الرئيسيةبحث

قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا

قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا

قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا
المؤلف: أبو القاسم الشابي



قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا
 
يا مديرَ الكؤوس فاصرفْ كؤوسَكْ
واسكبِ الخمرَ للعَصَافيرِ والنَّحْلِ
 
وَخَلِّ الثَّرى يَضُمُّ عروسَكْ
مالنا والكؤوس، نطلبُ منها
 
نشوة ً والغَرامُ سِحْرٌ وسُكْرُ!
خَلِّنا منكَ، فَالرّبيعُ لنا ساقٍ
 
وهذا الفضاءُ كاسٌ وخمرُ!
نحن نحيا كالطّيرِ، في الأفُق السَّاجي
 
وكالنَّحْلِ، فوق غضِّ الزُّهُورِ
لا ترى غيرَ فتنة ِ العالم الحيِّ
 
وأحلامِ قلبها المسحورِ...
نحن نلهو تحتَ الظلالِ، كطفلينِ
 
سعيدين، في غُرورِ الطُّفولة ْ
وعلى الصخرة ِ الجميلة ِ في الوادي
 
وبين المخاوفِ المجْهولَهْ
نحن نغدو بين المروج ونُمسى
 
ونغنِّي مع النسيم المعنِّي
ونناجي روحَ الطبيعة ِ في الكون
 
ونُصغي لِقَلْبها المتغنّي
نحنُ مثلُ الرَبيعِ: نمشي على أرضٍ
 
مِنَ الزَّهرِ، والرُّؤى، والخَيالِ
فوقَها يرقصُ الغرامُ، ويلهو
 
ويغنّي، في نشوة ٍ ودلالِ
نحن نحيا في جَنَّة ٍ مِنْ جِنَانِ السِّحْرِ
 
في عالمٍ بعيدٍ...،بعيدِ...،
نحنُ في عُشِّنا الموَرَّدِ، نتلو
 
سُوِرِ الحُبِّ للشَّبابِ السّعيدِ
قد تركنا الوُجودَ للنَّاس،
 
ـضُوا عليه الحياة َ كيفَ أرادُوا
وذهبنا بِلبِّه، وَهْوَ رُوحٌ
 
وَتَركنا القُشُورَ، وَهْيَ جَمادُ
قد سِكْرنا بحبّنا، واكتَفْينا
 
طفَحَ الكأسُ، فاذهَبُوا يا سُقاة ُ
نحن نحيا فلا نريدُ مزيداً
 
حَسْبُنا ما مَنَحْتِنَا يا حَياة ُ
حَسْبُنا زهرُنَا الَّذي نَتَنَشَّى
 
حَسْبُنا كأسُنا التي نترشّفْ
إنَّ في ثغرِنا رحيقاً سماويَّا
 
وفي قلبنا ربيعاً مُفَوَّفْ
أيُّها الدَّهْرُ، أيُّها الزَّمَنُ الجاري
 
إلى غيرِ وُجهة ٍ وقرارِ!
أيُّها الكونُ! أيّها القَدَرُ الأَعمى!
 
قِفُوا حيثُ أنتُمُ! أو فسيرُوا
وَدَعُونا هنا: تُغنِّي لنا الأحْلامُ
 
والحبُّ، والوجودُ، الكبيرُ
وإذا ما أبَيْتُمُ، فاحْمِلُونا
 
ولهيبُ الغَرامِ في شَفَتْينا
وزهورُ الحياة، تعبقُ بالعطرِ
 
وبالسِّحْرِ، والصِّبا في يديْنَا