مالك بن الريب المازني التميمي , شاعر كان قاطعا للطريق حتى طلب منه أمير خراسان (حفيد الصحابي عثمان بن عفان أن يتوب ويستصحبه ، فأطاعه و في الطريق الى غزوه و في انثناء الراحه و في القيلوله لسعته افعى و جرى السم في جسمه فأحس بالموت فرثى نفسه) وقد قال قبل موته يرثي نفسه :
|
| ||
| ألا ليتَ شِعري هل أبيتنَّ ليلةً | بوادي الغضَى أُزجي الِقلاصَ النواجيا | |
| فَليتَ الغضى لم يقطع الركبُ عرْضَه | وليت الغضى ماشى الرِّكاب لياليا | |
| لقد كان في أهل الغضى لو دنا الغضى | مزارٌ ولكنَّ الغضى ليس دانيا | |
| ألم ترَني بِعتُ الضلالةَ بالهدى | وأصبحتُ في جيش ابن عفّانَ غازيا | |
| وأصبحتُ في أرض الأعاديَّ بعد ما | أرانيَ عن أرض الآعاديّ قاصِيا | |
| دعاني الهوى من أهل أُودَ وصُحبتي | بذي (الطِّبَّسَيْنِ) فالتفتُّ ورائيا | |
| أجبتُ الهوى لمّا دعاني بزفرةٍ | تقنَّعتُ منها أن أُلامَ ردائيا | |
| أقول وقد حالتْ قُرى الكُردِ بيننا | جزى اللهُ عمراً خيرَ ما كان جازيا | |
| إنِ اللهُ يُرجعني من الغزو لا أُرى | وإن قلَّ مالي طالِباً ما ورائيا | |
| تقول ابنتيْ لمّا رأت طولَ رحلتي | سِفارُكَ هذا تاركي لا أبا ليا | |
| لعمريْ لئن غالتْ خراسانُ هامتي | لقد كنتُ عن بابَي خراسان نائيا | |
| فإن أنجُ من بابَي خراسان لا أعدْ | إليها وإن منَّيتُموني الأمانيا | |
| فللهِ دّرِّي يوم أتركُ طائعاً | بَنيّ بأعلى الرَّقمتَينِ وماليا | |
| ودرُّ الظبَّاء السانحات عشيةً | يُخَبّرنَ أنّي هالك مَنْ ورائيا | |
| ودرُّ كبيريَّ اللذين كلاهما | عَليَّ شفيقٌ ناصح لو نَهانيا | |
| ودرّ الرجال الشاهدين تَفتُُّكي | بأمريَ ألاّ يَقْصُروا من وَثاقِيا | |
| ودرّ الهوى من حيث يدعو صحابتي | ودّرُّ لجاجاتي ودرّ انتِهائيا | |
| تذكّرتُ مَنْ يبكي عليَّ فلم أجدْ | سوى السيفِ والرمح الرُّدينيِّ باكيا | |
| وأشقرَ محبوكاً يجرُّ عِنانه | إلى الماء لم يترك له الموتُ ساقيا | |
| ولكنْ بأطرف (السُّمَيْنَةِ) نسوةٌ | عزيزٌ عليهنَّ العشيةَ ما بيا | |
| صريعٌ على أيدي الرجال بقفزة | يُسّوُّون لحدي حيث حُمَّ قضائيا | |
| ولمّا تراءتْ عند مَروٍ منيتي | وخلَّ بها جسمي، وحانتْ وفاتيا | |
| أقول لأصحابي ارفعوني فإنّه | يَقَرُّ بعينيْ أنْ (سُهَيْلٌ) بَدا لِيا | |
| فيا صاحبَيْ رحلي دنا الموتُ فانزِلا | برابيةٍ إنّي مقيمٌ لياليا | |
| أقيما عليَّ اليوم أو بعضَ ليلةٍ | ولا تُعجلاني قد تَبيَّن شانِيا | |
| وقوما إذا ما استلَّ روحي فهيِّئا | لِيَ السِّدْرَ والأكفانَ عند فَنائيا | |
| وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجَعي | ورُدّا على عينيَّ فَضْلَ رِدائيا | |
| ولا تحسداني باركَ اللهُ فيكما | من الأرض ذات العرض أن تُوسِعا ليا | |
