الرئيسيةبحث

كتاب الأم - المجلد الثالث4

شرط فيه وأنه مأخوذ بنفقته ما كان حيا وهو مقره في يدي المرتهن ومأخوذ بكفنه إن مات لأنه ملكه قال الشافعي وإذا كان الرهن في السنة وإجماع العلماء ملكا للراهن فكان الراهن دفعه لا مغصوبا عليه ولا بائعا له وكان الراهن إن أراد أخذه لم يكن له وحكم عليه بإقراره في يدي المرتهن بالشرط فأي وجه لضمان المرتهن والحاكم يحكم له بحبسه للحق الذي شرط له مالكه فيه وعلى مالكه نفقته وإنما يضمن من تعدى فأخذ ما ليس له أو منع شيئا في يديه ملكه لغيره مما ملكه المالك غيره مما عليه تسليمه وليس له حبسه وذلك مثل أن يبتاع الرجل العبد من الرجل فيدفع إليه ثمنه ويمنعه البائع العبد فهذا يشبه الغصب والمرتهن ليس في شيء من هذه المعاني لا هو مالك للرهن فأوجب عليه فيه بيعا فمنعه من ملكه إياه وعليه تسليمه إليه وإنما ملك الرهن للراهن فلا هو متعد بأخذ الرهن من الراهن ولا بمنعه إياه فلا موضع للضمان عليه في شيء من حالاته إنما هو رجل اشترط لنفسه على مالك الرهن في الرهن شرطا حلالا لازما استوثق فيه من حقه طلب المنفعه لنفسه والاحتياط على غريمه لا مخاطرا بالارتهان لأنه لو كان الرهن إذا هلك هلك حقه كان ارتهانه مخاطرة إن سلم الرهن فحقه فيه وإن تلف تلف حقه ولو كان هكذا كان شرا للمرتهن في بعض حالاته لأن حقه إذا كان في ذمة الراهن وفي جميع ماله لازما أبدا كان خيرا له من أن يكون في شيء من ماله بقدر حقه فإن هلك ذلك الشيء بعينه هلك من المرتهن وبرئت ذمة الراهن قال ولم نر ذمة رجل تبرأ إلا بأن يؤدي إلى غريمه ماله عليه أو عوضا منه يتراضيان عليه فيملك الغريم العوض ويبرأ به غريمه وينقطع مالكه عنه أو يتطوع صاحب الحق بأن يبرئ منه صاحبه والمرتهن والراهن ليسا في واحد من معاني البراءة ولا البواء قال الشافعي فإن قال قائل ألا ترى أن أخذ المرتهن الرهن كالاستيفاء لحقه قلت لو كان استيفاء لحقه وكان الرهن جارية كان قد ملكها وحل له وطؤها ولم يكن له ردها على الراهن ولا عليه ولو أعطاه ما فيه إلا أن يتراضيا بأن يتبايعا فيها بيعا جديدا ولم يكن مع هذا للمرتهن أن يكون حقه إلى سنة فيأخذه اليوم بلا رضا من الذي عليه الحق قال ما هو باستيفاء ولكن كيف قلت إنه محتبس في يدي المرتهن بحق له ولا ضمان عليه فيه فقيل له بالخبر وكما يكون المنزل محتبسا بإجارة فيه ثم يتلف المنزل بهدم أو غيره من وجوه التلف فلا ضمان على المكترى فيه وإن كان المكترى سلف الكراء رجع به على صاحب المنزل وكما يكون العبد مؤجرا أو البعير مكرى فيكون محتبسا بالشرط ولا ضمان في واحد منهما ولا في حر لو كان مؤجرا فهلك قال الشافعي

صفحة : 1042

إنما الرهن وثيقة كالحمالة فلو أن رجلا كانت له على رجل ألف درهم فكفل له بها جماعة عند وجوبها أو بعده كان الحق على الذي عليه الحق وكان الحملاء ضامنين له كلهم فإن لم يؤد الذي عليه الحق كان للذي له الحق أن يأخذ الحملاء كما شرط عليهم ولا يبرأ ذلك الذي عليه الحق حتى يستوفي آخر حقه ولو هلك الحملاء أو غابوا لم ينقص ذلك حقه ورجع به على من عليه أصل الحق وكذلك الرهن لاينقص هلاكه ولا نقصانه حق المرتهن وأن السنة المبينة بأن لايضمن الرهن ولو لم يكن فيه سنة كان أنا لم نعلم الفقهاء اختلفوا فيما وصفنا من أنه ملك للراهن وأن للمرتهن أن يحبسه بحقه لامتعديا بحبسه دلالة بينة على أن الرهن ليس بمضمون قال الشافعي قال بعض أصحابنا قولنا في الرهن إذا كان مما يظهر هلاكه مثل الدار والنخل والعبيد وخالفنا بعضهم فيما يخفى هلاكه من الرهن قال الشافعي واسم الرهن جامع لما يظهر هلاكه ويخفى وإنما جاء الحديث جملة ظاهرا وما كان جملة ظاهرا فهو على ظهوره وجملته إلا أن تأتي دلالة عمن جاء عنه أو يقول العامة على أنه خاص دون عام وباطن دون ظاهر ولم نعلم دلالة جاءت بهذا عن رسول الله ﷺ فنصير إليها ولو جاز هذا بغير دلالة جاز لقائل أن يقول الرهن الذي يذهب به إذا هلك هلك حق صاحبه المرتهن الظاهر الهلاك لأن ما ظهر هلاكه فليس في موضع أمانة فهو كالرضا منهما بأنه بما فيه أو مضمون بقيمته وأما ما خفي هلاكه فرضي صاحبه بدفعه إلى المرتهن وقد يعلم أن هلاكه خاف فقد رضي فيه أمانته فهو أمينه فإن هلك لم يهلك من مال المرتهن شيء فلا يصح في هذا قول أبدا على هذا الوجه إذا جاز أن يصير خاصا بلا دلالة قال الشافعي والقول الصحيح فيه عندنا ما قلنا من أنه أمانة كله لما وصفنا من دفع صاحبه إياه برضاه وحق أوجبه فيه كالكفالة ولا يعدو الرهن أن يكون أمانة فلا اختلاف بين أحد أن ما ظهر وخفي هلاكه من الأمانة سواء غير مضمون أو أن يكون مضمونا فلا اختلاف بين أحد أن ما كان مضمونا فما ظهر وخفي هلاكه من المضمون سواء أو يفرق بين ذلك سنة أو أثر لازم لامعارض له مثله وليس نعرفه مع من قال هذا القول من أصحابنا قال الشافعي وقد قال هذا القول معهم بعض أهل العلم وليس في أحد مع قول رسول الله ﷺ حجة قال الشافعي وخالفنا بعض الناس في الرهن فقال فيه إذا رهن الرجل رهنا بمعدل فالرهن مضمون فإن هلك الرهن نظرنا فإن كانت قيمته أقل من الدين رجع المرتهن على الراهن بالفضل وإن كانت قيمة الرهن مثل الدين أو أكثر لم يرجع على الراهن بشيء ولم يرجع الراهن

صفحة : 1043

عليه بشيء قال الشافعي كأنه في قولهم رجل رهن رجلا ألف درهم بمائة درهم فإن هلكت الألف فمائة بمائة وهو في التسعمائة أمين أو رجل رهن رجلا مائة بمائة فإن هلكت المائة فالرهن بما فيه لأن مائة ذهبت بمائة أو رجل رهن رجلا خمسين درهما بمائة درهم فإن هلكت الخمسون ذهبت بخمسين ثم رجع صاحب الحق المرتهن على الراهن بخمسين قال الشافعي وكذلك في قولهم عرض يسوي ما وصفنا بمثل هذا قال الشافعي فقيل لبعض من قال هذا القول هذا قول لايستقيم بهذا الموضع عند أحد من أهل العلم فقال من جهة الرأي لأنكم جعلتم رهنا واحدا مضمونا مرة كله ومضمونا مرة بعضه ومرة بعضه بما فيه ومرة يرجع بالفضل فيه فهو في قولكم لامضمونا بما يضمن به ما ضمن لأن ما ضمن إنما يضمن بعينه فإن فات فقيمته ولا بما فيه من الحق فمن أين قلتم فهذا لايقبل إلا بخبر يلزم الناس الأخذ به ولا يكون لهم إلا تسليمه قالوا روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال يترادان الفضل قلنا فهو إذا قال يترادان الفضل فقد خالف قولكم وزعم أنه ليس منه شيء بأمانة وقول علي أنه مضمون كله كان فيه فضل أو لم يكن مثل جميع ما يضمن مما إذا فات ففيه قيمته قال الشافعي فقلنا قد رويتم ذلك عن علي كرم الله تعالى وجهه وهو ثابت عندنا برواية أصحابنا فقد خالفتموه قال فأين قلنا زعمتم أنه قال يترادان الفضل وأنت تقول إن رهنه ألفا بمائة درهم فمائة بمائة وهو في التسعمائة أمين والذي رويت عن علي رضي الله عنه فيه أن الراهن يرجع على المرتهن بتسعمائة قال فقد روينا عن شريح أنه قال الرهن بما فيه وإن كان خاتما من حديد قلنا فأنت أيضا تخالفه قال وأين قلنا أنت تقول إن رهنه مائة بألف أو خاتما يسوي درهما بعشرة فهلك الرهن رجع صاحب الحق المرتهن على الراهن بتسعمائة من رأس ماله وبتسعة في الخاتم من رأس ماله وشريح لايرد واحدا منهما على صاحبه بحال فقال قد روى مصعب بن ثابت عن عطاء أن رجلا رهن رجلا فرسا فهلك الفرس فقال النبي ﷺ ذهب حقك قال الشافعي فقيل له أخبرنا إبراهيم عن مصعب بن ثابت عن عطاء قال زعم الحسن كذا ثم حكى هذا القول قال إبراهيم كان عطاء يتعجب مما روى الحسن وأخبرني به غير واحد عن مصعب عن عطاء عن الحسن وأخبرني بعض من أثق به أن رجلا من أهل العلم رواه عن مصعب عن عطاء عن النبي ﷺ وسكن عن الحسن فقيل له أصحاب مصعب يروونه عن عطاء عن الحسن فقال نعم وكذلك حدثنا ولكن عطاء مرسل اتفق من الحسن مرسل قال الشافعي ومما يدل على

صفحة : 1044

وهن هذا عند عطاء إن كان رواه أن عطاء يفتي بخلافه ويقول فيه بخلاف هذا كله ويقول فيما ظهر هلاكه أمانة وفيما خفي يترادان الفضل وهذا أثبت الرواية عنه وقد روى عنه يترادان مطلقه وما شككنا فيه فلا نشك أن عطاء إن شاء الله تعالى لايروي عن النبي ﷺ شيئا مثبتا عنده ويقول بخلافه مع أني لم أعلم أحدا روى هذا عن عطاء يرفعه إلا مصعب والذي روى هذا عن عطاء يرفعه يوافق قول شريح إن الرهن بما فيه قال وكيف يوافقه قلنا قد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق ومثله وأقل ولم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس وهذا يدل على أنه إن كان قاله رأى أن الرهن بما فيه قال فكيف لم تأخذ به قلنا لو كان منفردا لم يكن من الرواية التي تقوم بمثلها حجة فكيف وقد روينا عن النبي ﷺ قولا بينا مفسرا مع ما فيه من الحجة التي ذكرنا وصمتنا عنها قال فكيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ولم تقبلوه من غيره قلنا لا نحفظ أن ابن المسيب روى منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ولا أثره عن أحد فيما عرفناه عنه إلآ ثقة معروف فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعه ورأينا غيره يسمى المجهول ويسمى من يرغب عن الرواية عنه ويرسل عن النبي ﷺ وعن بعض من لم يلحق من أصحابه المستنكر الذي لايوجد له شيء يسدده ففرقنا بينهم لافتراق أحاديثهم ولم نحاب أحدا ولكنا قلنا في ذلك بالدلالة البينة على ما وصفناه من صحة روايته وقد اخبرني غير واحد من أهل العلم عن يحي بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي ﷺ مثل حديث ابن ابي ذئب قال فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه قلنا إذا ثبت عندنا عن علي رضي الله عنه لم يكن عندنا وعندك وعند أحد من أهل العلم لنا أن نترك ما جاء عن النبي ﷺ إلى ما جاء عن غيره قال فقد روى عبد الأعلى التغلبي عن علي بن أبي طالب شبيها بقولنا قلنا الرواية عن علي رضي الله عنه بأن يترادان الفضل أصح عنه من رواية عبد الأعلى وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى التي لايعارضها معارض تضعيفا شديدا فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها قال الشافعي وقيل لقائل هذا القول قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء يرفعه ومن أصح الروايتين عن علي رضي الله عنه وعن شريح وما روينا عن النبي ﷺ إلى قول رويته عن إبراهيم النخعي وقد روى عن إبراهيم خلافه وإبراهيم لو لم تختلف الرواية عنه فيه زعمت لايلزم قوله وقلت قولا متناقضا خارجا عن أقاويل الناس وليس للناس

صفحة : 1045

فيه قول إلا وله وجه وإن ضعف إلا قولكم فإنه لاوجه له يقوى ولا يضعف ثم لاتمتنعون من تضعيف من قال يترادان الفضل أن يقول لم يدفعه أمانة ولا بيعا وإنما دفعه محتبسا بشيء فإن هلك ترادا فضله وهكذا كل مضمون بعينه إذا هلك ضمن من ضمنه قيمته قال الشافعي وهذا ضعيف إذ كيف يترادان فضله وهو إن كان كالبيع فهو بما فيه وإن كان محتبسا بحق فما معنى أنه مضمون وهو لاغصب من المرتهن ولا عدوان عليه في حبسه وهو يبيح له حبسه قال الشافعي ووجه قول من قال الرهن بما فيه أن يقول قد رضي الراهن والمرتهن أن يكون الحق في الرهن فإذا هلك هلك بما فيه لأنه كالبدل من الحق وهذا ضعيف وما لم يتراضيا تبين ملك الراهن على الرهن إلى أن يملكه المرتهن ولو ملكه لم يرجع إلى الراهن قال الشافعي والسنة ثابتة عندنا والله تعالى أعلم بها قلنا وليس مع السنة حجة ولا فيها إلا إتباعها مع أنها أصح الأقاويل مبتدأ ومخرجا قال وقيل لبعض من قال هذا القول الذي حكينا أنت أخطأت بخلاف السنة وأخطأت بخلافك ما قلت قال وأين خالفت ما قلت قلت عبت علينا أن زعمنا أنه أمانة وحجتنا فيه ما ذكرنا وغيرها مما فيما ذكرنا كفاية منه فكيف عبت قولا قلت ببعضه قال لي وأين قلت زعمت أن الرهن مضمون قال نعم قلنا فهل رأيت مضمونا قط بعينه فهلك إلا أدى الذي ضمنه قيمته بالغة ما بلغت قال لا غير الرهن قلنا فالرهن إذا كان عندك مضمونا لم لم يكن هكذا إذا كان يسوي ألفا وهو رهن بمائة لم لم يضمن المرتهن تسعمائة لو كان مضمونا كما ذكرت قال هو في الفضل أمين قلنا ومعنى الفضل غير معنى غيره قال نعم قلنا لأن الفضل ليس برهن قال إن قلت ليس برهن قلت أفيأخذه مالكه قال فليس لمالكه أن يأخذه حتى يؤدي ما فيه قلنا لم قال لأنه رهن قلنا فهو رهن واحد محتبس بحق واحد بعضه مضمون وبعضه أمانة قال نعم قلنا أفتقبل مثل هذا القول ممن يخالفك فلو قال هذا غيرك ضعفته تضعيفا شديدا فيما ترى وقلت وكيف يكون الشيء الواحد مدفوعا بالأمر الواحد بعضه أمانة وبعضه مضمون قال الشافعي وقلنا أرأيت جارية تسوي ألفا رهنت بمائة وألف درهم رهنت بمائة أليست الجارية بكمالها رهنا بمائة والألف الدرهم رهن بكمالهما بمائة قال بلى قلنا الكل مرهون منهما ليس له أخذه ولا إدخال أحد برهن معه فيه من قبل أن الكل مرهون بالمائة مدفوع دفعا واحدا بحق واحد فلا يخلص بعضه دون بعض قال نعم قلنا وعشر الجارية مضمون وتسعة أعشارها أمانة ومائة مضمون وتسعمائة أمانة قال نعم قلنا فأي شئت عبت من قولنا ليس بمضمون وهذا أنت تقول

صفحة : 1046

في أكثره ليس بمضمون قال الشافعي وقيل له إذا كانت الجارية دفعت خارجا تسعة أعشارها من الضمان والألف كذلك فما تقول إن نقصت الجارية في ثمنها حتى تصير تسوى مائة قال الجارية كلها مضمونة قيل فإن زادت بعد النقصان حتى صارت تسوى ألفين قال تخرج الزيادة من الضمان ويصير نصف عشرها مضمونا وتسعة عشر جزاء من عشرين سهما غير مضمون قلنا ثم هكذا إن نقصت أيضا حتى صارت تسوى مائة قال نعم تعود كلها مضمونة قال وهكذا جوار لو رهن يسوين عشرة آلاف بألف كانت تسعة أعشارهن خارجة من الرهن بضمان وعشر مضمون عنده فقلت لبعضهم لو قال هذا غيركم كنتم شبيها أن تقولوا ما يحل لك أن تتكلم في الفتيا وأنت لا تدري ما تقول كيف يكون رهن واحد بحق واحد بعضه أمانة وبعضه مضمون ثم يزيد فيخرج ما كان مضمونا منه من الضمان لأنه إن دفع عندكم بمائة وهو يسوى مائة كان مضمونا كله وإن زاد خرج بعضه من الضمان ثم إن نقص عاد إلى الضمان وزعمت أنه إن دفع جارية رهنا بألف وهي تسوى ألفا فولدت أولادا يساوون آلاف فالجارية مضمونه كلها والأولاد رهن كلهم غير مضمونين لا يقدر صاحبهم على أخذهم لأنهم رهن وليسوا بمضمونين ثم إن ماتت أمهم صاروا مضمونين بحساب فهم كلهم مرة رهن خارجون من الضمان ومرة داخل بعضهم في الضمان خارج بعض قال الشافعي فقيل لمن قال هذا القول ما يدخل على أحد أقبح من قولكم أعلمه وأشد تناقضا أخبرني من أثق به عن بعض من نسب إلى العلم منهم أنه يقول لو رهن الجارية بألف ثم أدى الألف إلى المرتهن وقبضها منه ثم دعاه بالجارية فهلكت قبل أن يدفعها إليه هلكت من مال الراهن وكانت الألف مسلمة للمرتهن لأنها حقه فإن كان هذا فقد صاروا فيه إلى قولنا وتركوا جميع قولهم وليس هذا بأنكر مما وصفنا وما يشبهه مما سكتنا عنه قال الشافعي فقال لي قائل من غيرهم نقول الرهن بما فيه ألا ترى أنه لما دفع الرهن يعني بشيء بعينه ففي هذا دلالة على أنه قد رضى الراهن والمرتهن بأن يكون الحق في الرهن قلنا ليس في ذلك دلالة على ما قلت قال وكيف قلنا إنما تعاملا على أن الحق على مالك الرهن والرهن وثيقة مع الحق كما تكون الحمالة قال كأنه بأن يكون رضا أشبه قلنا إنما الرضا بأن يتبايعانه فيكون ملكا للمرتهن فيكون حينئذ رضا منهما به ولا يعود إلى ملك الراهن إلا بتجديد بيع منه وهذا في قولنا وقولكم ملك للراهن فأي رضا منهما وهو ملك للراهن بأن يخرج ملك الراهن إلى ملك المرتهن فإن قلت إنما يكون الرضا إذا هلك فإنما ينبغي أن يكون الرضا عند العقدة والدفع قال

صفحة : 1047

هذه والدفع كان وهو ملك للراهن ولا يتحول حكمه عما دفع به لأن الحكم عندنا وعندك في كل أمر فيه عقدة إنما هو على العقدة

رهن المشاع

قال الشافعي رحمه الله لا بأس بأن يرهن الرجل نصف أرضه ونصف داره وسهما من أسهم من ذلك مشاع غير مقسوم إذا كان الكل معلوما وكان ما رهن منه معلوما ولا فرق بين ذلك وبين البيوع وقال بعض الناس لايجوز الرهن إلا مقبوضا مقسوما لايخالطه غيره واحتج بقول الله تبارك وتعالى فرهان مقبوضة قال الشافعي قلنا فلم يجز الرهن إلا مقبوضا مقسوما وقد يكون مقبوضا وهو مشاع غير مقسوم قال قائل فكيف يكون مقبوضا وأنت لاتدري أي الناحيتين هو وكيف يكون مقبوضا في العبد وهو لايتبعض فقلت كان القبض إذا كان اسما واحدا لايع عندك إلا بمعنى واحد وقد يقع على معان مختلفه قال بل هو بمعنى واحد قلت أو ما تقبض الدنانير والدراهم وما صغر باليد وتقبض الدور بدفع المفاتيح والأرض بالتسليم قال بلى فقلت فهذا مختلف قالق يجمعه كله أنه منفصل لايخالطه شيء قلت فقد تركت القول الأول وقلت آخر وسنتركه إن شاء الله تعالى وقلت فكأن القبض عندك لايقع أبدا إلا على منفصل لايخالطه شيء قال نعم قلت فما تقول في نصف دار ونصف أرض ونصف عبد ونصف سيف اشتريته منك بثمن معلوم قال جائز قلت وليس علي دفع الثمن حتى تدفع إلي ما اشتريت فأقبضه قال نعم قلت فإني لما اشتريت أردت نقض البيع فقلت باعني نصف دار مشاع لاأدري أشرقي الدار يقع أم غربيها ونصف عبد لا ينفصل أبدا ولا ينقسم وأنت لاتجيزني على قسمه لأن فيه ضررا فأنا أفسخ البيع بني وبينك قال ليس ذلك لك وقبض نصف الدار ونصف الأرض ونصف العبد ونصف السيف أن يسلمه ولا يكون دونه حائل قلت أنت لاتجيز البيع إلا معلوما وهذا غير معلوم قال هو وإن لم يكن معلوما بعينه منفصلا فالكل معلوم ونصيبك من الكل محسوب قلت وإن كان محسوبا فإني لاأدري أين يقع قال أنت شريك في الكل قلت فهو غير مقبوض لأنه ليس بمنفصل وأنت تقول فيما ليس بمنفصل لايكون مقبوضا فيبطل به الرهن وتقول القبض أن يكون منفصلا قال قد يكون منفصلا وغير منفصل قلت وكيف يكون مقبوضا وهو غير منفصل قال لأن الكل معلوم وإذا كان الكل معلوما فالبعض بالحساب معلوم قلت فقد تركت قولك الأول وتركت قولك الثاني فلم إذا كان هذا كما وصفت يجوز البيع فيه والبيع لا يجوز إلا معلوما فجعلته معلوما ويتم

صفحة : 1048

بالقبض لأن البيع عندك لايتم حتى يقضى على صاحبه بدفع الثمن إلا مقبوضا فكان هذا عندك قبضا زعمت أنه في الرهن غير قبض فلا يعدو أن تكون أخطأت بقولك لايكون في الرهن قبضا أو بقولك يكون في البيع قبضا قال الشافعي فالقبض اسم جامع وهو يقع بمعان مختلفة كيف ما كان الشيء معلوما أو كان الكل معلوما والشيء من الكل جزء معلوم من أجزاء وسلم حتى لا يكون دونه حائل فهو قبض فقبض الذهب والفضة والثياب في مجلس الرجل والأرض أن يؤتى في مكانها فتسلم لا تحويها يد ولا يحيط بها جدار والقبض في كثير من الدور والأرضين إسلاها بأعلاقها والعبيد تسليمهم بحضرة القابض والمشاع من كل أرض وغيرها أن لايكون دونه حائل فهذا كله قبض مختلف يجمعه اسم القبض وإن تفرق الفعل فيه غير أنه يجمعه أن يكون مجموع العين والكل جزء من الكل معروف ولا حائل دونه فإذا كان هكذا فهو مقبوض والذي يكون في البيع قبضا يكون في الرهن قبضا لايختلف ذلك قال الشافعي ولم أسمع أحدا عندنا مخالفا فيما قلت من أنه يجوز فيه الرهن والذي يخالف لا يحتج فيه بمتقدم من أثر فيلزم اتباعه وليس بقياس ولا معقول فيغيبون في الاتباع الذي يلزمهم أن يفرقوا بين الشيئين إذا فرقت بينهما الآثار حتى يفارقوا الآثار في بعض ذلك لأن يجزئوا الأشياء زعموا على مثال ثم تأتي أشياء ليس فيها أثر فيفرقون بينها وهي مجتمعة بآرائهم ونحن وهم نقول في الآثار تتبع كما جاءت وفيما قلت وقلنا بالرأي لا نقبل إلا قياسا صحيحا على أثر قال الشافعي وإن تبايع الراهن والمرتهن على شرط الرهن وهو أن يوضع على يدي المرتهن فجائز وإن وضعاه على يدي عدل فجائز وليس لواحد منهما إخراجه من حيث يضعانه إلا باجتماعهما على الرضا بأن يخرجاه قال الشافعي فإن خيف الموضوع على يديه فدعا أحدهما إلى إخراجه من يديه فينبغي للحاكم إن كانت تغيرت حاله عما كان عليه من الأمانة حتى يصير غير أمين أن يخرجه ثم يأمرهما أن يتراضيا فإن فعلا وإلا رضي لهما كما يحكم عليهما فيما لم يتراضيا فيه بما لزمهما قال وإن مات الموضوع على يديه الرهن فكذلك يتراضيان أو يرضى لهما القاضي إن أبيا التراضي قال الشافعي وإن مات المرتهن والرهن على يديه ولم يرض الراهن وصية ولا وارثة قيل لوارثه إن كان بالغا أو لوصيه إن لم يكن بالغا تراض أنت وصاحب الرهن فإن فعلا وإلا صيره الحاكم إلى عدل وذلك أن الراهن لم يرض بأمانة الوارث ولا الوصي ولما كان للوارث حق في احتباس الرهن حتى يستوفي حقه كان له ما وصفنا من الرضا فيه إذا كان له أمر في ماله قال الشافعي وإن مات الراهن فالدين حال

صفحة : 1049

ويباع الرهن فإن أدى ما فيه فذلك وإن كان في ثمنه فضل رد على ورثة الميت وإن نقص الرهن من الدين رجع صاحب الحق بما بقي من حقه في تركة الميت وكان أسوة الغرماء فيما يبقى من دينه قال الشافعي وليس لأحد من الغرماء أن يدخل معه في ثمن رهنه حتى يستوفيه وله أن يدخل مع الغرماء بشيء إن بقي له في مال الميت غير المرهون إذا باع رهنه فلم يف قال الشافعي وإذا كان الرهن على يدي عدل فإن كانا وضعاه على يدي العدل على أن يبيعه فله بيعه إذا حل الأجل فإن باعه قبل أن يحل الأجل بغير أمرهما معا فالبيع مفسوخ وإن فات ضمن القيمة إن شاء الراهن والمرتهن وكانت القيمة أكثر مما باع به وإن شاء فللراهن ما باع به الرهن قل أو كثر ثم إن تراضيا أن تكون القيمة على يديه إلى محل الأجل وإلا تراضيا أن تكون على يدي غيره لأن بيعه للرهن قبل محل الحق خلاف الأمانة وإن باعه بعد محل الحق بما لايتغابن الناس بمثله رد البيع إن شاء فإن فات ففيها قولان أحدهما يضمن قيمته ما بلغت فيه فيؤدي إلى ذي الحق حقه ويكون لمالك الرهن فضلها والقول الآخر يضمن ما حط مما لايتغابن الناس بمثله لأنه لو باع بما يتغابن الناس بمثله جاز البيع فإنما يضمن ما كان لا يجوز له بحال قال الشافعي وحد ما يتغابن الناس بمثله يتفاوت تفاوتا شديدا فيما يرتفع وينخفض ويخص ويعم فيدعى رجلان عدلان من أهل البصر بتلك السلعة المبيعه فيقال أيتغابن أهل البصر بالبيع في البيع بمثل هذا فإن قالوا نعم جاز وإن قالوا لا رد إن قدر عليه وإن لم يقدر عليه فالقول فيه ما وصفت قال الشافعي ولا يلتفت إلى ما يتغابن به غير أهل البصر وإلى ترك التوقيت فيما يتغابن الناس بمثله بعض أصحابه وخالفه صاحبه وكان صاحبه يقول حد ما يتغابن الناس بمثله العشرة ثلاثة فإن جاوز ثلاثة لم يتغابن أهل البصر بأكثر من ثلاثة قال الشافعي وأهل البصر بالجوهر والوشي وعليه الرقيق يتغابنون بالدرهم ثلاثة وأكثر ولا يتغابن أهل البصر بالحنطة والزيت والسمن والتمر في كل خمسين بدرهم وذلك لظهوره وعموم البصر به مع اختلاف ما يدق وظهور ما يجل قال الشافعي وإن باع الموضوع على يديه الرهن فهلك الثمن منه فهو أمين والدين على الراهن قال الشافعي وإن اختلف مالك الرهن والمرتهن والمؤتمن والبائع فقال بعت بمائة وقال بعت بخمسين فالقول قوله ومن جعلنا القول قوله فعليه اليمين إن أراد الذي يخالفه يمينه قال وإن اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال الراهن رهنتكه بمائة وقال المرتهن رهنتنيه بمئتين فالقول قول الراهن قال الشافعي وإن اختلفا في الرهن فقال الراهن رهنتك عبدا يساوي ألفا وقال المرتهن رهنتني عبدا يساوي مائة فالقول

صفحة : 1050

قول المرتهن قال الشافعي ولو قال مالك العبد رهنتك عبدي بمائة أو هو في يديك وديعة وقال الذي هو في يديه بل رهنتنيه بألف في الحالين كان القول قول مالك العبد في ذلك لأنهما يتصادقان على ملكه ويدعى الذي هو في يديه فضلا على ما كان يقر به مالكه فيه أو حقا في الرهن لا يقر به مالكه قال الشافعي وليس في كينونة العبد في يدي المرتهن دلالة على ما يدعى من فضل الرهن قال الشافعي ولو قال رهنتكه بألف ودفعتها إليك وقال المرتهن لم تدفعها إلي كان القول قول المرتهن لأنه يقر بألف يدعي منها البراءة قال الشافعي ولو قال رهنتك عبدا فأتلفته وقال المرتهن مات كان القول قول المرتهن ولا يصدق الراهن على تضمينه ولو قال رهنتك عبدا بألف وأتلفته وليس بهذا وقال المرتهن هو هذا فلا يصدق الراهن على تضمين المرتهن العبد الذي ادعى ولا يكون العبد الذي ادعى فيه المرتهن الرهن رهنا لأن مالك العبد لم يقر بأنه رهنه إياه بعينه ويتحالفان معا ألا ترى أنهما لو تصادقا على أن له عليه ألف درهم وقال صاحب الألف رهنتني بها دارك وقال صاحب الدار لم أرهنك كان القول قوله قال الشافعي ويجوز رهن الدنانير بالدنانير والدراهم بالدراهم كان الرهن مثلا أو أقل أو أكثر من الحق وليس هذا ببيع قال الشافعي وإذا استعار رجل من رجل عبدا يرهنه فرهنه فالرهن جائز إذا تصادقا على ذلك أو قامت به بينة كما يجوز لو رهنه مالك العبد فإن أراد مالك العبد أن يخرجه من الرهن فليس له ذلك إلا أن يدفع الراهن أو مالك العبد متطوعا الحق كله قال الشافعي ولمالك الرهن أن يأخذ الراهن بافتكاكه له متى شاء لأنه أعاره له بلا مدة كان ذلك محل الدين أو بعده قال الشافعي فإن أعاره إياه فقال أرهنه إلى سنة ففعل وقال أفتكه قبل السنة ففيها قولان أحدهما أن له أن يأخذه ببيع ماله عليه في ماله حتى يعيده إليه كما أخذه منه ومن حجة من قال هذا أن يقول لو أعرتك عبدي يخدمك سنة كان لي أخذه الساعة ولو أسلفتك ألف درهم إلى سنة كان لي أخذها منك الساعة والقول الآخر أنه ليس له أخذه إلى السنة لأنه قد أذن له أن يصير فيه حقا لغيرهما فهو كالضامن عنه مالا ولا يشبه إذنه برهنه إلى مدة عاريته إياه ولا سلفه له قال الشافعي ولو تصادقا على أنه أعاره إياه يرهنه وقال أذنت لك في رهنه بألف وقال الراهن والمرتهن أذنت لي بألفين فالقول قول مالك العبد في أنه بألف والألف الثانية على الراهن في ماله للمرتهن قال الشافعي ولو استعاره رجلان عبدا من رجل فرهناه من رجل بمائة ثم أتى أحدهما بخمسين فقال هذا ما يلزمني من الحق لم يكن واحد منهما ضامنا عن صاحبه وإن

صفحة : 1051

اجتمعا في الرهن فإن نصفه مفكوك ونصفه مرهون قال الشافعي وإذا استعار رجل من رجلين عبدا فرهنه بمائة ثم جاء بخمسين فقال هذه فكاك حق فلان من العبد وحق فلان مرهون ففيها قولان أحدهما أنه لايفك إلا معا ألا ترى أنه لو رهن عبدا لنفسه بمائة ثم جاء بتسعين فقال فك تسعة أعشاره واترك العشر مرهونا لم يكن منه شيء مفكوكا وذلك أنه رهن واحد بحق واحد فلا يفك إلا معا والقول الآخر أن الملك لما كان لكل واحد منهما على نصفه جاز أن يفك نصف أحدهما دون نصف الآخر كما لو استعار من رجل عبدا ومن آخر عبدا فرهنهما جاز أن يفك أحدهما دون الآخر والرجلان وإن كان ملكها في واحد لايتجزأ فأحكامهما في البيع والرهن حكم مالكي العبدين المفترقين قال الشافعي ولولي اليتيم أو وصيه أن يرهنا عنه كما يبيعان عليه فيما لابد له منه وللمأذون له في التجارة وللمكاتب والمشترك المستأمن أن يرهن ولا بأس أن يرهن المسلم عند المشرك والمشرك عند المسلم كل شيء ما خلا المصحف والرقيق من المسلمين فإنا نكره أن يصير المسلم تحت يدي المشرك بسبب يشبه الرق والرهن وإن لم يكن رقا فإن الرقيق لايمتنع إلا قليلا من الذل لمن صار تحت يديه بتصيير مالكه قال الشافعي ولو رهن العبد لم نفسخه ولكنا نكرهه لما وصفنا ولو قال قائل آخذ الراهن بافتكاكه حتى يوفي المرتهن المشرك حقه متطوعا أو يصير في يديه بما يجوز له ارتهانه فإن لم يتراضيا فسخت البيع كان مذهبا فأما ما سواهم فلا بأس برهنه من المشركين فإن رهن المصحف قلنا إن رضيت أن ترد المصحف ويكون حقك عليه فذلك لك أو تتراضيان على ما سوى المصحف مما يجوز أن يكون في يديك وإن لم تتراضيا فسخنا البيع بينكما لأن القرآن أعظم من أن يترك في يدي مشرك يقدر على إخراجه من يديه وقد نهى رسول الله ﷺ أن يمسه من المسلمين إلا طاهر ونهى أن يسافر به إلى بلاد العدو أخبرنا إبراهيم وغيره عن جعفر عن أبيه أن النبي ﷺ رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي قال الشافعي ويوقف على المرتد ماله فإن رهن منه شيئا بعد الوقف فلا يجوز في قول بعض أصحابنا على حال وفي قول بعضهم لايجوز إلا أن يرجع إلى الإسلام فيملك ماله فيجوز الرهن وإن رهنه قبل وقف ماله فالرهن جائز كما يجوز للمشرك ببلاد الحرب ما صنع في ماله قبل أن يؤخذ عنه وكما يجوز للرجل من أهل الإسلام والذمة ما صنع في ماله قبل أن يقوم عليه غرماؤه فإذا قاموا عليه لم يجز ما صنع في ماله حتى يستوفوا حقوقهم أو يبرئوه منها قال الشافعي وليس للمقارض أن يرهن لأن الملك لصاحب المال كان في

صفحة : 1052

المقارضة فضل عن رأس المال أو لم يكن وإنما ملك المقارض الراهن شيئا من الفضل شرطه له إن سلم حتى يصير رأس مال المقارض إليه أخذ شرطه وإن لم يسلم لم يكن له شيء قال وإن كان عبد بين رجلين فأذن أحدهما للآخر أن يرهن العبد فالرهن جائز وهو كله رهن بجميع الحق لايفك بعضه دون بعض وفيها قول آخر أن الراهن إن فك نصيبه منه فهو مفكوك ويجبر على فك نصيب شريكه في العبد إن شاء ذلك شريكه فيه وإن فك نصيب صاحبه منه فهو مفكوك وصاحب الحق على حقه في نصف العبد الباقي وإن لم يأذن شريك العبد لشريكه في أن يرهن نصيبه من العبد فرهن العبد فنصفه مرهون ونصف شريكه الذي لم يأذن له في رهنه من العبد غير مرهون ألا ترى أن رجلا لو تعدى فرهن عبد رجل بغير إذنه لم يكن له رهنا وكذلك يبطل الرهن في النصف الذي لا يملكه الراهن قال الشافعي ويجوز رهن الاثنين الشيء الواحد قال الشافعي فإن رهن رجل رجلا أمة فولدت أو حائطا فأثمر أو ماشية فتناتجت فاختلف أصحابنا في هذا فقال بعضهم لايكون ولد الجارية ولا نتاج الماشية ولا ثمرة الحائط رهنا ولا يدخل في الرهن شيء لم يرهنه مالكه قط ولم يوجب فيه حقا لأحد وإنما يكون الولد تبعا في البيوع إذا كان الولد لم يحدث قط إلا في ملك المشتري وإن كان الحمل كان في ملك البائع وتبعا في العتق لأن العتق كان ولم يولد المملوك فلم يصر إلا أن يكون مملوكا لأنه لم يصر إلى حكم الحياة الظاهر إلا بعد العتق لأمه وهو تبع لأمه وثمر الحائط إنما يكون تبعا في البيع ما لم يؤبر وإذا أبر فهو للبائع إلا أن يشترط المبتاع قال الشافعي والعتق والبيع مخالف للرهن ألا ترى أنه إذا باع فقد حول رقبة الأمة والحائط والماشية من ملكه وحوله إلى ملك غيره وكذلك إن أعتق الأمة فقد أخرجها من ملكه لشيء جعله الله وملكت نفسها والرهن لم يخرجه من ملكه قط هو في ملكه بحاله إلا أنه محول دونه بحق حبسه به لغيره أجازه المسلمون كما كان العبد له وقد أجره من غيره وكان المستأجر أحق بمنفعته إلى المدة التي شرطت له من مالك العبد والملك له وكما لو آجر الأمة فتكون محتبسة عنه بحق فيها وإن ولدت أولاد لم تدخل الأولاد في الإجارة فكذلك لاتدخل الأولاد في الرهن والرهن بمنزلة ضمان الرجل عن الرجل ولا يدخل في الضمان إلا من أدخل نفسه فيه وولد الأمه ونتاج الماشية وثمر الحائط مما لم يدخل في الرهن قط وقد أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن ابن طاوس عن ابيه أن معاذ بن جبل قضى فيمن ارتهن نخلا مثمرا فليحسب المرتهن ثمرها من رأس المال وذكر سفيان بن عيينة شبيها به قال الشافعي وأحسب مطرفا قاله

صفحة : 1053

في الحديث من عام حج رسول الله ﷺ قال الشافعي وهذا كلام يحتمل معاني فأظهر معانيه أن يكون الراهن والمرتهن تراضيا أن تكون الثمرة رهنا أو يكون الدين حالا ويكون الراهن سلط المرتهن على بيع الثمرة واقتضائها من رأس ماله أو أذن له بذلك وإن كان الدين إلى أجل ويحتمل غير هذا المعنى فيحتمل أن يكونا تراضيا أن الثمرة للمرتهن فتأداها على ذلك فقال هي من رأس المال لا للمرتهن ويحتمل أن يكونوا صنعوا هذا متقدما فأعلمهم أنها لا تكون للمرتهن ويشبه هذا لقوله من عام حج رسول الله ﷺ كأنهم كانوا يقضون بأن الثمر للمرتهن قبل حج النبي ﷺ وظهور حكم فردهم إلى أن لا تكون للمرتهن فلما لم يكن له ظاهر مقتصرا عليه وصار إلى التأويل لم يجز لأحد فيه شيء إلا جاز عليه وكل يحتمل معنى لايخالف معنى قول من قال لا تكون الثمرة رهنا مع الحائط إذا لم تشترط قال الشافعي فإن قال قائل وكيف لا يكون له ظاهر مخالف يحكم به قلت أرأيت رجلا رهن رجلا حائطا فأثمر الحائط للمرتهن بيع الثمرة وحسابها من رأس المال فيكون بائعا لنفسه بلا تسليط من الراهن وليس في الحديث أن الراهن سلط المرتهن على بيع الثمرة أو يجوز للمرتهن أن يقبضها من رأس ماله إن كان الدين إلى أجل قبل محل الدين ولا يجيز هذا أحد علمته فليس وجه الحديث في هذا إلا بتأويل قال الشافعي فلما كان هذا الحديث هكذا كان أن لا تكون الثمرة رهنا ولا الولد ولا النتاج أصح الأقاويل عندنا والله تعالى أعلم قال الشافعي ولو قال قائل إلا أن يتشارطا عند الرهن أن يكون الولد والنتاج والثمر رهنا فيشبه أن يجوز عندي وإنما أجزته على ما لم يكن أنه ليس بتمليك فلا يجوز أن يملك مالا يكون وهذا يشبه معنى حديث معاذ والله تعالى أعلم وإن لم يكن بالبين جدا كان مذهبا ولولا حديث معاذ ما رأيته يشبه أن يكون عند أحد جائزا قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا رهنه ماشية أو نخلا على أن ما حدث من النتاج أو الثمرة رهن كان الرهن باطلا لأنه رهنه ما لا يعرف ولا يضبط ويكون ولا يكون ولا إذا كان كيف يكون وهذا أصح الأقاويل على مذهب الشافعي قال الشافعي وقال بعض أصحابنا الثمرة والنتاج وولد الجارية رهن مع الجارية والماشية والحائط لأنه منه وما كسب الرهن من كسب أو وهب له من شيء فهو لمالكه ولا يشبه كسبه الجناية عليه لأن الجناية ثمن له أو لبعضه قال الشافعي وإذا دفع الراهن الرهن إلى المرتهن أو إلى العدل فأراد أن يأخذه من يديه لخدمة أو غيرها فليس له ذلك فإن أعتقه فإن مسلم بن خالد أخبرنا عن ابن جريج عن عطاء في العبد يكون رهنا

صفحة : 1054

فيعتقه سيده فإن العتق باطل أو مردود قال الشافعي وهذا له وحه ووجهه أن يقول قائله إذا كان العبد بالحق الذي جعله فيه محولا بينه وبين أن يأخذه ساعة يخدمه فهو من أن يعتقه أبعد فإذا كان في حال لايجوز له فيها عتقه وأبطل الحاكم فيها عتقه ثم فكه بعد لم يعتق بعتق قد أبطله الحاكم وقال بعض أصحابنا إذا أعتقه الراهن نظرت فإن كان له مال يقي بقيمة العبد أخذت قيمته منه فجعلتها رهنا وأنفذت عتقه لأنه مالك قال وكذلك إن أبرأه صاحب الدين أو قضاه فرجع العبد إلى مالكه وانفسخ الدين الذي في عنقه أنقذت عليه العتق لأنه مالك إنما العلة التي منعت بها عتقه حق غيره في عنقه فلما انفسخ ذلك أنفذت فيه العتق قال الشافعي وقد قال بعض الناس هو حر ويسعى في قيمته والذي يقول هو حر يقول ليس لسيد العبد أن يبيعه وهو مالك له ولا يرهنه ولا يقبضه ساعه وإذا قيل له لم وهو مالك قد باع بيعا صحيحا قال فيه حق لغيره حال بينه وبين أن يخرجه من الرهن فقيل له فإذا منعته أن يخرجه من الرهن بعوض يأخذه لعله أن يؤديه إلى صاحبه أو يعطيه إياه رهنا مكانه أو قال ابيعه لايتلف ثم أدفع الثمن رهنا فقلت لا إلا برضا المرتهن ومنعته وهو مالك أن يرهنه من غيره فأبطلت الرهن إن فعل ومنعته وهو مالك أن يخدمه ساعة وكانت حجتك فيه أنه قد أوجب فيه شيئا لغيره فكيف أجزت له أن يعتقه فيخرجه من الرهن الإخراج الذي لا يعود فيه أبدا لقد منعته من الأقل وأعطيته الأكثر فإن قال استسعيه فالاستسعاء أيضا ظلم للعبد وللمرتهن أرأيت إن كانت أمة تساوي ألوفا ويعلم أنها عاجزة عن اكتساب نفقتها في أي شيء تسعى أو رأيت إن كان الدين حالا أو إلى أي يوم فأعتقه ولعل العبد يهلك ولا مال له و الأمة فيبطل حق هذا أو يسعى فيه مائة سنة ثم لعله لا يؤدي منه كبير شيء ولعل الراهن مفلس لا يجد درهما فقد أتلفت حق صاحب الرهن ولم ينتفع برهنه فمرة تجعل الدين يهلك إذا هلك الرهن لأنه فيه زعيم ومرة تنظر إلى الذي فيه الدين فتجيز فيه عتق صاحبه وتتلف فيه حق الغريم وهذا قول متباين وإنما يرتهن الرجل بحقه فيكون أحسن حالا ممن لم يرتهن والمرتهن في أكثر قول من قال هذا أسوأ حالا من الذي لم يرتهن وما شيء أيسر على من يستخف بذمته من أن يسأل صاحب الرهن أن يعيره إياه إما يخدمه أو يرهنه فإذا أبى قال لأخرجنه من يدك فأعتقه فتلف حق المرتهن ولم يجد عند الراهن وفاء قال الشافعي ولا أدري أيراه يرجع بالدين على الغريم العتق أم لا قال الشافعي فإن قال قائل لما أجزت العتق فيه إذا كان له مال ولم تقل ما قال فيه عطاء قيل له كل مالك يجوز عتقه إلا لعلة

صفحة : 1055

حق غيره فإذا كان عتقه إياه يتلف حق غيره لم أجزه وإذا لم يكن يتلف لغيره حقا وكنت آخذ العوض منه وأصيره رهنا كهو فقد ذهبت العلة التي بها كنت مبطلا للعتق وكذلك إذا أدى الحق الذي فيه استيفاء من المرتهن أو إبراء ولا يجوز الرهن إلا مقبوضا وإن رهنه رهنا فما قبضه هو ولا عدل يضعه على يديه فالرهن مفسوخ والقبض ما وصفت في صدر الكتاب مختلف قال وإن قبضه ثم أعاره إياه أو آجره إياه هو أو العدل فقال بعض أصحابنا لايخرجه هذا من الرهن لأنه إذا أعاره إياه فمتى شاء أخذه وإذا آجره فهو كالأجنبي يؤاجر الرهن إذا أذن له سيده والإجارة للمالك فإذا كانت للمالك فلصاحب الرهن أن يأخذ الرهن لأن الإجارة منفسخة وهكذا نقول قال الشافعي فإن تبايعا على أن يرهنه فرهنه وقبض أو رهنه بعد البيع فكل ذلك جائز وإذا رهنه فليس له إخراجه من الرهن فهو كالضمان يجوز بعد البيع و عنده قال الشافعي فإن تبايعا على أن يرهنه عبدا فإذا هو حر فالبائع بالخيار في فسخ البيع أو إنباته لأنه قد بايعه على وثيقة فلم تتم له وإن تبايعا على رهنه فلم يقبضه فالرهن مفسوخ لأنه لايجوز إلا مقبوضا جناية الرهن قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا جنى الأجنبي على العبد المرهون جناية تتلفه أو تتلف بعضه أو تنقصه فكان لها أرش فمالك العبد الراهن الخصم فيها وإن أحب المرتهن حضوره أحضره فإذا قضى له بأرش الجناية دفع الأرش إلى المرتهن إن كان الرهن على يديه أو إلى العدل الذي على يديه وقيل للراهن إن أحببت فسلمه إلى المرتهن قصاصا من حقه عليك وإن شئت فهو موقوف في يديه رهنا أو في يدي من على يديه الرهن إلى محل الحق قال الشافعي لا أحسب أحدا يعقل يختار أن يكون من ماله شيء يقف لا يقبضه فينتفع به إلى محل الدين ولا شيء له بوحه من الوجوه موقوفا غير مضمون إن تلف تلف بلا ضمان على الذي هو في يديه وكان أصل الحق ثابتا كما كان عليه على أن يكون قصاصا من دينه قال الشافعي فإن قال الراهن أنا آخذ الأرش لأن ملك العبد لي فليس ذلك له من قبل أن ما كان من أرش العبد فهو ينقص من ثمنه وما أخذ من أرشه فهو يقوم مقام بدنه لأنه عوض من بدنه والعوض من البدن يقوم مقام البدن إذا لم يكن لمالكه أخذ بدن العبد فكذلك لا يكون له أخذ أرش بدنه ولا أرش شيء منه قال الشافعي وإن جنى عليه ابن المرتهن فجنايته كجناية الأجنبي وإن جنى عليه المرتهن فجنايته أيضا كجناية الأجنبي إلا أن مالك العبد يخير بين أن يجعل ما يلزمه من ثمن عقل العبد قصاصا من دينه

صفحة : 1056

أو يقره رهنا في يديه إن كان الرهن على يديه وإن كان موضوعا على يدي عدل أخذ ما لزمه من عقله فدفع إلى العدل قال الشافعي فإن جنى عليه عبد للمرتهن قيل للمرتهن افد عبك بجميع الجناية أو أسلمه يباع فإن فداه فالراهن بالخيار بين أن يكون الفداء قصاصا من الدين أو يكون رهنا كما كان العبد وإن اسلم العبد بيع العبد ثم كان ثمنه رهنا كما كان العبد المجني عليه قال الشافعي وإن جنى عبد المرتهن على عبد الراهن المرهون جناية لا تبلغ النفس فالقول فيها كالقول في الجناية في النفس يخير بين أن يفديه بجميع أرش الجناية أو يسلمه يباع فإن اسلمه بيع ثم كان ثمنه كما وصفت لك قال الشافعي وإن كان في الرهن عبدان فجنى أحدهما على الآخر فالجناية هدر لأن الجناية في عنق العبد لا في مال سيده فإذا جنى أحدهما على الآخر فكأنما جنى على نفسه لأن المالك الراهن لايستحق إلا ما هو له رهن لغيره فالسيد لا يستحق من العبد الجاني إلا ماله والمرتهن لايستحق من العبد الجاني أيضا إلا ما هو ملك لمن رهنه وما هو رهن له قال الشافعي وإن كان الرهن أمة فولدت ولدا فجنى عليها ولدها فولدها كعبد للسيد لو جنى عليها لأنه خارج من الرهن قال الشافعي وإن جنى عبد للراهن على عبده المرهون قيل له قد أتلف عبدك عبدك وعبدك المتلف كله أو بعضه مرهون بحق لغيرك فيه فأنت بالخيار في أن تفدي عبدك بجميع أرش الجناية فإن فعلت فأنت بالخيار في أن يكون قصاصا من الدين أو رهنا مكان العبد المرهون لأن البدل من الرهن يقوم مقامه أو تسلم العبد الجاني فيباع ثم يكون ثمنه رهنا مكان المجني عليه قال الشافعي فإن جنى الراهن على عبده المرهون فقد جنى على عبد لغيره فيه حق برهنه لأنه يمنع منه سيده ويبيعه فيكون المرتهن أحق بثمنه من سيده ومن غرمائه فيقال أنت وإن كنت جنيت على عبدك فجنايتك عليه إخراج له من الرهن أو نقص له فإن شئت فأرش جنايتك عليه ما بلغت قصاصا من دينك وإن شئت فسلمه يكون رهنا مكان العبد المرهون قال وذلك إذا كان الدين حالا فأما إذا كان إلى أجل فيؤخذ الأرش فيكون رهنا إلا أن يتراضيا الجاني الراهن والمرتهن بأن يكون قصاصا قال الشافعي وإن كانت الجناية من أجنبي عمدا فلمالك العبد الراهن أن يقتص له من الجاني إن كان بينهما قصاصا وإن عرض عليه الصلح من الجناية فليس يلزمه أن يصالح وله أن يأخذ القود ولا يبدل مكانه غيره لأنه ثبت له القصاص وليس بمعتد في أخذه القصاص وقال بعض الناس ليس له أن يقتص وعلى الجاني أرش الجناية أحب أو كره قال الشافعي وهذا القول بعيد من قياس قوله هو يجيز عتق الراهن إذا اعتق

صفحة : 1057

العبد ويسعى العبد والذي يقول هذا القول يقتص للعبد من الحر ويزعم أن الله عزوجل حكم بالقصاص في القتلى وساوى النفس بالنفس ويزعم أن ولي القتيل لو أراد أن يأخذ في القتل العمد الدية لم يكن ذلك له من قبل أن الله عزوجل أوجب له القصاص إلا أن يشاء ذلك القاتل وولي المقتول فيصطلحا عليه قال الشافعي فإذا زعم أن القتل يجب فيه بحكم الله تعالى في القتل وكان وليه يريد القتل فمنعه إياه فقد أبطل ما زعم أن فيه حكما ومنع السيد من حقه قال الشافعي فإن قال فإن القتل يبطل حق المرتهن فكذلك قد أبطل حق الراهن وكذلك لو قتل نفسه أو مات بطل حق المرتهن فيه وحق المرتهن في كل حال على مالك العبد فإن كان إنما ذهب إلى أن هذا أصلح لهما معا فقد بدأ بظلم القاتل على نفسه فأخذ منه مالا وإنما عليه عنده قصاص ومنع السيد مما زعم أنه أوجب له وقد يكون العبد ثمنه عشرة دنانير والحق إلى سنة فيعطيه به رجل لرغبته فيه ألف دينار فيقال لمالك العبد هذا فضل كثير تأخذه فتقضي دينك ويقول ذلك له الغريم ومالك العبد محتاج فيزعم قائل هذا القول الذي أبطل القصاص للنظر للمالك وللمرتهن أنه لايكره مالك العبد على بيعه وإن كان ذلك نظرا لهما معا ولا يكره الناس في أموالهم على إخراجها من أيديهم بما لايريدون إلا أن يلزمهم حقوق للناس وليس للمرتهن في بيعه ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

صفحة : 1058

التفليس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريره أن رسول الله ﷺ قال وأيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به قال الشافعي وأخبرنا عبد الوهاب الثقفي أنه سمع يحيى بن سعيد يقول أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز حدثه أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام حدثه أنه سمع أبا هريره رضي الله عنه يقول قال رسول الله ﷺ من ادرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به أخبرنا محمد بن اسمعيل بن ابي فديك عن ابن ابي ذئب قال حدثني أبو المعتمر بن عمرو بن رافع عن ابن خلدة الزرقي وكان قاضيا بالمدينة أنه قال جئنا أبا هريرة رضي الله عنه في صاحب لنا قد أفلس فقال هذا الذي قضى فيه رسول الله ﷺ أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه قال الشافعي وبحديث مالك بن انس وعبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد وحديث ابن ابي ذئب عن ابي المعتمر في التفليس نأخذ وفي حديث ابن أبي ذئب مافي حديث مالك والثقفي من جملة التفليس ويتبين أن ذلك في الموت والحياة سواء وحديثهما ثابتان متصلان وفي قول النبي ﷺ من أدرك ماله بعينه فهو أحق به بيان على أنه جعل لصاحب السلعة إذا كانت سلعته قائمة بعينها نقض البيع الأول فيها إن شاء كما جعل للمستشفع الشفعة إن شاء لأن كل من جعله له شيء فهو إليه إن شاء أخذه وإن شاء تركه وإن أصاب السلعة نقص في بدنها عوار أو قطع أو غيره أو زادت فذلك كله سواء يقال لرب السلعة أنت أحق بسلعتك من الغرماء إن شئت لأن إنما نجعل ذلك إن اختاره رب السلعة نقضا للعقدة الأولى بحال السلعة الآن قال وإذا لم أجعل لورثة المفلس ولا له في حياته دفعه عن سلعته إذا لم يكن هو برئ الذمة بأدائه عن نفسه لم أجعل لغرمائه أن يدفعوا عن السلعة إن شاءواوما لغرمائه يدفعون عنه وما يعدوا غرماؤه أن يكونوا متطوعين للغريم بما يدفعون عنه فليس على الغريم أن يأخذ ماله من غير صاحب دينه كما لو كان لرجل على رجل دين فقال له رجل أقضيك عنه لم يكن عليه أن يقتضي ذلك منه وتبرأ ذمة صاحبه أو يكون هذا لهم لازما فيأخذه منهم وإن لم يريدوه فهذا ليس لهم بلازم ومن قضى عليه أن يأخذ المال منهم خرج من حديث رسول الله ﷺ أولا لأنه قد

صفحة : 1059

وجد عين ماله عند مفلس فإذا منعه إياه فقد منعه ما جعل له رسول الله ﷺ ثم أعطاه شيئا محالا ظلم فيه المعطى والمعطى وذلك أن المعطي لو أعطى ذلك الغريم حتى يجعله مالا من ماله يدفعه إلى صاحب السلعة فيكون عنده غير مفلس بحقه وجبره على قبضه فجاء غرماء آخرون رجعوا به عليه فكان قد منعه سلعته التي جعل له رسول الله ﷺ دون الغرماء كلهم وأعطاه العوض منها والعوض لايكون إلا لما فات والسلعة لم تفت فقضى ههنا قضاء محالا إذ جعل العوض من شيء قائم ثم زاد أن قضى بأن أعطاه مالا يسلم له لأن الغرماء إذا جاءوا ودخلوا معه فيه وكانوا أسوته وسلعته قد كانت له منفرده دونهم عن المعطى فجعله يعطي على أن يأخذ فضل السلعة ثم جاء غرماء آخرون فدخلوا عليه في تلك السلعة فإن قال قائل لم أدخل ذلك عليه وهو تطوع به قيل له فإذا كان تطوع به فلم جعلت له فيما تطوع به عوض السلعة والمتطوع من لا يأخذ عوضا ما زدت على أن جعلته له بيعا لا يجوز وغررا لا يفعل قال الشافعي وإذا باع الرجل من الرجل نخلا فيه ثمر أو طلع قد أبر استثناه المشتري وقبضها المشتري وأكل الثمر ثم أفلس المشتري كان للبائع أن يأخذ حائطه لأنه عين ماله ويكون أسوة الغرماء في حصة الثمر الذي وقع عليه البيع فاستهلكه المشتري من أصل الثمن يقسم الثمن على الحائط والثمر فينظر كم قيمة الثمر من أصل البيع فإن كان الربع أخذ الحائط بحصته وهو ثلاثة أرباع الثمن ورجع بقيمة الثمر وهو الربع وإنما قيمته يوم قبضه لا يوم أكله لأن الزيادة كانت في ماله ولو قبضه سالما والمسألة بحالها ثم أصابته جائحة رجع بحصته من الثمن لأنها أصابته في ملكه بعد قبضه ولو كان باعه الحائط والثمر قد أخضر ثم أفلس المشتري والثمر رطب أو تمر قائم أو بسر زائد عن الأخضر كان له أن يأخذه والنخل لأنه عين ماله وإن زاد كما يبيعه الجارية الصغيره فيأخذها كبيرة زائدة ولو أكل بعضه وأدرك بعضه زائدا بعينه أخذ المدرك وتبعه بحصة ما باع من الثمر يوم باعه إياه مع الغرماء قال الشافعي وهكذا لو باعه وديا صغارا أو نوى قد خرج أو زرعا قد خرج أو لم يخرج مع أرض فأفلس وذلك كله زائد مدرك أخذ الأرض وجميع ما باعه زائدا مدركا وإذا فات رجع بحصته من الثمن يوم وقع البيع كما يكون لو اشترى منه جارية أو عبدا بحال صغر أو مرض فمات في يديه أو أعتقه رجع بثمنه الذي اشتراه به منه ولو كبر العبد أو صح وقد اشتراه سقيما صغيرا كان للبائع أخذه صحيحا كبيرا لأنه عين ماله والزيادة فيه منه لامن صنعة الآدمين وكذلك لو باعه فعلمه أخذه معلما ولو

صفحة : 1060

كسى المشتري العبد أو وهب له مالا أخذ البائع العبد وأخذ الغرماء مال العبد وليس بالعبد لأنها غيره ومال من مال المشتري لايملكه البائع ولو كان العبد المبيع بيع وله مال استثناه المشتري ماله أو هلك في يد العبد فسواء ويرجع البائع بالعبد فيأخذه دون الغرماء وبقيمة المال من البيع يحاص به الغرماء ولو باعه حائطا لا ثمر فيه فأثمر ثم فلس المشتري فإن كان الثمر يوم فلس المشتري مأبورا أو غير مأبور فسواء والثمر للمشتري ثم يقال لرب النخل إن شئت فالنخل لك على أن تقر الثمر فيها إلى الجداد وإن شئت فدع النخل وكن أسوة الغرماء وهكذا لو باعه أمة فولدت ثم فلس كانت له الأمة ولم يكن له الولد ولو فلس والأمة حامل كانت له الأمة والحمل تبع يملكها كما يملك به الأمة ولو كانت السلعة أمة فولدت له أولادا قبل إفلاس الغريم ثم أفلس الغريم رجع بالأم ولم يرجع بالأولاد لأنهم ولدوا في ملك الغريم وإنما نقضت البيع الأول بالإفلاس الحادث واختيار البيع نقضه لا بأن أصل البيع كان مفسوخا من الأصل ولو كانت السلعة دارا فبنيت أو بقعة فغرست ثم أفلس والغريم رددت البائع بالدار كما كانت والبقعة كما كانت حين باعها ولم أجعل له الزيادة لأنها لم تكن في صفقت البيع وإنما هي شيء متميز من الأرض من مال المشتري ثم خيرته بين أن يعطى قيمة العمارة والغراس ويكون ذلك له أو يكون له ما كان من الأرض لاعمارة فيها وتكون العمارة الحادثة تباع للغرماء سواء بينهم إلا أن يشاء الغرماء والغريم أن يقلعوا البناء والغراس ويضمنوا لرب الأرض ما نقص الأرض القلع فيكون ذلك لهم ولو كانت السلعة شيئا متفرقا مثل عبيد أو إبل أو غنم أو ثياب أو طعام فاستهلك المشتري بعضه ووجد البائع بعضه كان له البعض الذي وجد بحصته من الثمن إن كان نصفا فقبض النصف وكان غريما من الغرماء في النصف الباقي وهكذا إن كان أكثر أو أقل قال وإذا جعل له رسول الله ﷺ الكل لأنه عين ماله فالبعض عين ماله وهو أقل من الكل ومن ملك الكل ملك البعض إلا أنه إذا ملك البعض نقص من ملكه والنقص لا يمنعه الملك ولو باع رجل من رجل أرضا فغرسها ثم فلس الغريم فأبى رب الأرض أن يأخذ الأرض بقيمة الغراس وأبى الغريم والغرماء أن يقلعوا الغراس ويسلموا الأرض إلى ربها لم يكن لرب الأرض إلا الثمن الذي باع به الأرض يحاص به الغرماء ولو باعه حائطا غير مثمر فأثمر ثم فلس كان رب الأرض بالخيار إن شاء أن يأخذ أرضه ويبقي الثمر فيها إلى الجداد إن أراد الغريم والغرماء أن يبقوه فيها إلى الجداد فذلك له وليس للغريم منعه وإن أراد أن يدعها ويضرب مع الغرماء بما كان له فعل وكذلك لو باعه أرضا

صفحة : 1061

بيضاء فزرعها ثم فلس كان مثل الحائط يبيعه ثم يثمر النخل فإن أراد رب الأرض أو رب النخل أن يقبلها ويبقي فيها الزرع إلى الحصاد والثمار إلى الجداد ثم عطبت النخل قبل ذلك بأي وجه ما عطبت بفعل الآدميين أو بأمر من السماء أو جاء سيل فخرق الأرض وأبطلها فضمان ذلك من ربها الذي قبلها لا من المفلس لأنه عندما قبلها صار مالكا لها إن أراد أن يبيع باع وإن أراد أن يهب وهب وإن قيل ومن أين يجوز أن يملك المرء شيئا لا يتم له جميع ملكه فيه لأن هذا لم يملكه الذي جعلت له أخذه ملكا تاما لأنه محول بينه وبين جمار النخل والجريد وكل ما أصر بثمر المفلس ومحول بينه وبين أن يحدث في الأرض يئرا أو شيئا مما يضر ذلك بزرع المفلس قيل له بدلالة قول النبي ﷺ من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فأجاز رسول الله ﷺ أن يملك المبتاع النخل ويملك البائع الثمر إلى الجداد قال ولو سلم رب الأرض الأرض للمفلس فقال الغرماء أحصد الزرع وبعه بقلا وأعطنا ثمنه وقال المفلس لست أفعل وانا أدعه إلى أن يحصد لأن ذلك أنمى لي والزرع لا يحتاج إلى الماء ولا المؤنة كان القول قول الغرماء في أن يباع لهم ولو كان يحتاج إلى السقي والعلاج فتطوع رجل للغريم بالإنفاق عليه فأخرج نفقة ذلك وأسلمها إلى من يلي الإنفاق عليه وزاد حتى ظن أن ذلك إن سلم سيكفي لم يكن للغريم إبقاء الزرع إلى الحصاد وكان للغرماء بيعه وإذا جعل له رسول الله ﷺ الكل لأنه عين ماله فاليعض عين ماله وهو أقل من الكل ومن ملك الكل ملك البعض إلا أنه إذا ملك البعض نقص من ملكه والنقص لا يمنعه الملك قال ولو كانت السلعة عبدا فأخذ نصف ثمنه ثم أفلس الغريم كان له نصف العبد شريكا به للغريم ويباع النصف الذي كان للغريم لغرمائه دونه على المثال الذي ذكرت ولا يرد مما أخذ شيئا لأنه مستوف لما أخذه ولو زعمت أنه يرد شيئا مما أخذ جعلت له لو أخذ الثمن كله أن يرده ويأخذ سلعته ومن قال هذا فهذا خلاف السنة والقياس عليها ولو كانا عبدين أو ثوبين فباعهما بعشرين فقبض عشرة وبقي من ثمنهما عشرة كان شريكا فيما بالنصف يكون نصفهما له ونصف للغرماء يباع في دينه ولو كانت المسألة بحالها فاقتضى نصف الثمن وهلك نصف الميبع وبقي أحد الثوبين أو أحد العبدين وقيمتهما سواء كان أحق به من الغرماء من قبل أنه عين ماله عند معدم والذي قبض من الثمن إنما هو بدل فكما كان لو كانا قائمين أخذهما ثم أخذ بعض البدل وبقي بعض السلعة كان ذلك كقيامهما معا فإن ذهب ذاهب إلى أن يقول البدل منهما معا فقد أخذ نصف ثمن ذا ونصف ثمن

صفحة : 1062

ذا فهل من شيء بين ما قلت غير ما ذكرت قيل نعم أن يكون جميعا ثمن ذا مثل ثمن ذا مستويى القيمة فيباعان صفقة واحده ويقبضان ويقبض البائع من ثمنهما خمسين ويهلك أحد الثوبين ويجد بالآخر عيبا فيرده بالنصف الباقي ولا يرد شيئا مما أخذ ويكون ما أخذ ثمن الهالك منهما ولو لم يكن بيعا وكانا رهنا بمائة فأخذ تسعين وفات أحدهما كان الآخر رهنا بالعشرة الباقية وكذلك يكون لو كانا قائمين ولا يبعض الثمن عليهما ولكنه يجعل الكل في كليهما والباقي في كليهما وكما يكون ذلك في الرهن لو كانوا عبيدا رهنا بمائة فأدى تسعين كانوا معا رهنا بعشرة لايخرج منهم أحد من الرهن ولا شيء منه حتى يستوفي آخر حقه فلما كان البيع في دلالة حكم النبي ﷺ موقوفا فإن أخذ ثمنه وإلا رجع بيعه فأخذه فكان كالمرتهن قيمته وفي أكثر من حال المرتهن في أنه أخذه كله لايباع عليه كما يباع الرهن فيستوفى حقه ويرد فضل الثمن على مالكه فكان في معنى السنة قال الشافعي في الشريكين يفلس أحدهما لا يلزم الشريك الآخر من الدين شيء إلا أن يقر أنه أدانه له بإذنه أو هما معا فيكون كدين أدانه له بإذنه بلا شركة كانت وشركة المفاوضة باطلة لا شركة إلا واحدة قال الله تبارك وتعالي وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وقال رسول الله ﷺ مطل الغنى ظلم فلم يجعل على ذي دين سبيلا في العسرة حتى تكون الميسرة ولم يجعل رسول الله ﷺ مطله ظلما إلا بالغنى فإذا كان معسرا فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر وإذا لم يكن عليه سبيل فلا سبيل على إجارته لأن إجارته عمل بدنه وإذا لم يكن على بدنه سبيل وإنما السبيل على ماله لم يكن إلى استعماله سبيل وكذلك لا يحبس لأنه لا سبيل عليه في حال هذه وإذا قام الغرماء على رجل فأرادوا أخذ جميع ماله ترك له من ماله قدر ما لا غناء به عنه وأقل ما يكفيه وأهله يومه من الطعام والشراب وقد قيل إن كان لقسمه حبس أنفق عليه وعلى أهله كل يوم أقل ما يكفيهم حتى يفرغ من قسم ماله ويترك لهم نفقتهم يوم يقسم آخر ماله وأقل ما يكفيه من كسوته في شتاء كان ذلك أو صيف فإن كان له من الكسوة ما يبلغ ثمنا كثيرا بيع عليه وترك له ما وصفت لك من أقل ما يكفيه منها فإن كانت ثيابه كلها غوالي مجاوزة القدر اشترى له من ثمنها أقل ما يكفيه مما يلبس أقصد من هو في مثل حاله ومن تلزمه مؤنته في وقته ذلك شتاء كان أو صيفا وإن مات كفن من ماله قبل الغرماء وحفر قبره وقبر بأقل ما يكفيه ثم اقتسم فضل ماله ويباع عليه مسكنه وخادمه لأن له من الخادم بدا وقد يجد المسكن قال وإذا جنيت عليه جناية قبل التفليس فلم يأخذ

صفحة : 1063

أرشها إلا بعد التفليس فالغرماء أحق بها منه إذا قبضها لأنها مال من ماله لا ثمن لبعضه ولو وهب له بعد التفليس هبة لم يكن عليه أن يقبلها فلو قبلها كانت لغرمائه دونه وكذلك كل ما أعطاه أحد من الآدميين متطوعا به فليس عليه قبوله ولا يدخل ماله شيء إلى بقبوله إلا الميراث فإنه لو ورث كان مالكا ولم يكن له دفع الميراث وكان لغرمائه أخذه من يده ولو جنيت عليه جناية عمدا فكان له الخيار بين أخذ الأرش أو القصاص كان له أن يقتص ولم يكن عليه أن يأخذ المال لأنه لا يكون مالكا للمال إلا بأن يشاء وكذلك لو عرض عليه من حنى عليه المال ولو استهلك له شيئا قبل التفليس ثم صالح منه على شيء بعد التفليس فإن كان ما صلح قيمة ما استهلك له بشيء معروف القيمة فأراد مستهلكه أن يزيده على قيمته لم يكن عليه أن يقبل الزيادة لأن الزيادة في موضع الهبة فإن فلس الغريم وقد شهد له شاهد بحق على آخر فأبى أن يحلف مع شاهده أبطلنا حقه إذا أحلفنا المشهود عليه ولم نجعل للغرماء أن يحلفوا لأنه لا يملك إلا بعد اليمين فلما لم يكن مالكا ولم يكن عليه أن يحلف وكذلك لو ادعى عليه فأبى أن يحلف ورد اليمين فامتنع المفلس من اليمين بطل حقه وليس للغرماء في حال أن يحلفوا لأنهم ليسوا مالكين إلا ما ملك إلا بعد اليمين ولو جنى هو بعد التفليس جناية عمدا أو استهلك مالا كان المجني عليه والمستهلك له أسوة الغرماء في ماله الموقوف لهم بيع أو لم يبع ما لم يقتسموه فإذا اقتسموه نظرنا فإن كانت الجناية بعد القسم دخل معهم فيما اقتسموا لأن حقه لزمه قبل يقسم ماله وإن كانت الجناية بعد القسم لم يدخل معهم لأنهم قد ملكوا ما قسم لهم وخرج عن ملك المفلس والجناية والاستهلاك دين عليه سواء ولو أن القاضي حجر عليه وأمر بوقف ماله ليباع فجنى عبد له جناية لم يكن له أن يفيده وأمر القاضي ببيع الجاني في الجناية حتى يوفي المجني عليه أرشها فإن فضل فضل رده في ماله حتى يعطيه غرماءه وإن لم يفضل من ثمنه شيء ولم يستوف صاحب الجناية جنايته بطلت جنايته لأنها كانت في رقبة العبد دون ذمة سيده ولو كان عبد المفلس مجنيا عليه كان سيده الخصم له فإذا ثبت الحق عليه وكان الجاني عليه عبدا فله أن يقتص إن كانت الجناية فيها قصاص وأن يأخذ الأرش من رقبة العبد الجاني فإن أراد الغرماء ترك القصاص وأخذ المال فليس ذلك لهم لأنه لا يملك المال إلا بعد اختياره لهم وإن كانت الجناية مما لا قصاص فيه إنما فيه الأرش لم يكن لسيد العبد عفو الأرش لأنه مال من ماله وجب له بكل حال فليس له هبته وهو مردود في ماله يقضي به على دينه وإذا باع الرجل من الرجل الحنطة أو

صفحة : 1064

الزيت أو السمن أو شيئا مما يكال أو يوزن فخلطه بمثله أو خلطه بأردأ منه من جنسه ثم فلس غريمه كان له أن يأخذ متاعه بعينه لأنه قائم كما كان ويقاسم الغرماء بكيل ماله أو وزنه وكذلك إن كان خلطه فيما دونه إن شاء لأنه لا يأخذ فضلا إنما يأخذ نقصا فإن كان خلطه مما هو خير منه ففيها قولان أحدهما أن لا سبيل له لأنا لا نصل إلى دفع ماله إليه إلا زائدا بمال غريمه وليس لنا أن نعطيه الزيادة وكان هذا أصح القولين والله أعلم وبه أقول قال ولا يشبه هذا الثوب يصبغ ولا السويق يلت الثوب يصبغ والسويق يلت متاعه بعينه فيه زيادة مختلطة فيه وهذا إذا اختلط انقلب حتى لا توجد عين ماله إلا غير معروفة من عين مال غيره وهكذا كل ذائب والقول الثاني أن ينظر إلى قيمة عسله وقيمة العسل المخلوط به متميزين ثم يخير البائع بأن يكون شريكا بقدر قيمة عسله من عسل البائع ويترك فضل كيل عسله أو يدع ويكون غريما كأن عسله كان صاعا يسوى دينارين وعسل شريكه كان صاعا يسوى أربعة دنانير فإن اختار أن يكون شريكا ثلثي صاع من عسله وعسل شريكه كان له وكان تاركا لفضل صاع ومن قال هذا قال ليس هذا ببيع إنما هذا وضيعة من مكيلة كانت له ولو باعه حنطة فطحنها كان فيها قولان هذا أشبههما عندي والله أعلم وبه اقول وهو أن له أن يأخذ الدقيق ويعطي الغرماء قيمة الطحن لأنه زائد على ماله وكذلك لو باعه ثوبا فصبغه كان له ثوبه وللغرماء صبغه يكونون شركاء بما زاد الصبغ في قيمة الثوب وهكذا لو باعه ثوبا فخاطه كان له أن يأخذ ثوبه وللغرماء ما زادت الخياطة وهكذا لو باعه إياه فقصره كان له أن يأخذ ثوبه وللغرماء بعد ما زادت القصارة فيه فإن قال قائل فأنت تزعم أن الغاصب لا يأخذ في القصارة شيئا لأنها أثر قلنا المفلس مخالف للغاصب من قبل أن المفلس إنما عمل فيما يملك ويحل له العمل فيه والغاصب عمل فيما لا يملك ولا يحل له العمل فيه ألا ترى أن المفلس يشتري البقعة فيبنيها ولا يهدم بناؤه ويهدم بناء الغاصب ويشتري الشيء فيبيعه فلا يرد بيعه ويرد بيع الغاصب ويشتري العبد فيعتقه فنجيز عتقه ولا نجيز عتق الغاصب قال الشافعي ولو كانت المسألة بحالها فأفلس الرجل وقد قصر الثوب قصار أو خاطه خياط أو صبغه صباغ بأجرة فاختار صاحب الثوب أن يأخذ ثوبه أخذه فإن زاد عمل القصار فيه خمسة دراهم وكانت إجارته فيه درهما أخذ الدرهم وكان شريكا به في الثوب لصاحب الثوب وكان صاحب الثوب أحق به من الغرماء وكانت الأربعة الدراهم للغرماء شركاء بها للقصار وصاحب الثوب وإن كان عمله زاد في الثوب درهما وإجارته خمسة دراهم كان

صفحة : 1065

شريكا لصاحب الثوب بالدرهم وضرب مع الغرماء في مال المفلس بأربعة دراهم ولو كانت تزيد في الثوب خمسة دراهم الإجارة درهم أعطينا القصار درهما يكون به شريكا في الثوب وللغرماء أربعة يكونون بها في الثوب شركاء فإن قال قائل كيف جعلته أحق بإجارته من الغرماء في الثوب فإنما جعلته أحق بها إذا كانت زائدة في الثوب فمنعها صاحب الثوب لم يكن للغرماء أن يأخذوا مازاد عمل هذا في الثوب دونه لأنه عين ماله فإن قالوا فما بالها إذا كانت أزيد من إجارته لم تدفعها إليه كلها وإذا كانت أنقص من إجارته لم تقتصر به عليها كما تجعلها في البيوع قلنا إنها ليست بعين بيع يقع فاجعلها هكذا وإنما كانت إجارة من الإجارات لزمت الغريم المستأجر فلما وجدت تلك الإجارة قائمة جعلته أحق بها لأنها من إجارته كالرهن له ألا ترى أنه لو كان له رهن يسوى عشرة بدرهم أعطيته منها درهما والغرماء تسعة ولو كان رهن يسوى درهما بعشرة دراهم أعطيته منها درهما وجعلته يحاص الغرماء بتسعة فإن قال فما باله يكون في هذا الموضع أولى بالرهن منه بالبيع قلت كذلك تزعم أنت في الثوب يخيطه الرجل أو يغسله له أن يحبسه عن صاحبه حتى يعطيه أجره كما يكون له أن يحبسه في الرهن حتى يعطيه ما فيه لأن له فيه عملا قائما فلا يسلمه إليه حتى يوفيه العمل فإن قال قائل مما تقول أنت لا أجعل له حبسه ولا لصاحب الثوب أخذه وأمره ببيع الثوب فأعطى كل واحد منهما حقه إذا أفلس فإن أفلس صاحب الثوب كان الخياط أحق بما زاد عمله في الثوب فإن كانت إجازته أكثر مما زاد عمله في الثوب أخذ ما زاد عمله في الثوب لأنه عين ماله وكانت بقية الإجارة دينا على الغريم يحاص به الغرماء وإن لم يفلس وقد عمل له ثوب فلم يرض صاحب الثوب بكينونة الثوب في يد الخياط أخذ مكانه منهما حتى يقضي بينهما بما وصفت أو يباع عليه الثوب فيعطي الخياط إجارته من ثمنه وبه أقول والقول الثاني أنه غريم في اجارته لأن ما عمل في الثوب ليس بعين ولا شيء من ماله زائد في الثوب إنما هو أثر في الثوب وهذا يتوجه قال وإذا استأجر الرجل أجيرا في حانوت أو زرع أو شجر بإجارة معلومة ليست مما استأجره عليه إما بمكيلة طعام مضمون وإما بذهب أو ورق أو استأجر حانوتا يبيع فيه بزا أو استأجر رجلا يعلم له عبدا أو يرعى له غنما أو يروض له بعيرا ثم أفلس فالأجير أسوة الغرماء من قبل أنه ليس لواحد من هؤلاء الأجراء شيء من ماله مختلط بهذا زائد فيه كزيادة للصبغ والقصارة في الثوب وهو من مال الصباغ وزيادة الخياطة في الثوب من مال الخياط وعمله وكل شيء من هذا غير ما استؤجر عليه وغير

صفحة : 1066

شيء قائم فيما استؤجر عليه ألا ترى أن قيمة الثوب غير مصبوغ وقيمته مصبوغا وقيمته غير مخيط وغير مقصور وقيمته مخيطا ومقصورا معروفة حصة زيادة العامل فيه وليس في الثياب التي في الحانوت ولا في الماشية التي ترعى ولا في العبد الذي يعلمه شيء قائم من صنعة غيره فيعطى ذلك صنعته أو ماله وإنما هو غريم من الغرماء أو لا ترى أنه لو تولى الزرع كان الزرع والماء والأرض من مال المستأجر وكانت صنعته فيه إنما هي إلقاء في الأرض ليست بشيء زائد فيه والزيادة فيه بعد شيء من قدر الله عز وجل ومن مال المستأجر لا صنعة فيها للأجير أو لا ترى أن الزرع لو هلك كانت له إجارته والثوب لو هلك في يديه لم يكن له إجارته لأنه لم يسلم عمله إلى من استأجره ولو تكارى رجل من رجل أرضا واشترى من آخر ماء ثم زرع الأرض ببذره ثم فلس الغريم بعد الحصاد كان رب الأرض ورب الماء شريكين للغرماء وليسا بأحق بما يخرج من الأرض ولا بالماء وذلك أنه ليس لهما فيه عين مال الحب الذي نما من مال الغريم لا من مالهما فإن قال قائل فقد نما بماء هذا وفي أرض هذا قلنا عين المال للغريم لا لهما والماء مستهلك في الأرض والزرع عين موجودة والأرض غير موجودة في الزرع وتصرفه فيها ليس بكينونة منها فيه فنعطيه عين ماله ولو عنى رجل فقال أجعلهما أحق بالطعام من الغرماء دخل عليه أنه أعطاهما غير عين مالهما ثم أعطاهما عطاء محالا فإن قال قائل فما المحال فيه قلنا إن زعم أن صاحب الزرع وصاحب الأرض وصاحب الماء شركاء فكم يعطى صاحب الأرض وصاحب الماء وصاحب الطعام فإن زعم أنه لهما حتى يستوفيا حقهما فقد أبطل حصة الغرماء من مال الزارع وهو لا يكون أحق بذلك من الغرماء إلا بعد ما يفلس الغريم فالغريم فلس وهذه حنطته ليست فيها أرض ولا ماء ولو أفلس والزرع بقل في أرضه كان لصاحب الأرض أن يحاص الغرماء بقدر ما أقامت الأرض في يدي الزارع إلى أن أفلس ثم يقال للمفلس وغرمائه ليس لك ولا لهم أن تستمتعوا بأرضه وله أن يفسخ الإجارة الآن إلا أن تطوعوا فتدفعوا إليه إجارة مثل الأرض إلى أن يحصد الزرع فإن لم تفعلوا فاقلعوا عنه الزرع إلا أن يتطوع بتركه لكم وذلك أنا نجعل التفليس فسخا للبيع وفسخا للإجارة فمتى فسخنا الإجارة كان صاحب الأرض أحق بها إلا أن يعطى إجارة مثلها لأن الزارع كان غير متعد قال ولو باع رجل من رجل عبدا فرهنه ثم فلس كان المرتهن أحق به من الغرماء يباع له منه بقدر حقه فإن بقي من العبد بقية كان البائع أحق بها فإن قال قائل فإذا جعلت هذا في الرهن فكيف لم تجعله في القصارة والغسالة كالرهن

صفحة : 1067

فتجعله أحق به من رب الثوب قيل له لافتراقهما فإن قال قائل وأين يفترقان قلنا القصارة والغسالة شيء يزيده القصار والغسال في الثوب فإذا أعطيناه إجارته والزيادة في الثوب فقد أوفيناه ماله بعينه فلا نعطيه أكثر منه في الثوب ونجعل ما بقي من ماله في مال غريمه قال ولو هلك الثوب عند القصار أو الخياط لم نجعل له على المستأجر شيئا من قبل أنه إنما هو زيادة يحدثها فمتى لم يوفها رب الثوب لم يكن له والرهن مخالف لهذا ليس بزيادة في العبد ولكنه إيجاب شيء في رقبته يشبه البيع فإن مات العبد كان ذلك في ذمة مولاه الراهن لا يبطل بموت العبد كما تبطل الإجارة بهلاك الثوب فإن قال فقد يجتمعان في موضع ويفترقان في آخر قيل نعم فنجمع بينهما حيث اجتمعا ونفرق بينهما حيث افترقا ألا ترى أنه إذا رهن العبد فجلنا المرتهن أحق به حتى يستوفي حقه من البائع والغرماء فقد حكمنا له فيه ببعض حكم البيع ولو مات العبد رددنا المرتهن بحقه ولو كان هذا حكم البيع بكماله لم يرد المرتهن بشيء فإنما جمعنا بينه وبين البيع حيث اشتبها وفرقنا بينهما حيث افترقا ولو استأجر رجل أرضا فقبض صاحب الأرض إجارتها كلها وبقي الزرع فيها لا يستغني عن السقي والقيام عليه وفلس الزارع وهو الرجل قيل لغرمائه إن تطوعتم بأن تنفقوا على الزرع إلى أن يبلغ ثم تبيعوه وتأخذوا نفقتكم مع مالكم فذلك لكم ولا يكون ذلك لكم إلا بأن يرضاه رب الزرع المفلس فإن لم يرضه فشئتم أن تطوعوا بالقيام عليه والنفقة ولا ترجعوا بشيء فعلتم وإن لم تشاءوا وشئتم فبيعوه بحاله تلك لا تجبرون على أن تنفقوا على ما لا تريدون قال وهكذا لو كان عبد فمرض بيع مريضا بحاله وإن قل ثمنه قال وإذا اشترى الرجل من الرجل عبدا أو دارا أو متاعا أو شيئا ما كان بعينه فلم يقبضه حتى فلس البائع فالمشتري أحق به بما باعه يلزمه ذلك ويلزم له كره أو كره الغرماء ولو اشترى منه شيئا موصوفا من ضرب السلف من رقيق موصوفين أو إبل موصوفة أو طعام أو غيره من بيوع الصفة ودفع إليه الثمن كان أسوة الغرماء فيما له وعليه ولو كان الثمن لبعض ما اشترى من هذا عبدا بعينه أو دارا بعينها أو ثيابا بعينها بطعام موصوف إلى أجل أو غيره كان البائع للدار المشترى بها الطعام أحق بداره لأنه بائع مشتر ليس بخارج من بيعه وكذلك لو سلف في الطعام فضة مصوغة معروفة أو ذهبا أو دنانير بأعيانها فوجدها قائمة يقر بها الغرماء أو البائع كان أحق بها فإن كانت مما لا يعرف أو استهلكت فهو أسوة الغرماء وإذا اكترى الرجل من الرجل الدار ثم فلس المكرى فالكراء ثابت إلى مدته ثبوت البيع مات المفلس أو عاش وهكذا قال بعض أهل ناحيتنا

صفحة : 1068

في الكراء وزعم في الشراء أنه إذا مات فإنما هو أسوة الغرماء وقد خالفنا غير واحد من الناس في الكراء ففسخه إذا مات المكتري أو المكري لأن ملك الدار قد تحول لغير المكري والمنفعة قد تحولت لغير المكتري وقال ليس الكراء كالبيوع ألا ترى أن الرجل يكتري الدار فتنهدم فلا يلزم المكري أن يبنيها ويرجع المكتري بما بقي من حصة الكراء ولو كان هذا بيعا لم يرجع بشيء فيثبت صاحبنا والله يرحمنا وإياه الكراء الأضعف لأنا ننفرد به دون غيرنا في مال المفلس وإن مات يجعله للمكتري وأبطل البيع فلم يجعله للبائع ولو فرق بينها لكان البيع أولى أن يثبت للبائع من الكراء للمكتري لأنه ليس بملك تام وإذا جمعنا نحن بينهما لم ينبغ له أن يفرق بينهما قال وإذا تكارى الرجل من الرجل حمل طعام إلى بلد من البلدان ثم أفلس المكتري أو مات فكل ذلك سواء يكون المكري أسوة الغرماء لأنه ليس له في الطعام صنعة ولو كان أفلس قبل أن يحمل الطعام كان له أن يفسح الكراء لأنه ليس للمكتري أن يعطيه من ماله شيئا دون غرمائه ولا أجبر المكري أن يأخذ شيئا من غريم المفلس إلا أن يشاء غرماؤه ولو حمله بعض الطريق ثم أفلس كان له بقدر ما حمله من الكراء يحاص به الغرماء وكان له أن يفسح الحمولة في موضعه ذلك إن شاء إن كان موضع لا يهلك فيه الطعام مثل الصحراء أو ما أشبهها وإذا تكارى النفر الإبل بأعيانها من الرجل فمات بعض إبلهم لم يكن على المكري أن يأتيه بإبل بدلها فإذا كان هذا هكذا فلو أفلس المكري ومات بعض إبلهم لم يرجع على أصحابه ولا في مال المكري بشيء إلا بما بقي مما دفع إليه من كرائه يكون فيه أسوة الغرماء وتكون الإبل التي اكتريت على الكراء فإذا انقضى كانت مالا من مال المكري المفلس ولو كانوا تكاروا منه حمولة مضمونة على غير إبل بأعيانها يدفع إلى كل رجل منهم إبلا بأعيانها كان له نزعها من أيديهم وإبدالهم غيرها فإذا كان هذا هكذا فحقهم في ذمته مضمون عليه فلو ماتت إبل كان يحمل عليها واحد منهم فأفلس الغريم كانوا جميعا أسوة فيما بقي من الإبل بقدر حمولتهم لأنها مضمونة في ماله لا في إبل بأعيانها فيكون إذا هلكت لم يرجع وإن كان معهم غرماء بأي وجه كان لهم الدين عليه ضرب هؤلاء بديونهم وحاصوهم وإذا اكترى الرجل من الرجل الإبل ثم هرب منه فأتى المتكاري السلطان فأقام عنده البينة على ذلك فإن كان السلطان ممن يقضى على الغائب أحلف المتكاري أن حقه عليه لثابت في الكراء ما يبرأ منه بوجه من الوجوه وسمي الكراء والحمولة ثم تكارى له على الرجل كما يبيع له في مال الرجل إذا كانت الحمولة مضمونة عليه وإن كانت الحمولة إبلا بأعيانها لم

صفحة : 1069

يتكار له عليه وقال القاضي للمكتري أنت بالخيار بين أن تكتري من غيره وأردك بالكراء عليه لفراره منك أو آمر عدلا فيعلف الإبل أقل ما يكفيها ويخرج ذلك متطوعا به غير مجبور عليه وأردك به على صاحب الإبل دينا عليه وما أعلف الإبل قبل قضاء القاضي فهو متطوع به وإن كان للجمال فضل من إبل باع عليه وأعلف إبله إذا كان ممن يقضي على الغائب ولم يأمر أحد ينفق عليها ولم يفسخ الكراء إنما يفعل هذا إذا لم يكن له فضل إبل قال وإذا باع عليه فضلا من إبله أو مالا له سوى الإبل ثم جاء الجمال لم يرد بيعه ودفع إليه ماله وأمره بالنفقة على إبله قال والاحتياط لمن تكارى من جمال أن يأخذه بأن يوكل رجلا ثقة ويجيز أمره في بيع ما رأى من إبله ومتاعه فيعلف إبله من ماله ويجعله مصدقا فيما أدان على إبله وعلفها به لازما له ذلك ويحلفه لا يفسخ وكالته فإن غاب قام بذلك الوكيل قال وإذا تكارى القوم من الجمال إبلا بأعيانها ثم أفلس فلكل واحد منهم أن يركب إبله بأعيانها ولا تباع حتى يستوفوا الحمولة وإن كانت بغير أعيانها ودفع إلى كله إنسان بعيرا دخل بعضهم على بعض إذا ضاقت الحموله كما يدخل بعضهم على بعض في سائر ماله حتى يتساووا في الحمولة ودخل عليهم غرماؤه الذين لا حمولة لهم حتى يأخذوا من إبله بقدر ما لهم وأهل الحمولة بقيمة حمولتهم ومن أصدق امرأة عبدا بعينه فقبضته أو لم تقبضه ثم أفلس فهو لها وكذلك لو باعه أو تصدق به صدقة محرمة وكذلك لو أقر أنه غصبه إياه أو أقر أنه له فإن وهبه لرجل أو نخله أو تصدق به صدقة غير محرمة فلم يقبضه الموهوب له حتى فلس فليس له دفعة إليه ولا للموهوب له قبضه فإن قبضه بعد وقف القاضي ماله كان مردودا لأن ملك هذا لا يتم إلا بالقبض من الهبة والصدقة والنحل وإذا أفلس الغريم بمال لقوم قد عرفه الغريم كله وعرف كل واحد من الغرماء ما لكل واحد منهم فدفع إلى غرمائه ما كان له قل أو كثر فإن كانوا ابتاعوا ما دفع إليهم من ماله بمالهم عليه أو أبرءوه مما لهم عليه حين قبضوه منه فهو برئ بلغ ذلك من حقوقهم ما بلغ قليلا كان أو كثيرا ولكل واحد منهم من ذلك المال بقدر ماله على الغريم فلصاحب المائتين سهمان ولصاحب المائة سهم وإن كان دفعه إليهم ولم يتبايعوه ولم يبرئوه وبقي عليه مالا يبلغه ثمن ماله فهذا لا بيع لهم ولا رهن فإن لم يكن بيع فجاء غرماء آخرون دخلوا معهم فيه وكذلك لو كان إنما أفلس بعد دفعه إليهم والمال ماله بحاله إلا أنهم ضامنون له بقبولهم إياه على الاستيفاء له فإن لم يفت استؤنف فيه البيع ودخل من حدث من غرمائه معهم فيه وإن كان بيع فالمفلس بالخيار بين أن يكون له جميع ما بيع به يقبضونه

صفحة : 1070

ومن حدث من غرمائه داخل عليهم فيه أو يضمنهم قيمة المال إن كان فات يقاصهم به من دينه وما كان قائما بعينه فالبيع مردود فيه إلا أن يكون وكلهم ببيعه فيجوز عليه البيع كما يجوز على من وكل بيع وكيله وإذا بيع مال المفلس لغرماء أقاموا عليه بينة ثم أفاد بعد مالا واستحدث دينا فقام عليه أهل الدين الآخر واهل الدين الأول ببقايا حقوقهم فكلهم فيما أفاد من مال سواء قديمهم وحديثهم وكل دين ادانه قبل يحجر عليه القاضي لزمه ويضرب فيه كل واحد منهم بقدر ماله عليه وهكذا لو حجر عليه القاضي ثم باع ماله وقضى غرماءه ثم أفاد مالا وادان دينا كان الأولون والآخرون من غرمائه سواء في ماله وليس بمحجور عليه بعد الحجر الأول وبيع المال لأنه لم يحجر عليه لسفه إنما حجر في وقت لبيع ماله فإذا مضى فهو على غير الحجر قال ولو كانت المسألة بحالها وحضر له غرماء كانوا غيبا داينوه قبل تفليسه الأول أدخلنا الغرماء الذين داينوه قبل تفليسه الأول في ماله الأول على الغرماء الذين اقتسموا ماله بقدر ما لكل واحد عليه ثم أدخلنا هؤلاء الذين كانوا والآخرين المدخل هؤلاء عليهم والغرماء الآخرين معا في المال المستحدث الذي فلسناه فيه الثانية بقدر ما بقي لأولئك وما لهؤلاء عليه سواء وإذا باع الرجل الرجل السلعة وقبضها المشتري على أنهما بالخيار ثلاثا ففلس البائع أو المشتري أول هما قبل الثلاث فذلك كله سواء ولهما إجازة البيع ورده لأيهما شاء رده وإنما زعمت أن لهما إجازة البيع لأنه ليس ببيع حادث ألا ترى أنهما لو لم يتكلما في البيع برد ولا إجازة حتى تمضي الثلاث جاز ولو لم يختارا ولم يردا ولا واحد منهما حتى تمضي الثلاث كان البيع لازما كالبيع بلا خيار قال ومن وجد عين ماله عند مفلس كان أحق به إن شاء وسواء كان مفلسا فتركه أو أراد الغرماء أخذه أو غير مفلس لأنه لا يملكه إلا أن يشاء فلا أجبره على ملك مالا يشاء إلا الميراث فإنه لو ورث شيئا فرده لم يكن له وكان للغرماء أخذه كما يأخذون سائر ماله ولكل واحد منهما إجازة البيع ورده في أيام الخيار أحب ذلك الغرماء أو كرهوا لأن البيع وقع على عين فيها خيار قال ولو أسلف رجل في طعام أو غيره بصفة فحلت وفلس فأراد أخذه دون الصفة لم يكن له إذا لم يرض ذلك الغرماء لأنه يأخذ ما لم يشتر قال ولو أعطى خيرا مما سلف عليه فإن كان من غير جنس ما سلف عليه لم يكن عليه أخذه وإن أراد ذلك الغرماء لأن الفضل هبة وليس عليه أن يتهب ولهم أن يأخذوا من الغريم ما عليه بعينه وإن كان من جنس ما سلف عليه لزمه أخذه إذا رضي ذلك الغرماء وإن كره لأنه لا ضرر عليه في الزيادة وذلك في العبيد وغيرهم

صفحة : 1071

مما لا تكون الزيادة مخالفة غير الزيادة خلافا لا تصلح الزيادة لما يصلح له النقص قال الشافعي رحمه الله تعالى ينبغي للحاكم إذا أمر بالبيع على المفلس أن يجعل أمينا يبيع عليه ويأمر المفلس بحضور البيع أو التوكيل بحضوره إن شاء ويأمر بذلك من حضر من الغرماء فإن ترك ذلك المبيع عليه والمبيع له أو بعضهم باع الأمين وما يباع من مال ذي الدين ضربان أحدهما مرهون قبل أن يقام عليه والآخر غير مرهون فإذا باع المرهون من ماله دفع ثمنه إلى المرتهن ساعة يبيعه إذا كان قد أثبت رهنه عند الحاكم وحلف على ثبوت حقه فإن فضل عن رهنه شيء وقفه وجميع ما باع مما ليس برهن حتى يجتمع ماله وغرماؤه فيفرق عليهم قال وإذا باع لرجل رهنه فعجز عن مبلغ حقه دفع إليه ما نض من ثمن رهنه وكان فيما بقي من حقه أسوة الغرماء ولو كان ذو الدين رهن غريمه رهنا فلم يقبضه المرتهن حتى قام عليه الغرماء كان الرهن مفسوخا وكان الغرماء فيه أسوة وكذلك لو رهنه رهنا وقبضه ثم فسخه صاحب الحق أو رهنه رهنا فاسدا بوجه من الوجوه لم يكن رهنا وكان فيه أسوة الغرماء ولو رهنه رجلين معا كانا كالرجل الواحد ولو رهنه رجلا فقبضه ثم رهنه آخر بعده فأعطى الأول جميع حقه وبقيت من ثمن الرهن بقية لم يكن للآخر فيها إلا ما لسائر الغرماء لأنه لا يجوز له أن يرهن الآخر شيئا قد رهنه فصار غير جائز لأمر فيه قال ولو رهن رجل رهنا فلم يقبضه المرتهن وأفلس الرجل الراهن فالرهن مفسوخ وكل رهن مفسوخ بوجه فهو مال من مال المفلس ليس أحد من غرمائه أحق به من أحدهم فيه معا أسوة قال ولا يجوز رهن الثمر في رءوس النخل ولا الزرع قائما لأنه لا يقبض ولا يعرف ويجوز بعد ما يجد ويحصد فيقبض ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 1072

باب ما جاء فيما يجمع مما يباع من مال صاحب الدين قال الشافعي رحمه الله ولا ينبغي للحاكم أن يأمر من يبيع مال الغريم حتى يحضره ويحضر من حضر من غرمائه فيسألهم فيقول ارتضوا بمن أضع ثمن ما بعت على غريمكم لكم حتى أفرقه عليكم وعلى غريم إن كان له حق معكم فإن اجتمعوا على ثقة لم يعده وإن اجتمعوا على غير ثقة لم يقبله لأن عليه أن لا يولي إلا ثقة لأن ذلك مال الغريم حتى يقضي عنه ولو فضل منه فضل كان له ولو كان فيه نقص كان عليه ولعله يطرأ عليه دين لغيرهم كبعض من لم يرض بهذا الموضوع على يديه وإن تفرقوا فدعوا إلى ثقتين ضمهما قال وكذلك أكثر إذا قبلوا ولم يكن منهم أحد خيرهم لهم ولغائب إن كان معهم ويقول للغرماء أحضروه فأحصوا أو وكلوا من شئتم ويقول ذلك للذي عليه الدين ويطلب أن يكون الموضوع على يديه المال ضامنا بأن يسلفه سلفا حالا فإن فعل لم يجعله أمانة وهو يجد السبيل إلى أن يكون مضمونا وإن وجد ثقة مليا يضمنه ووجد أوثق منه لا يضمنه دفعه إلى الذي ضمنه وإن لم يدعوا إلى أحد أو دعوا إلى غير ثقة اختار لهم قال وأحب إلي فيمن ولي هذا أن يرزق من بيت المال فإن لم يكن لم يجعل له شيئا حتى يشارطوه هم فإن لم يتفقوا اجتهد لهم فلم يعطه شيئا وهو يجد ثقة يقبل أقل منه وهكذا يقول لهم فيمن يصيح على ما يباع عليه بمن يزيد وفي أحد إن كال منه طعاما أو نقله إلى موضع بسوق وكل ما فيه صلاح المبيع إن جاء رب المال أو هم بمن يكفي ذلك لم يدخل عليهم غيرهم وإن لم يأتوا استأجر عليه من يكفيه بأقل ما يجد وإذا بيع مال المفلس لغريم بعينه أو غرماء بأعيانهم فسواء هم ومن ثبت معهم حقا عليه قبل أن يقسم المال ولا ينبغي أن يدفع من ماله شيئا إلى من اشتراه إلا بعد أن يقبض منه الثمن وإن وقف على يدي عدل أو يدي البائع حتى يأتي المشتري بالثمن فهلك فمن مال المفلس لا يضمنه المشتري حتى يقبضه فإن قبضه المشتري مكانه ولم يعلم البائع ثم هرب أو استهلكه فأفلس فذلك من مال المفلس لا من مال أهل الدين وكذلك إن قبض العدل ثمن ما اشترى أو بعضه فلم يدفعه إلى الغرماء حتى هلك فمن مال المفلس لا يكون من مال الغرماء حتى يقبضوه والعهدة فيما باع على المفلس لأنه بيع له ملكه في حق لزمه فهو بيع له وعليه وأحق الناس بأن تكون العهدة عليه مالك المال المبيع ولا يضمن القاضي ولا أمينه شيئا ولا عهدة عليهما ولا على واحد منهما وإن بيع للغريم من مال المفلس شيء ثم استحق رجع به في مال المفلس

صفحة : 1073

قال الشافعي رحمه الله من بيع عليه مال من ماله في دين بعد موته أو قبله أو في تفليسه أو باعه هو فكله سواء لا نراه لمن باع للميت إلا كهى لمن باع لحي والعهدة في مال الميت كهى في مال الحي لا اختلاف في ذلك عندي ولو مات رجل أو أفلس وعليه ألف درهم وترك دارا فبيعت بألف درهم فقبض أمين القاضي الألف فهلكت من يده واستحقت الدار فلا عهدة على الغريم الذي باعها له والعهدة على الميت المبيع عليه أو المفلس فإن وجد للميت أو المفلس مال بيع ثم رد على المشتري المعطي الألف ألفه لأنها مأخوذة منه ببيع لم يسلم له وأعطى الغرماء حقوقهم وإن لم يوجد له شيء فلا ضمان على القاضي ولا أمينه وترجع الدار إلى الذي استحقها ويقال للمشتري الدار قد هلكت ألفك فأنت غريم للميت والمفلس متى ما وجدت له مالا أخذتها ويقال للغريم لم تستوف فلا عهدة عليك فمتى وجدت للميت مالا أعطيناك منه وإذا وجدتماه تحاصصتما فيه لا يقدم منكما واحد على صاحبه باب ما جاء في التأني بمال المفلس قال الشافعي رحمه الله الحيوان أولى مال المفلس والميت عليه الدين أن يبدأ به ويعجل ببيعه وإن كان ببلاد جامعة لم يتأن به أكثر من ثلاث ولا يبلغ به أناة ثلاث إلا أن يكون أهل العلم قد يرون أنه إن تؤنى به ثلاث بلغ أكثر مما يبلغ في يوم أو اثنين وإن كان ذلك في بعض الحيوان دون بعض تؤنى بما كان ذلك فيه ثلاث دون ما ليس ذلك فيه وينفق عليه من مال الميت لأنه صلاح له كما يعطي في القيام عليه من مال الميت قال ويتأنى بالمساكن بقدر ما يرى أهل البصر بها أن قد بلغت أثمانها أو قاربتها أو تناهت زيادتها على قدر مواضع المساكن وارتفاعها ويتأنى بالأرضين والعيون وغيرها بقدر ما وصفت مما يرى أهل الرأي أنه قد استوفى بها أو قورب أو تناهت زيادتها وما ارتفع منها تؤنى به أكثر وإن كان أهل بلد غير بلده إذا علموا زادوا فيه تؤنى به إلى علم أهل ذلك البلد وإذا باع القاضي على الميت أو المفلس وفارق المشتري البائع من مقامهما الذي تبايعا فيه ثم زيد لم يكن له رد ذلك البيع إلا بطيب نفس المشتري وأحب للمشتري لو رده أو زاد وليس ذلك بواجب عليه وللقاضي طلب ذلك إليه فإن لم يفعل لم يظلمه وأنفذه له والبيع على الميت والمفلس في شرط الخيار وغيره وفى العهدة كبيع الرجل مال نفسه لا يفترق ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

صفحة : 1074

باب ما جاء في شراء الرجل وبيعه وعتقه وإقراره قال الشافعي رحمه الله شراء الرجل وبيعه وعتقه وإقراره وقضاؤه بعض غرمائه دون بعض جائز كله عليه مفلسا كان أو غير مفلس وذا دين كان أو غير ذي دين في إجازة عتقه وبيعه لا يرد من ذلك شيء ولا مما فضل منه ولا إذا قام الغرماء عليه حتى يصيروه إلى القاضي وينبغي إذا صيروه إلى القاضي أن يشهد على أنه قد أوقف ماله عنه فإذا فعل لم يجز له حينئذ أن يبيع من ماله ولا يهب ولا يتلف وما فعل من هذا ففيه قولان أحدهما أنه موقوف فإن قضى دينه وفضل له فضل أجاز ما صنع من ذلك الفضل لأن وقفه ليس بوقف حجر إنما هو وقف كوقف مال المريض فإذا صح ذهب الوقف عنه فكذلك هذا إذا قضى دينه ذهب الوقف عنه والثاني أن ما صنع من هذا باطل لأنه قد منع ماله والحكم فيه قال ولا يمنعه حتى يقسم ماله نفقته ونفقة أهله وإذا باع ترك له ولأهله قوت يومهم ويكفن هو ومن يلزمه أن يكفنه إن مات أو ماتوا من رأس ماله بما يكفن به مثله قال ويجوز له ما صنع في ماله بعد رفعه إلى القاضي حتى يقف القاضي ماله وإذا أقر الرجل بعد وقف القاضي ماله بدين لرجل أو حق من وجه من الوجوه وزعم أنه لزمه في مرضه فيدخل المقر له مع أهل الدين الذين أقر لهم في الصحة وكانت لهم بينة فهذا يحتمل القياس ويدخله أنه لو قبل وقف ماله ففي ذلك قولان أحدهما أن إقراره لازم له ويدخل من أقر له في هذه الحال مع غرمائه الذين أقر لهم قبل وقف ماله وقامت لهم البينة ومن قال هذا القول قال أجعله قياسا على المريض يقر بحق لزمه أقر بشيء مما عرف له أنه لأجنبي غصبه إياه أو أودعه أو كان له بوجه لزمه الإقرار ومن قال هذا قاله في كل من وقف ماله وأجاز عليه ما أقر به مما في يديه وغير ذلك في حاله تلك كما يجيزه في الحال قبلها وبه أقول والقول الثاني أنه إن أقر بحق لزمه بوجه من الوجوه في شيء في ذمته أو في شيء مما في يديه جعل إقراره لازما له في مال إن حدث له بعد هذا وأحسن ما يحتج به من قال هذا أن يقول وقفي ما له هذا في حاله هذه لغرمائه كرهنه ماله لهم فيبدءون فيعطون حقوقهم فإن فضل فضل كان لمن أقر له وإن لم يفضل فضل كان مالهم في ذمته ويدخل هذا القول أمر يتفاحش من أنه ليس بقياس على المريض بوقف ماله ولا على المحجور فيبطل إقراره بكل حال ويدخله أن الرهن لا يكون إلا معروفا بمعروف ويدخل هذا أنه مجهول لأن من جاءه من غرمائه أدخله في ماله وما وجد له من مال لا يعرفه وغرماؤه أعطاه غرماءه ويدخله أن رجلا لو كان مشهودا عليه

صفحة : 1075

بالفقر وكان صائغا أو غسالا مفلسا وفي يده حلي ثمن مال وثياب ثمن مال جعلت الثياب والحلي له حتى يوفى غرماءه حقوقهم ويدخل على من قال هذا أن يزعم هذا في دلالة يوضع على يديها الجواري ثمن ألوف دنانير وهي معروفة أنها لا تملك كبير شيء فتفلس يجعل لها الجواري ويبيعهن عليها ويدخل عليها أن يزعم أن الرجل يملك ما في يديه وإن لم يدعه وليس ينبغي أن يقول هذا أحد فإن ذهب رجل إلى أن يترك بعض هذا ترك القياس واختلف قوله ثم لعله يلزمه لو بيع عليه عبد فذكر أنه أبق فقال الغرماء أراد كسره لم يقبل قوله فيباع ماله وعليه عهدته ولا يصدق في قوله وهذا القول مدخول كثير الدخل والقول الأول قولي وأسأل الله عز وجل التوفيق والخيرة برحمته باب ما جاء في هبة المفلس قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا وهب الرجل هبة لرجل على أن يثيبه فقبل الموهوب له وقبض ثم أفلس بعد الهبة قبل أن يثيبه فمن أجاز الهبة على الثواب خير الموهوب له بين أن يثيبه أو يرد عليه هبته إن كانت قائمة بعينها لم تنتقص ثم جعل للواهب الخيار في الثواب فإن أثابه قيمتها أو أضعاف قيمتها فلم يرض جعل له أن يرجع في هبته وتكون للغرماء وإن أثابه أقل من قيمتها فرضي أجاز رضاه وإن كره ذلك الغرماء قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا وهب فالهبة باطلة من قبل أنه لم يرض أن يعطيه إلا بالعوض فلما كان العوض مجهولا كانت الهبة باطلة كما لو باعه بثمن غير معلوم كان البيع باطلا فهذا ملكه بعوض والعوض مجهول فكان بالبيع أشبه من قبل أن البيع بعوض وهذا بعوض فلما كان مجهولا بطل قال الشافعي ولو فاتت الهبة في يدي الموهوبة له فما أثابه فرضي به فجائز وإن لم يرض فله قيمة هبته ولو وهب رجل لرجل هبة ليثيبه الموهوبة له ثم أفلس الواهب والهبة قائمة بعينها فمن جعله على هبته أو يثاب منها كان الثواب إلى الواهب فإن رضي بقليل وكره ذلك غرماؤه جاز عليهم وكذلك لو رضي ترك الثواب وقال لم أهبها للثواب وإن لم يرض بقيمتها كان على هبته سواء نقصت الهبة أو زادت وفيها قول آخر ليس له أن يرجع فيها وإن فاتت بموت أو بيع أو عتق فلا شيء للواهب لأنه ملكه إياها ولم يشترط عليه شيئا وإذا كان على هبته ففاتت فلا شيء له لأن الذي قد كان له قد فات ولا يضمن له شيء بعينه كما يكون على شفعته فتتلف الشفعة فلا يكون له شيء ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

صفحة : 1076

باب حلول دين الميت والدين عليه قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا مات الرجل وله على الناس ديون إلى أجل فهي إلى أجلها لا تحل بموته ولو كانت الديون على الميت إلى أجل فلم أعلم مخالفا حفظت عنه ممن لقيت بأنها حالة يتحاص فيها الغرماء فإن فضل فضل كان لأهل الميراث ووصايا إن كانت له قال ويشبه والله أعلم أن يكون من حجة من قال هذا القول مع تتابعهم عليه أن يقولوا لما كان غرماء الميت أحق بماله في حياته منه كانوا أحق بماله بعد وفاته من ورثته فلو تركنا ديونهم إلى حلولها كما يدعها في الحياة كنا منعنا الميت أن تبرأ ذمته ومنعنا الوارث أن يأخذ الفضل عن دين غريم أبيه ولعل من حجتهم أن يقولوا إن رسول الله ﷺ قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه دينه أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه دينه قال الشافعي فلما كان كفنه من رأس ماله دون غرمائه ونفسه معلقة بدينه وكان المال ملكا له أشبه أن يجعل قضاء دينه لأن نفسه معلقة بدينه ولم يجز أن يكون مال الميت زائلا عنه فلا يصير إلى غرمائه ولا إلى ورثته وذلك أنه لا يجوز أن يأخذه ورثته دون غرمائه ولو وقف إلى قضاء دينه علق روحه بدينه وكان ماله معرضا أن يهلك فلا يؤدي عن ذمته ولا يكون لورثته فلم يكن فيه منزلة أولى من أن يحل دينه ثم يعطي ما بقي ورثته ID ' ' يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 1077

باب ما حل من دين المفلس وما لم يحل قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أفلس الرجل وعليه ديون إلى أجل فقد ذهب غير واحد من المفتين ممن حفظت عنه إلى أن ديونه التي إلى أجل حالة حلول دين الميت وهذا قول يتوجه من أن ماله وقف وقف مال الميت وحيل بينه وبين أن يقضي من شاء ويدخل في هذا أنهم إذا حكموا له حكم الميت انبغى أن يدخلوا من أقر له بشيء مع غرمائه وكذلك يخرجون من يديه ما أقر به لرجل كما يصنعون ذلك بالمريض يقر ثم يموت وقد يحتمل أن يباع لمن حل دينه ويؤخر الذين ديونهم متأخرة لأنه غير ميت فإنه قد يملك والميت لا يملك والله تعالى أعلم قال وما كان للميت من دين على الناس فهو إلى أجله لا يحل ماله بموته ولا بتفليسه باب ما جاء في حبس المفلس قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا كان للرجل مال يرى في يديه ويظهر منه شيء ثم قام أهل الدين عيه فأثبتوا حقوقهم فإن أخرج مالا أو وجد له ظاهر يبلغ حقوقهم أعطوا حقوقهم ولم يحبس وإن لم يظهر له مال ولم يوجد له ما يبلغ حقوقهم حبس وبيع في ماله ما قدر عليه من شيء فإن ذكر حاجة دعى بالبينة عليها واقبل منه البينة على الحاجة وأن لا شيء له إذا كانوا عدولا خابرين به قبل الحبس ولا أحبسه ويوم أحبسه وبعد مدة اقامها في الحبس وأحلفه مع ذلك كله بالله ما يملك ولا يجد لغرمائه قضاء في نقد ولا عرض ولا بوجه من الوجوه ثم أخليه وأمنع غرماءه من لزومه إذا خليته ثم لا أعيده لهم إلى حبس حتى يأتوا ببينة أن قد أفاد مالا فإن جاءوا ببينة أن قد ريء في يديه مال سألته فإن قال مال مضاربة لم أعمل فيه أو عملت فيه فلم ينض أو لم يكن لي فيه فضل قبلت ذلك منه وأحلفته إن شاءوا وإن جحد حبسته أيضا حتى يأتي ببينة كما جاء بها أول مرة وأحلفته كما أحلفته فيها ولا أحلفه في واحدة من الحبستين حتى يأتي ببينة وأسأل عنه أهل الخبرة به فيخبروني بحاجته ولا غاية لحبسه أكثر من الكشف عنه فمتى استقر عند الحاكم ما وصفت لم يكن له حبسه ولا ينبغي أن يغفل المسالة عنه قال وجميع ما لزمه من وجه من الوجوه سواء من جناية أو وديعة أو تعد أو مضاربة أو غير ذلك يحاصون في ماله ما لم يكن لرجل منهم مال بعينه فيأخذه منه ولا يشركه فيه غيره ولا يؤخذ الحر في دين عليه إذا لم يوجد له شيء ولا يحبس إذا عرف أن لا شيء له لأن الله عز وجل يقول وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وإذا حبس الغريم وفلس وأحلف ثم حضر آخر لم يحدث له حبس ولا

صفحة : 1078

يمين إلا أن يحدث له يسر بعد الحبس فيحبس للثاني والأول وإذا حبس وأحلف وفلس وخلى ثم أفاد مالا جاز له فيما أفاد ما صنع من عتق وبيع وهبة وغيره حتى يحدث له السلطان وقفا آخر لأن الوقف الأول لم يكن وقفا لأنه غير رشيد وإنما وقف يمنعه ماله ويقسمه بين غرماءه فما أفاء آخر فلا وقف عليه وإذا فلس الرجل وعليه عروض موصوفة وعين من بيع وسلف وجناية ومهر امرأة وغير ذلك مما لزمه بوجه فكله سواء يحاص أهل العروض بقيمتها يوم يفلس فما أصابهم اشترى لهم به عرض من شرطهم فإن استوفوا حقوقهم فذاك وإن لم يستوفوا أو استوفوا أنصافها أو أقل أو أكثر ثم حدث له مال آخر فلأهل العروض أن يقوم لهم ما بقي من عروضهم عند التفليسة الثانية فيشتري لهم لأن لهم أن ياخذوا عروضهم إذا وجدوا له مالا وبعضها إذا لم باب ما جاء في الخلاف في التفليس قلت لأبي عبد الله هل خالفك أحد في التفليس فقال نعم خالفنا بعض الناس في التفليس فزعم أن الرجل إذا باع السلعة من الرجل بنقد أو إلى أجل وقبضها المشتري ثم أفلس والسلعة قائمة بعينها فهي مال من مال المشتري يكون البائع فيها وغيره من غرمائه سواء فقلت لأبي عبد الله وما احتج به فقال قال لي قائل منهم أرايت إذا باع الرجل أمة ودفعها إلى المشتري أما ملكها المشتري ملكا صحيحا يحل له وطؤها قلت بلى قال أفرأيت لو وطئها فولدت له أو باعها أو أعتقها أو تصدق بها ثم أفلس أترد من هذا شيئا وتجعلها رقيقا قلت لا فقال لأنه ملكها ملكا صحيحا قلت نعم قال فكيف تنقض الملك الصحيح فقلت نقضته بما لا ينبغي لي ولا لك ولا لمسلم علمه إلا أن ينقضه به قال وما هو قلت سنة رسول الله ﷺ قال أفرأيت إن لم أثبت لك الخبر قلت إذا تصير إلى موضع الجهل أو المعاندة قال إنما رواه أبو هريرة وحده فقلت ما نعرف فيه عن النبي ﷺ رواية إلا عن أبي هريرة وحده وإن في ذلك لكفاية تثبت بمثلها السنة قال أفتوجدنا أن الناس يثبتون لأبي هريرة رواية لم يروها غيره أو لغيره قلت نعم قال واين هي قلت قال أبو هريرة قال رسول الله ﷺ لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها فأخذنا نحن وأنت به ولم يروه أحد عن النبي ﷺ تثبت روايته غيره قال أجل ولكن الناس أجمعوا عليها فقلت فذلك أوجب للحجة عليك أن يجتمع الناس على حديث أبي هريرة وحده ولا يذهبون فيه إلى توهينه بأن الله عز وجل يقول حرمت عليكم أمهاتكم الآية وقال وأحل لكم ما وراء ذلكم وقلت له وروى أبو هريرة أن النبي

صفحة : 1079

ﷺ قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا فأخذنا بحديثه كله وأخذت بجملته فقلت الكلب ينجس الماء القل إذا ولغ فيه ولم توهنه بأن أبا قتادة روى عن النبي ﷺ في الهرة أنها لا تنجس الماء ونحن وأنت نقول لا تؤكل الهرة فتجعل الكلب قياسا عليها فلا تنجس الماء بولوغ الكلب ولم يروه إلا أبو هريرة فقال قبلنا هذا لأن الناس قبلوه قلت فإذا قبلوه في موضع ومواضع وجب عليك وعليهم قبول خبره في موضع غيره وإلا فأنت تحكم فتقبل ما شئت وترد ما شئت قال فقال قد عرفنا أن أبا هريرة روى اشياء لم يروها غيره مما ذكرت وحديث المصراة وحديث الأجير وغيره أفتعلم غيره انفرد برواية قلت نعم أبو سعيد الخدري روى أن النبي ﷺ قال ليس فيما دون خمسة أوسقلي صدقة فصرنا نحن وأنت وأكثر المفتين إليه وتركت قول صاحبك وإبراهيم النخعي الصدقة في كل قليل وكثير أنبتته الأرض وقد يجدان تأويلا من قول الله عز وجل وآتوا حقه يوم حصاده ولم يذكر قليلا ولا كثيرا ومن قول النبي ﷺ فيما سقي بالسماء العشر وفيما سقي بالدالية نصف العشر قال أجل قلنا وحديث أبي ثعلبة الخشني أن النبي ﷺ نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع لا يروى عن غيره علمته إلا من وجه عن أبي هريرة وليس بالمشهور المعروف الرجال فقبلناه نحن وأنت وخالفنا المكيون واحتجوا بقول الله عز وجل قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية وقوله وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وبقول عائشة وابن عباس وعبيد بن عمير فزعمنا أن الرواية الواحدة تثبت بها الحجة ولا حجة في تأويل ولا حديث عن غير النبي ﷺ مع حدث النبي ﷺ قال أما ما وصفت فكما وصفت قلت فإذا جاء مثل هذا فلم لم تجعله حجة قال ما كانت حجتنا في أن لا نقول قولكم في التفليس إلا هذا قلنا ولا حجة لك فيه لأني قد وجدتك تقول وغيرك وتأخذ بمثله فيه قال آخر إنا قد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه شبيها بقولنا قلنا وهذا مما لاحجة فيه عندنا وعندك لأن مذهبنا معا إذا ثبت عن النبي ﷺ شيء أن لا حجة في أحد معه قال فإنا قلنا لم نعلم أبا بكر ولا عمر ولا عثمان رضي الله عنهم قضوا بما رويتم في التفليس قلنا ولا رويتم أنهم ولا واحد منهم قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها ولا تحريم كل ذي ناب من السباع قال فاكتفينا بالخبر عن النبي ﷺ في هذا قلنا ففيه الكفاية المغنية عما سواها وما سواها

صفحة : 1080

تبع لها لا يصنع معها شيئا إن وفقها تبعها وكانت به الحاجة إليها وإن خالفها ترك وأخذت السنة قال وهكذا نقول قلنا نعم في الجملة ولا تفي بذلك في التفريع قال فإني لم أنفرد بما عبت على قد شركني فيه غير واحد من أهل ناحيتك وغيرهم فأخذوا بأحاديث وردوا أخرى قلت فإن كنت حمدتهم على هذا فاشركهم فيه قال إذا يلزمني أن أكون بالخيار في العلم قلت فقل ما شئت فإنك ذممت ذلك ممن فعله فانتقل عن مثل ما ذممت ولا تجعل المذموم حجة قال فإني أسألك عن شيء قلت فسل قال كيف نقضت الملك الصحيح قلت أو ترى للمسألة موضعا فيما روي عن النبي ﷺ قال لا ولكني أحب أن تعلمني هل تجد مثل هذا غير هذا قلت نعم أرأيت دارا بعتها لك فيها شفعة أليس المشتري مالكا يجوز بيعه وهبته وصداقه وصدقته فيما ابتاع ويجوز له هدمه وبناؤه قال نعم قلت فإذا جاء الذي له الشفعة أخذ ذلك ممن هو في يديه قال نعم قلت أفتراك نقضت الملك الصحيح قال نعم ولكني نقضته بالسنة وقلت أرأيت الرجل يصدق المرأة الأمة فيدفعها إليها والغنم فتلد الأمة والغنم أليس إن مات الرجل أو المرأة قبل أن يدخل عليها كان ما أصدقها لها قبل موت واحد منهما يكون لها عتق الأمة وبيعها وبيع الماشية وهي صحيحة الملك في ذلك كله قال بلى قلت أفرأيت إن طلقها قبل تفوت في الجارية ولا الغنم شيئا وهو في يديها بحاله قال ينتقض الملك ويصير له نصف الجارية والغنم إن لم يكن أولاد أو نصف قيمتها إن كان لها أولاد لأنهم حدثوا في ملكها قلنا فكيف نقضت الملك الصحيح قال بالكتاب قلنا فما نراك عبت في مال المفلس شيئا إلا دخل عليك في الشفعة والصداق مثله أو أكثر قال حجتي فيه كتاب أو سنة قلنا وكذلك حجتنا في مال المفلس سنة فكيف خالفتها قلت للشافعي فإنا نوافقك في مال المفلس إذا كان حيا ونخالفك فيه إذا مات وحجتا فيه حديث ابن شهاب الذي قد سمعت قال الشافعي قد كان فيما قرأنا على مالك أن ابن شهاب أخبره عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث أن رسول الله ﷺ قال أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به فإن مات المشتري فصاحب السلعة أسوة الغرماء فقال لي فلم لمي تأخذ بهذا قلت لأنه مرسل ومن خالفنا ممن حكيت قوله وإن كان ذلك ليس عندي له به عذر يخالفه لأنه رد الحديث وقال فيه قولا واحدا وأنتم أثبتم الحديث فلما صرتم إلى تفريعه فارقتموه في بعض ووافقتموه في يعض فقال فلم لم تأخذ بحديث ابن شهاب فقلت الذي أخذت به أولى بي من قبل أن ما أخذت به

صفحة : 1081

موصول يجمع فيه النبي ﷺ بين الموت والافلاس وحديث ابن شهاب منقطع لو لم يخالفه غيره لم يكن مما يثبته أهل الحديث فلو لم يكن في تركه حجة إلا هذا انبغى لمن عرف الحديث تركه من الوجهين مع أن أبا بكر بن عبدالرحمن يروي عن أبي هريرة حديثا ليس فيه ما روى ابن شهاب عنه مرسلا إن كان روي كله فلا أدري عمن رواه ولعله روى أول الحديث وقال برأيه آخره قال الشافعي وموجود في حديث أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه انتهى بالقول فهو أحق به أشبه أن يكون ما زاد على هذا قولا من أبي بكر لا رواية وإن كان موجودا في سنة النبي ﷺ أن الرجل يبيع السلعة من الرجل فيكون مالكا للمبيع يجوز له فيها ما يجوز لذي المال في المال من وطء أمة وبيعها وعتقها وإن لم يدفع ثمنها فإذا أفلس والسلعة بعينها في يدي المشتري كان للبائع التسليط على نقض عقدة البيع كما يكون للمستشفع أخذ الشفعة وقد كان الشراء صحيحا فكان المشتري لما فيه الشفعة لو مات كان للمستشفع أخذ الشفعة من ورثته كما له أخذها من يديه فكيف لم يكن هذا في الذي يجد عين ماله عند معدم وإن مات كما كان لبائعه ذلك في حياة مالكه وكما قلنا في الشفعة وكيف يكون الورثة يملكون عن الميت منع السلعة وإنما عنه ورثوها ولم يكن للميت منعها من أن ينقض بائعها البيع إذا لم يعط ثمنها كاملا فلا يكون للورثة في حال ما ورثوا عن الميت إلا ما كان للميت أو أقل منه وقد جعلتم للورثة أكثر مما للمورث الذي عنه ملكوها ولو جاز أن يفرق بين الموت والحياة كان الميت أولى أن يأخذ الرجل عين ماله منه لأنه ميت لا يفيد شيئا أبدا والحي يفلس فترجى إفادته وأن يقضي دينه فضعفتم الأقوى وقويتم الأضعف وتركتم بعض حديث أبي هريرة وأخذتم ببعضه قال فليس هذا مما روينا قلنا وإن لم ترووه فقد رواه ثقة عن ثقة فلا يوهنه أن لا ترووه وكثير من الأحاديث لم ترووه فلم يوهنه ذلك ID ' ' ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 1082

بلوغ الرشد وهو الحجر قال الشافعي رحمه الله الحال التي يبلغ فيها الرجل والمرأة رشدهما حتى يكونا يليان أموالهما قال الله عز وجل وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا قال الشافعي فدلت هذه الآية على أن الحجر ثابت على اليتامى حتى يجمعوا خصلتين البلوغ والرشد فالبلوغ استكمال خمس عشرة سنة الذكر والأنثى في ذلك سواء إلا أن يحتلم الرجل أو تحيض المرأة قبل خمس عشرة سنة فيكون ذلك البلوغ ودل قول الله عز وجل فادفعوا إليهم أموالم على أنهم إذا جمعوا البلوغ والرشد لم يكن لأحد أن يلي عليهم أموالهم وكانوا أولى بولاية أموالهم من غيرهم وجاز لهم في أموالهم ما يجوز لمن خرج من الولاية ممن ولي فخرج منها أو لم يول وأن الذكر والأنثى فيهما سواء والرشد والله أعلم الصلاح في الدين حتى تكون الشهادة جائزة وإصلاح المال وإنما يعرف إصلاح المال بأن يختبر اليتيم والاختبار يختلف بقدر حال المختبر فإن كان من الرجال ممن يتبذل فيخالط الناس استدل بمخالطته الناس في الشراء والبيع قبل البلوغ وبعده حتى يعرف أنه يحب توفير ماله والزيادة فيه وأن لا يتلفه فيما لا يعود عليه نفعه كان اختبار هذا قريبا وإن كان ممن يصانه عن الأسواق كان اختباره أبعد قليلا من اختبار الذي قبله قال الشافعي ويدفع إلى المولى عليه نفقة شهر فإن أحسن إنفاقها على نفسه وأحسن شراء ما يحتاج إليه منها مع النفقة اختبر بشيء يسير يدفع إليه فإذا أونس منه توفير له وعقل يعرف به حسن النظر لنفسه في إبقاء ماله دفع إليه ماله واختبار المرأة مع علم صلاحها بقلة مخالطتها في البيع والشراء ابعد من هذا قليلا فيختبرها النساء وذو المحارم بها بمثل ما وصفنا من دفع النفقة وما يشترى لها من الأدم وغيره فإذا آنسوا منها صلاحا لما تعطى من نفقتها كما وصفت في الغلام البالغ فإذا عرف منها صلاح دفع إليها اليسير منه فإن هي أصلحته دفع إليها مالها نكحت أو لم تنكح لا يزيد في رشدها ولا ينقص منه النكاح ولا تركه كما لا يزيد في رشد الغلام ولا ينقص منه وأيهما نكح وهو غير رشيد وولد له ولي عليه ماله لأن شرط الله عز وجل أن يدفع إليه إذا جمع الرشد مع البلوغ وليس النكاح بواحد منهما وأيهما صار إلى ولاية ماله فله أن يفعل في ماله ما يفعل غيره من أهل الأموال وسواء في ذلك المرأة والرجل وذات زوج كانت أو غير ذات زوج وليس الزوج من ولاية مال المرأة بسبيل ولا يختلف أحد من أهل العلم علمته أن الرجل والمرأة إذا صار كل واحد منهما إلى أن يجمع البلوغ

صفحة : 1083

والرشد سواء في دفع أموالهما إليهما لأنهما من اليتامى فإذا صارا إلى أن يخرجا من الولاية فهما كغيرهما يجوز لكل واحد منهما في ماله ما يجوز لكل من لا يولى عليه غيره فإن قال قائل المرأة ذات الزوج مفارقة للرجل لا تعطى المرأة من مالها بغير إذن زوجها قيل له كتاب الله عز وجل في أمره بالدفع إلى التيامى إذا بلغوا الرشد يدل على خلاف ما قلت لأن من أخرج الله عز وجل من الولاية لم يكن لأحد أن يلي عليه إلا بحال يحدث له من سفه وفساد وكذلك الرجل والمرأة أو حق يلزمه لمسلم في ماله فأما ما لم يكن هكذا فالرجل والمرأة سواء فإن فرقت بينهما فعليك أن تأتي ببرهان على فرقك بين المجتمع فإن قال قائل فقد روى أن ليس للمرأة أن تعطى من مالها شيئا بغير إذن زوجها قيل قد سمعناه وليس بثابت فيلزمنا أن نقول به والقرآن يدل على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول فإن قال فاذكر القرآن قلنا الآية التي أمر الله عز وجل بدفع أموالهم إليهم وسوى فيها بين الرجل والمرأة ولا يجوز أن يفرق بينهما بغير خبر لازم فإن قال أفتجد في القرآن دلالة على ما وصفت سوى هذا قيل نعم قال الله عز وجل وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير فدلت هذه الآية على أن على الرجل أن يسلم إلى المرأة نصف مهرها كما كان عليه أن يسلم إلى الأجنبيين من الرجال ما وجب لهم ودلت السنة على أن المرأة مسلطة على أن تعفو من مالها وندب الله عز وجل إلى العفو وذكر أنه أقرب للتقوى وسوى بين المرأة والرجل فيما يجوز من عفو كل واحد منهما ما وجب له يجوز عفوه إذا دفع المهر كله وكان له أن يرجع بنصفه فعفاه جاز وإذا لم يدفعه فكان لها أن تأخذ نصفه فعفته جاز لم يفرق بينهما في ذلك وقال عز وجل وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فجعل في إيتائهن ما فرض لهن من فريضة على أزواجهن يدفعونه إليهن دفعهم إلى غيرهم من الرجال ممن وجب له عليهم حق بوجه وحل للرجال أكل ما طاب نساؤهم عنه نفسا كما حل لهم ما طاب الأجنبيون من أموالهم عنه نفسا وما طابوا هم لأزواجهم عنه نفسا لم يفرق بين حكمهم وحكم أزواجهم والأجنبيين غيرهم وغير أزواجهم فيما أوجبه من دفع حقوقهن وأحل ما طبن عنه نفسا من أموالهن وحرم من أموالهن ما حرم من أموال الأجنبيين فيما ذكرت وفي قول الله عز وجل وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا الآية وقال عز وجل فإن خفتم أن لا يقيما حدود

صفحة : 1084

الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به فأحله إذا كان من قبل المرأة كما حل للرجل من مال الأجنبيين بغير توقيت شيء فيه ثلث ولا أقل ولا أكثر وحرمه إذا كان من قبل الرجل كما حرم أموال الأجنبيين أن يغتصبوها قال الله عز وجل ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد الآية فلم يفرق بين الزوج والمرأة في أن لكل واحد منهما أ يوصى من ماله وفي أن دين كل واحد منهما لازم له في ماله فإذا كان هذا هكذا كان لها أن تعطي من مالها من شاءت بغير إذن زوجها وكان لها أن تحبس مهرها وتهبه ولا تضع منه شيئا وكان لها إذا طلقها أخذ نصف ما أعطاها لا نصف ما اشترت لها دونه إذا كان لها المهر كان لها حبسه وما أشبهه فإن قال قائل فأين السنة في هذا قلت أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن حبيبة بنت سهل الأنصارية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله ﷺ خرج لصلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله ﷺ من هذه فقالت أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله فقال ما شأنك فقالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء ثابت ابن قيس قال له رسول الله ﷺ هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر فقالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله ﷺ خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن مولاه لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر قال الشافعي فدلت السنة على ما دل عليه القرآن من أنها إذا اختلعت من زوجها حل لزوجها الأخذ منها ولو كانت لا يجوز لها في مالها ما يجوز لمن لا حجر عليه من الرجال ما حل له خلعها فإن قال قائل وأين القياس والمعقول قلت إذا أباح الله تعالى لزوجها ما أعطته فهذا لا يكون إلا لمن يجوز له ماله وإذا كان مالها يورث عنها وكانت تمنعه زوجها فيكون لها فهي كغيرها من ذوي الأموال قال ولو ذهب ذاهب إلى الحديث الذي لا يثبت أن ليس لها أن تعطي من دون زوجها إلا ما أذن زوجها لم يكن له وجه إلا أن يكون زوجها وليا لها ولو كان رجل وليا لرجل أو امرأة فوهبت له شيئا لم يحل له أن يأخذه لأن هبتها له كهبتها لغيره لزمه أن يقول لا تعطي من مالها درهما ولا يجوز لها أن تبيع فيه ولا تبتاع ويحكم لها وعليها حكم المحجور عليه ولو زعم أن زوجها شريك لها في مالها سئل أبا لنصف فإن قال نعم قيل فتصنع بالنصف الآخر ما شاءت ويصنع بالنصف ما شاء

صفحة : 1085

فإن قال ما قل أو كثر قلت فاجعل لها من مالها شيئا فإن قال مالها مرهون له قيل له فبكم هو مرهون حتى تفتديه فإن قال ليس بمرهون قيل له فقل فيه ما أحببت فهو لا شريك لها في مالها وليس له عندك وعندنا أن يأخذ من مالها درهما وليس مالها مرهونا فتفتكه وليس زوجها وليا لها ولو كان زوجها وليا لها وكان سفيها أخرجنا ولايتها من يديه وولينا غيره عليها ومن خرج من هذه الأقاويل لم يخرج إلى أثر يتبع ولا قياس ولا معقول وإذا جاز للمرأة أن تعطي من مالها الثلث لا تزيد عليه فلم يجعلها مولى عليها ولم يجعل زوجها شريكا ولا مالها مرهونا في يديه ولا هي ممنوعة من مالها ولا مخلى بينها وبينه ثم يجيز لها بعد زمان إخراج الثلث والثلث بعد زمان حتى ينفد مالها فما منعها مالها ولا خلاها وإياه والله المستعان فإن قال هو نكحها على اليسر قيل أفرأيت إن نكحت مفلسة ثم أيسرت بعد عنده أيدعها ومالها فإن قال نعم فقد أخرجها من الحجر وإن قال لا فقد منعها ما لم تغره به أورأيت إذا قال غرته فلا أتركها تخرج مالها ضرارا قيل أفرأيت إن غر فقيل هي جميلة فوجدها غير جميلة أو غر فقيل هي موسرة فوجدها مفلسة أينقص عنهن من صداقها أو يرده عليها بشيء أو رأيت إذا قال هذا في المرأة فإذا كان الرجل دينا موسرا فنكح شريفة وأعلمتنا أنها لم تنكحه إلا بيسره ثم خدعها فتصدق بماله كله فإذا جاز ذلك له فقد ظلمها بمنعها من مالها ما أباح له وإن قال أجبرها بأن تبتاع له ما يتجهز به مثلها لأن هذا مما يتعامل به الناس عندنا وذلك أن المرأة تصدق ألف درهم وتجهز بأكثر من عشرة آلاف وتكون مفلسة لا تجهز إلا بثيابها وبساطها ومما يتعامل الناس به أن الرجل المفلس ذا المروءة ينكح الموسرة فتقول يكون قيما على مالي على هذا تناكحا ويستنفق من مالها وما أشبه هذا مما وصفت ويحسن مما يتعامل الناس وللحاكم الحكم على ما يجب ليس على ما يجمل ويتعامل الناس عليه قال الشافعي والحجة تمكن على من خالفنا بأكثر مما وصفت وفي أقل مما وصفت حجة ولا يستقيم فيها قول إلا معنى كتاب الله عز وجل والسنة والآثار والقياس من أن صداقها مال من مالها وأن لها إذا بلغت الرشد أن تفعل في مالها ما يفعل الرجل لا فرق بينها وبينه ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

صفحة : 1086

باب الحجر على البالغين قال الشافعي رحمه الله تعالى الحجر على البالغين في آيتين من كتاب الله عز وجل وهما قول الله تبارك وتعالى فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل ه فليملل وليه بالعدل قال الشافعي وإنما خاطب الله عز وجل بفرائضه البالغين من الرجال والنساء وجعل الإقرار له فكان موجودا في كتاب الله عز وجل أن أمر الله تعالى الذي عليه الحق أن يمل هو وأن إملاءه إقراره وهذا يدل على جواز الإقرار على من أقر به ولا يأمر والله أعلم أحدا أن يمل ليقر إلا البالغ وذلك أن إقرار غير البالغ وصمته وإنكاره سواء عند أهل العلم فيما حفظت عنهم ولا أعلمهم اختلفوا فيه ثم قال في المرء الذي عليه الحق أن يمل فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل وأثبت الولاية على السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يمل هو وأمر وليه بالإملاء عليه لأنه أقامه فيما لا غناء به عنه من ماله مقامه قال الشافعي قد قيل والذي لا يستطيع أن يمل يحتمل أن يكون المغلوب على عقله وهو أشبه معانيه والله أعلم والآية الأخرى قول الله تبارك وتعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم فأمر عز وجل أن يدفع إليهم أموالهم إذا جمعوا بلوغا ورشدا قال وإذا أمر بدفع أموالهم إليهم إذا جمعوا أمرين كان في ذلك دلالة على أنهم إن كان فيهم أحد الأمرين دون الآخ لم يدفع إليهم أموالهم وإذا لم يدفع إليهم فذلك الحجر عليهم كما كانوا لو أونس منهم رشد قبل البلوغ لم يدفع إليهم أموالهم فكذلك لو بلغوا ولم يؤنس منهم رشد لم تدفع إليهم أموالهم ويثبت عليهم الحجر كما كان قبل قبل البلوغ وهكذا قلنا نحن وهم في كل أمر يكمل بأمرين أو أمور فإذا نقص واحد لم يقبل فزعمنا أن شرط الله تعالى ممن ترضون من الشهداء عدلان حران مسلمان فلو كان الرجلان حرين مسلمين غير عدلين أو عدلين غير حرين أو عدلين حرين غير مسلمين لم تجز شهادتهما حتى يستكملان الثلاث قال الشافعي وإن التنزيل في الحجر بين والله أعلم مكتفى به عن تفسيره وإن القياس ليدل على الحجر أرايت إذا كان معقولا أن من لم يبلغ ممن قارب البلوغ وعقل محجورا عليه فكان بعد البلوغ أشد تقصيرا في عقله وأكثر إفسادا لماله ألا يحجر عليه والمعنى الذي أمر بالحجر عليه له فيه ولورو أونس منه رشد فدفع إليه ماله ثم علم منه غير الرشد أعيد عليه الحجر لأن حاله انتقلت إلى الحال التي ينبغي أن يحجر عليه فيها كما يؤنس منه

صفحة : 1087

العدل فتجوز شهادته ثم تتغير فترد ثم إن تغير فأونس منه عدل أجيزت وكذلك إن أونس منه إصلاح بعد إفساد أعطى ماله والنساء والرجال في هذا سواء لأن اسم اليتامى يجمعهم واسم الابتلاء يجمعهم وأن الله تعالى لم يفرق بين النساء والرجال في أموالهم وإن خرج الرجل والمرأة من أن يكونا موليين جاز للمرأة في مالها ما جاز للرجل في ماله ذات زوج كانت أو غير ذات زوج سلطانها على مالها سلطان الرجل على ماله لا يفترقان قال الشافعي في قول الله عز وجل وابتلوا اليتامى إنما هو اختبروا اليتامى قال فيختبر الرجال النساء بقدر ما يمكن فيهم والرجل الملازم للسوق والمخالط للناس في الأخذ والإعطاء قبل البلوغ ومعه وبعده لا يغيب بعد البلوغ أن يعرف حاله بما مضى بله ومعه وبعده فيعرف كيف هو في عقله في الأخذ والإعطاء وكيف هو في دينه والرجل القليل المخالطة للناس يكون اختباره أبطأ من اختبار هذا الذي وصفت فإذا عرفه خاصته في مدة وإن كانت أطول من هذه المدة فعدلوه وحمدوا نظره لنفسه في الأخذ والإعطاء وشهدوا له أنه صالح في دينه حسن النظر لنفسه في ماله فقد صار هذان إلى الرشد في الدين والمعاش ويؤمر وليهما بدفع مالهما إليهما قال الشافعي وإذا اختبر النساء أهل العدل من أهلها ومن يعرف حالها بالصلاح في دينها وحسن النظر لنفسها في الأخذ والإعطاء صارت في حال الرجلين وإن كان ذلك منها أبطأ منه من الرجلين لقلة خلطتها بالعامة وهو من المخالطة من النساء الخارجة إلى الأسواق الممتهنة لنفسها أعجل منه من الصائنة لنفسها كما يكون من أحد الرجلين أبعد فإذا بلغت المرأة الرشد والرشد كما وصفت في الرجل أمر وليها بدفع مالها إليها قال الشافعي وقد رأيت من الحكام من أمر باختبار من لا يوثق بحاله تلك الثقة بأن يدفع إليه القليل من ماله فإن أصلح فيه دفع إليه ما بقي وإن أفسد فيه كان الفساد في القليل أيسر منه في الكل ورأينا هذا وجها من الاختبار حسنا والله أعلم وإذا دفع إلى المرأة مالها والرجل فسواء كانت المرأة بكرا أو متزوجة عند زوج أو ثيبا كما يكون الرجل سواء في حالاته وهي تملك من مالها ما يملك من ماله ويجوز لها في مالها ما يجوز له في ذلك عند زوج كانت أو غير زوج لا فرق في ذلك بينها وبينه في شيء مما يجوز لكل واحد منهما في ماله فكذلك حكم الله عز وجل فيها وفيه ودلالة السنة وإذا نكحت فصداقها مال من مالها تصنع به ما شاءت كما تصنع بما سواه من مالها ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 1088

باب الخلاف في الحجر قال الشافعي رحمه الله فخالفنا بعض الناس في الحجر فقال لا يحجر على حر بالغ ولا على حرة بالغة وإن كانا سفيهين وقال لي بعض من يذب عن قوله من أهل العلم عند أصحابه أسألك من أين أخذت الحجر على الحرين وهما مالكان لأموالهما فذكرت له ما ذكرت في كتابي أو معناه أو بعضه فقال فإنه يدخل عليك فيه شيء فقلت وما هو قال أرأيت إذا أعتق المحجور عليه عبده فقلت لا يجوز عتقه قال ولم قلت كما يجوز للمملوك ولا للمكاتب أن يعتقا قال لأنه إتلاف لماله قلت نعم قال أفليس الطلاق والعتاق لعبهما وجدهما واحد قلت ممن ذلك له وكذلك لو باع رجل فقال لعبت أو اقر لرجل بحق فقال لعبت لزمه البيع والإقرار وقيل له لعبك لنفسك وعليها قال أفيفترق العتق والطلاق قلت نعم عندنا وعندك قال وكيف وكلاهما إتلاف للمال قلت له إن الطلاق وإن كان فيه إتلاف المال فإن الزوج مباح له بالنكاح شيء كان غير مباح لهق قبله ومجعول إليه تحريم ذلك المباح ليس تحريمه لمال يليه عليه غيره إنما هو تحريم بقول من قوله أو فعل من فعله وكما كان مسلطا على الفرج دون غيره فكذلك كان مسلطا على تحريمه دون غيره ألا ترى أنه يموت فلا تورث عنه امرأته ويهبها ويبيعها فلا تحل لغيره بهبته ولا بيعه ويورث عنه عبده ويباع عليه فيملكه غيره ويلي نفسه فيبيعه ويهبه فيملكه غيره فالعبد مال بكل حال والمرأة غير مال بحال إنما هي متعة لا مال مملوك ننفقه عليه ونمنع إتلافه ألا ترى أن العبد يؤذن له في النكاح والتجارة فيكون له الطلاق والإمساك دون سيده ويكون إلى سيده أخذ ماله كله إذا لم يكن عليه دين لأن المال ملك والفرج بالنكاح متعة لا ملك كالمال وقلت له تأولت القرآن في اليمين مع الشاهد فلم تصب عندنا تأويله فأبطلت فيه سنة رسول الله ﷺ ثم وجدت القرآن يدل على الحجر على البالغين فتركته وقلت له أنت تقول في الواحد من أصحاب رسول الله ﷺ إذا قال قولا وكان في القرآن تنزيل يحتمل خلاف قوله في الظاهر قلنا بقوله وقلنا هو أعلم بكتاب الله عز وجل ثم وجدنا صاحبكم يروي الحجر عن ثلاثة من أصحاب رسول الله ﷺ فخالفهم ومعهم القرآن قال وأي صاحب قلت أخبرنا محمد بن الحسن أو غيره من أهل الصدق في الحديث أو هما عن يعقوب بن إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه قال ابتاع عبد الله بن جعفر بيعا فقال علي رضي الله عنه لآتين عثمان فلأحجرن عليك فأعلم بذلك ابن جعفر الزبير قال الزبير أنا شريكك في بيعك فأتى علي عثمان فقال احجر

صفحة : 1089

على هذا فقال الزبير أنا شريكه فقال عثمان أحجر على رجل شريكه الزبير فعلي رضي الله عنه لا يطلب الحجر إلا وهو يراه والزبير لو كان الحجر باطلا قال لا يحجر على حر بالغ وكذلك عثمان بل كلهم يعرف الحجر في حديث صاحبك قال فإن صاحبنا أبا يوسف رجع إلى الحجر قلت ما زاده رجوعه إليه قوة ولا وهنه تركه إياه إن تركه وقد رجع إليه فالله أعلم كيف كان مذهبه فيه فقال وما أنكرت قلت زعمت أنه رجع إلى أن الحر إذا ولي ماله برشد يؤنس منه فاشترى وباع ثم تغيرت حاله بعد رشد أحدث عليه الحجر وكذلك قلنا ثم زعم أنه إذا أحدث عليه الحجر أبطل كل بيع باعه قبله وشراء أفرأيت الشاهد يعدل فتجوز شهادته ثم تغير حاله أينقض الحكم بشهادته أو ينفذ ويكون متغيرا من يوم تغير قال قد قال ذلك فأنكرناه عليه قال الشافعي فقال فهل خالف شيئا مما تقول في الحجر واليتامى من الرجال والنساء أحد من أصحابك قلت أما أحد من متقدمي أصحابي فلم أحفظ عن واحد منهم خلافا لشيء مما قلت وقد بلغني عن بعضهم مثل ما قلت قال فهل ادركت أحدا من أهل ناحيتك يقول بخلاف قولك هذا قلت قد روى لي عن بعض أهل العلم من ناحيتنا أنه خالف ما قلت وقلت وقال غيرنا في مال المرأة إذا تزوجت رجلا قال فقال فيه ماذا قلت ما لا يضرك أن لا تسمعه ثم حكيت له شيئا كنت أحفظه وكان يحفظه فقال ما يشكل الخطأ في هذا على سامع يعقل قال الشافعي فزعم لي زاعم عن قائل هذا القول أن المرأة إذا نكحت رجلا بمائة دينار جبرت أن تشتري بها ما يتجهز به مثلها وكذلك لو نكحت بعشرة دراهم فإن طلقها قبل أن يدخل بها رجع عليها بنصف ما اشترت قال الشافعي ويلزمه أن يقاسمها نورة وزرنيخا ونضوحا قال فإن قال قائل فما يدخل على من قال هذا القول قيل له يدخل عليه أكثر ما يدخل على أحد أو على غيره فإن قال ما هو قيل له قال الله عز وجل وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم وما فرض ودفع مائة دينار فزعم قائل هذا القول أنه يرده بنصف متاع ليس فيه دنانير وهذا خلاف ما جعل الله تبارك وتعالى له فإن قال قائل إنما قلنا هذا لأنا نرى أن واجبا عليها قال الربيع يعني أن واجبا عليها أن تجهز بما أعطاها وكان عليه أن يرجع بنصف ما تجهزت به في قولهم وفي قول الشافعي لا يرجع إلا بنصف ما أعطاها دنانير كانت أو غيرها لأنه لا يوجب عليها أن تجهز إلا أن تشاء وهو معنى قول الله تبارك وتعالى فنصف ما فرضتم ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 1090

