بهذا المعنى في موضع آخر. قال المزني: وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن ما أدرك فهو أول صلاته. وعن الأوزاعي أنه قال: ما أدرك فهو أول صلاته. قال المزني: فيقرأ في الثالثة بأم القرآن ويسر ويقعد ويسلم فيها وهذا أصح لقوله وأقيس على أصله لأنه يجعل كل مصل لنفسه لا يفسدها عليه بفسادها على إمامه. وقد أجمعوا أنه يبتدىء صلاته بالدخول فيها بالإحرام بها فإن فاته مع الإمام بعضها فكذلك الباقي عليه منها آخرها. قال الشافعي: ويصلي الرجل قد صلى مرة مع الجماعة كل صلاة والأولى فرضه والثانية سنه بطاعة نبيه ﷺ لأنه قال: ذا جئت فصل وإن كنت قد صليت . قال: ومن لم يستطع إلا أن يومىء أومأ وجعل السجود أخفض من الركوع. قال: وأحب إذا قرأ آية رحمة أن يسأل أو آية عذاب أن يستعيذ والناس قال: وبلغنا عن النبي ﷺ أنه فعل ذلك في صلاته. قال: وإن صلت إلي جنبه امرأة صلاة هو فيها لم تفسد عليه وإذا قرأ السجدة سجد فيها. وسجود القرآن أربع عشرة سجدة سوى سجدة ص فإنها سجدة شكر. وروي عن عمر رضي الله عنه أنه سجد في الحج سجدتين وقال: فضلت بأن فيها سجدتين. وكان ابن عمر يسجد فيها سجدتين. قال: وسجد النبي ﷺ في إذا السماء انشقت وعمر في والنجم قال الشافعي: وذلك دليل على أن في المفصل سجودا ومن لم يسجد فليس بفرض واحتج بأن النبي ﷺ سجد وترك. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الله عز وجل لم يكتبها علينا إلا أن نشاء ويصلي الفريضة في الكعبة الفريضة والنافلة وعلى ظهرها إن كان عليه من البناء ما يكون سترة لمصل فإن لم يكن لم يصل إلي غير شيء من البيت ويقضي المرتد كل ما ترك في الردة.

صفحة : 3140


باب سجود السهو وسجود الشكر قال الشافعي: رحمه الله تعالى: ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فعليه أن يبني على ما استيقن وكذلك قال رسول الله ﷺ فإذا فرغ من التشهد سجد سجدتي السهو قبل التسليم واحتج في ذلك بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ وبحديث ابن بحينة عن النبي ﷺ أنه سجد قبل التسليم قال: وإن ذكر أنه في الخامسة سجد أو لم يسجد قعد في الرابعة أو لم يقعد فإنه يجلس للرابعة ويتشهد ويسجد للسهو فإن نسي الجلوس من الركعة الثانية فذكر في ارتفاعه وقبل انتصابه فإنه يرجع إلى الجلوس ثم يبني على صلاته وإن ذكر بعد اعتداله فإنه يمضي وإن جلس في الأولى فذكر قام وبنى وعليه سجدتا السهو وإن ذكر في الثانية أنه ناس لسجدة من أولى بعد ما اعتدل قائما فليسجد للأولى حتى تتم قبل الثانية وإن ذكر بعد أن يفرغ من الثانية أنه نسي سجدة من الأولى فإن عمله في الثانية كلا عمل فإذا سجد فيها كانت من حكم الأولى وتمت الأولى بهذه السجدة وسقطت الثانية وإن ذكر في الرابعة أنه نسي سجدة من كل ركعة فإن الأولى صحيحة إلا سجدة وعمله في الثانية كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الأولى وتمت الأولى وبطلت الثانية وكانت الثالثة ثانية فلما قام في ثالثة قبل أن يتم الثانية التي كانت عنده ثالثة كان عمله كلا عمل فلما سجد فيها سجدة كانت من حكم الثانية فتمت الثانية وبطلت الثالثة التي كانت عند رابعة ثم يقوم فيأتي بركعتين ويسجد للسهو بعد التشهد وقبل السلام وعلى هذا الباب كله وقياسه. قال: وإن شك هل سها أم لا فلا سهو عليه وإن استيقن السهو ثم شك هل سجد للسهو أم لا سجدهما وإن شك هل سجد سجدة أو سجدتين سجد أخرى وإن سها سهوين أو أكثر فليس عليه إلا سجدتا. السهو وما سها عنه من تكبير سوى تكبيرة الافتتاح أو ذكر في ركوع أو في سجود أو جهر فيما يسر بالقراءة أو أسر فيما يجهر فلا سجود للسهو إلا في عمل البدن وإن ذكر سجدتي السهو بعد أن سلم فإن ذكر قريبا أعادهما وسلم وإن تطاول ذلك لم يعد ومن سها خلف إمامه فلا سجود عليه وإن سها إمامه سجد معه فإن لم يسجد إمامه سجد من خلفه فإن كان قد سبقه إمامه ببعض صلاته سجدهما بعد القضاء اتباعا لإمامه لا لما يبقى من صلاته. قال المزني: القياس على أصله أنه إنما أسجد معه ما ليس من فرضي فيما أدركت معه اتباعا لفعله فإذا لم يفعل سقط عني

صفحة : 3141

اتباعه وكل يصلي عن نفسه. قال المزني: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: إذا كانت سجدتا السهو بعد التسليم تشهد لهما وإذا كانتا قبل التسليم أجزأه التشهد الأول. قال الشافعي: فإذا تكلم عامدا بطلت صلاته وإن تكلم ساهيا بنى وسجد للسهو لأن أبا هريرة رضي الله عنه روي عن رسول الله ﷺ أنه تكلم بالمدينة ساهيا فبنى وكان ذلك دليلا على ما روى ابن مسعود من نهيه عن الكلام في الصلاة بمكة لما قدم من أرض الحبشة وذلك قبل الهجرة وأن ذلك على العمد. قال الشافعي: وأحب سجود الشكر ويسجد الراكب إيماء والماشي على الأرض ويرفع يديه حذو منكبيه إذا كبر ولا يسجد إلا طاهرا. قال المزني: وروي عن النبي ﷺ أنه رأى نغاشا فسجد شكرا لله وسجد أبو بكر حين بلغه فتح اليمامة شكرا. قال المزني: النغاش الناقص الخلق. باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة قال الشافعي: وأقل ما يجزئ من عمل الصلاة أن يحرم ويقرأ بأم القرآن يبتدئها ب بسم الله الرحمن الرحيم إن أحسنها ويركع حتى يطمئن راكعا ويرفع حتى يعتدل قائما ويسجد حتى يطمئن ساجدا على الجبهة ثم يرفع حتى يعتدل جالسا ثم يسجد الأخرى كما وصفت ثم يقوم حتى يفعل ذلك في كل ركعة ويجلس في الرابعة ويتشهد ويصلي على النبي ﷺ ويسلم تسليمة يقول: السلام عليكم فإذا فعل ذلك أجزأته صلاته وضيع حظ نفسه فيما ترك. وإن كان لا يحسن أم القرآن فيحمد الله ويكبره مكان أم القرآن لا يجزئه غيره وإن كان يحسن غير أم القرآن قرأ بقدرها سبع آيات لا يجزئه دون ذلك. قال: فإن ترك من أم القرآن حرفا ID ' ' وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 3142


باب طول القراءة وقصرها قال الشافعي رحمه الله تعالى: وأحب أن يقرأ في الصبح مع أم القرآن بطوال المفصل وفي الظهر شبيها بقراءة الصبح وفي العصر نحوا مما يقرؤه في العشاء وأحب أن يقرأ في العشاء بسورة الجمعة و إذا جاءك المنافقون وما أشبهها في الطول وفي المغرب بالعاديات وما أشبهها. باب الصلاة بالنجاسة ومواضع الصلاة من مسجد وغيره قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا صلى الجنب بقوم أعاد ولم يعيدوا واحتج في ذلك بعمر بن الخطاب والعباس. قال المزني: يقول: كما لا يجزئ عني فعل إمامي فكذلك لا يفسد على فساد إمامي ولو كان معناي في إفساده معناه لما جاز أن يحدث فينصرف وأبني ولا أنصرف وقد بطلت إمامته واتباعي له ولم تبطل صلاتي ولا طهارتي بانتقاض طهره. قال الشافعي: ولو صلى رجل وفي ثوبه نجاسة من دم أو قيح وكان قليلا مثل دم البراغيث وما يتعافاه الناس لم يعد وإن كان كثيرا أو قليلا بولا أو عذرة أو خمرا وما كان في معنى ذلك أعاد في الوقت وغير الوقت. قال المزني: ولا يعدو من صلى بنجاسة من أن يكون مؤديا فرضه أو غير مؤد وليس ذهاب الوقت بمزيل منه فرضا لم يؤده ولا إمكان الوقت بموجب عليه إعادة فرض قد أداه. قال الشافعي: وإن كان معه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس ولا يعرفه فإنه يتحرى أحد الثوبين فيصلي فيه وبجزئه وكذلك إناءان من ماء أحدهما طاهر والآخر نجس فإنه يتوضأ بأحدهما على التحري ويجزئه وإن خفي موضع النجاسة من الثوب غسله كله لا يجزئه غيره وإن أصاب ثوب المرأة من لحم حيضها قرصته بالماء حتى تنقيه ثم تصلي فيه ويجوز أن يصلي بثوب الحائض والثوب الذي جامع فيه الرجل أهله وإن صلى في ثوب نصراني أجزأه ما لم يعلم فيه قذرا وغيره أحب إلي منه وأصل الأبوال وما خرج من مخرج حي مما يؤكل لحمه أو لا يؤكل لحمه فكل ذلك نجس إلا ما دلت عليه السنة من الرش على بول الصبي ما لم يأكل الطعام ولا يتبين لي فرق بينه وبين بول الصبية ولو غسل كان أحب إلي ويفرك المني فإن صلى به ولم يفركه فلا بأس لأن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أدرك المني من ثوب رسول الله ﷺ ثم يصلي فيه . وروي عن ابن عباس أنه قال: أمطه عنك بإذخرة فإنما هو كبصاق أو مخاط. قال الشافعي: ويصلي على جلد ما يؤكل لحمه إذا ذكي وفي صوفه وشعره وريشه إذا أخذ منه وهو حي ولا يصل ما انكسر من عظمه إلا بعظم ما يؤكل لحمه ذكيا فإن رقعه بعظم ميتة

صفحة : 3143

أجبره السلطان على قلعه فإن مات صار ميتا كله والله حسيبه. ولا تصل المرأة شعرها بشعر إنسان ولا شعر ما لا يؤكل لحمه بحال. وإن بال رجل في مسجد أو أرض يطهر بأن يصب عليه ذنوب من ماء لقول النبي ﷺ في بول الأعرابي حين بال في المسجد صبوا عليه ذنوبا من ماء . قال الشافعي: وهو الدلو العظيم. وإن بال اثنان لم يطهره إلا دلوان والخمر في الأرض كالبول وإن لم تذهب ريحه. وإن صلى فوق قبر أو إلى جنبه ولم ينبش أجزأه وما خالط التراب من نجس لا تنشفه الأرض إنما يتفرق فيه فلا يطهره إلا الماء وإن ضرب لبن فيه بول لم يطهر إلا بما تطهر به الأرض من البول والنار لا تطهر شيئا والبساط كالأرض إن صلى في موضع منه طاهر والباقي نجس ولم تسقط عليه ثيابه أجزأه ولا بأس أن يمر الجنب في المسجد مارا ولا يقيم فيه وتأول قول الله جل ذكره ولا جنبا إلا عابري سبيل . قال: وذلك عندي موضع الصلاة. قال: وأكره ممر الحائض فيه. قال: ولا بأس أن يبيت المشرك في كل مسجد إلا المسجد الحرام لقول الله جل وعز: فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا . قال المزني: فإذا بات فيه المشرك فالمسلم الجنب أولى أن يجلس فيه ويبيت وأحب إعظام المسجد عن أن يبيت فيه المشرك أو يقعد فيه. قال الشافعي: والنهي عن الصلاة في أعطان الإبل اختيار لقول النبي ﷺ: فإنها جن من جن خلقت . وكما قال حين ناموا عن الصلاة: اخرجوا بنا من هذا الوادي فإن به شيطانا . فكره قربه لا لنجاسة الإبل ولا موضعا فيه شيطان وقد مر بالنبي ﷺ شيطان فخنقه ولم تفسد عليه صلاته. ومراح الغنم الذي تجوز فيه الصلاة الذي لا بول فيه ولا بعر. والعطن موضع قرب البئر الذي يتنحى إليه الإبل ليرد غيرها الماء لا المراح الذي تبيت فيه. ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

صفحة : 3144


باب الساعات التي يكره فيها صلاة التطوع ويجوز فيها القضاء والجنازة والفريضة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حيان عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس . وعن أبي ذرعن النبي ﷺ مثل ذلك. وقال النبي ﷺ: إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة . وعن الصنابحي أن رسول الله ﷺ قال: إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها . ونهى رسول الله ﷺ عن الصلاة في تلك الساعات. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة وعن جبير بن مطعم أن رسول الله ﷺ قال: يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا البيت أو صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار قال الشافعي: وبهذا أقول والنهي عن الصلاة في هذه الأوقات عن التطوع إلا يوم الجمعة للتهجير حتى يخرج الإمام. فأما صلاة فرض أو جنازة أو مأمور بها مؤكدة وإن لم تكن فرضا أو كان يصليها فأغفلها فتصلي في هذه الأقات بالدلالة عن رسول الله ﷺ في قوله: من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها وبأنه عليه السلام رأى قيسا يصلي بعد الصبح فقال: ما هاتان الركعتان. قال: ركعتا الفجر فلم ينكره. وبأنه عليه السلام صلى ركعتين بعد العصر فسألته عنهما أم سلمة فقال: هما ركعتان كنت أصليهما فشغلني عنهما الوفد وثبت عنه عليه السلام أنه قال: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل فأحب فضل الدوام. وصلى الناس على جنائزهم بعد العصر وبعد الصبح فلا يجوز أن يكون نهيه عن الصلاة في الساعات التي نهى فيها عنها إلا على ما وصفت والنهي فيما سوى ذلك ثابت إلا بمكة وليس من هذه الأحاديث شيء مختلف. قال المزني: قلت أنا: هذا خلاف قوله فيمن نسي ركعتي الفجر حتى صلى الظهر والوتر حتى صلى الصبح أنه لا يعيد والذي قبل هذا أولى بقوله وأشبه عندي بأصله. قال الشافعي: ومن ذكر صلاة وهو في أخرى أتمها ثم قضى وإن ذكر خارج الصلاة بدأ بها فإن خاف فوت وقت التي حضرت بدأ بها ثم قضى. قال المزني: قال أصحابنا: يقول الشافي التطوع

صفحة : 3145

وجهان: أحدهما: صلاة جماعة مؤكدة لا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي: صلاة العيدين وكسوف الشمس والقمر والاستسقاء. وصلاة منفرد وصلاة بعضها أوكد من بعض فأوكد ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل. وقالوا: إن فاته الوتر حتى تقام الصبح لم يقض وإن فاتته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما وإن لم أوجبهما. قال: إن فاته الوتر لم يقض وإن فاتته ركعتا الفجر حتى تقام صلاة الظهر لم يقض. وقالوا: فأما صلاة فريضة أو جنازة أو مأمور بها مؤكدة وإن لم تكن فرضا أو كان يصليها فأغفلها فليصل في الأوقات التي نهي رسول الله ﷺ بالدلالة عن رسول الله ﷺ في قوله من نسي صلاة أو نام عنها فليصليها إذا ذكرها وبأنه عليه السلام رأى قيسا يصلي بعد الصبح فقال: ما هاتان الركعتان فقال: ركعتا الفجر فلم ينكره. وبأنه صلى ركعتين بعد العصر فسألته عنهما أم سلمة فقال: هما ركعتان كنت أصليهما فشغلني عنهما الوفد قط. وثبت عنه ﷺ أنه قال: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل وأحب فضل الدوام. قال المزني: يقال لهم فإذا سويتم في القضاء بين التطوع الذي ليس بأوكد وبين الفرض لدوام التطوع الذي ليس بأوكد فلم أبيتم فقضاء الوتر الذي هو أوكد ثم ركعتي الفجر اللتين تليان في التأكيد اللتين هما أوكد أفتقضون الذي ليس بأوكد ولا تقضون الذي هو أوكد وهذا من القول غير مشكل وبالله التوفيق. ومن احتجاجكم قول رسول الله ﷺ في قضاء التطوع: من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها فقد خالفتم ما احتججتم به في هذا فإن قالوا: فيكون القضاء على القرب لا على البعد. قيل لهم لو كان كذلك لكان ينبغي على معنى ما قلتم أن لا يقضي ركعتي الفجر نصف النهار لبعد قضائهما من طلوع الفجر وأنتم تقولون يقضي ما لم يصل الظهر وهذا متباعد وكان ينبغي أن تقولوا: إن صلى الصبح عند الفجر آن له أن يقضي الوتر لأن وقتها إلى الفجر أقرب لقول رسول الله ﷺ: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر فهذا قريب من الوقت وأنتم لا تقولونه وفي ذلك إبطال ما اعتللتم به. ID ' ' فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 3146


باب صلاة التطوع وقيام شهر رمضان قال الشافعي رحمه الله تعالى: الفرض خمس في اليوم والليلة لقول النبي ﷺ للأعرابي حين قال: هل على غيرها قال: لا إلا أن تطوع . قال الشافعي: والتطوع وجهان: أحدهما: صلاة جماعة مؤكدة فلا أجيز تركها لمن قدر عليها وهي صلاة العيدين وكسوف الشمس والقمر والاستسقاء. وصلاة منفرد وبعضها أوكد من بعض فأوكد ذلك الوتر ويشبه أن يكون صلاة التهجد ثم ركعتا الفجر ولا أرخص لمسلم في ترك واحدة منهما ولا أوجبهما ومن ترك واحدة منهما أسوأ حالا ممن ترك جميع النوافل. قال: وإن فاته الوتر حتى يصلي الصبح لم يقض قال ابن مسعود: الوتر فيما بين العشاء والفجر. قال: فإن فاتته ركعتا الفجر حتى تقام الظهر لم يقض لأن أبا هريرة قال: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة . وروي عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: صلاة الليل مثنى مثنى وفي ذلك دلالتان. أحدهما: أن النوافل مثنى مثنى بسلام مقطوعة والمكتوبة موصولة. والأخرى: أن الوتر واحدة فيصلي النافلة مثنى مثنى قائما وقاعدا إذا كان مقيما وإن كان مسافرا فحيث توجهت به دابته كان رسول الله صلى اللهعليه وسلم يصلي الوتر على راحلته أينما توجهت به. قال: فأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إلي منه ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين وأحب إلي عشرون لأنه روي عن عمر وكذلك يقومون بمكة ويوترون بثلاث. قال: ولا يقنت في رمضان إلا في النصف الأخير وكذلك كان يفعل ابن عمر ومعاذ القاري. قال: وآخر الليل أحب إلي من أوله فإن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلي أن يقومه. قال المزني: قلت أنا في كتاب اختلاف ومالك قلت للشافعي: أيجوز أن يوتر بواحدة ليس قبلها شيء. قال: نعم والذي أختاره ما فعل رسول الله ﷺ كان يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة والحجة في الوتر بواحدة السنة والآثار. روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما قد صلى . وعن عائشة أن رسول الله ﷺ كان يصلي إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة. وأن ابن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته. وأن عثمان كان يحيي الليل بركعة وهي وتره. وعن سعد بن أبي وقاص أنه كان يوتر بواحدة وأن معاوية أوتر بواحدة فقال ابن عباس: أصاب قال المزني: قلت أنا: فهذا به أولى من قوله: يوتر بثلاث وقد أنكر على مالك قوله لا

صفحة : 3147

يحب أن يوتر بأقل من ثلاث ويسلم بين الركعة والركعتين من الوتر واحتج بأن من سلم من اثنتين فقد فصلهما مما بعدهما وأنكر على الكوفي يوتر بثلاث كالمغرب فالوتر بواحدة أولى به. قال المزني: ولا أعلم الشافعي ذكر موضع القنوت من الوتر ويشبه قوله بعد الركوع كما قال في قنوت الصبح ولما كان من رفع رأسه بعد الركوع يقول: سمع الله لمن حمده وهو دعاء كان هذا الموضع بالقنوت الذي هو دعاء أشبه ولأن من قال يقنت قبل الركوع يأمره أن يكبر قائما ثم يدعو وإنما حكم من كبر بعد القيام إنما هو للركوع فهذه تكبيرة زائدة في الصلاة لم تثبت بأصل ولا قياس. قال الشافعي: أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ﷺ قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة . قال الشافعي: ولا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن جمع في بيته أو في مسجد وإن صغر أجزأ عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعات أحب إلي منه. وروي أن النبي ﷺ كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة ذات الريح أن يقول: ألا صلوا في رحالكم وأنه ﷺ قال: إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة . قال فيه: أقول لأن الغائط يشغله عن الخشوع. قال: فإذا حضر فطره أو طعام فطره وبه إليه حاجة وكانت نفسه شديدة التوقان إليه أرخصت له في ترك إتيان الجماعة. قال المزني: وقد احتج في موضع آخر أن النبي ﷺ قال: إذا وضع العشاء فأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء . قال المزني: فتأوله على هذا المعنى لئلا يشغله منازعة نفسه عما يلزمه من فرض الصلاة. ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

صفحة : 3148


باب صلاة الإمام قائما بقعود أو قاعدا بقيام أو بعلة ما تحدث وصلاة من بلغ أو احتلم قال الشافعي: وأحب للإمام إذا لم يستطع القيام في الصلاة أن يستخلف فإن صلى قاعدا وصلى الذين خلفه قياما أجزأته وإياهم وكذلك فعل رسول الله ﷺ في مرضه الذي توفي فيه وفعله الآخر ناسخ لفعله الأول وفرض الله تبارك وتعالى على المريض أن يصلي جالسا إذا لم يقدر قائما وعلى الصحيح أن يصلي قائما فكل قد أدى فرضه فإن صلى الإمام لنفسه جالسا ركعة ثم قدر على القيام قام فأتم صلاته فإن ترك القيام أفسد على نفسه وتمت صلاتهم إلا أن يعلموا بصحته وتركه القيام في الصلاة فيتبعونه وكذلك إن صلى قائما ركعة ثم ضعف عن القيام أو أصابته علة مانعة فله أن يقعد ويبني على صلاته وإن صلت أمة ركعة مكشوفة الرأس ثم أعتقت فعليها أن تستتر إن كان الثوب قريبا منها وتبني على صلاتها فإن لم تفعل أو كان الثوب بعيدا منها بطلت صلاتها. قال المزني: قلت أنا: وكذلك المصلي عريانا لا يجد ثوبا ثم يجده والمصلي خائفا ثم يأمن والمصلي مريضا يومىء ثم يصح أو يصلي ولا يحسن أم القرآن يم يحسن أن ما مضى جائز على ما كلف وما بقي على ما كلف وهو معنى قول الشافعي. قال الشافعي: وعلى الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم ويعلموهم الطهارة والصلاة ويضربوهم على ذلك إذا عقلوا فمن احتلم أو حاض أو استكمل خمس عشر سنة لزمه الفرض. قال الشافعي: وإذا صلي الإمام بقوم الظهر في وقت العصر وجاء قوم فصلوا خلفه ينوون العصر أجزأتهم الصلاة جميعا وقد أدى كل فرضه وقد أجاز رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل أن يصلي معه المكتوبة ثم يصلي بقومه هي له نافلة ولهم مكتوبة وقد كان عطاء يصلي مع الإمام القنوت ثم يعتد بها من العتمة فإذا سلم الإمام قام فبنى ركعتين من العتمة. قال المزني: وإذا جاز أن يأتم المصلي نافلة خلف المصلي فريضة فكذلك المصلي فريضة خلف المصلي نافلة وفريضة وبالله التوفيق. قال الشافعي رحمه الله: وإذا أحس الإمام برجل وهو راكع لم ينتظره ولتكن صلاته خالصة لله. قال المزني: قلت أنا: ورأيت في رواية بعضهم عنه أنه لا بأس بانتظاره والأولى عندي أولى بالصواب لتقديمها على من قصر في إتيانها. قال الشافعي: ويؤتم بالأعمى وبالعبد وأكره إمامة من يلحن لأنه قد يحيل المعنى فإن أحال أو لفظ بالعجمية في

صفحة : 3149

أم القرآن أجزأته دونهم وإن كان في غيرها أجزأتهم وأكره إمامة من به تمتمة أو فأفأة فإن أم أجزأ إذا قرأ ما يجزئ في الصلاة ولا يؤم أرت ولا ألثغ ولا يأتم رجل بامرأة ولا بخنثى فإن فعل أعاد وأكره إمامة الفاسق والمظهر للبدع ولا يعيد من ائتم بهما فإن أم أمي بمن يقرأ أعاد القارئ وإن ائتم به مثله أجزأه. قال المزني: قد أجاز صلات من ائتم بجنب والجنب ليس في صلاة فكيف لا يجوز من ائتم بأمي والأمي في صلاة وقد وضعت القراءة عن الأمي ولم يوضع الطهر عن المصلي. وأصله أن كلا مصل عن نفسه فكيف يجزئه خلف العاصي بترك الغسل ولا يجزئه خلف المطيع الذي لم يقصر وقد احتج بأن النبي ﷺ صلى قاعدا بقيام وفقد القيام أشد من فقد القراءة فتفهم. قال المزني: القياس أن كل مصل خلف جنب وامرأة ومجنون وكافر يجزئه صلاته إذا لم يعلم بحالهم لأن كل مصل لنفسه لا تفسد عليه صلاته بفسادها على غيره قياسا على أصل قول الشافعي في صلاة الخوف: للطائفة الثانية ركعتها مع الإمام إذا نسي سجدة من الأولى وقد بطلت هذه الركعة الثانية على الإمام وأجزأتهم عنده. قال: ولا يكون هذا أكثر ممن ترك أم القرآن فقد أجاز لمن صلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن وإن لم يقرأ بها إمامه وهو في معنى ما وصفت. قال الشافعي: فإن ائتم بكافر ثم علم أعاد ولم يكن هذا إسلاما منه وعزر لأن الكافر لا يكون إماما بحال والمؤمن يكون إماما في الأحوال الظاهرة. قال الشافعي: ومن أحرم في مسجده أو غيره ثم جاء الإمام فتقدم بجماعة فأحب إلي أن يكمل ركعتين ويسلم يكونان له نافلة ويبتدئ الصلاة معه وكرهت له أن يفتتحها صلاة انفراد ثم يجعلها صلاة جماعة وهذا يخالف صلاة الذين افتتح بهم النبي ﷺ الصلاة ثم ذكر فانصرف فاغتسل ثم رجع فأمهم لأنهم افتتحوا الصلاة جماعة. وقال في القديم قال قائل: يدخل مع الإمام ويعتد بما مضى. قال المزني: هذا عندي على أصله أقيس لأن النبي ﷺ لم يكن في صلاة فلم يضرهم وصح إحرامهم ولا إمام لهم ثم ابتدأ بهم وقد سبقوه بالإحرام وكذلك سبقه أو بكر ببعض الصلاة ثم جاء فأحرم وائتم به أبو بكر وهكذا القول بهذين الحديثين وهو القياس عندي على فعله ﷺ. ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 3150


باب موقف المأموم مع الإمام قال الشافعي: وإذا أم رجل رجلا قام المأموم عن يمينه وإن كان خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه وحده. وروي أن النبي ﷺ أم أنسا وعجوزا منفردة خلف أنس وركع أبو بكر وحده وخاف أن تفوته الركعة فذكر ذلك للنبي ﷺ فلم يأمره بإعادة. قال: وإن صلت بين يديه امرأة أجزأته صلاته. كان النبي ﷺ يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة. قال: وإن صلى رجل في طرف المسجد والإمام في طرفه ولم تتصل الصفوف بينه وبينه أو فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام أجزأه ذلك. صلى أبو هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد. قال: فإن صلى قرب المسجد وقربه ما يعرفه الناس من أن يتصل بشيء بالمسجد لا حائل دونه فيصلي منقطعا عن المسجد أو فنائه على قدر مائتي ذراع أو ثلمائة أو نحو ذلك فإذا جاوز ذلك لم يجزه وكذلك الصحراء والسفينة والإمام في أخرى ولو أجزت أبعد من هذا أجزت أن يصلي على ميل. ومذهب عطاء أن يصلي بصلاة الإمام من علمها ولا أقول بهذا. قال المزني: قد أجاز القرب في الإبل بلا تأقيت وهو عندي أولى لأن التأقيت لا يدرك إلا بخبر. قال الشافعي: فإن صلى في دار قرب المسجد لم يجزه إلا بأن تتصل الصفوف ولا حائل بينه وبينها فأما في علوها فلا يجزئ بحال لأنها بائنة من المسجد. وروي عن عائشة أن نسوة صلين في حجرتها فقالت: لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن. دونه في حجاب. قال الشافعي: ومن خرج من إمامة الإمام فأتم لنفسه لم يبن أن يعيد من قبل أن الرجل خرج من صلاة معاذ بعد ما افتتح معه فصلى لنفسه فأعلم النبي ﷺ بذلك فلم نعلمه أمره بالإعادة. ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 3151


باب صلاة الإمام وصفة الأئمة قال الشافعي: وصلاة الأمة قال أنس بن مالك: ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله ﷺ. وروي عنه عليه السلام أنه تال: فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف . قال: فيؤمهم أقرؤهم وأفقههم لقول رسول الله ﷺ: يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله تعالى فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدم أفقههم إذا كان يقرأ ما يكتفي به في الصلاة فحسن وإن قدم أقرأهم إذا علم ما يلزمه فحسن ويقدم هذان على أسن منهما وإنما قيل يؤمهم أقرؤهم أن من مضى كانوا يسلمونكبارا فيتفقهون قبل أن يقرؤوا ومن بعدهم كانوا يقرؤون صغارا قبل أن يتفقهوا فإن استووا أمهم أسنهم فإن استووا فقدم ذو النسب فحسن. وقال في القديم: فإن استووا فأقدمهم هجرة. وقال فيه: قال رسول الله ﷺ: الأئمة من قريش . قال: فإن أم من بلغ غاية في خلاف الحمد في الدين أجزأ. صلى ابن عمر خلف الحجاج. قال: ولا يتقدم أحد في بيت رجل إلا بإذنه ولا في ولاية سلطان بغير أمره ولا في بيت رجل أو غيره لأن ذلك يؤدي إلى تأذيه. باب إمامة المرأة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها صلت بنسوة العصر فقامت وسطهن. وروي عن أم سلمة أنها أمتهن فقامت وسطهن. وعن علي بن الحسين رضي الله عنهما أنه كان يأمر جارية له تقوم بأهله في رمضان وعن صفوان بن سليم قال: من السنة أن تصلي المرأة بنساء تقوم وسطهن. ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 3152


باب صلاة المسافر والجمع في السفر قال الشافعي: وإذا سافر الرجل سفرا يكون ستة وأربعين ميلا بالهاشمي فله أن يقصر الصلاة سافر رسول الله ﷺ أميالا فقصر. وقال ابن عباس: أقصر إلى جدة وإلى الطائف وعسفان. قال الشافعي: وأقرب ذلك إلى مكة ستة وأربعون ميلا بالهاشمي. وسافر ابن عمر إلى ريم فقصر. قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد. قال: وأكره ترك القصر رغبة عن السنة فأما أنا فلا أحب أن أقصر في أقل من ثلاثة أيام احتياطا على نفسي وإن ترك القصر مباح لي قصر رسول الله ﷺ وأتم. قال: ولا يقصر إلا في الظهر والعصر والعشاء الآخرة فأما المغرب والصبح فلا يقصران وله أن يفطر في أيام رمضان في سفره ويقضي فإن صام فيه أجزأه وقد صام النبي ﷺ في رمضان في سفر وإذا نوى السفر فلا يقصر حتى يفارق المنازل إن كان حضريا ويفارق موضعه إن كان بدويا فإن نوى السفر فأقام أربعة أيام أتم الصلاة وصام. واحتج فيمن أقام أربعة يتم بأن النبي ﷺ قال: يقيم المهاجر بمكة بعد فضاء نسكه ثلاثا . وبأن النبي ﷺ أقام بمنى ثلاثا يقصر وقدم مكة فأقام قبل خروجه إلى عرفة ثلاثا يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية الذي خرج فيه سائرا. وأن عمر أجلى أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاثة أيام. فأشبه ما وصفت أن يكون ذلك مقام السفر وما جاوزه مقام الإقامة. وروي عن عثمان بن عفان: من أقام أربعا أتم. وعن ابن المسيب: من أجمع إقامة أربع أتم. قال الشافعي: فإذا جاوز لحاجة أو مرض وهو عازم على الخروج أتم وإن قصر أعاد إلا أن يكون في خوف أو حرب فيقصر قصر النبي ﷺ عام الفتح لحرب هوازن سبع عشرة أو ثمان عشرة وقال في الإملاء: إن أقام على شيء ينجح اليوم واليومين أنه لا يزال يقصر ما لم يجمع مكثا. أقام رسول الله ﷺ بمكة عام الفتح سبع عشرة أو ثمان عشرة يقصر حتى خرج إلى حنين. قال المزني: ومشهور عن ابن عمر أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر يقول: أخرج اليوم وأخرج غدا. قال المزني: فإذا قصر النبي ﷺ في حربه سبع عشرة أو ثمان عشرة ثم ابن عمر ولا عزم على وقت إقامة فالحرب وغيرها سواء عندي في القياس وقد قال الشافعي: لو قاله قائل كان مذهبا. قال الشافعي: فإن خرج في آخر وقت الصلاة قصر وإن كان بعد الوقت لم يقصر. قال المزني: أشبه بقوله أن يتم لأنه يقول: إن

صفحة : 3153

أمكنت المرأة الصلاة فلم تصل حتى حاضت أو أغمي عليها لزمتها وإن لم تمكن لم تلزمها فكذلك إذا دخل عليه وقتها وهو مقيم لزمته صلاة مقيم وإنما تجب عنده بأول الوقت والإمكان وإنما وسمع له التأخير إلى آخر الوقت. قال الشافعي: وليس له أن يصلي ركعتين في السفر إلا أن ينوي القصر مع الإحرام فإن أحرم ولم ينو القصر كان على أصل فرضه أربع ولو كان فرضها ركعتين ما صلى مسافر خلف مقيم. قال المزني: ليس هذا بحجة وكيف يكون حجة وهو يجيز صلاة فريضة خلف نافلة وليست النافلة فريضة ولا بعض فريضة وركعتا المسافر فرض وفي الأربع مثل الركعتين فرض قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإن نسي صلاة في سفر فذكرها في حضر فعليه أن يصليها صلاة حضر لأن علة القصر هي النية والسفر فإذا ذهبت العلة ذهب القصر وإذا نسي صلاة حضر فذكرها في سفر فعليه أن يصليها أربعا لأن أصل الفرض أربع فلا يجزئه أقل منها وإنما أرخص له في القصر ما دام وقت الصلاة قائما وهو مسافر فإذا زال وقتها ذهبت الرخصة. قال: وإن أحرم ينوي القصر ثم نوى المقام أتمها أربعا ومن خلفه من المسافرين ولو أحرم في مركب ثم نوى السفر لم يكن له أن يقصر وإن أحرم خلف مقيم أو خلف من لا يدري فأحدث الإمام كان على المسافر أن يتم أربعا وإن أحدث إمام مسافر بمسافرين فسدت صلاته فإن علم المأموم أنه صلى ركعتين لم يكن عليه إلا ركعتان وإن شك لم يجزه إلا أربع فإن رعف وخلفه مسافرون ومقيمون فقدم مقيما كان على جميعهم وعلى الراعف أن يصلوا أربعا لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم. قال المزني: هذا غلط الراعف يبتدئ ولم يأتم بمقيم فليس عليه ولا على المسافر إتمام ولو صلى المستخلف بعد حدثه أربعا لم يصل هو إلا ركعتان لأنه مسافر لم يأتم بمقيم. قال الشافعي رحمه الله: وإذا كان له طريقان يقصر في أحدهما ولا يقصر في الآخر فإن سلك الأبعد لخوف أو حزونة في الأقرب قصر وإلا لم يقصر. وفي الإملاء إن سلك الأبعد قصر. قال المزني: وهذا عندي أقيس لأنه سفر مباح. قال الشافعي رحمه الله: وليس لأحد سافر في معصية أن يقصر ولا يمسح مسح المسافر فإن فعل أعاد ولا تخفيف على من سفره في معصية. وإن صلى مسافر بمقيمين ومسافرين فإنه يصلي والمسافرون ركعتين ثم يسلم بهم ويأمر المقيمين أن يتموا أربعا وكل مسافر فله أن يتم وإنما رخص له أن يقصر الصلاة إن شاء فإن أتم فله الإتمام وكان عثمان بن عفان يتم الصلاة. واحتج في الجمع بين الصلاتين في السفر بأن رسول الله ﷺ في سفره إلى تبوك بين الظهر والعصر

صفحة : 3154

والمغرب والعشاء جميعا وأن ابن عمر جمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء وأن ابن عباس قال: ألا أخبركم عن صلاة رسول الله ﷺ في السفر كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في وقت الزوال وإذا سافر قبل الزوال أخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر. قال الشافعي: وأحسبه في المغرب والعشاء مثل ذلك وهكذا فعل بعرفة لأنه أرفق به تقديم العصر ليتصل له الدعاء وأرفق به بالمزدلفة تأخير المغرب ليتصل له السفر فلا ينقطع بالنزول للمغرب لما في ذلك من التضييق على الناس فدلت سنة رسول الله ﷺ على أن من له القصر فله الجمع كما وصفت والجمع بين الصلاتين في أي الوقتين شاء ولا يؤخر الأولى عن وقتها إلا بنية الجمع وإن صلى الأولى في أول وقتها ولم ينو مع التسليم الجمع لم يكن له الجمع فإن نوى مع التسليم الجمع كان له الجمع. قال المزني: هذا عندي أولى من قوله في الجمع في المطر في مسجد الجماعات بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا يجمع إلا من افتتح الأولى بنية الجمع واحتج بأن النبي ﷺ جمع بالمدينة في غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك في مطر. قال الشافعي: والسنة في المطر كالسنة في السفر. قال المزني: والقياس عندي إن سلم ولم ينو الجمع فجمع في قرب ما سلم بقدر ما لو أراد الجمع كان ذلك فصلا قريبا بينهما أن له الجمع لأنه يكون جمع الصلاتين إلا وبينهما انفصال فكذلك كل جمع وكذلك كل من سها فسلم من اثنتين فلم يطل فصل ما بينهما أنه يتم كما أتم النبي ﷺ وقد فصل ولم يكن ذلك قطعا لاتصال الصلاة في الحكم فكذلك عندي إيصال جمع الصلاتين أن لا يكون التفريق بينهما إلا بمقدار ما لا يطول. ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 3155


باب وجوب الجمعة وغيره من أمرها قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني سلمة بن عبيد الله الخطمي عن محمد بن كعب القرظي أنه سمع رجلا من بني وائل يقول: قال النبي ﷺ: تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبيا أو مملوكا . قال الشافعي: وتجب الجمعة على أهل المصر وإن كثر أهله حتى لا يسمع أكثرهم النداء لأن الجمعة تجب على أهل المصر الجامع وعلى كل من كان خارجا من المصر إذا سمع النداء وكان المنادي صيتا وكان ليس بأصم مستمعا والأصوات هادئة والريح ساكنة ولو قلنا حتى يسمع جميعهم ما كان على الأصم جمعة ولكن إذا كان لهم السبيل إلى علم النداء بمن يسمعه منهم فعليهم الجمعة لقول الله تبارك وتعالى: إذا نودي للصلاة . وإن كانت قريبة مجتمعة البناء والمنازل وكان أهلها لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة وكان أهلها أربعين رجلا حرا بالغا غير مغلوب على عقله وجبت عليهم الجمعة واحتج بما لا يثبته أهل الحديث أن النبي ﷺ حين قدم المدينة جمع بأربعين رجلا. وعن عبيد الله بن عبد الله أنه قال: كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة . ومثله عن عمر بن عبد العزيز. قال الشافعي: فإن خطب بهم وهم أربعون ثم انفضوا عنه ثم رجعوا مكانهم صلوا صلاة الجمعة وإن لم يعودوا حتى تباعد أحببت أن يبتدئ الخطبة فإن لم يفعل صلاها بهم ظهرا فإن انفضوا بعد إحرامه بهم ففيها قولان: أحدهما: إن بقي معه اثنان حتى تكون صلاته صلاة جماعة أجزأهم الجمعة. والقول الآخر: لا تجزئهم بحال حتى يكون معه أربعون يكمل بهم الصلاة. قال المزني: قلت أنا: ليس لقوله إن بقي معه اثنان أجزأتهم الجمعة معنى لأنه مع الواحد والاثنين في الاستقبال في معنى المنفرد في الجمعة ولا جماعة تجب بهم الجمعة عنده أقل من الأربعين فلو جازت باثنين لأنه أحرم بالأربعين جازت بنفسه لأنه أحرم بالأربعين فليس لهذا وجه في معناه هذا والذي هو أشبه به إن كان صلى ركعة ثم انفضوا صلى أخرى منفردا كما لو أدرك معه رجل ركعة صلى أخرى منفردا ولا جمعة له إلا بهم ولا لهم إلا به فأداؤه ركعة بهم كأدائهم ركعة به عندي في القياس ومما يدل على ذلك من قوله: أنه لو صلى بهم ركعةثم أحدث بنوا وحدانا ركعة وأجزأتهم. قال الشافعي: ولو ركع مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود حتى قضى الإمام سجود تبع الإمام إذا قام واعتد بها فإن كان ذلك في الأولى فلم يمكنه السجود حتى يركع الإمام في الثانية لم يكن له أن يسجد للركعة الأولى إلا أن يخرج من إمامته لأن

صفحة : 3156

أصحاب النبي ﷺ إنما سجدوا للعذر قبل ركوع الثانية فيركع معه في الثانية وتسقط الأخرى. وقال في الإملاء فيها قولان: أحدهما لا يتبعه ولو ركع حتى يفرغ مما بقي عليه. والقول الثاني: إن قضى ما فات لم يعتد به وتبعه فيما سواه. قال المزني: قلت أنا: الأول عندي أشبه بقوله قياسا على أن السجود إنما يحسب له إذا جاء والإمام يصلي بإدراك الركرع ويسقط بسقوط إدراك الركوع وقد قال إن سها عن ركعة ركع الثانية معه ثم قضى التي سها عنها وفي هذا من قوله لأحد قوليه دليل وبالله التوفيق. قال الشافعي: وإن أحدث في صلاة الجمعة فتقدم رجل بأمره أو بغير أمره وقد كان دخل مع الإمام قبل حدثه فإنه يصلي بهم ركعتين وإن لم يكن أدرك معه التكبيرة صلاها ظهرا لأنه صار مبتدئا قال المزني: قلت أنا: يشبه أن يكون هذا إذا كان إحرامه بعد حدث الإمام. قال الشافعي: ولا جمعة على مسافر ولا عبد ولا امرأة ولا مريض ولا من له عذر وإن حضروها أجزأتهم ولا أحب لمن ترك الجمعة بالعذر أن يصلي حتى يتأخى انصراف الإمام ثم يصلي جماعة فمن صلى من الذين لا جمعة عليهم قبل الإمام أجزأتهم وإن صلى من عليه الجمعة قبل الإمام أعادها ظهرا بعد الإمام. ومن مرض له ولد أو والد فرآه منزولا به أو خاف فوت نفسه فلا بأس أن يدع الجمعة وكذلك إن لم يكن له ذو قرابة وكان ضائعا لا قيم له غيره أوله قيم غيره له شغل عنه في وقت الجمعة فلا بأس أن يدع له الجمعة تركها ابن عمر لمنزول به. ومن طلع إلى الفجر فلا يسافر حتى يصليها. ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 3157