| خذاني فجرّاني بثوبي إليكما | فقد كنتُ قبل اليوم صَعْباً قِياديا | |
| وقد كنتُ عطَّافاً إذا الخيل أدبَرتْ | سريعاً لدى الهيجا إلى مَنْ دعانيا | |
| وقد كنتُ صبّاراً على القِرْنِ في الوغى | وعن شَتْميَ ابنَ العَمِّ وَالجارِ وانيا | |
| فَطَوْراً تَراني في ظِلالٍ ونَعْمَةٍ | وطوْراً تراني والعِتاقُ رِكابيا | |
| ويوما تراني في رحاً مُستديرةٍ | تُخرِّقُ أطرافُ الرِّماح ثيابيا | |
| وقوماً على بئر السُّمَينة أسمِعا | بها الغُرَّ والبيضَ الحِسان الرَّوانيا | |
| بأنّكما خلفتُماني بقَفْرةٍ | تَهِيلُ عليّ الريحُ فيها السّوافيا | |
| ولا تَنْسَيا عهدي خليليَّ بعد ما | تَقَطَّعُ أوصالي وتَبلى عِظاميا | |
| ولن يَعدَمَ الوالُونَ بَثَّا يُصيبهم | ولن يَعدم الميراثُ مِنّي المواليا | |
| يقولون: لا تَبْعَدْ وهم يَدْفِنونني | وأينَ مكانُ البُعدِ إلا مَكانيا | |
| غداةَ غدٍ يا لهْفَ نفسي على غدٍ | إذا أدْلجُوا عنّي وأصبحتُ ثاويا | |
| وأصبح مالي من طَريفٍ وتالدٍ | لغيري، وكان المالُ بالأمس ماليا | |
| فيا ليتَ شِعري هل تغيَّرتِ الرَّحا | رحا المِثْلِ أو أمستْ بَفَلْوجٍ كما هيا | |
| إذا الحيُّ حَلوها جميعاً وأنزلوا | بها بَقراً حُمّ العيون سواجيا | |
| رَعَينَ وقد كادَ الظلام يُجِنُّها | يَسُفْنَ الخُزامى مَرةً والأقاحيا | |
| وهل أترُكُ العِيسَ العَواليَ بالضُّحى | بِرُكبانِها تعلو المِتان الفيافيا | |
| إذا عُصَبُ الرُكبانِ بينَ (عُنَيْزَةٍ) | و(بَوَلانَ) عاجوا المُبقياتِ النَّواجِيا | |
| فيا ليتَ شعري هل بكتْ أمُّ مالكٍ | كما كنتُ لو عالَوا نَعِيَّكِ باكِيا | |
| إذا مُتُّ فاعتادي القبورَ وسلِّمي | على الرمسِ أُسقيتِ السحابَ الغَواديا | |
| على جَدَثٍ قد جرّتِ الريحُ فوقه | تُراباً كسَحْق المَرْنَبانيَّ هابيا | |
| رَهينة أحجارٍ وتُرْبٍ تَضَمَّنتْ | قرارتُها منّي العِظامَ البَواليا | |
| فيا صاحبا إما عرضتَ فبلِغاً | بني مازن والرَّيب أن لا تلاقيا | |
| وعرِّ قَلوصي في الرِّكاب فإنها | سَتَفلِقُ أكباداً وتُبكي بواكيا | |
| وأبصرتُ نارَ (المازنياتِ) مَوْهِناً | بعَلياءَ يُثنى دونَها الطَّرف رانيا | |
| بِعودٍ أَلنْجوجٍ أضاءَ وَقُودُها | مَهاً في ظِلالِ السِّدر حُوراً جَوازيا | |
| غريبٌ بعيدُ الدار ثاوٍ بقفزةٍ | يَدَ الدهر معروفاً بأنْ لا تدانيا | |
| اقلبُ طرفي حول رحلي فلا أرى | به من عيون المُؤنساتِ مُراعيا | |
| وبالرمل منّا نسوة لو شَهِدْنَني | بَكينَ وفَدَّين الطبيبَ المُداويا | |
| فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي | وباكيةٌ أخرى تَهيجُ البواكيا | |
| وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ | ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا |