الرئيسيةبحث

قدومٌ ولكن لا أقولُ

قدومٌ ولكن لا أقولُ

قدومٌ ولكن لا أقولُ
المؤلف: مصطفى لطفي المنفلوطي



قدومٌ ولكن لا أقولُ سعيدُ
 
على فاجرٍ هجوَ الملوكِ يُريدُ
لأضرابه بيتٌ من اللؤمِ عامرٌ
 
ومُلكٌ وإن طالَ المدى سيبيدُ
بعدتَ وثغر الناس بالبشرِ باسِمٌ
 
لما عَلِمت بالفخر أن سَتعودُ
تَناءَيتَ عن مصرٍ فسُرَّ عدوُّها
 
وعدتَ وحُزنٌ في الفُؤادِ شديدُ
تمر بنا لا طرفَ نحوكَ ناظرٌ
 
من الخَصمِ إلا واعتراهُ جُمُود
أَعاديكَ لا تحنُو عليكَ لغيظِها
 
ولا قلبَ من تلك القلوبِ ودُودُ
علام التهاني هل هناك مآثِرٌ
 
نعم هي للعباس ليس تَبِيدُ
فيا وَغدُ قلي لي هل سُعودٌ بِغَيره
 
فنفرحَ أو سعىٌ لديكَ حميدُ
إذا لم يكن امر ففيمَ مواكبٌ
 
على جمعنا تُبدى الهَنَا وتُعِيدُ
بِرَغمِكَ عن أمرِ الخديوي تجنَّدَت
 
وإن لم يَكن نَهىٌ فَفيمَ جنود
تُذكِّرنا رُؤياك أيام أُنزِلَت
 
على آلِ مُوسى نعمةٌ وسُعُودُ
وقال الأعادي إذ رأَوكَ تَنَزَّلت
 
علينا خطوبٌ من جُدودِكَ سُودُ
رمتنا بكم مقدونيا فأصابنا
 
رخاءٌ عن الجدبِ المُبيدِ بعيدُ
وأَردى معادينا وقد رامَ ذُلَّنا
 
مُصوبُ سهمٍ بالبلاءِ سديدُ
فلما توليتم طغيتم وهكذا
 
بحارُ الندى تطغى ونحنُ وُرُودُ
فَشيدتُمُ العدلَ القويمَ كذلكم
 
إذا أصبح التركي وهو عميدُ
فكم سُفِكت منا دماءٌ بريئةٌ
 
من الحقِّ ليست للأمانِ تُريدُ
طغَت وبسيفِ العدلِ سالَت دماؤُها
 
وكم ضُمِّنَت تلك الدماءَ لحودُ
وكم ضَمَّ بطنُ البحرِ أشلاءَ جمَّةً
 
تروجُ بما فيه الخراب يزيدُ
رَمَاها القضا في البحر عدلاً فأصبحت
 
تُمَزِّقُ أحشاءٌ لها وكُبُودُ
وكم صارَ شملٌ للعبادِ مُشَتَّتا
 
فنظَّمهُ فخرُ الملوكِ سَعِيدُ
وكم شادَ اسماعيلُ في القُطرِ جامعاً
 
وخُرِّبَ قصرٌ في البلاد مشيدُ
وسيقَ عظيمُ القومِ مِنَّا مكبلاً
 
صدقتَ وهذا القولُ منكَ سَديدُ
عتا واعتدى فاغتاله العدلُ فانبرى
 
له تحتَ أثقالِ القُيودِ وئيدُ
فما قام منكم بالعدالةِ طارفٌ
 
كذبتَ وأيمُ الله أنتَ كنودُ
عدلنا بكم نسلاً فنسلاً لحلمنا
 
ولا سار منكم بالسدادِ تليدُ
كأني بقصرِ الملكِ أصبحَ بائداً
 
توهمتَ معكوساً عليكَ يعودُ
فبيتُ الذي عادى الملوكَ مُدَمَّرٌ
 
من الظلمِ والظلمُ المبينُ مُبيدُ
ويندُبُ في أطلاله البومُ ناعباً
 
ذويها وبالدمعِ الهَتونِ يجُودُ
يصيحُ فلا يلقى مجيباً سوى الصدى
 
له عندَ ترديدِ الرثاءِ نشيدُ
أعباسُ ترجو أن تكون خليفةً
 
لتوفيقنا فاسلم ونحنُ عبيدُ
سيمنحكَ السلطانُ أكبر منحةٍ
 
كما ودَّ آباءٌ ورامَ جُدودُ
فيا ليتَ دنيانا تزولُ وليتنا
 
نموتُ إذا فينا سواكَ يَسود
فدم ودعِ الاعدا يقولون ليتنا
 
نكون ببطنِ الأرض حين تسودُ
أعباسُ لا تحزن على الملك إنه
 
كما رمته باقٍ وكيفَ تُريدُ
وإن الذي عاداكَ لا شك عمرُهُ
 
تقضى فهذا الحزن ليس يفيدُ
أعباسُ صار الملكُ في يد عادلٍ
 
وإنك تبنى صرحهُ وتشيدُ
وإنَّ أميرَ المُؤمنينَ بسيفِه
 
يَذُبُّ الردى عن حوضِه ويَذُودُ
وقد كان جفنُ الدهر وسنانَ هاجداً
 
على شَرِّ عادٍ هدمَ مِصرَ يُريدُ
تيقظَ عباسُ الخديوي لقمعهِ
 
وها هو هب اليومَ منه هجود
ويا دولة العباس دمتِ عزيزةً
 
وظلكِ في أرجاءِ مصرَ مديدُ
ليصبح شملُ الأمرِ وهو منظمٌ
 
لسلطاننا المنصور وهو حميد
ويعتزُّ بالعدل الخديوي قطرنا
 
ويصبحَ عنه الظلمُ وهو طريدُ
أيجرؤُ ذِئبٌ أن يدوس برجلِهِ
 
بلاداً بعباس الأمير تسودُ
بهمته مصر العدالة أصبحت
 
عريناً وفي ذاكَ العرينِ أسودُ
فأنتِ احتللتِ القُطرَ والقُطرُ دارِسٌ
 
فوافاك جمعاً شيخه ووليدُ
أتاهُ خديوينا فشادَ صُروحه
 
فأضحى بفضلِ العدلِ وهوَ جديدُ
متى ما أرى الأعلامَ يخفق ظلُّها
 
وتنشرُ للمولى الحميدِ بنُودُ
وعسكرُهُ السامي وحكمُ أميرنا
 
على أرضِ مصرٍ إنني لسعيدُ