في حمى الحق ومن حول الحرم
في حمى الحق ومن حول الحرم المؤلف: أحمد محرم |
في حمى الحق ومن حول الحرم
أمة تؤذى وشعب يهتضم
فزع القدس وضجت مكة
وبكت يثرب من فرط الألم
ومضى الظلم خليا ناعما
يسحب البردين من نار ودم
يأخذ الأرواح ما يعصمها
معقل الحق إذا ما تعتصم
ويرى الناس إذا أعجبه
أن يبيدوا كأقاطيع البهم
بعثته شهوة وحشية
تتلظى مثل أجواف الأطم
ما تبالي إن مضت ويلاتها
ما أصابت من شعوب وأمم
أهون الأشياء في شرعتها
أمة تمحى وشعب يلتهم
هي من روح الدهاقين الألى
نشروا النور وطاحوا بالظلم
أنقذوا العالم من أرزائه
وأذاقوه أفاويق النعم
وأزالوا ما حوت أرجاؤه
للأوالي من قبور ورمم
فإذا الدنيا جمال يجتنى
وإذا العيش سلام يغتنم
زينوها قصة ناعقة
زينت للناس مكروه الصمم
كشف التجريب عن سوآتها
ومضت عارية ما تحتشم
أفسدوا العالم مما عبثوا
بالدساتير القدامى والنظم
نقض الأرسان واستن العمى
فهو يمضي جامحا أو يرتطم
سلبوه العقل مما عربدوا
وسقوه من خبال ولمم
الحياة البغي والدين الهوى
والضعيف الخصم والسيف الحكم
زمن تصدق إن سميته
زمن الطاغوت أو عصر الصنم
يا فلسطين اصطليها نكبة
هاجها للقوم عهد مضطرم
واشهديه في حماهم مأتما
لو رعوا للضعف حقا لم يقم
واشربي كأسك مما عصروا
من زعاف جائل في كل فم
أذكري يومك في أفيائهم
ودعي الأمس فما يغني الندم
آية للبغي من أسمائها
حكمة الأقدار أو عدل القسم
إكشفيها غمة ليس لها
من كفاء غير كشاف الغمم
الجهاد الحر يقضي حقه
سؤدد العرب ويحميه العلم
لا تنامي للعوادي وادأبي
واذهبي طامحة في المزدحم
ليس بالمدرك حقا غافل
نام والأحداث يقظى لم تنم
في فؤادي جرحك الدامي وفي
كبدي ما فيك من حزن وهم
كم صريع لك في أشلائه
مصرع القربى وأشلاء الرحم
فجعوني فيه بابن صالح
وأخ حر السجايا وابن عم
شهداء الحق ماتوا دونه
وهو حي العز موفور الشمم
واشتروه بنفوس حرة
بذلوها من سخاء وكرم
نهض الملك على أمثالها
واستتب الأمر فيه وانتظم
ذهبوا للشرق في مأتمهم
مرح الخالي وبشر المبتسم
سره أن هب من أبنائه
قضب الهند وآساد الأجم
وانتضى من بين جنبيه الأسى
ما انتضى العدوان من تلك الهمم
همم الأحرار تحمي وطنا
عربيا سيم خسفا وظلم
باعه ذئب لذئب غيلة
فهو للذئبين نهب مقتسم
تنزع الأرزاق من أبنائه
وتسل الأرض من فرط النهم
يرهق القوم فإن هم غضبوا
راحت الأرواح منهم تخترم
أخذتهم للأذى عاصفة
هاجها البغي فهبت من أمم
وارتمت هوجاء ما يردعها
فاجع الثكل ولا عادي اليتم
عصفت ظمآى إلى آجالهم
فتروت من شباب وهرم
وأراها من تلظى جوفها
تتداعى كالشواظ المحتدم
تتمنى من تباريح الصدى
لو يكون الدم كالبحر الخضم
شعب اسرائيل ما بال الألى
حفظوا العهد وبروا بالقسم
ذكروكم ونسوا ما عقدوا
لسواكم من عهود وذمم
أذكروا بلفور في تلمودكم
واغفروا اليوم لعيسى ما اجترم
واسألوا موسى أطابت نفسه
أم أبى ما كان منكم فنقم
ليس من مال عن الحق كمن
جعل الحق سبيلا يلتزم
هدم التيه قديما ملككم
فبنى بلفور منه ما هدم
أبت الأرض فكنتم شعثا
طائرا في كل واد ما يلم
فرمى أشتاتكم في وطن
راعه منكم بشعب ملتثم
نبئوا الغرقى وإن لم يسمعوا
أهو الطوفان أم سيل العرم
مصر ناجي من فسطين الربى
وابعثي صوتك من أعلى الهرم
وإذا أعوز هم أو أسى
فاستمدي الهم من هذا القلم
وخذي معنى الأسى عنه فما
لك من معناه إلا ما نظم
نبئيها أننا من وجدها
نجد العلقم في العذب الشبم
نشتكي الليل ويرمينا الأسى
إن مضى الليل بصبح مدلهم
فكأنا منهما في ملتقى
نكبة تطغى وأخرى تستجم
أختك الولهى عناها شجوها
ودهى أبناءها الخطب الملم
فزعت تدعوك في محنتها
مصر جل الخطب هبي لا جرم
أذكريني أدركيني خففي
ألمي بوركت من أخت وأم
هد قومي باسم موسى ظالم
لو رأى في القوم موسى ما رحم
زعم التوراة من أنصاره
فهي تشكو خطبها مما زعم
هل رأى الألواح فاستهدى بما
جاء فيها من عظات وحكم
أم تلقى الوحي أم كان امرأ
جهل الناس جميعا وعلم
رب هل قدرت ألا ينجلي
ما أصاب الشرق من خطب عمم
عاث فيه القوم حتى ماله
حرمة ترعى وحق يحترم
إكشف البأساء وارحم أمما
تتلوى من ملال وسأم
عمل الناس فسادوا وعلوا
وهي فوضى من عبيد وخدم
تحمل الضيم ولولا أنها
تحسب الموت حياة لم تضم
ما لنا من هذه الدنيا سوى
غارة العادي وعسف المحتكم
ساءنا من شرها ما نجتوى
وعنانا من أذاها ما تذم
فسئمناها حياة مرة
ومللناه وجودا كالعدم
رب أنت العون إن طاف بنا
طائف البغي وأنت المنتقم
من يجير القوم إن صبحهم
خطب عاد وثمود في القدم
لا يغرن قويا جنده
قوة صرعى وجند منهزم