الصلح أخبرنا الربيع بن سليمان قال أملى علينا الشافعي رحمه الله قال أصل الصلح أنه بمنزلة البيع فما جاز في البيع جاز في الصلح وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح ثم يتشعب ويقع الصلح على ما يكون له ثمن من الجراح التي لها أرش وبين المرأة وزوجها التي لها عليه صداق وكل هذا يقوم مقام الأثمان ولا يجوز الصلح عندي إلا على أمر معروف كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف وقد روى عن عمر رضي الله عنه الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول الذي لو كان بيعا كان حراما وإذا مات الرجل وورثته امرأة أو ولد أو كلالة فصالح بعض الورثة بعضا فإن وقع الصلح على معرفة من المصالح والمصالح بحقوقهم أو إقرار بمعرفتهم بحقوقهم وتقابض المتصالحان قبل أن يتفرقا فالصلح جائز وإن وقع على غيره معرفة منهما بمبلغ حقهما أو حق المصالح منهما لم يجز الصلح كما لا يجوز بيع مال امرئ لا يعرفه وإذا ادعى الرجل على الرجل الدعوى في العبد أو غيره أو ادعى عليه جناية عمدا أو خطأ فصالحه مما ادعى من هذا كله أو من بعضه على شيء قبضه منه فإن كان الصلح والمدعى عليه يقر فالصلح جائز بما يجوز به البيع كان الصلح نقدا أو نسيئة وإذا كان المدعى عليه ينكر فالصلح باطل وهما على أصل حقهما ويرجع المدعي على دعواه والمعطي بما أعطى وسواء إذا أفسدت الصلح قال المدعي قد أبرأتك مما ادعيت عليك أو لم يقله من قبل أنه إنما أبرأه على أن يتم له ما أخذ منه وليس هذا بأكثر من أن يبيعه البيع الفاسد فإذا لم يتم له الفساد رجع كل واحد منهما على أصل ملكه كما كانا قبل أن يتبايعا فإذا اراد الرجلان الصلح وكره المدعى عليه الإقرار فلا بأس أن يقر رجل أجنبي على المدعى عليه بما ادعى عليه من جناية أو مال ثم يؤدي ذلك عنه صلحا فيكون صحيحا وليس للذي أعطى عن الرجل أن يرجع على المصالح المدعى عليه ولا للمصالح المدعى أن يرجع على المدعى عليه لأنه قد اخذ العوض من حقه إلا أن يعقدا صلحهما على فساد فيكونون كما كانوا في أول ما تداعوا قبل الصلح قال ولو ادعى رجل على رجل حقا في دار فأقر له بدعواه وصالحه من ذلك على إبل أو بقر أو غنم أو رقيق أو بز موصوف أو دنانير أو دراهم موصوفة أو طعام إلى أجل مسمى كان الصلح جائزا كما يجوز لو بيع ذلك إلى ذلك الأجل ولو ادعى عليه شقصا من دار فاقر له به ثم صالحه على أن أعطاه بذلك بيتا معروفا من الدار ملكا له أو سكنى له عدد سنين فذلك

صفحة : 1091

جائز كما يجوز لو اقتسماه أو تكارى شقصا له في دار ولكنه لو قال أصالحك على سكنى هذا المسكن ولم يسم وقتا كان الصلح فاسدا من قبل أن هذا لا يجوز كما لو ابتدأه حتى يكون إلى أجل معلوم وهكذا لو صالحه على أن يكريه هذه الأرض سنين يزرعها أو على شقص من دار أخرى سمى ذلك وعرف جاز كما يجوز في البيوع والكراء وإذا لم يسمه لم يجز كما لا يجوز في البيوع والكراء قال الشافعي ولو أن رجلا أشرع ظلة أو جناحا على طريق نافذة فخاصمه رجل ليمنعه منه فصالحه على شيء على أن يدعه كان الصلح باطلا لأنه أخذ منه على ما لا يملك ونظر فإن كان إشراعه غير مضر خلى بينه وبينه وإن كان مضرا منعه وكذلك لو أراد إشراعه على طريق لرجل خاصة ليس بنافذ أو لقوم فصالحه أو صالحوه على شيء أخذوه منه على أن يدعوه يشرعه كان الصلح في هذا باطلا من قبل أنه إنما أشرع في جدار نفسه وعلى هواء لا يملك ما تحته ولا ما فوقه فإن أراد أن يثبت خشبة ويصح بينه وبينهم الشرط فليجعل ذلك في خشب يحمله على جدرانهم وجداره فيكون ذلك شراء محمل الخشب ويكون الخشب بأعيانه موصوفا أو موصوف الموضع أو يعطيهم شيئا على أن يقروا له بخشب يشرعه ويشهدون على أنفسهم أنهم أقروا له بمحمل هذا الخشب ومبلغ شروعه بحق عرفوه له فلا يكون لهم بعده أن ينزعوه قال وإن ادعى رجل حقا في دار أو أرض فأقر له المدعي عليه وصالحه من دعواه على خدمة عبد أو ركوب دابة أو زراعة أرض أو سكنى دار أو شيء مما يكون فيه الإجارات ثم مات المدعي والمدعى عليه أو أحدهما فالصلح جائز ولورثة المدعي السكنى والركوب والزراعة والخدمة وما صالحهم عليه المصالح قال الشافعي ولو كان الذي تلف الدابة التي صالح على ركوبها أو المسكن الذي صالح على سكنه أو الأرض التي صولح على زراعتها فإن كان ذلك قبل أن يأخذ منه المصالح شيئا فهو على حقه في الدار وقد انتقضت الإجارة وإن كان بعد ما أخذ منه شيئا تم من الصلح بقدر ما أخذ إن كان نصفا أو ثلثا أو ربعا وانتقض من الصلح بقدر ما بقي يرجع به في أصل السكن الذي صولح عليه قال وهكذا لو صالحه على عبد بعينه أو ثوب بعينه أو دار بعينها فلم يقبضه حتى هلك انتقض الصلح ورجع على أصل ما أقر له به ولو كان صالحه على عبد بصفة أو غير صفة أو ثوب بصفة أو دنانير أو دراهم أو كيل أو وزن بصفة تم الصلح بينهما وكان عليه مثل الصفة التي صالحه عليها ولو صالحه على ربع أرض مشاع من دار معلومة جاز ولو صالحه

صفحة : 1092

على أذرع من دار مسماة وهو يعرف أذرع الدار ويعرفه المصالح جاز وهذا كجزء من أجزاء وإن كان صالحه على أذرع وهو لا يعرف الذرع كله لم يجز من قبل أنه لا يدري كم قدر الذرع فيها ثلثا أو ربعا أو أكثر أو أقل ولو صالحه على طعام جزاف أو دراهم جزاف أو عبد فجائز فإن استحق ذلك قبل القبض أو بعده بطل الصلح وإن هلك قبل القبض بطل الصلح ولو كان صالحه على عبد بعينه ولم يرد العبد فله الخيار الرؤية فإن اختار أخذه جاز الصلح وإن اختار رده رد الصلح قال الربيع قال الشافعي بعد لا يجوز شراء عبد بعينه ولا غيره إلى أجل ويكون له خيار رؤيته من قبل أن البيع لا يعدو بيع عين يراها المشتري والبائع عند تبايعهما وبيع صفة مضمون إلى أجل معلوم يكون على صاحبها أن يأتي بها من جميع الأرض وهذا العبد الذي بعينه إلى أجل أن تلف بطل البيع فهذا مرة يتم فيه البيع ومرة يبطل فيه البيع والبيع لا يجوز إلا أن يتم في كل حال قال الشافعي وهكذا كل ما صالحه عليه بعينه مما كان غائبا عنه فله فيه خيار الرؤية قال الربيع رجع الشافعي عن خيار رؤية شيء بعينه قال الشافعي ولو قبضه فهلك في يديه وبه عيب رجع بقيمة العيب ولو لم يجد عيبا ولكنه استحق نصفه أو سهم من ألف سهم منه كان لقابض العبد الخيار في أن يجيز من الصلح بقدر ما في يديه من العبد ويرجع بقدر ما استحق منه أو ينقض الصلح كله قال الربيع الذي يذهب إليه الشافعي أنه إذا بيع الشيء فاستحق بعضه بطل البيع كله لأن الصفقة جمعت شيئين حلالا وحراما فبطل كله والصلح مثله قال الشافعي ولو ادعى رجل حقا في دار فأقر له رجل أجنبي على المدعى عليه وصالحه على عبد بعينه فهو جائز وإن وجد بالعبد عيبا فرده أو استحق لم يكن له على الأجنبي شيء ورجع على دعواه في الدار وهكذا لو صالحه على عرض من العروض ولو كان الأجنبي صالحه على دنانير أو دراهم أو عرض بصفة أو عبد بصفة فدفعه إليه ثم استحق كان له أن يرجع عليه بمثل تلك الدنانير والدراهم وذلك العرض بتلك الصفة ولو كان الأجنبي إنما صالحه على دنانير بأعيانها فهي مثل العبد بعينه يعطيه إياها وإن استحقت أو وجد عيبا فردها لم يكن له على الأجنبي تباعة وكان له أن يرجع على أصل دعواه والأجنبي إذا كان صالح بغير إذن المدعى عليه فتطوع بما أعطى عنه فليس له أن يرجع به على صاحبه المدعى عليه وإنما يكون له أن يرجع به إذا أمره إن يصالح عنه قال ولو ادعى رجل على رجل حقا في دار فصالحه على بيت معروف سنين معلومة يسكنه كان جائزا أو على سطح معروف يبيت عليه كان جائزا فإن انهدم البيت أو السطح قبل

صفحة : 1093

السكنى رجع على أصل حقه وإن انهدم بعد السكنى تم من الصلح بقدر ما سكن وبات وانتقض منه بقدر ما بقي ولو ادعى رجل حقا في دار وهي في يد رجل عارية أو وديعة أو كراء تصادقا على ذلك أو قامت به بينة فلا خصومة بينه وبين من الدار في يديه ومن لم ير أن يقضي على الغائب لم يقبل منه فيها بينة وأمره إن خاف على بينته الموت أن يشهد على شهادتهم ولو أن الذي في يديه أقر له بدعواه لم يقض له بإقراره لأنه أقر له فيما لا يملك ولو صالحه على شيء من دعواه فالصلح جائز والمصالح متطوع والجواب فيه كالجواب في المسائل قبلها من الأجنبي يصالح عن الدعوى ولو ادعى رجل على رجل شيئا لم يسمه فصالحه منه على شيء لم يجز الصلح وكذلك لا يجوز لو ادعى في شيء بعينه حتى يقر فإذا اقر جاز ولو أقر في دعواه التي أجملها فقال أنت صادق فيما ادعيت علي فصالحه منه على شيء كان جائزا كما يجوز لو تصادقا على شراء لا يعلم إلا بقولهما وإن لم يسم الشراء فقال هذا ما اشتريت منك مما عرفت وعرفت فلا تباعة لي قبلك بعد هذا في شيء مما اشتريت منك ولو كانت الدار في يدي رجلين فتداعيا كلها فاصطلحا على أن لأحدهما الثلث وللآخر الثلثين أو بيتا من الدار وللآخر ما بقي فإن كان هذا بعد إقرارهما فجائز وإن كان على الجحد فلا يجوز وهما على أصل دعواهما ولو ادعى رجل على رجل دعوى فصالحه منها على شيء بعد ما أقر له بدعواه غير أن ذلك غير معلوم ببينة تقوم عليه فقال المصالح للذي ادعى عليه صالحتك من هذه الأرض وقال الآخر بل صالحتك من ثوب فالقول قوله مع يمينه ويكون خصما له في هذه الأرض قال أبو محمد أصل قول الشافعي أنهما إذا اختلفا في الصلح تحالفا وكانا على أصل خصومتهما مثل البيع سواء إذا اختلفا تحالفا ولم يكن بينهما بيع بعد الأيمان قال الشافعي ولو كانت دار بين ورثة فادعى رجل فيها دعوى وبعضهم غائب أو حاضر فأقر له أحدهم ثم صالحه على شيء بعينه دنانير أو دراهم مضمونة فالصلح جائز وهذا الوارث المصالح متطوع ولا يرجع على إخوته بشيء مما أدى عنهم لأنه أدى عنهم بغير أمرهم إذا كانوا منكرين لدعواه ولو صالحه على أن حقه له دون إخوته فإنما اشترى منه حقه دون إخوته وإن أنكر إخوته كان لهم خصما فإن قدر على أخذ حقه كان له وكانت لهم الشفعة معه بقدر حقوقهم وإن لم يقدر عليه رجع عليه بالصلح فأخذه منه وكان للآخر فيما أقر له به نصيبه من حقه قال الشافعي ولو أن دارا في يدي رجلين ورثاها فادعى رجل فيها حقا فأنكر أحدهما وأقر الآخر وصالحه على حقه منها خاصة دون حق

صفحة : 1094

أخيه فالصلح جائز وإن أراد أخوه أن يأخذ بالشفعة مما صالح عليه فله ذلك ولو أن رجلين ادعيا دارا في يدي رجل وقالا هي ميراث لنا عن أبينا وأنكر ذلك الرجل ثم صالح أحدهما من دعواه على شيء فالصلح باطل قال ولو أقر لأحدهما فصالحه من ذلك الذي أقر له به على شيء كان لأخيه أن يدخل معه فيما أقر له بالنصف لأنهما نسبا ذلك إلى أنه بينهما نصفين ولو كانت المسألة بحالها فادعى كل واحد منهما عليه نصف الأرض التي في يديه فأقر لأحدهما بالنصف وجحد الآخر كان النصف الذي أقر به له دون المجحود وكان المجحود على خصومته ولو صالحه منه على شيء كان ذلك له دون صاحبه ولو أقر لأحدهما بجميع الأرض وإنما كان يدعي نصفها فإن كان لم يقر للآخر بأن له النصف فله الكل لا يرجع به عليه الآخر وإن كان في أصل دعواه أنه زعم أن له النصف ولهذا كان له أن يرجع عليه بالنصف قال ولو ادعى رجلان على رجل دارا ميراثا فأقر لهما بذلك وصالح أحدهما من دعواه على شيء فليس لأخيه أن يشركه فيما صالحه عليه وله أن يأخذ بالشفعة ولو ادعى رجل على رجل دارا فأقر له بها وصالحه بعد الإقرار على أن يسكنها الذي في يديه فهي عارية إن شاء أتمها وإن شاء لم يتمها وإن كان لم يقر له إلا على أن يسكنها فالصلح باطل وهما على أصل خصومتها ولو أن رجلا اشترى دارا فبناها مسجدا ثم جاء رجل فادعاها فأقر له باني المسجد بما ادعى فإن كان فضل من الدار فضل فهو له وإن كان لم يتصدق بالمسجد فهو له ويرجع عليه بقيمة ما هدم من داره ولو صالحه من ذلك على صلح فهو جائز قال وإن أنكر المدعى عليه فأقر الذين المسجد والدار بين أظهرهم وصالحوه كان الصلح جائزا وإذا باع رجل من رجل دارا ثم ادعى فيها رجل شيئا فأقر البائع له وصالحه فالصلح جائز وهكذا لو غصب رجل من رجل دارا فباعها أو لم يبعها وادعى فيها رجل آخر دعوى فصالحه بعد الإقرار من دعواه على شيء كان الصلح جائزا وكذلك لو كانت في يده عارية أو وديعة وإذا ادعى رجل دارا في يدي رجل فأقر له بها ثم جحده ثم صالحه فالصلح جائز ولا يضره الجحد لأنها ثبتت له بالإقرار الأول إذا تصادقا أو قامت بينة بالإقرار الأول فإن أنكر المصالح الآخذ لثمن الدار أن يكون أقر له بالدار وقال إنما صالحته على الجحد فالقول قوله مع يمينه والصلح مردود وهما على خصومتهما ولو صالح رجل من دعوى أقر له بها على خدمة عبد سنة فقتل خطأ انتقض الصلح ولم يكن على المصالح أن يشتري له عبدا غيره يخدمه ولا على رب العبد أن يشتري له عبدا غيره يخدمه قال وهكذا لو كان له سكنى بيت

صفحة : 1095

فهدمه إنسان أو انهدم ولو كان الصلح على خدمة عبد بعينه سنة فباعه المولى كان للمشتري الخيار إن شاء أن يجيز البيع ويكون لهذا الملك ولهذا الخدمة فعل وإن شاء أن يرد البيع رده وبه نأخذ وفيه قول ثان أن البيع منتقض لأنه محول بينه وبينه ولو كانت المسألة بحالها فأعتقه السيد كان العتق جائزا وكانت الخدمة عليه إلى منتهى السنة يرجع بها على السيد لأن الإجارة بيع من البيوع عندنا لا ننقضه ما دام المسأجر سالما قال ولصاحب الخدمة أن يخدمه غيره ويؤاجره غيره في مثل عمله وليس له أن يخرجه من المصر إلا بإذن سيده ولو ادعى رجل في دار دعوى فأقر بها المدعى عليه وصالحه منها على عبد قيمته مائة درهم ومائة درهم والعبد بعينه فلم يقبض المصالح العبد حتى جنى على حر أو عبد فسواء ذلك كله وللمصالح الخيار في أن يقبض العبد ثم يفديه أو يسلمه فيباع أو يرده على سيده وينقض الصلح وليس له أن يجيز من الصلح بقدر المائة ولو كان قبضه ثم جنى في يديه كان الصلح جائزا وكان كعبد اشتراه ثم جنى في يديه قال ولو كان وجد بالعبد عيبا لم يكن أن يرده ويحبس المائة لأنها صفقة واحدة لا يكون له أن يردها إلا معا ولا يجيزها إلا معا إلا أن يشاء ذلك المردود عليه ولو كان استحق كان له الخيار في أن يأخذ المائة بنصف الصلح ويرد نصفه لأن الصفقة وقعت على شيئين أحدهما ليس للبائع وليس للمشتري إمساكه وله في العيب إمساكه إن شاء قال الربيع أصل قوله إنه إذا استحق بعض المصالح به أو المبيع به بطل الصلح والبيع جميعا لأن الصفقة جمعت شيئين حلالا وحراما فبطل ذلك كله قال الشافعي ولو كان الاستحقاق في العيب في الدراهم وإنما باعه بالدراهم بأعيانها كان كهو في العبد ولو باعه بدراهم مسماة رجع بدراهم مثلها ولو كان الصلح بعبد وزاده الآخذ للعبد ثوبا فاستحق العبد انتقض الصلح وكان على دعواه وأخذ ثوبه الذي زاده الذي في يديه الدار إن وجده قائما أو قيمته إن وجد مستهلكا ولو كانت المسألة بحالها وتقابضا وجرح العبد جرحا لم يكن له أن ينقض الصلح وهذا مثل رجل اشترى عبدا ثم جرح عنده قال ولو كانت المسألة بحالها في العبد والثوب فوجد بالثوب عيبا فله الخيار بين أن يمسكه أو يرده وينتقض الصلح لا يكون له أن يرد بعض الصفقة دون بعض ولو استحق العبد انتقض الصلح إلا أن يشاء أن يأخذ ما مع العبد ولا يرجع بقيمة العبد قال الربيع إذا استحق العبد بطل الصلح في معنى قول الشافعي في غير هذا الموضع قال الشافعي ولو كان الصلح عبدا ومائة درهم وزاده المدعى عليه عبدا أو غيره ثم خرج العبد الذي قبض أيهما كان حرا بطل الصلح وكان كرجل

صفحة : 1096

اشترى عبدا فخرج حرا ولو كان العبد الذي استحق الذي أعطاه المدعي أو المدعى عليه قيل للذي استحق في يديه العبد لك نقض الصلح إلا أن ترضى بترك نقضه وقبول ما صار في يديك مع العبد فلا تكره على نقضه وهكذا جميع ما استحق مما صالح عليه ولو كان هذا سلما فاستحق العبد المسلم في الشيء الموصوف إلى الأجل المعلوم بطل السلم قال الشافعي ولو كان المسلم عبدين بقيمة واحدة فاستحق أحدهما كان للمسلم إليه الخيار في نقض السلم ورد العبد الباقي في يديه أو إنفاذ البيع ويكون عليه نصف البيع الذي في العبد نصفه إلى أجله قال الربيع يبطل هذا كله وينفسخ قال الشافعي وإذا كانت الدار في يدي رجلين كل واحد منهما في منزل على حدة فتداعيا العرصة فالعرصة بينهما نصفين لأنها في أيديهما معا وإن أحب كل واحد منهما أحلفنا له صاحبه على دعواه فإذا حلفا فهي بينهما نصفين ولو لم يحلفا واصطلحا على شيء أخذه أحدهما من الآخر بإقرار منه بحقه جاز الصلح وهكذا لو كانت الدار منزلا أو منازل السفل في يد أحدهما يدعيه والعلو في يد الآخر يدعيه فتداعيا عرصة الدار كانت بينهما نصفين كما وصفت وإذا كان الجدار بين دارين أحدهما لرجل والأخرى لآخر وبينهما جدار ليس بمتصل ببناء واحد منهما اتصال البنيان إنما هو ملصق أو متصل ببناء كل واحد منهما فتداعياه ولا بينة لهما تحالفا وكان بينهما نصفين ولا أنظر في ذلك إلى من إليه الخوارج ولا الدواخل ولا أنصاف اللبن ولا معاقد القمط لأنه ليس في شيء من ذلك دلالة ولو كانت المسألة بحالها ولأحدهما فيها جذوع ولا شيء للآخر فيها عليه أحلفتهما وأقررت الجذوع بحالها وجعلت الجدار بينهما نصفين لأن الرجل قد يرتفق بجدار الرجل بالجذوع بأمره وغير أمره ولو كان هذا الحائط متصلا ببناء أحدهما اتصال البنيان الذي لا يحدث مثله إلا من أول البنيان ومنقطعا من بناء الآخر جعلته للذي هو متصل ببنائه دون الذي هو منقطع من بنائه ولو كان متصلا اتصالا يحدث مثله بعد كمال الجدار يخرج منه لبنة ويدخل أخرى أطول منها أحلفتهما وجعلته بينهما نصفين وإن تداعيا في هذا الجدار ثم اصطلحا منه على شيء بتصادق منهما على دعواهما أجزت الصلح وإذا قضيت بالجدار بينهما لم أجعل لواحد منهما أن يفتح فيه كوة ولا يبني عليه بناء إلا بإذن صاحبه ودعوتهما إلى أن نقسمه بينهما إن شاءا فإن كان عرضه ذراعا أعطيت كل واحد منهما شبرا في طول الجدار ثم قلت له إن شئت أن تزيده من عرض دارك أو بيتك شبرا آخر ليكون لك جدارا خالصا فذلك لك وإن شئت تقره بحاله ولا تقاسم

صفحة : 1097

منه فأقرره وإذا كان الجدار بين رجلين فهدماه ثم اصطلحا على أن يكون لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه على أن يحمل كل واحد منهما ما شاء عليه إذا بناه فالصلح فيه باطل وإن شاءا قسمت بينهما أرضه وكذلك إن شاء أحدهما دون الآخر وإن شاءا تركاه فإذا بنياه لم يجز لواحد منهما أن يفتح فيه بابا ولا كوة إلا بإذن صاحبه قال الشافعي وإذا كان البيت في يد رجل فادعاه آخر واصطلحا على أن يكون لأحدهما سطحه ولا بناء عليه والسفل للآخر فأصل ما أذهب إليه من الصلح أن لا يجوز إلا على الإقرار فإن تقارا أجزت هذا بينهما وجعلت لهذا علوه ولهذا سفله واجزت فيما أقر له به الآخر ما شاء إذا أقر أن له أن يبني عليه ولا نجيزه إذا بنى وسواء كان عليه علو لم أجزه إلا على إقراره ولو أن رجلا باع علو بيت لا بناء عليه على أن للمشتري أن يبني على جداره ويسكن على سطحه وسمى منتهى البناء أجزت ذلك كما أجيز أن يبيع أرضا لا بناء فيها ولا فرق بينهما إلا في خصلة أن من باع دارا لا بناء فيها فللمشتري أن يبني ما شاء ومن باع سطحا بأرضه أو أرضا ورءوس جدران احتجت إلى ان أعلم كم مبلغ البناء لأن من البناء ما لا تحمله الجدران قال ولو كانت دار في يدي الرجل في سفلها درج إلى علوها فتداعى صاحبا السفل والعلو الدرج والدرج بطريق صاحب العلو فهي لصاحب العلو دون صاحب السفل بعد الأيمان وسواء كانت الدرج معقودة أو غير معقودة لأن الدرج إنما تتخذ ممرا وإن ارتفق بما تحتها ولو كان الناس يتخذون الدرج للمرتفق ويجعلون ظهورها مدرجة لا بطريق من الطرق جعلت الدرج بين صاحب السفل والعلو لأن فيها منفعتين إحداهما بيد صاحب السفل والأخرى بيد صاحب العلو بعد ما أحلفهما وإذا كان البيت السفل في يد رجل والعلو في يد آخر فتداعيا سقفه فالسقف بينهما لأنه في يد كل واحد منهما هو سقف للسفل مانع له وسطح للعلو أرضه له فهو بينهما نصفين بعد أن لا تكون بينة وبعد أن يتحالفا عليه وإذا اصطلحا على أن ينقض العلو والسفل لعلة فيهما أو في أحدهما أو غير علة فذلك لهما ويعيدان معا البناء كما كان ويؤخذ صاحب السفل بالبناء إذا كان هدمه على أن يبنيه أو هدمه بغير علة وإن سقط البيت لم يجبر صاحب السفل على البناء وإن تطوع صاحب العلو بأن يبني السفل كما كان ويبني علوه كما كان فذلك له وليس له أن يمنع صاحب السفل من سكنه ونقض الجدران له متى شاء أن يهدمها ومتى جاءه صاحب السفل بقيمة بنائه كان له أن يأخذه منه ويصير البناء لصاحب السفل إلا أن يختار الذي بنى أن يهدم بناءه فيكون ذلك له وأصلح

صفحة : 1098

لصاحب العلو أن يبنيه بقضاء قاض وإن تصادقا على أن صاحب السفل امتنع من بنائه وبناه صاحب العلو بغير قضاء قاض فجائز كهو بقضاء قاض وإذا كانت لرجل نخلة أو شجرة فاستعلت حتى انتشرت أغصانها على دار رجل فعلى صاحب النخلة والشجرة قطع ما شرع في دار الرجل منها إلا أن يشار رب الدار تركه فإن شاء تركه فذلك له وإن أراد تركه على شيء يأخذه منه فليس بجائز من قبل أن ذلك إن كان كراء أو شراء فإنما هو كراء هواء لا أرض له ولا قرار ولا بأس بتركه على وجه المعروف وإذا تداعى رجلان في عينين أو بئرين أو نهرين أو غيلين دعوى فاصطلحا على أن أبرأ كل واحد منهما صاحبه من دعواه في إحدى العينين أو البئرين أو النهرين أو ما سمينا على أن لهذا هذه العين تامة ولهذا هذه العين تامة فإن كان بعد إقرار منهما فالصلح جائز كما يجوز شراء بعض عين بشراء بعض عين وإذا كان النهر بين قوم فاصطلحوا على إصلاحه ببناء أو كبس أو غير ذلك على أن تكون النفقة بينهم سواء فذلك جائز فإن دعا بعضهم إلى عمله وامتنع بعضهم لم يجبر الممتنع على العمل إذا لم يكن فيه ضرر وكذلك لو كان فيه ضرر لم يجبر والله أعلم ويقال لهؤلاء إن شئتم فتطوعوا بالعمارة ويأخذ هذا ماءه معكم ومتى شئتم أن تهدموا العمارة هدمتموها وأنتم مالكون للعمارة دونه حتى يعطيكم ما يلزمه في العمارة ويملكها معكم وهكذا العين والبئر وإذا ادعى رجل عود خشبة أو ميزاب أو غير ذلك في جدار رجل فصالحه الرجل من دعواه على شيء جاز إذا أقر له به ولو ادعى رجل زرعا في أرض رجل فصالحه من ذلك على دراهم مسماة فذلك جائز لأن له أن يبيع زرعه أخضر ممن يقصله ولو كان الزرع لرجلين فادعى رجل فيه دعوى فصالحه أحدهما على نصف الزرع لم يجز من قبل أنه لا يجوز أن يقسم الزرع أخضر ولا يجبر هذا على أن يقطع منه شيئا حتى يرضى وإذا ادعى رجل على رجل دعوى في دار فصولح منها على دار أو عبد أو غيره فيها خيار الرؤية كما يكون في البيع فإن أقر أن قد رآه قبل الصلح فلا خيار له إلا أن يتغير عن حاله التي رآه عليها قال وإذا ادعى رجل على رجل دراهم فأقر له بها ثم صالحه على دنانير فإن تقابضا قبل أن يتفرقا جاز وإن تفرقا قبل أن يتقابضا كانت له عليه الدراهم ولم يجز الصلح ولو قبض بعضا وبقي بعض جاز الصلح فيما قبض وانتقض فيما لم يقبض إذا رضي ذلك المصالح الآخذ منه الدنانير قال الربيع وفيه قول آخر أنه لا يجوز شيء من الصلح لأنه صالحه من دنانير على دراهم يأخذها فكان هذا مثل الصرف لو بقي منه درهم انتقض الصرف كله وهو

صفحة : 1099

معنى قول الشافعي في غير هذا الموضع وإذا ادعى رجل شقصا في دار فأقر له به المدعى عليه وصالحه منه على عبد بعينه أو ثياب بأعيانها أو موصوفة إلى أجل مسمى فذلك جائز وليس له أن يبيع ما صالحه من ذلك قبل أن يقبضه كما لا يكون له أن يبيع ما اشترى قبل أن يقبضه والصلح بيع ما جاز فيه جاز في البيع وما رد فيه رد في البيع وسواء موصوف أو بعينه لا يبيعه حتى يقبضه وهكذا كل ما صالح عليه من كيل أو عين موصوف ليس له أن يبيعه منه ولا من غيره حتى يقبضه لأن النبي ﷺ نهى عن بيع الطعام إذا ابتيع حتى يقبض وكل شيء ابتيع عندنا بمنزلتة وذلك أنه مضمون من مال البائع فلا يبيع ما ضمانه من ملك غيره وإذا ادعى رجل على رجل دعوى فأقر له بها فصالحه على عبدين بأعيانهما فقبض أحدهما ومات الآخر قبل القبض فالمصالح بالخيار في رد العبد ويرجع على حقه من الدار أو إجازة الصلح بحصة العبد المقبوض ويكون له نصيبه من الدار بقدر حصة العبد الميت قبل أن يقبضه ولو كان الصلح على عبد فمات بطل الصلح وكان على حقه من الدار ولو لم يمت ولكن رجل جنى عليه فقتله خير بين أن يجيز الصلح ويتبع الجاني أو يرد الصلح ويتبعه رب العبد البائع له وهكذا لو قتله عبد أو حر ولو كان الصلح على خدمة عبد سنة فقتل العبد فأخذ مالكه قيمته فلا يجبر المصالح ولا رب العبد على أن يعطيه عبدا مكانه فإن كان استخدمه شيئا جاز من الصلح بقدر ما استخدمه وبطل من الصلح بقدر ما بطل من الخدمة ولو لم يمت العبد ولكنه جرح جرحا فاختار سيده أن يدعه يباع كان كالموت والاستحقاق ولو ادعى رجل على رجل شيئا فأقر له به فصالحه المقر على مسيل ماء فإن سمى له عرض الأرض التي يسيل عليها الماء وطولها ومنتهاها فجائز إذا كان يملك الأرض لم يجز إلا بأن يقول يسيل الماء في كذا وكذا لوقت معلوم كما لا يجوز الكراء إلا إلى وقت معلوم وإن لم يسم إلا مسيلا لم يجز ولو صالحه على أن يسقي أرضا له من نهر أو عين وقتا من الأوقات لم يجز ولكنه يجوز له لو صالحه بثلث العين أو ربعها وكان يملك تلك العين وهكذا لو صالحه على أن يسقي ماشية له شهرا من مائه لم يجز وإذا كانت الدار لرجلين لأحدهما منها أقل مما للآخر فدعا صاحب النصيب الكثير إلى القسم وكرهه صاحب النصيب القليل لأنه لا يبقى له منه ما ينتفع به أجبرته على القسم وهكذا لو كانت بين عدد فكان أحدهم ينتفع والآخرون لا ينتفعون أجبرتهم على القسم للذي دعا إلى القسم وجمعت للآخرين نصيبهم إن شاءوا وإذا كان الضرر عليهم جميعا لم أقسم إنما يقسم إذا كان أحدهم

صفحة : 1100

يصير إلى منفعة وإن قلت الحوالة أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي إملاء قال والقول عندنا والله تعالى أعلم ما قال مالك بن أنس إن الرجل إذا أحال الرجل على الرجل بحق له ثم أفلس المحال عليه أو مات لم يرجع المحال على المحيل أبدا فإن قال قائل ما الحجة فيه قال مالك بن أنس أخبرنا عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال مطل الغنى ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملىء فليتبع فإن قال قائل وما في هذا مما يدل على تقوية قولك قيل أرأيت لو كان المحال يرجع على المحيل كما قال محمد بن الحسن إذا أفلس المحال عليه في الحياة أو مات مفلسا هل يصير المحال على من أحيل أرأيت لو أحيل على مفلس وكان حقه نائيا عن المحيل هل كان يزداد بذلك إلا خيرا إن أيسر المفلس وإلا فحقه حيث كان ولا يجوز إلا أن يكون في هذا أما قولنا إذا برئت من حقك وضمنه غيري فالبراءة لا ترجع إلى أن تكون مضمونة وإما لا تكون الحوالة جائزة فكيف يجوز أن أكون بريئا من دينك إذا أحلتك لو حلفت وحلفت مالك على حق بررنا فإن أفلس عدت علي بشيء بعد برئت منه بأمر قد رضيت به جائزا بين المسلمين واحتج محمد بن الحسن بأن عثمان قال في الحوالة والكفالة يرجع صاحبه لا توي على مال مسلم وهو في أصل قوله يبطل من وجهين ولو كان ثابتا عن عثمان لم يكن فيه حجة إنما شك فيه عن عثمان ولو ثبت ذلك عن عثمان احتمل حديث عثمان خلافه وإذا أحال الرجل على الرجل بالحق فأفلس المحال عليه أو مات ولا شيء له لم يكن للمحتال أن يرجع على المحيل من قبل أن الحوالة تحول حق من موضعه إلى غيره وما تحول لم يعد والحوالة مخالفة للحمالة ما تحول عنه لم يعد إلا بتجديد عودته عليه ونأخذ المحتال عليه دون المحيل بكل حال ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 1101

باب الضمان أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وإذا تحمل أو تكفل الرجل عن الرجل بالدين فمات الحميل قبل يحل الدين فللمتحمل عليه أن يأخذه بما حمل له به فإذا قبض ماله برئ الذي عليه الدين والحميل ولم يكن لورثة الحميل أن يرجعوا على المحمول عنه بما دفعوا عنه حتى يحل الدين وهكذا لو مات الذي عليه الحق كان للذي له الحق أن يأخذه من ماله فإن عجز عنه لم يكن له أخذه حتى يحل الدين وقال في الحمالة أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال إذا تحمل أو تكفل الرجل عن الرجل بدين فمات المحتمل قبل أن يحل الدين فللمحتمل عنه أن يأخذه بما حمل له به فإذا قبض ماله برئ الذي عليه الدين والحميل ولم يكن لورثة الحميل أن يرجعوا على المحمول عنه بما دفعوا عنه حتى يحل الدين وهكذا لو مات الذي عليه الحق كان للذي له الحق أن يأخذه من ماله فإذا عجز عنه لم يكن له أن يأخذه حتى يحل الدين قال الشافعي وإذا كان للرجل على الرجل المال فكفل له به رجل آخر فلرب المال أن يأخذهما وكل واحد منهما ولا يبرأ كل واحد منهما حتى يستوفي ماله إذا كانت الكفالة مطلقة فإذا كانت الكفالة بشرط كان للغريم أن يأخذ الكفيل على ما شرط له دون مالم يشرط له وإذا قال الرجل للرجل ما قضى لك به على فلان أو شهد لك به عليه شهود أو ما أشبه هذا فأنا له ضامن لم يكن ضامنا لشيء من قبل أنه قد يقضي له ولا يقضي ويشهد له ولا يشهد له فلا يلزمه شيء مما شهد به بوجوه فلما كان هذا هكذا لم يكن هذا ضمانا وإنما يلزم الضمان بما عرفه الضامن فأما ما لم يعرفه فهو من المخاطرة وإذا ضمن الرجل دين الميت بعد ما يعرفه ويعرف لمن هو فالضامن له لازم ترك الميت شيئا أو لم يتركه فإذا كفل العبد المأذون له في التجارة فالكفالة باطلة لأن الكفالة استهلاك مال لا كسب مال فإذا كنا نمنعه أن يستهلك من ماله شيئا قل أو كثر فكذلك نمنعه أن يكفل فيغرم من ماله شيئا قل أو كثر أخبرنا ابن عيينه عن هرون بن رياب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة ابن المخارق قال حملت حمالة فأتيت رسول الله ﷺ فسألته فقال يا قبيصة المسألة حرمت إلا في ثلاث رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة وذكر الحديث قال الشافعي ولو أقر لرجل أنه كفل له بمال على أنه بالخيار وأنكر المكفول له الخيار ولا بينة بينهما فمن جعل الإقرار واحدا أحلفه ما كفل له إلا على أنه بالخيار وأبرأه والكفالة لا تجوز بخيار ومن زعم أنه يبعض عليه إقراره فيلزمه ما يضره ألزمه الكفالة بعد أن يحلف المكفول له لقد جعل له كفالة بت

صفحة : 1102

لا خيار فيه والكفالة بالنفس على الخيار لا تجوز وإذا جازت بغير خيار فليس يلزم الكافل بالنفس مال إلا أن يسمى مالا كفل به ولا تلزم الكفالة بحد ولا قصاص ولا عقوبة لا تلزم الكفالة إلا بالأموال ولو كفل له بما لزم رجلا في جروح عمد فإن أراد القصاص فالكفالة باطلة وإن أراد أرش الجراح فهو له والكفالة لازمة لأنها كفالة بمال وإذا اشترى رجل من رجل دارا فضمن له رجل عهدتها أو خلاصها فاستحقت الدار رجع المشتري بالثمن على الضامن إن شاء لأنه ضمن له خلاصها والخلاص مال يسلم وإذا أخذ الرجل من الرجل كفيلا بنفسه ثم أخذ منه الشركة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال شركة المفاوضة باطل ولا أعرف شيئا من الدنيا يكون باطلا إن لم تكن شركة المفاوضة باطلا إلا أن يكونا شريكين يعدان المفاوضة خلط المال والعمل فيه واقتسام الربح فهذا لا بأس به وهذه الشركة التي يقول بعض المشرقيين لها شركة عنان وإذا اشتركا مفاوضة وتشارطا أن المفاوضة عندهما هذا المعنى فالشركة صحيحة وما رزق أحدهما من غير هذا المال الذي اشتركا فيه من تجارة أو إجارة أو كنز أو هبة أو غير ذلك فهو له دون صاحبه وإن زعما أن المفاوضة عندهما بأن يكونا شريكين في كل ما أفادا بوجه من الوجوه بسبب المال وغيره فالشركة بينهما فاسدة ولا أعرف القمار إلا في هذا أو أقل منه أن يشترك الرجلان بمائتي درهم فيجد أحدهما كنزا فيكون بينهما أرأيت لو تشارطا على هذا من غير أن يتخالطا بمال أكان يجوز أو رأيت رجلا وهب له هبة أو أجر نفسه في عمل فأفاد مالا من عمل أو هبة أيكون الآخر له فيه شريكا لقد أنكروا أقل من هذا ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

صفحة : 1103

الوكالة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي إملاء قال وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة فليس للوكيل أن يوكل غيره مرض الوكيل أو أراد الغيبة أو لم يردها لأن الموكل رضي بوكالته ولم يرض بوكالة غيره وإن قال وله أن يوكل من رأى كان ذلك له برضا الموكل وإذا وكل الرجل الرجل وكالة ولم يقل له في الوكالة أنه وكله بأن يقر عليه ولا يصالح ولا يبرئ ولا يهب فإن فعل فما فعل من ذلك كله باطل لأنه لم يوكله به فلا يكون وكيلا فيما لم يوكله وإذا وكل الرجل الرجل بطلب حد له أو قصاص قبلت الوكالة على تثبيت البينة فإذا حضر الحد أو القصاص لم أحدده ولم أقصص حتى يحضر المحدود له والمقتص له من قبل أنه قد يعزله فيبطل القصاص ويعفو وإذا كان لرجل على رجل مال وهو عنده فجاء رجل فذكر أن صاحب المال وكله به وصدقه الذي في يديه المال لم أجبره على أن يدفعه إليه فإذا دفعه إليه لم يبرأ من المال بشيء إلا أن يقر صاحب المال بأنه وكله أو تقوم بينة عليه بذلك وكذلك لو ادعى هذا الذي ادعى الوكالة دينا على رب المال لم يجبر الذي في يديه المال أن يعطيه إياه وذلك أن إقراره إياه به إقرار منه على غيره ولا يجوز إقراره على غيره وإذا وكل الرجل الرجل عند القاضي بشيء أثبت القاضي بينته على الوكالة وجعله وكيلا حضر معه الخصم أو لم يحضر معه وليس الخصم من هذا بسبيل وإذا شهد الرجل لرجل أنه وكله بكل قليل وكثير له ولم يزد على هذا فالوكالة غير جائزة من قبل أنه وكله يبيع القليل والكثير ويحفظه ويدفع القليل والكثير وغيره فلما كان يحتمل هذه المعاني وغيرها لم يجز أن يكون وكيلا حتى يبين الوكالات من بيع أو شراء أو وديعة أو خصومة أو عمارة أو غير ذلك قال الشافعي وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر وغير العذر وقد كان علي رضي الله عنه وكل عند عثمان بن عبد الله بن جعفر وعلي حاضر فقيل ذلك عثمان وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب ولا أحسبه إلا كان يوكله عند عمر ولعل عند أبي بكر وكان علي يقول إن للخصومة قحما وإن الشيطان يحضرها ID ' ' العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 1104

جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا قال الشافعي رحمه الله تعالى أقر ماعز عند النبي ﷺ بالزنا فرجمه وأمر أنيسا أن يغدو على امرأة رجل فإن اعترفت بالزنا فارجمها قال الشافعي وكان هذا في معنى ما وصفت من حكم الله تبارك وتعالى أن للمرء وعليه ما أظهر من القول وأنه أمين على نفسه فمن أقر من البالغين غير المغلوبين على عقولهم بشيء يلزمه به عقوبة في بدنه من حد أو قتل أو قصاص أو ضرب أو قطع لزمه ذلك الإقرار حرا كان أو مملوكا محجورا كان أو غير محجور عليه لأن كل هؤلاء ممن عليه الفرض في بدنه ولا يسقط إقراره عنه فيما لزمه في بدنه لأنه إنما يحجر عليه في ماله لا بدنه ولا عن العبد وإن كان مالا لغيره لأن التلف علي بدنه بشيء يلزمه بالفرض كما يلزمه الوضوء للصلاة وهذا ما لا أعلم فيه من أحد سمعت منه ممن أرضى خلافا وقد أمرت عائشة رضي الله تعالى عنها بعبد أقر بالسرقة فقطع وسواء كان هذا الحد لله أو بشيء أوجبه الله لآدمي قال الشافعي وما أقر به الحران البالغان غير المحجورين في أموالهما بأي وجه أقرا به لزمهما كما أقرا به وما أقر به الحران المحجوران في أموالهما لم يلزم واحد منهما في حال الحجر ولا بعده في الحكم في الدنيا ويلزمهما فيما بينهما وبين الله عز وجل تأديته إذا خرجا من الحجر إلى من اقرا له به وسواء من أي وجه كان ذلك الإقرار إذا كان لا يلزم إلا أموالهما بحال وذلك مثل أن يقرا بجناية خطأ أو عمد لا قصاص فيه أو شراء أو عتق أو بيع أو استهلاك مال فكل ذلك ساقط عنهما في الحكم قال الشافعي وإذا أقرا بعمد فيه قصاص لزمهما ولولي القصاص إن شاء القصاص وإن شاء أخذ ذلك من أموالهما من قبل أن عليهما فرضا في أنفسهما وإن من فرض الله عز وجل القصاص فلما فرض الله القصاص فلما فرض الله القصاص دل على أن لولي القصاص أن يعفو القصاص ويأخذ العقل ودلت عليه السنة فلزم المحجور عليهما البالغين ما أقرا به وكان لولي القتيل القتيل الخيار في القصاص وعفوه على مال يأخذه مكانه وهكذا العبد البالغ فيما أقر به من جرح أو نفس فيها قصاص فلولي القتيل أو المجروح أن يقتص منه أو يعفو القصاص على أن يكون العقل في عنق العبد وإن كان العبد مالا للسيد قال الشافعي ولو اقر العبد بجناية عمدا لا قصاص فيها أو خطأ لم يلزمه في حال العبودية منها شيء ويلزمه إذاعتق يوما ما في ماله قال الشافعي وما أقر به المحجوران من غصب أو قتل أو غيره مما ليس فيه حد بطل عنهما معا فيبطل عن المحجورين الحرين بكل حال ويبطل عن العبد في حال العبودية ويلزمه

صفحة : 1105

أرش الجناية التي اقر بها إذا عتق لأنه إنما أبطلته عنه لأنه ملك له في حال العبودية لا من جهة حجرى على الحر في ماله قال الشافعي وسواء ما أقر به العبد المأذون له في التجارة أو غير المأذون له فيها والعاقل من العبيد والمقصر إذا كان بالغا غير مغلوب على عقله من كل شيء إلا ما اقر به العبد فيما وكل به وأذن له فيه من التجارة قال الشافعي وإذا اقر الحران المحجوران والعبد بسرقة في مثلها القطع قطعوا معا ولزم الحرين غرم السرقة في أموالهما والعبد في عنقه قال الشافعي ولو بطلت الغرم عن المحجورين للحجر والعبد لأنه يقر في رقبته لم أقطع واحدا منهما لأنهما لا يبطلان إلا معا ولا يحقان إلا معا قال الشافعي ولو أقروا معا بسرقة بالغة ما بلغت لا قطع فيها أبطلتها عنهم معا عن المحجورين لأنهما ممنوعان من أموالهما وعن العبد لأنه يقر في عنقه بلا حد في بدنه وهكذا ما اقر به المرتد من هؤلاء في حال ردته ألزمته إياه كما ألزمه إياه قبل ردته قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر من لم يبلغ الحلم من الرجال ولا المحيض من النساء ولم يستكمل خمس عشرة سنة بحق الله أو حق لآدمي في بدنه أو ماله فذلك كله ساقط عنه لأن الله عز وجل إنما خاطب بالفرائض التي فيها الأمر والنهي العاقلين البالغين قال الشافعي ولا ننظر في هذا إلى الإثبات والقول قول المقر إن قال لم أبلغ والبينة على المدعي قال الشافعي وإذا أقر الخنثى المشكل وقد احتلم ولم يستكمل خمس عشرة سنة وقف إقراره فإن حاض وهو مشكل فلا يلزمه إقراره حتى يبلغ خمس عشرة سنة وكذلك إن حاض ولم يحتلم لا يجوز إقرار الخنثى المشكل بحال حتى يستكمل خمس عشر سنة وهذا سواء في الأحرار والمماليك إذا قال سيد المملوك أو أبو الصبي لم يبلغ وقال المملوك أو الصبي قد بلغت فالقول قول الصبي والمملوك إذا كان يشبه ما قال فإن كان لا يشبه ما قال لم يقبل قوله ولو صدقه أبوه ألا ترى أنه لو أقر به والعلم يحيط أن مثله لا يبلغ خمس عشرة لم يجز أن أقبل إقراره وإذا أبطلته عنه في هذه الحال لم ألزمه الحر ولا المملوك بعد البلوغ ولا بعد العتق في الحكم ويلزمهم فيما بينهم وبين الله عز وجل أن يؤدوا إلى العباد في ذلك حقوقهم ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 1106

إقرار المغلوب على عقله قال الشافعي رحمه الله تعالى من أصابه مرض ما كان المرض فغلب على عقله فأقر في حال الغلبة على عقله فإقراره في كل ما أقر به ساقط لأنه لا فرض عليه في حاله تلك وسواء كان ذلك المرض بشيء أكله أو شربه ليتداوى به فأذهب عقله أو بعارض لا يدري ما سببه قال الشافعي ولو شرب رجل خمرا أو نبيذا مسكرا فسكر لزمه ما أقر به وفعل مما لله وللآدميين لأنه ممن تلزمه الفرائض ولأن عليه حراما وحلالا وهو آثم بما دخل فيه من شرب المحرم ولا يسقط عنه ما صنع ولأن رسول الله ﷺ ضرب في شرب الخمر قال الشافعي ومن أكره فأوجر خمرا فأذهب عقله ثم أقر لم يلزمه إقراره لأنه لا ذنب له فيما صنع قال الشافعي ولو أقر في صحته أنه فعل شيئا في حال ضر غلبه على عقله لم يلزمه في ذلك حد بحال لا لله ولا للآدميين كأن أقر أنه قطع رجلا أو قتله أو سرقه أو قذفه أو زنى فلا يلزمه قصاص ولا قطع ولا حد في الزنا ولولي المقتول أو المجروح إن شاء أن يأخذ من ماله الأرش وكذلك للمسروق أن يأخذ قيمة السرقة وليس للمقذوف شيء لأنه لا أرش للقذف ثم هكذا البالغ إذا اقر أنه صنع من هذا في الصغر لا يختلف ألا ترى أنه لو أقر في حال غلبته على عقله وصغره فأبطلته عنه ثم قامت به عليه بينة أخذت منه ما كان في ماله دون ما كان في بدنه فإقراره بعد البلوغ أكثر من بينة لو قامت عليه ولو أقر بعد الحرية أنه فعل من هذا شيئا وهو مملوك بالغ ألزمته حد المملوك فيه كله فإن كان قذفا حددته أربعين أوزنا حددته خمسين ونفيته نصف سنة إذا لم يحد قبل إقراره أو قطع يد حر أو رجله عمدا اقتصصت منه إلا أن يشاء المقتص له أخذ الأرش وكذلك لو قتله وكذلك لو اقر بأنه فعله بمملوك يقتص منه لأنه لو جنى على مملوك وهو مملوك فأعتق ألزمته القصاص إلا أنه يخالف الحر في خصلة ما أقربه من مال ألزمته إياه نفسه إذا أعتق لأنه بإقرار كما يقر الرجل بجناية خطأ فأجعلها في ماله دون عاقلته ولو قامت عليه بينة بجناية خطأ تلزم عنقه وهو مملوك ألزمت سيده الأقل من قيمته يوم جنى والجناية لأنه أعتقه فحال يتعقه دون بيعه ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

صفحة : 1107

إقرار الصبي قال الشافعي رحمه الله تعالى وما أقر به الصبي من حد لله عز وجل أو لآدمي أو حق في ماله أو غيره فإقراره ساقط عنه وسواء كان الصبي مأذونا له في التجارة أذن له به أبوه أو وليه من كان أو حاكم ولا يجوز للحاكم أن يأذن له في التجارة فإن فعل فإقراره ساقط عنه وكذلك شراؤه وبيعه مفسوخ ولو أجزت إقراره إذا أذن له في التجارة أجزت أن يأذن له أبوه بطلاق امرأته فألزمه أو يأمره فيقذف رجلا فأحده أو يجرح فأقتص منه فكان هذا وما يشبهه أولى أن يلزمه من إقراره لو أذن له في التجارة لأنه شيء فعله بأمر أبيه وأمر أبيه في التجارة ليس بإذن بالإقرار الإكراه وما في معناه قال الشافعي رحمه الله تعالى قال الله عز وجل إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان الآية قال الشافعي وللكفر أحكام كفراق الزوجة وأن يقتل الكافر ويغنم ماله فلما وضع الله عنه سقطت عنه أحكام الإكراه على القول كله لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه وما يكون حكمه بثبوته عليه قال الشافعي والإكراه أن يصير الرجل في يدي من لا يقدر على الإمتناع منه من سلطان أو لص أو متغلب على واحد من هؤلاء ويكون المكره يخاف خوفا عليه دلالة أنه إن امتنع من قول ما أمر به يبلغ به الضرب المؤلم أو أكثر منه أو إتلاف نفسه قال الشافعي فإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكره عليه من قول ما كان القول شراء أو بيعا أو إقرارا لرجل بحق أو حد أو إقرارا بنكاح أو عتق أو طلاق أو إحداث واحد من هذا وهو مكره فأي هذا أحدث وهو مكره لم يلزمه قال الشافعي ولو كان لا يقع في نفسه أنه يبلغ به شيء مما وصفت لم يسع أن يفعل شيئا مما وصفت أنه يسقط عنه ولو أقر أنه فعله غير خائف على نفسه ألزمته حكمه كله في الطلاق والنكاح وغيره وإن حبس فخاف طول الحبس أو قيد فخاف طول القيد أو أوعد فخاف أن يوقع به من الوعيد بعض ما وصفت أن الإكراه ساقط به سقط عنه ما أكره عليه قال الشافعي ولو فعل شيئا له حكم فأقر بعد فعله أنه لم يخف أن يوفى له بوعيد ألزمته ما أحدث من إقرار أو غيره قال الشافعي ولو حبس فخاف طول الحبس أو قيد فقال ظننت أني إذا امتنعت مما أكرهت عليه لم ينلني حبس أكثر من ساعة أو لم ينلني عقوبة خفت أن لا يسقط المأثم عنه فيما فيه مأثم مما قال قال الشافعي فأما الحكم فيسقط عنه من قبل أن الذي به الكره كان ولم يكن على يقين من التخلص قال الشافعي ولو حبس ثم خلي ثم أقر لزمه الإقرار وهكذا

صفحة : 1108

لو ضب ضربة أو ضربات ثم خلي فأقر ولم يقل له بعد ذلك ولم يحدث له خوف له سبب فأحدث شيئا لزمه وإن أحدث له أمر فهو بعد سبب الضرب والإقرار ساقط عنه قال وإذا قال الرجل لرجل أقررت لك بكذا وأنا مكره فالقول قوله مع يمينه وعلى المقر له البينة على إقراره له مكره قال الربيع وفيه قول آخر أن من أقر بشيء لزمه إلا أن يعلم أنه كان مكرها قال الشافعي ويقبل قوله إذا كان محبوسا وإن شهدوا أنه غير مكره وإذا شهد شاهدان أن فلانا أقر لفلان وهو محبوس بكذا أو لدى سلطان بكذا فقال المشهود عليه أقررت لغم الحبس أو لإكراه السلطان فالقول قوله مع يمينه إلا أن تشهد البينة أنه أقر عند السلطان غير مكره ولا يخاف حين شهدوا أنه أقر غير مكره ولا محبوس بسبب ما أقر له وهذا موضوع بنصه في كتاب الإكراه سئل الربيع عن كتاب الإكراه فقال لا أعرفه قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا يجوز عندي أن ألزم أحدا إقرارا إلا بين المعنى فإذا احتمل ما أقر به معنيين ألزمته الأقل وجعلت القول قوله ولا ألزمه إلا ظاهر ما أقربه بينا وإن سبق إلى القلب غير ظاهر ما قال وكذلك لا ألتفت إلى سبب ما أقر به إذا كان لكلامه ظاهر يحتمل خلاف السبب لأن الرجل قد يجيب على خلاف السبب الذي كلم عليه لما وصفت من أحكام الله عز وجل فيما بين العباد على الظاهر ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 1109

الإقار بالشيء غير موصوف قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل لفلان على مال أو عندي أو في يدي أو قد استهلكت مالا عظيما أو قال عظيما جدا أو عظيما عظيما فكل هذا سواء ويسأل ما اراد فإن قال أردت دينارا أو درهما أو أقل من درهم مما يقع عليه اسم مال عرض أو غيره فالقول قوله مع يمينه وكذلك إن قال مالا صغيرا أو صغيرا جدا أو صغيرا صغيرا من قبل أن جميع ما في الدنيا من متاعها يقع عليه قليل قال الله تبارك وتعالى فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل وقليل ما فيها يقع عليه عظيم الثواب والعقاب قال اللهعز وجل وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين وكل ما أثيب عليه وعذب يقع عليه اسم كثير إن قال له على مال وسط أولا قليل ولا كثير لأن هذا إذا جاز في الكثير كان فيما وصفت أنه أقل منه أجوز وهكذا إن قال له عندي مال كثير قليل ولو قال لفلان عندي مال كثير إلا مالا قليلا كان هكذا ولا يجوز إذا قال له عندي مال إلا أن يكون بقي له عنده مال فأقل المال لازم له ولو قال له عندي مال وافر وله عندي مال تافه وله عندي مال مغن كان كله كما وصفت من مال كثير لأنه قد يغني القليل ولا يغني الكثير وينمى القليل إذا بورك فيه واصلح ويتلف الكثير قال الشافعي فإذا كان المقر بهذا حيا قلت له أعط الذي أقررت له ما شئت مما يقع عليه اسم مال واحلف له ما أقررت له بغير ما أعطيته فإن قال لا أعطيه شيئا جبرته على أن يعطيه أقل ما يقع عليه اسم مال مكانه ويحلف ما أقر له بأكثر منه فإذا حلف لم ألزمه غيره وإن امتنع من اليمين قلت للذي يدعي عليه ادع ما أحببت فإذا ادعى قلت للرجل احلف على ما ادعى فإن حلف بريء وإن أبى قلت له اردد اليمين على المدعى فإن حلف أعطيته وإن لم يحلف لم أعطه شيئا بنكولك حتى يحلف مع نكولك قال الشافعي وإن كان المقر بالمال غائبا أقر به من صنف معروف كفضة أو ذهب فسأل المقر له أن يعطي ما أقر له به قلنا إن شئت فانتظر مقدمه أو نكتب لك إلى حاكم البلد الذي هو به وإن شئت أعطيناك من ماله الذي أقر فيه أقل ما يقع عليه اسم المال وأشهد بأنه عليك فإن جاء فأقر لك بأكثر منه أعطيت الفضل كما أعطيناك وإن لم يقر لك بأكثر منه فقد استوفيت وكذلك إن جحدك فقد أعطيناك أقل ما يقع عليه اسم مال وإن قال مال ولم ينسبه إلى شيء لم نعطه إلا أن يقول هكذا ويحلف أو يموت فتحلف ورثته ويعطي من ماله أقل الأشياء قال وهكذا إن كان المقر حاضرا فغلب على عقله ويحلف على هذا المدعى ما برئ مما

صفحة : 1110

أقر له به بوجه من الوجوه ويجعل الغائب والمغلوب على عقله على حجته إن كانت له قال الشافعي ومثل هذا إن أقر له بهذا ثم مات وأجعل ورثة الميت على حجته إن كانت للميت حجة فيما أقر له به قال الشافعي وإن شاء المقر له أن تحلف له ورثة الميت فلا أحلفهم إلا أن يدعي علمهم فإن ادعاه أحلفتهم ما يعلمون أباهم أقر له بشيء أكثر مما أعطيته الإقرار بشيء محدود قال الشافعي رحمه الله تعالى ولو قال رجل لفلان على أكثر من مال فلان لرجل آخر وهو يعرف مال فلان الذي قال له على أكثر من ماله أو لا يعرفه أو قال له على أكثر مما في يديه من المال وهو يعرف ما في يديه من المال أو لا يعرفه فسواء وأسأله عن قوله فإن قال أردت أكثر لأن ماله على حلال والحلال كثير ومال فلان الذي قلت له على أكثر من ماله حرام وهو قليل لأن متاع الدنيا قليل لقلة بقائه ولو قال قلت له على أكثر لأنه عندي أبقى فهو أكثر بالبقاء من مال فلان وما في يديه لأنه يتلفه فيقبل قوله مع يمينه ما أراد أكثر في العدد ولا في القيمة وكان مثل القول الأول وإن مات أو خرس أو غلب فهو مثل الذي قال له عندي مال كثير ولو قال لفلان على أكثر من عدد ما بقي في يديه من المال أو عدد ما في يد فلان من المال كان القول في أن علمه أن عدد ما في يد فلان من المال كذا قول المقر مع يمينه فلو قال علمت أن عدد ما في يده من المال عشرة دراهم فأقررت له بأحد عشر حلف ما أقر له بأكثر منه وكان القول قوله ولو أقام المقر له شهودا أنه قد علم أن في يده ألف درهم لم ألزمه أكثر مما قال إن علمت من قبل أنه يعلم أن في يده ألفا فتخرج من يده وتكون لغيره وكذلك لو أقام بينة أنه قال له أو أن الشهود قالوا له نشهد أن له ألف درهم فقال له على أكثر من ماله كان القول قوله لأنه قد يكذب الشهود ويكذبه بما ادعى أن له من المال وإن اتصل ذلك بكلامهم وقد يعلم لو صدقهم أن ماله هلك فلا يلزمه مما لغريمه إلا ما أحطنا أنه أقر به ولو قال قد علمت أن له ألف دينار فأقررت له بأكثر من عددها فلوسا كان القول قوله وهكذا لو قال أقررت بأكثر من عددها حب حنطة أو غيره كان القول قوله مع يمينه ولو قال رجل لرجل لي عليك ألف دينار فقال لك على من الذهب أكثر مما كان عليه أكثر من ألف دينار ذهبا فالقول في الذهب الرديء وغير المضروب قول المقر ولو كان قال لي عليك ألف دينار فقال لك عندي أكثر من مالك لم ألزمه أكثر من ألف دينار وقلت له كم ماله فإن قال دينار أو درهم أو فلس ألزمته أقل من دينار أو درهم وفلس لأنه قد يكذبه بأن له

صفحة : 1111

ألف دينار وكذلك لو شهدت له بينة بذلك فأقر بعد شهود البينة أو قبل لأنه قد يكذب البينة ولا ألزمه ذلك حتى يقول قد علمت أن له ألف دينار فأقررت بأكثر منها ذهبا وإن قال له على شيء ألزمته أي شيء قال وأقل ما يقع عليه اسم شيء مما أقر به الإقرار للعبد والمحجور عليه قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل لعبد رجل مأذون له في التجارة أو غير مأذون له فيها بشيء أو لحر أو لحرة محجورين أو غير محجورين لزمه الإقرار لكل واحد منهم وكان للسيد أخذ ما أقر به لعبده ولولي المحجورين أخذ ما أقر به للمحجورين وكذلك لو أقر به لمجنون أو زمن أو مستأمن كان لهم أخذ به فلو أقر لرجل ببلاد الحرب بشيء غير مكره ألزمته إقراره له وكذلك ما أقر به الأسرى إذا كانوا مستأمنين ببلاد الحرب لأهل الحرب وبعضهم لبعض غير مكرهين ألزمتهم ذلك كما ألزمه المسلمين في دار الإسلام قال وكذلك الذمي والحربي المستأمن يقر للمسلم والمستأمن والذمي ألزمه ذلك كله الإقرار للبهائم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل لبعير لرجل أو لدابة له أو لدار له أو لهذا البعير أو لهذه الدابة أو لهذه الدار علي كذا لم ألزمه شيئا مما أقر به لأن البهائم والحجارة لا تملك شيئا بحال ولو قال على بسبب هذا البعير أو سبب هذه الدابة أو سبب هذه الدار كذا وكذا لم ألزمه إقراره لأنه لا يكون عليه بسببها شيء إلا أن يبين وذلك مثل أن يقول على بسببها أن أحالت علي أو حملت عني أو حملت عنها وهي لا تحيل عليه ولا يحمل عنها بحال ولو وصل الكلام فقال علي بسببها أني جنيت فيها جناية ألزمتني كذا وكذا كان ذلك إقرارا لمالكها لازما للمقر وكذلك لو قال لسيدها علي بسبها كذا وكذا ألزمته ذلك ولو لم يزد على هذا لأنه نسب الإقرار للسيد وأنه قد يلزمه بسببها شيء بحال فلا أبطله عنه وألزمه بحال ولو قال لسيد هذه الناقة علي بسبب ما في بطنها كذا لم ألزمه إياه لأنه لا يكون عليه بسبب ما في بطنها شيء أبدا لأنه إن كان حملا فلم يجن عليه جناية لها حكم لأنه لم يسقط فإن لم يكن حمل كان أبعد من أن يلزمه شيء بسبب ما لا يكون بسببه غرم أبدا ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

صفحة : 1112

الإقرار لما في البطن قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل هذا الشيء يصفه في يده عبد أو دار أو عرض من العروض أو ألف درهم أو كذا وكذا مكيالا حنطة لما في بطن هذه المرأة لامرأة حرة أو أم ولد لرجل ولدها حر فأب الحمل أو وليه الخصم في ذلك وإن أقر بذلك لما في بطن أمة لرجل فمالك الجارية الخصم في ذلك فإذا لم يصل المقر إقراره بشيء فإقراره لازم له إن ولدت المرأة ولدا حيا لأقل من ستة أشهر بشيء ما كان فإن ولدت ولدين ذكرا وأنثى أو ذكرين أو أنثيين فما أقر به بينهما نصفين فإن ولدت ولدين حيا وميتا فما أقربه كله للحي منهما فإن ولدت ولدا أو ولدين ميتين سقط الإقرار عنه وهكذا إن ولدت ولدا حيا أو اثنين لكمال ستة أشهر من يوم أقر سقط الإقرار لأنه قد يحدث بعد إقراره فلا يكون أقر بشيء قال الشافعي وإنما أجيز الإقرار إذا علمت أنه وقع لبشر قد خلق وإذا أقر للحمل فولدت التي أقر لحملها ولدين في بطن أحدهما قبل ستة أشهر والآخر بعد ستة أشهر فالإقرار جائز لهما معا لأنهما حمل واحد قد خرج بعضه قبل ستة أشهر وحكنا نحن وأنت وأكثر المفتين إليه وتركت قول صاحبك وإبراهيم النخعي الصدقة في كل قليل وكثير أنبتته الأرض وقد يجدان تأويلا من قول الله عز وجل وآتوا حقه يوم حصاده ولم يذكر قليلا ولا كثيرا ومن قول النبي ﷺ فيما سقي بالسماء العشر وفيما سقي بالدالية نصف العشر قال أجل قلنا وحديث أبي ثعلبة الخشني أن النبي ﷺ نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع لا يروى عن غيره علمته إلا من وجه عن أبي هريرة وليس بالمشهور المعروف الرجال فقبلناه نحن وأنت وخالفنا المكيون واحتجوا بقول الله عز وجل قل لا أ ما في هذا المعنى مما لا يكون لما في بطن المرأة بحال قال ولكنه لو قال لما في بطن هذه المرأة عندي هذا العبد أو ألف درهم غصبته إياها لزمه الإقرار لأنه قد يوصي له بما أقر له به فيغصبه إياه ومثل هذا أن يقول ظلمته إياه ومثله أن يقول استسلفته لأنه قد يوصي إليه لما في بطن المرأة بشيء يستسلفه وهكذا لو قال استهلكته عليه أو أهلكته له وليس هذا كما يقول أسلفنيه ما في بطنها لأن ما في بطنها لا يسلف شيئا ولو قال لما في بطن هذه المرأة عندي ألف أوصي له بها أبي كانت له عنده فإن بطلت وصية الحمل بأن يولد ميتا كانت الألف درهم لورثة أبيه ولو قال أوصى له بها فلان إلي فبطلت وصيته كانت الألف لورثة الذي أقر أنه أوصى بها له ولو قال لما في بطن هذه المرأة عندي ألف درهم أسلفنيها أبوه أو غصبتها اباه كان الإقرار

صفحة : 1113

لأبيه فإن كان أبوه ميتا فهي موروثة عنه وإن كان حيا فهي له ولا يلزمه لما في بطن المرأة شيء ولو قال له على ألف درهم غصبتها من ملكه أو كانت في ملكه فألزمته الإقرار فخرج الجنين ميتا فسأل وارثه أخذها سألت المقر فإن جحد أحلفته ولم أجعل عليه شيئا وإن قال أوصي بها فلان له فغصبتها أو أقررت بغصبها كاذبا ردت إلى ورثة فلان فإن قال قد وهبت لهذا الجنين داري أو تصدقت بها عليه أو بعته إياها لم يلزمه من هذا شيء لأن كل هذا لا يجوز لجنين ولا الإقرار بغصب شيء في شيء قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل غصبتك كذا في كذا يعتبر قوله في غير المغصوب وذلك مثل أن يقول غصبتك ثوبا أو عبدا أو طعاما في رجب سنة كذا فأخبر بالحين الذي غصبه فيه والجنس الذي أقر أنه غصبه إياه فكذلك إن قال غصبتك حنطة في بلد كذا أو في صحراء أو في أرض فلان أو في أرضك فيعني الذي أصاب الغصب أن الذي فيه غير الذي أقر أنه غصبه إياه إنما جعل الموضع الذي أصاب الغصب فيه دلالة على أنه غصبه فيه كما جعل الشهر دلالة على أنه غصب فيه كقولك غصبتك حنطة في أرض وغصبتك حنطة من أرض وغصبتك زيتا في حب وغصبتك زيتا من حب وغصبتك سفينة في بحر وغصبتك سفينة من بحر وغصبتك بعيرا في مرعى وغصبتك بعيرا من مرعى وبعيرا في بلد كذا ومن بلد كذا وغصبتك كبشا في خيل وكبشا من خيل يعني في جماعة خيل وغصبتك عبدا في إماء وعبدا من إماء يعني أنه كان مع إماء وعبدا في غنم وعبدا في إبل وعبدا من غنم وعبدا من إبل كقوله غصبتك عبدا في سقاء وعبدا في رحى ليس أن السقاء والرحى مما غصب ولكنه وصف أن العبد كان في أحدهما كما وصف أنه كان في إبل أو غنم وهكذا إن قال غصبتك حنطة في سفينة أو في جراب أو في غرارة أو في صاع فهو غاصب للحنطة دون ما وصف أنها كانت فيه وقوله في سفينة وفي جراب كقوله في سفينة وجراب لا يختلفان في هذا المعنى قال وهكذا لو قال غصبتك ثوبا قوهيا في منديل أو ثيابا في جراب أو عشرة أثواب في ثوب أو منديل أو ثوبا في عشرة أثواب أو دنانير في خريطة لا يختلف كل هذا قوله في كذا ومن كذا سواء فلا يضمن إلا ما اقر بغصبه لا ما وصف أن المغصوب كان فيه له قال وهكذا لو قال غصبتك فصا في خاتم أو خاتما في فص أو سيفا في حمالة أو حمالة في سيف لأن كل هذا قد يتميز من صاحبه فينزع الفص من الخاتم والخاتم من الفص ويكون السيف معلقا بالحمالة لا مشدودة إليه ومشدودة إليه

صفحة : 1114

فتنزع منه قال وهكذا إن قال غصبتك حلية من سيف أو حلية في سيف لأن كل هذا قد يكون على السيف فينزع قال وهكذا إن قال غصبتك شارب سيف أو نعله فهو غاصب لما وصفت دون السيف ومثله لو قال غصبتك طيرا في قفص أو طيرا في شبكة أو طيرا في شناق كان غاصبا للطير دون القفص والشبكة والشناق ومثله لو قال غصبتك زيتا في جرة أو زيتا في زق أو عسلا في عكة أو شهدا في جونة أو تمرا في قربة أو جلة كان غاصبا للزيت دون الجرة والزق والعسل دون العكة والشهد دون الجونة والتمر دون القربة والجلة وكذلك لو قال غصبتك جرة فيها زيت وقفصا فيه طير وعكة فيها سمن كان غاصبا للجرة دون الزيت والقفص دون الطير والعكة دون السمن ولا يكون غاصبا لهما معا إلا أن يبين يقول غصبتك عكة وسمنا وجرة وزيتا فإذا قال هذا فهو غاصب للشيئين والقول قوله إن قال غصبته سمنا في عكة أو سمنا وعكة لم يكن فيها سمن فالقول قوله في أي سمن أقربه وأي عكة أقر له بها وإذا قال غصبتك عكة وسمنها وجرة وزيتها كان غاصبا للعكة بسمنها والقول في قدر سمنها وفي أي عكة أقر بها قوله وإذا قال غصبتك سرجا على حمار أو حنطة على حمار فهو غاصب للسرج دون الحمار والحنطة دون الحمار وكذلك لو قال غصبتك حمارا عليه سرج أو حمارا مسرجا كان غاصبا للحمار دون السرج وكذلك لو قال غصبتك ثيابا في عيبة كان غاصبا للثياب دون العيبة وهكذا لو قال غصبتك عيبة فيها ثياب كان غاصبا للعيبة دون الثياب ID ' ' للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 1115

الإقرار بغصب شيء بعدد وغير عدد قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قال الرجل للرجل غصبتك شيئا لم يزد على ذلك فالقول في الشيء قوله فإن أنكر أن يكون غصبه شيئا ألزمه الحاكم أن يقر له بما يقع عليه اسم شيءفإذا امتنع حبسه حتى يقر له بما يقع عليه اسم شيء فإذا فعل فإن صدقه المدعى وإلا أحلفه ما غصبه إلا ما ذكر ثم أبراه من غيره ولو مات قبل يقر بشيء فالقول قول ورثته ويحلفون ما غصبه غيره ويوقف مال الميت عنهم حتى يقروا له بشيء ويحلفون ما علموا غيره وإذا قال غصبتك شيئا ثم أقر بشيء بإلزام الحاكم له أن يقر به أو بغير إلزامه فسواء ولا يلزمه إلا ذلك الشيء فإن كان الذي أقر به مما يحل أن يملك بحال جبر على دفعه إليه فإن فات في يده جبر على أداء قيمته إليه إذا كانت له قيمة والقول في قيمته قوله وإن كان مما لا يحل أن يملك أحلف ما غصبه غيره ولم يجبر على دفعه إليه وذلك مثل أن يقر أنه غصبه عبدا أو أمة أو دابة أو ثوبا أو فلسا أو حمارا فيجبر على دفعه إليه وكذلك لو أقر أنه غصبه كلبا جبرته على دفعه إليه لأنه يحل ملك الكلب فإن مات الكلب في يديه لم أجبره على دفع شيء إليه لأنه لا ثمن له وكذلك إن أقر أنه غصبه جلد ميتة غير مدبوغ جبرته على دفعه إليه فإن فات لم أجبره على دفع قيمته إليه لأنه لا ثمن له ما لم يدبغ فإن كان مدبوغا دفعه إليه أو قيمته إن فات لأن ثمنه يحل إذا دبغ قال الشافعي وإذا أقر أنه غصبه خمرا أو خنزيرا لم أجبره على دفعه إليه وأهرقت عليه الخمر وذبحت الخنزير والغيته إذا كان أحدهما مسلما ولا ثمن لهذين ولا يحل أن يملكا بحال وإذا أقر أنه غصبه حنطة ففاتت رد إليه مثلها فإن لم يكن لها مثل فقيمتها وكذلك كل ماله مثل يرد مثله فإن فات يرد قيمته قال الشافعي وإذا قال الرجل الكثير المال غصبت فلانا لرجل كثير المال شيئا أو شيئا له بال فهو كالفقير يقر للفقير وأي شيء أقر به يقع عليه اسم شيء فلس أو حبة حنطة أو غيره فالقول قوله مع يمينه فإن قال غصبته أشياء قيل أد إليه ثلاثة أشياء لأنها اقل ظاهر الجماع في كلام الناس واي ثلاثة اشياء قال هي هي فهي هي مختلفة فإن قال هي ثلاثة أفلس أو هي فلس ودرهم وتمرة أو هي ثلاث تمرات أو هي ثلاثة دراهم أو ثلاثة أعبد أو عبد وأمة وحمار لأن كل واحد من هذا يقع عليه اسم شيء اختلفت أو اتفقت فسواء ولو قال غصبتك ولم يزد على ذلك أو غصبتك ما تعلم لم ألزمه بهذا شيئا لأنه قد يغصبه نفسه فيدخله المسجد أو البيت لغير مكروه ويغصبه فيمنعه بيته فلا ألزمه حتى يقول غصبتك شيئا ولو قال غصبتك شيئا فقال عنيت

صفحة : 1116

نفسك لم أقبل منه لأنه إذا قال غصبتك شيئا فإنما ظاهره غصبت منك شيئا ولو قال غصبتك وغصبتك مرارا كثيرة لم ألزمه شيئا لأنه قد يغصبه نفسه كما وصفت قال ولو سئل فقال لم أغصبه شيئا ولا نفسه لم ألزمه شيئا لأنه لم يقر بأنه غصبه شيئا الإقرار بغصب شيء ثم يدعى الغاصب قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أقر الرجل أنه غصب الرجل أرضا ذات غراس أو غير ذات غرس أو دار ذات بناء أو غير ذات بناء أو بيتا فكل هذا أرض والأرض لا تحول وإن كان البناء والغراس قد يحول فإن قال المقر بالغصب بعد قطعه الكلام أو معه إنما أقررت بشيء غصبتك ببلد كذا فسواء القول قوله وأي شيء دفعه إليه بذلك البلد مما يقع عليه اسم ما أقر له به فليس له عليه غيره وإذا ادعى المقر له سواه أحلف الغاصب ما غصبه غير هذا والقول قوله فإن مات الغاصب فالقول قول ورثته فإن قالوا لا نعلم شيئا قيل للمغصوب ادع ما شئت من هذه الصفة في هذا البلد فإذا ادعى قيل للورثة احلفوا ما تعلمونه هو فإن حلفوا برئوا وإلا لزمهم أن يعطوه بعض ما يقع عليه اسم ما أقر به الغاصب فإن نكلوا حلف المغصوب واستحق ما ادعى وإن أبى المغصوب أن يحلف ولا الورثة وقف مال الميت حتى يعطيه الورثة أقل ما يقع عليه اسم ما وصفت أنه أقر أنه غصبه ويحلفون ما يعلمونه غصبه غيره ولا يسلم لهم ميراثه إلا بما وصفت ولو كان الغاصب قال غصبته دارا بمكة ثم قال أقررت له بباطل وما أعرف الدار التي غصبته إياها قيل إن أعطيته دارا بمكة ما كانت الدار وحلفت ما غصبته غيرها برئت وإن امتنعت وادعى دارا بعينها قيل احلف ما غصبته إياها فإن حلفت برئت وإن لم تحلف حلف فاستحقها وإذا امتنع وامتنعت من اليمين حبست أبدا حتى تعطيه دارا وتحلف ما غصبته غيرها قال الشافعي وإذا أقر أنه غصبه متاعا يحول مثل عبد أو دابة أو ثوب أو طعام أو ذهب أو فضة فقال غصبتك كذا ببلد كذا بكلام موصول وكذبه المغصوب وقال ما غصبتنيه بهذا البلد فالقول قول الغاصب لأنه لم يقر له بالغصب إلا بالبلد الذي سمى فإن كان الذي أقر أنه غصبه منه دنانير أو دراهم أو ذهبا أو فضة أخذ بأن يدفعها إليه مكانه لأنه لا مؤنة لحمله عليه وكذلك لو أسلفه دنانير أو دراهم أو باعه إياها ببلد أخذ بها حيث طلبه بها قال الشافعي وكذلك فص ياقوت أو زبرجد أو لؤلؤ أقر أنه غصبه إياه ببلد يؤخذ به حيث قام به فإن لم يقدر عليه فقيمته وإن كان الذي أقر أنه غصبه إياه ببلد عبدا أو ثيابا أو متاعا لحمله مؤنة أو حيوانا أو رقيقا أو غيره

صفحة : 1117

فلحمل هذا ومشابهه مؤنة جبر المغصوب أن يوكل من يقتضيه بذلك البلد فإن مات قبض قيمته بذلك البلد أو يأخذ منه قيمته بالبلد الذي أقر أنه غصبه إياه بذلك البلد الذي يحاكمه به ولا أكلفه لو كان طعاما أن يعطيه مثله بذلك البلد لتفاوت الطعام إلا أن يتراضيا معا فأجيز بينهما ما تراضيا عليه قال الشافعي ومثل هذا الثياب وغيرها مما لحمله مؤنة قال ومثل هذا العبد يغصبه إياه بالبلد ثم يقول المغتصب قد أبق العبد أو فات يقضي عليه بقيمته ولا يجعل شيء من هذا دينا عليه وإذا قضيت له بقيمة الفائت منه عبدا كان أو طعاما أو غيره لم يحل للغاصب أن يتملك منه شيئا وكان عليه أن يحضره سيده الذي غصبه منه فإذا أحضره سيده الذي غصبه منه جبرت سيده على قبضه منه ورد الثمن عليه فإن لم يكن عند سيده ثمنه قلت له بعه إياه بيعا جديدا بما له عليك إن رضيتما حتى يحل له ملكه فإن لم يفعل بعت العبد على سيده وأعطيت المغتصب مثل ما أخذ منه فإن كان فيه فضل رددت على سيده وإن لم يكن فيه فضل فلا شيء يرد عليه وإن نقص ثمنه عما أعطاه إياه بتغير سوق رددته على سيده بالفضل قال الشافعي وإن كان لسيده غرماء لم أشركهم في ثمن العبد لأنه عبد قد أعطى الغاصب قيمته قال وهكذا أصنع بورثة المغصوب إن مات المغصوب وأحكم للغاصب العبد إلا أني إنما أصنع ذلك بهم في مال الميت لا أموالهم وهكذا الطعام يغصبه فيحضره ويحلف أنه هو والثياب وغيرها كالعبد لا تختلف فإن كان أحضر العبد ميتا فهو كأن لم يحضره ولا أرد الحكم الأول وإن أحضره معيبا أي عيب كان مريضا أو صحيحا دفعته إلى سيده وحسبت على الغاصب خراجه من يوم غصبه وما نقصه العيب في بدنه والزمته ما وصفت قال الشافعي ولو أحضر الطعام متغيرا الزمته الطعام وجعلت على الغاصب ما نقصه العيب ولو أحضره قد رضه حتى صار لا ينتفع به ولا قيمة له ألزمته الغاصب وكان كتلفه وموت العبد وعليه مثل الطعام إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ولو قال الحاكم إذا كان المغصوب من عبد وغيره غائبا للغاصب أعطه قيمته ففعل ثم قال للمغصوب حلله من حبسه أو صيره ملكا له بطيبة نفسك وللغاصب إقبل ذلك كان ذلك أحب إلي ولا أجبر واحدا منهما على هذا ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

صفحة : 1118

الإقرار بغصب الدار ثم ببيعها قال الشافعي رحمه الله وإذا قال الرجل غصبته هذه الدار وهذا العبد أو أي شيء كان من هذا كتب إقراره وأشهد عليه وقد باعها قبل ذلك من رجل أو وهبها له أو تصدق بها عليه وقبضها أو وقفها عليه أو على غيره ففيها قولان أحدهما أن يقال لصاحب الدار إن كان لك بينة على ملك هذه الدار أو إقرار الغاصب قبل إخراجها من يده إلى من أخرجها إليه أخذلك بها وإن لم يكن لك بينة لم يجز إقرار الغاصب في ذلك لأنه لا يملكها يوم أفر فيها وقضينا المغضوب بقيمتها لأنه يقر أنه استهلكها وهي ملك له وهكذا لو كان عبدا فأعتقه وهكذا لو ادعى عليه رجلان أنه غصب دارا بعينها فأقر أنه غصبها من أحدهما وهو يملكها ثم أقر للآخر أنه غصبها منه وهو يملكها وأن الأول لم يملكها قط قضى بالدار للأول لأنه قد ملكها بإقراره وقيمتها للآخر بأنه قد أقر أنه قد أتلفها عليه قال وهكذا كل ما أقر أنه غصبه رجلا ثم إقرانه غصبه غيره والقول الثاني أنهما إذا كانا لا يدعيان أنه غصبهما إلا الدار أو الشيء الذي أقر أنه به لهما فهو للأول منهما ولا شيء للمقر له الآخر بحال على الغاصب لأنهما يبرئانه من عين ما يقر به ومن قال هذا قال أرأيت إن أقر أنه باع هذا هذه الدار بألف ثم أقر أنه باعها الآخر بألف والدار تسوى آلافا أتجعلها بيعا للأول وتجعل للآخر عليه قيمتها يحاصه بألف منها لأنه أتلفها أرأيت لو أعتق عبدا ثم أقر أنه باعه من رجل قبل العتق أتجعل للمشتري قيمته وينفذ العتق أورأيت لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه قبل بيعه أينقض البيع أو يتم إنما يكون للعبد عليه أن يقول له قد بعتني حرا فأعطني ثمني أرأيت لو مات فقال ورثته قد بعت أبانا حرا فأعطنا ثمنه أو زيادة ما يلزمك بأنك استهلكته أكان عليه أن يعطيهم شيئا أو يكون إنما اقر بشيء في ملك غيره فلا يجوز إقراره في ملك غيره ولا يضمن بإقراره شيئا ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 1119

الإقرار بغصب الشيء من أحد هذين الرجلين قال الشافعي رحمه الله وإذا أقر الرجل أنه غصب هذا العبد أو هذا الشيء بعينه من أحد هذين وكلاهما يدعيه ويزعم أن صاحبه الذي ينازعه فيه لم يملك منه شيئا قط وسئل يمين المقر بالغصب قيل له إن أقررت لأحدهما وحلفت للآخر فهو للذي أقررت له به ولا تباعه للآخر عليك وإن لم تقر لم تجبر على أكثر من أن تحلف بالله ما تدري من أيهما غصبته ثم يخرج من يديك فيوقف لهما ويجعلان خصما فيه فإن أقاما معا عليه بينة لم يكن لواحد منهما دون الآخر لأن إحدى البينتين تكذب الأخرى وكان بحاله قبل أن تقوم عليه بينة ويحلف كل واحد منهما لصاحبه أن هذا العبد له غصبه إياه فإن حلفا فهو موقوف أبدا حتى يصطلحا فيه فإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان للحالف وإن أقام أحدهما عليه بينة دون الآخر جعلته للذي أقام عليه البينة ولا تباعة على الغاصب في شيء مما وصفت ولو قال رجل غصبت هذا الرجل بعينه هذا العبد أو هذه الأمة فادعى الرجل أنه غصبه إياهما معا قيل للمقر أحلف أنك لم تغصبه أيهما شئت وسلم له الآخر فإن قال أحلف ما غصبته واحدا منهما لم يكن ذلك له وقيل أحدهما له بإقرارك فاحلف على أيهما شئت فإن أبى قيل للمدعى احلف على أيهما شئت فإن حلف فهو له وإن قال أحلف عليهما معا قيل للمدعى عليه إن حلفت وإلا أحلفنا المدعى فسلمناهما له معا فإن فاتا في يده أو أحدهما فالحكم كهو لو كانا حيين إلا أنا إذا ألزمناه أحدهما ضمناه قيمته بالفوت فإن أبيا معا يحلفا وسأل المغصوب أن يوقفا له وقفا حتى يقر الغاصب بأحدهما ويحلف قال وإن أقر الغاصب بأحدهما للمغصوب فادعى المغصوب أنه حدث بالعبد عنده عيب فالقول قول الغاصب مع يمينه إن كان ذلك مما يشبه أن يكون عند المغصوب ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 1120

العارية أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال العارية كلها مضمونة الدواب والرقيق والدور والثياب لا فرق بين شيء منها فمن استعار شيئا فتلف في يده بفعله أو بغير فعله فهو ضامن له والأشياء لا تخلو أن تكون مضمونة أو غير مضمونة فما كان منها مضمونا مثل الغصب وما أشبهه فسواء ما ظهر منها هلاكه وما خفي فهو مضمون على الغصب والمستسلف جنيا فيه أو لم يجنيا أو غير مضمونة مثل الوديعة فسواء ما ظهر هلاكه وما خفي فالقول فيها قول المستودع مع يمينه وخالفنا بعض الناس في العارية فقال لا يضمن شيئا إلا ما تعدى فيه فسئل من أين قاله فزعم أن شريحا قاله وقال ما حجتكم في تضمينها قلنا استعار رسول الله ﷺ من صفوان فقال له النبي ﷺ عارية مضمونة مؤداة قال أفرأيت إذا قلنا فإن شرط المستعير الضمان ضمن وإن لم يشرطه لم يضمن قلنا فأنت إذا تترك قولك قال وأين قلنا أليس قولك أنها غير مضمونة إلا أن يشترط قال بلى قلنا فما تقول في الوديعة إذا اشترط المستودع أنه ضامن أو المضارب قال لا يكون ضمانا قلنا فما تقول في المستسلف إذا اشترط أنه غير ضامن قال لا شرط له ويكون ضامنا قلنا ويرد الأمانة إلى أصلها والمضمون إلى أصله ويبطل الشرط فيهما جميعا قال نعم قلنا وكذلك ينبغي لك أن تقول في العارية وبذلك شرط النبي ﷺ أنها مضمونة ولا يشترط أنها مضمونة إلا لما يلزم قال فلم شرط قلنا لجهالة صفوان لأنه كان مشركا لا يعرف الحكم ولو عرفه ما ضر الشرط إذا كان أصل العارية أنها مضمونة بلا شرط كما لا يضر شرط العهدة وخلاص عقدك في البيع ولو لم يشترط كان عليه العهدة والخلاص أو الرد قال فهل قال هذا أحد قلنا في هذا كفاية وقد قال أبو هريرة وابن عباس رضي الله عنهما إن العارية مضمونة وكان قول أبي هريرة في بعير استعير فتلف أنه مضمون ولو اختلف رجلان في دابة فقال رب الدابة أكريتها إلي موضع كذا وكذا فركبتها بكذا وقال الراكب ركبتها عارية منك كان القول قول الراكب مع يمينه ولا كراء عليه قال الشافعي بعد القول قول رب الدابة وله كراء المثل ولو قال أعرتنيها وقال رب الدابة غصبتنيها كان القول قول المستعير قال الشافعي ولا يضمن المستودع إلا أن يخالف فإن خالف فلا يخرج من الضان أبدا إلا بدفع الوديعة إلى ربها ولو ردها إلى المكان الذي كانت فيه لأن ابتداءه لها كان أمينا فخرج من حد الأمانة فلم يجدد له رب المال استئمانا لا يبرأ حتى يدفعها إليه

صفحة : 1121

الغصب أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي إذا شق الرجل لرجل ثوبا شقا صغيرا أو كبيرا يأخذ ما بين طرفيه طولا وعرضا أو كسر له متاعا فرضه أو كسره كسرا صغيرا أو جنى له على مملوك فأعماه أو قطع يده أو شجه موضحة فذلك كله سواء ويقوم المتاع كله والحيوان كله غير الرقيق صحيحا ومكسورا وصحيحا ومجروحا قد برأ من جرحه ثم يعطي مالك المتاع والحيوان فضل ما بين قيمته صحيحا ومكسورا ومجروحا فيكون ما جرى عليه من ذلك ملكا له نفعه أو لم ينفعه ولا يملك أحد بالجناية شيئا جنى عليه ولا يزول ملك المالك إلا أن يشاء ولا يملك رجل شيئا إلا أن يشاء إلا في الميراث فأما من جنى عليه من العبيد فيقومون صحاحا قبل الجناية ثم ينظر إلى الجناية فيعطون أرشها من قيمة العبد صحيحا كما يعطى الحر أرش الجناية عليه من ديته بالغا من ذلك ما بلغ وإن كانت قيما كما يأخذ الحر ديات وهو حي قال الله عز وجل لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وقال ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فلم أعلم أحدا من المسلمين خالف في أنه لا يكون على أحد أن يملك شيئا إلا أن يشاء أن يملكه إلا الميراث فإن الله عز وجل نقل ملك الأحياء إذا ماتوا إلى من ورثهم إياه شاءوا أو أبوا ألا ترى أن الرجل لو أوصى له أو وهب له أو تصدق عليه أو ملك شيئا لم يكن عليه أن يملكه إلا أن يشاء ولم أعلم أحدا من المسلمين اختلفوا في أن لا يخرج ملك المالك المسلم من يديه إلا بإخراجه إياه هو نفسه ببيع أو هبة أو غير ذلك أو عتق أو دين لزمه فيباع في ماله وكل هذا فعله لا فعل غيره قال فإذا كان الله عز وجل حرم أن تكون أموال الناس مملوكة إلا ببيع عن تراض وكان المسلمون يقولون فيما وصفت ما وصفت فمن أين غلط أحد في أن يجني على مملوكي فيملكه بالجناية وآخذ أنا قيمته وهو قبل الجناية لو أعطاني فيه أضعاف ثمنه لم يكن له أن يملكه إلا أن أشاء ولو وهبته له لم يكن عليه أن يملكه إلا أن يشاء فإذا لم يملكه بالذي يجوز ويحل من الهبة إلا بمشيئته ولم يملك على بالذي يحل من البيع إلا أن أشاء فكيف ملكه حين عصى الله عز وجل فيه فأخرج من يدي ملكي بمعصية غيري لله والزم غيري ما لا يرضى ملكه إن كان أصابه خطأ وكيف إن كانت الجناية توجب لي شيئا واخترت حبس عبدي سقط الواجب لي وكيف إن كانت الجناية تخالف حكم ما سوى ما وجب لي ولى حبس عبدي وأخذ أرشه ومتاعي وأخذ ما نقصه إذا كان ذلك غير مفسد له فإن جنى عليه ما يكون

صفحة : 1122

مفسدا له فزاد الجاني معصية لله وزيد على في مالي ما يكون مفسدا له سقط حقي حين عظم وثبت حين صغر وملك حين عصى وكبرت معصيته ولا يملك حين عصى فصغرت معصيته ما ينبغي أن يستدل أحد على خلاف هذا القول لأصل حكم الله وما لا يختلف المسلمون فيه من أن المالكين على أصل ملكهم ما كانوا أحياء حتى يخرجوا هم الملك من أنفسهم بقول أو فعل بأكثر من أن يحكي فيعلم أنه خلاف ما وصفنا من حكم الله عز وجل وإجماع المسلمين والقياس والمعقول ثم شدة تناقضه هو في نفسه قال وإذا غصب الرجل جارية تسوى مائة فزادت في يديه بتعليم منه وسن واغتذاء من ماله حتى صارت تساوي ألفا ثم نقصت حتى صارت تساوي مائة ثم أدركها المغصوب في يده أخذها وتسعمائة معها كما يكون لو غصبه إياها وهي تساوي ألفا فأدركها وهي تساوي مائة أخذها وما نقصها وهي تسعمائة قال وكذلك إن باعها الغاصب أو وهبها أو قتلها أو استهلكها فلم تدرك بعينها كانت على الغاصب قيمتها في أكثر ما كانت قيمة منذ غصبت إلى أن هلكت وكذلك ذلك في البيع إلا أن رب الجارية يخير في البيع فإن أحب أخذ الثمن الذي باع به الغاصب كان أكثر من قيمتها أو أقل لأنه ثمن سلعته أو قيمتها في أكثر ما كانت قيمة قط قال الشافعي بعد ليس له إلا جاريته والبيع مردود لأنه باع ما ليس له وبيع الغاصب مردود فإن قال قائل وكيف غصبها بثمن مائة وكان لها ضامنا وهي تساوي مائة ثم زادت حتى صارت تساوي ألفا وهي في ضمان الغاصب ثم ماتت أو نقصت فضمنته قيمتها في حال زيادتها قيل له إن شاء الله تعالى لأنه لم يكن غاصبا ولا ضامنا ولا عاصيا في حال دون حال لم يزل غاصبا ضامنا عاصيا من يوم غصب إلى أن فاتت أو ردها ناقصة فلم يكن الحكم عليه في الحال الأولى بأوجب منه في الحال الثانية ولا في الحال الثانية بأوجب منه في الحال الآخرة لأن عليه في كلها أن يكون رادا لها وهو في كلها ضامن عاص فلما كان للمغصوب أن يغصبها قيمة مائة فيدركها قيمة ألف فيأخذها ويدركها ولها عشرون ولدا فيأخذها وأولادها كان الحكم في زيادتها في بدنها وولدها كالحكم في بدنها حين غصبها يملك منها زائدة بنفسها وولدها ما ملك منها ناقصة حين غصبها ولا فرق بين أن يقتلها ولدها أو تموت هي وولدها في يديه من قبل أنه إذا كان كما وصفت يملك ولدها كما يملكها لا يختلف أحد علمته في أنه لو غصب رجل جارية فماتت في يديه موتا أو قتلها قتلا ضمنها في الحالين جميعا كذلك قال وإذا غصب الرجل الرجل جارية فباعها فماتت في يد المشتري فالمغصوب بالخيار في أن يضمن

صفحة : 1123

الغاصب قيمة جاريته في أكثر ما كانت قيمة من يوم غصبها إلى أن ماتت فإن ضمنه فلا شيء للمغصوب على المشتري ولا شيء للغاصب على المشتري إلا قيمتها إلا الثمن الذي باعها به أو يضمن المغصوب المشتري فإن ضمنه فهو ضامن لقيمة جارية المغصوب لأكثر ما كانت قيمة من يوم قبضها إلى أن ماتت في يده ويرجع المشتري على الغاصب بفضل ما ضمنه المغصوب من قيمة الجارية على قيمتها يوم قبضها المشتري وبفضل ثمن إن كان قبضه منه على قيمتها حتى لا يلزمه في حال إلا قيمتها قال وإن أراد المغصوب إجازة البيع لم يجز لأنها ملكت ملكا فاسدا ولا يجوز الملك الفاسد إلا بتجديد بيع وكذلك لو ماتت في يدي المشتري فأراد المغصوب أن يجيز البيع لم يجز وكان للمغصوب قيمتها ولو ولدت في يدي المشتري أولادا فمات بعضهم وعاش بعضهم خير المغصوب في أن يضمن الغاصب أو المشتري فإن ضمن الغاصب لم يكن له سبيل على المشتري وإن ضمن المشتري وقد ماتت الجارية رجع عليه بقيمة الجارية ومهرها وقيمة أولادها يوم سقطوا أحياء ولا يرجع عليه بقيمة من سقط منهم ميتا ورجع المشتري على البائع بجميع ما ضمنه المغصوب لا قيمة الجارية ومهرها فقط ولو وجدت الجارية حية أخذها المغصوب رقيقا له وصداقها ولا يأخذ ولدها قال فإن كان الغاصب هو أصابها فولدت منه أولادا فعاش بعضهم ومات بعض أخذ المغصوب الجارية وقيمة من مات من أولادها في أكثر ما كانوا قيمة والأحياء فاسترقهم وليس الغاصب في هذا كالمشتري المشتري مغرور والغاصب لم يغره إلا نفسه وكان على الغاصب إن لم يدع الشبهة الحد ولا مهر عليه قال الربيع فإن كانت الجارية أطاعت الغاصب وهي تعلم أنها حرام عليه وأنه زان بها فلا مهر لأن هذا مهر بغي وقد نهى رسول الله ﷺ عن مهر البغي وإن كانت تظن هي أن الوطء حلال فعليه مهر مثلها وإن كانت مغصوبة على نفسها فلصاحبها المهر وهو زان وولده رقيق فإن قال قائل أرأيت المغصوب إذا اختار إجازة البيع لم لم يجز البيع قيل له إن شاء الله تعالى البيع إنما يلزم برضا المالك والمشتري ألا ترى أن المشتري وإن كان رضي بالبيع فللمغصوب جاريته كما كانت لو لم يكن فيها بيع وأنه لا حكم للبيع في هذا الموضع إلا حكم الشبهة وأن الشهبة لم تغير ملك المغصوب فإذا كان للمغصوب أخذ الجارية ولم ينفع البيع المشتري فهي على الملك الأول للمغصوب وإذا كان المشتري لا يكون له حبسها ولو علم أنه باعها غاصب غير موكل استرق ولده فلا ينبغي أن يذهب على أحد أنه لا يجوز على المشتري إجازة البيع إلا بأن يحدث المشتري رضا

صفحة : 1124

بالبيع فيكون بيعا مستأنفا فإن شبه على أحد بأن يقول إن رب الجارية لو كان أذن ببيها لزم البيع فإذا أذن بعد البيع فلم لا يلزم قيل له إن شاء الله تعالى إذنه قبل البيع إذا بيعت يقطع خياره ولا يكون له رد الجارية وتكون الجارية لمن اشتراها ولو أولدها لم يكن له قيمة ولدها لأنها جارية للمشتري وحلال للمشتري الإصابة والبيع والهبة والعتق فإذا بيعت بغير أمره فله رد البيع ولا يكون له رد البيع إلا والسلعة لم تملك وحرام على البائع البيع وحرام على المشتري الإصابة لو علم ويسترق ولده فإذا باعها أو أعتقها لم يجز بيعه ولا عتقه فالحكم في الإذن قبل البيع أن المأذون له في البيع كالبائع المالك وأن الإذن بعد البيع إنما هو تجديد بيع ولا يلزم البيع المجدد إلا برضا البائع والمشتري وهكذا كل من باع بغير وكالة أو زوج بغير وكالة لم يجز أبدا إلا بتجديد بيع أو نكاح فإن قال قائل لم ألزمت المشتري المهر ووطؤه في الظاهر كان عنده حلالا وكيف رددته بالمهر وهو الواطئ قيل له إن شاء الله تعالى أما إلزامنا إياه المهر فلما كان من حق الجماع إذا كان بشبهة يدرأ فيه الحد في الأمة والحرة أن يكون فيه مهر كان هذا جماعا يدرأ به الحد ويلحق به الولد للشبهة فإن قال فإنما جامع ما يملك عند نفسه قلنا فتلك الشبهة التي درأنا بها الحد ولم نحكم له فيها بالملك لأنا نردها رقيقا ونجعل عليه قيمة الولد والولد إذا كانوا بالجماع الذي أراه له مباحا فألزمناه قيمتهم كان الجماع بمنزلة الولد أو أكثر لأن الجماع لازم وإن لم يكن ولد فإذا ضمناه الولد لأنهم بسبب الجماع كان الجماع أولى أن نضمنه إياه وتضمين الجماع هو تضمين الصداق فإن قال قائل وكيف ألزمته قيمة الأولاد الذين لم يدركهم السيد إلا موتى قيل له لما كان السيد يملك الجارية وكان ما ولدت مملوكا بملكها إذا وطئت بغير شبهة فكان على الغاصب ردهم حين ولدوا فلم يردهم حتى ماتوا ضمن قيمتهم كما يضمن قيمة أمهم لو ماتت ولما كان المشتري وطئها بشبهة كان سلطان المغصوب عليهم فيما يقوم مقامهم حين ولدوا فقد ثبتت له قيمتهم فسواء ماتوا أو عاشوا لأنهم لو عاشوا لم يسترقوا قال وإذا اغتصب الرجل الجارية ثم وطئها بعد الغصب وهو من غير أهل الجهالة أخذت منه الجارية والعقر وأقيم عليه حد الزنا فإن كان من أهل الجهالة وقال كنت أراني لها ضامنا وأرى هذا محل عزر ولم يحد وأخذت منه الجارية والعقر قال وإذا غصب الرجل الجارية فباعها فسواء باعها في الموسم أو على منبر أو تحت سرداب حق المغصوب فيها في هذه الحالات سواء فإن جنى عليها أجنبي في يدي المشتري أو الغاصب جناية تأتي على نفسها أو بعضها فأخذ الذي هي في يديه أرش الجناية ثم استحقها

صفحة : 1125

المغصوب فهو بالخيار في أخذ أرش الجناية من يدي من أخذها إذا كانت نفسا أو تضمينه قيمتها على ما وصفنا وإن كانت جرحا فهو بالخيار في أخذ أرش الجرح من الجاني والجارية من الذي هي في يديه أو تضمين الذي هي في يديه ما نقصها الجرح بالغا ما بلغ وكذلك إن كان المشتري قتلها أو جرحها هي في يديه أو تضمين الذي هي في يديه ما نقصها الجرح بالغا ما بلغ وكذلك إن كان المشتري قتلها أو جرحها فإن كان الغاصب قتلها فلمالكها عليه الأكثر من قيمتها يوم قتلها أو قيمتها في أكثر ما كانت قيمة لأنه لم يزل لها ضامنا قال وإن كان المغصوب ثوبا فباعه الغاصب من رجل فلبسه ثم استحقه المغصوب أخذه وكان له ما بين قيمته يوم اغتصبه وبين قيمته التي نقصه إياها اللبس كان قيمته يوم غصبه عشرة فنقصه اللبس خمسة فيأخذ ثوبه وخمسة وهو بالخيار في تضمين اللابس المشترى أو الغاصب فإن ضمن الغاصب فلا سبيل له على اللابس وهكذا إن غصب دابة فركبت حتى أنضيت كانت له دابته وما نقصت عن حالها حين غصبها ولست أنظر في القيمة إلى تغير الأسواق إنما أنظر إلى تغير بدن المغصوب فلو أن رجلا غصب رجلا عبدا صحيحا قيمته مائة دينار فمرض فاستحقه وقيمته مريضا خمسون أخذ عبده وخمسين ولو كان الرقيق يوم أخذه أغلى منهم يوم غصبه وكذلك لو غصبه صبيا مولودا قيمته دينار يوم غصبه فشب في يد الغاصب وشل أو أعور وغلا الرقيق أو لم يغل فكانت قيمته يوم استحقه عشرين دينارا أخذه وقومناه صحيحا وأشل أو أعور ثم رددناه على الغاصب بفضل ما بين قيمته صحيحا وأشل أو أعور لأنه كان عليه أن يدفعه إليه صحيحا فما حدث به من عيب ينقصه في بدنه كان عليه أن يدفعه إليه صحيحا فما حدث به من عيب ينقصه في بدنه كان ضامنا له وهكذا لو غصبه ثوبا جديدا قيمته يوم غصبه عشرة فلبسه حتى أخلق وغلت الثياب فصار يساوي عشرين أخذ الثوب ويقوم الثوب جديدا وخلقا ثم أعطى فضل ما بين القيمتين قال ولو غصبه جديدا قيمته عشرة ثم رده جديدا قيمته خمسة لرخص الثياب لم يضمن شيئا من قبل أنه رده كما أخذه فإن شبه على أحد بأن يقول قد ضمن قيمته يوم اغتصبه فالقيمة لا تكون مضمونة أبدا إلا لفائت والثوب إذا كان موجودا بحاله غير فائت وإنما تصير عليه القيمة بالفوت ولو كان حين غصب كان ضامنا لقيمته لم يكن للمغصوب أخذ ثوبه وإن زادت قيمته ولا عليه أخذ ثوبه إن كانت قيمته سواء أو كان أقل قيمة قال وإذا غصب الجارية فأصابها عيب من السماء أو بجناية أحد فسواء وسواء أصابها ذلك عند الغاصب أو

صفحة : 1126

المشتري يسلك بما أصابها من العيوب التي من السماء ما سلك بها في العيوب التي يجني عليها الآدميون قال وإذا غصب الرجل جارية فباعها من آخر فحدث بها عند المشتري عيب ثم جاء المغصوب فاستحقها أخذها وكان بالخيار في أخذ ما نقصها العيب من الغاصب فإن أخذه منه لم يرجع على المشتري بشيء ولرب الجارية أن يأخذ ما نقصه العيب الحادث في يد المشتري من المشتري فإن أخذه من المشتري رجع به المشتري على الغاصب وبثمنها الذي أخذ منه لأنه لم يسلم إليه ما اشترى وسواء كان العيب من السماء أو بجناية آدمي قال وإذا غصب الرجل من الرجل دابة فاستغلها أو لم يستغلها ولمثلها غلة أو دارا فسكنها أو أكراها أو لم يسكنها ولم يكرها ولمثلها كراء أو شيئا ما كان مما له غلة استغله أو لم يستغله انتفع به أو لم ينتفع به فعليه كراء مثله من حين أخذه حتى يرده إلا أنه إن كان إكراه بأكثر من كراء مثله فالمغصوب بالخيار في أن يأخذ ذلك الكراء لأنه كراء ماله أو يأخذ كراء مثله ولا يكون لأحد غلة بضمان إلا للمالك لأن رسول الله ﷺ إنما قضى بها للمالك الذي كان أخذ ما أحل الله له والذي كان إن مات المغل مات من ماله وإن شاء أن يحبس المغل حبسه إلا أنه جعل له الخيار إن شاء أن يرده بالعيب رده فأما الغاصب فهو ضد المشتري الغاصب أخذ ما حرم الله تعالى عليه ولم يكن للغاصب حبس ما في يديه ولو تلف المغل كان الغاصب له ضامنا حتى يؤدي قيمته إلى الذي غصبه إياه ولا يطرح الضمان له لو تلف قيمة الغلة التي كانت قبل أن يتلف ولا يجوز إلا هذا القول أو قول آخر وهو خطأ عندنا والله تعالى أعلم وهو أن بعض الناس زعم أنه إذا سكن أو اشتغل أو حبس فالغلة والسكن له بالضمان ولا شيء عليه وإنما ذهب إلى القياس على الحديث الذي ذكرت فأما أن يزعم زاعم أنه إن أخذ غلة أو سكن رد الغلة وقيمة السكنى وإن لم يأخذها فلا شيء عليه فهذا خارج من كل قول لا هو جعل ذلك له بالضمان ولا هو جعل ذلك للمالك إذا كان المالك مغصوبا قال الربيع معنى قول الشافعي ليس للمغصوب أن يأخذ إلا كراء مثله لأن كراءه باطل وإنما على الذي سكن إذا استحق الدار ربها كراء مثلها وليس له خيار في أن يأخذ الكراء الذي أكراها به الغاصب لأن الكراء مفسوخ قال الشافعي ولو اغتصبه أرضا فغرسها نخلا أو أصولا أو بنى فيها بناء أو شق فيها انهارا كان عليه كراء مثل الأرض بالحال الذي اغتصبه إياها وكان على الباني والغارس أن يقلع بناءه وغرسه فإذا قلعه ضمن ما نقص المقلع الأرض حتى يرد إليه الأرض بحالها حين أخذها ويضمن القيمة بما نقصها قال وكذلك ذلك

صفحة : 1127

في النهر وفي كل شيء أحدثه فيها لا يكون له أن يثبت فيها عرقا ظالما وقد قال النبي ﷺ ليس لعرق ظالم حق ولا يكون لرب الأرض أن يملك مال الغاصب ولم يملكه إياه كان ما يقلع الغاصب منه ينفعه أو لا ينفعه لأن له منع قليل ماله كما له منع كثيره وكذلك لو كان حفر فيها بئرا كان له دفنها وإن لم ينفعه الدفن وكذلك لو غصبه دارا فزوقها كان له قلع التزويق وإن لم يكن ينفعه قلعه وكذلك لو كان نقل عنها ترابا كان له أن يرد ما نقل عنها حتى يوفيه إياها بالحال التي غصبه إياها عليها لا يكون عليه أن يترك من ماله شيئا ينتفع به المغصوب كما لم يكن على المغصوب أن يبطل من ماله شيئا في يد الغاصب فإن تأول رجل قول النبي ﷺ لا ضرر ولا ضرار فهذا كلام مجمل لا يحتمل لرجل شيئا إلا احتمل عليه خلافه ووجهه الذي يصح به أن لا ضرر في أن لا يحمل على رجل في ماله ما ليس بواجب عليه ولا ضرار في أن يمنع رجل من ماله ضررا ولكل ماله وعليه فإن قال قائل بل أحدث للناس في أموالهم حكما على النظر لهم وأمنعهم في أموالهم على النظر لهم قيل له إن شاء الله تعالى أرأيت رجلا له بيت يكون ثلاث أذرع في ثلاثة أذرع في دار رجل له مقدرة أعطاه به ما شاء مائة ألف دينار أو أكثر وقيمة البيت درهم أو درهمان وأعطاه مكانه دارا مع المال أو رقيقا هل يجبر على النظر له أن يأخذ هذا الكثير بهذا القليل أورأيت رجلا له قطعة أرض بين أراضي رجل لا تساوي القطعة درهما فسأله الرجل أن يبيعه منها ممرا بما شاء من الدنيا هل يجبر على أن يبيع مالا ينفعه بما فيه غناه أورأيت رجلا صناعته الخياطة فحلف رجل أن لا يستخيط غيره ومنعه هو أن يخيط له فأعطاه على ما الإجارة فيه درهم مائة دينار أو أكثر أيجبر على أن يخيط له أورأيت رجلا عنده أمة عمياء لا تنفعه أعطاه بها ابن لها بيت مال هل يجبر على أن يبيعها فإن قال لا يجبر واحد من هؤلاء على النظر له قلنا وكل هؤلاء يقول إنما فعلت هذا إضرار بنفسي وإضرارا للطالب إلى حتى أكون جمعت الأمرين فإن قال وإن أضر بنفسه وضار غيره فإنما فعل في ماله ماله أن يفعل قيل وكذلك حافر البئر في أرض الرجل والمزوق جدار الرجل وناقل التراب إلى أرض الرجل إنما فعل ماله أن يفعل ومنع ماله أن يمنع من ماله فإن كان في رد التراب ودفن البئر ما يشغل الأرض عن ربها حتى يمنعه منفعة في ذلك الوقت قيل للذي يريد رد التراب أنت بالخيار في أن ترده ويكون عليك كراء الأرض بقدر المدة التي حبستها عن المنفعة أو تدعه وقيل لرب الأرض في البئر لك الخيار في أن تأخذ حافر البئر بدفنها على كل حال ولا شيء لك عليه

صفحة : 1128

لأنه ليس في موضعها منفعة حتى تكون مدفونة إلا أن يكون لموضعها لو كانت مستوية منفعة فيما بين أن حكمنا لك بها إلى أن يدفنها فيكون لك أجر تلك المنفعة لأنه شغل عنك شيئا من أرضك قال الشافعي وإن كان الغاصب نقل من أرض المغصوب ترابا كان منفعة للأرض لا ضرر عليها أخذ برده فإن كان لا يقدر على رد مثله بحال أبدا قومت الأرض وعليها ذلك التراب وقومت بحالها حين أخذها ثم ضمن الغاصب ما بين القيمتين وإن كان يقدر لى رده بحال وإن عظمت فيه المؤنة كلفه قال وإذا قطع الرجل يد دابة رجل أو رجلها أو جرحها جرحا ما كان صغيرا أو كبيرا قومت الدابة مجروحة أو مقطوعة ثم ضمن ما بين القيمتين ولا يملك أحد مال أحد بجناية أبدا قال وإذا أقام شاهدا أن رجلا غصبه هذه الجارية يوم الخميس وشاهدا أنه غصبه إياها يوم الجمعة أو شاهدا أنه غصبه إياها وشاهدا أنه أقر له بغصبه إياها أو شاهدا أنه أقر له يوم الخميس بغصبها وآخر أنه أفر له يوم الجمعة بغصبها فكل هذا مختلف لأن غصب يوم الخميس غير غصب يوم الجمعة وفعل الغصب غير الإقرار بالغصب والإقرار يوم الخميس غير الإقرار يوم الجمعة فيقال له في هذا كله احلف مع أي شاهديك شئت واستحق الجارية فإن حلف استحقها قال ولو أن أرضا كانت بيد رجل فادعى آخر أنها أرضه فأقام شاهدا فشهد له أنها أرضه اشتراها من مالك أو ورثها من مالك أو تصدق بها عليه مالك أو كانت مواتا فأحياها فوصف ذلك بوجه من وجوه الملك الذي يصح وأقام شاهدا غيره أنها حيزه لم تكن الشهادة بأنها حيزة شهادة ولو شهد عليها عدد عدول إذا لم يزيدوا على هذا شيئا لأن حيزه يحتمل ما يحوز بالملك وما يحوز بالعارية والكراء ويحتمل ما يلي أرضه وما يلي مسكنه ويحتمل بعطية أهلها فلما لم يكن واحد من هذه المعاني أولى بالظاهر من الآخر لم تكن هذه شهادة أبدا حتى يزيدوا فيها ما يبين أنها ملك له وله أن يحلف مع الشاهد الذي شهد له بالملك ويستحق قال ولو شهد له الشاهد الأول بما وصفنا من الملك وشهد له الشاهد الثاني بأنه كان يحوزها وقف فإن قال يحوزها بملك فقد اجتمعا على الشهادة وإن قال يحوزها ولم يزد على ذلك لم يجتمعا على الشهادة ويحلف مع شاهد الملك ويستحق قال وإذا غصب الرجل من الرجل الجارية فباعها من آخر وقبض الثمن فهلك في يديه ثم جاء رب الجارية والجارية قائمة أخذ الجارية وشيئا إن كان نقصها ورجع المشتري على البائع بالثمن الذي قبض منه موسرا كان أو معسرا قال وإذا غصب الرجل الرجل دابة أو أكراه إياها فتعدى فضاعت في تعديه فضمنه رب الدابة

صفحة : 1129

المغصوب أو المكري قيمة دابته ثم ظفر بالدابة بعد فإن بعض الناس وهو أبو حنيفة قال لا سبيل له على الدابة ولو كانت جارية لم يكن له عليها سبيل من قبل أنه أخذ البدل منها والبدل يقوم مقام البيع قال الشافعي وإذا ظهر على الدابة رددت عليه الدابة ورد ما قبض من ثمنها إن كانت دابته بحالها يوم غصبها أو تعدى بها أو خيرها حالا فإن كانت ناقصة قبضها وما نقصت ورد الفضل عن نقصانها من الثمن ولا يشبه هذا البيوع إنما البيوع بما تراضيا عليه فسلم له رب السلعة سلعته وأخرجها من يديه إليها راضيا بإخراجها والمشتري غير عاص في أخذها والمتعدي عاص في التعدي والغصب ورب الدابة غير بائع له دابته ألا ترى أن الدابة لو كانت قائمة بعينها لم يكن له أخذ قيمتها فلما كان إنما أخذ القيمة على أن دابته فائتة ثم وجد الدابة كان الفوت قد بطل وكانت الدابة موجودة ولو كان هذا بيعا ما جاز أن تباع دابته غائبة ولو جاز فهلكت الدابة كان للغاصب والمتعدي أن يرجع بالثمن ولو وجدت معيبة كان له أن يردها بالعيب فإن قال رجل فهي لا تشبه البيوع ولكنها تشبه الجنايات قيل له أفرأيت لو أن رجلا جنى على عين رجل فابيضت فحكم له بأرشها ثم ذهب البياض فقائل هذا يزعم أنه يرده بالأرش ويرده ولو حكم له في سن قلعت من صبي بخمس من الإبل ثم نبتت رجع بالأرش الذي حكم به عليه فإن شبهها بالجنايات فهذا يلزمه فيه اختلاف القول وإن زعم أنها لا تشبه الجنايات لأن الجنايات ما فات فلم يعد فهذه قد عادت فصارت غير فائتة ولو كان هذا بغير قضاء قاض فاغتصب رجل لرجل دابة أو أكراه إياها فتعدى عليها فضاعت ثم اصطلحا من ثمنها على شيء يكون أكثر من قيمة الدابة أو مثله أو أقل فالقول فيه كالقول في حكم القاضي لأنه إنما صالحه على ما لزم الغاصب مما استهلك فلما كان ماله غير مستهلك كان الصلح وقع على غير ما علما أو علم رب الدابة ولو كان الغاصب قال له أنا أشتريها منك وهي في يدي قد عرفتها فباعه إياها بشيء قد عرفه قل أو كثر فالبيع جائز فإن جاء الغاصب بالدابة معيبة عيبا يحدث مثله فزعم أنه لم يكن رآه وأن البائع دلس له به كان القول قول البائع مع يمينه إلا أن يقيم الغاصب البينة على أنه كان في يد المغصوب البائع أو يكون العيب مما لا يحدث مثله فيكون له رد الدابة ويكون للمغصوب ما نقصها على الغاصب فإن قال المتعدى بالغصب أو في الكراء إن الدابة ضاعت فأنا أدفع إليك قيمتها فقبل ذلك منه بغير قضاء قاض فلا يجوز في هذا والله أعلم إلا واحد من قولين أحدهما أن يقال هذا بيع مستانف فلا نجيزه من قبل أنه لا يجوز بيع الموتى أو

صفحة : 1130

يقال هذا بدل إن كانت ضاعت أو تلفت فيجوز لأن ذلك يلزمه في أصل الحكم فمن ذهب هذا المذهب لزمه إذا علم بأن الدابة لم تضع أن يكون لرب الدابة أخذها وعليه رد ما أخذ من قبل أنه إنما أخذ ما كان يلزم له لو كانت ضائعة فلما لم تكن ضائعة كان على أصل ملكه أو يقول قائل قولا ثالثا فيقول لما رضي بقوله وترك استحلافه كما كان الحاكم مستحلفه لو ضاعت فلا يكون له الرجوع على حال فأما أن يقول قائل إن كانت عند الغاصب وإنما كذب ليأخذها فللمشتري أخذها وإن لم تكن عند الغاصب ثم وجدها فليس للمشتري أخذها فهذا لا يجوز في وجه من الوجوه لأن الذي انعقد إن كان جائزا بكل حال جاز ولم ينتقض وإن كان جائزا ما لم تكن موجودة منتقضا إذا كانت موجودة فهي موجودة في الحالين فما بالها ترد في إحداهما ولا ترد في الأخرى وإن كان فاسدا فهو مردود بكل حال وهذا القول لا جائز ولا فاسد ولا جائز على معنى فاسد في آخر قال الشافعي وإذا باع الرجل من الرجل الجارية أو العبد وقبضه منه ثم أقر البائع لرجل آخر أنه عبده غصبه منه أو أمته غصبها منه قلنا للمقر له بالغصب إن أقمت بينة على الغصب دفعنا إليك أيهما أقمت عليه البينة ونقضنا البيع وإن لم تقم بينة فإقرار البائع لك إثبات حق لك على نفسه وإبطال حق لغيرك قد ثبت عليه قبل إقراره لك ولا يصدق في إبطال حق غيره ويصدق على نفسه فيضمن لك قيمة ايهما أقر بأنه غصبكه إلا أن يجد المشتري العيب أو يكون له الخيار فيرده بخياره في العيب وخياره في الشرط فإذا رده كان على المقر أن يسلمه إليك وإن صدقه المشتري أنه غاصب رده ورجع عليه بالثمن الذي أخذه منه إن شاء قال الشافعي وإذا اغتصب الرجل من الرجل عبدا فباعه من رجل ثم ملك المغتصب البائع ذلك العبد بميراث أو هبة أو بشراء صحيح أو وجه ملك ما كان ثم أراد نقض البيع الأول لأنه باع مالا يملك فإن صدقه المشتري أو قامت بينة فالبيع منتقض أراده أو لم يرده لأنه باع ما لا يجوز له بيعه وإن لم تقم بينة وقال المشتري إنما ادعيت ما يفسد البيع فالقول قول المشتري مع يمينه فإن قال البائع بعتك ما أملك ثم قامت بينة أنه اغتصبه ثم ملكه ولم يصدقه المشتري ثبت البيع من قبل أن البينة إنما تشهد في هذا الوقت للبائع لا عليه فتشهد له بما يرجع به العبد إلى ملكه فيكون مشهودا له لا عليه وقد أكذبهم فلا ينتقض البيع في الحكم لإكذابه بينته وينبغي في الورع أن يجددا بيعا أو يرده المشتري قال وإن كانت البينة شهدت فكان ذلك يخرجه من أيديهما جميعا قبلت البينة لأنها عليه قال وإن باعه وقبضه المشتري ثم أعتقه فقامت بينة بغصب وكان المغصوب أو

صفحة : 1131

ورثته قياما رد العتق لأن البيع كان فاسدا ويرد إلى المغصوب ولو لم تكن بينة وصدق الغاصب والمشتري المدعى أنه غصبه لم يقبل قول واحد منهما في العتق ومضى العتق ورددنا المغصوب على الغاصب بقيمة العبد في أكثر ما كان قيمة وإن أحب رددناه على المشتري المعتق فإن رددناه على المشتري المعتق رجع على الغاصب البائع بما أخذ منه لأنه قد أقر أنه باع مالا يملك والولاء موقوف من قبل أن المعتق يقر أنه أعتق مالا يملك قال وإذا غصب الرجل من الرجل الجارية فباعها من رجل والمشتري يعلم أنها مغصوبة ثم جاء المغصوب فأراد إجازة البيع لم يكن البيع جائزا من قبل أن أصل البيع كان محرما فلا يكون لأحد إجازة المحرم ويكون له تجديد بيع حلال هو غير الحرام فإن قال قائل أرأيت لو أن أمرا باع جارية له وشرط لنفسه فيها الخيار أما كان يجوز البيع ويكون له أن يختار إمضاءه فيلزم المشتري بأن له الخيار دون البائع قيل بلى فإن قال فما فرق بينهما قيل هذه باعها مالكها بيعا حلالا وكان له الخيار على شرطه وكان المشتري غير عاص لله ولا البائع والغاصب والمشتري وهو يعلم أنها مغصوبة عاصيان لله وهذا بائع ما ليس له وهذا مشتر مالا يحل له فلا يقاس الحرام على الحلال لأنه ضده ألا ترى أن الرجل المشتري من رب الجارية جاريته لو شرط المشتري الخيار لنفسه كان له الخيار كما يكون للبائع إذا شرطه أفيكون للمشتري الجارية المغصوبة الخيار في أخذها أو ردها فإن قال لا قيل ولو شرط الغاصب الخيار لنفسه فإن قال لا من قبل أن الذي شرط له الخيارلا يملك الجارية قيل ولكن الذي يملكها لو شرط له الخيار جاز فإن قال نعم قيل له أفلا ترى أنهما مختلفان في كل شيء فكيف يقاس أحد المختلفين في كل شيء على الآخر قال وإذا غصب الرجل من الرجل الجارية فاقر الغاصب بأنه غصبه جارية وقال ثمنها عشرة وقال المغصوب ثمنها مائة فالقول قول الغاصب مع يمينه ولا تقوم على الصفة من قبل أن التقويم على الصفة لا يضبط قد تكون الجاريتان بصفة ولون وسن وبينهما كثير في القيمة بشيء يكون في الروح والعقل واللسان فلا يضبط إلا بالمعاينة فيقال لرب الجارية إن رضيت وإلا فإن أقام بينة فأقام بينة أخذ له ببينته وإن لم يقمها أحلف له الغاصب وكان القول قوله ولو أقام عليه شاهدين بأنه غصبه جارية فهلكت الجارية في يديه ولم يثبت الشاهدان على قيمتها كان القول في قيمتها قول الغاصب مع يمينه ولو وصفها الشاهدان بصفة أنها كانت صحيحة علم أن قيمتها أكثر مما قال الغاصب كان القول قول الغاصب لأنه قد يمكن أن يكون ثم داء أو غائلة تخفى يصير بها ثمنها إلى ما قال الغاصب فإذا

صفحة : 1132

أمكن ما قال الغاصب بحال كان القول قوله مع يمينه وهكذا قول من يغرم شيئا من الدنيا بأي وجه ما دخل عليه الغرم إذا أمكن أن يكون القول قوله كان القول قوله ولا يؤخذ منه خلاف ما اقر به إلا ببينة ألا ترى أنا نجعل في الأكثر من الدعوى عليه القول قوله فلو قال رجل غصبني أولي عليه دين أو عنده وديعة كان القول قوله مع يمينه ولم نلزمه شيئا لم يقر به فإذا أعطيناه هذا في الأكثر كان الأقل أولى أن نعطيه إياه فيه ولا تجوز القيمة على مالا يرى وذلك أنا ندرك ما وصفت من علم أن الجاريتان تكونان في صفة وإحداهما أكثر ثمنا من الأخرى بشيء غير بعيد فلا تكون القيم إلا على ماعوين أولا ترى أن فيما عوين لا نولي القيمة فيه إلا أهل العلم به في يومه الذي يقومونه فيه ولا تجوز لهم القيمة حتى يكشفوا عن الغائلة والأدواء ثم يقيسوه بغيره ثم يكون أكثر ما عندهم في ذلك تأخى قدر القيمة على قدر ما يرى من سعر يومه فإذا كان هذا هكذا لم يجز التقويم على المغيب فإن قال صفته كذا ولا أعرف قيمته قلنا لرب الثوب ادع في قيمته ما شئت فإذا فعل قلنا للغاصب قد ادعى ما تسمع فإن عرفته فأده إليه بلا يمين وإن لم تعرفه فأقر بما شئت نحلفك عليه وتدفعه إليه فإن قال لا أحلف قلنا فرد اليمين عليه فيحلف عليك ويستحق ما ادعى إن ثبت على الامتناع من اليمين فإن حلف بعد أن بين هذا له فقد جاء بما عليه وإن امتنع أحلفنا المدعى ثم ألزمناه جميع ما حلف عليه فإن أراد اليمين بعد يمين المدعى لم نعطه إياها فإن جاء ببينة على أقل مما حلف عليه المدعى أعطيناه بالبينة وكانت البينة أولى من اليمين الفاجرة قال وإذا غصب رجل من رجل طعاما حبا أو تمرا أو أدما فاستهلكه فعليه مثله إن كان يوجد له مثل بحال من الحال وإن لم يوجد له مثل فعليه قيمته أكثر ما كان قيمة قط قال وإذا غضب رجل لرجل أصلا فأثمر أو غنما فتوالدت وأصاب من صوفها وألبانها كان لرب الأصل والغنم وكل ماشية أن يأخذ ماشيته وأصله من الغاصب إن كان بحاله حين غصبه أو خيرا وإن نقص أخذه والنقصان ورجع عليه بجميع ما أتلف من الثمرة فأخذ منه مثلها إن كان لها مثل أو القيمة إن لم يكن لها مثل وقيمة ما أتلف من نتاج الماشية ومثل ما أخذ من لبنها أو قيمته إن لم يكن له مثل ومثل ما أخذ من صوفها وشعرها إن كان له مثل وإلا قيمته إن لم يكن له مثل قال وإن كان أعلفها أو هنأها وهي جرب أو استأجر عليها من حفظها أو سقي الأصل فلا شيء له في ذلك قال الشافعي وأصل ما يحدث الغاصب فيما اغتصب شيئان أحدهما عين موجودة تميز وعين موجودة لا تميز والثاني أثر لا عين موجودة فأما الأثر الذي ليس بعين

صفحة : 1133

موجودة فمثل ما وصفنا من الماشية يغصبها صغارا والرقيق يغصبهم صغارا بهم مرض فيداويهم وتعظم نفقته عليهم حتى يأتي صاحبهم وقد أنفق عليهم أضعاف أثمانهم وإنما ماله في أثر عليهم لا عين ألا ترى أن النفقة في الدواب والأعبد إنما هو شيء صلح به الجسد لا شيء قائم بعينه مع الجسد وإنما هو أثر وكذلك الثوب يغسله ويكمده وكذلك الطين يغصبه فيبله بالماء ثم يضربه لبنا فإنما هذا كله أثر ليس بعين من ماله وجد فلا شيء له فيه لأنه ليس بعين تتميز فيعطاه ولا عين تزيد في قيمته ولا هو موجود كالصبغ في الثوب فيكون شريكا له والعين الموجودة التي لا تتميز أن يغصب الرجل الثوب الذي قيمته عشرة دراهم فيصبغه بزعفران فيزيد في قيمته خمسة فيقال للغاصب إن شئت أن تستخرج الزعفران على أنك ضامن لما نقص من الثوب وإن شئت فأنت شريك في الثوب لك ثلثه ولصاحب الثوب ثلثاه ولا يكون له غير ذلك وهكذا كل صبغ كان قائما فزاد فيه وإن صبغه بصبغ يزيد ثم استحق الصبغ فإنما يقوم الثوب فإن كان الصبغ زائدا في قيمته شيئا قل أو كثر فهكذا وإن كان غير زائد في قيمته قيل له ليس لك ههنا مال زاد في مال الرجل فتكون شريكا له به فإن شئت فاستخرج الصبغ على أنك ضامن لما نقص الثوب وإن شئت فدعه قال وإن كان الصبغ مما ينقص الثوب قيل له أنت أضررت بصاحب الثوب وأدخلت عليه النقص فإن شئت فاستخرج صبغك وتضمن ما نقص الثوب وإن شئت فلا شيء لك في صبغك وتضمن ما نقص الثوب بكل حال قال ومن الشيء الذي يخلطه الغاصب بما اغتصب فلا يتميز منه أن يغصبه مكيال زيت فيصبه في زيت مثله أو خير منه فيقال للغاصب إن شئت أعطيته مكيال زيت مثل زيته وإن شئت أخذ من هذا الزيت مكيالا ثم كان غير مزداد إذا كان زيتك مثل زيته وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك أكثر من زيته ولا خيار للمغصوب لأنه غير منتقص فإن كان صب ذلك المكيال في زيت شر من زيته ضمن الغاصب له مثل زيته لأنه قد انتقص زيته بتصييره فيما هو شر منه وإن كان صب زيته في بان أو شيرق أو دهن طيب أو سمن أو عسل ضمن في هذا كله لأنه لا يتخلص منه الزيت ولا يكون له أن يدفع إليه مكيالا مثله وإن كان المكيال منه خيرا من الزيت من قبل أنه غير الزيت ولو كان صبه في ماء إن خلصه منه حتى يكون زيتا لا ماء فيه وتكون مخالطة الماء غير ناقصة له كان لازما للمغصوب أن يقبله وإن كانت مخالطة الماء ناقصة له في العاجل والمتعقب كان عليه أن يعطيه مكيالا مثله مكانه قال الربيع ويعطيه هذا الزيت بعينه وإن نقصه الماء ويرجع عليه بنقصه

صفحة : 1134

وهو معنى قول الشافعي قال الشافعي ولو اغتصبه زيتا فاغلاه على النار فنقص كان عليه أن يسلمه إليه وما نقص مكيلته ثم إن كانت النار تنقصه شيئا في القيمة كان عليه أن يغرم له نقصانه وإن لم تنقصه شيئا في القيمة فلا شيء عليه ولو اغتصبه حنطة جديدة خلطها برديئة كان كما وصفت في الزيت يغرم له مثلها بمثل كيلها إلا أن يكون يقدر على أن يميزها حتى تكون معروفة وإن خلطها بمثلها أو أجود كان كما وصفت في الزيت قال ولو خلطها بشعير أو ذرة أو حب غير الحنطة كان عليه أن يؤخذ بتمييزها حتى يسلمها إليه بعينها بمثل كيلها وإن نقص كيلها شيئا ضمنه قال ولو اغتصبه حنطة جيدة فأصابها عنده ماء أو عفن أو أكلة أو دخلها نقص في عينها كان عليه أن يدفعها إليه وقيمة ما نقصها تقوم بالحال التي غصبها والحال التي دفعها بها ثم يغرم فضل ما بين القيمتين قال ولو غصبه دقيقا فخلطه بدقيق أجود منه أو مثله أو أرادأ كان كما وصفنا في الزيت قال وإن غصبه زعفرانا وثوبا فصبغ الثوب بالزعفران كان رب الثوب بالخيار في أن يأخذ الثوب مصبوغا لأنه زعفرانه وثوبه ولا شيء له غير ذلك أو يقوم ثوبه أبيض وزعفرانه صحيحا فإن كانت قيمته ثلاثين قوم ثوبه مصبوغا بزعفران فإن كانت قيمته خمسة وعشرين ضمنه خمسة لأنه أدخل عليه النقص قال وكذلك إن غصبه سمنا وعسلا ودقيقا فعصده كان للمغصوب الخيار في أن يأخذه معصودا ولا شيء للغاصب في الحطب والقدر والعمل من قبل أن ماله فيه أثر لا عين أو يقوم له العسل منفردا والسمن والدقيق منفردين فإن كان قيمته عشرة وهو معصود قيمته سبعة غرم له ثلاثة من قبل أنه أدخل عليه النقص ولو غصبه دابة وشعيرا فعلف الدابة الشعير رد الدابة والشعير من قبل أنه هو المستهلك له وليس في الدابة عين من الشعير يأخذه إنما فيها منه أثر قال ولو غصبه طعاما فأطعمه إياه والمغصوب لا يعلم كان متطوعا بالإطعام وكان عليه ضمان الطعام وإن كان المغصوب يعلم أنه طعامه فأكله فلا شيء له عليه من قبل أن سلطانه إنما كان على أخذ طعامه فقد أخذه قال ولو اختلفا فقال المغصوب أكلته ولا أعلم أنه طعامي وقال الغاصب أكلته وأنت تعلمه فالقول قول المغصوب مع يمينه إذا أمكن أن يكون يخفي ذلك بوجه من الوجوه قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا أكله عالما أو غير عالم فقد وصل إليه شيئه ولا شيء على الغاصب إلا أن يكون نقص عمله فيه شيئا فيرجع بما نقصه العمل قال الشافعي وإن غصبه ذهبا فحمل عليه نحاسا أو حديدا أو فضة أخذ بتمييزه بالنار وإن نقصت النار ذهبه شيئا ضمن ما نقصت النار وزن ذهبه وسلم إليه ذهبه ثم نظرنا فإن

صفحة : 1135

كانت النار نقصت من ذهبه شيئا في القيمة ضمن له ما نقصته النار في القيمة قال ولو سبكه مع ذهب مثله أو أجود أو أردأ كان هذا مما لا يتميز وكان القول فيه كالقول في الزيت قال ولو اغتصبه ذهبا فجعله قضيبا ثم أضاف إليه قضيبا من ذهب غيره أو قضيبا من نحاس أو فضة ميز بينهما ثم دفع إليه قضيبه إن كان بمثل الوزن الذي غصبه به ثم نظر إليه في تلك الحال وإليه في الحال التي غصبه إياه فيها معا فإن كانت قيمته حين رده أقل منها حين غصبه ضمن له فضل ما بين القيمتين وإن كانت مثله أو أكثر أخذ ذهبه ولا شيء له غير ذلك ولا للغاصب في الزيادة لأن الزيادة من عمل إنما هو أثر قال ولو غصبه شاة فأنزى عليها تيسا فجاءت بولد كانت الشاة والولد للمغصوب ولا شيء للغاصب في عسب التيس من قبل شيئين أحدهما أنه لا يحل ثمن عسب الفحل والآخر أنه إنما هو شيء أقره فيها فانقلب الذي أقر إلى غيره والذي انقلب ليس بشيء يملك إنما يملكه رب الشاة قال ولو غصبه نقرة ذهب فضربها دنانير كان لرب النقرة أن يأخذ الدنانير إن كانت بمثل وزن النقرة وكانت بمثل قيمة النقرة أو أكثر ولا شيء للغاصب في زيادة عمله إنما هو أثر وإن كانت ينقص وزنها أخذ الدنانير وما نقص الوزن قال وإن كان قيمتها تنقص مع ذلك أخذ الدنانير وما نقص الوزن وما نقص القيمة قال وإن غصبه خشبة فشقها ألواحا أخذ رب الخشبة الألواح فإن كانت الألواح مثل قيمة الخشبة أو أكثر أخذها ولا شيء للغاصب في زيادة قيمة الألواح على الخشبة من قبل أن ماله فيها أثر لا عين وإن كانت الألواح أقل قيمة من الخشبة أخذها وفضل ما بين القيمتين قال ولو أنه عمل هذه الألواح أبوابا ولم يدخل فيها شيئا من عنده كان هكذا ولو أدخل فيها من عنده حديدا أو خشبا غيرها كان عليه أن يميز ماله من مال المغصوب ثم يدفع إلى المغصوب ماله وما نقص ماله إذا ميز منها خشبه وحديده إلا أن يشاء أن يدع له ذلك متطوعا قال وكذلك لو أدخل لوحا منها في سفينة أو بنى على لوح منها جدارا كان عليه أن يؤخذ بقلع ذلك حتى يسلمه إلى صاحبه وما نقصه قال وكذلك الخيط يخيط به الثوب وغيره فإن غصبه خيطا فخاط به جرح إنسان أو حيوان ضمن قيمته ولم يكن للمغصوب أن ينزع خيطه من إنسان ولا حيوان حي فإن قال قائل ما فرق بين الخيط يخاط به الثوب وفي إخراجه إفساد للثوب وفي إخراج اللوح إفساد للبناء والسفينة وفي إخراج الخيط من الجرح أفساد للجرح فإن زعمت أن أحدهما يخرج مع الفساد والآخر لا يخرج مع الفساد قيل له إن هدم الجدار وقلع اللوح من السفينة ونقض الخياطة ليس بمحرم على مالكها لأنه ليس في شيء

صفحة : 1136

منها روح تتلف ولا تألم فلما كان مباحا لمالكها كان مباحا لرب الحق أن يأخذ حقه منها واستخراج الخيط من الجرح تلف للمجروح وألم عليه ومحرم عليه أن يتلف نفسه وكذلك محرم على غيره أن يتلفه إلا بما أذن الله تعالى به فيه من الكفر والقتل وكذلك ذوات الأرواح ولا يؤخذ الحق بمعصية الله تعالى وإنما يؤخذ بما لم يكن لله معصية قال الربيع وفيه قول آخر إن كان الخيط في حيوان لا يؤكل فلا ينزع لأن النبي ﷺ نهى أن تصبر البهائم وإن كان في حيوان يؤكل نزع الخيط لأنه حلال له أن يذبحها ويأكلها قال الشافعي قلت أرأيت إن كان الغاصب معسرا وقد صبغ الثوب صبغا ينقصه ثم قال أنا أغسله حتى أخرج صبغي منه لم نمكنه أن يغسله فينقص على ثوبي وهو معسر بذلك قال وإذا جنى الحر على العبد جناية تكون نفسا أو أقل حملتها عاقلة الحر إن كانت خطأ وقامت بها بينة فإن قال قائل وكيف ضمنت العاقلة جناية حر على عبد قيل له لما كانت العاقلة تعقل بسنة رسول الله ﷺ جناية الحر على الحر في النفس وبسنة رسول الله ﷺ جناية الحر على الجنين وهو نصف عشر نفس دل ذلك على أن ما جنى الحر من جناية خطأ كانت على عاقلته وعلى أن الحكم في جناية الحر خطأ مخالف للحكم في جناية الحر العمد وفيما استهلك الحر من عروض الآدميين فإن قال قائل فلم لم تجعل العبد عرضا من العروض وإنما فيه قيمته كما يكون ذلك في العروض قيل جعل الله عز وجل على القاتل خطأ تحرير رقبة ودية مسلمة إلى أهل المقتول فكان ذلك في الآدميين دون العروض والبهائم ولم أعلم مخالفا في أن على قاتل العبد تحرير رقبة كما هي على قاتل الحر ولا أن الرقبة في مال القاتل خاصة فلما كانت الدية في الخطأ على العاقلة كانت في العبد دية كما كانت فيه رقبة وكان داخلا في جملة الآية وجملة السنة وجملة القياس على الإجماع في أن فيه عتق رقبة فإن قال قائل فديته ليست كدية الحر قيل والديات مبينة الفرض في كتاب الله تعالى ومبينة العدد في سنة رسول الله ﷺ وفي الآثار فإنما يستدرك عددها خبرا ألا ترى أن العاقلة تعقل دية الحر والحرة وهما يختلفان ودية اليهودي والنصراني والمجوسي وهم عندنا مخالفو المسلم فكذلك تعقل دية العبد وهي قيمته فإن قال قائل ما الفرق بين العبد والبهيمة في شيء غير هذا قيل نعم بين العبيد عند العامة القصاص في النفس وعندنا في النفس وفيما دونها وليس ذلك بين بعيرين لو قتل أحدهما صاحبه وعلى العبيد فرائض الله من تحريم الحرام وتحليل الحلال وفيهم حرمة الإسلام وليس ذلك في البهائم فإن كان الجاني عبدا

صفحة : 1137

على حر أو عبد لم تعقل عنه عاقلته ولا سيده وكانت الجناية في عنقه دون ذمة سيده يباع فيها فيدفع إلى ولي المجني عليه ديته فإن فضل من ثمنه شيء رد على صاحبه فإن لم يفضل من ثمنه شيء أو لم يبلغ الدية بطل ما بقي منه لأن الجناية إنما كانت في عنقه دون غيره وترك أن يضمن سيده عنه والعاقلة في الحر والعبد مالا أعلم فيه خلافا وفيه دلالة على أن العقل إنما حكمه بالجاني لا بالمجني عليه ألا ترى أنه لو كان بالمجني عليه ضمنت عاقلته لسيد العبد ثمن العبد إذا قتل الحر فلما كانت لا تضمن ذلك عنه وكانت جنايته على الحر والعبد سواء في عنقه كانت كذلك جناية الحر على العبد والحر سواء على عاقلته وكان الحر يعقل عنها كما تعقل عنه قال وإذا استعار الرجل من الرجل الدابة إلى موضع فتعدى بها إلى غيره فعطبت في التعدي أو بعد ما ردها إلى الموضع الذي استعارها منه قبل أن تصل إلى مالكها فهو لها ضامن لا يخرج من الضمان إلا بأن يوصلها إلى مالكها سالمة وعليه الكراء من حيث تعدى بها مع الضمان قال وإذا تكارى الرجل من الرجل الدابة من مصر إلى أيلة فتعدى بها إلى مكة فماتت بمكة وقد كان قبضها من ربها ثمن عشرة فنقصت في الركوب حتى صارت بأيلة ثمن خمسة ثم سار بها عن أيلة فإنما يضمن قيمتها من الموضع الذي تعدى بها منه فيأخذ كراءها إلى أيلة الذي أكراها به ويأخذ قيمتها من أيلة خمسة ويأخذ فيما ركب منها بعد ذلك فيما بين أيلة إلى مكة كراء مثلها لا على حساب الكراء الأول قال وإذا وهب الرجل للرجل طعاما فأكله الموهوب له أو ثوبا فلبسه حتى أبلاه وذهب ثم استحقه رجل على الواهب فالمستحق بالخيار في أن يأخذ الواهب لأنه سبب إتلاف ماله فإن أخذه بمثل طعامه أو قيمة ثوبه فلا شيء للواهب على الموهوب له إذا كانت هبته إياه لغير ثواب ويأخذ الموهوب له بمثل طعامه وقيمة ثوبه لأنه هو المستهلك له فإن أخذه به فقد اختلف في أن يرجع الموهوب له على الواهب وقيل لا يرجع على الواهب لأن الواهب لم يأخذ منه عوضا فيرجع بعوضه وإنما هو رجل غره من أمر قد كان له أن لا يقبله قال وإذا استعار الرجل من الرجل ثوبا شهرا أو شهرين فلبسه فأخلقه ثم استحقه رجل آخر أخذه وقيمة ما نقصه اللبس من يوم أخذه منه وهو بالخيار في أن يأخذ ذلك من المستعير اللابس أو من الآخذ لثوبه فإن أخذه من المستعير اللابس وكان النقص كله في يده لم يرجع به على من أعاره من قبل أن النقص كان من فعله ولم يغر من ماله بشيء فيرجع به وإن ضمنه المعير غير اللابس فمن زعم أن العارية مضمونه قال للمعير أن يرجع به على المستعير لأنه كان ضامنا ومن زعم أن

صفحة : 1138

العارية غير مضمونة لم يجعل له أن يرجع عليه بشيء لأنه سلطه على اللبس وهذا قول بعض المشرقيين والقول الأول قياس قول بعض أصحابنا الحجازيين وهو موافق للآثار وبه نأخذ ولو كانت المسألة بحالها غير أن مكان العارية أن المستعير تكارى الثوب كان الجواب فيها كالجواب في الأولى إلا أن المستكري إذا ضمن شيئا رجع به على المكري لأنه غره من شيء أخذ عليه عوضا وإنما لبسه على أن ذلك مباح له بعوض ويكون لرب الثوب أن يأخذ قيمة إجارة ثوبه قال وإذا ادعى الرجل قبل الرجل دعوى فسأل أن يحلف له المدعى عليه أحلفه له القاضي ثم قبل البينة من المدعي فإن ثبتت عليه بينة أخذ له بها وكانت البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة وسواء كانت بينة المدعي المستحلف حضورا بالبلد أو غيبا عنه فلا يعدو هذا واحدا من وجهين إما أن يكون المدعى عليه إذا حلف بريء بكل حال قامت عليه بينة أو لم تقم وإما أن يكون إنما يكون بريئا ما لم تقم عليه بينة فإذا قامت بينة فالحكم عليه أن يؤخذ منه بها وليس لقرب الشهود وبعدهم معنى ولكن الشهود إن لم يعدلوا اكتفى فيه باليمين الأولى ولم تعد عليه يمين وإنما أحلفناه أولا أن الحكم في المدعى عليه حكمان أحدهما أن لا يكون عليه بينة فيكون القول قوله مع يمينه أو يكون عليه بينة فيزول هذا الحكم ويكون الحكم عليه أن يؤخذ منه بالبينة العادلة ما كان المدعي يدعي ما شهدت به بينته أو أكثر منه قال وإذا غصب الرجل من الرجل قمحا فطحنه دقيقا نظر فإن كانت قيمة الدقيق مثل قيمة الحنطة أو أكثر فلا شيء للغاصب في الزيادة ولا عليه لأنه لم ينقصه شيئا وإن كانت قيمة أقل من قيمة الحنطة رجع على الغاصب بفضل ما بين قيمة الدقيق والحنطة ولا شيء للغاصب في الطحن لأنه إنما هو أثر لا عين ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

صفحة : 1139

مسألة المستكرهة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال في الرجل يستكره المرأة أوالأمة يصيبها أن لكل واحدة منهما صداق مثلها ولا حد على واحدة منهما ولا عقوبة وعلى المستكره حد الرجم إن كان ثيبا والجلد والنفي إن كان بكرا وقال محمد بن الحسن لا حد عليهما ولا عقوبة وعلى المستكره الحد ولا صداق عليه ولا يجتمع الحد والصداق معا وكان الذي احتج فيه من الآثار عن قيس بن الربيع عن جابر عن الشعبي وهو يزعم أن مثل هذا لا يكون حجة وقد احتج بعض أصحابنا فيه أن مالكا أخبره عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم قضى في امرأة استكرهها رجل بصداقها على الذي استكرهها وقال الذي احتج بهذا أن مروان رجل قد أدرك عامة أصحاب النبي ﷺ وكان له علم ومشاورة في العلم وقضى بهذا بالمدينة ولم يرفعه فزعم محمد بن الحسن أن قضاءه لا يكون حجة وقال أبو حنيفة لو أن رجلا أصاب امرأة بزنا فأراد سقوط الحد عنه تحامل عليها حتى يفضيها يسقط الحد وصارت جناية يغرمها في ماله وهذا يخالف الأول قال الشافعي وإذا كان زانيا يقام عليه الحد قبل أن يفضيها وهو لم يخرج بالإفضاء من الزنا ولم يزدد بالإفضاء إلا ذنبا قال الربيع الذي يذهب إليه الشافعي أنه إذا حلف ليفعلن فعلا إلى أجل فمات قبل الأجل أو فات الذي حلف ليفعلنه به قبل الأجل فلا حنث عليه لأنه مكره وإذا حلف ليفعلن فعلا ولم يسم أجلا فأمكنه أن يفعل ذلك فلم يفعل حتى مات أو فات الذي حلف ليفعلنه به أنه حانث